|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
بعض المسائل التي تضمنتها الآيات الأولى من سورة يوسف
بسم الله الرحمان الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيد ولد آدم وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: فهذه بعض المسائل التي ضمتها الآبات الأولى من سورة يوسف. ففي ظل تلك الآيات المحكمات من سورة يوسف نجد أنها تحوي مسائل مهمة من فقه العبادات والمعاملات والأخلاق والآداب والسلوك. المسألة الأولى: ~*~*~*~*~ بيانُ مكانةِ هذا القرآن الكريم ومدى جلالته وشرف قدره عند الله عز وجل وعند رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وعند الراسخين في العلم، ذلك لأن الله جعله مِنَّةً عظيمة ونعمة كريمة يجِبُ أن يُشكر عليها حيثُ قال وقوله الحق: ﮋ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮊ[يوسف: ٢] وكم من آية محكمة في كتاب الله قد جاء فيها الثناء العاطر على هذا الكتاب العزيز وكم من حديث صحَّ سنده وقويَ متنُه جاء فيه الثناءُ والمدحُ والجلالُ لهذا الكتاب العزيز قال الله عز وجل: ﮋ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﮊ[الإسراء: ٩] وقال سبحانه: ﮋ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﮊ[العنكبوت: ٤٥] وقال عز وجل: ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﮊ[الجن: ١]. ولجلالةِ قدره وعظمِ منزلتِه في صدر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصدور أتباعه، فقد جاء الحثُّ على قراءتِه وتدبُّر معانيه والعمل بمقتضاه والسير في طريقه والأدب بآدابه والتَّخلقِ بأخلاقِه، إذ ما من فضيلة إلا دل عليها وما من رذيلةٍ إلا حذر منها، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " اقرؤوا القرآن فإنه شافعٌ يوم القيامة ". وقوله: " اقرؤوا الزهراوين البقرة وآل عمران، فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غياينان أو غمامتان أو فرقان من طير صَواف يحاجان عن أصحابهما ". وقوله أيضا: " اقرؤوا البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البَطَلَة ". وأكد النبي صلى الله عليه وآله وسلم هذا المعنى في أحاديث كثيرة كقوله صلى الله عليه وآله وسلم والسلام: " خيركم من تعلم القرآن وعلمه" . وقوله: " إن الله يرفع بهذا القرآن أقواما ويضع به آخرين ". إلى غير ذلك من الأحاديث الصحيحة.إذاً لا غرابة أن تبتدئ هذه السورة الكريمة بالثناء العاطر على هذا الكتاب العزيز والذكر الحكيم والقرآن المبين، لأن الله سبحانه سماه أحسن القصص وسماه أحسن الحديث وجعله خيرَ موعظة وذكرى وبشرى للمسلمين. جاء في الأثر عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قال: (( أُنزل هذا القرآن على نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم فتلاه على الأُمَّة زمانا فقالوا: لو قصصت علينا يا رسول الله، فأنزل الله عز وجل:ﮋ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﮊ[يوسف: ٣]. ثم تلاه صلى الله عليه وآله وسلم زمانا طويلا فقالوا: لو حدثتنا يا رسول الله، فأنزل الله عز وجل: ﮋ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮊ[الزمر: ٢٣] )) وفي رواية من هذا الأثر: أنهم قالوا بعد مدة (( لو ذكَّرتنا يا رسول الله، فأنزل الله: ﮋ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﮊ[الحديد: ١٦] )). المسألة الثانية: ~*~*~*~*~ وجوب سؤال أهل العلم؛ لأن يوسف عليه السلام لما رأى الرؤيا المشهورة بادر بقصِّها -ليعلم تأويلها- إلى والده الكريم، ففيه وجوب السؤال لأهل العلم والمعرفة في الأرض الذين جعلهم الله عز وجل أُماء على وحيه وشرعِه بعد رسله وأنبيائه، والتحذير من سؤال الجُهَّال الذين لا يملكون طريقا إلى الصواب لذا فإن الله أمر بسؤال العلماء في قوله الحق: ﮋ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮊ[الأنبياء: ٧] وقد كثر الجهل عند كثير من المسلمين والمسلمات وهو أمر مؤسِف لأنهم قد رضوا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وآله وسلم نبيا ورسولا، ولكنهم يجهلون أكثر مسائل الدين بسبب عدم الجلوس في حلقات العلم وعدم سؤال أهل الذِكْر حتى يكونوا في أمرهم على بينة وبصيرة.المسألة الثالثة: ~*~*~*~*~ وجوب النصيحة ممن هو أهلٌ للنصيحة وبالتالي وجوب قبول النصيحة لأنها علامة على صِدق الإيمان وعلامة على طلب الحق الذي يجِب أن يكون منهجا للمسلمين وأن يكون طريقا لهم في محياهم وفي مماتهم؛ وقد أثنى الله عز وجل على الناصحين في قوله تبارك وتعالى: ﮋ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ ﮊ[التوبة: ٩١] وحثَّ النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم على بذل النصيحة وحث على قبولها، فجاء في صحيح مسلم وغيره عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: " الدين النصيحة " قالها ثلاثا، فقال له بعض أصحابه: لمن هي يا رسول الله؟ قال: " لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ".نصيحة لله عز وجل ، بالإيمان بوجوده والإيمان بربوبيته والإيمان بألوهيته، والإيمان بأسمائه وصفاته التي جاءت في كتابه وعلى لسان رسوله عليه الصلاة والسلام. والنصيحة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمحبته وطاعته والتفقُّه في رسالته والعيش في ظلها، والاهتداء بِهَدْيِه والتخلُّقِ بخُلُقه الكريم الذي أمرنا الله عز وجل أن يكون لنا أسوة وخُلُقا:ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﮊ[الممتحنة: ٦] . والنصيحة لكتاب الله عز وجل بالعناية به تلاوة وفهما للمعنى، وعملا بما دل عليه من أمر ونهي، وحلال وحرام، وقصص وأمثالٍ، وخُلُقٍ وأدبٍ، وترغيبِ وترهيب... إلى غير ذلك من مواضيع القرآن الكريم التي أكرم الله بها هذه الأُمة وجعل حياتها في إتباعِ هذا الكتاب الكريم. ونصيحةٌ لأئمة المسلمين وهم من ولَّاهُم اللهُ أمرَ الأمةِ أو أمرَ بعضِ الأُمَّةِ في أقطار الأرض أن يقوموا فيهم بالعدل والإحسان، والرعاية والتأديب، وإقامة شرع الله الكريم فيهم، طاعة لله وأداءً للأمانة وصدقا في الولاية وخوفا من الموقف العظيم يوم الكرب العظيم يوم لا يفُكُّ الوالي إلا عدله ولا يحبسه إلا جوره؛ نصيحةٌ لهم بالدعاء لهم وطلب السداد لشأنهم وأمرهم وتحكيم شرع الله إلى قلوبهم إذ باستقامتهم تستقيم الرعية وبصلاحهم تصلح الأحوال وتأمن البلادُ والعبادُ تطمئن قلوبُ الناسِ في أرضِ اللهِ بذكرِ اللهِ عزَّ وجلَّ. والنصيحةُ لعامة المسلمين بالصدق في أُخُوَّتِهِمْ وبذل النصيحة لهم وبذل الجهود في تعليمهم واحترام حقوقهم التي شرعها الله عز وجل في كتابه وشرعها رسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلم في سُنته، ومن أراد ذلك تتبَّعَه، واقرؤوا إن شئتم في سورة الحجرات وما في معناها من الأحاديث التي تربط بين المسلمين برباط أخوة الإيمان وأخوة الإسلام التي لا تمتد إلا هي في الدنيا والبرزخ والآخرة؛ أُخوَّة على دين الله ومحبة على شرع الله أساسها ومنبعها وصدرها كتاب ربنا وصحيح سُنة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم. المسألة الرابعة: ~*~*~*~*~ ذَمُّ الحسد وعواقب الحاسدين الوخيمة؛ والحسد داءٌ قديم في الأمم أمره خطير وشره عظيم؛ إذا تفشَّى في المجتمعات تفرقت القلوب وتفرقت الكلمة وساءت الظنون بمن لا يستحق أن تُسيءَ بهم الظن؛ وقد أشار إلى هذا الخلقِ الذميمِ وحذر منه أعظمَ تحذيرٍ نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم في قوله: " دَبَّ إليكم داءُ الأمم قبلكم الحسدُ والبغضاء حالقة الدين لا حالقة الشعر، ألا أنبئكم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم " والحاسد إذا تدبر شان نفسه وفتش دخائل قلبه وهو من العقلاء وعظ النفس الأمارة بالسوء وأوقفها عند حدها وبين لها أنها نفس معترضة على قضاء الله وقدره فعلى ما تحسد الآخرين؟ حسدا على الأموال وحسدا على الجاه الضيق وحسدا على العلم وحسدا على الصحة، وعلى حُسنِ السُمْعَة وعلى فضل الله العظيم المديد؛ كل ذلك لا يجوز لأن خيري الدنيا والآخرة بفضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. أما حسد أهل الفضل الأخروي فإنه ظلم وبغي وعدوان. وأما حسد أهل الدنيا على دنياهم بقطع النظر عن صلاحهم وفسادهم فهو اعتراض على الله. لذا لا بد من معاتبة النفس ولا بد من إرشادها ولا بد من نصحها حتى تقف عند حدِّها فلا تكون نفسا متجاوزة للحدود معترضةً على الله فيما قسم بين خلقه؛ ولم يأذن الشرع في شيء من الحسد إلا في اثنتين تسمى بالغبطة ولا تسمى بالحسد. أما الأولى منهما: فغِبطةُ رجلٍ آتاه اللهُ مالا فسلطه على نفقته في الحق. و-غبطة رجل- أما الثاني: فرجل آتاه اللهُ الحكمةَ علمَ الكتاب والسُنة فهو يقضي به ما بين العباد ويعلمها عباد الله رجاء رحمة الله وخشية عقوبته. المسألة الخامسة: ~*~*~*~*~*~ فهي بيانٌ وعِظةٌ لكل مسلمٍ ومسلمةٍ أن من كان مع الله كان الله معه، من كان مع الله بحفظ دينه ورعاية حقوقه وأداء فرائضه والاستحياء منه حقَّ الحياءِ وتقديره كما ينبغي لجلال وجهه وعظم سلطانه، كان الله معه بالحفظِ والتوفيقِ والرعايةِ وحُسنِ العواقب والنصر المؤزر كما قال الله عز وجل في ذلك: ﮋ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﮊ[غافر: ٥١ – ٥٢]. هذا والله أعلى وأحكم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمين. يتابع إن شاء الله.
التعديل الأخير تم بواسطة الغريبة ; 28-09-2010 الساعة 06:00PM |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|