|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
هل من وجود لمقام ابراهيم الآن عند الكعبة وبدعة التمسح به
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده أما بعد: فقد انتشرت بدعة بين الطائفين ببيت رب العالمين هرم عليها الكبير ونشأ عليها الصغير واتخذها الناس سنة، إذا غُيرت قيل غُيرت السنة؛ وهي أن أحدهم إذا مرّ بمقام إبراهيم فإن من تعظيم البيت وتلكلم الشعيرة هو التمسح به وتقبيله تبركاً، وأيم الله أن ذلك لوكان من تعظيم البيت وإجلال شعائر الله وتقوى القلوب لكن أولانا به رسول علام الغيوب صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنه. وقد طاف صلى الله عليه وسلم -بأبي هو وأمي- وأصحابه مراراً معتمرين حاجّين متنفلين، فلم يمس أحدهم إلا الركنين الحجر الأسود مع تقبيله إن امكن، وإلا بالاشارة بيد مع التكبير مرة فقط، والركن اليماني من من غير تقبيل له ولااشارة استلاماً بمسح مرة أخرى. روى مسلم في صحيحه من طريق قَتَادَةَ بْنَ دِعَامَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا الطُّفَيْلِ الْبَكْرِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَلِمُ غَيْرَ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ. وأما أستار الكعبة فلم يرد أنه صلى الله عليه وسلم يرمي ببدنه عليها ويتعلق بها ويتبرك كما يفعله اليوم جمهور الوافدين ممن تلقى العلم عن أهل البدع أو القراء والقصاص، والذين هم ليسوا في العلم براسخين، فمن أنكر البدعة تلكم عليهم رموه بالشذوذ والتشدد، وربما أنه وهابي لايرى تعظيم شعائر علام الغيوب، وحجته انتشار البدعة تلك حتى نشأ عليها الكبير وربى الصغير، واتخذت سنة، وكأن الحجة فيما فعله الناس من الدين لا ما ورث عن سيد الناس صلى الله عليه وسلم وما أنزله رب الناس، ولا سيما مع وجود المطوفين الذين هم بمثابة القراء لا يعرفون البدع فينكرونها، والتمسوا الدنيا وأجرة الطوافه بعمل الاخرة وهو التعليم للمناسك ومع قلة من ينكر من الفقهاء وصدق عبدالله بن مسعود رضي الله عنه فقال فيما رواه الدارمي من طريق الْأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا لَبِسَتْكُمْ فِتْنَةٌ يَهْرَمُ فِيهَا الْكَبِيرُ وَيَرْبُو فِيهَا الصَّغِيرُ وَيَتَّخِذُهَا النَّاسُ سُنَّةً فَإِذَا غُيِّرَتْ قَالُوا غُيِّرَتْ السُّنَّةُ قَالُوا وَمَتَى ذَلِكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ إِذَا كَثُرَتْ قُرَّاؤُكُمْ وَقَلَّتْ فُقَهَاؤُكُمْ وَكَثُرَتْ أُمَرَاؤُكُمْ وَقَلَّتْ أُمَنَاؤُكُمْ وَالْتُمِسَتْ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ. وأما المقام فهو بلا مرية موجود الآن وليس هو ذلك القفص الذهبي بل مابداخله من حجر قام عليه ابراهيم عند بناء الكعبة وعليه آثار رجله، قال الحافظ بن حجر فيما يتعلق بما تقدم في المقام تعليقا على ما جزم به البخاري في صحيحه فقال : قَوْله : (بَاب قَوْله تَعَالَى : ﴿وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾[البقرة: ١٢٥]، فقال الحافظ: (وَهَذَا بِنَاء عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِمَقَامِ إِبْرَاهِيم الْحَجَر الَّذِي فِيهِ أَثَر قَدَمَيْهِ وَهُوَ مَوْجُود إِلَى الْآن)، وَقَالَ مُجَاهِد : (الْمُرَاد بِمَقَامِ إِبْرَاهِيم الْحَرَم كُلّه)، وَالْأَوَّل أَصَحّ، وَقَدْ ثَبَتَ دَلِيله عِنْد مُسْلِم مِنْ حَدِيث جَابِر، وَسَيَأْتِي عِنْد الْمُصَنِّف أَيْضًا . قَوْله : ( مُصَلًّى ) أَيْ قِبْلَة قَالَهُ الْحَسَن الْبَصْرِيّ وَغَيْره , وَبِهِ يَتِمّ الِاسْتِدْلَال . وَقَالَ مُجَاهِد : أَيْ مُدَّعًى يُدْعَى عِنْده , وَلَا يَصِحّ حَمْله عَلَى مَكَان الصَّلَاة؛ لِأَنَّهُ لَا يُصَلَّى فِيهِ بَلْ عِنْده , وَيَتَرَجَّح قَوْل الْحَسَن بِأَنَّهُ جَارٍ عَلَى الْمَعْنَى الشَّرْعِيّ. وَقَدْ رَوَى الْأَزْرَقِيّ فِي "أَخْبَار مَكَّة" بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ أَنَّ الْمَقَام كَانَ فِي عَهْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْر وَعُمَر فِي الْمَوْضِع الَّذِي هُوَ فِيهِ الْآن , حَتَّى جَاءَ سَيْل فِي خِلَافَة عُمَر فَاحْتَمَلَهُ حَتَّى وُجِدَ بِأَسْفَل مَكَّة , فَأُتِيَ بِهِ فَرُبِطَ إِلَى أَسْتَار الْكَعْبَة حَتَّى قَدِمَ عُمَر فَاسْتَثْبَتَ فِي أَمْره حَتَّى تَحَقَّقَ مَوْضِعه الْأَوَّل فَأَعَادَهُ إِلَيْهِ وَبَنَى حَوْله فَاسْتَقَرَّ ثَمَّ إِلَى الْآن . فلم يكن للقفص في عهد النبي صلى الله عليه وسلم من وجود لا مذهبا بزجاج ولا مزخرفا بسياج، ولكن بنى حوله ليثبت خشية السيل، فيستحب لمن طاف بالبيت أن يجعله بينه وبين الكعبة ويصلي عنده ولو صلى أي مكان أجزأه با لاجماع، وصلى عمر الركعتين للطواف بذي طوى خارج المسجد الحرام ولو نسيها فصلاها في بلده اجزأه والجمهور على أن الصلاة بعد الطواف مستحبة لم يجدوا دليلا على إيجابها، فالافعال لاتحمل على الوجوب. وقد جاء في فضلة ما رواه ابن حبان وصححه الألباني عن مُسَافِعُ بْنُ شَيْبَةَ الْحَجَبِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ ـ وَهُوَ مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ: (الرُّكْنُ وَالْمَقَامُ يَاقُوتَتَانِ مَنْ يَوَاقِيتِ الْجَنَّةِ وَلَوْلَا أَنَّ اللَّهَ طَمَسَ عَلَى نُورِهِمَا لَأَضَاءَتَا مَا بَيْنَ المشرق والمغرب). والتبرك بالمقام شرك وبدعة إما أكبر أو أصغر اذا تبرك به من يعتقد استقلاله بالنفع من دون الله فهذا شرك أكبر مخلد في النار في الربوبية، محبط للعمل، وإذا اعتقد أن مس المقام يعافي باذن الله فهو شرك أصغر والتقرب الى الله بالتمسح به والزجاج حوله بدعة مافعلها النبي صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ولا المهاجرين ولا الأنصار ومسلمة الفتح، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم شر الأمور (يعني في الدين) محدثاتها (أي ما اخترع فيها ونسب للدين وما لم يدل عليه رسول رب العالمين ولا الصحابة المهديين). وقال: (كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار)، أي أن أهل البدع يعذبون في النار لا لأنهم عبدوا الله بل لأنهم عبدوه بغير هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم والسلف من الصحابة رضي الله عنهم، وقد قال -كما عند البخاري-: (خير الناس قرني)، وقال كما عند الشافعي: (ماتركت من خير يقربكم من الله ويباعدكم من النار إلا دللتكم عليه). فمن زعم ان تقبيل المقام والمسح عليه خير فلازمه الطعن في خبر النبي صلى الله عليه وسلم وتكذيبه، فإنه يزعم أنه خير ولكن مادلنا عليه النبي صلى الله عليه وسلم وكفى به شرا وجهلا، فلا خير فيمن يقول استحسنت عبادة لم يهدى اليها النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك قال مالك من استحسن في الدين بدعة يراها حسنة برأيه فقد زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد خان الرسالة، اقرأوا قول الله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة: ٣]، فمالم يكن يومئذ دينا فلايكون اليوم دينا. كتبه ماهر بن ظافر القحطاني الأحد 27/رجب/1433هـ
__________________
ماهر بن ظافر القحطاني المشرف العام على مجلة معرفة السنن و الآثار maher.alqahtany@gmail.com
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|