|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
الفكر فضلات البشر ولا يرد إلا بالوحي أو التعزير
قصة صبيغ العراقي حَدَّثَني إبراهيمُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سحنونٍ، عَنِ ابنِ وهبٍ، عَنِ اللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَجْلانٍ، عَنْ نافعٍ؛ أنَّ صَبِيغًا العِرَاقيَّ جعلَ يسألُ عن أشياءَ مِنَ القرآن في أجْنَادِ المُسلمين حتّى قَدِمَ مِصْرَ، فبعث به عمرو بنَ العاص إلى عمرَ بنَ الخطابِ، فَلمَّا أتاهُ الرَّسُول بالكتابِ فَقرأهُ قالَ: أين الرَّجُل؟ قالَ: في الرَّحْلِ. قالَ عمر: أَبْصِر أن يكونَ ذَهَبَ فَتُصيبكَ مِنِّي العُقوبةُ المُوجِعَةُ. فأتاهُ به ، فقالَ: عم تسألُ؟ فحدثه، فأرسلَ عمرُ إلى رطائبَ مِنَ الجريدِ فَضَربَهُ بها حتى تركَ ظهرَهُ وَبْرةً، ثُمَّ تركه حتى برئ، ثُمَّ عادَ له ثم تركه حتى برئ، فدعا به ليعود له، فقال له صَبِيغُ: إنْ كُنْتَ تُريُد قتلي فاقتلني قتلًا جميلًا، وإن كنتَ تُريدُ أن تداويني فقد - والله - بَرِئْتُ. فَأذِنَ له إلى أرضه، وكتبَ إلى أبي موسى الأشعري ألا يُجالسه أحدٌ من المسلمين. فاشتدَّ ذلك على الرَّجُلِ فكتبَ أبو موسى إلى عمرَ بنَ الخطابِ أنْ قَدْ حَسُنَتْ هيْئَتُه، فكَتَبَ عُمر أنْ يأذنَ للناسِ بمجالستِهِ. ________________________________________ الفكر هو فضلات البشر ولا يرد إلا بالوحي أو التعزير نعم ؛ هذه القصة العظيمة ذكرها ابن وضاح ، وذكرها الأجري في الشريعة ، وذكرها الدارمي في المقدمة ، هذه تهدم المقولة السخيفة التي انتشرت ، وهم يقولون: الفكر لا يواجه إلا بفكر ، وهذا خطأ محض ؛ لأن الفكر هو إفراز البشر ، وإفراز البشر منذ الدهر الأول لا يمكن أن يهدم إفراز بشر آخر ، الفائدة الأولى الفكر لا يذهب إلا بأحد أمرين ، الأمر الأول الوحي ، الفكر هو فضلات البشر ، زبالة أذهانهم ، إفرازات عقولهم ، هذا اسم الفكر ، مفكر يعني يفكر من فكره من رأسه ، لا ينظر في الوحي. فإذن ما الذي يذهب الفكر الوحي ؛ يقول الله عز وجل: ( بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ ) يعني يضرب على الدماغ ؛ ( فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ولكم الويل ممن تصفون ) ، هذا الأول ، إقامة الحجج ؛ ولذلك عبد الله بن عباس لما ذهب للخوارج ما قابل الفكر بالفكر ، كلما أتوا بفكر رد عليه بالوحي، قالوا: نحكم الرجال ، فقال في القرآن تحكيم الرجال؛ قالوا: محا اسمه ، إذا كان ليس من المؤمنين فهو أمير الكافرين ، فقال في السنة أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: محا كلمة محمد رسول الله، فهل ذهبت رسالته ، فهو يرد عليهم بالوحي القرآن والسنة ، هذا الذي قال الله عز وجل: ( بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ) يعني يضرب على الدماغ يدمغه ، فإذا هو زاهق ، وهذا طبيعة الباطل ، ( وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ) . الأمر الثاني الذي يذهب الفكر هو التعزير ؛ لأن المبتدع ليس عنده خوف من الله، لو كان عنده خوف من الله ما يفتري على الله ، ما يأتي بشبهات القرآن ويذهب إلى أجناد المسلمين ، يعني أجناد المسلمين العسكر ، وهم مظنة جهل ، فهذا يذهب إلى الأجناد في الثغور ، وينشر عندهم متشابه القرآن ، يقول كيف الله يقول كذا ويقول كذا ؟ كيف يقول الله كذا ويقول كذا ؟ حتى يشبه عليهم ، هذا لو كان فيه خوف من الله ما فعل هذا ، فإذا ما الحل عنده ؟ التعزير ، التعزير يبدأ بالتوبيخ ، بعض المبتدعة توبخه ، فربما ينتهي ، إذا كان بدعته يسيرة أو قريب من الحق ، أو السجن ؛ يحجر عن الناس ، كما فعل عمر هنا في آخر ، أمر بالناس أن يكفوا عنه ، لا أحد يكلمه ، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - مع كعب بن مالك ، أمر المدينة كلهم أن يهجروه لا يكلموه ، حتى وصفه الله عز وجل فقال: ( وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ) ولكن السجن يقول: إن العلماء يبينون للذي يعزر الوالي بأن هذا خطر على الناس، يجب أن يحمى الناس من خطئه ، أو من بدعته ، العلماء هم اللي يبينون أن هذا خطر يجب أن يحجر عن الناس ، كما قال ابن القيم: إذا كان المفلس الذي يتلاعب في أموال الناس ، يجب الحجر عليه بالشرع ، والطبيب الجاهل الذي يتلاعب في أبدان الناس يجب أن يحجر عليه ، لو اكتشف الناس أن فلانا يفتح عيادة وهو ليس بطبيب قاموا عليه ، فما بالكم بالذي يلعب في دين الناس ، يشبه عليهم ، وينشر عندهم الشبهات ، يحرفهم عن السنة هذا أولى بالحجر ، إذا ما نفع يزاد الجلد ، مثل ما فعل عمر هنا ، عمر هنا جلده جلدا عظيما، قال: أتى برطائب من الجريد ، تعرفون الجريد النخل إذا كان أخضر يكون شديدا مؤلما، فضربه حتى جعل ظهره وبرة ، يعني بمعنى لا تسأل عن ذاك الظهر ماذا كان ؟ من الانتفاخ والتمزق ، ثم ترك حتى برئ ، ثم أعاد عليه ، ثم تركه حتى برئ ، ثم أعاد عليه ، فقال الرجل: يا أمير المؤمنين ، إن كنت تريد تقتلني فاقتلني قتلا جميلا ، وعمر لا يريد أن يقتله ، يعرف عمر لو أرد قتله في سيف ، وإنما يريد أمرا آخر ، والله كان أرحم به من أبيه وأمه ، ماذا يريد عمر ؟ هل يريد فقط ؟ لأ. يريد أن هذا الرجل لما ما كان عنده خوف من الله يزعه يريد أن يعيش تجربة مرعبة ، بحيث يظل طول حياته كلما تذكر البدعة تذكر الضرب والهجر ، وسبق إلى ذهنه هذا الرعب، فيكف عن ذلك ، وفعلا لما مات عمر ومات عثمان وأتى الخوارج ، أتوا إلى صبيغ بن عسل التميمي هذا عراقي ، فقالوا: يا صبيغ ، هذا وقتك، الآن جاء أهل الجدل في القرآن ، فقال: لا والله ، شفتي موعظة العبد الصالح ، نفعتني موعظة العبد الصالح ، خلاص عرف الطريق ، فهذا قصد عمر أن يضرب المبتدع حتى إذا أراد أن يبتدع مرة أخرى يعرف ، وهذه الحكمة من الحدود ، لماذا الرجم رجم الزاني بهذه الصورة المرعبة ، حتى قال الله: ( وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) حتى إن كل من أراد أن يفكر في الزنا ذكر الرجم بالحجارة ، وهذا صلاح للناس. أو يكون التعزير يصل إلى القتل ، وهذا إذا استمرأ المبتدع البدعة ، ورفع السيف على المسلمين ، واستحل دماءهم ، يأتيك من يقول: الفكر لا يواجه إلا بالفكر ، هذا الآن يقتل ، ...يكب على أمة محمد كما قال عليه الصلاة والسلام: " لا يتحاشى من مؤمنيها ، ولا يفي لذي عهد بعهد ، ويقتل البر الفاجر " ، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: " اقتلوهم ، فإن في قتلهم أجر إلى يوم القيامة وقال: طوبى لما قتلهم وقتلوه وقال: لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد" قتل عاد إيشمعناها ؟ يعني قتل استئصال بالكلية ، خلاص هذا وصل إلى مرحلة لا بد أن يقتل ، هذا الذي يذهب الفكر ، إما الوحي وإما التعزير الشديد الذي يحفظ للدين حرمته. يوجد أهل بدع يقومون ، ويستحلون الدماء الحرام ، ويفتكون بالناس ، ويغدرون بهم ، يأتون في ظلم الليل ويقتلونهم ، كلهم البر والفاجر ، ثم يأتيك رجل ضعيف العقل ويقول: لا، الفكر لا يواجه إلا بالفكر ، طيب قبل أن يرفع السيف ما نخالف ، نواجه بالوحي ، هذا مقصود عمر ، إذن الفائدة الثانية أن هذه أفضل طريقة في استتابة المبتدع ، إما الوحي فإن لم يقتنع ، التعزير البليغ الذي يجعله يعيش في رعب طول حياته إذا أراد أن يبتدع مرة أخرى ، هذا الذي يحفظ للدين قدره ، وهذا وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - كما قال في الخوارج: اقتلوهم فإن في قتلهم أجر إلى يوم القيامة ولها طرق كثيرة هذه القصة ، واسم صبيغ بن عسل - رضي الله عنه - رحم وانتفع بهذه الموعظة ، وأنجاه الله عز وجل ؛ نعم. وأيضا من الفوائد فيها انظروا إلى حسن الطاعة من الرعية ، كتب عمر إلى أهل العراق وأهل مصر وأهل الشام: أنكم ما تجالسون هذا الرجل ، انظروا كيف أمصار كاملة يهجرونه ، حتى إن كان يمر على الحلق في المسجد ، وكلما أراد أن يكلم حلقة قالوا: عزمة أمير المؤمنين ، يعني عزم عليكم ألا تكلموه ، فلا يكلمونه ، حتى ضاق بالرجل كما قال تعالى: ( ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ ) رعب شديد ، الناس كلهم يهجرونه ، ثم حسنت توبته ، واستقام ، وترك البدع ، وأقبل على السنة، فكتب لأبي موسى يا أمير المؤمنين ، الرجل حسنت توبته ، فقال: كلموه، هذا مقصود عمر ، والله إنه أرحم به من أبيه وأمه ، وعرف هذا الرجل غبه فيما بعد، لما قام الخوارج قال: نفعتني موعظة الرجل الصالح ، بل إنه قال: الآن يا أمير المؤمنين ، إن كنت تريد أن تداويني فقد والله برئت ، ذهب كل اللي في نفسي ، وقال: شفيتني شفاك الله ، وقال: الذي كنت أجده في رأسي ذهب مع الضرب ، خلاص ذهب الشبهات ، هذه الشبهات من الشيطان ، ( وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ ) لا بد أن يذهب هذا الوحي وحي الشياطين ، نعم منقول التعديل الأخير تم بواسطة ناصر الهيفاني ; 31-12-2007 الساعة 01:57AM |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|