|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | التقييم: | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 38 ) 21 ـ إثبات الكلام لله تعالى [ المتن ] : وقوله: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا} {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا} {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ} {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا} {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} {مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ} {وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} {وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} {وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} {وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ} {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ} {وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} {يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ} {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ} {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}. [ الشرح ]: قوله تعالى: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ} أي: لا أحد أصدق منه سبحانه فهو استفهام إنكاري {حَدِيثًا} أي: في حديثه وخبره وأمره ووعده ووعيده وقوله: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا} القيل: مصدر قال كالقول. أي: لا أحد أصدق قولًا من الله ـ عز وجل ـ. والشاهد من الآيتين الكريمتين أن فيهما إثبات الحديث والقيل لله سبحانه، ففيهما إثبات الكلام له سبحانه. وقوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ} أي: اذكر {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ} جمهور المفسرين ذهب إلى أن هذا القول منه سبحانه يكون يوم القيامة، وهو توبيخ للذين عبدوا المسيح وأمه من النصارى. وهي كالآيتين السابقتين فيهما إثبات القول لله تعالى وأنه يقول إذ شاء. وقوله: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا} المراد بالكلمة كلامه سبحانه. وقوله: {صِدْقًا} أي: في إخباره سبحانه {وَعَدْلًا} أي: في أحكامه و {صدقًا، وعدلًا} منصوبان على التمييز، وفي الآية إثبات الكلام لله تعالى. وقوله: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} هذا تشريف لموسى ـ عليه السلام ـ بأن الله كلمه أي أسمعه كلامه، ولهذا يقال له: الكليم و{تَكْلِيمًا} مصدر مؤكد لدفع كون التكليم مجازًا. ففي الآية إثبات الكلام لله وأنه كلم موسى -عليه السلام-. وقوله تعالى: {مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ} أي من الرسل عيهم الصلاة والسلام {مَّن كَلَّمَ اللَّهُ} أي: أسمعه كلامه بلا واسطة يعني موسى ومحمدًا عليهما الصلاة والسلام، وكذا آدم كما ورد به الحديث في صحيح ابن حبان_. ففي الآية إثبات الكلام لله تعالى وأنه كلم بعض الرسل. وقوله تعالى: {وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا} أي: حصل مجيئه في الوقت الذي واعده الله فيه {وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} أي: أسمعه كلامه من غير واسطة، فالآيات فيها إثبات الكلام لله وأنه يتكلم متى شاء سبحانه، وأنه كلم موسى ـ عليه السلام ـ بلا واسطة. وقوله تعالى: {وَنَادَيْنَاهُ} أي: نادى الله تعالى موسى ـ عليه السلام ـ. والنداء هو الصوت المرتفع {مِن جَانِبِ الطُّورِ}: جبل بين مصر ومدين {الأَيْمَنِ} أي: الجانب الأيمن من موسى حين ذهب يبتغي من النار التي رآها جذوة، وليس المراد أيمن الجبل نفسه فإن الجبال لا يمين لها ولا شمال. {وَقَرَّبْنَاهُ} أي: أدنيناه حتى كلمناه {نَجِيًّا} أي: مناجيًا، والمناجاة ضد المناداة. وفي الآية الكريمة إثبات الكلام لله تعالى وأنه ينادي ويناجي، وهما نوعان من الكلام، فالمناداة بصوت مرتفع والمناجاة بصوت غير مرتفع. وقوله: {وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى} أي: واتل أو اذكر ذلك { وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى } النداء هو الدعاء {أَنِ ائْتِ}: {أَنِ} يجوز أن تكون مفسرة وأن تكون مصدرية، أي: اذهب إلى {الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} وصفهم بالظلم لأنهم جمعوا بين الكفر الذي ظلموا به أنفسهم وبين المعاصي التي ظلموا بها غيرهم كاستعبادهم بني إسرائيل وذبح أبنائهم. وفي الآية الكريمة: إثبات الكلام لله تعالى وأنه ينادي من شاء من عباده ويسمعه كلامه. وقوله: {وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ} أي: نادى الله تعالى آدم وحواء عليهما السلام قائلًا لهما {أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ} أي: عن الأكل منها. وهذا عتاب من الله لهما وتوبيخ، حيث لم يحذرا ما حذرهما منه. وفي الآية الكريمة، إثبات الكلام لله تعالى والنداء منه لآدم وزوجه. وقوله تعالى: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ} أي: ينادي الله سبحانه هؤلاء المشركين يوم القيامة {فَيَقُولُ} لهم {مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} أي: ما كان جوابكم لمن أرسل إليكم من النبيين لما بلغوكم رسالاتي، والشاهد من الآية: إثبات الكلام لله، وأنه ينادي يوم القيام. وقوله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ} الذين أمرت بقتالهم {اسْتَجَارَكَ} يا محمد، أي: طلب جوارك وحمايتك وأمانك {فَأَجِرْهُ} أي: كن له جارًا ومؤمنًا {حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ} منك ويتدبره ويقف على حقيقة ما تدعو إليه. والشاهد من الآية: أن فيها إثبات الكلام لله تعالى، وأن الذي يتلى هو كلام الله. وقوله: {وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ} أي: اليهود والفريق اسم جمع لا واحد له من لفظه {يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللَّه} أي: التوارة {ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ} أي: يتأولونه على غير تأويله {مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ} أي: فهموه، ومع هذا يخالفونه على بصيرة {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} أنهم مخطئون فيما ذهبوا إليه من تحريفه وتأويله. والشاهد من الآية الكريمة: أن فيها إثبات الكلام لله تعالى وأن التوراة من كلامه تعالى. وأن اليهود حرفوها وغيروا فيها وبدلوا. وقوله تعالى: {يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ} {يُرِيدُونَ} أي: المخلفون من الأعراب الذين اختاروا المقام في أهليهم وشغلهم وتركوا المسير مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين خرج عام الحديبية {أَن يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ} أي: يغيروا كلام الله الذي وعد الله به أهل الحديبية خاصة بغنيمة خيبر {قُل لَّن تَتَّبِعُونَا} هذا نفي في معنى النهي أي: لا تتبعونا {كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ} أي: وعد الله أهل الحديبية أن غنيمة خيبر لهم خاصة. والشاهد من الآية الكريمة: أن فيها إثبات الكلام لله وإثبات القول له وأن الله سبحانه يتكلم ويقول متى شاء إذا شاء، وأنه لا يجوز تبديل كلامه سبحانه بل يجب العمل به واتباعه. وقوله: {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ} أمر الله نبيه أن يواظب على تلاوة الكتاب الموحى إليه. والوحي: هو الإعلام بسرعة وخفاء، وله كيفيات مذكورة في كتب أصول التفسير {مِن كِتَابِ رَبِّكَ} بيان للذي أوحي إليه {لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِه} أي: لا مغير لها ولا محرف ولا مزيل. والشاهد من الآية: إثبات الكلمات لله تعالى. قوله: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} وهم حملة التوراة والإنجيل {أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} كاختلافهم في عيسى، فاليهود افتروا في حقه والنصارى غلوا فيه. فجاء القرآن بالقول الوسط الحق أنه عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه. والشاهد من الآية الكريمة: أن فيها إثبات أن القرآن كلام الله تعالى لما تضمنه من الإحاطة بالكتب السابقة، والحكم في الخلاف بين طوائف أهل الكتاب بالقسط، وهذا لا يكون إلا من عند الله. ويستفاد من مجموع الآيات التي ساقها المؤلف: إثبات الكلام لله، ومذهب أهل السنة والجماعة إثبات ما دل عليه الكتاب والسنة من أن الله موصوف بالكلام، وكلامه سبحانه من صفاته الذاتية لقيامه به واتصافه به. ومن صفاته الفعلية الواقعة بمشيئته وقدرته فيتكلم إذا شاء كيف شاء بما شاء، ولم يزل متكلمًا ولا يزال متكلمًا لأنه لم يزل ولا يزال كاملًا والكلام من صفات الكمال. ولأن الله وصف به نفسه ووصفه به رسوله. وسيأتي ذكر مذهب المخالفين في هذه المسألة مع الرد عليهم إن شاء الله. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf التصفية والتربية TarbiaTasfia@ التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 25-04-2015 الساعة 12:22AM |
#2
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 39 ) 22 ـ إثبات تنزيل القرآن من الله تعالى [ المتن ] : وقوله: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ} {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ}. [ الشرح ]: لما أورد المؤلف ـ رحمه الله ـ الآيات الدالة على إثبات الكلام لله تعالى وأن القرآن العظيم من كلامه سبحانه، شرع في سياق الآيات الدالة على القرآن منزل من عند الله فقوله تعالى: {وهذا} الإشارة إلى القرآن الكريم واسم الإشارة مبتدأ خبره {كتاب} و{أنزلنه مبارك} صفتان لكتاب، وقد صفة الإنزال لأن الكفار ينكرونها، والمبارك: كثير البركة لما هو مشتمل عليه من المنافع الدينية والدنيوية. وقوله تعالى: {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} هذا إخبار عن عظمة القرآن وأنه حقيق بأن تخشع له القلوب. فإنه لو أنزل على جبل مع كونه في غاية القسوة وشدة الصلابة لو فهم هذا القرآن لخشع وتصدع من خوف الله حذرًا من عقابه. فكيف يليق بكم أنها البشر أن لا تلين قلوبكم وتخشع. وقد فهمتم عن الله أمره وتدبرتم كتابه. وقوله تعالى: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ} هذا شروع منه سبحانه في ذكر شبهة كفرية حول القرآن الكريم مع الرد عليها، وقوله: {بَدَّلْنَا} معنى التبديل: رفع الشيء مع وضع غيره مكانه، وتبديل الآية: رفعها بأخرى غيرها وهو نسخها بآية سواها {قَالُواْ} أي: كفار قريش الجاهلون للحكمة في النسخ: {إِنَّمَا أَنتَ} يا محمد {مُفْتَرٍ} أي: كاذب مختلق متقول على الله حيث تزعم أنه أمرك بشيء ثم تزعم أنه أمرك بخلافه، فرد الله عليهم بما يفيد جهلهم فقال: {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} شيئًا من العلم أصلًا أو لا يعلمون الحكمة في النسخ فإنه مبني على المصالح التي يعلمها الله سبحانه، فقد يكون في شرع هذا الشيء مصلحة مؤقتة بوقت ثم تكون المصلحة بعد ذلك الوقت في شرع غيره. ولو انكشف الغطاء لهؤلاء الكفرة لعلموا أن ذلك وجه الصواب ومنهج العدل والرفق اللطف. ثم رد عليهم في زعمهم أن هذا التبديل من عند محمد وأنه بذلك مفتر على الله، فقال سبحانه: {قُلْ نَزَّلَهُ} أي: القرآن {رُوحُ الْقُدُسِ} أي: جبريل، والقدس: الطهر. والمعنى: نزله الروح المطهر، فهو من إضافة الموصوف إلى صفته {مِن رَّبِّكَ} أي: ابتداء تنزيله من عند الله سبحانه {بِالْحَقِّ} في محل نصب على الحال، أي: متصفًا بكونه حقًا {لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ} على الإيمان فيقولون: كل من الناسخ والمنسوخ من عند ربنا. ولأنهم إذا عرفوا ما في النسخ من المصالح ثبتوا على الإيمان {وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} معطوفان على محل ليثبت. أي تثبيتًا لهم، وهداية وبشرى. ثم ذكر سبحانه شبهة أخرى من شبههم فقال: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} أي: ولقد نعلم أن هؤلاء الكفار يقولون: إنما يعلم محمدًا القرآن بشر من بني آدم وليس ملكًا من الملائكة. وهذا البشر الذي يعمله كان قد درس التوراة والإنجيل والكتب الأعجمية، لأن محمدًا رجل أمي لا يمكن أن يأتي بما ذكر في القرآن من أخبار القرون الأولى. فرد عليهم بقوله: {لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ} أي: لسان الذي يميلون إليه ويزعمون أنه يعلمك يا محمد أعجمي، أي: غير عربي، فهو لا يتلكم العربية {وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ} أي: وهذا القرآن ذو بلاغة عربية وبيان واضح، فكيف تزعمون أن بشرًا يعلمه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من العجم، وقد عجزتم أنتم عن معارضته أو معارضة سورة أو سور منه وأنتم أهل اللسان العربي ورجال الفصاحة وقادة البلاغة؟! ما يستفاد من الآيات: يستفاد من هذه الآيات الكريمة: إثبات أن القرآن منزل من عند الله تعالى، وأنه كلامه جل وعلا لا كلام غيره من الملائكة أو البشر. والرد على من زعم أنه كلام مخلوق. وفي الآيات أيضًا إثبات العلو لله سبحانه، لأن الإنزال لا يكون إلا من أعلى، والله أعلم. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 25-04-2015 الساعة 12:20AM |
#3
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 40 ) 23 ـ إثبات رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة [ المتن ] : وقوله: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} {عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ} {لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} {لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} وهذا الباب في كتاب الله كثير. ومن تدبر القرآن طلبًا للهدى تبين له طريق الحق. [ الشرح ]: قوله تعالى: {وُجُوهٌ} أي: وجوه المؤمنين {يَوْمَئِذٍ} أي: يوم القيامة {نَّاضِرَةٌ} بالضاد من النضارة وهي البهاء والحسن. أي: ناعمة غضة حسنة مضيئة مشرقة {إِلَى رَبِّهَا} أي: خالقها {نَاظِرَةٌ} أي: تنظر إليه بأبصارها كما تواترت به الأحاديث الصحيحة، وأجمع عليه الصحابة والتابعون وسلف الأمة واتفق عليه أئمة الإسلام. فالشاهد من الآية الكريمة: إثبات رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة. وقوله: {عَلَى الأَرَائِكِ} جمع أريكة وهي السرر {يَنظُرُونَ} إلى الله ـ عز وجل ـ. وأما الكفار فقد تقدم في الآيات التي قبل هذه الآية أنهم {عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ} والشاهد من الآية إثبات رؤية المؤمنين لربهم ـ عز وجل ـ. وقوله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ} بالقيام بما أوجبه الله عليهم من الأعمال والكف عما نهاهم عنه من المعاصي {الْحُسْنَى} أي: المثوبة الحسنى. وقيل: الجنة. {وَزِيَادَةٌ} هي النظر إلى وجه الله الكريم، كما ثبت تفسيرها بذلك عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في صحيح مسلم وغيره، وكما فسرها بذلك سلف هذه الأمة، وعلى ذلك يكون الشاهد من الآية الكريمة: إثبات رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة. وقوله تعالى: {لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا} أي: للمؤمنين في الجنة ما تشتهي أنفسهم وتلذ أعينهم من فنون النعيم وأنواع الخير {وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} أي: زيادة على ذلك هو النظر إلى وجه الله الكريم. وهذا هو الشاهد من الآية الكريمة وهو إثبات النظر إلى وجه الله الكريم في الجنة. ما يستفاد من الآيات الكريمة: يستفاد منها إثبات رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة، وأنها أعظم النعيم الذي ينالونه. وهذا هو قول الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين. خلافًا للرافضة والحهمية والمعتزلة الذين ينفون الرؤية يخالفون بذلك الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة وأئمتها. ويعتمدون على شبه واهية وتعليلات باطلة منها: 1 ـ قولهم: إن إثبات الرؤية يلزم منه إثبات أن الله في جهة، ولو كان في جهة لكان جسمًا ـ والله منزه عن ذلك ـ والجواب عن هذه الشبهة أن نقول: لفظ الجهة فيه إجمال. فإن أريد بالجهة أنه حال في شيء من مخلوقاته فهذا باطل والأدلة ترده وهذا لا يلزم من إثبات الرؤية. وإن أريد بالجهة أنه سبحانه فوق مخلوقاته فذا ثابت لله سبحانه ونفيه باطل وهو لا يتنافى مع رؤيته سبحانه. 2 ـ استدلوا بقوله تعالى لموسى: {لَن تَرَانِي} والجواب عن هذا الاستدلال: أن الآية الكريمة واردة في نفي الرؤية في الدنيا ولا تنفي ثبوتها في الآخرة كما ثبت في الأدلة الأخرى. وحالة الناس في الآخرة تختلف عن حالتهم في الدنيا. 3 ـ استدلوا بقوله تعالى: {لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} والجواب عن هذا الاستدلال: أن الآية إنما فيها نفي الإدراك وليس فيها نفي الرؤية. والإدراك معناه الإحاطة، فالله سبحانه وتعالى يراه المؤمنون ولا يحيطون به، بل نفي الإدراك يلزم منه وجود الرؤية. فالآية من أدلة إثبات الرؤية والله تعالى أعلم. وقول المؤلف ـ رحمه الله ـ: (وهذا الباب في كتاب الله كثير) أي: باب إثبات أسماء الله وصفاته في القرآن كثير وإنما ذكر المؤلف بعضه. فقد ورد في آيات كثيرة من كتاب الله إثبات أسماء الله وصفاته على ما يليق به (ومن تدبر القرآن) أي: تفكر فيه وتأمل ما يدل عليه من الهدى (تبين له طريق الحق) أي: اتضح له سبيل الصواب وتدبر القرآن هو المطرب من تلاوته قال تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} وقال تعالى: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} وقال تعالى: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ}. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf التصفية والتربية TarbiaTasfia@ التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 25-04-2015 الساعة 12:59AM |
#4
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 41 ) الاستدلال على إثبات أسماء الله وصفاته من السنة [ المتن ] : ثم في سنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ. فالسنة تفسر القرآن وتبينه وتدل عليه وتعبر عنه. [ الشرح ]: قوله: (ثم في سنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ) هذا عطف على قوله فيما سبق: (وقد دخل في هذه الجملة ما وصف الله به نفسه في سورة الإخلاص... إلخ) أي: ودخل فيها ما وصف به الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ربه فيما وردت به السنة الصحيحة. لأن السنة هي الأصل الثاني الذي يجب الرجوع إليه بعد كتاب الله ـ عز وجل ـ قال تعالى: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} الآية (59) من سورة النساء. والرد إلى الله هو الرجوع إلى كتابه، والرد إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعد وفاته هو الرجوع إلى سنته. والسنة لغة: الطريقة، واصطلاحًا: هي ما ورد عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من قول أو فعل أو تقرير. مكانة السنة قال: (فالسنة تفسر القرآن) أي: تبين معانيه ومقاصده. فإن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يبين للناس ما أنزل إليه. قال الله تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} الآية (44) من سورة النحل. والسنة أيضًا: (تبين القرآن) أي: توضح مجمله كالصلاة والصوم والحج والزكاة وغالب الأحكام التي تأتي مجملة في القرآن وتبينها السنة النبوية. والسنة أيضًا: (تدل على القرآن وتعبر عنه) أي: تدل على ما دل عليه القرآن وتعبر عما عبر عنه القرآن، فتكون موافقة للقرآن فيكون الحكم مما دل عليه الكتاب والسنة كأسماء الله وصفاته. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#5
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 42 ) [ المتن ] : وما وصف الرسول به ربه ـ عز وجل ـ من الأحاديث الصحاح التي تلقاها أهل المعرفة بالقبول وجب الإيمان بها كذلك. [ الشرح ]: قوله: (وما وصف إلخ): مبتدأ خبره قوله: (وجب الإيمان بها كذلك) أي: كما يجب الإيمان بما وصف الله به نفسه في القرآن الكريم. لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما وصفه ربه ـ عز وجل ـ بقوله: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى}. فالسنة التي نطق بها الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وحي من الله كما قال تعالى: {وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} فالكتاب هو القرآن، والحكمة هي السنة. فيجب الإيمان بما ورد في السنة لاسيما في باب الاعتقاد قال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}. لكن لابد في قبول الحديث والإيمان به من ثبوته عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولهذا قال الشيخ ـ رحمه الله ـ: (من الأحاديث الصحاح): والصحاح جمع صحيح. والحديث الصحيح: هو ما نقله راو عدل تام الضبط عن مثله من غير شذوذ ولا علة. فهو ما اجتمع فيه خمسة شروط: عدالة الرواه. ضبطهم. اتصال السند. سلامته من العلة. سلامته من الشذوذ. وقوله: (تلقاها أهل المعرفة) أي: قبلها وأخذ بها أهل العلم بالحديث فلا عبرة بغيرهم. ثم ذكر الشيخ أمثلة مما ورد في السنة من صفات الله ـ عز وجل ـ ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#6
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 43 ) 1 ـ ثبوت النزول الإلهي إلى سماء الدنيا على ما يليق بجلال الله [ المتن ] : فمن ذلك مثل قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (ينزل ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟). متفق عليه. [ الشرح ]: قوله: (ينزل ربنا) أي: نزولًا يليق بجلاله نؤمن به، ولا نشبهه بنزول المخلوق لأنه سبحانه {ليس كمثله شيء}. (إلى سماء الدنيا) أي: السماء الدنيا من إضافة الموصوف إلى صفته، (حين يبقى ثلث الليل الآخر) برفع الآخر صفة لثلث، وفي هذا تعيين لوقت النزول الإلهي . قوله: (فأستجيب له) أي: أجيب دعوته. والشاهد من الحديث: أن فيه ثبوت النزول الإلهي. وهو من صفات الأفعال وفي الحديث أيضًا إثبات العلو لله تعالى. فإن النزول يكون من العلو، وفيه الرد على من أول الحديث بأن معناه نزول رحمته أو أمره. لأن الأصل الحقيقة وعدم الحذف. ولأنه قال: (من يدعوني فأستجيب له) فهل يعقل أن تقول رحمته أو أمره هذا المقال؟!. وفي الحديث إثبات الكلام لله تعالى حيث جاء فيه: (فيقول إلخ.. ) وفيه إثبات الإعطاء والإجابة والمغفرة لله سبحانه وهي صفات أفعال. وقوله: (متفق عليه) أي: بين البخاري ومسلم. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#7
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 44 ) 2 ـ إثبات أن الله يفرح ويضحك [ المتن ] : وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (لله أشد فرح بتوبة عبده من أحدكم براحلته) الحديث. متفق عليه. وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة) متفق عليه. [ الشرح ]: (لله) اللام لام الابتداء (أشد فرحًا) منصوب على التمييز، والفرح في اللغة: السرور ولذة القلب (بتوبة عبده) التوبة: هي الإقلاع عن الذنب والرجوع إلى الطاعة (براحلته) الراحلة الناقة التي تصلح أن ترحل. (الحديث) منصوب بفعل مقدر أي: أكمل الحديث، لأن المصنف اقتصر على الشاهد منه، وهو إثبات الفرح لله سبحانه على ما يليق بجلاله، وهو صفة كمال لا يشبهه فرح أحد من خلقه بل هو كسائر صفاته. وهو فرح إحسان وبر ولطف لا فرح محتاج إلى توبة عبده ينتفع بها، فإنه سبحانه لا تنفعه طاعة المطيع ولا تضره معصية العاصي. وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (يضحك الله إلى رجلين... إلخ) قد بين النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في آخر الحديث سبب ذلك في قوله: (يقاتل هذا في سبيل الله ـ عز وجل ـ فيستشهد، ثم يتوب الله على القاتل فيسلم، فيقاتل في سبيل الله ـ عز وجل ـ فيستشهد) وهذا من كمال إحسان الله سبحانه وسعة رحمته، فإن المسلم يقاتل في سبيل الله فيقتله الكافر فيكرم الله المسلم بالشهادة، ثم يمن الله على ذلك الكافر القاتل فيهديه للإسلام فيدخلان الجنة جميعًا. فهذا أمر عجيب، والضحك يكون من الأمور المعجبة التي تخرج عن نظائرها. والشاهد من الحديث: إثبات الضحك لله سبحانه وهو صفة من صفاته الفعلية التي تثبتها له على ما يليق بجلاله وعظمته ليس كضحك المخلوق. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#8
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 45 ) 3 ـ إثبات أن الله يعجب ويضحك [ المتن ] : وقوله: (عجب ربنا من قنوط عباده وقرب غيره، ينظر إليكم أزلين قنطين فيظل يضحك يعلم أن فرجكم قريب) حديث حسن. [ الشرح ]: (عجب ربنا) قال في المصباح: التعجب يستعمل على وجههين أحدهما: ما يحمده الفاعل، ومعناه الاستحسان والإخبار عن رضاه به. والثاني: ما يكرهه ومعناه الإنكار والذم له. (من قنوط عباده) القنوط: شدة اليأس من الشيء. والمراد هنا اليأس من نزول المطر وزوال القحط (وقرب غيره) غيره بكسر الغين وفتح الياء، أي: تغييره الحال من شدة إلى رخاء. (ينظر إليكم أزلين) الأزل بسكون الزاي: الضيق. وقد أزل الرجل بأزل أزلًا صار في ضيق وجدب. (فيظل يضحك): هذا من صفاته الفعلية التي لا يشبهه فيها شيء من مخلوقاته، ففي الحديث إثبات صفتين من صفات الله الفعلية هما العجب والضحك وهما صفتان تلقيان بجلاله ليستا كعجب المخلوق وضحك المخلوق. وفي الحديث أيضًا إثبات النظر لله سبحانه، وهو من صفاته الفعلية أيضًا. فإنه ينظر إلى عباده ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#9
|
|||
|
|||
بسم الله الحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 46 ) 4 ـ إثبات الرجل والقدم لله سبحانه [ المتن ] : وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (لا تزال جهنم يلقى فيها وهي تقول: هل من مزيد، حتى يضع رب العزة فيها رجله ـ وفي رواية: عليها قدمه ـ فينزوي بعضها إلى بعض فتقول: قط قط) متفق عليه. [ الشرح ]: قوله: (لا تزال جهنم) جهنم: اسم من أسماء النار، قيل: سميت بذلك لبعد قعرها، وقيل: لظلمتها، من الجهومة وهي الظلمة. (يلقى فيها) أي: يطرح فيها أهلها. (وهي تقول: هل من مزيد) أي: تطلب الزيادة لسعتها وقد وعدها الله أن يملأها (حتى يضع رب العزة فيها رجله) لما كانت النار في غاية الكبر والسعة وقد وعدها الله ملأها، وكان مقتضى رحمته سبحانه أن لا يعذب أحدًا بغير جرم حقق وعده ووضع عليها رجله. (فينزوي بعضها إلى بعض) أي: ينضم بعضها إلى بعض ويتلاقى طرفاها ولا يبقى فيها فضل عن أهلها (فتقول: قط قط) أي: حسبي ويكفيني. والشاهد من الحديث: أن فيه إثبات الرجل والقدم لله تعالى على الوجه اللائق به سبحانه، وهو من صفات الذات كالوجه واليد. والله تعالى أعلم. وقد غلط في تفسير هذا الحديث المعطلة حيث قالوا: (قدمه): نوع من الخلق. وقالوا: (رجله): جماعة من الناس كما يقال: رجل جراد. والرد على هذا أن يقال إن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: حتى (يضع) ولم يقل: حتى يلقي، كما قال في أول الحديث: (يلقي فيها). وأيضًا القدم لا يصح تفسيره بالقوم لا حقيقة ولا مجازًا. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#10
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 47 ) 5 ـ إثبات النداء والصوت والكلام لله تعالى [ المتن ] : وقوله: (يقول الله تعالى: يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك، فينادي بصوت: إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثًا إلى النار) متفق عليه. وقوله: (ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه وليس بينه وبينه ترجمان) . [ الشرح ]: قوله: (لبيك وسعديك) لبيك أي: أنا مقيم على طاعتك من ألب بالمكان إذا أقام، وهو منصوب على المصدر. وثني للتأكيد، وسعديك: من المساعدة وهي المطاوعة، أي: مساعدة في طاعتك بعد مساعدة. قوله: (فينادي) بكسر الدال والمنادى هو الله تعالى (بصوت) تأكيد لقوله: (ينادى) لأن النداء لا يكون إلا صوت، وهذا كقوله تعالى: {وكلم الله موسى تكليما}. وقوله: (بعثًا إلى النار) البعث هنا بمعنى المبعوث الموجه إليها. ومعنى ذلك: ميز أهل النار من غيرهم. والشاهد من الحديث: أن فيه إثبات القول من الله والنداء بصوت يسمع، وأن ذلك سيحصل يوم القيامة، ففيه أن الله يقول وينادي متى شاء وكما يشاء. وقوله: (ما منكم من أحد) الخطاب للصحابة وهو عام لجميع المؤمنين (إلا سيكلمه ربه) أي: بلا واسطة (ليس بينه وبينه ترجمان) الترجمان: من يعبر بلغة عن لغة. أي: ينقل الكلام من لغة إلى لغة أخرى. والشاهد من الحديث : أن فيه إثبات تكليم الله سبحانه لعباده. وأنه سبحانه يتكلم إذا شاء. فكلامه من صفاته الفعلية. وأنه يكلم كل مؤمن يوم القيامة. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#11
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 48 ) 6-إثبات علو الله على خلقه واستوائه على عرشه [ المتن ] : وقوله في رقية المريض: (ربنا الله الذي في السماء تقدس اسم، أمرك في السماء والأرض كما رحمتك في السماء، اجعل رحمتك في الأرض، اغفر لنا حوبنا وخطايانا أنت رب الطيبين أنزل رحمة من رحمتك وشفاء من شفائك على هذا الوجع فيبرأ) حديث حسن رواه أبو داود وغيره. وقوله: (ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء) حديث صحيح. وقوله: (والعرش فوق ذلك والله فوق العرش وهو يعلم ما أنتم عليه) حديث حسن رواه أبو داود وغيره وقوله للجارية: (أين الله؟ قالت: في السماء. قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله. قال: أعتقها فإنها مؤمنة) رواه مسلم. [ الشرح ]: (في رقبة المريض) أي: القراءة على المريض طلبًا لشفائه، وهي مشرعة إذا كانت بالقرآن والأدعية المباحة، وممنوعة إذا كانت بألفاظ شركية أو أعمال شركية. (ربنا الله الذي في السماء) أي: على السماء ، ففي هنا بمعنى على كقوله تعالى: {فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ} الآية من سورة التوبة. أي: على الأرض. ويجوز أن تكون. في للظرفية على بابها ويكون المراد بالسماء مطلق العلو. (تقدس اسمك) أي: تقدست أسماؤك عن كل نقص فهو مفرد مضاف فيعم جميع أسماء الله. (أمرك في السماء والأرض) أي: أمرك الكوني القدري الذي ينشأ عنه جميع المخلوقات والحوادث، ومنه قوله تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شيئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} الآية (82) من سورة يس. وأمرك الشرعي المتضمن للشرائع التي شرعها لعباده. (كما رحمتك في السماء اجعل رحمتك في الأرض) هذا توسل إليه برحمته التي شملت أهل السموات كلهم أن يجعل لأهل الأرض منها نصيبًا. (اغفر لنا حوبنا وخطايانا) هذا طلب للمغفرة وهي الستر ووقاية الإثم، ومنه المغفر الذي يلبس على الرأس لستره ووقايته من الضرب. والحوب: الإثم، والخطايا هي الذنوب. (أنت رب الطيبين) هذا توسل آخر، والطيبين جمع طيب وهم النبيون وأتباعهم. وإضافة ربوبيته لهؤلاء إضافة تشريف وتكريم وإلا هو سبحانه رب كل شيء. ومليكه (أنزل رحمة من رحمتك) أي: الرحمة المخلوقة. فإن رحمة الله نوعان، النوع الأول: رحمته التي هي صفة من صفاته كما في قوله تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} الآية (156) من سورة الأعراف. النوع الثاني: رحمة تضاف إليه سبحانه من إضافة المخلوق إلى خالقه كالمذكورة في هذا الحديث. وكما في حديث: (خلق الله مائة رحمة) الحديث. فطلب ـ صلى الله عليه وسلم ـ من ربه إنزال هذه الرحمة على المريض لحاجته إليها ليشفيه بها. والشاهد من الحديث: أن فيه إثبات العلو لله تعالى وأنه في السماء والعلو صفة ذاتية كما سبق. كما أن في الحديث التوسل إلى الله تعالى بالثناء عليه بربوبيته وإلهيته وقدسيته وعلوه وعموم أمره وبرحمته، ثم في الحديث طلب المغفرة من الله وشفاء المرض. وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (ألا تأمنوني) هذا خطاب منه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لمن اعترض عليه في بعض قسمته المال. وألا: أداة استفتاح وتنبيه، وتأمنوني ـ من الأمانة ـ وهي عدم المحاباه والخيانة، أي: ألا تأمنوني في قسمة المال (وأنا أمين من في السماء) وهو الله سبحانه قد ائتمنني على وحيه ورسالته وتبليغ شرعة، وكفى بذلك شهادة على أمانته وصدقه ـ صلى الله عليه وسلم ـ. والشاهد من الحديث: أن فيه إثبات العلو لله سبحانه. حيث قال: (من في السماء) وسبق شرح الجملة قريبًا. وقوله: (والعرش فوق ذلك) تقدم تفسير العرش وقوله: (فوق ذلك) أي: فوق المخلوقات التي بينها الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأصحابه في الحديث الذي ذكر فيه بعد ما بين السماء والأرض، وما بين كل سماء وسماء وكثف كل سماء والبحر الذي فوق السماء السابعة وما بين أسفله وأعلاه، وما فوق ذلك البحر من الأوعال الثمانية العظيمة ثم فوق ذلك العرش (والله فوق العرش) أي: مستو عليه استواء يليق بجلاله (وهو يعلم ما أنتم عليه) بعلمه المحيط الذي لا يخفى عليه شيء. والشاهد من الحديث: إثبات علو الله على عرشه وأن عرشه فوق المخلوقات كلها وأن علم الله سبحانه محيط بأعمال العباد لا يخفى عليه منها شيء. (وقوله للجارية) أي: أمة معاوية بن الحكم حينما غضب عليها سيدها معاوية فلطمها، ثم ندم وأخبر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقال: أفلا أعتقها؟ فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (بلى جئني بها). فأتى بها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال لها: (أين الله؟ ) فيه دليل على جواز السؤال عن الله بأين. (قالت: في السماء) أي: الله سبحانه في السماء. وتقدم تفسير هذه الكلمة (قال) لها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أيضًا: (من أنا؟) سألها عن اعتقادها فيه (قالت: أنت رسول الله) فأقرت له بالرسالة (قال) ـ صلى الله عليه وسلم ـ لسيدها: (أعتقها فإنها مؤمنة) فيه دليل على أن من شهد هذه الشهادة أنه مؤمن وأن العق يشترط له الإيمان. والشاهد من الحديث: أن فيه دليلًا على علو الله على خلقه فوق سماواته، وأنه يشار إليه في جهة العلو إشارة حسية. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#12
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 49 ) 7 ـ إثبات معية الله تعالى لخلقه وأنها لا تنافي علوه فوق عرشة [ المتن ] : وقوله: (أفضل الإيمان أن تعلم أن الله معك أينما كنت) حديث حسن أخرجه الطبراني من حديث عبادة بن الصامت. وقوله: (إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يبصق قبل وجهه فإن الله قبل وجهه، ولا عن يمينه ولكن عن يساره أو تحت قدمه) متفق عليه. وقوله: (اللهم رب السموات السبع ورب العرش العظيم ربنا ورب كل شيء فالق الحب والنوى منزل التوراة والإنجيل والقرآن، أعوذ بك من شر نفسي ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها. أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء. وأنت الظاهر فليس فوقك شيء. وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عني الدين وأغنني من الفقر) رواه مسلم. وقوله لما رفع الصحابة أصواتهم بالذكر: (أيها الناس اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا، إنما تدعون سميعًا بصيرًا قريبًا إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته) متفق عليه. [ الشرح ]: قوله: (أفضل الإيمان) أي: من أفضل خصاله، وفي هذا دليل على أن الإثمان يتفاضل (أن تعلم أن الله معك) أي: يعلمه واطلاعه (حيثما كنت) أي: في أي مكان وجدت. فمن علم ذلك استوت علانيته وسريرته فهابه في كل مكان (أخرجه الطبراني) أبو القاسم سليمان اللخمي أحد الحفاظ المكثرين. وقد روى هذا الحديث في المعجم الكبير. وفي الحديث دليل على إثبات معية الله لخلقه بعلمه وإحاطته بأعمالهم وأنه يجب على العبد أن يتذكر ذلك دائما فيحسن عمله. وقوله: (إذا قام أحدكم إلى الصلاة) أي: إذا شرع فيها (فلا يبصق أي: لا يتفل (قبل وجهه) أي أمامه (قبل بكسر القاف وفتح الباء (فإن الله قبل وجهه) هذا تعليل للنهي عن البصاق في قبله المصلي بأن الله سبحانه (قبل وجهه) أي: مواجهه وهذه المواجهة كما يليق بالله سبحانه لا يلزم منها أنه سبحانه مختلط بخلقه بل هو فوق سمواته مستو على عرشه وهو قريب من خلقه محيط بهم. (ولا عن يمينه) أي: ولا يبصق المصلى عن يمينه تشريفًا لليمين ولأن الملكين عن يمينه كما في رواية للبخاري (ولكن عن يساره أو تحت قدمه) أي: ولكن ليبصق المصلي في جهة يسارة أو يبصق تحت قدمه. والشاهد من الحديث: أن فيه إثبات قرب الله سبحانه من عبده المصلي وإقباله عليه وهو سبحانه فوقه. وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (اللهم رب السموات السبع) اللهم أصله: يا الله. فالميم عوض عن ياء النداء. رب السموات السبع. أي: خالقها ومالكها. (ورب العرش العظيم) أي: الكبير الذي لا يقدر قدره إلا الله فهو أعظم المخلوقات. وتقدم تفسير (ربنا ورب كل شيء) أي: خالقنا ورازقنا وخالق كل شيء ومالكه ففيه إثبات ربوبيته لكل شيء (فالق الحب والنوى) أي: شاق حب الطعام ونوى التمر للإثبات (منزل التوراة) على موسى (والإنجيل) على عيسى (والقرآن) على محمد عليهم أفضل الصلاة والسلام وفي ذلك دليل على فضل هذه الكتب وأنها منزلة من الله تعالى. (أعوذ) أي: ألتجئ وأعتصم (بك) يا الله (من شر كل دابة) أي: كل ما دب على وجه الأرض (أنت آخذ بناصيتها) الناصية مقدم الرأس، أي: هي تحت قهرك وسلطانك تصرفها كيف تشاء، لتصرف شرها عني. (أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء) هذه الأسماء الأربعة: اسمان لأزليته وأبديته وهما (الأول والآخر) واسمان لعلوه وقربه وهما (الظاهر والباطن). وهما محل الشاهد من الحديث: لأن فيهما إثبات علو الله وقربه، وأنهما لا يتنافيان ولا يتناقضان فهو قريب في علوه علي في دنوه. (اقض عني الدين) أي: أد عني حقوق الله وحقوق الخلق، وفي هذا التبريء من الحول والقوة، (وأغنني من الفقر) الفقر: الحاجة والفقير: هو من لا يجد شيئًا، أو يجد بعض الكفاية. وفي الحديث أيضًا مشروعية التوسل إلى الله سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته في قضاء الحاجة وإجابة الدعاء. (وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما رفع الصحابه أصواتهم بالذكر) وذلك في غزوة خيبر كما جاء في بعض طرق الحديث وأن الذكر الذي رفعوا به أصواتهم هو التكبير: الله أكبر لا إله إلا الله. وقوله: (اربعوا) أي: ارفقوا (فإنكم) تعليل للأمر بالرفق (لا تدعون أصم ولا غائبًا) لا يسمع دعاءكم ولا يراكم فنفي الآفة المانعة من السمع، والآفة المانعة من النظر، وأثبت ضدهما فقال: (إنما تدعون سميعًا بصيرًا قريبًا) فلا داعي لرفع الصوت (إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته) فهو قريب ممن دعاه وذكره. فلا حاجة لرفع الأصوات وهو قريب يسمعها إذا خفضت كما يسمعها إذا رفعت. والشاهد من الحديث: أن فيه إثبات قرب الله سبحانه من داعيه، يسمع الأصوات الخفية كما يسمع الأصوات الجهرية. فأفادت هذه الأحاديث جميعًا إثبات معية الله لخلقه وقربه منهم وسماعه لأصواتهم ورؤيته لحركاتهم. وذلك لا ينافي علوه واستواءه على عرشه وقد تقدم الكلام على المعية وأنواعها وشواهدها من القرآن الكريم مع تفسير تلك الشواهد. والله أعلم. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#13
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 50 ) 8 ـ إثبات رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة [ المتن ] : وقوله: (إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها فافعلوا) متفق عليه. [ الشرح ]: قوله: (إنكم سترون ربكم) الخطاب للمؤمنين. والسين للتنفيس ويراد بها التأكيد، وقوله: (ترون ربكم) أي: تعاينونه بأبصاركم، والأحاديث الواردة بإثبات رؤية المؤمنين لربهم متواترة. قوله: (كما ترون القمر ليلة البدر) أي: ليلة كماله، وهي الليلة الرابعة عشرة من الشهر. فإنه في تلك الليلة يكون قد امتلأ نورًا. والمراد من هذا التشبيه تحقيق الرؤية وتأكيدها ونفي المجاز عنها. وهو تشبيه للرؤية بالرؤية لا تشبيه للمرئي بالمرئي لأنه سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}. وقوله: (لا تضامون في رؤيته) بضم التاء وتخفيف الميم أي: لا يلحقكم ضيم، أي: ظلم بحيث يراه بعضكم دون بعض. وروي بفتح التاء وتشديد الميم، من التضام، أي: لا ينضم بعضكم إلى بعض لأجل رؤيته. والمعنى على هذه الرواية: لا تجتمعون في مكان واحد لرؤيته فيحصل بينكم الزحام. والمعنى على الروايتين: أنكم ترونه رؤية محققة كل منكم يراه وهو في مكانه. وقوله: (فإن استطعتم أن لا تغلبوا) أي: لا تصيروا مغلوبين، (على صلاة قبل طلوع الشمس وهي صلاة الفجر (وصلاة قبل غروبها) وهي صلاة العصر (فافعلوا) أي: حافظوا على هاتين الصلاتين في الجماعة في أوقاتهما. وخص هاتين الصلاتين لاجتماع الملائكة فيهما، فهما أفضل الصلوات فناسب أن يجازي من حافظ عليهما بأفضل العطايا وهو النظر إلى وجه الله تعالى. والشاهد من الحديث: أن فيه إثبات رؤية المؤمنين لربهم عيانًا يوم القيامة. وقد تقدم ذكر من خالف في ذلك مع الرد عليه. عند الكلام على تفسير الآيات التي فيها إثبات الرؤية والله أعلم. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#14
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 51 ) [ المتن ] : موقف أهل السنة من هذه الأحاديث التي فيها إثبات الصفات الربانية إلى أمثال هذه الأحاديث التي يخبر فيها رسول الله ـ صلى عليه وسلم ـ عن ربه بما يخبر به. فإن الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة يؤمنون بذلك، كما يؤمنون بما أخبر الله به في كتابه من غير تحريف ولا تعطيل. ومن غير تكييف ولا تمثيل. [ الشرح ]: هذا بيان لموقف أهل السنة والجماعة من أحاديث الصفات الواردة عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ. أنه كموقفهم من آيات الصفات الواردة في القرآن سواء. وهو الإيمان بها واعتقاد ما دلت عليه على حقيقته. لا يصرفونها عن ظاهرها بأنواع التأويل الباطل. ولا ينفون ما دلت عليه فيعطلونها. ولا يشبهون الصفات المذكورة فيها بصفات المخلوقين لأن الله (ليس كمثله شيء). وهم بذلك يخالفون طريقة المبتدعة من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة الذين كان موقفهم من هذه النصوص موقف المنكر لها أو المؤول لما دلت عليه، وبخلاف المشبهة الذين غلوا في الإثبات حتى شبهوا الله بخلقه. (تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا). مكانة أهل السنة والجماعة بين فرق الأمة بل هم الوسط في فرق الأمة. كما أن الأمة هي الوسط في الأمم. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#15
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 52 ) فهم وسط في باب صفات الله سبحانه وتعالى بين أهل التعطيل الجهمية وأهل التمثيل المشبهة وهم وسط في باب أفعال الله بين الجبرية والقدرية وغيرهم وفي باب وعيد الله بين المرجئة والعيدية من القدرية وغيرهم. وفي باب أسماء الإيمان والدين بين الحرورية والمعتزلة وبين المرجئة والجهمية، وفي باب أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بين الرافضة والخوارج. لما بين الشيخ ـ رحمه الله ـ موقف أهل السنة والجماعة من النصوص الواردة في الكتاب والسنة في صفات الله تعالى ، أراد أن يبين مكانتهم بين فرق الأمة حتى يعرف قدرهم وفضلهم بمقارنتهم بغيرهم. فإن الضد يظهر حسنه الضد ** وبضدها تتبين الأشياء قال ـ رحمه الله ـ: (بل هم الوسط في فرق الأمة) قال في المصباح المنير: الوسط بالتحريك: المعتدل والمراد بالوسط هنا العدل الخيار. قال تعالى في الآية (143) من سورة البقرة: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}. فأهل السنة وسط بمعنى أنهم عدول خيار. وبمعنى أنهم متوسطون بين فريقي الإفراط والتفريط، فهم وسط بين الفرق المنتسبة للإسلام، كما أن الأمة الإسلامية وسط بين الأمم. فهذه الأمة وسط بين الأمم التي تميل إلى الغلو والإفراط والأمم التي تميل إلى التفريط والتساهل. وأهل السنة والجماعة من هذه الأمة وسط بين فرق الأمة المبتدعة التي انحرفت عن الصراط المستقيم فغلا بعضها وتطرف، وتساهل بعضها وانحرف. ثم بين الشيخ ـ رحمه الله ـ تفصيل ذلك فقال: (فهم) أي: أهل السنة والجماعة أولًا: (وسط في باب صفات الله سبحانه وتعالى بين أهل التعطيل الجهمية، وأهل التمثيل) فالجهمية (نسبة إلى الجهم بن صفوان الترمذي) هؤلاء غلوا وأفرطوا في التنزيه حتى نفوا أسماء الله وصفاته حذرًا من التشبيه بزعمهم، وبذلك سموا معطلة. لأنهم عطلوا الله من أسمائه وصفاته. (وأهل التمثيل المشبهة) سموا بذلك لأنهم غلوا وأفرطوا في إثبات الصفات حتى شبهوا الله بخلقه ومثلوا صفاته بصفاتهم (تعالى الله عما يقولون). وأهل السنة توسطوا بين الطرفين فأثبتوا صفات الله على الوجه اللائق بجلاله من غير تشبيه ولا تمثيل، فلم يغلوا في التنزيه ولم يغلوا في الإثبات. بل نزهوا الله بلا تعطيل وأثبتوا له الأسماء والصفات بلا تمثيل. ثانيًا: وأهل السنة والجماعة (وسط في باب أفعال الله بين الجبرية والقدرية) فالجبرية: (نسبة إلى الجبر لأنهم يقولون إن العبد مجبور على فعله) فهم غلوا في إثبات أفعال الله حتى نفوا أفعال العباد، وزعموا أنهم لا يفعلون شيئًا وإنما الله هو الفاعل والعبد مجبور على فعله فحركاته وأفعاله كلها اضطرارية كحركات المرتعش، وإضافة الفعل إلى العبد مجاز. (والقدرية) نسبة إلى القدر غلوا في إثبات أفعال العباد فقالوا: إن العبد يخلق فعل نفسه بدون مشيئة الله وإرادته، فأفعال العباد لا تدخل تحت مشيئة الله وإرادته، فالله لم يقدرها ولم يردها وإنما فعلوها هم استقلالًا. وأهل السنة توسطوا، وقالوا: للعبد اختيار ومشيئة وفعل يصدر منه ولكنه لا يفعل شيئًا بدون إرادة الله ومشيئته وتقديره. قال تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} الآية (96) من سورة الصافات. فأثبت للعباد عملًا هو من خلق الله تعالى وتقديره. وقال تعالى: {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} الآية (29) من سورة التكوير فأثبت للعباد تأتي بع مشيئة الله تعالى. وسيأتي لهذا مزيد إيضًاح إن شاء الله تعالى في مبحث القدر. ثالثًا: وأهل السنة والجماعة وسط (في باب وعيد الله). الوعيد: التخويف والتهديد، والمراد هنا النصوص التي فيه توعد للعصاة بالعذاب والنكال. وقوله: (بين المرجئة والوعيدية من القدرية وغيرهم) المرجئة: نسبة إلى الإرجاء وهو التأخير. سموا بذلك لأنهم أخروا الأعمال عن مسمى الإيمان حيث زعموا أن مرتكب الكبيرة غير فاسق. وقالوا: لا يضر مع الإيمان ذنب، كما لا ينفع مع الكفر طاعة فعندهم أن مرتكب الكبيرة كامل الإيمان غير معرض للوعيد، فهم تساهلوا في الحكم على العاصي وأفرطوا في التساهل حتى زعموا أن المعاصي لا تنقص الإيمان ولا يحكم على مرتكب الكبيرة بالفسق. وأما الوعيدية: فهم الذين قالوا بإنفاذ الوعيد على العاصي، وشددوا في ذلك حتى قالوا: إن مرتكب الكبيرة إذا مات ولم يتب فهو مخلد في النار. وحكموا بخروجه من الإيمان في الدنيا. وأهل السنة والجماعة توسطوا بين الطرفين فقالوا: إن مرتكب الكبيرة آثم ومعرض للوعيد وناقص الإيمان ويحكم عليه بالفسق (لا كما تقول المرجئة إنه كامل الإيمان وغير معرض للوعيد) ولكنه لا يخرج من الإيمان ولا يخلد في النار إن دخلها. فهو تحت مشيئة الله: إن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه بقدر معصيته، ثم يخرج من النار ويدخل الجنة (لا كما تقوله الوعيدية بخروجه من الإيمان وتخليده في النار) فالمرجئة أخذوا بنصوص الوعد. والوعيدية أخذوا بنصوص الوعيد. وأهل السنة والجماعة جمعوا بينهما. رابعًا: وأهل السنة والجماعة وسط (في باب أسماء الإيمان والدين) أي: الحكم على الإنسان بالكفر أو الإسلام أو الفسق وفي جزاء العصاة في الدنيا والآخرة. (بين الحرورية والمعتزلة وبين المرجئة والجهمية) الحرورية: هم الخوارج سموا بذلك نسبة إلى حرورى: قرية بالعراق اجتمعوا فيها حين خرجوا على علي ـ رضي الله عنه ـ. والمتعزلة: هم أتباع واصل بن عطاء الذي اعتزل مجلس الحسن البصري وانحاز إليه أتباعه بسبب خلاف وقع بينهما في حكم مرتكب الكبيرة من المسلمين، فقال الحسن ـ رحمه الله ـ عن واصل هذا: إنه قد اعتزلنا، فسموا معتزلة. فمذهب الخوارج والمعتزلة في حكم مرتكب الكبيرة من المسلمين مذهب متشدد حيث حكموا عليه بالخروج من الإسلام. ثم قال المعتزلة: إنه ليس بمسلم ولا كافر بل هو بالمنزلة بين المنزلتين. وقال الخوارج: إنه كافر. واتفقوا على أنه إذا مات على تلك الحال أنه خالد مخلد في النار. وقابلتهم المرجئة والجهمية فتساهلوا في حكم مرتكب الكبيرة وأفرطوا في التساهل معه فقالوا: لا يضر مع الإيمان معصية لأن الإيمان عندهم هو تصديق القلب فقط أو مع نطق اللسان على خلاف بينهم، ولا تدخل فيه الأعمال فلا يزيد بالطاعة ولا ينقص بالمعصية. فالمعاصي لا تنقص الإيمان ولا يستحق صاحبها النار إذا لم يستحلها. وأهل السنة والجماعة توسطوا بين الفرقتين فقالوا: إن العاصي لا يخرج من الإيمان لمجرد المعصية. وهو تحت المشيئة إن شاء الله عفا عنه وإن شاء عذبه في النار، لكنه لا يخلد فيها كما تقول الخوارج والمعتزلة. والمعاصي تنقص الإيمان ويستحق صاحبها دخول النار إلا أن يعفوا الله عنه. ومرتكب الكبيرة يكون فاسقًا ناقص الإيمان، لا كما تقول المرجئة إنه كامل الإيمان والله تعالى أعلم. خامسًا: وأهل السنة والجماعة وسط في حق (أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بين الرافضة والخوارج): الصحابي: هول من لقي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مؤمنًا به ومات على ذلك. والرافضة: اسم مأخوذ من الرفض وهو الترك. سموا بذلك لأنهم قالوا لزيد بين علي بن الحسين: تبرأ من الشيخين أبي بكر وعمر، فأبى وقال: معاذ الله. فرفضوه فسموا رافضة. ومذهبهم في صحابة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنهم غلوا في علي ـ رضي الله عنه ـ وأهل البيت وفضلوهم على غيرهم، ونصبوا العداوة لبقية الصحابة خصوصًا الخلفاء الثلاثة أبا بكر وعمر وعثمان ـ رضي الله عنهم ـ وسبوهم ولعنوهم، وربما كفروهم أو كفروا بعضهم. وقابلهم الخوارج فكفروا عليا ـ رضي الله عنه ـ وكفروا معه كثيرًا من الصحابة وقاتلوهم واستحلوا دماءهم وأموالهم. وأهل السنة والجماعة خالفوا الجميع فوالوا جميع الصحابة ولم يغلوا في أحد منهم واعترفوا بفضل جميع الصحابة وأنهم أفضل هذه الأمة بعد نبيها. ويأتي لهذا مزيد بيان. وجوب الإيمان باستواء الله على عرشه وعلوه على خلقه ومعيته لخلقه وانهما لا تنافي بينهما ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf التصفية والتربية TarbiaTasfia@ |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
[جمع] الجمع الثمين لكلام أهل العلم في المصرّين على المعاصي والمدمنين | أبو عبد الودود عيسى البيضاوي | منبر التوحيد وبيان ما يضاده من الشرك | 0 | 13-09-2011 09:33PM |
أقوال العلماء السلفيين في حكم من حكَّم القوانين | أبو حمزة مأمون | منبر التحذير من الخروج والتطرف والارهاب | 0 | 10-06-2010 01:51AM |
(الشيخ ربيع بين ثناء العلماء ووقاحة السفهاء) | أبوعبيدة الهواري الشرقاوي | منبر الجرح والتعديل | 0 | 21-12-2008 12:07AM |
شرح كتاب ثلاثة الأصول | أبو عبد الرحمن السلفي1 | منبر التوحيد وبيان ما يضاده من الشرك | 3 | 13-10-2007 08:38PM |
صحيح المقال في مسألة شد الرحال (رد على عطية سالم ) | ماهر بن ظافر القحطاني | منبر البدع المشتهرة | 0 | 12-09-2004 12:02PM |