|
#1
|
|||
|
|||
فتاوى الحج لجمع من العلماء
محظورات الإحرام محظورات الإحرام هي المحرمات التي يجب على المحرم تجنبها بسبب الإحرام، وهذه المحظورات تسعة أشياء: المحظور الأول: حلق الشعر: فيحرم على المحرم إزالته من جميع بدنه بلا عذر بحلق أو نتف أو قلع، لقوله تعالى: (وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ)؛ فنص تعالى على حلق الرأس، ومثله شعر البدن وفاقا؛ لأنه في معناه، ولحصول الترفه بإزالته، فإن حلق الشعر يؤذن بالرفاهية، وهي تنافي الإحرام؛ لأن المحرم يكون أشعث أغبر، فإن خرج بعينه شعر، أزاله ولا فدية عليه ؛ لأنه شعر في غير محله، ولأنه أزال مؤذيا. المحظور الثاني: تقليم الأظافر أو قصها من يد أو رجل بلا عذر: فإن انكسر ظفره فأزالها أو زال مع جلد، فلا فدية عليه؛ لأنه زال بالتبعية لغيره، والتابع لا يفرد بحكم. بخلاف ما إذا حلق شعره لقمل أو صداع، لقوله تعالى: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ)، ولحديث كعب بن عجرة، قال: "كان بي أذى من رأسي، فحملت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والقمل يتناثر على وجهه، فقال: ما كنت أرى الجهد يبلغ بك ما أرى، تجد شاة؟، قلت: لا، فنزلت: (فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ)، قال: هو صوم ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين أو ذبح شاة" متفق عليه، وذلك لأن الأذى حصل من غير الشعر، وهو القمل. ويباح للمحرم غسل شعره بسدر ونحوه، ففي "الصحيحين" عنه -صلى الله عليه وسلم-: "أنه غسل رأسه وهو محرم، ثم حرك رأسه بيديه، فأقبل بهما وأدبر" . قال الشيخ تقي الدين -رحمه الله-: "له أن يغتسل من الجنابة بالاتفاق - يعني: إذا احتلم وهو محرم - وكذا لغير الجنابة ". المحظور الثالث: تغطية رأس الذكر، لنهيه -صلى الله عليه وسلم- عن لبس العمائم والبرانس.قال العلامة ابن القيم -رحمه الله-: " كل متصل ملامس يراد لستر الرأس كالعمامة والقبع والطاقية وغيرها ممنوع بالاتفاق " انتهى. وسواء كان الغطاء معتادا كعمامة أم لا كقرطاس وطين وحناء أو عصابة.وله أن يستظل بخيمة أو شجرة أو بيت ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ضربت له خيمة فنزل بها وهو محرم، وكذا يجوز للمحرم الاستظلال بالشمسية عند الحاجة، ويجوز له ركوب السيارة المسقوفة، ويجوز له أن يحمل على رأسه متاعا لا يقصد به التغطية. المحظور الرابع: لبس الذكر المخيط على بدنه أو بعضه من قميص أو عمامة أو سراويل، وما عمل على قدر العضو، كالخفين والقفازين والجوارب، لما في "الصحيحين"، أنه -صلى الله عليه وسلم- سئل: "ما يلبس المحرم؟ قال: لا يلبس القميص، ولا العمامة، ولا البرانس، ولا السراويل، ولا ثوبا مسه ورس ولا زعفران، ولا الخفين" . قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى المحرم أن يلبس القميص والبرانس والسراويل والخف والعمامة، ونهاهم أن يغطوا رأس المحرم بعد الموت، وأمر من أحرم في جبة أن ينزعها عنه، فما كان من هذا الجنس، فهو ذريعة في معنى ما نهى عنه النبي -صلى الله عليه وسلم-، فما كان في معنى القميص، فهو مثله، وليس له أن يلبس القميص بكم ولا بغير كم، وسواء أدخل يديه أو لم يدخلها، وسواء كان سليما أو مخروقا، وكذلك لا يلبس الجبة ولا العباء الذي يدخل فيه يديه...".إلى أن قال: " وهذا معنى قول الفقهاء: لا يلبس المخيط، والمخيط ما كان من اللباس على قدر العضو، ولا يلبس ما كان في معنى السراويل، كالتبان ونحوه " انتهى. وإذا لم يجد المحرم نعلين، لبس خفين، أو لم يجد إزارا، لبس السراويل، إلى أن يجده، فإذا وجد إزارا، نزع السراويل، ولبس الإزار؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- رخص في عرفات في لبس السراويل لمن لم يجد إزارا . وأما المرأة، فتلبس من الثياب ما شاءت حال الإحرام، لحاجتها إلى الستر، إلا أنها لا تلبس البرقع، وهو لباس تغطي به المرأة وجهها فيه نقبان على العينين، فلا تلبسه المحرمة وتغطي وجهها بغيره من الخمار والجلباب، ولا تلبس القفازين على كفيها، لقوله -عليه الصلاة والسلام-: "لا تنتقب المرأة، ولا تلبس القفازين" رواه البخاري وغيره. قال الإمام ابن القيم -رحمه الله-: "نهيه أن تنتقب المرأة وتلبس القفازين دليل على أن وجهها كبدن الرجل لا كرأسه، فيحرم عليها فيه ما وضع وفصل على قدر الوجه كالنقاب والبرقع، لا على عدم ستره بالمقنعة والجلباب ونحوهما، وهذا أصح القولين" انتهى. والقفازان شيء يعمل لليدين يدخلان فيه يسترهما من البرد.وتغطي وجهها عن الرجال وجوبا بغير البرقع؛ لقول عائشة -رضي الله عنها-: "كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإذا حاذونا، سدلت إحدانا جلبابها على وجهها، فإذا جاوزونا، كشفناه"، رواه أحمد وأبو داود وغيرهما، ولا يضر مس المسدول بشرة وجهها؛ لأنها إنما منعت من البرقع والنقاب فقط، لا من ستر الوجه بغيرهما. قال شيخ الإسلام: "لا تكلف المرأة أن تجافي سترتها عن الوجه لا بعود ولا بيدها ولا بغير ذلك، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- سوّى بين وجهها ويديها، وكلاهما كبدن الرجل لا كرأسه، وأزواجه -صلى الله عليه وسلم- يسدلن على وجوههن من غير مراعاة المجافا".وقال: "يجوز لها تغطية وجهها بملاصق، خلا النقاب والبرقع" انتهى. الخامس من محظورات الإحرام: الطيب فيحرم على المحرم تناول الطيب واستعماله في بدنه أو ثوبه، أو استعماله في أكل أو شرب؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- أمر يعلى بن أمية بغسل الطيب، وقال في المحرم الذي وقصته راحلته: "ولا تحنطوه" متفق عليهما، ولمسلم: "ولا تمسوه بطيب"، والحكمة في منع المحرم من الطيب: أن يبتعد عن الترفه وزينة الدنيا وملاذها، ويتجه إلى الآخرة، ولا يجوز للمحرم قصد شم الطيب ولا الادهان بالمواد المطيبة. السادس من محظورات الإحرام: قتل صيد البر واصطياده لقوله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) أي: محرمون بالحج أو العمرة، وقوله تعالى: (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا) أي: يحرم عليكم الاصطياد من صيد البر ما دمتم محرمين، فالمحرم لا يصطاد صيدا بريا، ولا يعين على صيد، ولا يذبحه. ويحرم على المحرم الأكل مما صاده أو صيد لأجله أو أعان على صيده؛ لأنه كالميتة، ولا يحرم على المحرم صيد البحر، لقوله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ)، ولا يحرم عليه ذبح الحيوان الإنسي كالدجاج وبهيمة الأنعام؛ لأنه ليس بصيد، ولا يحرم عليه قتل محرم الأكل، كالأسد والنمر مما فيه أذى للناس، ولا يحرم عليه قتل الصائل دفعا عن نفسه أو ماله. وإذا احتاج المحرم إلى فعل محظور من محظورات الإحرام، فعله، وفدى، لقوله تعالى: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ). السابع من محظورات الإحرام: عقد النكاح فلا يعقد النكاح لنفسه ولا لغيره بالولاية أو الوكالة، لما روى مسلم عن عثمان: "لا ينكح المحرم ولا ينكح" . الثامن من محظورات الإحرام: الوطء لقوله تعالى: (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ)، قال ابن عباس: "هو الجماع". فمن جامع قبل التحلل الأول، فسد نسكه، ويلزمه المضي فيه وإكمال مناسكه، لقوله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ)، ويلزمه أيضا أن يقضيه ثاني عام، وعليه ذبح بدنة، وإن كان الوطء بعد التحلل الأول، لم يفسد نسكه، وعليه ذبح شاة. التاسع من محظورات الإحرام: المباشرة دون الفرج فلا يجوز للمحرم مباشرة المرأة؛ لأنه وسيلة إلى الوطء المحرم، والمراد بالمباشرة ملامسة المرأة بشهوة. فعلى المحرم أن يتجنب الرفث والفسوق والجدال، قال الله تعالى: (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ)، والمراد بالرفث الجماع، ويطلق أيضا على دواعي الجماع من المباشرة والتقبيل والغمز والكلام الذي فيه ذكر الجماع، والفسوق هو المعاصي؛ لأن المعاصي في حال الإحرام أشد وأقبح؛ لأنه في حالة تضرع، والجدال هو المماراة فيما لا يعني والخصام مع الرفقة والمنازعة والسباب، أما الجدال لبيان الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهو مأمور به، قال تعالى: (وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)، ويسن للمحرم قلة الكلام إلا فيما ينفع، وفي "الصحيحين" عن أبي هريرة: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرا أو ليصمت"، وعنه مرفوعا: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" . ويستحب للمحرم أن يشتغل بالتلبية، وذكر الله، وقراءة القرآن، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وحفظ وقته عما يفسده، وأن يخلص النية لله، ويرغب فيما عند الله؛ لأنه في حالة إحرام واستقبال عبادة عظيمة، وقادم على مشاعر مقدسة ومواقف مباركة. فإذا وصل إلى مكة، فإن كان محرما بالتمتع، فإنه يؤدي مناسك العمرة: - فيطوف بالبيت سبعة أشواط. - ويصلي بعدها ركعتين، والأفضل أداؤها عند مقام إبراهيم إن أمكن، وإلا أداهما في أي مكان من المسجد. - ثم يخرج إلى الصفا لأداء السعي بينه وبين المروة، فيسعى بينهما سبعة أشواط، يبدؤها بالصفا ويختمها بالمروة، ذهابه سعية ورجوعه سعية، ويشتغل أثناء الأشواط في الطواف والسعي بالدعاء والتضرع إلى الله سبحانه. - فإذا فرغ من الشوط السابع، قصر الرجل في جميع شعر رأسه، وتقص الأنثى من رءوس شعر رأسها قدر أنملة.وبذلك تتم مناسك العمرة، فيحل من إحرامه، ويباح له ما كان محرما عليه بالإحرام من النساء والطيب ولبس المخيط وتقليم الأظافر وقص الشارب ونتف الآباط إذا احتاج إلى ذلك، ويبقى حلالا إلى يوم التروية ثم يحرم بالحج على ما يأتي تفصيله -إن شاء الله-. وأما الذي يقدم مكة قارنا أو مفردا، فإنه يطوف طواف القدوم، وإن شاء قدم بعده سعي الحج، ويبقى على إحرامه إلى يوم النحر، كما يأتي تفصيله إن شاء الله. (الملخص الفقهي، للشيخ الدكتور صالح الفوزان:1/418-427) http://haj.af.org.sa/node/250 |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
مناسك الحج والعمرة | ام عادل السلفية | منبر الأشهر الحرم والحج والعمرة | 0 | 08-10-2014 07:03PM |
مجموع فتاوى العلماء في الجماعات الإسلامية | أم محمود | منبر الملل والنحل | 2 | 17-05-2012 01:33PM |
الحج وضرورة الاستعداد له فتاوى لمعالي الشيخ صالح بن محمد اللحيدان | أبو عبد الرحمن محمد السلفي | منبر أصول الفقه وقواعده | 0 | 07-11-2010 11:11AM |
(الشيخ ربيع بين ثناء العلماء ووقاحة السفهاء) | أبوعبيدة الهواري الشرقاوي | منبر الجرح والتعديل | 0 | 21-12-2008 12:07AM |
الحج عباده وميدان دعوه - الشيخ صالح آل الشيخ | احمد الشهري | منبر التوحيد وبيان ما يضاده من الشرك | 1 | 07-12-2007 11:19PM |