لا شك ولا ريب أن العلماء هم سُرج الأمة, وصمام أمانها, وأمنتها, أعزة على المخالفين, رحماء بينهم,,,
- قال الإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ ((ما ناظرت أحداً أحببت أن يخطئ إلا صاحب بدعة فإني أحب أن ينكشف أمره للناس)) [تبين كذب المفتري ص340]
ـ وهم ورثة الأنبياء الذين ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين فما أحسن أثرهم على الناس وأقبح أثر الناس عليهم...
ـ لا يدَعون أحداً إلاجرحوه أو عدلوه, ولا يدَعون قولاً إلإ بميزان الشرع وزنوه, لا يبالون من هو القائل فكلٌ يؤخذ منه ويرد إلا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ....
فقد خالف ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أباه عمر ـ رضي الله عنه ـ وقال خلاف قوله في متعة الحج, ومثله ابن عباس في الأثر المشهور عنه؛ يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء...
ـ والعلماء ـ رفع الله قدرهم ـ مهما نال الحاقدون منهم فالله يرفعهم ويعلي شأنهم ومن كان الله معه فمن يخاف ومن كان ضده فمن يرجو....
ولذا قال العلامة ابن الوزير – رحمه الله- (( ولو أنّ العلماء – رضي الله عنهم- تركوا الذب عن الحق , خوفاً من كلام الخلق , لكانوا قد أضاعوا كثيراً , وخافوا حقيراً)) (العواصم والقواصم 1/ 223).
قال العلامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ – رحمه الله- (( والتساهل في رد الباطل , وقمع الداعي إليه , يترتب عليه قلع أصول الدين , وتمكين أعداء الله من الملة والدين )) (عيون الرسائل 1/ 441).
وحتى لا أطيل فها هو علم السنة في زمانة إمام الجرح والتعديل الإمام المقتدي شيخنا ربيع بن هادي المدخلي الذي لو كُتب في تواضعه وحرصه على أهل السنة في كل مكان ـ وأعني ما أقول ـ لسارت بها الركبان, فأذكر من كلامه ـ رفع الله قدره وأعلى شأنه ـ (يقولون عني إني حريص على إسقاط السلفيين!! والله لا أحب أن تسقط شعره من رأس سلفي وليس أن يسقط هو!!) وسمعنا وسمع الناس كلام الشيخ في مسجد بني سلِمة ((والله إني أؤلّف بين الشباب وهذه كتبي وهذه أشرطتي تشهد بأنني أؤلّف بين الشباب في الجزائر في المغرب في اليمن في فلسطين...)), وصدق القائل:
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمدٍ *** وينكر الفم طعم الماء من سقم
والقصة هي .....
كنا في بيت أحد المشايخ في مدينة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في سنة من السنوات القريبة بعد فتنة المأربي ـ لا ردها الله ـ..
كان الشيخ ربيعاً في المجلس وكان كثير من المشايخ السلفيين في المجلس أيضاً في بيت أحد مشايخنا وقد منَّ الله عليَّ أني كنتُ حاضراً ذلك بدعوة من شيخنا صاحب البيت فتكلم الشيخ ربيع بكلام في غاية الرفق وغاية الاحترام وغاية النُصح للمشايخ جميعاً ومما ذم في ذالكم المجلس الغلو واتكأ عليه....
فقال أحد المشايخ ـ لا أريد تسمية اسمه ـ يا شيخ ربيع نحن نعاني من الغلو فيك أنت!!
والله سمعتها وكأنها صاعقة ولم أستغربها منه ولكن ما هو جواب شيخنا الربيع....
قال الشيخ ـ حفظه المولى ـ (اشهدوا....أنت اكتب رداً على الغلاة فيَّ وأنا أقرظه لك) ثم التفت الشيخ إلى المشايخ وقال أي شخص يغلو في ربيع ردوا عليه.... هل باقي شيء علي...
الله أكبر إنه التجرد التام للحق لله درك,, أتعبت المعلمين والمربين من بعدك,,,
واذكر قصة أخرى في زمن فتنة أبي الحسن جاء بعض الشباب اليمنيين وأحسبهم من حضرموت يناصحون الشيخ ربيعاً ـ زعموا ـ في كلامه عن أبي الحسن ولا أذكر إلا أني كنتُ وحدي عند الشيخ فدخلوا مجلسه وكانوا خمسة أو ستة فتكلموا في غاية السفه ورفع الصوت على الشيخ وفي بيته! ثم قالوا نحنُ جئنا لنقيم الحجة عليك!
والشيخ مريض ويشكوا من رجله فرفعها على المسندة أو المخدة وهو يتكلم وينصحهم نصح أبٍ رحيم ومعلم مشفق,,,
ثم انصرفوا فقال لهم الشيخ تغدوا معنا فأبوا....
ثم لما خرجوا تذكر الشيخ شيئاً يا تُرى ما تذكر هل تذكر شيئاً يردُّ به عليهم هل أراد أن يضربهم هل أراد شتمهم,,, كلا ليست هذه أخلاق شيخنا,,,
تذكر الشيخ وتندم فقال لي يا عبدالرحمن شوف ناديهم لا يكونوا انزعجوا من رفع رجلي وأنا نسيت أن أستسمح منهم؛ أنساني الحديث فذهبت لأنظرهم فلقيتهم قد ذهبوا فتحسر الشيخ وتندم واستغفر,,, ومما قاله لعلهم ما أرادوا أن يتغدوا عندنا لأني رفعتُ رجلي,,, حتى أشفقتُ على الشيخ,,,
يا لها من أخلاق ووالله وتالله وبالله إني لأعلم أن الشيخ لا يحبُ ذكر هذا ولا قريباً من هذا,,, ولكني أذكرها للعبرة والعظة فهناك أناساً من لا يعرف مكانة الشيخ بل أذكر كلاماً قاله رجلٌ من أتباع أبي الحسن وهو أبو حاتم الفاضلي ـ هداه الله ـ قال ونحن في سيارة أحد الإخوة قبل مايقارب من 12 سنة تقريباً قال كنت أسمع بالشيخ ربيع فأخاف كنتُ أظنه أنه أسد يفترس... ولما لقيته فإذا به أب رحيم.
ووالله قد رأيت من تكلم في عرض الشيخ وسبه وشتمه في فتنة أبي الحسن ولما رجع فرح الشيخ فرحاً شديداً وقال لي أحدهم فو الله ما كهرني ولا نهرني,,,,
ـ وأذكر مرة ويعرفها غيري أن الشيخ حفظه الله جمع الإخوة المتنازعين في قضية أبي الحسن فمنهم من يبدع ومنهم من يخطأ ولا يبدع فوعظنا جميعاً موعظةً بليغة حتى ذرفت منها عيون الشيخ وهو يقول لا تهدموا ما بناه الشيخ مقبل ـ رحمه الله ـ ثم قال أحد الإخوة ـ هداه الله ـ أنا عندي شيء على بعض الإخوة فقال الشيخ ولا شيء الآن تقوموا جميعاً وتتصافحوا وتتصافوا فقام الجميع يتعانقون ويتصافحون والشيخ يبكي,,, ثم صفت نفوس الجميع بعد ذالكم المجلس ورجعت المياة لمجاريها,,, فجزاه الله عنا خيراً
ـ وقد حدثني أخي الفاضل الأستاذ علي المدخلي مدير مدرسة المحمدية في المدينة النبوية قال: كنت خارجاً من المسجد مع الشيخ ربيع فرأى الشيخ قطةً (هرة) تأكل من القمامة فبكى الشيخ وتلى قول الله تعالى (ولقد كرمنا بني آدم....).
حفظك الله يا شيخ وأطال عمرك وأحسن عملك وأدامك شوكة في حلوق أعداء أهل السنة أينما حلّو وارتحلو, ونفعنا الله بعلمك... (ولا تحزن عليهم ولا تكن في ضيق مما يمكرون)
وهذا لا شك أنه غيظ من فيض,,,,
أقلوا عليهم لا أبا لأبيكم من اللوم *** أو سدوا المكان الذي سدوا
هذا والله أعلم والمعذرة على الإطالة ولكنها نفثة مصدور...