#1
|
|||
|
|||
عقائد الإثني عشرية (الإمامية) [2]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده أما بعد : فهذه هي الحلقة الثانية من سلسلة عقائد الإثني عشرية والتي في الحقيقة يصح أن نسمّيها غرائب لما فيها من الغرابة ولا يكاد ينقضي عجب المسلم مما يسمع عن معتقدات هؤلاء ، وسيكون موضوعنا الآن عن إحدى عقائدهم ألا وهي عقيدة الطينة . عقيدة الطينة عند الشيعة : هذه العقيدة من مقالاتهم السرية، وعقائدهم التي يتواصون بكتمانها حتى من عامتهم، لأنه لو اطلع العامي الشيعي على هذه العقيدة : ( تعمد أفعال الكبار لحصول اللذة الدنيوية، ولعلمه بأن وَبَالَها الأخروي إنما هو على غيره ) . [انظر: الأنوار النعمانية: 1/295.]. وكانت هذه المقالة موضع إنكار من بعض عقلاء الشّيعة المتقدّمين كالمرتضى وابن إدريس، لأنّها في نظرهم وإن تسللت أخبارها في كتب الشيعة إلا " أنّها أخبار آحاد مخالفة للكتاب والسّنّة والإجماع فوجب ردّها " [الأنوار النّعمانيّة: 1/293.]. لكن هذه الأخبار تكاثرت على مر الزمن حتى قال شيخهم نعمة الله الجزائري (ت1112ه): ( إنّ أصحابنا قد رووا هذه الأخبار بالأسانيد المتكثّرة في الأصول وغيرها، فلم يبق مجال في إنكارها، والحكم عليها بأنّها أخبار آحاد، بل صارت أخبارًا مستفيضة، بل متواترة" ، قال هذا في الرد على من أنكرها من شيوخهم السابقين. والذي عمل على إرساء هذه العقيدة هو شيخهم الكليني الذي بوّب لها بعنوان "باب طينة المؤمن والكافر"، وضمّن ذلك سبعة أحاديث في أمر الطّينة [أصول الكافي: 2/ 2-6.]. ثمّ ما زالت تكثر هذه الأخبار من بعد الكليني حتى سجّل منها شيخهم المجلسي سبعة وستّين حديثًا في باب عقده بعنوان "باب الطّينة والميثاق" [بحار الأنوار: 5/225-276.]. وهذه العقيدة هي التي تجعل الشيعي يعتقد بأن كل بائقة يرتكبها فذنبها على أهل السنة، وكل عمل صالح يعمله أهل السنة فثوابه للشيعة، ولذلك فإن شيوخ الشيعة يكتمون ذلك عن عوامهم حتى لا يفسدوا عليهم البلاد والعباد. هذه العقيدة أوسع التفصيل فيها روايةً ابن بابويه القمّي في علل الشّرائع حيث استغرقت عنده خمس صفحات وختم بها كتابه [علل الشّرائع: ص606-610.] . ورأى بعض شيوخهم المعاصرين أنّ هذا كمسك الختام فقال: "إنّه ختم بهذا الحديث الشّريف كتاب علل الشّرائع" [بحار الأنوار (الهامش): 5/233.]. وملخص ذلك يقول : بأنّ الشّيعي خُلق من طينة خاصّة والسّنّي خلق من طينة أخرى ، وجرى المزج بين الطينتين بوجه معين، فما في الشّيعي من معاصٍ وجرائم هو من تأثّره بطينة السّنّيّ، وما في السّنّيّ من صلاح وأمانة هو بسبب تأثّره بطينة الشّيعي، فإذا كان يوم القيامة فإنّ سيّئات وموبقات الشّيعة تُوضع على أهل السّنّة، وحسنات أهل السّنّة تُعطى للشّيعة. وعلى هذا المعنى تدور أكثر من ستّين رواية من رواياتهم. وقد وجهت لأئمتهم أسئلة وشكاوى و رفعت إليهم، فالشيعة يَشْكُون من انغماس قومهم بالموبقات والكبائر، ومن سوء معاملة بعضهم لبعض، ومن الهم والقلق الذي يجدونه ولا يعرفون سببه. ولكن يعزو إمامهم ذلك كله لتأثر طينة الشيعي بطينة السني في الخلقة الأولى ، وهذه بعض الأسئلة التي تكشف واقع المجتمع الشيعي المغلق: روى ابن بابويه القمّي بسنده: "عن أبي إسحاق اللّيثي قال: قلت لأبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السّلام : يا بن رسول الله، أخبرني عن المؤمن المستبصر [يعني الرّافضي.] إذا بلغ في المعرفة وكمل هل يزني؟ قال: اللّهمّ لا، قلت: فيشرب الخمر؟ قال: لا، قلت: فيأتي بكبيرة من هذه الكبائر أو فاحشة من هذه الفواحش؟ قال: لا..، قلت: يا ابن رسول الله، إنّي أجد من شيعتكم من يشرب الخمر، ويقطع الطّريق، ويخيف السّبيل، ويزني، ويلوط، ويأكل الرّبا، ويرتكب الفواحش ويتهاون بالصّلاة والصّيام، والزّكاة، ويقطع الرّحم، ويأتي الكبائر، فكيف هذا ولِمَ ذاك؟ فقال: يا إبراهيم، هل يختلج في صدرك شيء غير هذا؟ قلت: نعم يا ابن رسول الله أخرى أعظم من ذلك، فقال: وما هو يا أبا إسحاق؟ قال: فقلت: يا ابن رسول الله، وأجد من أعدائكم ومناصبيكم [يشير إلى أهل السنة.] من يكثر من الصلاة والصيام ويخرج الزكاة ويتابع بين الحج والعمرة، ويحرص على الجهاد، ويأثر – كذا – على البر، وعلى صلة الأرحام، ويقضي حقوق إخوانه، ويواسيهم من ماله، ويتجنب شرب الخمر والزنا، واللواط وسائر الفواحش، فما ذاك؟ ولِمَ ذاك؟ فسّره لي يا ابن رسول الله وبرهنه وبينه، فقد والله كثر فكري وأسهر ليلي، وضاق ذرعي" [علل الشرائع: ص606-607، بحار الأنوار: 5/228-229.]. هذا واحد من الأسئلة والشكاوى التي تكشف انزعاج الشيعة من واقعهم المليء بالمعاصي والموبقات بالمقارنة بواقع سلف هذه الأمة، وأئمة أهل السنة ومعظم عامتهم من تقى وأمانة وصلاح، وقد أجيب السائل بمقتضى عقدية الطينة وهي أن المعاصي الموجودة عند الشيعة هي بسبب طينة أهل السنة، والأعمال الصالحة التي تسود المجتمع السني بسبب طينة الشيعي. ويأتي سائل آخر يدعى إسحاق القمي فيقول لأبي جعفر الباقر: "جعلت فداك أرى المؤمن الموحد الذي يقول بقولي، ويدين الله بولايتكم، وليس بيني وبينه خلاف، يشرب السكر، ويزني، ويلوط، وآتيه في حاجة واحدة فأصيبه معبس الوجه، كالح اللون، ثقيلاً في حاجتي، بطيئًا فيها، وقد أرى الناصب المخالف لما أنا عليه، ويعرفني بذلك [أي يعرف أنه رافضي.]، فآتيه في حاجة، فأصيبه طلق الوجه، حسن البشر، متسرعًا في حاجتي، فرحًا بها، يحب قضاءها، كثير الصلاة، كثير الصوم، كثير الصدقة، يؤدي الزكاة، ويُستودَع فيؤدي الأمانة" [علل الشرائع: 489-490، بحار الأنوار: 5/246-247.]. فهذا السائل يزيد عن سابقه بشكواه من سوء معاملة أصحابه، وجَفاء طبعهم، وقلة وفائهم، على حين يجد أهل السنة وهم خصومه أحسن له من أصحابه وأقضى للحاجة، وأفضل في الخلق والمعاملة والعبادة. وقريب من ذلك ما شكاه بعض الشيعة إلى أبي عبد الله فقال: "أرى الرجل من أصحابنا ممن يقول بقولنا خبيث اللسان، خبيث الخلطة، قليل الوفاء بالميعاد فيغمني غمًا شديدًا، وأرى الرجل من المخالفين علينا حسن السمت، حسن الهدي [الهدي: الطريقة، السيرة (بحار الأنوار: 5/251).]، وفيًا بالميعاد فأغتم غمًا" [البرقي/ المحاسن: ص137-138، بحار الأنوار: 5/251.]. ويأتي سائل رابع يشكو ما يجده من قلق وهم لا يعرف له تفسيرًا. تقول روايتهم: "عن أبي بصير قال: دخلت على أبي عبد الله، ومعي رجل من أصحابنا فقلت له: جعلت فداك يا ابن رسول الله، إني لأغتم وأحزن من غير أن أعرف لذلك سببًا.." [بحار الأنوار: 5/242، وعزاه إلى علل الشرائع: ص42.]. ويبدو أن مصدر القلق تلك العقيدة غير الواضحة والمستقرة التي تأخذ بها الروافض، ولكن "إمامه" يفسر هذا القلق بمقتضى عقيدة الطينة. هذه الأسئلة والشكاوى وغيرها : ( في أبواب الطينة في الكافي وبحار الأنوار ) وقد احتال شيوخ الشيعة لمواجهة هذا الإحساس الذي ينتاب بعض الصادقين من الشيعة، إزاء هذه الظواهر المقلقة والمخيفة فكانت محاولة الخروج من إلحاح هذه التساؤلات والشكاوى بقولهم بهذه العقيدة . وهذا أحد الأجوبة على أحد الأسئلة يقول (إمامهم): "يا إسحاق (راوي الخبر) ليس تدرون من أين أوتيتم؟ قلت: لا والله، جعلت فداك إلا أن تخبرني، فقال: يا إسحاق، إن الله – عز وجل – لما كان متفردًا بالوحدانية ابتدأ الأشياء لا من شيء، فأجرى الماء العذب على أرض طيبة طاهرة سبعة أيام مع لياليها، ثم نضب الماء عنها فقبض قبضة من صفاوة ذلك الطين وهي طينتنا أهل البيت، فلو أن طينة شيعتنا تركت كما تركت طينتنا لما زنى أحد منهم، وسرق، ولا لاط، ولا شرب المسكر ولا اكتسب شيئًا مما ذكرت، ولكن الله عز وجل أجرى الماء المالح على أرض ملعونة من حمأ مسنون ، وهي طينة خبال ، وهي طينة أعدائنا، فلو أن الله عز وجل ترك طينتهم كما أخذها لم تروها في خلق الآدميين، ولم يقرّوا بالشهادتين، ولم يصوموا ولم يصلوا، ولم يزكّوا، ولم يحجوا البيت، ولم تروا أحدًا منهم بحسن خلق، ولكن الله – تبارك وتعالى – جمع الطينتين – طينتكم وطينتهم – فخلطهما وعركهما عرك الأديم، ومزجهما بالماءين فما رأيت من أخيك من شر لفظ، أو زنا، أو شيء مما ذكرت من شرب مسكر أو غيره، ليس من جوهريته وليس من إيمانه، إنما هو بمسحة الناصب اجترح هذه السيئات التي ذكرت، وما رأيت من الناصب من حسن وجه وحسن خلق، أو صوم، أو صلاة، أو حج بيت، أو صدقة، أو معروف فليس من جوهريته، إنما تلك الأفاعيل من مسحة الإيمان اكتسبها وهو اكتساب مسحة الإيمان. قلت: جعلت فداك فإذا كان يوم القيامة فَمَهْ؟ قال لي: يا إسحاق أيجمع الله الخير والشر في موضع واحد؟ إذا كان يوم القيامة نزع الله – عزّ وجلّ – مسحة الإيمان منهم فردّها إلى شيعتنا، ونزع مسحة النّاصب بجميع ما اكتسبوا من السّيّئات فردّها على أعدائنا، وعاد كلّ شيء إلى عنصره الأوّل. قلت: جعلت فداك تُؤخذ حسناتهم فتردّ إلينا، وتُؤخذ سيّئاتنا فتردّ إليهم؟ قال: إي والله الذي لا إله إلا هو [علل الشّرائع: ص490-491، بحار الأنوار: 5/247-248.]. هذه عقيدة الطينة عندهم، وقد جاء في سياق رواية القمّي في أوّلها قوله: "خذ إليك بيانًا شافيًا فيما سألت، وعلمًا مكنونًا من خزائن الله وسرّه" [علل الشّرائع: ص607، بحار الأنوار: 5/229.]. وجاء في آخرها : "خذها إليك يا أبا إسحاق، فوالله إنّه لَمِن غرر أحاديثنا، وباطن سرايرنا، ومكنون خزائننا، وانصرِف ولا تطلع على سرّنا أحدًا إلا مؤمنًا مستبصرًا، فإنّك إن أذعت سرّنا بليت في نفسك ومالك وأهلك وولدك" [علل الشّرائع: ص610، بحار الأنوار: 5/233.]. نسأل الله العافية والسلامة
__________________
قال حامل لـواء الجرح والتعديل حفظه الله : والإجمال والإطلاق: هو سلاح أهل الأهواء ومنهجهم. والبيان والتفصيل والتصريح:هو سبيل أهل السنة والحق
التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد الله بشار ; 21-04-2011 الساعة 05:46AM |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|