|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
من خصائص و فضل يوم الجمعة للشيخ ابن عثيمين رحمه الله
إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ختم الله به النبيين وخصه وأمته بخصائص فضلهم بها على العالمين فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين..
أما بعد فإن الله تعالى يخلق ما يشاء ويختار بيده ملكوت السموات والأرض يفضل بعض الأعمال على بعض ويفضل بعض الأزمان على بعض ويفضل بعض الأماكن على بعض ويفضل بعض الأمم على بعض ويفضل بعض الأشخاص على بعض (قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)(آل عمران: من الآية73) أيها الناس اتقوا الله عز وجل وقوموا بشكره على ما أنعم به عليكم من نعم عظيمة وخصائص فضّلكم بها على الأمم أصبحتم بها خير الأمم وأكرمها على الله عزّ وجلّ، والله عزّ وجلّ يقول ممتنا عليكم (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)(آل عمران: من الآية110). أيها النّاس، أمة محمد صلى الله عليه وسلم، إنّ مما فضلكم الله به ما ادخره لكم من فضل هذا اليوم: "يوم الجمعة" الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة , وقال صلى الله عليه وسلم :أضلّ الله عن الجمعة من كان قبلنا فكان لليهود يوم السبت وكان للنصارى يوم الأحد فجاء الله بنا فهدانا ليوم الجمعة فجعل الجمعة والسبت والأحد وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة نحن الآخرون من أهل الدنيا والأولون يوم القيامةالمقضي لهم قبل الخلائق. فلهذا اليوم خصائص شرعية وخصائص كونية فمن خصائصه الكونية أنه اليوم الذي تم فيه خلق السموات والأرض فقد خلق الله السموات والأرض في ستة أيام أولها يوم الأحد وآخرها يوم الجمعة ومن خصائصه الكونية ما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها ولا تقوم الساعة إلا يوم الجمعة . ففي هذا اليوم إبتداء هذا الكون المشاهد وإنتهاءه ومن خصائصه الكونية أن جعل الله تعالى فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه ما لم يسأل حراما: ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه ما لم يسأل حراما وأرجى ساعات للإجابة ساعة هذه من حين أن يجلس الإمام على المنبر إلى أن تنتهي الصلاة لما رواه مسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة وكذلك آخر ساعة بعد العصر حتى تغرب الشمس لما رواه أبو داود والنسائي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إلتمسوها آخر ساعة بعد العصر. وقد رجّح الإمام أحمد رحمه الله هذا والحق أن تلك الساعتين ترجى فيهما إجابة الدعاء فاجتهدوا أيها المسلمون في هاتين الساعتين بالدعاء لعلكم تصيبون إجابة تلحقون بها بالسعداء إن بعض الناس سيقول إذا كانت آخر ساعة بعد العصر فكيف يكون الإنسان فيها قائما يصلي؟ فنقول إن دخل للمسجد بعد صلاة العصر فإنه يمكن أن يكون قائما يصلي وذلك أن الإنسان إذا دخل المسجد ولو بعد العصر فإنه لا يجلس حتى يصلي ركعتين فإذا جئت إلى المغرب من ليلة السبت بعد عصر يوم الجمعة قبل غروب الشمس فإنك تصلي إذا دخلت المسجد ركعتين ويمكن أن تدعوا فيهما بما تشاء فيجيب الله دعائك ما لم يكن حراما. أما خصائص هذا اليوم الشرعية فمنها: ** قراءة سورة الم تنزيل (السجدة) فيقرأ في الركعة الأولى من صلاة الفجر في هذا اليوم سورة الم تنزيل (السجدة) وفي الركعة الثانية )هَلْ أَتَى عَلَى الْأِنْسَانِ)(الانسان: من الآية1) كاملتين لا يفرقهما ولا يفعل كما يفعل بعض الناس فيقرأ إحداهما ويختمها بين الركعتين فإن هذا خلاف السنة النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعة الأولى )الم) (السجدة:1) )تَنْزِيل)(السجدة: من الآية2) السجدة كاملة وفي الركعة الثانية (هَلْ أَتَى عَلَى الْأِنْسَانِ )(الانسان: من الآية1) أما في صلاة الجمعة فإنه يقرأ في الركعة الأولى سورة الجمعة وفي الركعة الثانية سورة المنافقين أو في الأولى (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) (الأعلى:1) وفى الثانية (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ) (الغاشية:1) هذا هو الأفضل وإن قرأ سوى ذلك فلا حرج. ** ومن خصائص هذا اليوم الشرعية أن يغتسل فيه لصلاة الجمعة وهو واجب لقول النبي صلى الله عليه وسلم : غسل الجمعة واجب على كل مسلم وقال صلى الله عليه وسلم : (حق لله على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يغسل رأسه وجسده) وهذا الحديث المجمل بيّنه الحديث الأول وهو أن هذا الغسل يكون يوم الجمعة وينبغي أن يتطيب ويلبس أحسن ثيابه ويبدّر إلى المسجد ويدنو من الإمام ويشتغل بالصلاة والقراءة والذكر حتى يأتي الإمام ولا يتأخر عن الصفوف الأولى كما يفعله بعض الناس يأتي مبكرا ويصلي في آخر المسجد فإن ذلك من الحرمان قال النبي صلى النبي صلى الله عليه وسلم (تقدموا فأتموا بي وليأتم بكم من ورائكم لا يزال قوم يتأخرون حتى يأخرهم الله) وقال صلى الله عليه وسلم (لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يتهموا عليه لأتهموا) ولكن هذا التقدم إنما يكون بالبدن لا بالعصا ولا بالحذاء ولا بالمناديل، إن الذين يتقدمون بالعصا وبالحذاء والمناديل أخذوا ما لا يستحقون وذلك لأن المسجد من المرافق العامة الذي أولى الناس به من سبق إليه ولهذا قيل للنبي صلى الله عليه وسلم ألا نبني لك خيمة في منى فقال صلى الله عليه وسلم منى مناة من سبق ، وفي التقدم بالعصي والحذاء والمناديل منع للمستحق من حقه وفيه أيضا أن الإنسان إذا علم الإنسان أن له مكانا معينا تهاون في الحضور إلى المسجد وصار يتباطأ ويتثاقل في بيته أو في سوقه ولا يأتي إلا متأخرا ثم فيه مفسده ثالثة وهو أن بعض الناس يأتي إلى مكانه الذي وضع فيه عصاه أو نعاله أو منديله يأتي إليه وقد كانت الصفوف فيتخطّى رقاب الناس وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يتخطّى رقاب الناس والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال له أجلس فقد آذيت. ** ومن خصائص هذا اليوم الشرعية صلاة الجمعة وخطبتها التي أمر الله بالسعي إليها في كتابه فقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (الجمعة:9) (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (الجمعة:10) ولهذا يحرم على من تلزمه الجمعة أن يبيع أو يشتري بعد الآذان الثاني سواء كان في المسجد أو خارج المسجد لأن المسجد يحرم فيه البيع والشراء كل وقت وهذا التحريم إنما هو للنداء يوم الجمعة فلا يجوز لأحد أن يبيع أو يشتري وهو ممن تلزمه الجمعة بعد ندائها الثاني وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من التهاون في صلاة الجمعة فقال: من ترك صلاة جمع تهاونا طبع الله على قلبه. وقال : لينتهين أقواما عن ودعهم الجمعة -يعني تركهن الجمعة- أو ليختمن الله على قلوبهم فليكونن من الغافلين . ومن خصائص هذا اليوم الشرعية أن يقرأ فيه سورة الكهف سواء من المصحف أو عن ظهر قلب. ** ومن خصائصه أن لا يخص يوم الجمعة بصيام ولا ليلتها بقيام وأما من لم يخصه بذلك فصام يوما قبله أو يوما بعده أو كان يصوم من كل شهر ثلاثة أيام ولا يحصل له الصيام إلا يوم الجمعة فصامه فلا بأس بذلك وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم جويرية بنت الحارث صائمة يوم الجمعة فقال أصمت أمس؟ قالت لا قال أتصومين غدا قالت لا قال: فأفطري. أيها المسلمون احمدوا الله تعالى و اشكروه على نعمه و اسألوا الله تعالى المزيد من فضله وقوموا في هذا اليوم بحقه فإنه عيد الإسبوع اليوم الذي هدانا الله له ولله الحمد والفضل والمنّة اللهم إنا نسألك ممن يعظمون شعائرك ويعظمون حرماتك ويقومون بحقك ما استطاعوا إنك جواد كريم اللهم صلي وسلم على عبدك ونبيك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى والحمد لله الذي بيده ملكوت السموات والأرض وله الحمد في الآخرة والأولى وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له ذو الأسماء الحسنى والصفات الكاملة العلا وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن بهداهم إهتدى وسلم تسليما.. أما بعد أيها الناس اتقوا الله تعالى و احرصوا على التقدم إلى صلاة الجمعة فإن النبي صلى الله قال: (من أغتسل يوم الجمعة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قّرب بدنا ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرّب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرّب كبشا أقرن ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرّب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرّب بيضة فإذا حضر الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر طووا الصحف ولم يكن لمن جاء بعد حضور الإمام أجر من التقدم) إنّه أيها المسلمون يوم واحد في الأسبوع، إن كثيرا من الناس ليست لهم أشغالا يوم الجمعة إن الشيطان يفكر الأمر عليهم ويبطئهم حتى يتأخروا عن التقدم إلى يوم الجمعة، وهذا حرمان عظيم. ما ظنّك لو أنه قيل: كل من جاء في الساعة الأولى فسنعطيه بدنة أي ناقة كبيرة، لو أن رجلا وقف عند باب المسجد وقال من جاء في الساعة الأولى فإننا نعطيه بدنة، ماذا يكون تسارع الناس إلى هذه الساعة؟ مع أن ما يحصدونه من أمر الدنيا أمر زايل فانٍ لا يبقى، أما ما يكون في الآخرة فإنه أمر باق لا يفنى. الفرق بين الأمرين عظيم جدا ومع ذلك فإن النفوس مولعة بحب العاجل. فقوموا أيها المسلمون قوموا أيها المسلمون على أنفسكم قيام حريص على الخير سابق إلى ما فيه سعادته في دينه ودنياه إنه يوم واحد في الإسبوع وإن أكثر الناس لا أشغال لهم في هذا اليوم أفلا يتوبون إلى الله عز وجل ويتقدمون إلى المسجد لينالوا هذا الخير العظيم وهم وإن تأخروا فليس عليهم إثم في التأخر ولكنه يفوتهم هذا الخير الكثير الذي بيّنه النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إذا حضروا إلى المسجد فإنهم لم يبقوا بدون عمل إمّا صلاة وإما قراءة وإما ذكر حتى يحضر الإمام وفي ذلك من الخير خير كثيرا وأجرا عظيم، اللهم إنا نسألك أن تعيننا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك اللهم وفقنا لما تحب وترضى يا رب العالمين، اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين وأصلح لهم البطانة وأعنهم على أداء الأمانة اللهم إن نسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم، اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم أرضى عن خلفائه الراشدين وعن زوجاته أمهات المؤمنين وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين اللهم أرضى عنا معهم وأصلح أحوالنا كما أصلحت أحوالهم يا رب العالمين، ربنا أغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين أمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم، عباد الله (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل:90) وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم و اشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون. الرابـــــــــــــــط |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|