[ماهر بن ظافر القحطاني]

يبدو أن أم عادل هذه إذا كانت ملزمة بما تقول فإنها تنصح بما لاتعلم دليله وهذا ليس من الأدب مع الله سبحانه
فهل يلزم أن يكتب العالم أو طالب العلم اعتذارا عما يسئل عنه وليس عنده جواب وهل يلزم من كونه تركه أبدا أن لايكون عنده جواب 00000
هذا إذا أرادته فمن التقول على الله بغير علم بل هذا الأمر واسع إن شاء فعل وإن شاء ترك
فكان ينبغي قبل أن تقحم نفسها فيما لاتعلمه أن تسأل عن هذه المسألة
فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم فلم يجب السائل بشيء حتى حضر عنده العلم
كما روى البخاري في صحيحه ومسلم واللفظ له عن يعلى بن أمية قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَاهُ رَجُلٌ عَلَيْهِ جُبَّةٌ بِهَا أَثَرٌ مِنْ خَلُوقٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَحْرَمْتُ بِعُمْرَةٍ فَكَيْفَ أَفْعَلُ فَسَكَتَ عَنْهُ فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِ وَكَانَ عُمَرُ يَسْتُرُهُ إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ يُظِلُّهُ فَقُلْتُ لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنِّي أُحِبُّ إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ أَنْ أُدْخِلَ رَأْسِي مَعَهُ فِي الثَّوْبِ فَلَمَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ خَمَّرَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالثَّوْبِ فَجِئْتُهُ فَأَدْخَلْتُ رَأْسِي مَعَهُ فِي الثَّوْبِ فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ قَالَ أَيْنَ السَّائِلُ آنِفًا عَنْ الْعُمْرَةِ فَقَامَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ فَقَالَ انْزِعْ عَنْكَ جُبَّتَكَ وَاغْسِلْ أَثَرَ الْخَلُوقِ الَّذِي بِكَ وَافْعَلْ فِي عُمْرَتِكَ مَا كُنْتَ فَاعِلًا فِي حَجِّكَ

وكذلك مارواه البخاري في صحيحه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ بَيْنَا أَنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَرْثٍ وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى عَسِيبٍ إِذْ مَرَّ الْيَهُودُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ سَلُوهُ عَنْ الرُّوحِ فَقَالَ مَا رَأْيُكُمْ إِلَيْهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَسْتَقْبِلُكُمْ بِشَيْءٍ تَكْرَهُونَهُ فَقَالُوا سَلُوهُ فَسَأَلُوهُ عَنْ الرُّوحِ فَأَمْسَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ شَيْئًا فَعَلِمْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ فَقُمْتُ مَقَامِي فَلَمَّا نَزَلَ الْوَحْيُ قَالَ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الرُّوحِ قُلْ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا


وليس من الضروري أن يكون ذلك بسبب عدم العلم بالمسألة وليس هذا يذم عليه العالم ولكن لعارض ومصلحة راجحة أو لدفع مفسدة كمواصلة الحديث أو كتمان العلم لمصلحة أو غير ذلك

كما دل عليه حديث البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَجْلِسٍ يُحَدِّثُ الْقَوْمَ جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ مَتَى السَّاعَةُ فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ سَمِعَ مَا قَالَ فَكَرِهَ مَا قَالَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ لَمْ يَسْمَعْ حَتَّى إِذَا قَضَى حَدِيثَهُ قَالَ أَيْنَ أُرَاهُ السَّائِلُ عَنْ السَّاعَةِ قَالَ هَا أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَإِذَا ضُيِّعَتْ الْأَمَانَةُ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ قَالَ كَيْفَ إِضَاعَتُهَا قَالَ إِذَا وُسِّدَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ

فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم سكت ولم يرجع للسائلين باعتذار فهل هذا يسمى إهمالا
لاأظنك بعد أن تتمسكي بالقول بأن ذلك يخالف الأدب توقيرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت تعلمي أن الله تعالى قال لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة
فإني أحيانا أذكر العذر وأحيانا انتظر وأنظر في جواب السائل وكل ذلك واسع والحمدلله
فتأدبي في النصيحة بأن تتعلمي قبل أن تنصحي حتى لاتقعيي في القول على الله بلاعلم 0
وادرسي آداب العالم والمتعلم لابن جماعة الكناني
وليس من العيب أن لايرجع للسائل بجواب وإنما العيب أن يتكلم المسؤل على الله بغير علم 00