بسم الله الرحمن الرحيم
إعلموا علمني الله وإياكم أن باب السؤال لأهل العلم عبادة ولا بد في العبادة أن تكون على طريقة السلف بعد التوحيد والإخلاص
ولذلك أنكر الإمام مالك على الذي سأله مسألة لم يسألها السلف رحمهم الله فلما قال السائل كيف يستوي الله
أخذ ماأخذ الإمام مالك من شدة وقع السؤال فقال الإستواء معلوم والكيف مجهول والسؤال عنه بدعة
ولاأراك إلا مبتدعا وأمر به ثم أخرج من المسجد
فليراعي السائل طريقة السلف في السؤال
من جهة الإخلاص والأدب فيسأل سؤال المتعلم الطالب للحق لاالمتعالم المتعنت الذي يحب أن يرى مكانه متشبعا بمالم يعط
ولايكثر السؤال فيمالايحتاجه ولايقع غالبا بل وقوعه نادر أو مستحيل كمن يسأل عن ميراث الطفل المستنسخ
فإن السلف كانوا إذا سؤلوا عن ذلك قالوا أوقعت فإذا قيل لهم لا قالوا دعها حتى تقع
لأنهم لايتكلمون فيما لنص فيه إلا للحاجة
وهذا بخلاف الفقه التقديري فإنه يحفظ العلم عند موت العلماء كما جاء في صحيح البخاري عن عَنْ شَقِيقٍ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَجْنَبَ فَلَمْ يَجِدْ الْمَاءَ شَهْرًا أَمَا كَانَ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي فَكَيْفَ تَصْنَعُونَ بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ رُخِّصَ لَهُمْ فِي هَذَا لَأَوْشَكُوا إِذَا بَرَدَ عَلَيْهِمْ الْمَاءُ أَنْ يَتَيَمَّمُوا الصَّعِيدَ قُلْتُ وَإِنَّمَا كَرِهْتُمْ هَذَا لِذَا قَالَ نَعَمْ فَقَالَ أَبُو مُوسَى أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ عَمَّارٍ لِعُمَرَ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَاجَةٍ فَأَجْنَبْتُ فَلَمْ أَجِد الْمَاءَ فَتَمَرَّغْتُ فِي الصَّعِيدِ كَمَا تَمَرَّغُ الدَّابَّةُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَصْنَعَ هَكَذَا فَضَرَبَ بِكَفِّهِ ضَرْبَةً عَلَى الْأَرْضِ ثُمَّ نَفَضَهَا ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا ظَهْرَ كَفِّهِ بِشِمَالِهِ أَوْ ظَهْرَ شِمَالِهِ بِكَفِّهِ ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ أَفَلَمْ تَرَ عُمَرَ لَمْ يَقْنَعْ بِقَوْلِ عَمَّارٍ وَزَادَ يَعْلَى عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي مُوسَى فَقَالَ أَبُو مُوسَى أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ عَمَّارٍ لِعُمَرَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَنِي أَنَا وَأَنْتَ فَأَجْنَبْتُ فَتَمَعَّكْتُ بِالصَّعِيدِ فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْنَاهُ فَقَالَ إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ هَكَذَا وَمَسَحَ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ وَاحِدَةً
ولايثقل على المسؤول بتفصيلات لادخل لها بالسؤال فهو سؤال وليست شكوى قضائية
فيختصر ويذكر المطلوب ومايحتاج إليه من تفصيل
ولايستعجل الجواب وليعلم أن تأخر الجواب مع صحيح الفقه خير من العجلة مع الخطأ
فإن الرسول صلى الله عليه وسلم ماكان يجيب كل سائل أول مايسأله بل بعض الأسألة يمكث حتى يتنزل عليه الوحي ولاوحي اليوم إلا البحث المحقق والنقل المصدق
والله المستعان
__________________
ماهر بن ظافر القحطاني المشرف العام على مجلة معرفة السنن و الآثار maher.alqahtany@gmail.com
|