أثر العلم الشرعي السلفي في حياة المرأة المسلمة

[ناصر الهيفاني]

أثر العلم الشرعي السلفي في حياة المرأة المسلمة

المرأة وطلب العلم الشرعي السلفي :
‏
لا شك – أختي الكريمة – أن المرأة إن لم تكن‎ ‎على علم بكتاب ربها وسنة نبيها ‏صلى الله عليه وسلم وعلى منهج سلف الأمة فأنى لها‎ ‎تربية الأجيال الصالحة ، ففاقد الشئ لا يعطيه كما يقال , فهي تربي الأجساد وتسمنها ،‎ ‎أما الأرواح ‏والنفوس فلن تستطيع تربيتها البتة بدون علم شرعي وهذه المسؤولية‎ ‎الكبرى الملقاة على عاتقها ‏حذر منها النبي ‏‏صلى الله عليه وسلم ‏ حيث قال: (( كلكم راع‎ ‎وكلكم مسؤول عن رعيته فالإمام راع وهو مسؤول عن ‏رعيته والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها وهي ‏مسؤولة عن رعيتها )‏‎(‎‏ متفق عليه‎
‎
فحاجتك – أختي الفاضلة – إلى العلم الشرعي لا تقل أهمية عن حاجتك للمأكل والمشرب والملبس والدواء‎ ‎حتى ‏تحققي الغاية التي خلقت من أجلها وهي تحقيق‎ ‎العبودية التامة لله رب العالمين سواء كنت أما أو زوجة‎ ‎أو أختا أو بنتا ‏وهذا‎ ‎بنص قوله تعالى : {{ وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون * ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله ‏هو الرزاق ذو القوة المتين }} سورة الذاريات ( 56- 57 ) ‏‎

فإذا كان المأكل والمشرب‎ ‎قوام دنياك , فالتفقه في دينك قوام آخرتك ودنياك معا , فلا يغرنك كثرة الزاهدات فطلب‎ ‎العلم ‏وإقبالهن على شهوات الدنيا وزخارفها وتركهن لمعرفة أحكام الحلال والحرام فيوم‎ ‎الامتحان يكرم ‏المرء أو يهان فهذا لجهلهن وعدم إدراكهن لحقيقته وأنهن أحوج إليه من الهواء حتى تتحقق لهن ‏السعادة المبتغاة‎ ‎وقد امتدح الله عز وجل العلم وأهله‎ ‎وجعله شرطا لتحقيق العبودية له , فقال عز من ‏قائل {{ إنما يخشى الله من عباده العلماء }} سورة فاطر (28)‏‎
‎
وجعل النبي ‏صلى الله عليه وسلم من سعى في طلب العلم‎ ‎على خير كبير فقال : (( من يرد الله به خيرا يفقه في الدين ‏‎ ((‎وبالمقابل ذم ‏الله‎ ‎‏ ورسوله ‏‏صلى الله عليه وسلم الجهل وأهله وبين قبح أثره فقال ‏صلى الله عليه وسلم ‏ (( إن‎ ‎الله لا يقبض العلم انتزعا ينتزعه من ‏قلوب العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم ‏فضلوا وأضلوا ))‏‎ ‎رواه البخاري0 ‏‎
‎
ولا دواء للجهل غير العلم كما نبه على ذلك ابن القيم رحمه الله تعالى فقال : ‏‎ ‎
‏

والجهــل داء قاتــل وشفــــاؤه
أمـــران في التركيـب متفقـان‎
‏ نص من القـرآن أو من السنة
وطبيــب ذاك العالـم الربـــاني

المقصود بالعلم الشرعي :‏‎

ولا أقصد إن قلت لك يا أختاه طلب العلم الشرعي الالتحاق بالجامعات وإلا لا تكوني من المتفقهات فهاته من المغالطات ‏في زماننا حيث صار التشدق هو ديدن الكثيرات من طالبات الشهادات إلا من رحم ربك منهن‎ ‎فالعلم الذي لا يورث‎ ‎خشية الله تعالى وتبدو آثاره عليك وفي تربيتك لأولادك لا خير فيه قال سفيان الثوري‎ ‎رحمه الله ( ‏‎ ‎إنما العلم الخشية )‏
وها هو ذا لقمان يوصي ابنه بأهمية العلم وحقيقته‎ ‎فيقول له ( يا بني لا تتعلم العلم لتباهي به العلماء وتماري به ‏السفهاء وترائي به‎ ‎في المجالس ولا تدع العلم زاهدا فيه ورغبة في الجهالة يا بني احشر‎ ‎المجالس ‏على‎ ‎عينك فإذا رأيت قوما يذكرون الله فاجلس معهم , فإنك ان تك عالما ينفعك علمك وإن تك‎ ‎جاهلا يعلموك , ‏ولعل الله أن يطلع عليهم برحمة فتصيبك معهم , وإذا رأيت قوما لا‎ ‎يذكرون الله فلا تجلس معهم فإنك إن تك عالما لا ‏ينفعك علمك وإن تك جاهلا يزيدوك غيا‎ ‎ولعل الله يطلع عليهم بعذاب فيصيبك معهم ) ‎جامع بيان ‏العلم وفضله لابن عبد البر 0‏

وسائل طلب العلم الشرعي :‏‎ ‎
اعلمي أختاه - وفقني الله وإياك – أن وسائل طلب العلم اليوم كثيرة والحمد‎ ‎لله خاصة مع التطور التكنولوجي‎ ‎فقد ‏تتساءلين , ما السبيل لطلب العلم , وخاصة أن كنت ربة بيت مع كثرة المسؤوليات فأقول لك أختي الكريمة‎
‎
‏1- التحاقك بحلقات المساجد والمراكز النسائية التي‎ ‎يشرف عليها بعض أهل العلم الربانيين السلفيين من أحسن الطرق ‏للتفقه في دينك بشرط توفر الشروط وانتفاء المحاذير الشرعية التي لا تخفى عليك 0 ‏‎
‏2-‏‎ ‎وحرصك على سماع‎ ‎أشرطة علماء ومشايخ الدعوة السلفية كالشيخ الألباني وابن باز والعثيمين ومقبل الوادعي ‏ومحمد أمان الجامي – رحمهم الله – وأحمد النجمي وزيد المدخلي والمفتي وصالح الفوزان وربيع المدخلي وعبيد ‏الجابري وصالح اللحيدان وصالح السحيمي وغيرهم كثير من مشايخ وطلاب العلم السلفيين في طول العام الإسلامي ‏وعرضه 0 وهذه لا‎ ‎تقل أهمية عن سابقتها بل قد تجنين من الخير والعلم وأنت في بيتك ما لا يجنيه من هو جالس ‏بين أيديهم إن صدقت النية وكنتي مخلصة في طلبك للعلم 0 ‏
أمور يجب ملاحظتها واعتبارها لمن أرادت سماع أشرطة العلماء وهي على النحو التالي : *‏
‏ 1- إخلاص النية لله ، والصدق في طلب العلم 0‏
‏ 2- تفريغ النفس ، وتقليل شواغلها عن طلب العلم 0
3- انتقاء الأشرطة المناسبة وينظر للأولى حسب المتوفر والمتيسر0 ‏
‏ 4- اقتناء الكتب التي تسمع من العلماء عن طريق الأشرطة من أجل التعليق والتقييد 0‏
‏ 5- الاستعداد للدرس قبل سماعه من الشريط 0‏
‏ 6- إذا وجد عندك أخت تستطيع مذاكرتك والتحضير معك فهذا أمر حسن بشرط أن لا يضيع الوقت بالكلام الذي ‏ضرره أكثر من نفعه!0 ‏
‏7- الانتباه والإصغاء لكلام العلماء ، مع تهيئة الأسباب لحضور الذهن كقلة السهر ، والنوم مبكراً ، وأن تداومي على ‏ذكر الله وطاعته ، وأن تبتعدي عن المعاصي والفتن ، وأن تحفظي وقتك بما ينفعك ، وأن تهذبي نفسك وتزكيها ، وأن ‏تسألي الله أن يعلمك ما ينفعك ، وأن ينفعك بما علمك ، وأن يزيدك علماً 0 ‏
‏8- أن تقيدي الفوائد والشوارد ، وإذا كان لك سجل خاص للمعلومات والفوائد فهو أمر حسن ، وأن تراجعي الدرس ‏وكلام الشيخ وترجيحاته في المسائل المختلف فيها ، وتنظري في كلام العلماء لتتعودي على البحث والنظر والتأمل ‏والتفقه في الدين
‏9- أن تسجلي ما يرد من إشكال أثناء سماع الدرس في سجل أو ورقة خارجية حتى تسألي عنها العلماء والمشايخ ‏وطلاب العلم )) 0‏
‏* برنامج علمي لمن سمت همته لطلب العلم / للشيخ : أسامة بن عطايا بن عثمان العتيبي ، بتصرف 0 ‏
‏4- ملازمتك لدراسة كتب العلم‎ ‎ودراستك للقرآن وتدبر معانيه من خلال كتب التفسير السعدي وابن كثير‎ ‎ودراسة كتب‎ ‎السنة النبوية والذي يجب عليك أن تبدئي بصغار العلم فبل كباره وبالكتب السهلة الميسرة ثم الانتقال إلى ما هو ‏أصعب وأوسع من انفع الوسائل أيضا0‏‎
‏5- واعتناؤك بسير الصحابيات وسلف الأمة اللاتي يمثلن مشاعل من نور للسائرين على‎ ‎الطريق ، مهم للثبات ‏والمضي على دربهم فاحرصي – رحمك الله – على دراسة سير أعلام النبلاء للذهبي وصفة الصفوة لابن الجوزي‎ .
‏6- واسعي سعيا حثيثا للاجتماع بأخواتك‎ ‎السلفيات الطيبات والتذاكر معهن في مسائل العلم , واحذري جليسات السؤ ‏وتجنبي صاحبات الهوى والفتنة وأن تبتعدي عن أهل التحزب والانحراف وأن لا تشغلي نفسك بما لا يعنيك فعن أبي ‏موسى ‏رضي الله عنه‏ عن النبي ‏صلى الله عليه وسلم ‏ قال : (( مثل الجليس الصالح والجليس السؤ كمثل صاحب المسك وكير‎ ‎الحداد , لا يعدمك من صاحب المسك إما أن تشتريه أو تجد ريحه وكير الحداد يحرق بيتك‎ ‎أو ثوبك أو تجد منه ريحا ‏خبيثة )) رواه البخاري ‏
منقول مع زيادات وتصرف أرجو من الله أن ينفع به وأن يجعله حجة لنا لا حجة علينا ؛؛؛؛
يتبع ‏