هل تاب أبو حامد الغزالي ورجع عن تصوفه؟
قال الشيخ محمد أمان الجامي – رحمه الله- : (وللإمام الغزالي مؤلفات كثيرة في مختلف العلوم، ومما يتصل ببحثنا هذا من مؤلفاته كتاب اللطيف (إلجــام العوام عن علم الكــلام) الذي أشــاد فيه [كما سبق] بمذهب السلف وتحدث عن حقيقته مبيناً أنه هو الحق وأن من خالف السلف فهو مبتدع لأنه مذهب الصحابة والتابعين، وقد أُخِذَ من الرسول عليه الصلاة والسلام مباشرة، فكل خير في إتباعهم وكل شر في الابتداع بعدهم، وقد تحدث فيه بإسهاب عن مذهب السلف وحقيقة مذهب السلف هو الإتباع دون الابتداع.
وللغزالي رسالة سماها (بغية المريد في رسائل التوحيد) وهي جملة رسائل مفيدة وجليلة ومشتملة على الكثير من المعاني اللطيفة وما يجب على المخلوق للخالق جل شأنه وعلى ما يجب معرفته على كل إنسان من علم التوحيد.
وقد تحدث فيها عن تنزيه الخالق وأنه لا يشبهه شيء ولا يشبه شيئاً وكل ما خطر بالبال والوهم والخيال من التكييف والتمثيل فإنه سبحانه منزه عن ذلك.
وقد نص في هذه الرسالة على نفي شبه خطرة وهي: ما قد يتوهمه بعض الناس من أن إثبات الاستواء على العرش يلزم منه أن العرش يحمل الرب سبحانه وتعالى الله عما زعموا علواً كبيراً، وهو من جملة الأخطــاء التي يتورط فيها أولئك الذين لا يكادون يفهمون صفات الله سبحانه وتعالى إلا كما يفهمون صفات خلقه من التحديد والإحاطة بالحقائق.
وفي نفي هذا الوهم يقول الإمام الغزالي: "وليس العرش بحامل له سبحانه؛ بل العرش وحملته يحملون لطفه وقدرته، وأنه تقدس عن الحاجة إلى مكان قبل خلق العرش وبعده، وأنه يتصف بالصفات التي كان عليها في الأزل"
وقال في موضع آخر من الرسالة نفسها: "وهو سبحانه مقدس من صفات المخلوقين، منزه وهو في الدنيا معلوم وفي الآخرة مرئي، كما نعلمه في الدنيا بلا مثل ولا شبه، لأن تلك الرؤية لا تشابه رؤية الدنيا {ليس كمثله شيء} [بغية المريد في رسائل التوحيد] ) انتهى كلامه رحمه الله كما في [الصفات الإلهية في الكتاب والسنة النبوية في ضوء الإثبات والتنزيه] ص166-167.
|