قال الإمام محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله في ختام كتاب أحكام الجنائز وبدعها ص298:
ومنه تعلم تحريم ما ترتكبه بعض الحكومات الاسلامية من درس بعض المقابر الاسلامية ونبشها من أجل التنظيم العمراني، دون أي مبالاة بحرمتها، أو اهتمام بالنهي عن وطئها وكسر عظامها ونحو ذلك.
ولا يتوهمن من أحد، أن التنظيم المشار إليه يبرر مثل هذه المخالفات، كلا، فإنه ليس من الضروريات، وإنما هي من الكماليات التي لا يجوز بمثلها إلاعتداء على الاموات، فعلى الاحياء أن ينظموا أمورهم، دون أن يؤذوا موتاهم.
ومن العجائب التي تلفت النظر، أن ترى هذه الحكومات تحترم الاحجار والابنية القائمة على بعض الموتى أكثر من احترامها للاموات أنفسهم.
فإنه لو وقف في طريق التنظيم المزعوم بعض هذه الابنية من القباب أو الكنائس ونحوها تركتها على حالها، وعدلت من أجلها خارطة التنظيم إبقاء عليها، لانهم يعتبرونها من الاثار القديمة!
وأما قبور الموتى أنفسهم فلا تستحق عندهم ذلك التعديل! بل إن بعض تلك الحكومات لتسعى فيما علمنا - إلى جعل القبور خارج البلدة، والمنع من الدفن في القبور القديمة - وهذه مخالفة أخرى في نظري، لانها تفوت على المسلمين سنة زيارة القبور، لانه ليس من السهل على عامة الناس أن يقطع المسافات الطويلة حتى يتمكن من الوصول إليها، ويقوم بزيارتها والدعاء لها! والحامل على هذه المخالفات - فيما أعتقد - إنما هو التقليد الاعمى لاوروبا المادية الكافرة، التي تريد أن تقضي على كل مظهر من مظاهر الايمان بالاخرة، وكل ما يذكر بها، وليس هو مراعاة القواعد الصحية كما يزعمون، ولو كان ذلك صحيحا لبادروا إلى محاربة الاسباب التي لا يشك عاقل في ضررها مثل بيع الخمور وشربها، والفسق والفجور على اختلاف اشكاله وأسمائه، فعدم اهتمامهم بالقضاء على هذه المفاسد الظاهرة، وسعيهم إلى إزالة كل ما يذكر بالاخرة وإبعادها عن أعينهم أكبر دليل على أن القصد خلاف ما يزعمون ويعلنون، وما تكنه صدورهم أكبر.