بسم الله الرحمن الرحيم ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"قال الله تعالى : يؤذيني ابن آدم يسب الدهر ، وأنا الدهر بيدي أقلب الليل والنهار" أخرجه البخارى ومسلم
سب الدهر راجع إلى سب الله جلا وعلا بالوسيلة ،لأنه إن سَب الدهر فسَب الدهر راجع إلى سب مقلب الدهر فقول سبحانه : "يؤذيني ابن آدم يسب الدهر ، وأنا الدهر" يعني فسب من لا يملك شيئا ومن هو مدبر يرجع السب إلى من دبره ، فإذا سب الدهر فقد سب الله جلا وعلا ، يعني : شتم الدهر ووصفه بالنقائص،وقال هذه الأيام إنما هي خبط عشواء ، أو قال :هذه السنون تأتي وتذهب دون حكمة ، ونحو ذلك مما فيه سب وانتقاص ، فهذا سب لله جل وعلا في المآل، لأن الدهر مخلوق يقلبه الله جلا وعلا كيف يشاء.
وقوله "أنا الدهر"
ليس فيه أن الدهر من أسماء الله جلا وعلا ، ولكن بوسيلة قوله :"يسب الدهر وأنا الدهر" يعني: إذا سب الدهر وهو لا يستحق هذا السب لكونه مدبرا فأنا الدهر؛لأن المسبة –إذن- وقعت على الله جلا وعلا ،والإيذاء وقع على الله جلا وعلا.
وينبغي أن يعلم أن وصف الأيام بالسوء أو النحس أو بالسواد أو بالظلمة ونحو ذلك مما فيه إضافة للعبد فهذا ليس من سب الدهر ، كما يقال مثلا: هذا يوم نحس ، أو هذا يوم أسود ، وهذه أيام مظلمة..فهذا وصف وليس من السب ، أي : تلك الأيام بالإضافة إلى من حصل له فيها أشياء سيئة، وهذا كما قال جل وعلا :"في يوم نحس مستمر "[القمر:19] وكما قال جل وعلا :"في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزى"[فصلت :16] فهو يوم نحس وسوء بالنسبة للعبد.
المصدر:-شرح أصول الإيمان لفضيلة الشيخ صالح آل الشيخ صـ37، 38