#1
|
|||
|
|||
الصبر - للشيخ محمد بازمول
للشيخ محمد بازمول حفظه الله جرت سنة الله عز وجل أن يبتلي الإنسان في هذه الحياة الدنيا , قال الله تعالى : [لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ ](4)» ([1]) ومهما حاول الناس الانفكاك عن هذا الابتلاء لم يستطيع إلى ذلك سبيلا . هكذا قضت حكمة الله عز وجل أو هكذا جرت سنته !! فكل الناس في ابتلاء ! الملوك في ابتلاء ! الأغنياء في ابتلاء ! الفقراء في ابتلاء ! الأقوياء في ابتلاء ! الضعفاء في ابتلاء ! الآباء ، الأمهات ، الأولاد ، البنات ، المتزوجون ، العزاب ، العاطلون ، العاملون .. كل الناس ..كل الناس في ابتلاء ومن ظنَّ أن أحدًا ليس في ابتلاء فقد جهل !! والمسلم يؤمن بذلك , وينطلق في إيمانه بهذا الابتلاء من مُسَلَّمات دينه لديه ؛ هي : المُسَلَّمة الأولى : الرضا بقضاء الله وقدره . المُسَلَّمة الثانية : الصبر عبادة , وخير . المُسَلَّمة الثالثة : ما تضيق حتى تفرج , وكل شدة يعقبها فرج . وبيان هذه الأمور كما يلي : المُسَلَّمة الأولى : الرضا بقضاء الله وقدره . فهو يؤمن بأن ما أصابه بقضاء الله وقدره , وأن عليه الرضا , وعدم الجزع , ويجمع ذلك (الصبر) ؛ فهو الرضا مع ترك الجزع أو كما قال بعض أهل العلم : الصبرُ ثباتُ داعي الدين أمام داعي الهوى والشهوة . وقد عَدَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمور الإيمان :- " الرضا بقضاء الله وقدره " ويأتي هنا قَولُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ". المُسَلَّمة الثانية : الصبر عبادة وخير . وذلك لأن الصبر لا يخرج عن أمور ثلاثة : - الصبر على أداء الطاعات . - الصبر على ترك المحرمات . - الصبر على المصائب . والصبر يكون لله وبالله . فالصبر على أداء الطاعة حكمه بحكم الطاعة . والصبر على ترك المعصية حكمه بحكم ترك المعصية . والصبر على المصائب سبق في المسلَّمة الأولى . فالمسلم يصبر في الطاعة وعن المعصية وهو في ذلك في عبادة , وله في ذلك خير [ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ]([2]) . وقوله صلى الله عليه وسلم :" عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ". المسلَّمة الثالثة : الفرج بعد الشدة . وذلك قوله تعالى :[ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ] ([3]) قال المفسرون : في الآية أن مع كل عسر يسرين , لأن لفظة العسر جاءت معرفة ولفظة اليسر جاءت منكرة , والنكرة إذا تكررت أفادت التعدد بخلاف المعرفة . وإيمان المسلم بالفرج بعد الشدة ينطلق من جميع الأمور السابقة , فهو يعلم أن ما أصابه من شدة لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه وأنه لو أجتمع أهل الأرض على أن ينفعوه ما نفعوه إلا بما أراده الله له , ولو اجتمعوا على أن يضروه ما ضروه إلا بما أراد الله له من أجل هذا يتوجه المسلم دائما في كل وقت وخاصة في حالة شدته و اضطراره إلى الله سائلا العون قال تعالى : [ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ] " سورة النمل آية 62" ،[ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ] سورة الأنبياء آية 83 فيدعو اللهَ ربَّه سائلا إياه أن يفرج شدته ويكشف غمته ويزيل كربته , يسأله في السر في ساعة النزول الإلهي , يسأله أن يفرّج همه ويكشف حزنه ويزيل ضيقه . فالدعاء سلاح المؤمن يشهره في وجه كل ما يعترض حياته , والدعاء أنسٌ بالرَّحْمَـٰنِ سبحانه وتعالى وخلوة به , من هنا قال من قال :"إننا في لذة لو شعر بها الملوك لجالدونا عليها " وقال الشاعر : دع المقاديـر تجري في أعنـتها * * * ولا تنم إلا نـــــــــــــــــــاعم البالِ ما بين غمضة عين وانتباهتها * * * يغير الله من حال إلى حالِ وقال آخر : دع الأيام تفعل ما تشاء * * * وطِبْ نفسًا إذا نزل القضـاءُ ولا تجزع لحادثة الليالي * * * فما لحوادث الدنيا بقــــــــــاءُ وقد صنف العلماء مصنفات في موضوع الفرج بعد الشدة أوسعها ما جمعه التنوقي في كتاب " الفرج بعد الشدة " ثم كتاب " المكافأة " و "حسن العقب " للخطيب الاسطافي ثم كتاب " الفرج بعد الشدة " لابن أبي الدنيا . وفي هذه الكتب يجد سلواه لما يعترض حياته من مشاكل ومصائب وأحزان . نظره عميقة : يقول رسول الله عليه الصلاة والسلام :" انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ" ويقولون في الأمثال : من شاف حال غيره هان عليه حاله . والرسول صلى الله عليه وسلم حيثما يأمر المسلم بذلك إنما يرشده إلى حقيقة كبيرة في واقعة تتلخص في : أنك يا أيها الإنسان رغما عن كل العناء والكبد الذي أنت فيه فإن الله عز وجل أسبغ عليك من النعم و الآلاء ما يغمر كل ما تشعر به من كبد ومشقة وعناء ... __________________________ ([1]) سورة البلد آية "4"
([2]) سورة الزمر آية "10" ([3]) سورة الشرح آية "6"
__________________
قال بديع الزمان الهمذاني في وصف العلم: « العلم شيء بعيد المرام، لا يُصاد بالسهام، ولا يُقسم بالأزلام، ولا يُرى في المنام، ولا يُضبط باللجام، ولا يُكتب للثام، ولا يورث عن الآباء والأعمام وزرع لا يزكو إلا متى صادف من الحزم ثرى طيبا، ومن التوفيق مطرا صيبا، ومن الطبع جوا صافيا، ومن الجهد روحا دائما، ومن الصبر سقيا نافعا وغرض لا يصاب إلا بافتراش المدر، واستناد الحجر، وردّ الضجر، وركوب الخطر، وإدمان السهر، واصطحاب السفر، وكثرة النظر، وإعمال الفكر» [«جواهر الأدب» للهاشمي (194)] التعديل الأخير تم بواسطة أم سلافة ; 27-06-2011 الساعة 04:58PM |
#2
|
|||
|
|||
جزاكِ الله خيرا أخيتي أم الحميراء قال النبي صلى الله عليه وسلم ((وما أعطي أحد عطاءً خيراً وأوسع من الصبر)) أي: ما مَنَّ الله على أحد بعطاء من رزق، أو غيره؛ خيراً وأوسع من الصبر؛ لأن الإنسان إذا كان صبورًا تحمَّل كل شيء. إن أصابته الضراء صبر، وإن عرض له الشيطان بفعل المحرم صبر، وإن خذله الشيطان عن ما أمر الله صبر. فإذا كان الإنسان قد مَنَّ الله عليه بالصبر؛ فهذا خير ما يعطاه الإنسان ، وأوسع ما يعطاه، ولذلك تجد الإنسان الصبور لو أوذي من قبل الناس، لو سمع منهم ما يكره، لو حصل منهم اعتداء عليه، تجده هاديء البال، لا يتصلب ، ولا يغضب، لأنه صابر على ما ابتلاه الله به؛ فلذلك تجد قلبه دائماً مطمئناً ونفسه مستريحة. ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم ((ما أعطي أحد عطاء خيرا واوسع من الصبر))والله الموفق. من شرح رياض الصالحين للشيخ :محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ
المجلد الأول ـ باب الصَّبر ـ |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|