|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
ظاهرة التسول حكمها و آثارها على الفرد و المجتمع و علاجها
خطبة الجمعة 17/06/1440
ظاهرة التسول حكمها و آثارها على الفرد و المجتمع و علاجها لفضيلة الشيخ ماهر بن ظافر القحطانى حفظه الله
|
#2
|
|||
|
|||
ظاهرة التسول حكمها و آثارها على الفرد والمجتمع وعلاجها لفضيلة الشيخ /ماهر بن ظافر القحطاني ألقيت هذه الخطبة بمسجد: بلال بن رباح رضي الله عنهبجدة تاريخ إلقاء الخطبة: 17 من جمادى الآخرة 1440هـ الموافق: 22-2-2019م أما بعد: إن خير الحديث كتاب الله، وأفضل الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلموشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعه ضلاله وكل ضلاله في النار. أيها الناس: اتقوا الله واحذروا ظاهره في المجتمع المسلم قد انتشرت ثم استفحلت، تجعل صاحبها ذليلا مستخفا به عند الناس، لا قيمه له، وهي في الشرع كبيرة وليست بالصغيرة، تقضي في مآلها على أرزاق الناس، فتنقص أرزاقهم ويضعف حالهم وثقتهم بربهم، وتضعف ثقتهم بربهم سبحانه وتعالى، يأتي منتحلها والمترزق والمسترزق بها يوم القيامة لا وليس في وجهه مزعة لحم لا لحم في وجهه، إنها ظاهرة التسول وسؤال أموال الناس تكثرًا مع أن السائل يجد ما يغنيه، نسأل الله العافية. وقد ذم الله سبحانه وتعالى منتحل هذه المهنة الحقيرة في القرآن أو بين ذم وصفهم فقال: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا}[البقرة: 273]، قال ابن كثير: مَنْ سَأَلَ وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ عَنِ السُّؤَالِ، فَقَدْ أَلْحَفَ فِي الْمَسْأَلَةِ. وقد خرج البخاري في صحيحيه من حديث عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: « مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ ». أي قطعة لحم، وذلك أن الجزاء من جنس العمل، فإن هذا المتسول الجائر الباغي على أموال الناس بغير حق كذبا وزورا، لمَّا بذل وجهه وجاه وجهه، وحرمة وجهه وهو مسلم للمسلمين، فاستحيوا، وأعطوه، أو أعطوه عن طيب نفس لكن بغير حق لأنه يجد ما يغنيه، فأخذ أموال الناس تكثرًا، فناسب أن يعاقبه الله من جنس عمله يوم القيامة بأن هذا الوجه الذي أظهره للمسؤول بأن ينتف من اللحم، فلا يبقى منه مزعة لحم ويبعث ذليلا ساقطا لا وزن له عند الله ولا عند خلقه يوم القيامة، فأي مظهر قبيح مخيف يبعث به المتسول الذي سأل الناس تكثرا وهو يجد ما يغنيه، أو ارتضى البطالة وترك العمل كسلًا واعتمد على أزواد الناس. وفي سنن الترمذي من حديث أبي كبشه الأنماري رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «ثَلاَثَةٌ أُقْسِمُ عَلَيْهِنَّ وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ »، وذكر منها: « وَلاَ فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلاَّ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ ». فيظن المسكين أنه كل ما سأل سيغتني!!!!.... سيفتح له أبواب تمحق أمواله، ويصبح ذليلا ليس في الدنيا بل في الآخرة، بأن يبعث وقد سقط لحم وجهه. وفي صحيح مسلم من حديث أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: « مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا فَلْيَسْتَقِلَّ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ ». وذلك أنه إضافة إلى أن يبعث ذليلا ساقط لحم الوجه، يعذب بكل درهم خرج باستفزازه الناس وسؤالهم فأكله بغير حق يكوى به، فمن بنى العمائر واشترى السيارات والفنادق بالتسول مع عصابات كم حينئذ سيكوى من الدراهم والدنانير، نسأل الله العافية لنا ولكم. قال شيخ الإسلام محمد بن عبد السلام بن تيميه رحمه الله: وعز المسلم وعزته في استغنائه عن الخلق فكلما بذل وجهه للخلق فسأل قل مقداره عندهم بحسب مسألته فإذا استغنى كمل جاهه عندهم. ولقد ذم الرب طائفة من أهل اليمن في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم كما في البخاري من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما قَالَ كَانَ أَهْلُ الْيَمَنِ يَحُجُّونَ وَلاَ يَتَزَوَّدُونَ - في رواية أخرى يقولون: نحج بيت الله أفلا يطعمنا - وَيَقُولُونَ نَحْنُ الْمُتَوَكِّلُونَ، فَإِذَا قَدِمُوا مَكَّةَ سَأَلُوا النَّاسَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}[البقرة: 197]. فأمرهم بالسبب وهو طلب الرزق ولا يغتر المتسول بمثل حديث: لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصًا وتعود بطانًا. الله يرزق الطير ويرزقني من أزواد الناس، كلا قال الإمام أحمد إن في الحديث قوله: تغدوا، إذًا بذل الطير سبب بالسعي في طعامها، مع التوكل، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم اعقلها وتوكل، ليس أن تتوكل في ربط الدابة على الله سبحانه وتعالى وهو يمسكها بتوكلك، ابذل السبب اربط الدابة ثم اقطع النظر في السبب، وتوكل على الله أنه هو الذي يمسكها بهذا الحبل. فكذلك على العبد أن يسعى في طلب العمل ويتوكل على الله بعد بذل السبب والبحث عن العمل بجد واجتهاد فحينئذ يرزقه الله وهو متوكل عليه بعد بذل السبب وترك التعلق به فاتقوا الله عباد الله: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ}، لا تمر فيه قدما عبد حتى يسأل فيه عن أربع ومن ذلك ماله من أين اكتسبه من التسول من الغش من الربا من أكل الحرام من السرقة من أين اكتسبه وماذا عمل به. فاللهم ارحمنا بعفوك، واغفر لنا ذنوبنا وأصلح بالنا ختامنا والحمد لله رب العالمين. الخطبة الثانية أيها الناس: إن التسول والبطالة وترك العمل والاتكال على أزواد الناس وسؤالهم والاستكثار من ذلك مرض في المجتمع المسلم يجب أن يداوى وسببه الجهل والتأويل الفاسد واتباع الهوى والكسل، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ من العجز والكسل فأول علاج لذلك العلم وإنما يؤتى المسلم في مثل هذا من قبل جهله بدينه أليس النبي صلى الله عليه وسلم بين أن في العلم دواء بل هو الدواء لكل داء عضال يلم بالأمة من فساد القلوب والبدع والمعاصي واتباع الشهوات بغير حق، فقد قتل أحد المفتين في عهد الرسول الأمين رجل جاء يسأل فكان الجواب قتله بإفتائه بأن يفعل ما هو من مقتضاه أن يموت. كما في سنن أبو داوود من حديث جَابِرٍ قَالَ: خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ فَأَصَابَ رَجُلًا مِنَّا حَجَرٌ فَشَجَّهُ فِي رَأْسِهِ، ثُمَّ احْتَلَمَ فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ فَقَالَ: هَلْ تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ؟ فَقَالُوا: مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أُخْبِرَ بِذَلِكَ فَقَالَ: «قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللَّهُ أَلَا سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ». فلو سأل المتسول العلم وعن الحق في حكم تسوله والأحاديث والآيات وآثار الصحابة الواردة في هذا الباب، وكان عنده إيمان وكان على صلاح قلب لا والله لم يأخذ من الناس درهم ولم تتشرف نفسه لشيء مما في أزوادهم. فمن العلم أن يعلم أن الشريعة حثت على العمل وترك التواكل كما في البخاري من حديث الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ رضى الله عنه عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَأْتِىَ بِحُزْمَةِ الْحَطَبِ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهَا فَيَكُفَّ اللَّهُ بِهَا وَجْهَهُ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ ». وفي البخاري من حديث بْنِ حِزَامٍ رضي الله عنهعَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى». ومعظم هؤلاء إنما هم تجار وليسوا متسولين حقيقة، فقد روي أن عمر بن الخطاب رأى رجلا يسأل الناس فقال لأحد الناس عَشِّهِ فأعطاه ذاك خبز، وبدأ يسأل فقا لآخر عَشِّهِ، ثم رمق عمر زنبيلا تحت كمه فأخذه وإذا به أخباز كثيرة فأخذها ونثرها لإبل الصدقة، وقال أنت تاجر، يعني لست متسول، ومعظمهم يفعل ذلك، لو قال له حاجه في مقوت يومه لأخذ الريال والريالان، أما ينتفش جيبه بالمئات ثم يقول أسأل فضل رب الأرض والسماوات بحق فوالله إنه كاذب. ثم إنه كما قال شيخ الاسلام لا يحل له أن يقوم في المساجد فيقطع على الناس الذكر ويشوش عليهم عبادتهم. وقد جوزت الدولة لجمع من الجمعيات سواءً كانت للعناية بالمرضى كزمزم أو غيرها من الجمعيات من المرخص لها أن يقدم الرجل على هؤلاء، إن كان مضطرًا فيدرسون حاله ويعطونه، أما أن يأتي على هذه الصورة في المساجد فأحرض كل شخص يسمع هذه الخطبة إذا قام عنده في الميمنة والميسرة شخص من هؤلاء أن يلزمه بخفض صوته والذهاب إلى السعي للعمل وترك التسول، بخاصة وأنه أمر من ولي أمرنا وقد جاء في الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري في صحيحه من حديث أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَنْ أَطَاعَنِى فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَانِى فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَمَنْ أَطَاعَ أَمِيرِى فَقَدْ أَطَاعَنِى، وَمَنْ عَصَى أَمِيرِى فَقَدْ عَصَانِى ». {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}[النساء:59] فاتقوا الله عباد الله، {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ}[البقرة:281]وتوكلوا على الله {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ }[الذاريات: 22]، { وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ} [الذاريات: 20]، فاطلبوا الرزق من مظانه على وجه حلال، وقد كانت المرأة من سلفكم إذا خرج زوجها لطلب الرزق قالت له إياك والحرام يا زوجي فإنا نصبر على قليل الحلال، ولا نصبر على كثير الحرام. اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها. والحمد لله رب العالمين. |
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
التسول |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
[صوتي] الصلاة حكمها و فضلها للشيخ ماهر بن ظافر القحطاني حفظه الله | عمرو التهامى | قسم الخطب المنبرية | 0 | 18-11-2016 06:55AM |
ظاهرة التكفير والتفجير وآثارها في المجتمع المسلم | أبو عبد الرحمن السلفي1 | منبر التحذير من الخروج والتطرف والارهاب | 0 | 21-09-2007 05:59PM |