|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
رد مفحم على الأشاعرة وأهل الكلام والفلسفة بقولهم(جوهرة الفرد) لشيخ الأسلام
بسم الله الرحمن الرحيم انقل بإذن الله كلاما نفيسا لشيخ اللإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يرد فيه على اهل الكلام من الأشاعرة واهل الفلسفة بقولهم ( جوهرة الفرد) المعتمد في مذهبهم بحجة تنزيه الله عز وجل, فأثبت الامام خلاف ذلك بكلام متين مؤصل مدلل عليه من الكتاب والسنة وعمل السلف كما هو معروف عنه -رحمه الله رحمة واسعة- وهذا منقول من كنابه الماتع -مجموع الفتاوى تحت تفسير سورة الاخلاص - مجلد رقم 17 من صفحة– 311- (وننصح بقراتها بتمامها لكبير الفائدة) وسأجعل الكلام المراد نقله في أجزاء ليسهل قراتها لتعم الفائدة بإذن الله. قال -رحمه الله- وهكذا مسائل النزاع التي تنازع فيها الأمة في الأصول والفروع إذا لم ترد إلى اللّه والرسول لم يتبين فيها الحق، بل يصير فيها المتنازعون على غير بينة من أمرهم، فإن رحمهم اللّه أقر بعضهم بعضًا، ولم يبغ بعضهم على بعض، كما كان الصحابة في خلافة عمر وعثمان يتنازعون في بعض مسائل الاجتهاد فيقر بعضهم بعضًا، ولا يعتدى عليه، وإن لم يرحموا وقع بينهم الاختلاف المذموم، فبغى بعضهم على بعض، إما بالقول مثل تكفيره وتفسيقه، وإما بالفعل مثل حبسه وضربه وقتله.وهذه حال أهل البدع والظلم كالخوارج وأمثالهم، يظلمون الأمة ويعتدون عليهم، إذا نازعوهم في بعض مسائل الدين، وكذلك سائر أهل الأهواء، فإنهم يبتدعون بدعة، ويكفرون من خالفهم فيها، كما تفعل الرافضة والمعتزلة والجهمية وغيرهم، والذين امتحنوا الناس بخلق القرآن كانوا من هؤلاء؛ ابتدعوا بدعة وكفروا من خالفهم فيها، /واستحلوا منع حقه وعقوبته. فالناس إذا خفي عليهم بعض ما بعث اللّه به الرسول صلى الله عليه وسلم، إما عادلون، وإما ظالمون. فالعادل فيهم الذي يعمل بما وصل إليه من آثار الأنبياء ولا يظلم غيره، والظالم الذي يعتدى على غيره، وهؤلاء ظالمون مع علمهم بأنهم يظلمون، كما قال تعالى: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} [البينة: 4]، وإلا فلو سلكوا ما علموه من العدل أقر بعضهم بعضًا، كالمقلدين لأئمة الفقه الذين يعرفون من أنفسهم أنهم عاجزون عن معرفة حكم اللّه ورسوله في تلك المسائل، فجعلوا أئمتهم نوابًا عن الرسول، وقالوا: هذه غاية ما قدرنا عليه، فالعادل منهم لا يظلم الآخر، ولا يعتدي عليه بقول ولا فعل، مثل أن يدعى أن قول متبوعه هو الصحيح بلا حجة يبديها، ويذم من يخالفه مع أنه معذور. وكان الذين امتحنوا أحمد وغيره من هؤلاء الجاهلين، فابتدعوا كلامًا متشابهًا نفوا به الحق، فأجابهم أحمد لما ناظروه في المحنة، وذكروا الجسم ونحو ذلك، وأجابهم بإني أقول كما قال اللّه تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ}،وأما لفظ الجسم فلفظ مبتدع محدث، ليس على أحد أن يتكلم به ألبتة، والمعنى الذي يراد به مجمل، ولم تبينوا مرادكم حتى نوافقكم على المعنى الصحيح، فقال: ما أدرى ما تقولون؟ لكن أقول { اللَّهُ أَحَدٌ, اللَّهُ الصَّمَدُ, لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ, وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ} يقول: ما أدري ما تعنون بلفظ الجسم، فأنا لا أوافقكم على إثبات لفظ ونفيه، إذ لم يرد الكتاب والسنة بإثباته ولا نفيه، إن لم نَدْرِ معناه الذي عناه المتكلم، فإن عني في النفي والإثبات ما يوافق الكتاب والسنة وافقناه، وإن عني ما يخالف الكتاب والسنة في النفي والإثبات لم نوافقه. ولفظ [الجسـم] و[الجوهر] ونحـوهما لم يأت في كتاب اللّه ولا سـنة رسـولـه، ولا كلام أحد ـ من الصحابة والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسائر أئمة المسلمين ـ التكلم بها في حق اللّه ـ تعالى ـ لا بنفي ولا إثبات؛ ولهذا قال أحمد في رسالته إلى المتوكل: لا أحب الكلام في شيء من ذلك إلا ما كان في كتاب اللّه، أو في حديث عن رسول صلى الله عليه وسلم، أو عن الصحابة أو التابعين لهم بإحسان، وأما غير ذلك، فإن الكلام فيه غير محمود. وذكر أيضًا فيما حكاه عن الجهمية أنهم يقولون: ليس فيه كذا ولا كذا ولا كذا، وهو كما قال، فإن لفظ الجسم له في اللغة التي نزل بها القرآن معنى، كما قال تعالى {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ }[المنافقون: 4] ، وقال تعالى:{وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ} [البقرة: 247]. قال ابن عباس: كان طالوت أعلم بنى إسرائيل بالحرب، وكان يفوق الناس بمنكبيه وعنقه ورأسه، والبسطة: السعة.قال ابن قتيبة: هو من قولك: بسطت الشيء، إذا كان مجموعا ففتحته ووسعته.قال بعضهم: والمراد بتعظيم الجسم: فضل القوة؛ إذ العادة أن من كان أعظم جسمًا كان أكثر قوة، فهذا لفظ الجسم في لغة العرب التي نزل بها القرآن. قال الجوهري: قال أبو زيد الأنصاري الجسم: الجسد، وكذلك الجسمان والجثمان.وقال الأصمعي: الجسم، والجسد، والجثمان الشخص. وقال جماعـة: جسم الإنسان يقال لـه: الجثمان، وقـد جسم الشيء، أي: عظم، فهو جسيم وجسام، والجِسَامُ ـ بالكسر ـ جمع جسيم.قال أبو عبيدة: تجسمت فـلانا مـن بين القـوم، أي: اخترته، كأنك قصدت جسمه.كما تقول: تأتيته، أي: قصدت أتيه وشخصه، وأنشد أبو عبيدة: تَجَسَّمْتُهُ من بينهن بمرهف ** وتَجَسَّمْتُ الأرضَ: إذا أخـذت نحـوها تُريدُها، وتَجَسَّمَ مـن الجسم. وقال ابن السكيت: تَجَسَّمْتُ الأمر، أي: ركبت أجسمه وجسيمه، أي معظمه، قال: وكذلك تَجَسَّمْتُ الرَّمْلَ والجَبَلَ، أي: ركبت أعظمه، والأجْسَمُ: الأضخم. قال عامر بن الطفيل: /لقد علم الحىُّ من عامرٍ ** بــأن لنا الــذِّرْوَةَ الأجْسَما فهذا الجسم في لغة العرب، وعلى هذا فلا يقال للهواء: جسم، ولا للنَّفَسِ الخارج من الإنسان: جسم، ولا لروحه المنفوخة فيه: جسم. ومعلوم أن اللّه ـ سبحانه ـ لا يماثل شيئًا من ذلك، لا بدن الإنسان ولا غيره، فلا يوصف اللّه ـ تعالى ـ بشيء من خصائص المخلوقين، ولا يطلق عليه من الأسماء ما يختص بصفات المخلوقين، فلا يجوز أن يقال: هو جسم، ولا جسد. وأمـا أهـل الكـلام، فالجسـم عندهم أعم من هذا، وهم مختلفون في معناه اختلافا كثيرًا عقليًا، واختــلافًا لفظيًا اصطـلاحيًا.فهم يقـولون: كـل مــا يشار إليه إشارة حسية فهو جسم، ثم اختلفوا بعد هذا، فقال كثير منهم: كل ما كان كذلك فهو مركب من الجواهر الفردة، ثم منهم من قال: الجسم أقل ما يكون جوهرًا، بشرط أن ينضم إلى غيره. وقيل: بل الجوهران، والجواهر فصاعدًا. وقيل: بل أربعة فصاعدًا.وقيل: بل ستة.وقيل: بل ثمانية. وقيل: بل ستة عشر.وقيل: بل اثنان وثلاثون، وهذا قول من يقول: إن الأجسام كلها مركبة من الجواهر التي لا تنقسم. وقال آخرون من أهل الفلسفة: كل الأجسام مركبة من الهيولى/والصورة، لا من الجواهر الفردة. وقال كثير من أهل الكلام وغير أهل الكلام: ليست مركبة لا من هذا ولا من هذا، ولا من هذا ولا من هذا، وهذا قول الهشامية والكُلابية والضرارية وغيرهم من الطوائف الكبار، لا يقولون بالجوهر الفرد ولا بالمادة والصورة، وآخرون يدعون إجماع المسلمين على إثبات الجوهر الفرد، كما قال أبو المعالى وغيره: اتفق المسلمون على أن الأجسام تتناهى في تجزئها وانقسامها حتى تصير أفرادًا، ومع هذا، فقد شك هو فيه، وكذلك شك فيه أبو الحسين البصري. وأبو عبد اللّه الرازي. ومعلوم أن هذا القول لم يقله أحد من أئمة المسلمين ـ لا من الصحابة ولا من التابعين لهم بإحسان ـ ولا أحد من أئمة العلم المشهورين بين المسلمين، وأول من قال ذلك في الإسلام طائفة من الجهمية والمعتزلة، وهذا من الكلام الذي ذمه السلف وعابوه، ولكن حاكى هذا الإجماع لما لم يعرف أصول الدين إلا ما في كتب الكلام، ولم يجد إلا من يقول بذلك، اعتقد هذا إجماع المسلمين، والقول بالجوهر الفرد باطل، والقول بالهيولى والصورة باطل، وقد بسط الكلام على هذه المقالات في مواضع أخر. /وقال آخرون: الجسم هو القائم بنفسه، وكل قائم بنفسه جسم، وكل جسم فهو قائم بنفسه، وهو مشار إليه، واختلفوا في الأجسام: هل هي متماثلة أم لا؟ على قولين مشهورين. وإذا عرف ذلك، فمن قال: إنه جسم ـ وأراد أنه مركب من الأجزاء ـ فهذا قوله باطل، وكذلك إن أراد أنه يماثل غيره من المخلوقات، فقد علم بالشرع والعقل أن اللّه ليس كمثله شيء في شيء من صفاته، فمن أثبت للّه مثلًا في شيء من صفاته فهو مبطل، ومن قال: إنه جسم بهذا المعنى، فهو مبطل، ومن قال: إنه ليس بجسم ـ بمعنى أنه لا يرى في الآخرة، ولا يتكلم بالقرآن وغيره من الكلام، ولا يقوم به العلم والقدرة وغيرهما من الصفات، ولا ترفع الأيدي إليه في الدعاء، ولا عرج بالرسول صلى الله عليه وسلم إليه، ولا يصعد إليه الكلم الطيب، ولا تعرج الملائكة والروح إليه ـ فهذا قوله باطل. وكذلك كل من نفي ما أثبته اللّه ورسوله، وقال: إن هذا تجسيم فنفيه باطل، وتسمية ذلك تجسيمًا تلبيس منه، فإنه إن أراد أن هذا في اللغة يسمى جسمًا، فقد أبطل، وإن أراد أن هذا يقتضي أن يكون جسمًا مركبًا من الجواهر الفردة أو من المادة والصورة، أو أن هذا يقتضي أن يكون جسمًا، والأجسام متماثلة، قيل له: أكثر العقلاء يخالفونك في تماثل الأجسام المخلوقة، وفي أنها مركبة، فلا يقولون: إن الهواء مثل الماء/ ولا أبدان الحيوان مثل الحديد والجبال، فكيف يوافقونك على أن الرب تعالى يكون مماثلًا لخلقه، إذا أثبتوا له ما أثبت له الكتاب والسنة؟ ! واللّه تعالى قد نفي المماثلات في بعض المخلوقات، وكلاهما جسم كقوله{َإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد: 38]، مع أن كلاهما بشر، فكيف يجوز أن يقال: إذا كان لرب السـموات علـم وقـدرة أنه يكـون مماثلًا لخلقـه؟ ! والله ـ تعالى ـ ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله. ونكتة الأمر: أن الجسم في اعتقاد هذا النافي يستلزم مماثلة سائر الأجسام، ويستلزم أن يكون مركبًا من الجواهر الفردة، أو من المادة والصورة، وأكثر العقلاء يخالفونه في هذا التلازم، وهذا التلازم منتف باتفاق الفريقين، وهو المطلوب. فإذا اتفقوا على انتفاء النقص المنفي عن اللّه شرعًا وعقلًا؛ بقي بحثهم في الجسم الاصطلاحى: هل هو مستلزم لهذا المحذور؟ وهو بحث عقلى، كبحث الناس في الأعراض: هل تبقي أو لا تبقي؟ وهذا البحث العقلى لم يرتبط به دين المسلمين، بل لم ينطق كتاب ولا سنة ولا أثر من السلف بلفظ الجسم في حق اللّه ـ تعالى ـ لا نفيًا ولا إثباتًا، فليس لأحد أن يبتدع اسمًا مجملًا يحتمل معاني مختلفة، لم ينطق به الشرع ويعلق به دين المسلمين، ولو كان قد نطق باللغة العربية، فكيف إذا /أحدث للفظ معنى آخر؟ ! والمعنى الذي يقصده إذا كان حقًا عبر عنه بالعبارة التي لا لبس فيها، فإذا كان معتقده أن الأجسام متماثلة، وأن اللّه ليس كمثله شيء، وهو ـ سبحانه ـ لا سمى له، ولا كُفْو له، ولا ند له، فهذه عبارات القرآن تؤدى هذا المعنى بلا تلبيس ولا نزاع، وإن كان معتقده أن الأجسام غير متماثلة،وأن كل ما يرى وتقوم به الصفات فهو جسم، فإن عليه أن يثبت ما أثبته اللّه ورسوله من علمه وقدرته وسائر صفاته، كقوله:: {وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء} [البقرة: 255]، وقوله: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمتينُ} [الذاريات: 58]، وقوله عليه السلام في حديث الاستخارة: "اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك". وقوله في الحديث الآخر: "اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق". ويقول كما قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "إنكم ترون ربكم يوم القيامة عيانًا كما ترون الشمس والقمر لا تضامون في رؤيته" فشبه الرؤية بالرؤية، وإن لم يكن المرئيُّ كالمرئيِّ.
__________________
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ( ولا عيب على من أظهر مذهب السلف وانتسب إليه واعتزى إليه بل يجب قبول ذلك منه بالاتفاق فإن مذهب السلف لا يكون إلا حقا) . انظر مجموع الفتاوى (4/149). |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|