[تسجيل] نصيحة من الشيخ ماهر القحطاني حفظه الله إلى إخوانه من اهل تونس الخضراء

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فهذه نصيحة

الشيخ ماهر بن ظافر القحطاني حفظه الله
إلى إخوانه من أهل تونس الخضراء على ضوء أحداث الشغب والتخريب التي حدثت وتوسعت هناك.

وكانت هذه الكلمة في ختام محاضرة (( همة السلف في طلب العلم ))

والتي كانت موجهه للإخوة في مسجد التوبة في مدينة (( دوسلدورف )) في ألمانيا.

السبت 4/صفر/1432هـ
/ الموافق 08/01/2011

التفريغ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.

بالنسبة لسؤال الإخوان عن أحداث تونس من مظاهرات وتشغيب وشدة ولي الأمر عليهم في الحجاب..

فالجواب عن ذلك بالعلم فهو العلاج، فقد روى البخاري في صحيحه عن انس رضي الله تعالى عنه أنه لَمَّا جاؤوه يشكون له ظُلم الحجَّاج قال: (( اصبروا )) نعم قال: (( اصبروا فقد سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ما يأتيكم من عام إلا والذي بعده شَرٌّ منه حتى تلقوا ريكم )).

وأنا أقول لكم يا أهل تونس كما قال أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم اصبروا حتى تلقوا النبي على الحوض أطيعوا ولي أمركم واصبروا على ظلمه وجورِه كما صبر السلف من الصحابة كابن عمر وأنس وعطاء وغيرهم على ظُلم الحجاج وجوره فقد اوصاهم أنس بالصبر على الحجَّاج وكان يفعل فيهم أشد ما يفعل الحاكم بكم معشر أهل تونس ومع ذلك لم يأمر الصحابة لم يأمر معاصري، معاصرو الصحابة الناس بأن يخرجوا على الحجاج لأنهم يعملون بوصية النبي صلى الله عليه وسلم التي جاءت في صحيح مسلم ( اسمع واطع وإن جلد ظهرك وأخذ مالك " وما رواه البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه " من رأى من أميره شيء يكرهه ) مثل شدة أميره على الحجاب مثل شُربه للخمرن مثل ظُلمه وقتله للناس من غير حق ما لم يكفر قال : ( فليصبرفإنه من خرج عن الجماعة فمات مات ميتة جاهلية) (1) أو كما قال رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فعليكم أن تُصابروا وان تصطبروا فإن وعد الله حق وإن الساعة لآتية، وناصحوا إن استطعتم الحاكمَ سِرًّا وتفاهموا معه، ليذهب وُجهاؤكم إليه وقولوا له نحن لا نريد حكمًا ولا نريد شيئًا، لماذا أيها الحاكم في الغرب يُعطون الناس الحرية وأنت رجل الحمد لله مسلم ، تعلم مبادئ الإسلام هل في الغرب حاربوا المرأة المتحجبة فلماذا نحاربها؟! يقولوا للحاكم كلام طيب ويتفاهموا معه نعم ويصبروا على أذاه ولا يخرجوا بلسان ولا بسِنان قال الله تعالى: ﴿وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ ﴾.

وعبادة الله في الهرج إذا اختلطت المور واشتدت الفتن كما جاء في صحيح مسلم " عبادة الله في الهرج تعدل هجرة إليّ " فاعبدوتا الله وقوموا الليل في بيوتكم وصوموا الناهار وأكثروا من ذكر الله سبحانه وتعالى كما جاء في قول الله تعالى: ﴿ وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (٢٥٠) فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّـهِ ﴾. نعم فمن عمل بذلك فدعى الله عز وجل وعمل بالسنة فإن الله ناصره وإن لم يكن معه سلاح هكذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءته الأحزاب من كل مكان وليس معه قوة يدفعهم أو يواجههم إلا بالخندق بناه فمن الذي هزمهم؟ هزمهم الله باضعف جنده: الريح. فجعلت تكفئ قدورهم؛ فإذا أنتم صبرتم واتقيتم الله وتركتم الخروج عن الحاكم باللسان والسنان فإن الله عز وجل ناصركم -لا إله إلا هو- .

وأما أن تصنعوا أو تُصنع مظاهرات فتلك بدعة في دين رب الأرض والسماوات، فإذا طالبتم بشيء ديني فقد ابتدعتم وإذا طالبتم بشيء دنيوي فقد فسقتم لأنكم شابهتم حينئذٍ الفساق الذين والكفار الذين صنعون هذا بالمطالبات ومن تشبَّه بقوم فهو منهم.

فأوصيكم بالصبر وكثرة ذكر الله وأن تبقوا في بيوتكم تذكرون الله وتصومون لا تتعرضوا لفتنة الحاكم وإذا خفتم أن تصلوا مع الجماعة فصلوا في بيوتكم نعم، والمرأة لا تخرج فيكم ما دام الحاكم يأمرها بنزع الحجاب إلا لضرورة تبقى في البيت فعبادة الله لها بالبقاء لها في بيتها خير من أن تزور أخت لها في الله أو تذهب لجنازة أو تذهب لشيء مما ربما نُهيت عنه لأن الله قال: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ﴾. وقال في الرجال: " من أمسك لسانه ووسعه بيته وبكى على خطيئته " نعم قال: " طوبى لمن أمسك لسانه ووسعه بيته وبكى على خطيئته "(2) فكونوا كذلك في هذه الفتن وأكثروا من عبادة الله واسأل الله أن يُثبّتكم ويُجنّبكم الفتن ما ظهر منها وما بطن وينصركم نصرًا مؤزرًا.

_________________

(1)(6646) - (من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر عليه فإنه من فارق الجماعة شبراً فمات، إلا مات ميتة جاهلية).

(2) :طوبى لمن ملك لسانه ، ووسعه بيته ، وبكى على خطيئته .

[أبو عبد الله بشار]

جزى الله خيراً الشيخ ماهر على هذه النصيحة
ونسأل الله أن يُصلح بين إخواننا في كل مكان