|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | التقييم: | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [المجلد الثاني]
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله- 【 باب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم 】 [83] : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان رسول الله ﷺ إذا كبّر سكت هُنيهة قبل أن يقرأ . فقلت : يا رسول الله بأبي أنت وأمي ، أرايت سكوتك بين التكبير والقراءة ، ما تقول ؟ . قال : { أقول اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب ، اللّهم نقني من خطاياي كما يُنقّى الثوب الأبيض من الدنس ، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرَد }. موضوع الحديث : الاستقتاح في الصلاة ، والاستفتاحات على أنواع ثلاثة : دعاء كهذا وثناء كحديث أبي سعيد الخدري : { سبحانك اللهم وبحمدك }، ومزيج من الثناء والدعاء كحديث علي. ، وابن عباس عند مسلم . المفردات : هنيهة : مصغر هنة أي وقت يسير . بأبي وأمي : أي أفديك بأبي وأمي . نقني : طهرني حتى أكون نقياً . الدرن : الوسخ . الثلج : هو الماء المتجمد بالطبع لا بالصناعة . البرد : قطع بيض تنـزل مع المطر تشبه الملح الذكر . المعنى الإجمالي : سأل أبو هريرة رضي الله عنه رسول الله ﷺ عما يقوله في سكتته بين التكبير والقراءة ، فأخبره رسول الله ﷺ أنه يقول هذا الدعاء الجامع النافع المقتضي للمباعدة بينه وبين خطاياه بعداً لا لقاء بعده ، كالبعد الذي بين المشرق والمغرب ، وأن ينقيه من خطاياه ، أي ينظفه منها كتنظيف الثوب الأبيض الذي غسل بالمنظفات ، وأن يغسله بالماء والثلج والبَرَد . فقه الحديث : أولاً : يؤخذ من قوله : كان رسول الله ﷺ إذا كبّر سكت هنيهة قبل أن يقرأ . دليل أنه داوم على هذه السكتة ؛ لأن (كان) تفيد الاستمرار غالباً ، وهو متعقب بما لا ينتهض هنا . ثانياً : فيه دليل لما ذهب إليه الجمهور من استحباب هذا الذكر وغيره من الأذكار الواردة في الاستفتاح بين التكبير والقراءة خلافاً للمالكية القائلين بكراهة ذلك . وخلافاً للهادوية بأن التوجيه محله قبل التكبير ، ففي هذا الحديث وحديث علي عند مسلم ردٌّ عليهم بما ثبت عن المعصوم ﷺ ، والشرُّ في مخالفته واتباع أقوال الرجال . ثالثاً : في قوله : " ما تقول ؟ " إشعار بأنه كان يقول شيئاً في هذه السكتة ولعله استدل على ذلك باضطراب لحيته كما قال ابن دقيق العيد . رابعاً : يؤخذ منه حرص الصحابة رضي الله عنهم على تعلّم الدين وتتبعهم لأحوال النبي ﷺ في أقواله وأفعاله . خامساً : يؤخذ من قوله : " أقول ...الخ " استحباب الدعاء بما ورد فيه بين التكبير والقراءة وهو الذي يسمى الاستفتاح ، وهذا الحديث هو أصح ما ورد في الاستفتاح لأنه متفق عليه ، وقد روى مسلم من حديث علي ابن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي ﷺ كان إذا قام إلى الصلاة قال : { وجهتُ وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين ، إن صلاتي ونئسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ...}الحديث . وفي رواية غير يوسف بن الماجشون وهما : عبد الرحمن بن مهدي وعبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشُون كان رسول الله ﷺ إذا استفتح الصلاة كبّر ثم قال : وجهتُ وجهي .. الحديث . ورواه ابن خزيمة ، والشافعي في "الأم" وقيّداه بالمكتوبة . وذكر الحافظ في الفتح (2/23) وتبعه الشوكاني أن مسلماًَ قيّده بصلاة الليل ، وتعقبه الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله – ونسب ذلك إلى الوهم ، وعندي أن نسبة الحافظ إلى الوهم في هذا ليس بجيد فلعله أخذ ذلك من وضع مسلم له في صلاة الليل أو أن زيادة "من جوف الليل" كان في نسخته ، والمهم أن الشافعي أخذ بهذا التوجيه واختار أحمد بن حنبل دعاء { سبحانك اللهم وبحمد وتبارك اسمك وتعالى جَدُّك ولا إله غيرك } رواه أبو داود عن عائشة رضي الله عنها ، وفي سنده مقال . وأخرجه الخمسة عن أبي سعيد ، وفي سنده علي بن علي الرفاعي متكلم فيه أيضاً ، ووثقه يحيى بن معين . ورواه مسلم في صحيحه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه موقوفاً عليه ، وقد اختاره الإمام أحمد – رحمه الله – بأنه ثناء محض ، والثناء على الله أفضل من الدعاء ، أما حديث أبي هريرة _ فهو دعاء محض وسنده أصح من كل الاستفتاحات ، وحديث علي مزيج من الثناء والدعاء ، ولعل الأولى أن يعمل الإنسان بكل هذه الاستفتاحات ، يعمل بهذا تارة ، وبهذا تارة ، لأنها كلها صحيحة وإن كان حديث أبي هريرة أصح . والله أعلم . سادساً : استعمل النبي ﷺ الدعاء بالمباعدة للعصمة في المستقبل والغسل والتنقية لما قد حصل في الماضي وبهذا يعتبر أنه قد سأل الله أن يقيه شر الذنوب الماضية بمحوها وإزالتها والآتية بالمباعدة عنها وعن أسبابها . سابعاً : في الجمع بين الماء والثلج والبَرد لطيفة وهي أن النبي ﷺ أشار بالمطهرات الحسية إلى المطهرات المعنوية ، وهي العفو والمغفرة والرحمة كما يقول بعض العلماء ،فالماء والثلج والبَرد مطهرات حسية للدنس الحسي والعفو والمغفرة والرحمة مطهرات معنوية للدنس المعنوي ، ومع أن هذه المطهرات قد جمعت بين التبريد والتنظيف والمعاصي من صفاتها الحرارة والوساخة لذلك طلب ما يزيل هذه الصفات بأضدادها . والله أعلم . َ تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحيى النجميَ [ المجلد الثاني : ص / 5 - 10] تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [2] [ المجلد الثاني ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam2.pdf التصفية والتربية TarbiaTasfia@ التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 18-03-2015 الساعة 05:29PM |
#2
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [84] : عن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان رسول الله ﷺ يستفتح الصلاة بالتكبير والقراءة بـ [الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ]، وكان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه ولكن بين ذلك ، وكان إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائماً ، وكان إذا رفع رأسه من السجدة لم يسجد حتى يستوي قاعداً ، وكان يقول في كل ركعتين التحية ، وكان يفرش رجله اليسرى وينصب اليمنى ، وكان ينهى عن عقبة الشيطان ، وينهى أن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السبع ، وكان يختم الصلاة بالتسليم " . موضوع الحديث : بيان كيفية صلاة النبي ﷺ ليأخذ المكلف منها القدوة والأسوة ويعمل جاهداً على تطبقيها في صلاته امتثالاً لقوله : {صلوا كما رأيتموني أصلي } . المفردات : يشخص رأسه : يرفعه . يصوبه : يخفضه عن ظهره . التحية : هي اسم للتشهد (التحيات) . يفرش رجله اليسرى : أي يجعلها تحت مقعدته مبسوطة ظاهر القدم إلى الأرض وباطنها تحت المقعدة . وينصب اليمنى : أي عن يمينه بأن يستقبل بأطراف أصابعه القبلة والقدم منصوبة . عُقْبة الشيطان : هي بضم العين وإسكان القاف وإضافتها إلى الشيطان يدل على قبحها ، وصورتها أن يفرش الرجل قدميه ويجعلها عن يمينه وعن يساره ويفضي بعقبه إلى الأرض بينهما . افتراش الشبع : أي افتراشاً كافتراش الشبع ، وهو وضع المصلي لذراعيه مع كفيه . المعنى الإجمالي : وصفت عائشة رضي الله عنها صفة صلاة النبي ﷺ فأخبرت أنه يدخل في الصلاة بالتكبير أي بلفظ "الله أكبر" ، ويفتتح بالقراءة بـ [الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ]أي أنه يقرأ الفاتحة قبل السورة ، أو أنه لا يجهر بالبسملة قبل الفاتحة ، وكان إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يعتدل قائماً ، وإذا رفع رأسه من السجدة الأولى لم يسجد ثانية حتى يطمئن قاعداً ، وكان يقول في كل ركعتين التحية أي يتشهد بعد كل ركعتين ، وكان يجلس جلسة الافتراش في التشهد وكان ينهى عن الجلسة التي تسمى بعقبة الشيطان ، وينهى عن بسط الذراعين في السجود ويخرج من الصلاة بالتسليم . فقه الحديث : قال ابن دقيق العيد : سهى المصنف في إيراد هذا الحديث في هذا الكتاب ، فإنه مما انفرد به مسلم عن البخاري ، فرواه من حديث حسين المعلم، عن بديل بن ميسرة، عن أبي الجوزاء، عن عائشة رضي الله عنها ، وشرط الكتاب تخريج الشيخين للحديث . قال ابن حجر : وله علة ، لأنه أخرجه مسلم من رواية أبي الجوزاء عن عائشة ولم يسمع منها . اهـ قلت : وإخراج مسلم له يدل على صحته عنده ، وفيه عشر مسائل : الأولى : تعيين التكبير في التحريمة بلفظة "الله أكبر" وهو مذهب الثلاثة : مالك والشافعي وأحمد ، وأجاز أبو حنيفةإبدال اسم أكبر بما دل على معناه كأجل وأعظم . وأوجب ابن حزم هذا الاسم وأجاز إبدال لفظ الجلالة بالرحمن أو الرحيم ، أو غيرهما من الأسماء مستدلاً بقوله تعالى : [وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً ] (الإسراء: من الآية111) . لكن يترجح مذهب الثلاثة ، للعمل المتداول المنقول جيلاً عن جيل من عصر النبوة إلى يومنا هذا على هذا اللفظ في التحريمة ، ولما روى ابن ماجة من حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال : كان رسول الله ﷺ إذا قام إلى الصلاة اعتدل قائماً وقال : الله أكبر ، قال الحافظ : رجاله ثقات ، لكن فيه إرسال . قال : وروى البزار من حديث علي بسند صححه ابن القطان ، أن النبي ﷺ كان إذا قام إلى الصلاة من الليل قال : "الله أكبر ، وجهت وجهي ... الخ " . قال ابن القطان : وهذا يعني تعيين لفظ "الله أكبر" عزيز الوجود غريب في الحديث لا يكاد يوجد حتى لقد أنكره ابن حزم وقال : ما عرف قط . وهو في مسند البزار وإسناده من الصحة بمكان ، قال الحافظ : قلت : هو على شرط مسلم . اهـ الثانية : استدل بقول عائشة والقراءة بـ [الحمد لله رب العالمين ] من لم يرَ البسملة من الفاتحة وهم المالكية ، ومن يرى الإسرار بها وهم الحنفية والحنابلة ، أما الشافعي فقال : إنما معنى الحديث أنه يبدأ بالفاتحة قبل السورة . كما يقال قرأت تبارك الذي بيده الملك وأنت تريد السورة بأكملها والبسملة منها ، وسيأتي مزيد بيان لذلك – إن شاء الله – والله أعلم . الثالثة : يؤخذ من قولها : " وكان إذا ركع .... الخ " ، سنية المحاذاة بين الرأس والظهر وكراهة التشخيص والتصويب الذي سبق بيانه ، بل السنة أن يَهصُرَ المصلي ظهره ويجعل رأسه محاذياً لظهره لا أرفع منه ولا أنزل . الرابعة : يؤخذ من قولها : " وكان إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائماً " وجوب الاعتدال بين الركوع والسجود وهو مذهب الأئمة الثلاثة ولم يوجبه أبو حنيفة تمشياً على أصله وهو تقديم المطلق على المقيد مستدلاً بقوله تعالى : [ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ] (الحج:77) . قال : إن الله أمر في هذه الآية بمطلق الركوع والسجود فإذا حصل ما يسمى ركوعاً وسجوداً لغوياً كفى . ويجيب الأئمة الثلاثة والجمهور بأن الأمر المطلق الوارد في القرآن بالركوع والسجود وعموم الصلاة قد بيّنه رسول الله ﷺ بفعله وقوله ، وقال : { صلوا كما رأيتموني أصلي } وأنكر على من صلى ولم يتم الركوع والسجود وأمر بالإعادة ونفى عنه الصلاة الشرعية بقوله : { ارجع فصل فإنك لم تُصل } . وكان قد حصل منه ما يسمى صلاة في اللغة فاتجه النفي إليها ، وتبين بأن الصلاة لا تسمى صلاة في الشرع ولا تبرأ بها الذمة إلا إذا وقعت على النحو الذي بينه رسول الله ﷺ ، وقد تبين بهذا ضعف ما ذهب إليه هذا الإمام – رحمه الله – والله أعلم . الخامسة : يؤخذ من قوله :" وكان إذا رفع رأسه من السجود ...الحديث " وجوب الطمأنينة فيه والبحث فيه وفي الركوع والسجود والاعتدال بين الركوع والسجود واحد . السادسة : يؤخذ من قولها : " وكان يقول في كل ركعتين التحية ..." وجوب التشهد الأول وهو مذهب الإمام أحمد ، وقال مالك وأبو حنيفة بسنية التشهدين جميعاً وقال الشافعي بسنية الأول وفرضية الثاني ، وسأستوفي البحث في بابه – إن شاء الله - . السابعة : يؤخذ من قولها : "وكان يفرش رجله اليسرى وينصب اليمنى .." حجة لمذهب أبي حنيفة ، أن جلسة التشهد الافتراش سواء كان أولاً أو أخيراً ، وقال مالك بعكسه ، وهو سنية التورك فيهما ، وقال الشافعي وأحمد بالفرق بين الأول والأخير ، فالأول جلسته الافتراش ، والثاني جلسته التورك كما ورد في حديث أبي حميد ، وهو الراجح الذي يؤكده الأدلة . الثامنة : يؤخذ من قولها : "وكان ينهى عن عُقبة الشيطان" كراهية هذه الهيئة ، وفسرت بتفسيرين : أحدهما : أن يفرش قدميه على الأرض ويجلس بعقبه عليهما . الثاني : أن ينصب قدميه ويفضي بعقبه إلى الأرض بينهما . وقد تعقب الصنعاني ابن دقيق العيد في الصورة الأولى بأنها هي الواردة في حديث ابن عباس عند مسلم وأخبر أنها هي السنة أي في الجلسة بين السجدتين ، وجعل الصورة الثانية أن يجلس بإليتيه على الأرض وينصب ساقيه . قلت : هذه الصورة هي التي فسر بها الإقعاء وهو مكروه باتفاق ، إلا أن الإقعاء غير عُقبة الشيطان ، والأقرب أنها هي الصورة الثانية التي يفضي فيها المصلي بعقبه إلى الأرض بين قدميه ، وهذا هو الأقرب إلى تسميتها عقبة والله أعلم . التاسعة : يؤخذ من قولها : " وكان ينهى أن يفترش الرجل ذراعيه " كراهية افتراش الذراعين في السجود ، وتتأكد الكراهية بمشابهة السبع . العاشرة : يؤخذ من قولها : " وكان يختم الصلاة بالتسليم " دليل لمن قال بوجوب السلام وهم الجمهور ، وقال أبو حنيفة : لا يجب ، مستدلاً بحديث عبد الله بن عمرو مرفوعاً بلفظ : { إذا جلس في آخر صلاته فأحدث قبل أن يسلم فقد تمت صلاته } وفي سنده عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي وهو ضعيف ، ومذهب الجمهور هو الأرجح ، لما عليه من الأدلة الكثيرة التي لا سبيل إلى ردها ، منها هذا الحديث ومنها حديث علي : " وتحليلها السلام " وهو حديث صحيح صححه الترمذي وابن عبد البر وأحمد شاكر وضعفه بعضهم بعبد الله بن محمد بن عقيل ، والطعن فيه من قبل حفظه ، لكن حكى الترمذي عن محمد بن إسماعيل البخاري أنه قال فيه : مقارب الحديث كان أحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم والحميدي يحتجزن بحديثه ، والأحاديث الدالة على السلام كثيرة ولكن أغلبها وردت من الفعل وفي الإيجاب به نزاع عند أهل الأصول غير أنه هنا يفيد الوجوب لأمور هنا يفيد الوجوب لأمور ثلاثة : أحدها : أن صلاة النبي ﷺ وقعت بياناً للمجمل الوارد في القرآن أعني الأمر بالصلاة فقد بينه ﷺ بفعله . ثانيها : أن النبي ﷺ قال : { صلوا كما رأيتموني أصلي } فأمره هذا أمر بأفعاله الواردة في الصلاة ومن لازم ذلك أنها واجبة . ثالثها : أنه لم يعرف أن النبي ﷺ خرج من صلاته بغير سلام ، ومواظبته عليه طول عمره تدل على الوجوب . والله أعلم . فائدة : في قول عائشة رضي الله عنها : " وكان يختم الصلاة بالتسليم " دليل لمن قال بوجوب التسليمتين باعتبار أن (أل) للعهد الذهني ، أي التسليم المعهود في الذهن ، ويؤيد هذا المفهوم بأدلة كثيرة ، فيها الصحيح والحسن والضعيف ، ومن أصحها حديث عامر بن سعد عن أبيه عند مسلم قال : كنت أرى رسول الله _ يسلم عن يمينه وعن يساره حتى أرى بياض خده ، وعزاه في المنتقى إلى أحمد والنسائي ، وحديث ابن مسعود عند أحمد والأربعة بسند صحيح ولفظه عند أبي داود ، أن النبي _ كان يسلم عن يمينه وعن شماله حتى يرى بياض خده "السلام عليكم ورحمة الله ، السلام عليكم ورحمة الله " ، وحديث أبي معمر عند مسلم ، وحديث جابر بن سمرة رواه مسلم ، وفي آخر حديثه : " علام تؤمئون بأيديكم " الخ، أما الاكتفاء بتسليمة واحدة فقد وردت فيه أحاديث كلها ضعيفة إلا ما رواه الترمذي من طريق أبي حفص التنيسي، عن زهير بن محمد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها ، أن رسول الله _ كان يسلم في الصلاة تسليمة واحدة تلقاء وجهه يميل إلى الشق الأيمن شيئاً ، ورواه الحاكم وقال : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه . ووافقه الذهبي ، وتكلم البخاري في زهير بن محمد فقال : أهل الشام يروون عنه مناكير ، ورواية أهل العراق عنه أشبه وأوضح . وقال أبو حاتم : هو حديث منكر . وضعفه الطحاوي وصوب ابن معين والنووي وابن عبد البر عدم رفعه ورجحوا أنه موقوف على عائشة ، لكن وجد الحديث مرفوعاً من طريق أخرى عزاها الحافظ في التلخيص إلى بن حبان والسراج في مسنده ، وقال هو على شرط مسلم غير أنه يدل على أن وقوع ذلك إنما كان في قيام الليل ، وعلى هذا فجواز الاكتفاء بالتسليمة والواحدة إنما كان في النافلة لثبوت الحديث بذلك ، وقد اختلف القائلون بالتسليمتين في حكمها هل هي واجبة كلها أم لا ؟ فقال بوجوب التسليمتين الإمام أحمد – رحمه الله – بل ذهب في المشهور عنه إلى أن التسليمتين ركن من أركان الصلاة . وذهب الشافعي – رحمه الله – إلى وجوب الأولى ، وسنية الثانية . وذهب أبو حنيفة ومالك – رحمهما الله – إلى سنيتها . وما ذهب إليه الإمام أحمد هو الأرجح ؛ لمواظبة النبي _ على فعلها وقولـه : { صلوا كما رأيتموني أصلي } وما ورد من إطلاق في بعض الأحاديث ، فهو محمول على المقيد . والله أعلم . تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحيى النجميَ [ المجلد الثاني ] تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [2] [ المجلد الثاني ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam2.pdf التصفية والتربية TarbiaTasfia@ |
#3
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [85] : عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما - : أن النبي ﷺ كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة وإذا كبر للركوع ، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك وقال : "سمع الله لمن حمده ، ربنا ولك الحمد" ، وكان لا يفعل ذلك في السجود . متفق عليه . موضوع الحديث : بيان مواضع الرفع في الصلاة وصفته . المفردات : حذو : الحذو والحذاء المقابلة والمساواة ، أي جعل يديه مساوية لمنكبيه في الارتفاع . المكنبين : هما الكتفان . افتتح الصلاة : أي دخل فيها بالتكبير . المعنى الإجمالي : شرعت الصلاة لذكر الله والتذلل لعظمته والخضوع لجلاله ، ومن أجل ذلك كان افتتاحها بإسناد الكبرياء له وحده لا شريك له والمتضمن لعلو القدر "الله أكبر" ، أي مصحوباً برفع اليدين المتضمن لعلو القهر وعلو الذات ، فكان المشرَّع _ يرفع يديه إلى أن تحاذي منكبيه حين يكبر للإحرام ، وحين يكبر للركوع ، وحين يسمعل رافعاً من الركوع ، أما السجود فلم يحفظ ابن عمر الرفع فيه ـ وقد حفظه غيره كما سيأتي إن شاء الله . والله أعلم . فقه الحديث : يؤخذ من الحديث مشروعية الرفع في المواضع الثلاثة وهي عند تكبيرة الإحرام ، وعند التكبير للركوع ، وعند الرفع من الركوع . فأما عند تكبيرة الإحرام فقد أجمعت الأمة على مشروعيته إلا ما روي عن الإمام الهادي من أهل البيت لأنه ثبت بالتواتر عن النبي ﷺ ، قال البيهقي عن شيخه أبو عبد الله الحاكم أنه قال : لا نعلم سنة اتفق على روايتها الأربعة الخلفاء ، ثم العشرة المشهود لهم بالجنة فمن بعدهم من أكابر الصحابة مع تفرقهم في البلدان الشاسعة غير هذه السنة ، قال البيهقي : وهو كما قال أستاذنا . ثم اختلفوا فيما عداه ، فذهب الإمام أحمد – رحمه الله – إلى إثباته في هذه الثلاثة المواضع وفي القيام من التشهد الأول لحديث ابن عمر عند البخاري بلفظ : " وإذا قام من الركعتين رفع يديه " ، وعن علي نحوه عند الترمذي ، وصححه ، وهو عند أبي داود من حديث أبي حميد الساعدي _ في صفة صلاة النبي ﷺ ، وقد ادعى مذهباً للشافعي – رحمه الله – مضافاً إلى المواضع الثلاثة المذكورة في حديث ابن عمر ؛ لأنه قال : إذا صح الحديث فهو مذهبي . قلت : ينبغي لقائل ذلك أن يطّرده في كل مسألة خالف فيها مذهب الشافعي حديثاً صحيحاً ، وهو نص في المسألة لا يحتمل التأويل كهذا . والله أعلم . وذهب الإمام مالك إلى إثبات الرفع في الثلاثة المواضع وعنه رواية ثانية بقصره على تكبيرة الإحرام والمشهور عنه الأول . وذهب أبو حنيفة وأهل الكوفة إلى قصر الرفع على تكبيرة الإحرام فقط . وقال الحافظ في الفتح : " وأما الحنفية فعولوا أي في ترك الرفع في غير تكبيرة الإحرام على رواية مجاهد أنه صلى خلف ابن عمر فلم يره يفعل ذلك . وأجيب بالطعن في إسناده ؛ لأن أبا بكر بن عياش راويه ساء حفظه بأخره ، وعلى تقدير صحته فقد أسند ذلك سالم ونافع وغيرهما عنه ، والعدد الكثير أولى من واحد ، لا سيما وهم مثبتون وهو نافٍ مع أن الجمع بين الروايتين ممكن وهو أنه لم يره واجباً ففعله تارة وتركه أخرى " اهـ فتح (2/22) . قلت : روى أبو داود حديثاً عن ابن مسعود _ من طريق عاصم بن كليب ، عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة قال : قال : عبد الله بن مسعود _ : ألا أصلي بكم صلاة رسول الله _ ، فصلى فلم يرفع يديه إلا مرة واحدة . قال أبو داود : هذا حديث مختصر من حديث طويل ، وليس بصحيح . وأسند الترمذي عن عبد الله بن المبارك أنه قال : ثبت حديث من يرفع يديه ولم يثبت حديث ابن مسعود أن النبي ﷺ لم يرفع يديه إلا في أول مرة ، وروى أبو داود من طريق يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن البراء بن عازب رضي الله عنه ، أن رسول الله ﷺ كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه إلى قريب من أذنيه ثم لا يعود . حدثنا عبد الله بن محمد الزهري ، حدثنا سفيان ، عن يزيد نحو حديث شريك – يعني السابق – لم يقل : ثم لا يعود ، قال سفيان ، قال لنا بالكوفة : بعد ثم لا يعود ، قال أبو داود : روى هذا الحديث هشيم وخالد ، وابن إدريس عن يزيد لم يذكروا : ثم لا يعود . قال الحافظ في لتلخيص (1/221-222) : واتفق الحُفاظ على أن قوله : " ثم لم يعد " مدرج في الخبر من قول يزيد بن أبي زياد ، ورواه عنه بدونها شعبة والثوري وخالد الطحان وزهير وغيرهم من الحفاظ وحكى تضعيفه عن أحمد بن حنبل والبخاري ويحيى والدارمي والحميدي وغير واحد . ومما احتجت به الحنفية حديث جابر بن سمرة _ عند مسلم : ما لي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شُمس ، اسكنوا في الصلاة . وليس فيه دليل على ذلك ؛ لأنه مختصر من حديث طويل تبين من سياقه أن النهي إنما هو عن رفع الأيدي مع السلام ، وبذلك صرّح ابن حبان ، حكاه الحافظ في التلخيص (1/221) . واحتجوا أيضاً بما روي عن ابن عباس _ أن النبي ﷺ كان يرفع يديه كلما ركع ، وكلما رفع ، ثم صار إلى افتتاح الصلاة وترك ما سوى ذلك ، قال فيه ابن الجوزي لا أصل له والمعروف عن ابن عباس خلافه ، وقد تبين للقارئ من هذا العرض عدم انتهاض شيء من أدلة الحنفية التي اعتمدوا عليها في ترك الرفع فيما عدا تكبيرة الإحرام لو كان خالياً عن المعارضة فضلاً عن أن تعارض به الأحاديث الصحيحة . ومن هنا تعلم أن المحاماة عن المذاهب قد تأصلت في الناس ، نحمد الله على السلامة . ثانياً : يؤخذ منه أن غاية الرفع إلى حذاء المنكبين أي ما يقابلها . قال ابن دقيق العيد – رحمه الله – هو اختيار الشافعي في منتهى الرفع ، وأبو حنيفة اختار الرفع إلى حذو الأذنين ، وفيه حديث آخر يدل عليه . قلت : هو حديث مالك بن الحويرث عند مسلم بلفظ : " كان إذا كبر رفع يديه حتى يحاذي بهما أذنيه " . وقال : ورجح مذهب الشافعي بقوة السند لحديث ابن عمر وبكثرة الرواة لهذا المعنى ،فروى عن الشافعي أنه قال : روى هذا الخير بضعة عشرة نفساً من الصحابة ، وربما سلك طريق الجمع – أي الشافعي – فحمل خبر ابن عمر على أنه رفع يديه حتى حاذت كفاه منكبيه ، والخبر الآخر على أنه رفع يديه حتى حاذت أطراف أصابعه أذنيه . قال الصنعاني : هو جمع حسن . قلت : ويؤيده حديث عبد الجبار بن وائل بن حجر عن أبيه عند أبي داود بلفظ : " كان رسول الله ﷺ إذا افتتح الصلاة رفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ويحاذي بإبهاميه أذنيه " ثم كبر . رجاله رجال الصحيح إلا أن عبد الجبار لم يسمع من أبيه كما ذكر الأئمة . والله أعلم . أما ترتيب التكبير مع الرفع ففيه أقوال ، أحدها تقديم الرفع على التكبير دليله حديث ابن عمر عند مسلم بلفظ : " رفع يديه حتى تكونا حذو منكبيه ثم كبّر " . أما حديث عبد الجبار المتقدم فهو منقطع كما عرفت . الثاني : تقديم التكبير على الرفع دليله حديث مالك بن الحويرث عنده – أيضاً – بلفظ إذا صلى كبر ثم رفع يديه ، وفي آخره وحدث أن رسول الله ﷺ كان يفعل هكذا . قال الحافظ : ولم أر من قال بتقديم التكبير على الرفع . قلت : إذا ثبت عن رسول الله ﷺ فلا يهمنا ، قال به أحد أم لا ، ما لم يعلم له ناسخ ، ولا ناسخ هنا ، بل الذي يظهر من فعل النبي ﷺ جواز الجميع ، نعم إذا ثبت الإجماع على ترك العلم بحديث فإنه يدل على نسخه وإن لم يعلم الناسخ كما قال الشيخ حافظ – رحمه الله - : وليس الإجماع على ترك العمل ** بناسخ لكـن على الناسخ دل الثالث : يرفع مع التكبير يبتدئ معه وينتهي معه ، دليله حديث عبد الجبار بن وائل عند أبي داود : حدثني أهل بيتي عن أبي مرفوعاً بلفظ : يرفع يديه مع التكبير . وهو منقطع ، وفي سنده مجهول إلا أنه يعتضد بحديث عبد الرحمن بن عامر اليحصبي عند البيهقي نحو حديث عبد الجبار ذكر ذلك الحافظ في التلخيص واستنبطه البخاري من حديث ابن عمر . الرابع : يرفع غير مكبر ثم يكبر ويداه قارتان ثم يرسلهما دليله حديث ابن عمر عند أبي داود مرفوعاً بلفظ : " رفع يديه حتى تكونا حذو منكبيه ثم كبر وهما كذلك " . غير أن في إسناده محمد بن المصفي الحمصي ، قال فيه ابن حجر : صدوق له أوهام وكان يدلس ، وبقية بن الوليد وهو مدلس أيضاً ، ولكنهما قد صرحا بالتحديث هنا . الجمع : قد رأيت أن كلا من الأقوال الأربعة يستند إلى دليل يظهر معارضته لغيره ، والأولى الجمع بجواز الجميع . والله أعلم . ثالثاً : يؤخذ من قوله " رفعهما كذلك ، وقال سمع الله لمن حمده ، ربنا ولك الحمد " سنية الجمع بين التسميع والتحميد للمأموم لقوله : " صلوا كما رأيتموني أصلي " ، وبه يقول الشافعي وعطاء وابن سيرين ، لكن يعارضه حديث أبي هريرة المتفق عليه : { إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فلا تختلفوا عليه ، فإذا كبر فكبروا ، وإذا ركع فاركعوا ، وإذا قال : سمع الله لمن حمد } ، وبحديث أيضاً عند البخاري والترمذي مرفوعاً بلفظ : إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده ، فقولوا : اللهم ربنا ولك الحمد ، فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه } ، وهما نصان في أن المأموم ذكره التحميد دون التسميع في الاعتدال ، وبذلك أخذ الإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله – في المأموم وأخذ بحديث ابن عمر في الإمام والمنفرد وهو الأرجح لما علم من القواعد الأصولية أن القول مقدم على الفعل لا سيما وهذا أمر مرتب على التسميع ، أما حديث أبي هريرة _ أن النبي ﷺ قال : " إذا قال الإمام : سمع الله لمن حمده فليقل من وراءه سمع الله لمن حمده " . أخرجه الدارقطني في باب نسخ التطبيق (1/339 ، 340) . وأخرج بعده اللفظ الآخر : " فليقل من وراءه اللهم ربنا ولك الحمد " ، وقال : هذا هو المحفوظ بهذا الإسناد . والله أعلم . نقله الحافظ في الفتح وقال – أيضاً – بعد ذكر الخلاف في المسألة : وزاد الشافعي أن المأموم يجمع بينهما أيضاً ، لكن لم يصح في ذلك شيء . أما ما ذهب إليه مالك وأبو حنيفة – رحمهما الله تعالى – من أن الإمام لا يقول : ربنا ولك الحمد . فهو مذهب ضعيف ، ولعدم استناده إلى حجة قوية ، أما المنفرد فحكى الطحاوي وابن عبد البر الإجماع على أنه يجمع بينهما . والله أعلم . رابعاً : يؤخذ من قوله : " وكان لا يفعل ذلك في السجود " عدم مشروعية الرفع في السجود ، وإليه ذهب الجمهور ، ولكن روى ابن حزم في المحلى حديثاً بسنده إلى محمد بن بشار ، قال : حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يرفع يديه إذا دخل في الصلاة ، وإذا ركع ، وإذا قال سمع الله لمن حمده ، وإذا سجد ، وبين الركعتين يرفعهما إلى ثدييه ، ثم قال : قال علي : هذا الإسناد لا داخلة فيه ، وما كان ابن عمر ليرجع إلى خلاف ما روى من ترك الرفع عند السجود إلا وقد صح عنده فعل النبي _ لذلك . اهـ وروى الطحاوي في "المشكل" الرفع في السجود عن ابن عمر مرفوعاً ، حكاه الحافظ في الفتح (2/223) وحكم عليه بالشذوذ ، وقال - أيضاً - : وأغرب الشيخ أبو حامد في تعليقه فنقل الإجماع على أنه لا يشرع الرفع في غير المواضع الثلاثة ، وتعقب بصحة ذلك عن ابن عمر وابن عباس وطاووس ونافع وعطاء ، كما أخرجه عبد الرازق وغيره عنهم بأسانيد قوية . وقد قال به من الشافعية ابن خزيمة وابن المنذر ، وأبو علي الطبري ، والبيهقي ، والبغوي ، وحكاه ابن خويز منداد عن مالك وهو شاذ ، وأصح ما وقفت عليه من الأحاديث في الرفع من السجود ما رواه النسائي من رواية سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن نصر بن عاصم عن مالك بن الحويرث أنه رأى النبي _ يرفع يديه في صلاته إذا ركع ، وإذا رفع رأسه من ركوعه ، وإذا سجد ، وإذا رفع رأسه من سجوده حتى يحاذي بهما أذنيه . قال : وقد أخرج مسلم بهذا الإسناد طرفه الأخير كما ذكرناه في أول الباب قبل هذا ، ولم ينفرد سعيد أي ابن أبي عروبة بروايته ، فقد تابعه همام ، عن قتادة عند أبي عوانة في صحيحة ا هـ. وروى ابن حزم في "المحلى" بسنده إلى ابن أبي شيبة قال : حدثنا عبد الوهاب ابن عبد المجيد الثقفي ، عن حميد ، عن أنس _ أن رسول الله _ كان يرفع يديه في الركوع والسجود . قال الشيخ أحمد شاكر) – رحمه الله – في تعليقه على المحلى : هذا إسناد صحيح جداً ، وهو كما قال . فإن رواته كلهم أئمة ، أخرج لهم الجماعة . وروى أبو داود من طريق أبي هريرة _ بسند رجاله رجال مسلم قال : كان رسول الله _ إذا كبر للصلاة جعل يديه حذاء منكبيه ، وإذا ركع فعل مثل ذلك ، وإذا وقع للسجود فعل مثل ذلك ، وإذا قام من الركعتين فعل مثل ذلك . ذكر الحافظ في "التلخيص" وقال : رجاله رجال الصحيح . وفي الباب عن وائل بن حجر عند أبي داود إلا أنه منقطع ؛ لأن علقمة لم يسمع من أبيه ولكن يتأيد بهذه الأحاديث الثابتة . والحاصل أن الرفع في السجود قد ثبت من رواية ثلاثة من الصحابة هم : 1- مالك بن الحويرث . 2- أنس بن مالك . 3- أبو هريرة – _ - بأسانيد صحيحة . وإنما تركه الجمهور لأنهم رجحوا حديث ابن عمر ومذهب الذين اثبتوه أرجح لأمور ثلاثة : أولها : أن القاعدة الاصطلاحية أن المثبت مقدم على النافي ، لأنه معه زيادة علم ، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ . ثانيها : أن النافي واحد والمثبتين ثلاثة ، واحتمال الخطأ والنسيان في حق الواحد أقرب منه في حق الاثنين ، فكيف إذا كانوا ثلاثة ، فإن احتماله عليهم أبعد . ثالثها : أن ابن عمر نفسه قد ثبت عنه الرفع في السجود بسند في غاية الصحة ، ولا يعود إليه إلا وقد ثبت له عن النبي ﷺ. تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحيى النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [2] [ المجلد الثاني ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam2.pdf التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 20-03-2015 الساعة 11:47PM |
#4
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [86] : عن عبد الله بن عباس – رضي الله عنهما – قال : قال رسول الله ﷺ : { أُمرتُ أن أسجد على سبعة أعظم ؛ على الجبهة – وأشار بيده إلى أنفه - واليدين والركبتين وأطراف القدمين } متفق عليه . موضوع الحديث : أعضاء السجود في الصلاة . المفردات : أُمرت : مبنى للمجهول ، وحذف الآمر للعلم به وهو الله – عز وجل - . أعظُم : جمع عظم ، وهي الأعضاء المذكورة في الحديث . الجبهة : بدل من سبعة وهي مقدم الناصية . أشار : أي أومأ . اليدين : المراد بهما الكفين . أطراف القدمين : أي مقدمها . المعنى الإجمالي : خلق الله الخلق للعبادة ، والعبادة الطاعة مع خضوع وتذلل ، وإن من أبرز سمات الخضوع وأوضح علامات التذلل أن تعفّر أشرف عضو فيك وهو الوجه بالتراب ، وتلصقه بالرغام طاعة وتعبداً وتذللاً لجلال ذي الجلال والكمال ، ومن أجل ذلك كان الساجد موصوفاً بالقرب من ربه في السجود ، وناسب أن يكون ذكره التسبيح المستلزم للكمال ليكون مقراً بنقص نفسه بلسان الحال ومثنياً بكمال ربه بلسان المقال ، وقد أمر الله نبيه ﷺ بالسجود على هذه الأعضاء جميعاً لتحصل الهيئة المطلوبة وليكون لجميع هذه الأعضاء حظ في العبادة . والله أعلم . فقه الحديث : أولاً : يؤخذ من قوله : " أمرت أن أسجد " الخ . وجوب السجود على هذه الأعضاء كلها ، ووجه الدلالة منه أن الأمر يقتضي الوجوب إلا أن يصرفه صارف ولا صارف هنا ، فكان وجوب الجمع هو الظاهر ، ولا يختص الوجوب بالنبي ﷺ لأن الأمر له أمرٌ لأمته . بل وقد ورد في بعض روايات البخاري "أمرنا" وبالوجوب أخذ الإمام أحمد وإسحاق وطاووس ، وهو أحد قولي الشافعي ، ورجحه النووي في شرح مسلم على القول الآخر ، وقال مالك وأبو حنيفة وهو القول الثاني للشافعي بوجوب السجود على الجبهة فقط إلا أن أبا حنيفة يرى أن الواجب هو الجبهة والأنف وكلاهما يجزئ عن الآخر ، وقال الشافعي باستحباب السجود على الأنف ولم يوجبه ، وأوجب أحمد والأوزاعي وابن حبيب من المالكية الجميع بينهما وهو الأرجح ؛ لأن النص جعلهما كالعضو الواحد حيث قال : الجبهة وأشار بيده إلى أنفه ، وقد استنبط منه البخاري ذلك فقال : باب السجود على الأنف ، وأورد الحديث وأصرح منه في الدلالة على الوجوب ما أخرجه الدارقطني عن أبي قتبة حدثنا سفيان الثوري ، عن عاصم الأحول ، عن عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله ﷺ { لا صلاة لمن لا يصيب أنفه من الأرض ما يصيب الجبين } أخرجه الدارقطني ، قال لنا أبو بكر : لم يسنده عن سفيان وشعبة إلا أبو قتيبة ، والصواب عن عاصم عن عكرمة مرسل . وقال في "نصب الراية" بعد ذكر كلام الدارقطني : قال ابن الجوزي في التحقيق وأبو قتيبة ثقة أخرج عنه البخاري ، والرفع زيادة وهي من الثقة مقبولة . وذكر المعلق على نصب الراية نقلاً عن "الزوائد" (2/126) عن ابن عباس - رضي الله عنهما – عن رسول الله ﷺ قال : من لم يلزق أنفه مع جبهته بالأرض إذا سجد لم تجز صلاته " . رواه الطبراني في الكبير والأوسط ن ورجاله موثقون . اهـ. قال : واخرجه الحاكم في المستدرك (1/270) ، وقال : صحيح على شرط البخاري وقال : وقد وقفه شعبة عن عاصم . قلت : في تصحيح ابن الجوزي للحديث مع ما عرف به من التشدد في التصحيح وتوثيق الهيثمي لرجال الحديث الثاني . وظاهر حديث ابن عباس المتفق عليه دلالة بينة على وجوب السجود على الأنف ، وبهذا تعلم أن مذهب القائلين بالوجوب فيه وفي عموم الأعضاء السبعة وهو الراجح ، لموافقة النصوص . والله أعلم . ثانياً : اختلف العلماء في وجوب مباشرة هذه الأعضاء لموضع السجود وعدم مباشرتها فقال الجمهور بعدم الوجوب ، ومنهم الأئمة الثلاثة ، وقال الشافعي بوجوب مباشرة الجبهة واختلفت عنه الرواية فيما عداها وهذا الاختلاف فيما إذا كان الحائل ثوباً متصلاً بالمصلي متحركاً بحركته ولم تكن ثم ضرورة ، أما في الضرورة فيجوز لحديث أنس بن مالك الآتي : كنا نصلي مع رسول الله ﷺ في شدة الحر فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه . قال النووي في شرح مسلم : فيه دليل لمن أجاز السجود على طرف ثوبه المتصل به ، وبه قال أبو حنيفة والجمهور ، ولم يجوز الشافعي وتأوّل الحديث وشبهه على السجود على منفصل . أما أحاديث السجود على كور العمامة فكلها ضعيفة لا تقوم بها حجة ، أما على الثوب المنفصل فيستدل لجوازه بأحاديث منها حديث أنس في صلاة النبي ﷺ على الحصير ، وقد مضى في الجزء الأول (ص132 ، الطبعة الأولى الحديث رقم 74 ) . ومنها حديث ميمونة كان النبي ﷺ يصلي على الخمرة . أخرجه البخاري رقم (381) . ومنها حديث عائشة رضي الله عنها الذي سيأتي في باب السترة أن النبي ﷺ كان يصلي وهي معترضة بينه وبين القبلة على الفراش الذي ينامان عليه ، وفي لفظ : " ورجلي في قبلته ، فإذا سجد غمزني فقبضت رجلي ، فإذا قام بسطتها " وبهذا يتبين أن النبي ﷺ قد صلى على الحصير وعلى الخمرة وعلى الفراش وفي حكم ذلك كل ما بسط على الأرض كائناً ما كان مادام يتصف بالطهارة . والله أعلم . تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحيى النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [2] [ المجلد الثاني ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam2.pdf |
#5
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله- [87] : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان رسول الله ﷺ إذا قام إلى الصلاة يكبّر حين يقوم ثم يكبر حين يركع ثم يقول : سمع الله لمن حمده ، حين يرفع صلبه من الركوع ، ثم يقول وهو قائم ربنا ولك الحمد ، ثم يكبر حين يهوي ، ثم يكبر حين يرفع رأسه ، ثم يكبر حين يسجد ، ثم يكبر حين يرفع رأسه ، ثم يفعل ذلك في صلاته كلها حتى يقضيها ، ويكبر حين يقوم من الثنتين بعد الجلوس . متفق عليه . موضوع الحديث : تكبير الانتفال وأنه في كل خفض ورفع ماعدا الرفع من الركوع فذكر التسميع . المفردات : حين يقوم : أي حين يقف . حين يرفع صلبه : الصلب هو عمود الظهر الفقري الذي تحيط به الأضلاع . حين يهوي : أي حين ينحط من القيام إلى السجود حتى يقضيها أي يكملها . المعنى الإجمالي : للصلاة هيئات وأذكار ، ولكل هيئة من تلك الهيئات ذكر يختص به ، وقد خص الشارع _ الانتقال بالتكبير فجعله ذكراً له فشرع التكبير في كل انتقال سواء كان من خفض إلى رفع ، أو من رفعٍ إلى خفض إلا الرفع من الركوع فإنه جعل التسميع والتحميد ذكراً له . والله أعلم . فقه الحديث : أولاً : يؤخذ من قوله : يكبر حين يقوم . أن تكبيرة الإحرام لا تجزئ إلا من قيام للقادر عليه ، فكل انحناء يبطل اسم القيام عند التكبير فإنه يبطل التحريم ويقتضي عدم انعقاد الصلاة فرضاً . أفاده ابن دقيق العيد – رحمه الله - . ثانياً : فيه دليل على إتمام التكبير وأنه مشروع في كل خفض ورفع مع التسميع في الرفع من الركوع ، وقد أجمع عليه بعد أن كان فيه خلاف بين القدماء ، وفي عدم الإتمام حديث رواه أبو داود من طريق عبد الرحمن بن أبزى أنه صلى مع رسول الله _ وكان لا يتم التكبير . لكن ذكر الصنعاني في العدة أن البخاري نقل في التاريخ عن أبي داود الطيالسي أنه قال : هو حديث باطل . ثالثاً : اختلف العلماء في حكم تكبير الانتقال بعد الإجماع على مشروعيته فقال الجمهور بسنيته ، وذهب الإمام أحمد وداود الظاهري ، وإسحاق إلى وجوبه وهو الأرجح لحديث خلاد بن رافع رضي الله عنه عني المسي في صلاته – عند أبي داود بلفظ : " إنه لا تتم صلاة لأحد من الناس حتى يتوضأ فيضع الوضوء – يعني مواضعه – ثم يكبر الله - جل وعز – ويثني عليه ، ويقرأ بما تيسر من القرآن ، ثم يقول الله أكبر ، ثم يركع حتى تطمئن مفاصله ثم يقول سمع الله لمن حمده حتى يستوي قائماً ثم يقول الله أكبر ثم يسجد ، ثم يسجد حتى تطمئن مفاصله ، ثم يقول : " الله أكبر ويرفع رأسه حتى يستوي قاعداً ، ثم يقول الله أكبر ، ثم يسجد حتى تطمئن مفاصله ، ثم يرفع رأسه فيكبر ، فإذا فعل ذلك فقد تمت صلاته " . ورجاله رجال الصحيح . والله أعلم . تنبيه : إذا حكمتُ على حديث بصحة أو ضعف ، ولم أعزُ ذلك إلى أحد فاعلم أنه بعد بحث واستقراء . والله أعلم . تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحيى النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [2] [ المجلد الثاني ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam2.pdf َ |
#6
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [88] : عن مطرف بن عبد الله قال : صليتُ أنا وعمران بن حصين _ خلف علي بن أبي طالب _ فكان إذا سجد كبر ، وإذا رفع كّبر ، وإذا نهض من الركعتين كبّر ، فلما قضى أخذ بيدي عمران بن حصين وقال : قد ذكرني هذا صلاة محمد ﷺ أو قال : صلى بنا صلاة محمد ﷺ.. موضوع الحديث : إتمام التكبير . المفردات : نهض : أي قام . قضى : أي أكمل صلاته . المعنى الإجمالي : صلى مطرف وعمران بن حصين الصحابي المشهور وراء علي بن أبي طالب رضي الله عنه فكان يكبر في الانتقال ، إذا خفض ، وإذا رفع ، فلما انقضت الصلاة أقبل عمران على مطرف وقال : لقد ذكرني هذا صلاة محمد ﷺ أي أن صلاته كانت تشبه صلاة النبي ﷺ. فقه الحديث : أولاً : في الحديث دليل على إتمام التكبير ، وقد كان فيه خلاف في آخر عهد الصحابة – رضوان الله عليهم – وذلك لأن بني أمية تركوا التكبير في بعض الانتقالات في الأركان ، وفيه حديث عند أبي داود ذكرته في شرح الحديث السابق ، وذكرنا ما نقله البخاري عن الطيالسي فيه أنه حديث باطل ، وفي سنده عند أبي داود الحسن بن عمران العسقلاني وثقه ابن حبان وقال : يغرب ، ولا شك أن ابن حبان فيه تساهل معروف ، وطريقته توثيق من لم يعلم فيه قدحاً ، وقد وثق رجالاً في كتاب "الثقات" ، ثم ضعفهم في "الضعفاء" ، وهنا قد خالفه إمامان عظيمان في هذا الشأن هما محمد بن إسماعيل البخاري ، أمير المؤمنين في الحديث ، وأبو داود الطيالسي ، وعلى فرض صحة سنده ، فهو شاذ مقابل بالمحفوظ ، وقد انعقد الإجماع مؤخراً على إتمام التكبير عملاً بالأحاديث الصحيحة والمشهورة . والله أعلم . ثانياً : يؤخذ منها ما كان عليه الصحابة من المحافظة على السنن وبيان ما يخالفها . تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحيى النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [2] [ المجلد الثاني ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam2.pdf |
#7
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [89] : عن البراء بن عازب رضي الله عنه. قال : رمقتُ الصلاة مع محمد ﷺ فوجدت قيامه فركعته فاعتداله بعد ركوعه فسجدته فجلسته ما بين التسليم والانصراف قريباً من السواء . وفي رواية البخاري : ما خلا القيام والقعود قريباً من السواء . موضوع الحديث : تساوي الأركان مع ركن القيام للقراءة والجلوس للتشهد أو دونهما . المفردات : رمقتُ : لحظتُ لحظاً خفيفاً . قريباً من السواء : أي كانت قريبة التساوي في المقدار الزماني . المعنى الإجمالي : يخبر البراء بن عازب رضي الله عنه أنه لحظ صلاة رسول الله ﷺ مراراً وقدرها ليعلمها ويعمل بها في صلاته ، فكانت على النحو التالي : 1- يطول الركوع والسجود والاعتدال . 2- يخفف القراءة والتشهدد حتى تكون هذه الأركان قريبة التساوي في المقدار الزماني ، وقد يطول القراءة والتشهد فتكون ما عداها قريبة من السواء . فقه الحديث : هذا الحديث أخرجه البخاري في الصحيح في ثلاثة مواضع (792) و(801) و(820) من نسخة الفتح بتحقيق الشيخ عبد العزيز بن باز ، كلها من طريق الحكم ابن عتيبة عن أبي ليلى عن البراء رضي الله عنه ، وكلها متقاربة اللفظ إلا ما زاده بدل بن المحبر في روايته من استثناء القيام والقعود كما في الرواية الثانية ، وقد رواه أبو الوليد ، عن شعبة عن الحكم ومحمد بن عبد الرحيم ، عن أبي أحمد محمد بن عبد الله الزبيري ، عن مسعر ، عن الحَكَم . وجعلا المحكوم عليه بالتقارب هو الركوع والسجود والاعتدال ، أما الرواية الأولى التي ساقها صاحب العمدة وفيها ذكر القيام والقعود من جملة المحكوم عليه بالتقارب في المقدار فهي من رواية هلال بن أبي حميد عن ابن أبي ليلى ، ولم أرها في صحيح البخاري ، بل هي في صحيح مسلم فقط ، وعلى هذا فهي ليست من شرطه ولم ينبه على ذلك ابن دقيق العيد ولا ابن حجر ن لكن نبه عليه الصنعاني في العدة . ومن هنا يظهر لك التعارض بين رواية الحكم ورواية هلال ، وبينهما فرق كبير في الحفظ والإتقان ، فالحكم. أحفظ من هلال عند أهل هذا الشأن . وهلال وإن أخرج له البخاري ومسلم فقد تكلم فيه ابن معين ، وعلى هذا فلم يبعد من نسب روايته إلى الوهم ، والذي يظهر لي ترجيح رواية الحكم على روايته لأمور : أولها : أن الحكم أحفظ من هلال عند أهل هذا الشان . ثانياً : أن روابته توافق ما ثبت عن النبي ﷺ من طرق أنه كان يطيل القراءة غلباً في الظهر والفجر وأحياناً في غيرها كما تقدم من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي ﷺ كان يقرأ في الصبح بالستين إلى المائة في كل ركعة وكان ينصرف منها حين يعرف الرجل جليسه ومن حديث عائشة رضي الله عنها أنه ﷺ كان يصليها معه نساء من المؤمنات ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد من الغلس ولو كان النبي ﷺ يمد في سائر الأركان كما يمد في القراءة أو قريباً من ذلك لما انصرف من صلاة الصبح إلا بعد طلوع الشمس . ثانياً : أن مخرج الحديث متحد فمداره في جميع طرقه على ابن أبي ليلى فدل ذلك على أن الاختلاف إنما هو ممن دونه . أما ابن دقيق العيد فقد مال إلى تصحيح رواية هلال وجمع بين الروايتين بالحمل على تعدد الحالات ففي بعضها تستوي ماعدا القيام والقعود . وحكى الحافظ عن بعض العلماء أنه جعل معنى قوله قريباً من السواء أنه كان إذا أطالها أطال بقية الأركان وإذا خففها خفف بقية الأركان ومثله بين السجدتين . ثالثاً : يؤخذ منه مشروعية تطويل ركن الاعتدال من الركوع كتطويل الركوع والسجود ونقل الحافظ في الفتح أن المرجح عند الشافعية عدم تطويله وإليه أشار الشافعي في الأم ولكن نص على كراهته فقط . وبالغ بعض أصحابه فأبطل الصلاة بالتطويل فيه زاعماً أنه يقطع الموالاة وخالفهم النووي فأجاز التطويل لما عليه من الأدلة الصحيحة الصريحة منها هذا الحديث والذي بعده ومنها حديث حذيفة رضي الله عنه عند مسلم أنه صلى مع النبي ﷺ ذات ليلة فقرأ سورة البقرة والنساء وآل عمران ثم ركع فجعل يقول : سبحان ربي العظيم ، فكان ركوعه نحواً من قيامه ، ثم قال : سمع الله لمن حمده ، ثم قام طويلاً قريباً مما ركع . قال النووي الجواب عن هذا الحديث صعب وهو كما قال ، فإن قلت لعل في حديث حذيفة المذكور دليل على صحة رواية هلال ، فالجواب : أن حديث البراء في المكتوبة ، وحديث حذيفة في النافلة . والله أعلم . تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحيى النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [2] [ المجلد الثاني ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam2.pdf |
#8
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [90] : عن ثابت البناني عن أنس رضي الله عنه قال : إني لا آلو أن أصلي بكم كما كان رسول الله ﷺ يصلي بنا ، قال ثابت : كان أنس يصنع شيئاً لا أراكم تصنعونه ، كان إذا رفع رأسه من الركوع انتصب قائماً ، حتى يقول القائل قد نسي ، وإذا رفع رأسه من السجدة مكث حتى يقول القائل قد نسي ، وإذا رفع رأسه من السجدة مكث حتى يقول القائل قد نسي. موضوع الحديث : مشروعية تطويل ركن الاعتدال من الركوع وبين السجدتين . المفردات : لا آلو : لا أقصر . انتصب قائماً : أي وقف . مكث : أي أبطأ جالساً . حتى يقول القائل : يظن المأموم أنه قد نسي . المعنى الإجمالي : مسوؤلية الصحابة رضوان الله عليهم بعد نبيهم نشر الدين وتبليغ أحكامه التي أخذوها عنه ﷺ ، ولإحساس أنس رضي الله عنه بهذه المسؤولية قال لأصحابه : إني لا آلو أن أصلي بكم كما كان رسول الله ﷺ يصلي بنا ، فكان من صفة صلاته أن يمكث بعد الرفع من الركوع والرفع من السجود طويلاً ، حتى يظن بعضهم من طول مكثه أنه قد نسي . فقه الحديث : أما فقه الحديث فقد تقدم في الحديث قبله فلا داعي لإعادته . تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحيى النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [2] [ المجلد الثاني ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam2.pdf |
#9
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [91] : عن أنس _ قال : ما صليت خلف إمام قط أخف صلاة ولا أتم صلاة من رسول الله ﷺ موضوع الحديث : تخفيف الصلاة مع إتمامها . المفردات : قط : اسم يُنفى به ما مضى من الزمان . المعنى الإجمالي : كان النبي ﷺ يأمر بالتيسير ويدعو إليه بالقول والفعل امتثالاً لقوله تعالى : _ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج_ (الحج: من الآية78) . ومن التيسير التخفيف في الصلاة مع إعطاء العبادة حقها من الكمال والتمام ، لذلك كانت صلاته – عليه الصلاة والسلام – خفيفة في تمام . فقه الحديث : تكلم العلامة ابن دقيق العيد – رحمه الله – على هذا الحديث بكلام حسن رأيت أن أنقله برمته ، فقال : حديث أنس بن مالك رضي الله عنه يدل على طلب أمرين : التخفيف في حق الإمام مع الإتمام ، وعدم التقصير ، وذلك هو الوسط العدل والميل إلى أحد الطرفين خروج عنه – أي العدل – أما التطويل في حق الإمام فإضرار المأمومين وقد تقدم ذلك ، والتصريح بعلته . – يريد قوله : " فإن فيهم الكبير والضعيف وذا الحاجة " – وأما التقصير عن الإتمام فبخس لحق العبادة ، ولا يراد بالتقصير هاهنا التقصير في ترك الواجبات الذي يرفع حقيقة الصلاة وإنما المراد – والله أعلم – التقصير عن المسنونات والتمام بفعلها . اهـ. قلت : الأظهر – والله أعلم – أن المراد بالتخفيف القراءة كما أخرج ذلك مسلم عن أنس رضي الله عنه قال أنس : كان رسول الله ﷺ يسمع بكاء الصبي مع أمه وهو في الصلاة ، فيقرأ بالسورة الخفيفة أو بالسورة القصيرة . والاقتصار في الركوع والسجود على ثلاث تسبيحات أو قريباً من ذلك ، وفي الاعتدال على الذكر الوارد فيه وفي التشهد والصلاة على النبي ﷺ والتعوذ من أربع ، وبذلك يحصل التخفيف والتمام . والله أعلم . تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحيى النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [2] [ المجلد الثاني ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam2.pdf |
#10
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [92] : عن أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرْمي البصري قال : جاءنا مالك بن الحويرث في مسجدنا هذا ، فقال : إني لأصلي بكم وما أريد الصلاة ، أصلي كيف رأيت رسول الله ﷺ يصلي . فقلت لأبي قلابة : كيف كان يصلي ؟ قال : مثل صلاة شيخنا هذا ، وكان يجلس إذا رفع رأسه من السجود قبل أن ينهض. موضوع الحديث : مشروعية جلسة الاستراحة وهي جلسة خفيفة عند القيام من الركعة الأولى إلى الثانية ومن الثالثة إلى الرابعة . المفردات : ينهض : أي يقوم . المعنى الإجمالي : يخبر أبو قلابة – رحمه الله – أن مالك بن الحويرث الصحابي جاءهم في مسجدهم فصلى بهم تطوعاً قصد تعليمهم كيفية صلاة رسول الله ﷺ ، ولما سئل أبو قلابة عن صلاته التي علمهم إياه أخبر أنها كصلاة شيخهم وهو عمرو بن سلمة الجرمي ثم وصف صلاة شيخهم المذكور أنه كان يجلس إذا رفع من السجدة الثانية في الركعة الأولى والثالثة قبل أن يقوم إلى الثانية والرابعة وهي التي تسمى بجلسة الاستراحة . فقه الحديث : في الحديث دليل لمن قال بسنية جلسة الاستراحة وهو قول الشافعي ورواية عن أحمد ، قال قوم : لا تشرع . منهم مالك وأبو حنيفة وهو قول للشافعي ورواية عن أحمد أيضاً ، مستدلين بحديث وائل بن حجر عند البزار بلفظ : " فكان إذا رفع رأسه من السجدة الثانية في الركعة الأولى والثالثة قام كما هو ولم يجلس ". حكاه الصنعاني في السبل ، وقال ضعفه النووي . قلت : وعلى فرض صحته لا يدل على عدم مشروعية هذه الجلسة الثابتة بالأحاديث الصحيحة ، ونفي وائل بن حجر لها لا يدل على عدم مشروعيتها ولا عدم فعل النبي ﷺ لها ، بل غاية ما فيه أن النبي ﷺ كان يفعلها أحياناً ويتركها أحياناً ، فالفعل لبيان السنية ، والترك لبيان الجواز ، ومن هنا تعلم أن المذهب الأول هو الراجح ، لقوة دليله . والله أعلم . ثانياً : يؤخذ منه ما كان عليه الصحابة من فهم المسؤولية الملقاة عليهم إزاء من بعدهم ، حيث كانوا يشعرون بهذه المسؤولية فنقلوا الدين الذي أخذوه عن النبي ﷺ إلى من بعدهم بالقول والفعل ، وهذه هي مسؤولية كل جيل بالنسبة إلى من بعده . والله أعلم . تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحيى النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [2] [ المجلد الثاني ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam2.pdf |
#11
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله- [93] : عن عبد الله بن مالك بن بحينة رضي الله. عنه أن النبي ﷺ كان إذا صلى فرّج بين يديه حتى يبدو بياض أبطيه. موضوع الحديث : التجافي في السجود . المفردات : فرّج : باعد . حتى يبدو : أي يظهر . بياض إبطيه : أي لون جلدهما من شدة المجافاة ، ولأن النبي ﷺ لم يكن على بطيه شعر . المعنى الإجمالي : خلق الله الإنسان بما فيه من حواس وأعضاء ثم أمره أن يعملها جميعاً في عبادته جل وعلا ، لينال كل عضو حظه من عبادة ربه سبحانه وتعالى ، لذلك كان النبي ﷺ إذا صلى فرج بين يديه أي نحاهما عن جنبيه ووضع كفيه ورفع مرفقيه ، حتى يبدو بياض إبطيه ، ويرفع بطنه عن فخذيه ، وبذلك يكون قد أعمل جميع جوارحه في عبادة ربه ، بل في أفضل العبادة وهو السجود ، وهذه الهيئة يسميها الفقهاء التخوية . فقه الحديث : في الحديث دليل على سنية التجافي في السجود ؛ لإظهار النشاط في العبادة الذي هو ضد الكسل وهيئة الكسالى ، وقد ورد في صحيح مسلم عن ميمونة رضي الله عنها : "أن النبي ﷺ كان يجافي يديه حتى لو أن بهمة أرادت أن تمر من تحته لمرت "، إلا أن هذه الهيئة محمولة على الاستحباب ، لما روى أبو داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ : " شكا أصحاب رسول الله ﷺ إليه مشقة السجود عليهم إذا انفرجوا فقال : " استعينوا بالرُكب "، قال ابن عجلان أحد رواته : وذلك أن يضع مرفقيه على ركبتيه إذا أطال السجود وأعيا ، أفاده في الفتح وسكت عن الحديث ، فلم يحكم عليه بصحة أو ضعف ن وعند رجوعي لسنن أبي داود رأيت الحديث فيه بسند رجاله رجال الصحيح . ثانياً : قصر بعض الفقهاء حكم التجافي على الرجال دون النساء ، بحجة أن المطلوب من النساء التستر ، والتجافي تبديد للأعضاء وإبراز لها ، فكان منافياً لما طلب منهن ، وعندي في ذلك تفصيل ، وهو : أن النساء داخلات بلا شك في قول النبي ﷺ : " صلوا كما رأيتموني أصلي " فلا يخرجن عنه إلا بدليل يخصهن ، ولا دليل فيما أعلم ، إلا الحكم العام القاضي بوجوب التستر على المرأة إذا خرجت أو كانت المرأة في بيتها بحيث تأمن تسرب أبصار الرجال إليها فالأفضل في حقها التجافي ، وإن كانت في مكان لا تأمن فيه تسرب الأبصار إليها ، فالأفضل في حقها الضم . والله أعلم . تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحيى النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [2] [ المجلد الثاني ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam2.pdf |
#12
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [94] : عن أبي مسلمة سعيد بن يزيد قال سألت أنس بن مالك : أكان النبي ﷺ يصلي في نعليه قال : نعم. موضوع الحديث : الصلاة في النعلين . المعنى الإجمالي : لما كان من المقاصد الشرعية مخالفة أهل الكتاب وإزالة كل شيء فيه مشقة وحرج على المسلم ، أمر النبي ﷺ بالصلاة في النعال وصلى فيها . فقه الحديث : في الحديث دليل على مشروعية الصلاة في النعلين ، واختلف العلماء في حكمه فقال قوم بإباحته ، وقال قوم باستحبابه واستحبابه هو المفهوم من الأحاديث الواردة بالأمر كحديث شداد بن أوس رضي الله عنه عند أبي داود مرفوعاً بلفظ : " خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم ". قال الشوكاني لا مطعن في إسناده وحديث أبي سعيد الخدري عنده أيضاً مرفوعاً بلفظ : " إذا جاء أحدكم المسجد فليقلب نعليه ، فإن رأى قذراً فليمسحه وليصل فيهما ". وإسناده حسن . فإن قلت : الأمر يقتضي الوجوب فلم لا يكون الصلاة في النعال واجباً لهذا الأمر؟ . فالجواب يصرف هذا الأمر من الوجوب إلى الندبية بالإجماع على عدم الوجوب ، وبما روى أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً : " إذا صلى أحدكم فخلع نعليه فلا يؤذ بهما أحداً ليجعلهما بين رجليه ، أو ليصل فيهما ". قال العراقي : صحيح الإسناد ، وروى نحوه عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده . وقال الشيخ أحمد شاكر – رحمه الله - : وقد زعم الجاهلون أن هذا خاص بأرض أو زمن ، وهو زعم يدل على فساد الفطرة ، وتدسس النفس في مزابل التقليد الأعمى ، وانتكاس العقول وغلبة الهوى في محاربة النصوص . تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحيى النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [2] [ المجلد الثاني ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam2.pdf |
#13
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله- [95] عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه : أن رسول الله ﷺ كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله ﷺ ، ولأبي العاص بن الربيع بن عبد شمس : فإذا سجد وضعها ، وإذا قام حملها . موضوع الحديث : العمل في الصلاة وأن حمل الصبي من العمل الجائز في الصلاة إذا كان لحاجة . المفردات : ولأبي العاص بن الربيع : أي أن أمامة بنت زينب بنت. رسول الله ﷺ من زوجها أبي العاص بن الربيع . المعنى الإجمالي : صلى النبي ﷺ بالناس وهو حامل أمامة بنت ابنته زينب ليعلم الناس أن مثل هذا العمل سائغ في الصلاة إذا كان لحاجة ، وليطعن في الأنفة الجاهلية المبنية على التغطرس والكبرياء والعظمة الجوفاء ؛ لأن العرب كانوا يأنفون من حمل البنات بل ويئدونهن . فسحقاً ثم سحقاً لمن زعم أن شريعته تهضم المرأة حقها ، مع أنه ينتمي إلى دينه ، فليت شعري من يُفهمهم أن دين الحق والعدل وحفظ المصالح والحقوق للأفراد والجماعات هو الإسلام ، وأن ما ملأوا به أجوافهم وقلوبهم ، وأسماعهم وأبصارهم ، من مبادئ الشرق أو الغرب ، ما هي إلا فضلات عقول مريضة وقلوب منكوسة ، وأذهان منحرفة ، فليس لها قائد إلا الهوى ، ولا سائق إلا الشيطان . فقه الحديث : أولاً : في الحديث دليل على جواز حمل الصبي في الصلاة ، وأن ذلك ليس بمبطل لها ، وهو قول أكثر أهل العلم ، وحمله مالك في رواية عنه على الضرورة ، وفي رواية عنه أنه محمول على النافلة ، وعنه رواية ثالثة أنه منسوخ ، ولكنه لم يظهر مستند النسخ ، أما القائلون به فهم حملوه على أنه عمل غير متوال . ثانياً : أخذ منه أن ثياب الأطفال محمولة على الطهارة ؛ لأنها الأصل ، ولا تخرج عن الطهارة إلا بتيقن النجاسة . والله أعلم . ثالثاً : أخذ من الحديث جواز إدخال الأطفال في المساجد ، ومثله في ذلك حديث أبي هريرة عند أحمد بن حنبل – رحمه الله – في ركوب الحسن والحسين على ظهره ﷺ وهو ساجد ، وحديث أبي بكرة عند البخاري رقم (3746) بلفظ سمعت رسول الله ﷺ على المنبر والحسن إلى جنبه يقول : " ابني هذا سيد ..." الحديث . وكانت ولادة الحسن في السنة الثالثة من الهجرة . أما حديث معاوية عند الطبراني بلفظ : " جنبوا مساجدكم صبيانكم وخصوماتكم " فهو ضعيف ، وعند ابن ماجة من حديث واثلة بن الأسقع نحوه ، وهو ضعيف أيضاً ، وعلى فرض صحتهما يحمل النهي على من لا يؤمن إحداثه في المسجد ، أو على التنـزيه ، ويحمل الفعل على بيان الجواز والله أعلم . رابعاً : أن الحركات التي للحاجة لا تبطل الصلاة ولو كثرت ، إذا قد صح أنه ﷺ فتح الباب ، وأمر بقتل الحية والعقرب ، ورقى المنبر ونزل عنه ، وهو يعلمهم الصلاة . والله أعلم . تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحيى النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [2] [ المجلد الثاني ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam2.pdf |
#14
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [96] : عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، عن النبي ﷺ قال : " اعتدلوا في السجود ، ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب " . موضوع الحديث : الهيئة المطلوبة في السجود . المفردات : بسط الذراعين : وضعهما على الأرض مع الكفين . المعنى الإجمالي : أمر النبي ﷺ بالاعتدال في السجود على وفق الهيئة المطلوبة شرعاً وهي ارتفاع الأسافل على الأعالي ، ووضع الكفين ورفع المرفقين ومجافاة الذراعين عن الجنبين ، والبطن عن الفخذين ، والنهي عن بسط الذراعين داخل تحت حيز الأمر بالاعتدال . فقه الحديث : في الحديث دليل على وجوب الاعتدال في السجود ، ومعنى الاعتدال الإتيان بالهيئة المطلوبة شرعاً ، وذلك لا يتم إلا بأمور : أولاً : أن يكون السجود على جميع الأعضاء السبعة الواردة في حديث ابن عباس كما تقدم . ثانياً : أن يضع كفيه ويرفع مرفقيه ويجافي ضبعيه عن جنبيه ، ويتحامل علىجبهته ويجافي بطنه عن فخذيه ، وقد صح عن ميمونة رضي الله عنها أنها قالت : كان رسول الله ﷺ إذا سجد تجافى حتى لو أن بهمة أرادت أن تمر من تحت يده مرت . رواه عبد الرزاق بسند صحيح وأصله في البخاري وهذه الهيئة هي الأصل ورخص في الاعتماد بالأيدي على الركب لمن وجد مشقة في التجافي كما روى عبد الرزاق عن الثوري عن سمي قال : حدثنا النعمان ابن أبي عياش الزرقي قال : شكا أصحاب رسول الله _ الاعتماد بأيديهم في السجود فرخص أن يستعينوا بأيديهم على ركبهم في السجود فقال سفيان وهي رخصة للمتهجد . ثالثاً : أن ترتفع الأسافل على الأعالي فلو تساوت ففي بطلان الصلاة وجهان لأصحاب الشافعي قاله ابن دقيق العيد . وعلى هذا فإنه لابد أن يكون محل السجود مساوياً لمحل القيام حتى ترتفع الأسافل عند السجود ، أما إذا كان موضع السجود مرتفعاً بحيث يكون رأس الساجد محاذياً لوركه فذلك هو المحظور لأنه ينافي الخضوع الذي شرع السجود من أجله . تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحيى النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [2] [ المجلد الثاني ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam2.pdf |
#15
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - باب وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود [97] : عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ دخل المسجد ، فدخل رجل فصلى ، ثم جاء فسلم على النبي ﷺ فقال : "ارجع فصل فإنك لم تصل " فرجع فصلى كما صلى ثم جاء فسلم على النبي ﷺ فقال : " ارجع فصل فإنك لم تصل " ثلاثاً . فقال : والذي بعثك بالحق فما أحسن غيره فعلمني . فقال : "إذا قمت إلى الصلاة فكبر ، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً ، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً ، ثم ارفع حتى تعتدل جالساً ، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداًَ ، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها ". موضوع الحديث : وجوب الطمأنينة في الصلاة وأنه لا تتم صلاة أحد إلا بها . المفردات : الرجل المذكور : هو خلاد بن رافع . ارجع فصل فإنك لم تصل : النفي للصلاة الشرعية أي أن الصلاة التي صلاها لا تسمى صلاة في الشريعة . والذي بعثك بالحق : أي أرسلك بالحق . فما أحسن غيره : الضمير يعود إلى الفعل المتقدم . ما تيسر : ما سهل عليك . ثم افعل ذلك في صلاتك كلها : أي في ركعات صلاتك كلها . المعنى الإجمالي : وفيه جمع الطرق التي بلغت درجة الصحة بينما النبي _ جالس في المسجد دخل رجل فصلى صلاة لم يتم ركوعها ولا سجودها ، ثم جاء فسلم على النبي ﷺ فرد عليه السلام ثم قال له : " ارجع فصل فإنك لم تصل " ، فعل ذلك ثلاث مرات والنبي ﷺ يأمره بالإعادة كلما صلى ، ثم قال : والذي بعثك بالحق لا أحسن غيره فعلمني ، فعلمه الكيفية المذكورة . قولـه : " والذي بعثك بالحق لا أحسن غيره فعلمني " . وفي رواية : فقال الرجل : فأرني وعلمني فإنما أنا بشر أصيب وأخطئ ، فقال : " إذا قمت إلى الصلاة فكبر " ، وفي رواية : " فتوضأ كما أمرك الله ، ثم تشهد وقم " ، وفي رواية : " إنها لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمر الله ، فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ثم يمسح رأسه ورجليه إلى الكعبين ، ثم يكبر الله ويمجده ، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن " ، وفي رواية : " إن كان معك من القرآن فاقرأ وإلا فاحمد الله وكبره وهلله " ، وفي رواية : " ثم اقرأ بأم القرآن ، ثم اقرأ بما شئت ، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً " ، وفي رواية : " ثم يقول الله أكبر فيركع حتى تطمئن مفاصله ويسترخي " ، وفي رواية : " فإذا ركعت فاجعل راحتيك على ركبتيك وامدد ظهرك وتمكن لركوعك ، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً " ، وفي رواية : " حتى تطمئن قائماً " ، وفي لفظ : " فأقم صلبك حتى ترجع العظام إلى مفاصلها ، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً " ، وفي رواية : " ثم يكبر فيسجد حتى يمكن وجهه أو جبهته حتى تطمئن مفاصله وتسترخي ثم ارفع حتى تطمئن جالساً " ، وفي روية : " ثم يكبر فيرفع حتى يستوي قاعداً على مقعدته ويقيم صلبه" ، وفي رواية : " فإذا رفعت رأسك فاجلس على فخذك اليسرى " ، وفي رواية : " فإذا جلست في وسط الصلاة فاطمئن جالساً ، ثم افترش فخذك اليسرى ثم تشهد ثم افعل ذلك في صلاتك كلها " ، وفي رواية : " ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً ، ثم ارفع حتى تطمئن جالساً " . قال ابن حجر : وقد قال بعضهم هذا دليل على إيجاب جلسة الاستراحة ، ولم يقل به أحد ، وأشار البخاري إلى أن هذه اللفظة وَهْمٌ ، فإنه عقبه بقوله : قال أبو أسامة في الأخير تستوي قائماً ، وحكى عن البيهقي قريباً من ذلك ، قال : ويمكن أن يحمل – إن كان محفوظاً – على الجلوس للتشهد ، وتقوى به رواية إسحاق . اهـ. ويعني برواية إسحاق الرواية السابقة ما رواه في مسنده عن أبي أسامة كما قال ابن نمير بلفظ :" ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً ، ثم اقعد حتى تطمئن قاعداً ، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً ، ثم اقعد حتى تطمئن قاعداً ، ثم افعل ذلك في كل ركعة " . ويعني برواية إسحاق الرواية السابقة بلفظ : " فإذا جلست في وسط الصلاة فاطمئن جالساً " إلى أن قال : فهذا مجموع الروايات القوية في حديث أبي هريرة ورفاعة (_) . اهـ. نقلاً عن الفتح بتصرف . فقه الحديث : جاء استدلال الفقهاء بهذا الحديث على وجهين : الأول : الاستدلال بما ذكر فيه على الوجوب . الثاني : الاستدلال بعدم الذكر فيه على عدم الوجوب . قال : ابن دقيق العيد تكرر من الفقهاء الاستدلال بهذا الحديث على وجوب ما ذكر فيه وعدم وجوب ما لم يذكر فيه ، فأما وجوب ما ذكر فيه فلتعلق الأمر به وأما عدم وجوب غيره فليس ذلك لمجرد كون الأصل عدم الوجوب ؛ بل لأمر زائد على ذلك ، وهو أن الموضع موضع تعليم وبيان للجاهل وتعريف بواجبات الصلاة وذلك يقتضي انحصار الواجبات فيما ذكر إلى أن قال : إن على طالب التحقيق ثلاث وظائف : أحدها : أن يجمع طرق هذا الحديث . ويحصي الأمور المذكورة فيه ، ويأخذ بالزائد ؛ لأن الأخذ بالزائد واجب(_). اهـ. قال الحافظ في الفتح بعد نقل كلام ابن دقيق العيد : قلت : امتثلت ما أشار إليه وجمعت طرقه القوية من رواية أبي هريرة ورفاعة ، وقد أمليت الزيادات التي اشتملت عليها . اهـ. قلت : قد نقلت ما أملاه من الزيادات فتخلص منها المسائل الآتية : أولها : الوضوء كما أمر الله ، وفيه دليل على وجوب الترتيب . ثانيها : الشهادتين بعد الوضوء لقوله _ : " فتوضأ كما أمرك الله ، ثم تشهد وأقم " . ولا أعرف أحداً قال بوجوبها . ثالثها : الإقامة ، وفي حكمها خلاف تقدم مع الآذان في بابه . رابعها : الاستقبال وهو شرط في صحة الصلاة بلا خلاف أعلمه . خامسها : التكبير للإحرام وهو ركن من أركان الصلاة بل شرط في انعقادها ، وفيه دليل على تعيين لفظ التكبير ، وقد تقدم الكلام فيه . سادسها : الاستفتاح ومأخذه من قوله : "ثم يكبر الله ويحمده ويمجده" ولا أعرف من قال بوجوبه . وذكره في هذا الحديث يدل للوجوب ، اللهم إلا أن يقال ما صح الإجماع على عدم وجوبه مما ذكر في هذا الحديث كان – أي الإجماع – صارفاً له عن الوجوب إلى الندبية ويكون الاستفتاح واحداً منها . سابعها : قراءة الفاتحة وما تيسر في كل ركعة ، وفي ذلك بحث سيأتي . ثامنها : التكبير والتحميد والتسبيح لمن لم يستطع قراءة الفاتحة ، وسيأتي فيه بحث . تاسعها : جعل الراحتين على الركبتين ومد الظهر . عاشرها : التمكين فيه حتى تطمئن المفاصل وتسترخي . الحادي عشر : الاطمئنان في الرفع من الركوع حتى ترجع العظام إلى مفاصلها . الثاني عشر : تمكين الجبهة في السجود والتحامل عليها حتى تطمئن المفاصل وتسترخي . الثالث عشر : الاعتدال بين السجدتين والطمأنينة فيه . الرابع عشر : الافتراش في الجلسة بين السجدتين ، ويعارضه حديث طاووس عن ابن عباس عند مسلم أنه قال في الإقعاء ، أنه من السنة فقال طاووس (_) : إنا لنراه جفاء بالرجل ، فقال : إنه من سنة نبيكم ﷺ ، والإقعاء هو جلوس المصلي بإليتيه على عقبيه أي على أعقاب قدميه وهما منصوبتان ، وهذا الإقعاء هو غير الإقعاء المنهي عنه ، فذاك صفته أن يجلس المصلي بعقبه على الأرض وينصب ساقيه ، وعلى هذا فيكون حديث ابن عباس صارفاً للأمر بالافتراش بين السجدتين الوارد في بعض الروايات في حديث المسيء كما تقدم عن الوجوب إلى الاستحباب ، وعن تعيين الافتراش إلى التخيير بينه وبين الإقعاء الوارد في حديث ابن عباس مع ترجيح الافتراش على الإقعاء للأمر به ، وحمل بعضهم رواية الأمر بالافتراش وهو قولـه : " فإذا رفعت رأسك فاجلس على فخذك اليسرى " حملوه على الجلوس للتشهد . الخامس عشر : الطمأنينة في السجود الثاني كالأول ، واستدل الجمهور بذكر الطمأنينة في الركوع والسجود والاعتدال منهما على وجوبها في الكل ، وللحنفية في ذلك خلاف مرجوح كما تقدم . السادس عشر : وجوب تكبير النقل والجمهور على سنيته كما تقدم والحديث دليل لما ذهب إليه الإمام أحمد رحمه الله من الوجوب . السابع عشر : جلسة الاستراحة إن صحت بها الرواية ، وقد تقدم أن البخاري رحمه الله حكم عليها بالوهم . الثامن عشر : وجوب التشهد الأول ، وفي وجوبه خلاف ، سيأتي في بابه إن شاء الله . التاسع عشر : الجلوس له ، وسيأتي فيه بحث أيضاً . العشرون : الافتراش في التشهد ، وقد تقدم ذكر الخلاف فيه . والله أعلم . الحادي والعشرون : وجوب الإعادة على من أخل بالطمأنينة . الوجه الثاني : الاستدلال بما لم يذكر فيه على عدم الوجوب وفيه مسائل : أحدها : النية وهي فرض باتفاق ، كذا عدها منها النووي والحافظ في الفتح ، وعندي في ذلك نظر ، فإن قوله : " فإذا قمت إلى الصلاة " مشعر بالقصد وهو النية . الثانية : القعود الأخير وهو متفق على وجوبه . الثالثة : التشهد الأخير ، وسيأتي الخلاف فيه في بابه إن شاء الله . الرابعة : الصلاة على النبي _ فيه ، سيأتي . الخامسة : التسليم من الصلاة ، وقد تقدم البحث فيه وتبين أن الراجح وجوبه . السادسة : وضع اليمنى على اليسرى على الصدر ، والأرجح وجوبه لحديث أبي حازم(_) عن سهل بن سعد عند البخاري بلفظ : كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة . قال أبو حازم : لا أعلمه إلا ينمي ذلك إلى النبي _ ، وهذا حكمه الرفع إذ لا آمر للصحابة سوى النبي _(_)، والأمر يقتضي الوجوب إلا أن يصرفه صارف ، ولا أعلم ما يصلح لصرفه ، والله أعلم . السابعة : إذا استدل على عدم وجوب شيء بعدم ذكره في هذا الحديث ثم جاء الأمر به في حديث آخر ، قدم الأمر به على عدم الذكر في هذا الحديث ؛ لأنه أقوى . والله أعلم . تنبيه : كل ما تقدم من المسائل فيما يتعلق بأفعال الصلاة من حيث الوجوب وعدمه ، وإليك مسائل أخرى تؤخذ من هذا الحديث : الأولى : تكرير السلام ولو لم يطل الفصل أو الفراق ولم يبعد . الثانية : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . الثالثة : حسن التعليم بغير تعنيف . الرابعة : الاعتراف بالتقصير لقوله : " لا أحسن غيره فعلمني " . الخامسة : طلب المتعلم من العالم أن يعلمه . السادسة : ملازمة جواز الخطأ لحكم البشرية وهو إقرار . السابعة : حسن خلقه _ ولطفه وحسن معاشرته . الثامنة : استحباب التعليم بكل ما له تعلق بما وقع فيه الإخلال لقوله : "إذا قمت إلى الصلاة فاسبغ الوضوء كما أمرك الله ثم استقبل القبلة فكبر " والله أعلم . تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحيى النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [2] [ المجلد الثاني ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam2.pdf التصفية والتربية TarbiaTasfia@ |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
شرح احاديث عمدة الاحكام لفضيلة الشيخ العلامه احمد بن يحيى النجمي -رحمه الله- | ام عادل السلفية | الأحاديث الصحيحة فقهها وشرحها | 75 | 28-07-2015 09:53PM |
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي | ام عادل السلفية | مكتبة معرفة السنن والآثار العلمية | 1 | 14-02-2015 01:42AM |
بشرى ...حمل التعليقات على عمدة الأحكام للسعدي.pdf | أبو عبد الودود سعيد الجزائري | مكتبة معرفة السنن والآثار العلمية | 1 | 22-05-2011 12:55PM |
«عقيدة أهل السنة والاثر في المهدي المنتظر» للشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله | طارق بن حسن | منبر التوحيد وبيان ما يضاده من الشرك | 3 | 16-09-2010 06:54AM |
ردع الشيخ المحدث مقبل الوادعي لجناية علي رضا على كتب العلل واستخفافه ببعض المتقدمين | ماهر بن ظافر القحطاني | منبر الجرح والتعديل | 0 | 05-05-2005 01:07AM |