#106
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ [134] الثامن عشر : عن جَابرٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسولُ الله ﷺ : « كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ » رواه . البخاري ،ورواه مسلم مِنْ رواية حُذَيفة t . في هذا الحديث : أن كل ما يفعل الإنسان من أعمال البرَّ والخير فهوصدقة يُثاب عليها . [135] التاسع عشر : عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله ﷺ : « مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْساً إلا كَانَ مَا أُكِلَ مِنْهُ لَهُ صَدَقَةً ، وَمَا سُرِقَ مِنهُ لَهُ صَدَقَةً ، وَلا يَرْزَؤُهُ أَحَدٌ إلا كَانَ لَهُ صَدَقَةً » . رواه مسلم . وفي رواية لَهُ : « فَلا يَغْرِسُ المُسْلِمُ غَرْساً فَيَأْكُلَ مِنْهُ إنْسَانٌ وَلا دَابَّةٌ وَلا طَيْرٌ إلا كَانَ لَهُ صَدَقة إِلَى يَومِ القِيَامةِ » . وفي رواية لَهُ : « لا يَغرِسُ مُسْلِمٌ غَرساً ، وَلا يَزرَعُ زَرعاً ، فَيَأكُلَ مِنهُ إنْسَانٌ وَلا دَابَةٌ وَلا شَيءٌ ، إلاكَانَتْ لَهُ صَدَقَةً » . وروياه جميعاً من رواية أنس رضي الله عنه . قوله : « يَرْزَؤُهُ » أي ينقصه . في هذا الحديث : سعة كرم الله تعالى ، وأنَّه يثيب على ما بعد الحياة ، كما يثيب عليه في الحياة ، وأنَّ ما أخذ من الإنسان بغير عمله فهو صدقة له. |
#107
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ [136] العشرون : عَنْهُ ، قَالَ : أراد بنو سَلِمَةَ أَن يَنتقِلوا قرب المسجِدِ فبلغ ذلِكَ رسولَ الله ﷺ ، فَقَالَ لهم : « إنَّهُ قَدْ بَلَغَني أنَّكُمْ تُرِيدُونَ أنْ تَنتَقِلُوا قُربَ المَسجِد ؟ » فقالُوا : نَعَمْ ، يَا رَسُول اللهِ قَدْ أَرَدْنَا ذلِكَ . فَقَالَ : « بَنِي سَلِمَةَ ، دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ ، ديَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ » . رواه مسلم . وفي روايةٍ : « إنَّ بِكُلِّ خَطوَةٍ دَرَجَةً » . رواه مسلم . ورواه البخاري أيضاً بِمَعناه مِنْ رواية أنس ﷺ . وَ« بَنُو سَلِمَةَ » بكسر اللام : قبيلة معروفة مِنَ الأنصار ، وَ« آثَارُهُمْ » : خطاهُم . في هذا الحديث : أنَّ المشي إلى المسجد من الحسنات التي تُكتب لصاحبها . ويشهد له قوله تعالى : ﴿ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ﴾ [ يس (12) ] . [137] الحادي والعشرون : عن أبي المنذِر أُبيِّ بنِ كَعْب t ، قَالَ : كَانَ رَجُلٌ لا أعْلَمُ رَجلاً أبْعَدَ مِنَ المَسْجِدِ مِنْهُ ، وَكَانَ لا تُخْطِئُهُ صَلاةٌ ، فَقيلَ لَهُ أَوْ فَقُلْتُ لَهُ : لَوِ اشْتَرَيْتَ حِمَاراً تَرْكَبُهُ في الظَلْمَاء وفي الرَّمْضَاء ؟ فَقَالَ : مَا يَسُرُّنِي أنَّ مَنْزِلي إِلَى جَنْبِ المَسْجِدِ إنِّي أريدُ أنْ يُكْتَبَ لِي مَمشَايَ إِلَى المَسْجِدِ وَرُجُوعِي إِذَا رَجَعْتُ إِلَى أهْلِي فَقَالَ رَسُول الله ﷺ : « قَدْ جَمَعَ اللهُ لَكَ ذلِكَ كُلَّهُ » . رواه مسلم . وفي رواية : « إنَّ لَكَ مَا احْتَسَبْتَ » . « الرَّمْضَاءُ » : الأرْضُ التي أصابها الحر الشديد . في هذا الحديث : دليل على فضل تكثير الخطا إلى الذهاب إلى المسجد ، وأنه يكتب له أجر ذهابه إلى المسجد ورجوعه إلى أهله . |
#108
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ [138] الثاني والعشرون : عن أبي محمد عبدِ اللهِ بنِ عمرو بن العاصِ رَضي الله عنهما ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله ﷺ : «أرْبَعُونَ خَصْلَةً : أعْلاَهَا مَنيحَةُ العَنْزِ ، مَا مِنْ عَامِلٍ يَعْمَلُ بِخَصْلَة مِنْهَا ؛ رَجَاءَ ثَوَابِهَا وتَصْدِيقَ مَوْعُودِهَا ، إلا أدْخَلَهُ اللهُ بِهَا الجَنَّةَ » . رواه البخاري . « المَنيحَةُ » : أنْ يُعْطِيَهُ إِيَّاهَا لِيَأكُلَ لَبَنَهَا ثُمَّ يَرُدَّهَا إِلَيْهِ . قوله : « أربعون خصلة » . أي : من البِرّ دون منيحة العنز ، كالسلام ، وتشميت العاطس ، وإماطة الأذى عن الطريق ، ونحوذلك من أعمال الخير ، قال الله تعالى : ﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ﴾ [ الزلزلة (7)] . [139] الثالث والعشرون : عن عَدِي بنِ حَاتمٍ رضي الله عنه قَالَ : سمعت النَّبيّ ﷺ يقول : « اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بشقِّ تَمْرَةٍ » . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . وفي رواية لهما عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله ﷺ : « مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إلا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ لَيْسَ بَينَهُ وَبَيْنَهُ تَرْجُمَانٌ ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلا يَرَى إلا مَا قَدَّمَ ، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلا يَرى إلا مَا قَدَّمَ ، وَيَنظُرُ بَيْنَ يَدَيهِ فَلا يَرَى إلا النَّار تِلقَاءَ وَجْهِهِ ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَو بِشِقِّ تَمْرَةٍ ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ » . في هذا الحديث : الحضُّ على الزيادة من صالح العمل ، والتقليل من سيء العمل ، وأنَّ الصدقة حجاب عن النار ، ولو قَلَّت بمال ، أو كلام . |
#109
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ [140] الرابع والعشرون : عن أنس رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُول الله ﷺ : « إنَّ اللهَ لَيَرْضَى عَنِ العَبْدِ أنْ يَأكُلَ الأَكْلَةَ ، فَيَحمَدَهُ عَلَيْهَا ، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ ، فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا » . رواه مسلم . وَ« الأَكْلَةُ » بفتح الهمزة : وَهيَ الغَدْوَةُ أَو العَشْوَةُ . في هذا الحديث : بيان فضل الحمد عند الطعام والشراب ، وهذا من كرم الله تعالى ، فإنه الذي تفضَّل عليك بالرزق ، ورضي عنك بالحمد . [141] الخامس والعشرون : عن أَبي موسى رضي الله عنه عن النَّبيّ ﷺ ، قَالَ : « عَلَى كلّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ » قَالَ : أرأيتَ إنْ لَمْ يَجِدْ ؟ قَالَ : « يَعْمَلُ بِيَدَيْهِ فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ » قَالَ : أرأيتَ إن لَمْ يَسْتَطِعْ ؟ قَالَ : « يُعِينُ ذَا الحَاجَةِ المَلْهُوفَ » قَالَ : أرأيتَ إنْ لَمْ يَسْتَطِعْ ، قَالَ : « يَأمُرُ بِالمعْرُوفِ أوِ الخَيْرِ » قَالَ : أرَأيْتَ إنْ لَمْ يَفْعَلْ ؟ قَالَ : « يُمْسِكُ عَنِ الشَّرِّ ، فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ » . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . في هذا الحديث : الحثُّ على اكتساب ما تدعوإليه حاجة الإنسان من طعام ، وشراب ، وملبس ، ليصون به وجهه عن الناس ، واكتساب ما يتصدق به ليحصل له الثواب الجزيل . وفيه : فضل إعانة المحتاج والمضطر ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه . وفيه : فضل الأمر بالمعروف والخير . وفيه : أنَّ الإمساك عن الشرّ صدقةٌ . |
#110
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ 14- باب الاقتصاد في الطَّاعَة قَالَ الله تَعَالَى : ﴿ طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى ﴾ [ طـه (1 ، 2) ] . أي : لتتعب الاقتصادُ : التوسُّط في العبادة إبقاء للنفس ، ودفعًا للملل ؛ لأنَّ النفس كالدابة إذا رَفق بها صاحبها حصل مراده ، وإن أتعبها انقطعت . قال الضحاك : لما أنزل الله القرآن على رسوله ﷺ قام به هو وأصحابه فقال المشركون من قريش : ما أُنزل هذا القرآن على محمد إلا ليشقى . فأنزل الله تعالى : ﴿ طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى * إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى ﴾ [ طـه (1 : 3) ] . قال قتادة : لا والله ما جعله شقاء ، ولكن جعله رحمة ونورًا ودليلاً إلى الجنة . قال مجاهد : هي كقوله : ﴿ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ ﴾ [ المزمل (20) ] . وكانوا يعلقون الحبال بصدورهم في الصلاة . وَقالَ تَعَالَى : ﴿ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ [ البقرة (185) ] . نزلت هذا الآية في جواز الفطر في السفر ، وهي عامة في جميع أمور الدين كما قال تعالى : ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ [ الحج (78) ] . |
#111
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ [142] وعن عائشة رضي الله عنها : أنَّ النَّبيّ ﷺ دخل عَلَيْهَا وعِندها امرأةٌ ، قَالَ : «مَنْ هذِهِ ؟ » قَالَتْ : هذِهِ فُلاَنَةٌ تَذْكُرُ مِنْ صَلاتِهَا . قَالَ : « مهْ ، عَلَيْكُمْ بِمَا تُطِيقُونَ ، فَواللهِ لا يَمَلُّ اللهُ حَتَّى تَمَلُّوا » وكَانَ أَحَبُّ الدِّينِ إِلَيْهِ مَا دَاوَمَ صَاحِبُهُ عَلَيهِ . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . وَ« مهْ » : كَلِمَةُ نَهْي وَزَجْر . ومَعْنَى « لا يَمَلُّ اللهُ » : لا يَقْطَعُ ثَوَابَهُ عَنْكُمْ وَجَزَاء أَعْمَالِكُمْ ويُعَامِلُكُمْ مُعَامَلةَ المَالِّ حَتَّى تَمَلُّوا فَتَتْرُكُوا ، فَيَنْبَغِي لَكُمْ أنْ تَأخُذُوا مَا تُطِيقُونَ الدَّوَامَ عَلَيهِ لَيدُومَ ثَوابُهُ لَكُمْ وَفَضْلُهُ عَلَيْكُمْ . قال ابن الجوزي : إنما أحَبَّ العمل الدائمَ ؛ لأنَّ مداوم الخير ملازم للخدمة . وقال المصنف : بدوام القليل تستمر الطاعة ، بالذكر ، والمراقبة والإخلاص ، والإقبال على الله . |
#112
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ [143] وعن أنس رضي الله عنه قَالَ : جَاءَ ثَلاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أزْوَاجِ النَّبيّ ﷺ ، يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبيّ ﷺ ، فَلَمَّا أُخْبِروا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا وَقَالُوا : أَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبيِّ ﷺ قدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأخَّرَ . قَالَ أحدُهُم : أمَّا أنا فَأُصَلِّي اللَّيلَ أبداً . وَقالَ الآخَرُ : وَأَنَا أصُومُ الدَّهْرَ وَلا أُفْطِرُ . وَقالَ الآخر : وَأَنا أعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلا أتَزَوَّجُ أبَداً . فجاء رسولُ الله ﷺ إليهم ، فَقَالَ : « أنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا ؟ أَمَا واللهِ إنِّي لأخْشَاكُمْ للهِ ، وَأَتْقَاكُمْ لَهُ ، لَكِنِّي أصُومُ وَأُفْطِرُ ، وأُصَلِّي وَأَرْقُدُ ، وَأَتَزَوَّجُ النِّساءَ ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي » . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . الخشية : خوفٌ مقرون بمعرفة . قال الله تعالى : ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [ فاطر (28) ] . وكان النبي ﷺ يفطر ليتقوَّى على الصوم ، وينام ليتقوَّى على القيام ، ويتزوَّج لكسر الشهوة وإعفاف النفس . وفي الحديث : النهي عن التعمُّق في الدين والتشبه بالمبتدعين . |
#113
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ [144] وعن ابن مسعود رضي الله عنه : أنّ النَّبيّ ﷺ ، قَالَ : «هَلَكَ المُتَنَطِّعُونَ » . قالها ثَلاثاً . رواه مسلم . « المُتَنَطِّعونَ » : المتعمقون المتشددون في غير موضِعِ التشديدِ . المتنطَّع : المتكلَّف في العبادة بما يشق فعله ولا يلزمه ، والخائضُ فيما لا يعنيه وفيما لا يبلغه عقله . [145] عن أَبي هريرةَ رضي الله عنه عن النَّبيّ ﷺ قَالَ : « إنَّ الدِّينَ يُسْرٌ ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّيْنُ إلا غَلَبَهُ ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأبْشِرُوا ، وَاسْتَعِينُوا بِالغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ » . رواه البخاري . وفي رواية لَهُ : « سَدِّدُوا وَقَارِبُوا ، وَاغْدُوا وَرُوحُوا ، وَشَيءٌ مِنَ الدُّلْجَةِ ، القَصْدَ القَصْدَ تَبْلُغُوا » . قوله : « الدِّينُ » : هُوَ مرفوع عَلَى مَا لَمْ يسم فاعله . وروي منصوباً وروي « لن يشادَّ الدينَ أحدٌ » . وقوله ﷺ : « إلا غَلَبَهُ » : أي غَلَبَهُ الدِّينُ وَعَجَزَ ذلِكَ المُشَادُّ عَنْ مُقَاوَمَةِ الدِّينِ لِكَثْرَةِ طُرُقِهِ . وَ« الغَدْوَةُ » : سير أولِ النهارِ . وَ« الرَّوْحَةُ » : آخِرُ النهارِ . وَ« الدُّلْجَةُ » : آخِرُ اللَّيلِ . وهذا استعارة وتمثيل ، ومعناه : اسْتَعِينُوا عَلَى طَاعَةِ اللهِ عزوجل بِالأَعْمَالِ في وَقْتِ نَشَاطِكُمْ وَفَرَاغِ قُلُوبِكُمْ بِحَيثُ تَسْتَلِذُّونَ العِبَادَةَ ولا تَسْأَمُونَ وتبلُغُونَ مَقْصُودَكُمْ ، كَمَا أنَّ المُسَافِرَ الحَاذِقَ يَسيرُ في هذِهِ الأوْقَاتِ ويستريح هُوَ وَدَابَّتُهُ في غَيرِهَا فَيَصِلُ المَقْصُودَ بِغَيْرِ تَعَب ، واللهُ أعلم . معنى الحديث : لا يتعمق أحد في الأعمال الدينية ، ويترك الرفق إلا عجز وانقطع عن عمله كله أو بعضه ،فتوسطوا من غير إفراط ، ولا تفريط ، وقاربوا إن لم تستطيعوا العمل بالأكمل ، فاعملوا ما يقرب منه ، وأبشروا بالثواب على العمل الدائم وإنْ قل ، واستعينوا على تحصيل العبادات بفراغكم ونشاطكم ، قال الله تعالى : ﴿ فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ ﴾ [ الشرح (7 ، 8) ] . |
#114
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ [146] وعن أنس رضي الله عنه قَالَ : دَخَلَ النَّبيُّ ﷺ المَسْجِدَ فَإِذَا حَبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ ، فَقَالَ : « مَا هَذَا الحَبْلُ ؟ » قالُوا : هَذَا حَبْلٌ لِزَيْنَبَ ، فَإِذَا فَتَرَتْ تَعَلَّقَتْ بِهِ . فَقَالَ النَّبيُّ ﷺ : « حُلُّوهُ ، لِيُصلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ فَإِذَا فَتَرَ فَلْيَرْقُدْ » . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . في هذ الحديث : الحث على الاقْتِصاد في العبادة ، والنهي عن التعمُّق فيها ، والأمر بالإقبال عليها بنشاط ، وجواز تنفُّل النساء في المسجد إذا أمنت الفتنة . [147] وعن عائشة رضي الله عنها : أنَّ رَسُول الله ﷺ قَالَ : « إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ يُصَلِّي فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّومُ ، فإِنَّ أحدكم إِذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ لا يَدْرِي لَعَلَّهُ يَذْهَبُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبُّ نَفْسَهُ » . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . في هذا الحديث : أمر الناعس في الصلاة أنْ ينصرف منها ، يعني : بعدما يتمها خفيفة . |
#115
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ [148] وعن أَبي عبد الله جابر بن سمرة رضي الله عنهما ، قَالَ : كُنْتُ أصَلِّي مَعَ النَّبيِّ ﷺ الصَّلَوَاتِ ، فَكَانتْ صَلاتُهُ قَصْداً وَخُطْبَتُهُ قَصْداً . رواه مسلم . قوله : « قَصْداً » : أي بين الطولِ والقِصرِ . في هذا الحديث : استحباب القصد في الصلاة ، والخطبة وجميع الأمور . [149] وعن أبي جُحَيْفَة وَهْب بنِ عبد اللهِ رضي الله عنه قَالَ : آخَى النَّبيُّ ﷺ بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبي الدَّرْداءِ ، فَزارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرداءِ فَرَأى أُمَّ الدَّرداءِ مُتَبَذِّلَةً ، فَقَالَ : مَا شَأنُكِ ؟ قَالَتْ : أخُوكَ أَبُو الدَّردَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ في الدُّنْيَا ، فَجاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَصَنَعَ لَهُ طَعَاماً ، فَقَالَ لَهُ : كُلْ فَإِنِّي صَائِمٌ ، قَالَ : مَا أنا بِآكِلٍ حَتَّى تَأكُلَ فأكل ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّردَاءِ يَقُومُ فَقَالَ لَهُ : نَمْ ، فنام ، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ فَقَالَ لَهُ : نَمْ . فَلَمَّا كَانَ من آخِر اللَّيلِ قَالَ سَلْمَانُ : قُم الآن ، فَصَلَّيَا جَمِيعاً فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ : إنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقّاً ، وَإِنَّ لِنَفْسِكَ عَلَيكَ حَقّاً ، وَلأَهْلِكَ عَلَيكَ حَقّاً ، فَأعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ ، فَأَتَى النَّبيَّ ﷺ فَذَكَرَ ذلِكَ لَهُ فَقَالَ النَّبيُّ ﷺ : « صَدَقَ سَلْمَانُ » . رواه البخاري . في هذا الحديث : مشروعية المؤاخاة في الله ، وزيارة الإخوان ، والمبيت عندهم ، وجواز مخاطبة الأجنبية للحاجة ، والنصح للمسلم ، وتنبيه من غفل ، وفضل قيام آخر الليل ، وجواز النهي عن المستحبات إذا خشي أنَّ ذلك يفضي إلى السآمة والملل ، وتفويت الحقوق المطلوبة ، وكراهية الحمل على النفس في العبادة ، وجواز الفطر من صوم التطوع للحاجة والمصلحة . |
#116
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ [150] وعن أَبي محمد عبدِ اللهِ بنِ عَمْرو بن العاصِ رضي الله عنهما ، قَالَ : أُخْبرَ النَّبيُّ ﷺ أنِّي أقُولُ : وَاللهِ لأَصُومَنَّ النَّهَارَ ، وَلأَقُومَنَّ اللَّيلَ مَا عِشْتُ . فَقَالَ رسولُ الله ﷺ : « أنتَ الَّذِي تَقُولُ ذلِكَ ؟ » فَقُلْتُ لَهُ : قَدْ قُلْتُهُ بأبي أنْتَ وأمِّي يَا رسولَ الله . قَالَ : « فَإِنَّكَ لا تَسْتَطِيعُ ذلِكَ فَصُمْ وَأَفْطِرْ ، وَنَمْ وَقُمْ ، وَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاثةَ أيَّامٍ ، فإنَّ الحَسَنَةَ بِعَشْرِ أمْثَالِهَا وَذَلكَ مِثلُ صِيامِ الدَّهْرِ » قُلْتُ : فَإِنِّي أُطيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذلِكَ ، قَالَ : « فَصُمْ يَوماً وَأَفْطِرْ يَوْمَيْنِ » قُلْتُ : فَإنِّي أُطِيقُ أفضَلَ مِنْ ذلِكَ ، قَالَ : « فَصُمْ يَوماً وَأفْطِرْ يَوماً فَذلِكَ صِيَامُ دَاوُد ﷺ ، وَهُوَ أعْدَلُ الصيامِ » . وفي رواية : « هُوَ أفْضَلُ الصِّيامِ » فَقُلْتُ : فَإِنِّي أُطيقُ أفْضَلَ مِنْ ذلِكَ ، فَقَالَ رسولُ الله ﷺ : « لا أفضَلَ مِنْ ذلِكَ » ، قال : وَلأنْ أكُونَ قَبِلْتُ الثَّلاثَةَ الأَيّامِ الَّتي قَالَ رَسُول الله ﷺ أحَبُّ إليَّ مِنْ أهْلي وَمَالي . وفي رواية : « أَلَمْ أُخْبَرْ أنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وتَقُومُ اللَّيلَ ؟ » قُلْتُ : بَلَى ، يَا رَسُول الله ، قَالَ : « فَلا تَفْعَلْ : صُمْ وَأَفْطِرْ ، وَنَمْ وَقُمْ ؛ فإنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقّاً ، وَإِنَّ لِعَيْنَيكَ عَلَيْكَ حَقّاً ، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقّاً ، وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقّاً ، وَإنَّ بِحَسْبِكَ أنْ تَصُومَ في كُلِّ شَهْرٍ ثَلاثَةَ أيَّامٍ ، فإنَّ لَكَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أمْثَالِهَا ، فَإِنَّ ذلِكَ صِيَامُ الدَّهْر »فَشَدَّدْتُ فَشُدِّدَ عَلَيَّ ، قُلْتُ : يَا رَسُول الله ، إنِّي أجِدُ قُوَّةً ، قَالَ : « صُمْ صِيَامَ نَبيِّ الله دَاوُد وَلا تَزد عَلَيهِ » قُلْتُ : وَمَا كَانَ صِيَامُ دَاوُد ؟ قَالَ : «نِصْفُ الدَّهْرِ » فَكَانَ عَبدُ الله يقول بَعدَمَا كَبِرَ : يَا لَيتَنِي قَبِلْتُ رُخْصَة رَسُول الله ﷺ . وفي رواية : « أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ الدَّهرَ ، وَتَقْرَأُ القُرآنَ كُلَّ لَيْلَة ؟ » فقلت : بَلَى ، يَا رَسُول الله ، وَلَمْ أُرِدْ بذلِكَ إلا الخَيرَ ، قَالَ : « فَصُمْ صَومَ نَبيِّ اللهِ دَاوُد ، فَإنَّهُ كَانَ أعْبَدَ النَّاسِ ، وَاقْرَأ القُرْآنَ في كُلِّ شَهْر » قُلْتُ : يَا نَبيَّ اللهِ ، إنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذلِكَ ؟ قَالَ : « فاقرأه في كل عشرين »قُلْتُ : يَا نبي الله ، إني أطيق أفضل من ذلِكَ ؟ قَالَ : « فَاقْرَأهُ في كُلِّ عَشْر » قُلْتُ : يَا نبي اللهِ ، إنِّي أُطيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذلِكَ ؟ قَالَ : « فاقْرَأهُ في كُلِّ سَبْعٍ وَلا تَزِدْ عَلَى ذلِكَ » فشدَّدْتُ فَشُدِّدَ عَلَيَّ وَقالَ لي النَّبيّ ﷺ : « إنَّكَ لا تَدرِي لَعَلَّكَ يَطُولُ بِكَ عُمُرٌ » قَالَ : فَصِرْتُ إِلَى الَّذِي قَالَ لي النَّبيُّ ﷺ . فَلَمَّا كَبِرْتُ وَدِدْتُ أنِّي كُنْتُ قَبِلتُ رُخْصَةَ نَبيِّ الله ﷺ . وفي رواية : « وَإِنَّ لِوَلَدِكَ عَلَيْكَ حَقّاً » . وفي رواية : « لا صَامَ مَنْ صَامَ الأَبَدَ » ثلاثاً . وفي رواية : « أَحَبُّ الصِيَامِ إِلَى اللهِ تَعَالَى صِيَامُ دَاوُد ، وَأَحَبُّ الصَّلاةِ إِلَى اللهِ تَعَالَى صَلاةُ دَاوُدَ : كَانَ ينام نصف الليل ، ويقوم ثلثه ، وينام سدسه ، وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً ، وَلا يَفِرُّ إِذَا لاقَى » . وفي رواية قال : « أنْكَحَني أَبي امرَأةً ذَاتَ حَسَبٍ وَكَانَ يَتَعَاهَدُ كنَّتَهُ ﷺ - أي : امْرَأَةَ وَلَدِهِ - فَيَسْأَلُهَا عَنْ بَعْلِهَا . فَتقُولُ لَهُ : نِعْمَ الرَّجُلُ مِنْ رَجُلٍ لَمْ يَطَأْ لَنَا فِرَاشاً ، وَلَمْ يُفَتِّشْ لَنَا كَنَفاً مُنْذُ أتَيْنَاهُ . فَلَمَّا طَالَ ذلِكَ عَلَيهِ ذَكَرَ ذلك للنَّبيِّ ﷺ ، فَقَالَ : « القِنِي بِهِ » فَلَقيتُهُ بَعد ذلك ، فَقَالَ : «كَيْفَ تَصُومُ ؟ » قُلْتُ : كُلَّ يَومٍ ، قَالَ : « وَكَيْفَ تَخْتِمُ ؟ » قُلْتُ : كُلَّ لَيْلَةٍ ، وَذَكَرَ نَحْوَ مَا سَبَقَ ، وَكَانَ يَقْرَأُ عَلَى بَعْضِ أهْلِهِ السُّبُعَ الَّذِي يَقْرَؤُهُ ، يَعْرِضُهُ مِنَ النَّهَارِ ليَكُونَ أخفّ عَلَيهِ باللَّيلِ ، وَإِذَا أَرَادَ أنْ يَتَقَوَّى أفْطَرَ أيَّاماً وَأحْصَى وَصَامَ مِثْلَهُنَّ كرَاهِيَةَ أنْ يَترُكَ شَيئاً فَارَقَ عَلَيهِ النَّبيَّ ﷺ . كل هذِهِ الرواياتِ صحيحةٌ ، مُعظمُها في الصحيحين ، وقليل مِنْهَا في أحدِهِما . في هذا الحديث : دليل على أنَّ أفضل الصيام صوم يوم وإفطار يوم وكراهة الزيادة على ذلك . قال الخطابي : محصل قصة عبد الله بن عمرو : أنَّ الله تعالى لم يتعبد عبده بالصوم خاصة ، بل تعبّده بأنواعٍ من العبادات ، فلو استفرغ جهده لقصَّر في غيره ، فالأَوْلى الاقتصاد فيه ليتبقى بعض القوة لغيره . قال الحافظ : وفي قصة عبد الله بن عمرو من الفوائد : بيان رفق رسول الله ﷺ بأمته ، وشفقته عليهم ، وإرشاده إياهم إلى ما يصلحهم ، وحثّه إياهم على ما يطيقون الدوام عليه ، ونهيهم عن التعمُّق في العبادة لما يخشى من إفضائه إلى الملل أو ترك البعض ، وقد ذم الله تعالى قومًا لا زموا العبادة ثم فرطوا فيها . وفيه : جواز الإخبار عن الأعمال الصالحة ، والأوراد ، ومحاسن الأعمال ، ولا يخفى أنَّ محل ذلك عند أمن الرياء . انتهى ملخصًا . |
#117
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ [151] وعن أبي رِبعِي حنظلة بنِ الربيعِ الأُسَيِّدِيِّ الكاتب أحدِ كتّاب رَسُول الله ﷺ ، قَالَ : لَقِيَنِي أَبُو بَكر رضي الله عنه فَقَالَ : كَيْفَ أنْتَ يَا حنْظَلَةُ ؟ قُلْتُ : نَافَقَ حَنْظَلَةُ ! قَالَ : سُبْحَانَ الله مَا تَقُولُ ؟! قُلْتُ : نَكُونُ عِنْدَ رَسُول الله ﷺ يُذَكِّرُنَا بالجَنَّةِ وَالنَّارِ كأنَّا رَأيَ عَيْنٍ فإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُول الله ﷺ عَافَسْنَا الأَزْواجَ وَالأَوْلاَدَ وَالضَّيْعَاتِ نَسينَا كَثِيراً ، قَالَ أَبُو بكر رضي الله عنه : فَوَالله إنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا ، فانْطَلَقْتُ أَنَا وأبُو بَكْر حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُول الله ﷺ . فقُلْتُ : نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُول اللهِ ! فَقَالَ رَسُول الله ﷺ : « وَمَا ذَاكَ ؟ » قُلْتُ : يَا رَسُول اللهِ ، نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ والجَنَّةِ كأنَّا رَأيَ العَيْن فإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ عَافَسْنَا الأَزْواجَ وَالأَوْلاَدَ وَالضَّيْعَاتِ نَسينَا كَثِيراً . فَقَالَ رَسُول الله ﷺ : « وَالَّذِي نَفْسي بِيَدِهِ ، لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونونَ عِنْدِي ، وَفي الذِّكْر ، لصَافَحَتْكُمُ الملائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفي طُرُقِكُمْ ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وسَاعَةً » ثَلاَثَ مَرَات . رواه مسلم . قولُهُ : « رِبْعِيٌّ » بِكسر الراء . وَ« الأُسَيِّدِي »بضم الهمزة وفتح السين وبعدها ياء مكسورة مشددة . وقوله : « عَافَسْنَا » هُوَ بِالعينِ والسينِ المهملتين أي : عالجنا ولاعبنا . وَ« الضَّيْعاتُ »: المعايش . قوله ﷺ : « ساعة وساعة » ، أي : ساعة لأداء العبودية ، وساعة للقيام بما يحتاجه الإنسان . قال بعض العارفين : الحال التي يجدونها عند النبي ﷺ وفي الذكر مواجيد ، والمواجيد تجيء وتذهب ، وأما المعرفة ، فهي ثابتة لا تزول . وفي حديث أبي ذر المشهور : « وعلى العاقل أنْ يكون له ساعات ، ساعة يناجي فيها ربه ، وساعة يحاسب فيها نفسه ، وساعة يفكَّر فيها في سمع الله إليه ، وساعة يخلو فيها لحاجته من مطعم ومشرب » . وبالله التوفيق . |
#118
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ 15- باب المحافظة عَلَى الأعمال قَالَ الله تَعَالَى : ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ ﴾ [ الحديد (16) ] . قوله تعالى : ﴿ أَلَمْ يَأْنِ ﴾ ، يعني ألم يحن . قيل : نزلت في شأن الصحابة لما أكثروا المزاح . وَقالَ تَعَالَى : ﴿ وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الأِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا ﴾ [ الحديد (27) ] . الرهبانية التي ابتدعوها : رفض النساء : واتخاذ الصوامع . وفيه : تنبيه على أنَّ مَن أوجب على نفسه شيئًا لزمه . وَقالَ تَعَالَى : ﴿ وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثاً ﴾ [ النحل (92) ] . وهي امرأة حمقاء من أهل مكة ، كانت تغزل طول يومها ثم تنقضه . قال الخازن : والمعنى : أن هذه المرأة لم تكف عن العمل ، ولا حين عملت كفت عن النقض ، فكذلك من نقص عهده لا تركه ، ولا حين عاهد وفَى به . انتهى . والآية عامة في كل من أبطل عمله . وَقالَ تَعَالَى : ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [ الحجر (99) ] . أي : دُمْ على عبادة ربك حتى يأيتك الموت . |
#119
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ [152] وعنِ ابن عباس رضي الله عنهما ، قَالَ : بينما النَّبيُّ ﷺ يخطب إِذَا هُوَ برجلٍ قائم فسأل عَنْهُ ، فقالوا : أَبُو إسْرَائيلَ نَذَرَ أنْ يَقُومَ في الشَّمْسِ وَلا يَقْعُدَ ، وَلا يَسْتَظِل ، وَلا يَتَكَلَّمَ ، وَيَصُومَ ، فَقَالَ النَّبيّ ﷺ : « مُرُوهُ ، فَلْيَتَكَلَّمْ ، وَلْيَسْتَظِلَّ ، وَلْيَقْعُدْ ، وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ » . رواه البخاري . في هذا الحديث : دليل على أنَّ من تقرَّب إلى الله تعالى بعمل لم يتعبده الله به ، أنه لا يلزمه فعله ، وإنْ نذره . ومن نذر عبادة مشروعة لزمه فعلها . وفي الحديث الآخر : « من نذر أنْ يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه » . |
#120
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ 16- باب في الأمر بالمحافظة عَلَى السنة وآدابها قَالَ الله تَعَالَى : ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [ الحشر (7) ] . في هذا الآية دليل على وجوب امتثال أوامره ونواهيه ﷺ وَقالَ تَعَالَى : ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ [ النجم ( 3 ، 4) ] . أي : لا يقول الرسول ﷺ إلا حقًّا ، وليس عن هوى ولا غرض ؛ لأنَّ ما يقوله وحيٌ من الله عز وجلّ . وَقالَ تَعَالَى : ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾ [ آل عمران (31)] . نزلت هذه الآية حين ادَّعى أهل الكتاب محبَّة الله فمن ادَّعى محبة الله وهو على غير الطريقة المحمدية فهو كاذب في نفس الأمر . قال بعض العلماء : ليس الشأن أن تحِب إِنما الشأن أن تُحَبَّ . قال الحسن البصري : زعم قوم أنهم يحبُّون الله فابتلاهم الله بهذه الآية . وَقالَ تَعَالَى : ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِر ﴾ [ الأحزاب (21) ] . الأُسوة : الاقتداء به ﷺ في أقواله ، وأفعاله ، وأحواله . |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد لفضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان - حفظه الله- | ام عادل السلفية | منبر التوحيد وبيان ما يضاده من الشرك | 70 | 22-01-2015 03:24AM |
مشكلة الطلاق والزواج بنية الطلاق والاختلاع عند بعض الصالحين والصالحات | ماهر بن ظافر القحطاني | منبر أصول الفقه وقواعده | 1 | 09-09-2011 07:14AM |
مجاهدة النفس §من كتاب رياض الصالحين § | أم العبدين الجزائرية | منبر الأسرة والمجتمع السلفي | 1 | 09-04-2010 05:44AM |
شرح مسائل الجاهلية | أبو عبد الرحمن السلفي1 | منبر التوحيد وبيان ما يضاده من الشرك | 8 | 25-10-2007 06:33PM |