#76
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ 11- باب المجاهدة قَالَ الله تَعَالَى : ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِينَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [ العنكبوت (69) ] . المجاهدة : مفاعلة من الجهد ، فإن الإنسان يجاهد نفسه باستعمالها فيما ينفعها ، وهي تجاهده بضد ذلك . قال بعض العلماء : جهاد النفس هو الجهاد الأكبر . وجهاد العدو هو الجهاد الأصغر . وَقالَ تَعَالَى : ﴿ وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً ﴾ [ المزمل (8) ] : أي : انْقَطِعْ إِلَيْه . يقول تعالى : ﴿ وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ ﴾ ، أي : أكثر من ذكره ، وأخلِص واجتهد في وقت فراغك . وَقالَ تَعَالَى : ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [ الحجر (99) ] . أي : الموت وَقالَ تَعَالَى : ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ﴾ [ الزلزلة (7) ] . في هذا الآية تشويق لتقديم العمل الصالح بين يديه ليجد ثوابه عند قدومه على ربه . وَقالَ تَعَالَى : ﴿ وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً ﴾ [ المزمل (20) ] . أي ما أخرجتم لله خير لكم وأعظم أجرًا عند الله مما ادخرتم . وَقالَ تَعَالَى : ﴿ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾ [ البقرة (273) ] . يعني : فيجزيكم بخير منه . والآيات في الباب كثيرة معلومة . |
#77
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ [93] السابع : عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رَسُول الله ﷺ ، قَالَ : « بادِرُوا بِالأَعْمَالِ سَبْعاً ، هَلْ تَنْتَظِرُونَ إلافَقراً مُنسياً ، أَوْ غِنىً مُطغِياً ، أَوْ مَرَضاً مُفسِداً ، أَوْ هَرَماً مُفْنداً ، أَوْ مَوتاً مُجْهزاً ، أَوْ الدَّجَّالَ فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ ، أَوْ السَّاعَةَ فالسَّاعَةُ أدهَى وَأَمَرُّ » . رواه الترمذي ، وَقالَ : ( حديث حسن ) . في هذه الحديث : الحث على المبادرة بالأعمال الصالحة قبل الموانع الطارئة . [94] الثامن : عَنْهُ : أن رَسُول الله ﷺ قَالَ يَومَ خيبر : « لأُعْطِيَنَّ هذِهِ الرَّايَةَ رَجُلاً يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ يَفتَحُ اللهُ عَلَى يَدَيهِ » . قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه : مَا أحبَبْتُ الإِمَارَة إلا يَومَئِذٍ ، فَتَسَاوَرتُ لَهَا رَجَاءَ أنْ أُدْعَى لَهَا ، فَدَعا رسولُ الله r عليّ بن أبي طالب t فَأعْطَاهُ إيَّاهَا ، وَقالَ : « امْشِ وَلا تَلتَفِتْ حَتَّى يَفتَح اللهُ عَلَيكَ » . فَسَارَ عليٌّ شيئاً ثُمَّ وَقَفَ ولم يلتفت فصرخ : يَا رَسُول الله ، عَلَى ماذا أُقَاتِلُ النّاسَ ؟ قَالَ : « قاتِلْهُمْ حَتَّى يَشْهَدُوا أنْ لا إله إلا اللهُ ، وَأنَّ مُحَمداً رسولُ الله ، فَإِذَا فَعَلُوا ذلك فقَدْ مَنَعوا مِنْكَ دِمَاءهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلا بحَقِّهَا ، وحسَابُهُمْ عَلَى الله » . رواه مسلم . « فَتَسَاوَرْتُ » هُوَ بالسين المهملة : أي وثبت متطلعاً . في هذا الحديث : الحث على المبادرة إلى ما أمر به ، والأخذ بظاهر الأمر وترك الوجوه المحتملات إذا خالفت الظاهر لأنَّ عليَّا وقف ولم يلتفت . |
#78
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم ( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ وأما الأحاديث : [95] فالأول : عن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُول الله ﷺ : « إنَّ الله تَعَالَى قَالَ : مَنْ عادى لي وَلِيّاً فَقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدي بشَيءٍ أَحَبَّ إلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حَتَّى أحِبَّهُ ، فَإذَا أَحبَبتُهُ كُنْتُ سَمعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ ، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بِهَا ، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشي بِهَا ، وَإنْ سَأَلَني لأُعْطِيَنَّهُ ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ » . رواه البخاري . « آذَنتُهُ » : أعلمته بأني محارِب لَهُ . «اسْتَعَاذَني » روي بالنون وبالباءِ . الولي : مَنْ تولى الله بالطاعة والتقوى ، فإنَّ الله يتولاه بالحفظ والنصرة . وفي الحديث : الوعيد الشديد لمن عادى وليًّا من أجل طاعته لله عزَّ وجلّ. وأنَّ أحب العبادة إلى الله أداء فرائضه . وأنَّ من تقرَّب إلى الله بالنوافل أحبه ، ونصره ، وحفظه ، وأجاب دعاءه ، ورقاه من درجة الإِيمان إلى درجة الإِحسان ، فلا ينطقُ بما يسخط الله ، ولا تُحَرَّك جوارحه في معاصي الله . |
#79
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ [96] الثاني : عن أنس رضي الله عنه عن النَّبيّ ﷺ فيما يرويه عن ربّه عزوجل قَالَ : « إِذَا تَقَربَ العَبْدُ إلَيَّ شِبْراً تَقَربْتُ إِلَيْه ذِرَاعاً ، وَإِذَا تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِرَاعاً تَقَربْتُ مِنهُ بَاعاً ، وِإذَا أتَانِي يَمشي أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً » . رواه البخاري . معنى هذا الحديث : أنَّ من تقرَّب إلى الله بشيء من الطاعات ولو قليلاً قابله الله بأضعاف من الإِثابة والإِكرام ، وكلما زاد في الطاعة زاده في الثواب ، وأسرع برحمته وفضله . [97] الثالث : عن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُول الله ﷺ : « نِعْمَتَانِ مَغبونٌ فيهما كَثيرٌ مِنَ النَّاسِ : الصِّحَّةُ ، وَالفَرَاغُ » . رواه . البخاري . في هذا الحديث : أنَّ من لم يعمل في فراغه وصحته فهو مغبون . قال الله تعالى : ﴿ يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ ﴾ [ التغابن (9) ] . وفي الحديث : « اغتنم خمسًا قبل خمس : شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وفراغك قبل شغلك ، وغناك قبل فقرك ، وحياتك قبل موتك » . |
#80
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ [98] الرابع : عن عائشة رَضي الله عنها : أنَّ النَّبيّ ﷺ كَانَ يقُومُ مِنَ اللَّيلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ فَقُلْتُ لَهُ : لِمَ تَصنَعُ هَذَا يَا رسولَ الله ، وَقدْ غَفَرَ الله لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ؟ قَالَ : « أَفَلا أُحِبُّ أنْ أكُونَ عَبْداً شَكُوراً » . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ ، هَذَا لفظ البخاري . ونحوه في الصحيحين من رواية المغيرة بن شعبة . في هذا الحديث : أَخْذُ الإِنسان على نفسه بالشدة في العبادة ، وإنْ أضرَّ ذلك ببدنه إذا لم يفض به إلى الملل . قال النبي ﷺ : « خذوا من الأعمال ما تطيقون ، فإنَّ الله لا يَمَلُّ حتى تملوا » . وفيه : أنَّ الشكر يكون بالعمل كما يكون باللسان . |
#81
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ [99] الخامس : عن عائشة رضي الله عنها ، أنَّها قَالَتْ : كَانَ رَسُول الله ﷺ إِذَا دَخَلَ العَشْرُ أَحْيَا اللَّيلَ ، وَأيْقَظَ أهْلَهُ ، وَجَدَّ وَشَدَّ المِئْزَر . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . والمراد : العشر الأواخر مِنْ شهر رمضان . و«المِئْزَرُ » : الإزار ، وَهُوَ كناية عن اعتزالِ النساءِ . وقيلَ : المُرادُ تَشْمِيرُهُ للِعِبَادةِ ، يُقالُ : شَدَدْتُ لِهَذَا الأمْرِ مِئْزَري : أي تَشَمَّرْتُ وَتَفَرَّغْتُ لَهُ . في هذا الحديث : الجِدُّ والاجتهاد في العبادة ، خصوصًا في الأوقات الفاضلة ، واغتنام صالح العمل في العشر الأواخر من رمضان ؛ لأنَّ فيها ليلة خير من ألف شهر . [100] السادس : عن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُول الله ﷺ : « المُؤْمِنُ القَوِيُّ خَيرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعيفِ وَفي كُلٍّ خَيرٌ . احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ ، واسْتَعِنْ بِاللهِ وَلا تَعْجَزْ . وَإنْ أَصَابَكَ شَيءٌ فَلا تَقُلْ لَوْ أنّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا ، وَلَكِنْ قُلْ : قَدرُ اللّهِ ، وَمَا شَاءَ فَعلَ ؛ فإنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيطَانِ » . رواه مسلم . المؤمنُ القوي ، هو من يقوم بالأوامر ويترك النواهي بقوة ونشاط ، ويصبر على مخالطة الناس ودعوتهم ، ويصبر على أذاهم . وفي الحديث : الأمر بفعل الأسباب والاستعانة بالله . وفيه : التسليم لأمر الله ، والرضا بقدر الله . |
#82
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ [101] السابع : عَنْهُ : أنَّ رَسُول الله ﷺ قَالَ : «حُجِبَتِ النَّارُ بالشَّهَواتِ ، وَحُجِبَتِ الجَنَّةُ بِالمَكَارِهِ » . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . وفي رواية لمسلم : « حُفَّتْ » بدل « حُجِبَتْ »وَهُوَ بمعناه : أي بينه وبينها هَذَا الحجاب فإذا فعله دخلها . في هذا الحديث : أنَّ الجنة لا تُنال إلا بالصبر على المكاره ، وأنَّ النَّار لا يُنْجَى منها إلا بفطام النفس عن الشهوات المحرمة . |
#83
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ [102] الثامن : عن أبي عبد الله حُذَيفَةَ بنِ اليمانِ رضي الله عنهما ، قَالَ : صَلَّيْتُ مَعَ النَّبيّ ﷺ ذَاتَ لَيلَةٍ فَافْتَتَحَ البقَرَةَ ، فَقُلْتُ : يَرْكَعُ عِنْدَ المئَةِ ، ثُمَّ مَضَى . فَقُلْتُ : يُصَلِّي بِهَا في ركعَة فَمَضَى، فقُلْتُ : يَرْكَعُ بِهَا ، ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ فَقَرَأَهَا ، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَهَا ، يَقرَأُ مُتَرَسِّلاً : إِذَا مَرَّ بآية فِيهَا تَسبيحٌ سَبَّحَ ، وَإذَا مَرَّ بسُؤَالٍ سَأَلَ ، وَإذَا مَرَّ بتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ ، ثُمَّ رَكَعَ ، فَجَعَلَ يَقُولُ : «سُبْحَانَ رَبِّيَ العَظِيمِ » فَكَانَ رُكُوعُهُ نَحواً مِنْ قِيَامِهِ ، ثُمَّ قَالَ : « سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ » ثُمَّ قَامَ قِيامًا طَويلاً قَريباً مِمَّا رَكَعَ ، ثُمَّ سَجَدَ ، فَقَالَ : «سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى » فَكَانَ سُجُودُهُ قَريباً مِنْ قِيَامِهِ . رواه مسلم . في هذا الحديث : فضلُ تطويل صلاة الليل ، قال الله تعالى : ﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ ﴾الزمر (9) ] . |
#84
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ [103] التاسع : عن ابن مسعود رضي الله عنه قَالَ : صَلَّيْتُ مَعَ النَّبيّ ﷺ لَيلَةً ، فَأَطَالَ القِيامَ حَتَّى هَمَمْتُ بأمْرِ سُوءٍ ! قيل : وَمَا هَمَمْتَ بِهِ ؟ قَالَ : هَمَمْتُ أنْ أجْلِسَ وَأَدَعَهُ . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . في هذا الحديث : أنه ينبغي الأدب مع الأئمة ، بأن لا يخالفوا بقول ، ولا فعل مالم يكن حرامًا ، فإن مخالفة الإمام في أفعاله معدودة في العمل السيء . [104] العاشر : عن أنس رضي الله عنه عن رَسُول الله ﷺ ، قَالَ : « يَتْبَعُ المَيتَ ثَلاَثَةٌ : أهْلُهُ وَمَالُهُ وَعَملُهُ ، فَيَرجِعُ اثنَانِ وَيَبْقَى وَاحِدٌ : يَرجِعُ أهْلُهُ وَمَالُهُ ، وَيَبقَى عَملُهُ » . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . في هذا الحديث : الحث على تحسين العمل ليكون أنيسه في قبره . |
#85
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ [105] الحادي عشر : عن ابن مسعود رضي الله عنه قَالَ : قَالَ النَّبيّ ﷺ : « الجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ ، وَالنَّارُ مِثلُ ذلِكَ » . رواه البخاري . في هذا الحديث : الترغيب في قليل الخير وإن قلَّ ، والترهيب عن قليل الشر وإن قل . وأنَّ الطاعة مقَّربة إلى الجنة ، والمعصية مقرَّبة إلى النار ، قال الله تعالى : ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ﴾ [ الزلزلة (7 ، 8) ] في الحديث : إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله يرفعه الله بها درجات ، وأن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله يهوي بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب . |
#86
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ [106] الثاني عشر : عن أبي فِراسٍ ربيعةَ بنِ كعبٍ الأسلميِّ خادِمِ رَسُول الله ﷺ ، ومن أهلِ الصُّفَّةِ رضي الله عنه ، قَالَ : كُنْتُ أبِيتُ مَعَ رسولِ الله ﷺ فآتِيهِ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ ، فَقَالَ : « سَلْنِي » فقُلْتُ : اسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ في الجَنَّةِ . فَقَالَ : « أَوَ غَيرَ ذلِكَ » ؟ قُلْتُ : هُوَ ذَاكَ ، قَالَ : « فأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ » . رواه مسلم . في هذا الحديث : الحث على الإكثار من الصلاة ، وأنه يوجب القرب من الله تعالى ، ومرافقة النبي ﷺ في الجنة ، وقد قال الله تعالى : ﴿ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً ﴾ [ النساء (69) ] ، وقال تعالى : ﴿ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ﴾ [ العلق (19) ] . |
#87
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ [107] الثالث عشر : عن أبي عبد الله ، ويقال : أَبُو عبد الرحمن ثوبان - مولى رَسُول الله ﷺ - رضي الله عنه ، قَالَ : سَمِعْتُ رسولَ الله ﷺ يَقُولُ : « عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ ؛ فَإِنَّكَ لَنْ تَسْجُدَ للهِ سَجْدَةً إلارَفَعَكَ اللهُ بِهَا دَرجَةً ، وَحَطَّ عَنكَ بِهَا خَطِيئةً » . رواه مسلم . سبب رواية ثوبان لهذا الحديث : أن معدان بن طلحة قال : أتيت ثوبان فقلت : أخبرني بعمل أعمل به يدخلني الله به الجنة ؟ - أو قال بأحب الأعمال إلى الله – فسكتَ ، ثم سأله ، فسكت ، ثم سأله الثالثة ، فقال : سألت عن ذلك رسول الله ﷺ ، فقال : « عليك بكثرة السجود ... » . الحديث . وفي آخره : فلقيت أبا الدرداء فسألته ، فقال لي مثل ما قال ثوبان . |
#88
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ [108] الرابع عشر : عن أَبي صَفوان عبد الله بنِ بُسْرٍ الأسلمي رضي1 ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله ﷺ : « خَيرُ النَّاسِ مَنْ طَالَ عُمُرهُ ، وَحَسُنَ عَمَلُهُ » . رواهالترمذي ، وَقالَ : « حديث حسن » . « بُسْر » بضم الباء وبالسين المهملة . في هذا الحديث : فضلُ طول العمر إذا أُحسن فيه العمل . وفي بعض الروايات : « وشركم من طال عمره وساء عمله » . [109] الخامس عشر : عن أنس رضي الله عنه ، قَالَ : غَابَ عَمِّي أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ رضي الله عنه عن قِتالِ بدرٍ ، فَقَالَ : يَا رسولَ الله ، غِبْتُ عَنْ أوّل قِتال قَاتَلْتَ المُشْرِكِينَ ، لَئِن اللهُ أشْهَدَنِي قِتَالَ المُشركِينَ لَيُرِيَنَّ اللهُ مَا أصْنَعُ . فَلَمَّا كَانَ يَومُ أُحُدٍ انْكَشَفَ المُسْلِمونَ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ أعْتَذِرُ إلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هؤُلاءِ - يعني : أصْحَابهُ - وأبْرَأُ إلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هؤُلاءِ - يَعني : المُشركِينَ - ثُمَّ تَقَدَّمَ فَاسْتَقْبَلهُ سَعدُ بْنُ مُعاذٍ ، فَقَالَ : يَا سعدَ بنَ معاذٍ ، الجَنَّةُ وربِّ الكعْبَةِ إنِّي أجِدُ ريحَهَا منْ دُونِ أُحُدٍ . قَالَ سعدٌ : فَمَا اسْتَطَعتُ يَا رسولَ الله مَا صَنَعَ ! قَالَ أنسٌ : فَوَجَدْنَا بِهِ بِضْعاً وَثَمانينَ ضَربَةً بالسَّيفِ ، أَوْ طَعْنةً بِرمْحٍ ، أَوْ رَمْيَةً بسَهْمٍ ، وَوَجَدْنَاهُ قَدْ قُتِلَ وَمَثَّلَ بِهِ المُشْرِكونَ فما عَرَفهُ أَحَدٌ إلا أُخْتُهُ بِبَنَانِهِ . قَالَ أنس : كُنَّا نَرَى أَوْ نَظُنُّ أن هذِهِ الآية نزلت فِيهِ وفي أشباهه : ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ ﴾ [ الأحزاب (23) ] إِلَى آخِرها . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . قوله : « لَيُرِيَنَّ اللهُ » روي بضم الياء وكسر الراء : أي لَيُظْهِرَنَّ اللهُ ذلِكَ للنَّاس ، وَرُويَ بفتحهما ومعناه ظاهر ، والله أعلم . في هذا الحديث : جواز الأخذ بالشدة في الجهاد وبذل المرء نفسه في طلب الشهادة ، والوفاء بالعهد . |
#89
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ [110] السادس عشر : عن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رضي الله عنه قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ آيةُ الصَّدَقَةِ كُنَّا نُحَامِلُ عَلَى ظُهُورِنَا ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَتَصَدَّقَ بِشَيءٍ كَثيرٍ ، فقالوا : مُراءٍ ، وَجَاءَ رَجُلٌ آخَرُ فَتَصَدَّقَ بِصَاعٍ ، فقالُوا : إنَّ اللهَ لَغَنيٌّ عَنْ صَاعِ هَذَا ! فَنَزَلَتْ : ﴿ الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلاجُهْدَهُمْ ﴾ [ التوبة (79) ] . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . وَ« نُحَامِلُ » بضم النون وبالحاء المهملة : أي يحمل أحدنا عَلَى ظهره بالأجرة ويتصدق بِهَا . قوله : ( لما نزلت آية الصدقة ) قال الحافظ : كأنه يشير إلى قوله تعالى : ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا ﴾ الآية [ التوبة (103) ] . قوله : « وجاء رجل فتصدَّق بصاع » ، وكان تحصيله له بأن أجّر نفسه على النزع من البئر بصاعين من تمر ، فذهب بصاع لأهله وتصدَّق بالآخر . وفي هذا : أنَّ العبد يتقرب إلى الله بجهده وطاقته ، وحسب قدرته واستطاعته . |
#90
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم ( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ [111] السابع عشر : عن سعيد بن عبد العزيز ، عن ربيعة بن يزيد ، عن أَبي إدريس الخولاني ، عن أبي ذر جندب بن جُنادة رضي الله عنه ، عن النَّبيّ ﷺ فيما يروي عن اللهِ تَبَاركَ وتعالى ، أنَّهُ قَالَ : « يَا عِبَادي ، إنِّي حَرَّمْتُ الظُلْمَ عَلَى نَفْسي وَجَعَلْتُهُ بيْنَكم مُحَرَّماً فَلا تَظَالَمُوا . يَا عِبَادي ، كُلُّكُمْ ضَالّ إلا مَنْ هَدَيْتُهُ فَاستَهدُوني أهْدِكُمْ . يَا عِبَادي ، كُلُّكُمْ جَائِعٌ إلا مَنْ أطْعَمْتُهُ فَاستَطعِمُوني أُطْعِمْكُمْ . يَا عِبَادي ، كُلُّكُمْ عَارٍ إلا مَنْ كَسَوْتُهُ فاسْتَكْسُونِي أكْسُكُمْ . يَا عِبَادي ، إنَّكُمْ تُخْطِئُونَ باللَّيلِ وَالنَّهارِ وَأَنَا أغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً ، فَاسْتَغْفِرُوني أغْفِرْ لَكُمْ . يَا عِبَادي ، إنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغوا ضُرِّي فَتَضُرُّوني ، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفعِي فَتَنْفَعُوني . يَا عِبَادي ، لَوْ أنَّ أوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذلِكَ في مُلكي شيئاً . يَا عِبَادي ، لَوْ أنَّ أوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذلِكَ من مُلكي شيئاً . يَا عِبَادي ، لَوْ أنَّ أوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجنَّكُمْ قَامُوا في صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَألُوني فَأعْطَيتُ كُلَّ إنْسَانٍ مَسْألَتَهُ مَا نَقَصَ ذلِكَ مِمَّا عِنْدِي إلا كما يَنْقصُ المِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ البَحْرَ . يَا عِبَادي ، إِنَّمَا هِيَ أعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا ، فَمَنْ وَجَدَ خَيراً فَلْيَحْمَدِ الله وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذلِكَ فَلا يَلُومَنَّ إلا نَفْسَهُ » . قَالَ سعيد : كَانَ أَبُو إدريس إِذَا حَدَّثَ بهذا الحديث جَثا عَلَى رُكبتيه . رواه مسلم . وروينا عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله ، قَالَ : لَيْسَ لأهل الشام حديث أشرف من هَذَا الحديث . هذا حديث جليل شريف ، وهو من الأحاديث القدسية التي يرويها النبي ﷺ عن الله عز وجل . وفي هذا الحديث : قبح الظلم وأن جميع الخلق مفتقرون إلى الله تعالى في جلب مصالحهم ، ودفع مضارهم في أمور دينهم ودنياهم . وأنَّ الله تعالى يحب أن يسأله العباد ويستغفروه . وأنَّ ملكه لا يزيد بطاعة الخلق ولا ينقص بمعصيتهم . وأن خزائنه لا تنفذ ولا تنقص . وأن ما أصاب العبد من خير فمن فضل الله تعالى ، وما أصابه من شر فمن نفسه وهواه . وهو مشتمل على قواعد عظيمة في أصول الدين وفروعه وآدابه ، وغير ذلك . |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد لفضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان - حفظه الله- | ام عادل السلفية | منبر التوحيد وبيان ما يضاده من الشرك | 70 | 22-01-2015 03:24AM |
مشكلة الطلاق والزواج بنية الطلاق والاختلاع عند بعض الصالحين والصالحات | ماهر بن ظافر القحطاني | منبر أصول الفقه وقواعده | 1 | 09-09-2011 07:14AM |
مجاهدة النفس §من كتاب رياض الصالحين § | أم العبدين الجزائرية | منبر الأسرة والمجتمع السلفي | 1 | 09-04-2010 05:44AM |
شرح مسائل الجاهلية | أبو عبد الرحمن السلفي1 | منبر التوحيد وبيان ما يضاده من الشرك | 8 | 25-10-2007 06:33PM |