|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | التقييم: | انواع عرض الموضوع |
#61
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - كتاب الحج [218] الحديث الثاني : عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال :قال رسول الله ﷺ -يوم فتح مكة – (( لا هجرة ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا )) وقال يوم فتح مكة : (( إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي ولم يحل لي إلا ساعة من نهار فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة لا يعضد شوكه ولا ينفر صيده ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها ولا يختلى خلاه )) فقال العباس : يا رسول الله إلا الإذخر فإنه لقينهم وبيوتهم فقال إلا الإذخر . موضوع الحديث : حرمة مكة المفردات لا هجرة : أي بعد الفتح من مكة إلى المدينة لأن مكة صارت بالفتح دار إسلام كما أن المدينة دار إسلام قوله ولكن جهاد ونية : أي جهاد للكفار ونية خالصة لإعلاء كلمة الله قوله وإذا استنفرتم فانفروا : أي إذا طلب منكم النفر فانفروا وإنما يتعين بتعيين الإمام قوله إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض : بيان حرمته أنها قديمة منذ أوجد الله الكون قوله وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي : أي الحل الشرعي بالقتال فيه لم يكن لأحد قبل النبي _ ولن يكون لأحد بعده قوله لا يعضد شوكه : العضد القطع ولا ينفر صيده : أي لا يزعج صيده حتى ينفر من مكانه ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها : التعريف هو أن يقول من له ضالة قوله ولا يختلى خلاه : أي يؤخذ العلف الذي يكون فيه والخلى هو الحشيش الأخضر قوله إلا الإذخر : الإذخر هو نوع من الحشيش له رائحة طيبة فإنه لقينهم : المراد بالقين الحداد والصواغ قوله وبيوتهم : أي أنه يوضع على السقوف فوق الخشب وتحت الطين . المعنى الإجمالي المعنى الإجمالي لحديث ابن عباس أن النبي ﷺ قام خطيباً يوم فتح مكة فقال لا هجرة أي من مكة إلى المدينة ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا ثم ذكر حرمة مكة وأن ذلك منذ خلق الله السموات والأرض وأنها لم تحل لأحد قبل النبي ﷺ ولن تحل لأحد بعده وإنما أحلت له ساعة من نهار ثم عادت حرمتها ثم ذكر حرمة مكة وأن لا يعضد شوك الحرم ولا ينفر صيده ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها ولا يؤخذ خلاه وهو العلف والحشيش واستثني من ذلك الإذخر لمصلحة أهل مكة فقه الحديث أولاً : يؤخذ من قوله لا هجرة أي بعد الفتح من مكة إلى المدينة لأن مكة صارت دار إسلام كما أن المدينة دار إسلام. ثانياً :اللام في قوله لا هجرة نافية للجنس فهي تعم كل هجرة من مكة إلى المدينة ولكن الهجرة من بلد الكفر إلى بلد الإسلام فهي مشروعة وباقية إلى قيام الساعة فمتى وجد المقتضي للهجرة شرعت إلى المكان الذي يأمن فيه المسلم على دينه وعلى نفسه ثالثاً : يؤخذ من قوله ولكن جهاد ونية أن الجهاد والنية مشروعة ومأمور بهما إلى أن يخرج الدجال وينزل عيسى بن مريم وتقوم الساعة فالجهاد ينقسم إلى قسمين جهاد باللسان والقلم أي بالكلمة والكتابة والرد على من ينالون من الدين ويدخلون فيه ما ليس منه وجهاد بالسيف وما يقوم مقامه من آلات الحرب الحديثة فالأول جهاد المنافقين والثاني جهاد الكفار فقد أمر الله بهما في قوله تعالى لنبيه _ (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدْ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) [التوبة : 73] رابعاً : يؤخذ من قوله ونية أمر بالإخلاص لله عز وجل في جهاد الكفار والمنافقين والأعمال من عبادات ومعاملات تمشياً بالأوامر الربانية والسنن النبوية أخذاً بها وتعاملاً على ضوئها مع الله أولاً ثم مع خلقه ثانياً . خامساً :يؤخذ من قوله ( وإذا استنفرتم فانفروا ) أمر بالنفير إذا طلب ممن يكون من أهله والذي يعين هو وليّ الأمر فإذا عين شخصاً ولم يكن لديه ما يمنع وجب عليه أن ينفر لهذا الأمر النبوي الشريف ( وإذا استنفرتم فانفروا ) وهو إحدى الحالات الثلاث التي يتعين فيها الجهاد . سادساً : يؤخذ من قوله إن هذا البلد حرمه الله ….إلخ حرمة مكة وقد تقدم الكلام عليها في الحديث السابق . سابعاً : يؤخذ من قوله وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي ولم يحل لي إلا ساعة من نهار فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة يؤخذ منه أن الله خص رسوله ﷺ بالأذن له بالقتال في الحرم المكي لإرساء دعائم العقيدة فيها وإزالة الشرك ومظاهره منها ثامناً : يؤخذ من قوله لا يعضد شوكه العضد معناه القطع وفيه النهي عن قطع شوكه وقد ذهب إلى ذلك الجمهور وقال الشافعي بجوازه لأن الشوك مؤذٍ وكل مؤذٍ يجوز إبعاده من الحرم كما يرى ذلك الشافعي رحمه الله وقول الجمهور هو الحق إن شاء الله لموافقته الدليل فلا يحل قطع شوكه ولا يعضد سائر شجره إلا ما استنبته الإنسان كما تقدم تاسعاً :يؤخذ من قوله ولا ينفر صيده تحريم تنفير صيد الحرم من حمام وغيره إلا إذا دخل بيتك ففي هذه الحالة يرى بعض أهل العلم جواز ذلك . عاشراً :يؤخذ من قوله ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها أن لقطة الحرم محرم التقاطها إلا لمن نوى تعريفها في جميع الزمن بمعنى أنه لا يتملكها ولا يكون للتعريف وقت محدد الحادي عشر : يؤخذ من قوله ولا يختلى خلاه أنه يمنع أخذ الحشيش منه ما دام أخضر ونابت في مكانه إلا أنه يجوز إرسال المواشي فيه لتأكل منه بأفواهها أما قطعه وأخذه للبيع أو لمواشي يعلفها إياه فإن هذا لا يجوز الثاني عشر : يؤخذ من قول العباس يا رسول الله إلا الإذخر فإنه لقينهم ولبيوتهم فقال إلا الإذخر يؤخذ من هذا استثناء الإذخر والإذخر نوع من الحشيش له رائحة طيبة الثالث عشر: يؤخذ من قوله فإنه لقينهم ولبيوتهم إن هذا الاستثناء له علة وهو جعله لقينهم وهو الحداد والصواغ يضرم عليه النار ولبيوتهم وفي رواية ولقبورهم أما البيوت فقد سبق في المفردات أنهم يجعلونه على الخشب وتحت الطين وأما القبور فلكونهم يجعلونه في اللحد لسد الفراغات بين اللّبن الرابع عشر :أخذ من هذا الاستثناء قاعدة فقهية وهو أن الاستثناء يجوز ما لم يحصل بين المستثنى والمستثنى منه فارق والكلام على هذه القاعدة موجود في أصول الفقه . .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
#62
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله- باب ما يجوز قتله [219] الحديث الأول : عن عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله ﷺ قال : (خمس من الدواب كلهن فاسق يقتلن في الحرم الغراب والحدأة والعقرب والفارة والكلب العقور ) ولمسلم ( يقتل خمس فواسق في الحل والحرم ) . موضوع الحديث : بيان ما يجوز قتله في الحل والحرم وفي حالة الإحرام من الدواب والطير المفردات قوله خمس من الدواب : جمع دابة والدابة هو ما يدب على الأرض قد تأتي في لسان الشرع عامة للطير وما سواه ومن ذلك قوله تعالى (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَْرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ) [هود : 6] وقد يفرد أحياناً فيجعل نوعاً آخر مع الدواب كقوله تعالى (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ) [الأنعام : 38] ففي الآية الأولى أدخل الطير في عموم الدواب لأنه إذا سقط على الأرض دبّ عليها . قوله كلهن فاسق : الفسق لغة هو الخروج يقال فسقت الحبة إذا خرجت من قشرتها وشرعاً الخروج عن طاعة الله وطاعة رسوله ﷺ. قوله يقتلن في الحرم وفي رواية في الحل والحرم :أي يجوز قتلهن ولا يمنع قتلهن في الحرم ولا في الإحرام . قوله الغراب …إلخ:تفصيل من العدد الأول والغراب نوع من الطيور معروف والحدأة : طير يختطف بعض الأشياء قد يكون من اليد العقرب : معروفة تلدغ بمؤخرها الفأرة : نوع من الجرذان والكلب العقور: أي المتصف بالعقر قوله ولمسلم يقتلن خمس فواسق في الحل والحرم : يجوز على رواية الإضافة فتح فواسق وعلى رواية التنوين ضمها وإعراب الضم خمسُ مبتدأ وهي نكرة سوغها للابتداء الوصف بفواسق وفواسق خبر المعنى الإجمالي أخبر النبي ﷺ خبراً يتضمن الأمر أن خمساً من الدواب كلهن يتصف بالفسق لذلك فإنه يباح قتلهن في الحل والحرم والإحرام ثم بين تلك الخمس بقوله الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور فقوله الغراب وما بعده هو تفصيل للعدد الأول ويعرب إعرابه فقه الحديث أولاً : يؤخذ من الحديث أن هذه الخمس يجوز قتلهن في الحل والحرم والإحرام لما اتصفنّ به من الإيذاء وإن كان الإيذاء فيهن مختلف قد يكون بعضهن أشد من بعض ثانياً : يؤخذ من قوله خمس ثم أتى بهذه الأجناس الخمسة مع أنه قد ورد في بعض الروايات إضافة الحية والحية أذيتها أشد فهل يقال أن جواز القتل مقصور على هذه الخمس أو أنه يتعدى كل واحدة منها إلى كل ما اتصف بالإيذاء مما يشبه نوع إيذائها فمن أهل العلم من قصرها على هذه الخمس فقط ومنهم من توسع فعدّا هذا الحكم إلى ما أشبهها في الإيذاء ثالثاً : قال هؤلاء إنما خصت بالذكر لينبه بها على ما في معناها وأنواع الأذى مختلف فيها فيكون ذكر كل نوع منها على جواز قتل ما فيه ذلك النوع (يعني من الأذى) فنبه بالحية والعقرب على ما يشاركهما في الأذى باللّسع كالبرغوث مثلاً عند بعضهم ونبه بالفأرة على ما أذاه بالنقب والتقريض كابن عرس ونبه بالغراب والحدأة على ما أذاه بالاختطاف كالصقر والباز ونبه بالكلب العقور على كل عاد بالعقر والافتراس بطبعه كالأسد والفهد والنمر . رابعاً :العلة في جواز قتل هذه الأشياء في الحل والحرم والتي وصف كل واحد منها بأنه فاسق اختلف فيها قول الأئمة فقال بعضهم العلة في ذلك الإيذاء وهذا القول محكي عن الإمام مالك ويذكر عن الشافعي أنه قال إنما أبيح قتلها لأنه لا يجوز أكلها وكأنه والله أعلم أخذ ذلك من حكم الصيد حيث منع قتله في الحرم وفي حالة الإحرام في غير الحرم ولكن الوصف بالفسق يدل على صحة ما ذهب إليه الإمام مالك رحم الله تعالى الجميع لأن تقديم الوصف بالفسق دال على إباحة قتلها إنما هو لذلك . خامساً : اختلف في الكلب العقور هل المراد به الكلب الإنسي المعروف إذا اتصف بالعقر وعلى هذا فيكون قتله مبني على وصف بعد وصف فوصف الكلبية لا يبيح القتل بمجرده حتى يتصف بالعقر وذهب آخرون إلى أنه نبه بهذا الوصف على كل ما اتصف بالعقر طبيعة كالسبع والنمر والفهد واستدل أهل هذا القول بأن النبي ﷺ لما دعا على عتبة بن أبي لهب بأن يسلط الله عليه كلباً من كلابه فافترسه السبع فدل على تسميته بذلك . سادساً : أخذ من قوله الكلب العقور أن من قتل ثم لجا إلى الحرم فإنه يقتل فيه ذلك لأنه ارتكب القتل عدواناً فاتصف بالفسق بعدوانه ثم هو أولى بذلك من الحيوان غير المكلف فإذا كان الحيوان غير المكلف أبيح قتله لاتصافه بالعقر فالإنسان المكلف إذا ارتكب الفسق هتك حرمة نفسه فكان أولى بهذا الحكم من الحيوان غير المكلف وهذا فقه دقيق كما قال ابن دقيق العيد وهذا ليس عندي بالهين وفيه غور فلينتبه له أهـ ومعنى فيه غور أي فيه غوص على العلل والمعاني التي توجب إلحاق شيء بشيء .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
#63
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - باب دخول مكة وغيره [220] الحديث الأول : عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر فلما نزعه جاءه رجل فقال : ابن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال اقتلوه . موضوع الحديث: جواز دخول مكة بغير إحرام لمن لم يرد الحج أو العمرة المفردات قوله وعلى رأسه المغفر :المغفر هو نوع من لأمة الحرب يزرد زرداً كزرد الدروع إلا أنه يوضع على الرأس والظاهر أنه هو غير الخوذة فلما نزعه أي رفعه جاءه رجل فقال : ابن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال اقتلوه ابن خطل : قيل اسمه عبد العزى وقيل اسمه عبدالله وهو ممن أباح النبي ﷺ دمه وذلك أنه أسلم وهاجر ثم أرسله النبي ﷺ جابياً للصدقة وكان معه رجل من الأنصار وكان أخو ابن خطل قد قتل قتله رجل من الأنصار فكأنه ورّى بإسلامه خدعة وكان يكتب للنبي ﷺ فلما أرسله جابياً نام وقال للأنصاري الذي معه اصنع طعاماً فلم يصنع الأنصاري شيئاً فقتله وفرّ إلى مكة وكان يقول الشعر في هجاء النبي ﷺ فأباح النبي ﷺ دمه وكان قتله في الساعة التي أباح الله عز وجل القتال في الحرم للنبي ﷺ فيها المعنى الإجمالي أن النبي ﷺ دخل مكة يوم الفتح مقاتلاً ولم يقصد أداء النسك فدخل والمغفر على رأسه فبلغه أن ابن خطل متعلق بأستار الكعبة فأمر بقتله فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث جواز دخول مكة بدون إحرام لمن له حاجة غير النسك ثانياً : يؤخذ من الحديث أن النبي ﷺ أمر بقتل ابن خطل وكان متعلقاً بأستار الكعبة لارتداده وعظيم جرمه لكونه هجا رسول الله ﷺ وكذب عليه بعد أن ارتد عن الإسلام ثالثاً : يؤخذ من هذا الحديث أن الله أباح القتال في مكة لنبيه ﷺ يوم الفتح وكان قتل ابن خطل مع كونه متعلقاً بأستار الكعبة في تلك الساعة وبالله التوفيق . .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
#64
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [221] الحديث الثاني : عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ دخل مكة من كداء من الثنية العليا التي بالبطحاء وخرج من الثنية السفلى . موضوع الحديث: استحباب الدخول من كداء وهي ثنية الحجون المفردات كداء : كداء بفتح الكاف والدال وألف بعدها همزة هي ثنية الحجون المعروفة الآن التي ينزل منها السائر على مقابر مكة وكُدى عقبة أخرى بضم الكاف وفتح الدال بعدها ألف مطوية تكتب بياء وهي التي في أسفل الحرم والسنة الخروج منها وهناك موضع آخر يقال له كدي بضم الكاف وفتح الدال بعدها ياء مشددة المعنى الإجمالي في هذا الحديث أن النبي ﷺ دخل من الثنية العليا وهي ثنية الحجون التي بالفتح ولهذا قالوا افتح وادخل وضم واخرج . فقه الحديث يؤخذ من هذا الحديث استحباب الدخول من ثنية الحجون عند من يرى أن ذلك من باب التشريع والتعبد وذهب قوم إلى أن النبي ﷺ دخل من ثنية الحجون لأنها كانت أسمح لدخوله وأقرب لطريقه وعلى هذا فلا يسن الدخول منها إلا لمن جاء من طريقها أما من جاء من طريق آخر فإنه يدخل إلى الحرم من طريقه ولا يكلف بالذهاب إلى عقبة الحجون وأقول هذا هو الراجح فيما أرى وبالأخص أن خطة المرور في أيام الحج قد يكون أنها تجعل الذهاب إلى هذه العقبة صعباً فينبغي للحاج والمعتمر أن لا يكلف نفسه ذلك بل يدخل من أي طريق تيسر له الدخول منه وكان أسمح لاتجاهه وبالله التوفيق . .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
#65
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [222] الحديث الثالث : عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال دخل رسول الله ﷺ البيت وأسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة فأغلقوا عليهم الباب فلما فتحوا كنت أول من ولج فلقيت بلالاً فسألته : هل صلى فيه رسول الله ﷺ قال نعم بين العمودين اليمانيين . موضوع الحديث : الصلاة في الكعبة المفردات قوله وأسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة : هذه الأسماء مرفوعة على الفاعلية عطفاً على قوله دخل رسول الله ﷺ قوله فأغلقوا عليهم الباب : الفاء هنا عاطفة فلما فتحوا أي فتحوا الكعبة كنت أول من دخل ومن هنا موصولة فلقيت بلالاً فسألته هل صلى فيه : الضمير يعود إلى البيت أي الكعبة ، رسول الله ﷺ قال نعم بين العمودين اليمانيين . المعنى الإجمالي يخبر عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ دخل الكعبة ومعه أسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة وأغلق عليهم الباب أي خشية أن يتتابع الناس في الدخول فلما فتحوا يقول عبدالله بن عمر كنت أول من دخل فلقيت بلالاً … إلخ يعني أن بلالاً أخبره أن رسول الله ﷺ صلى في بطن الكعبة بين العمودين اليمانيين . فقه الحديث يؤخذ من هذا الحديث عدة مسائل : أولاً: يؤخذ من هذا الحديث قبول خبر الواحد وهذا فرد من أفراد لا تحصى كما قال ابن دقيق العيد أي كلها أدلة على قبول خبر الواحد وفي ذلك رد على من رد الآحاد من الحديث ولم يقبل إلا المتواتر وقد حشد الشافعي رحمه الله الأدلة على قبول خبر الواحد في كتابه اختلاف الحديث ثانياً : يؤخذ من هذا الحديث جواز الصلاة في جوف الكعبة وقد اختلف في ذلك الأئمة فذهب مالك وأحمد بن حنبل إلى عدم جواز صلاة الفريضة في جوف الكعبة وفوقها وأجازوا ذلك في النافلة وذهب الشافعي وأبو حنيفة إلى جواز الفرض والنافلة في جوف الكعبة أو فوقها واستدلوا على ذلك بصلاة النبي ﷺ في جوف الكعبة أما النفل فقال ابن قدامة في المغني وتصح النافلة في الكعبة وعلى ظهرها لا نعلم في ذلك خلافاً وأقول إن قول الشافعي وأبي حنيفة هنا أي في هذه المسألة هو الراجح لأن النبي ﷺ صلى في جوف الكعبة والتفريق بين الفريضة والنافلة لا دليل عليه أما قول المانعين بأنه لا يكون مستقبلاً لها فهذا القول فيه نظر بل إن من استقبل جزءاً منها ولو كان في جوفها أو على ظهرها فإن صلاته صحيحة ومن كان في جوفها أو على ظهرها فإنه يعد قد استقبل جزءاً منها ثالثاً :أخبر بلال أن النبي ﷺ صلى بين العمودين اليمانيين وجعل بينه وبين الجدر الذي استقبله حوالي ثلاثة أذرع والكعبة كانت في ذلك الوقت على ستة أعمدة وهما سطران يعني ثلاثة بعد ثلاثة فالنبي ﷺ عندما دخل من الباب تقدم إلى العمودين اليمانيين من الثلاثة الأعمدة التي تقرب إلى الجدر الغربي المقابل للجدر الذي فيه الباب وصلى بين عمودين منها فجعل عموداً عن يساره وعمودين عن يمينه وثلاثة خلفه ثم صلى . انظر التفصيل في البداية والنهاية وفي فتح الباري إن شئت رابعاً : أخذ من هذا الحديث دليل على جواز الصلاة بين السواري وليس في ذلك دليل إلا للمنفرد أما صلاة الجماعة التي ورد فيها النهي أو الكراهة فإن هذه القصة لا تتناولها ذلك لأن الكراهة إنما قيل بها من أجل أن الصلاة بين السواري تقطع الصف فلذلك كره والدليل على ذلك حديث أنس بن مالك رضي الله عنه وهو حديث صحيح صححه الحاكم وكذا الحافظ في الفتح وحكى تصحيحه الصنعاني في العدة وعلى هذا فينبغي أن يقال بكراهة الصلاة بين السواري في الجماعة أما الفرادى فيجوز والأولى للمنفرد أن يصلي إلى السارية وليس بين السواري والظاهر أن ذلك يجوز بدون كراهة عند الضرورة ومع الكراهة عند عدم الضرورة أي في صلاة الجماعة وهو ما يفهم من كلام الصنعاني وابن حجر والله أعلم .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
#66
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [223] الحديث الرابع : عن عمر رضي الله عنه أنه جاء إلى الحجر الأسود فقبله وقال :إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت النبي ﷺ يقبلك ما قبلتك . موضوع الحديث: وجوب المتابعة لأمر الله وأمر رسوله ﷺ المفردات قوله إني لأعلم أنك حجر : تأكيد للعلم بذلك لا تضر ولا تنفع : أي ليس عندك ضرر ولا نفع وإنما أقبلك تأسياً برسول الله ﷺ قوله ولولا أني رأيت رسول الله ﷺ يقبلك ما قبلتك : لولا حرف امتناع لوجود أي أنه امتنع عدم تقبيله لك لوجود تقبيل رسول الله ﷺ للحجر المعنى الإجمالي يقرر عمر رضي الله عنه مبدءاً دينياً أن الأصل في الأعمال الدينية الإخلاص لله والمتابعة لرسول الله ﷺ وليس تقبيل الحجر لسر في حجريته فقه الحديث يؤخذ من هذا الحديث أن الأفعال التعبدية تقوم على أمرين : الأمر الأول الإخلاص لله تعالى امتثالاً لأمر الله تعالى كما في قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ) [ آل عمران : 51 ] وفي قوله (وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) )[ البينة : 5] الأمر الثاني المتابعة لرسول الله ﷺ فنحن إذا قبلنا الحجر الأسود أو تطوفنا بالكعبة أو وقفنا بعرفات أو رمينا الجمرات فإنما نفعل ذلك إخلاصاً لله تعالى ومتابعة لرسوله ﷺ لا لغرض آخر كما تزعمه الديانة الوثنية إذ أن ديننا يقوم على الإخلاص والمتابعة والله الموفق .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
#67
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [224] الحديث الخامس : عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال لما قدم رسول الله ﷺ وأصحابه مكة فقال المشركون إنه يقدم عليكم قوم وهنتهم حمى يثرب فأمرهم النبي ﷺ أن يرملوا الأشواط الثلاثة وأن يمشوا ما بين الركنين ولم يمنعهم أن يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم . موضوع الحديث : الرمل المشروع في طواف القدوم المفردات قوله لما قدم رسول الله ﷺ وأصحابه مكة فقال المشركون : الذي يظهر أن الفاء هنا فاء السببية أي بسبب ذلك قال المشركون . قوله إنه يقدم عليكم : فعل مضارع من قدم يقدم من باب فرح يفرح ومصدره قدوماً قوله وهنتهم حمى يثرب : أي أنهكتهم وأضعفتهم وقد كانت المدينة كثيرة الحمى فلما قدم المهاجرون من قريش وتأثروا بحمى يثرب دعا النبي ﷺ ربه بأن ينقل حمى المدينة إلى الجحفة (فَقَالَ اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ وَصَحِّحْهَا وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا وَانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بِالْجُحْفَةِ ) وجاء في الحديث أن النبي ﷺ قال (قَالَ رَأَيْتُ كَأَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ ثَائِرَةَ الرَّأْسِ خَرَجَتْ مِنَ الْمَدِينَةِ حَتَّى قَامَتْ بِمَهْيَعَةَ وَهِيَ الْجُحْفَةُ فَأَوَّلْتُ أَنَّ وَبَاءَ الْمَدِينَةِ نُقِلَ إِلَيْهَا ) فأمرهم النبي ﷺ أن يرملوا الأشواط الثلاثة : الرمل شدة الحركة في المشي هكذا نقل عن القاضي عياض وقال الجوهري هو الوثب الخفيف وهو ضرب من السير بين المشي السريع والسعي . أن يرملوا الأشواط الثلاثة : الذي يظهر أن التخصيص بالأشواط الثلاثة إنما كان في حجة الوداع أما الأمر الأول الذي في عمرة القضاء فقد أمرهم بالرمل ما بين ركن الحجر إلى الركن اليماني لكن في حجة الوداع أمرهم أن يرملوا الأشواط الثلاثة الأول فقط. قوله إلا الإبقاء عليهم : أي عدم التكليف أو التحريج عليهم المعنى الإجمالي لما قدم النبي ﷺ وأصحابه في عمرة القضاء قال المشركون هذه المقالة فيما بينهم وأطلع الله نبيه ﷺ على ذلك فأمرهم أن يرملوا فلما رأتهم قريش قالوا ما هؤلاء إلا كالغزلان فصارت سنة. فقه الحديث يؤخذ من هذا الحديث مشروعية الرمل في الأشواط الثلاثة الأول فإن قيل فما فائدة بقاء الرمل وقد نصر الله نبيه ﷺ وذهب العدو الذي كان يريد لهم الضعف والجواب أن الله عز وجل أبقى هذه السنة لحكمة كما أبقى سنناً وأحكاماً ذهب سبب شرعيتها وبقيت تلك الأحكام ليتذكر كل من طبق هذه الشرعية أو هذا الحكم ليتذكروا السبب الذي وجد به ويتذكروا من وقع السبب على يديه من الأنبياء وأتباعهم فمناسك الحج أبقاها الله من آثار نبيه وصفيه وخليله إبراهيم وأهل بيته فالسعي مثلاً شرع ليكون فيه ذكرى لأم إسماعيل وإسماعيل ورمي الجمار شرع ليتذكر به الناس ذلك الإمام الموحد الذي أمره الله عز وجل أمراً بواسطة الرؤيا أن يذبح ابنه الوحيد بعد ما شاخ وهو في بلد الغربة بالمهاجر بحاجة إلى الأنصار والأعوان ولكن ذلك لم يصده عن امتثال أمر ربه أولاً بتركه وأمه في ذلك الوادي وبين تلك الجبال الموحشة ففعل ذلك ثقة بربه وإيماناً بوعده وتوكلاً عليه ولما تركهما وتبعته هاجر تقول يا إبراهيم إلى من تتركنا هاهنا في هذا الوادي الذي ليس فيه أنيس ولا شئ وهو لا يجيبها ولا يلتفت إليها حتى قالت آلله أمرك بهذا قال نعم ولم يكن قلب إبراهيم من تلك القلوب الحجرية التي لا ترأف ولا ترحم ولكنه صبر منقطع النضير فلما قال لها ذلك قالت إذا لا يضيعنا وهذا غاية التوكل الذي قد يعجز عنه فحول الرجال وأراد الله أن يجعل من تلك الأسرة العظيمة الإيمان الكبيرة المعنى القوية التوكل ذكرى لعباده وكذلك لما أراد ذبح ابنه أيضاً اعترضه الشيطان وفي كل مرة يرميه بالحجر حتى يسيخ وفي المرة الثالثة لم يتحول عن مكانه بل حاول التنفيذ فصرع ابنه عازماً على التنفيذ أن يفعل ما أمره الله به من الذبح له فناداه جبريل من ورائه يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين وفديناه بذبح عظيم فما بقاء الرمل في طواف كل قدوم إلا ذكرى من هذه الذكريات التي جعلها الله عنواناً على ما قدمه الخُلَص من عباده من التضحيات في سبيله حتى كانوا مضرب المثل في التوكل والإيمان وبالله التوفيق . .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
#68
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله- [225] الحديث السادس : عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال رأيت رسول الله ﷺ حين يقدم مكة إذا استلم الركن الأسود أول ما يطوف يخب ثلاثة أشواط . موضوع الحديث : الرمل في الأشواط الثلاثة من طواف القدوم المفردات قوله استلم الركن الأسود : يعني به ركن الحجر أول ما يطوف : يعني عند ابتداءه يخب : الخبب هو والرمل متقاربان وهو سير سريع فوق المشي السريع ودون السعي الذي هو الجري ثلاثة أشواط : الأشواط جمع شوط والشوط هو الدورة من ركن الحجر إلى أن يعود مرة أخرى إليه أو إلى حذاءه . المعنى الإجمالي أن النبي ﷺ بدأ باستلام الحجر في طواف القدوم ثم خب في ثلاثة أشواط منه فقه الحديث أولاً: يؤخذ من هذا الحديث مشروعية استلام الحجر الأسود عند البدأ بالطواف ثانياً : يؤخذ منه أن الركن الأسود هو محل البدأ بالطواف فلا بد أن يبدأ منه وينتهى إليه ثالثاً: أنه لو قصر عنه في النهاية ولو بخطوة أو ببعض خطوة لم يصح الطواف رابعاً :يؤخذ منه مشروعية الرمل أو الخبب في الأشواط الثلاثة الأول خامساً : ومما يسن في طواف القدوم الاضطباع وهو أن يجعل وسط ردائه تحت إبطه الأيمن ويخالف بين طرفيه على منكبه الأيسر وبالله التوفيق . .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
#69
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [226] الحديث السابع : عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال طاف النبي ﷺ في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن . موضوع الحديث: مشروعية الطواف راكباً على البعير المفردات حجة الوداع : هي الحجة التي حجها رسول الله ﷺ بعد الهجرة ثم توفى بعدها وسميت حجة الوداع لأن النبي ﷺ ودّع فيها الناس بقوله (لِتَأْخُذْ أُمَّتِي نُسُكَهَا فَإِنِّي لا أَدْرِي لَعَلِّي لا أَلْقَاهُمْ بَعْدَ عَامِي هَذَا). على بعير : أي راكباً على بعير يستلم الركن : المراد بالركن هنا ركن الحجر بمحجن : المحجن فسره مؤلف العمدة بأنه عصاً محنية الرأس وأقول المعروف أن المحجن عصاً محنية الرأس خلقةً وهو ما يسمى بالمشعاب لا بمحاولة ومعالجة كما يفعل بالخيزران . المعنى الإجمالي يخبر عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي ﷺ طاف على بعير وكان إذا حاذ الركن وضع محجنه على الحجر ثم استلمه فقه الحديث يؤخذ من هذا الحديث مسائل المسألة الأولى: جواز الطواف راكباً وهذا يعني أنه فضّل الطواف راكباً لمصالح دعت إلى ذلك وإلا فالأصل أن طواف الماشي أفضل إذا عُري من تلك المصالح أولاً :أن جميع الحاضرين يرون النبي ﷺ فيثبت لهم حكم الصحبة لكونهم رأوه ثانياً: ليقتدوا به في أفعاله ثالثاً : ليسن الركوب في الطواف فلا يكون هناك حرج على من احتاج إليه . المسألة الثانية :إدخال البعير في المسجد يؤخذ منه طهارة فضلات الإبل كالبول والروث وذلك يؤخذ بطريق التأويل فيقال إدخال البعير في المسجد مع كونه لا يؤمن أن يبول فيه أويروث دال على طهارة بول البعير وروثه ولو لم يكن كذلك ما أدخل المسجد . المسألة الثالثة :لا يجوز أن نستدل بالركوب فندخل الحمار ليركبه الطائف لأن روث الحمار وبوله نجس قطعاً فقد جاء في الحديث أن النبي ﷺ (خرج إلى الخلاء ومعه أبو هريرة فقال له أبغني أحجاراً استنفض بها فأتاه بحجرين وروثة) وفي صحيح ابن خزيمة أن الروثة روثة حمار فرمى النبي ﷺ الروثة وقال إنها ركس أو رجس فدل أن فضلات الحمار رجس أي نجسة إذاً فمن أراد أن يطوف على مركب فليكن مما يؤكل لحمه كالإبل والخيل علماً بأن طهارة أبوال الإبل وأرواثها متقررة بأدلة أخرى غير هذا وهو أذن النبي ﷺ للعرنيين في الشرب من أبوالها . المسألة الرابعة :ذهب الشافعي وأبو حنيفة إلى نجاسة أبوال وأرواث ما يؤكل لحمه من بهيمة الأنعام وهما محجوجان بالأدلة الواردة على ذلك منها ما سبق ذكره ومنها صلاة النبي ﷺ في مكان الغنم أي محل مبيته الذي فيه بول الغنم وروثه المسألة الخامسة :يؤخذ من هذا الحديث جواز استلام الركن باليد أو بالعصا ويقبل الطائف ما مس الحجر من اليد أو العصا المسألة السادسة :لا يجوز تقبيل شيء من الكعبة أو غيرها غير الحجر الأسود ويشرع لمس الركن اليماني بدون تقبيل وبدون تكبير وبدون إشارة . المسألة السابعة : إنما ترك النبي ﷺ استلام الركنيين الشماليين لأنهما قد غيرا عن قواعد إبراهيم فلذلك لم يشرع لهما لمس ولا تقبيل المسألة الثامنة : لعل بعض من يريدون القدح في الدين ويقولون أن تقبيل الحجر والطواف بالكعبة من عبادة الحجارة فلم تنكرون على الذين يتطوفون بالقبور أو يتطوفون بالأصنام وأنتم واقعون في ذلك ويقال لهم كذبتم نحن لم نقبل الحجر لذاته وإنما قبلناه لأمر الله عز وجل وأمر رسوله ﷺ وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه(إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لاَ تَضُرُّ وَلاَ تَنْفَعُ وَلَوْلاَ أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ) والطواف بالكعبة أمرنا الله به فقال تعالى (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) [الحج : 2] فنحن ممتثلون لأمر الله عز وجل ولأمر رسوله ﷺ ومتابعته فلذلك فإن انتقادكم هذا في غير محله فنحن إنما نعبد الله ونؤدي هذه العبادات طاعة وتعبدا له لا لهذه الأحجار وبالله التوفيق. .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
#70
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [227] الحديث الثامن : عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال لم أرّ النبي ﷺ يستلم من البيت إلا الركنيين اليمانيين . موضوع الحديث: الإشارة إلى علة استلام الركنيين اليمانيين يعني ركن الحجر والذي يقابله. المفردات : قوله اليمانيين: وصف للركنيين لأنهما يقابلان اليمن المعنى الإجمالي : صلوات الله وسلامه على خليله إبراهيم فلقد كان قدوة للموحدين ومن أجل ذلك فقد جعل الله مآثره مناسك حتى أن الله عز وجل لم يشرع على لسان رسوله ﷺ استلام الركنيين الشماليين لأنهما قد غيرا عن قواعد إبراهيم وشرع استلام الركنيين اليمانيين لكونهما لم يغيرا فقه الحديث : قد تقدم في الباب قبله وبالله التوفيق . .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
#71
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - بــاب التمتـع التمتع في اللغة : هو التلذذ والمقصود هنا التلذذ بالحل بعد التحلل من إحرام العمرة بالطواف والسعي وبالحلق أو التقصير ويقع أيضاً على ما يسمى تمتعاً بسقوط أحد السفرين وكلاهما حاصل للمتمتع . والتمتع شرعاً : هو الإحرام بعمرة في أشهر الحج والتحلل منها والبقاء في مكة بعد التحلل ثم الإحرام بالحج في اليوم الثامن وهو يوم التروية وقد جعل الله عز وجل بدلاً عن السفر الذي كان مفروضاً للحج بأن يعود إلى الميقات ويحرم بالحج منه جعل الله عز وجل بدلاً عن ذلك بما شرعه من الهدي وهو أن يشتري الهدي من داخل الحرم ويذبحه في يوم العيد أو أيام التشريق وأقله شاة أو سبع بدنة وأكثره بدنة فإن لم يجد الحاج الدم ولا قيمة يشتري بها شرع له أن يصوم عشرة أيام ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله وقد حصل للحاج التمتع الذي هو التلذذ بالحل من حين يحل في أشهر الحج إلى أن يحرم بالحج وقد اختلف أهل العلم فيمن خرج عن الحرم أو عن المواقيت أو رجع إلى أهله هل يعتبر قد أُلغىَ التمتع في حقه أم لا ؟ فمن أهل العلم من قال إذا خرج مسافة قصر ألغي تمتعه ومنهم من قال إذا خرج خارج المواقيت ألغي تمتعه ومنهم من قال أنه لا يلغى تمتعه إلا إذا عاد إلى أهله والذي يترجح لي : أن تمتع المتمتع باق ما لم يخرج عن المواقيت أو أحدها ذلك لأن الإحرام بالحج والعمرة يكون من المواقيت فمن خرج عن المواقيت فإن تمتعه الأول قد ألغى وعليه أن يختار له نسكاً إذا مرّ بالميقات الذي يمر عليه لقول النبي ﷺ هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة ) هذا ما ظهر لي في هذه المسألة وأرجو أن ذلك هو الصواب . وبالله التوفيق .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
#72
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله- [228] الحديث الأول: عن أبي جمرة نصر بن عمران الضبعي قال سألت ابن عباس عن المتعة ؟ فأمرني بها وسألته عن الهدي فقال فيه جزور أو بقرة أو شاة أو شرك في دم قال وكان ناس كرهوها فنمت فرأيت في المنام كأن إنساناً ينادي حج مبرور ومتعة متقبلة فأتيت ابن عباس فحدثته فقال الله أكبر سنة أبي القاسم ﷺ . موضوع الحديث: تفضيل المتعة المفردات التمتع : قد سبق شرحه في المقدمة وكذلك المتعة الهدي : هو ما يهديه الحاج إلى الكعبة وينقسم إلى قسمين هدي واجب وهو ما شرع جبراناً لنقص كهدي التمتع والقران وهدي تطوع وهو ما يتطوع به الإنسان ولم يكن واجباً عليه قوله وكان ناس كرهوها :أي كرهوا التمتع بالعمرة إلى الحج لم استقر في أذهانهم من نهي عمر رضي الله عنه عن التمتع وأمره بالإفراد قوله فرأيت في المنام .. إلخ :أي أنه رأى تلك الرؤيا التي دلت على أن التمتع سنة ولهذا فإنها قد سرّت عبدالله بن عباس رضي الله عنهما المعنى الإجمالي يخبر نصر بن عمران الضبعي أنه سأل ابن عباس رضي الله عنهما عن المتعة فأمره بها ثم إنه بعد ذلك حج متمتعاً فقال أصحابه في ذلك وانتقدوه حتى وقع في نفسه شك مما صنع فتحلل من العمرة ثم نام فرأى في النوم أن إنساناً يقول له حج مبرور ومتعة متقبلة فذهب إلى ابن عباس فأخبره فسرّ ابن عباس بهذه الرؤيا وقال الله أكبر سنة أبي القاسم ﷺ ثم أمره أن يقيم عنده حتى يقاسمه ماله سروراً بهذه الرؤيا وإعجاباً بها فقه الحديث أولاً: يؤخذ من هذا الحديث مشروعية التمتع وأنه أفضل الأنساك ثانياً : يؤخذ منه الاستئناس بالرؤيا إذا وافقت الحق ثالثاً: يؤخذ من قوله جزور أو بقرة أو شاة أو شرك في دم أن الهدي أدناه شاة أو شرك في دم بأن يشترك سبعة في بدنة أو بقرة وأكمله أو وأعلاه جزور أي ناقة ويشترط في الجزور والبقرة والواحدة من المعز أن تكون مسنة بمعنى أنها تكون قد طلعت لها الثنتين الأوليين من الأسنان بعد الجذع أما الضأن فيجزيء منه الجذع والجذع هو الذي يجذع أسنانه التي ولد بها ثم يطلع بدلها الثني وهو في المعز يكون ما تمت له سنة ودخل في الثانية ومن البقر ما تم له سنتان ودخل في الثالثة ومن الإبل ما تم له أربع سنين ودخل في الخامسة أما عيوب الهدي فهي عيوب الأضحية فما أجزأ في الأضحية أجزأ في الهدي . وبالله التوفيق .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
#73
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [229] الحديث الثاني: عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال تمتع رسول الله صلى في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج وأهدى فساق معه الهدي من ذي الحليفة وبدأ رسول الله صلى وأهل بالعمرة ثم أهل بالحج فتمتع الناس مع رسول الله ﷺ فأهل بالعمرة إلى الحج فكان من الناس من أهدى فساق الهدي من ذي الحليفة ومنهم من لم يهد فلما قدم رسول الله ﷺ قال للناس من كان منكم أهدى فإنه لا يحل من شيء حرم منه حتى يقضي حجه ومن لم يكن أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر وليحلل ثم ليهل بالحج وليهد فمن لم يجد هدياً فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله فطاف رسول الله ﷺ حين قدم مكة واستلم الركن أول شيء ثم خب ثلاثة أطواف من السبع ومشى أربعة وركع حين قطع طوافه بالبيت عند المقام ركعتين ثم سلم ثم انصرف فأتى الصفا وطاف بالصفا والمروة سبعة أطواف ثم لم يحلل من شيء حرم منه حتى قضى حجه ونحر هديه يوم النحر وأفاض فطاف بالبيت ثم حل من كل شيء حرم منه وفعل مثل ما فعل رسول الله ﷺ من أهدي وساق الهدي من الناس . موضوع الحديث : بيان النسك الذي حج به الرسول ﷺ وكيف صنع ﷺ لكونه ساق الهدي المفردات قوله تمتع رسول الله صلى : المراد به التمتع اللغوي وهو كونه ﷺ أدخل العمرة على الحج فكان تمتعه بتداخل النسكين وإسقاط الإحرام من الميقات لأحدهما . قوله في حجة الوداع : سميت حجة الوداع لأن النبي ﷺ قال لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا وسمي هذا وداعاً . قوله فساق معه الهدي من ذي الحليفة :يعني أنه ساقه من الميقات وكان هديه ثلاث وستون بدنة قوله وبدأ رسول الله ﷺ وأهل بالعمرة ثم أهل بالحج : لعله أهل بالعمرة قبل أن يعلم أن سوقه الهدي يمنع التحلل . قوله ثم أهل بالحج : أي أدخل الحج على العمرة فصار قارناً فكان من الناس من أهدى فساق الهدي من ذي الحليفة : الحليفة تصغير حلفه وهو نوع من الشجر يقال له حلفاء قوله ومنهم من لم يهد : أي لم يسق الهدي فلما قدم رسول الله ﷺ قال للناس من كان منكم أهدى أي ساق الهدي فلا يحل من شيء حرم منه حتى يقضي حجه ومن لم يكن أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر وليحلل . التقصير هو تقصير الشعر وهو معروف قوله وليحلل :أي ليتحلل بما ذكر ومن لم يكن أهدى : أي من لم يكن ساق الهدي فليطف بالبيت وبالصفا والمروة أي للعمرة ثم ليهل بالحج يعني في اليوم الثامن وليهد : أي ليذبح هدياً إن تيسر له . قوله واستلم الركن : المراد به ركن الحجر قوله ثم خب ثلاثة أطواف : أي رمل ومشى أربعة قوله ثم لم يحلل من شيء حرم منه حتى قضى حجه : يعني رسول الله ﷺ ومن ساق الهدي من خارج الحرم وأفاض : الإفاضة هي الطواف بالبيت بعد النزول من عرفات والمبيت بمزدلفة ورمي جمرة العقبة . المعنى الإجمالي بين عبدالله بن عمر في هذا الحديث كثيراً من مناسك الحج وركز على ما يفعله من ساق الهدي وما يفعله من لم يسقه فقه الحديث أولاً: قوله تمتع رسول الله ﷺ في حجة الوداع استدل بهذه الرواية من قال أن رسول الله _ حج متمتعاً وهذا القول ضعيف يخالف الأدلة والأدلة الصحيحة دالة على أنه حج قارناً وأن المراد بالتمتع هنا القران وهو يسمى تمتع لأن صاحبه تمتع بشيئين الأول منهما تداخل النسكين في حقه بحيث يكفي لهما عمل واحد والشيء الثاني أنه سقط عنه الإحرام من الميقات للحج فتعين حمل التمتع هنا أن المقصود به القران والله أعلم . وقد أوضح ابن القيم رحمه الله أن النبي ﷺ حج قارناً من عدة وجوه . ثانياً : اختلف أهل العلم في أفضل الأنساك فكان الأفضل هو ما تمناه ﷺ في قوله (لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولجعلتها عمرة ) . ثالثاً : يؤخذ من قوله فساق معه الهدي من ذي الحليفة أن من ساق الهدي من الميقات أو دخل به حدود الحرم فإنه يحرم عليه التحلل بالعمرة . رابعاً : وقوله وبدأ رسول الله ﷺ وأهل بالعمرة ثم أهل بالحج يؤخذ من هذه الجملة أن النبي ﷺ بدأ فأهل بالعمرة ولعله كان قاصداً هدم ما جرى عليه الناس في الجاهلية أن العمرة لا تجوز في أشهر الحج ولكن روى مسلم في صحيحه أنهم أهلوا أولاً بالحج ثم أمرهم النبي صلى أن يجعلوها عمرة . خامساً : يؤخذ من قوله ثم أهل بالحج أن الإهلال بالحج كان متأخراً عن الإهلال بالعمرة إلا أن رواية مسلم السابقة ترد ذلك . سادساً :قوله فتمتع الناس مع رسول الله _ أي أن الناس كانوا قسمين قسم ساقوا الهدي وتأسوا برسول الله ﷺ في فعله وقسم لم يسوقوا الهدي وأطاعوا رسول الله ﷺ في قوله يوضح ذلك قوله فكان من الناس من أهدى فساق الهدي ومنهم من لم يهد . سابعاً :يؤخذ من قوله فلما قدم رسول الله ﷺ قال للناس …..ألخ الحديث أن النبي ﷺ كرر الأمر عليهم مرة بعد مرة وآخرها عند المروة يعني بالتحلل بالعمرة ثامناً :يؤخذ من قوله ومن لم يكن أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر وليحلل يؤخذ من هذا أن التقصير نسك . تاسعاً :أمر النبي ﷺ بالتقصير في العمرة من أجل أن يبقى الحلق للحج عاشراً :يؤخذ من قوله وليقصر وليحلل يؤخذ من هذا الأمر وجوب التحلل بالعمرة لمن لم يسق الهدي ولأهل العلم في هذه المسألة خلاف كبير والجمهور على الاستحباب وقال بالوجوب بعض السلف حتى أنه أثر عن ابن عباس رضي الله عنهما (أن من طاف بالبيت فقد حل شاء أم أبى الحادي عشر : يؤخذ منه على الأقل فضيلة التمتع لمن لم يسق الهدي . الثاني عشر : أن من تحلل بالعمرة فعليه هدي ويشترط في الهدي ما يشترط في الأضحية من الإجزاء وعدمه وقد تقدم . الثالث عشر : سن الهدي وقد سبق ذكر السن المشترطة في الهدي الرابع عشر : أن من لم يجد هدياً فعليه أن يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله الخامس عشر : قوله في الحج فيه احتمالات هل المراد به من بعد التحلل بالعمرة ولو كان التحلل قبل هلال ذي الحجة أو أنه لا بد أن يكون الصوم بعد هلال ذي الحجة أو أنه لا بد أن يكون بعد الإحرام بالحج هذه آراء للفقهاء ولعل عدم التحديد في ذلك يدل على التوسعة والأحوط ألا يصومها إلا بعد هلال ذي الحجة . السادس عشر : أنه إن لم يتمكن من صوم الثلاثة الأيام قبل عرفة فعليه أن يصومها في أيام التشريق وقد ورد الإذن من الشارع بذلك السابع عشر : أنه إن لم يتمكن من صومها في الحج فليضمها إلى السبعة عند رجوعه إلى أهله وهل يفرق بينها وبين السبعة محل نظر وخلاف بين أهل العلم الثامن عشر :قد تقدم مشروعية الخبب والاضطباع في طواف القدوم التاسع عشر : أن من لم يتمكن من أداء ركعتي الطواف عند المقام فله أن يصليها في المسجد أو في مكة أو في الحرم كله وبقية ما ذكر في الحديث فقد سبق شرحه في أحاديث متقدمة وبالله التوفيق .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
#74
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [230] الحديث الثالث : عن حفصة زوج النبي ﷺ رضي الله عنها أنها قالت يا رسول الله ما شأن الناس حلوا من العمرة ولم تحل أنت من عمرتك فقال : إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر موضوع الحديث : أن من ساق الهدي لا يتحلل من نسكه إلا بعد أن يبلغ الهدي محله زماناً ومكاناً المفردات ما شأن الناس حلوا : هذه جملة استفهامية قولها ولم تحل أنت من عمرتك : يصح هكذا ويصح ولم تحلل أنت من عمرتك قال إني لبدت رأسي : التلبيد هو أن يجعل في شعر الرأس شيئاً يمنعه التجعد والانتفاش كالصمغ أو الصبر أو العسل هديي : الهدي هو ما سيق إلى الكعبة إهداءً إليها لينحر في حرم الله وهذا من أفضل القرب قوله فلا أحل : هذا تكملة الجواب أي فلا يتسنى لي ولا يمكنني التحلل حتى أنحر هديي المعنى الإجمالي سألت حفصة رضي الله عنها نبي الله _ قائلة ما شأن الناس حلوا من العمرة أي بالطواف والسعي والتقصير ولم تحل أنت من عمرتك كما أمرت الناس بذلك فأجاب ﷺ بقوله إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر وكان هذا الجواب أن عنده ﷺ ما يمنعه من التحلل وهو تلبيد الرأس وتقليد الهدي وأنه لا يمكنه التحلل إلا بعد نحر الهدي إذا بلغ محله الزماني والمكاني وحلق الرأس . فقه الحديث أولاً :يؤخذ من هذا الحديث مشروعية السؤال عما اشتبه حتى يتبين الحكم ثانياً : يؤخذ من هذا الحديث أنه إذا تعارض القول والفعل فإنه ينبغي السؤال لعل هناك شيء لا يفهمه هذا المستشكل ثالثاً : أجاب النبي ﷺ بما يزيل اللبس ويرفع الإشكال ويبين الحقيقة ظاهرة لمن أرادها وهو أن من ساق الهدي وجاء به من خارج الحرم فإنه يحرم عليه التحلل حتى ينحر الهدي وهذا هو الذي منع النبي ﷺ . رابعاً :استدل بقول حفصة رضي الله عنها ولم تحل أنت من عمرتك على أن النبي ﷺ كان قارناً ويكون المراد من قولها ولم تحل من عمرتك أي من عمرتك التي أهللت بها مع حجتك وهذا هو الصواب أما قول ابن عمر أن النبي ﷺ كان متمتعاً فالمراد به القران لأن القران يسمى تمتعاً وكذلك ما ورد عن ابن عمر رضي الله عنه في صحيح مسلم بأنه سمع النبي ﷺ يقول (لبيك حجاً ) فالمراد به إهلاله أول الأمر ويعارضه حديث أنس رضي الله عنه أنه سمع النبي ﷺ يقول ( لبيك عمرة وحجاً ) فهذا محمول على آخر الأمر والجمع بينهما أن النبي ﷺ بدأ فأحرم بحجة ثم بعد ذلك أدخل عليها العمرة فصار بذلك قارناً والأدلة على أن النبي ﷺ حج قارناً أدلة كثيرة لا تقبل التأويل وما عارضها فهو قليل ومتأول . .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
#75
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [231] الحديث الرابع : عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال أنزلت آية المتعة في كتاب الله تعالى ففعلناها مع رسول الله ﷺ ولم ينزل قرآن يحرمها ولم ينه عنها حتى مات . قال رجل برأيه ما شاء . قال البخاري يقال إنه عمر . ولمسلم نزلت آية المتعة – يعني متعة الحج – وأمرنا بها مع رسول الله ﷺ ثم لم تنزل آية تنسخ آية متعة الحج ولم ينه عنها رسول الله ﷺ حتى مات . ولهما بمعناه موضوع الحديث : تقرير مشروعية التمتع في الحج المفردات قوله أنزلت آية المتعة : المراد به متعة الحج لا متعة النساء لأن متعة الحج هي التي ذكرت في القرآن الكريم في قوله تعالى ( فمن تمتع بالعمرة إلى الحج … ) [البقرة : 196] الآية قوله ففعلناها مع رسول الله ﷺ : يقرر بهذا أنهم فعلوها زمنه لينفي ما يتطرق إلى الوهم أنه كان بعد زمنه قوله ولم ينزل قرآن يحرمها : مقصوده بقاء الحكم بها حتى انقطع الوحي وكذلك قوله ولم ينه عنها حتى مات قوله فقال رجل برأيه : المقصود به عمر بن الخطاب رضي الله عنه المعنى الإجمالي يقرر عمران بن حصين رضي الله عنه أن آية المتعة في الحج نزل بها القرآن وعمل بها في حياة النبي ﷺ ولم تنسخ حتى مات وفي هذا رد على من نهى عنها . فقه الحديث : أولاً : يؤخذ من هذا الحديث مشروعية التمتع وأنه هو السنة وأن الذي ينبغي متابعة النبي ﷺ في جواز مثل ذلك ومشروعيته لأنه هو المشرع ولهذا قال ولم ينه عنها حتى مات قال رجل برأيه ما شاء ثانياً : فيه إشارة إلى أن قول المعصوم ﷺ وأمره لا يعارض به قول من ليس بمعصوم ولو كان جليل القدر وعظيم المنزلة في الإسلام كعمر بن الخطاب رضي الله عنه . وبالله التوفيق . .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام ((المجلد الثاني)) | ام عادل السلفية | الأحاديث الصحيحة فقهها وشرحها | 51 | 28-07-2015 09:57PM |
شرح احاديث عمدة الاحكام لفضيلة الشيخ العلامه احمد بن يحيى النجمي -رحمه الله- | ام عادل السلفية | الأحاديث الصحيحة فقهها وشرحها | 75 | 28-07-2015 09:53PM |
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي | ام عادل السلفية | مكتبة معرفة السنن والآثار العلمية | 1 | 14-02-2015 01:42AM |
بشرى ...حمل التعليقات على عمدة الأحكام للسعدي.pdf | أبو عبد الودود سعيد الجزائري | مكتبة معرفة السنن والآثار العلمية | 1 | 22-05-2011 12:55PM |
ردع الشيخ المحدث مقبل الوادعي لجناية علي رضا على كتب العلل واستخفافه ببعض المتقدمين | ماهر بن ظافر القحطاني | منبر الجرح والتعديل | 0 | 05-05-2005 01:07AM |