|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | التقييم: | انواع عرض الموضوع |
#61
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الملخص في شرح كتاب التوحيد لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- ص -391- باب ما جاء في منكري القدر وقال ابن عمر: "والذي نفس ابن عمر بيده؛ لو كان لأحدهم مثل أحد ذهباً، ثم أنفقه في سبيل الله: ما قبله الله منه حتى يؤمن بالقدر". ثم استدل بقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: "الإيمان: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره""1". رواه مسلم. مناسبة الباب لكتاب التوحيد: أنه لما كان توحيد الربوبية لا يتم إلا بإثبات القدر، والإيمان به ذكر المصنف ما جاء في الوعيد في إنكاره؛ تنبيهاً على وجوب الإيمان به. ما جاء في منكري القدر: أي: من الوعيد الشديد. والقدَر: بفتح القاف والدال: ما يقدِّره الله من القضاء وما يجري في الكون. أحُد: بضمَّتين جبلٌ بقرب مدينة النبي –صلى الله عليه وسلم- من جهة الشام. ثم استدلّ بقول النبي –صلى الله عليه وسلم-: أي: لما سأله جبريل عن الإيمان. ووجه الاستدلال: أن النبي –صلى الله عليه وسلم- عدّ الإيمان بالقدر من أركان الإيمان فمن أنكره لم يكن مؤمناً متقياً والله لا يقبل إلا من المتقين. "1" أخرجه مسلم برقم "8" وأبو داود برقم "4695"، والترمذي برقم "2613"، وابن ماجه برقم "63". ص -392- المعنى الإجمالي للأثر: أن عبد الله بن عمر –رضي الله عنهما- لما بلغه أن قوماً ينكرون القدر، بين أنهم بهذا الاعتقاد الفاسد قد خرجوا من الدين؛ حيث أنكروا أصلاً من أصوله، واستدل على ذلك بحديث الرسول –صلى الله عليه وسلم- الذي ورد فيه أن الإيمان بالقدر أَحد أركان الإيمان الستة التي يجب الإيمان بها جميعاً؛ فمن جحد بعضَها فهو كافرٌ بالجميع. مناسبة الأثر للباب: بيان حكم منكري القدر. ما يستفاد من الأثر: 1- أن إنكار القدر كفرٌ. 2- أن الأعمال الصالحة لا تُقبل إلا من المؤمن. 3- الاستدلال على الأحكام من الكتاب والسنة. ص -393- وعن عبادة بن الصامت: أنه قال لابنه: يا بُنَيَّ إنك لن تجد طعم الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب، فقال: رب، وماذا أكتب؟ قال: أكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة". يا بنيّ، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: "من مات على غير هذا فليس مني". وفي رواية لأحمد: "إن أول ما خلق الله تعالى القلم، فقال له: اكتب، فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة". وفي رواية لابن وهب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "فمن لم يؤمن بالقدر خيره وشره؛ أحرقه الله بالنار". التراجم: 1- قال لابنه: هو: الوليد بن عُبادة، وُلد في عهد النبي –صلى الله عليه وسلم- وهو من كبار التابعين، ومات بعد السبعين رحمه الله. 2- ابن وهب: هو عبد الله بن وهب بن مسلم المصري الثقة الفقيه صحاب مالكٍ وُلد سنة 125هـ توفي سنة 197هـ رحمه الله. طعم الإيمان: أي: حلاوته؛ فإن له حلاوة وطعماً من ذاقَهما تسلّى عن الدنيا وما عليها. ما أصابك لم يكن ليخطئك... إلخ: أي: أن ما قُدِّر عليك من الخير والشر فلن يتجاوزك وما لم يقدَّر عليك فلن يصيبك. ص -394- سمعت رسول الله... إلخ: هذا استدلالٌ من عبادة على ما سبق. إن أول ما خلق الله القلم: أي: هو أول شيء خلقه الله قبل خلق السماوات والأرض، وليس هو أول المخلوقات مطلقاً. من مات على غير هذا: أي: على غير الإيمان بالقدر. فليس مني: أي: أنا بريءٌ منه؛ لأنه منكِر لعلم الله القديم بأفعال العباد ومن كان كذلك فهو كافر. من لم يؤمن بالقدر: أي: بما قدره الله وقضاه في خلقه. أحرقه الله بالنار: لكفره وبدعته؛ لأنه جحد قدرة الله التامة ومشيئته النافذة وخلقه لكل شيء وكذّب بكتبه ورسله. المعنى الإجمالي للأثر: أن عبادة بن الصامت –رضي الله عنه- يوصي ابنه الوليد بالإيمان بالقدر خيره وشره، ويبين له ما يترتب على الإيمان به من الثمرات الطيبة والنتائج الحسنة في الدنيا والآخرة، وما يترتب على إنكار القدر من الشرور والمحاذير في الدنيا والآخرة، ويستدلّ على ما يقول بسنة الرسول –صلى الله عليه وسلم- التي تثبت أن الله قدّر المقادير وأمر القلم بكتابتها قبل وجود هذه المخلوقات، فلا يقع في الكون شيءٌ إلى قيام الساعة إلا بقضاءٍ وقدر. مناسبة الأثر للباب: أن فيه وجوب الإيمان بالقدر، والتحذير من إنكاره والكفر به، وبيان الوعيد المترتب على ذلك. ما يستفاد من الأثر: 1- وجوب الإيمان بالقدر. 2- الوعيد الشديد المترتب على إنكار القدر. 3- إثبات القلم وكتابة المقادير الماضية والمستقبلة به إلى قيام الساعة. ص -395- وفي المسند والسنن عن ابن الديلمي قال: "أتيت أبي بن كعب، فقلت: في نفسي شيء من القدر؛ فحدثني بشيء، لعل الله يذهبه من قلبي. فقال: لو أنفقت مثل أحد ذهباً؛ ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، ولو مت على غير هذا؛ لكنت من أهل النار. قال: فأتيت عبد الله بن مسعود وحذيفة بن اليمان وزيد بن ثابت؛ فكلهم حدثني بمثل ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم-""1" حديث صحيح رواه الحاكم في صحيحه. التراجم: ابن الديلمي هو: عبد الله بن فيروز الديلمي ثقة من كبار التابعين. وأبوه فيروز قاتل الأسود العنسي الكذاب. وفي المسند والسنن: أي: في مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود وابن ماجه. في نفسي شيء من القدر: أي: شكٌّ واضطراب يؤدّي إلى جحد. لو أنفقت... إلخ: هذا تمثيلٌ لا تحديد. حتى تؤمن بالقدر: أي: بأن جميع الأمور كائنةٌ بقضاء الله وقدره. ولو مت على غير هذا: أي: على غير الإيمان بالقدر. "1" أخرجه أبو داود برقم "4699"، وابن ماجه برقم "77"، وأحمد في المسند "5/182، 183، 185، 189"، وابن حبان في موارد الظمآن برقم "1817". ص -396- لكنت من أهل النار: أي: لأنك جحدت ركناً من أركان الإيمان، ومن جحد واحداً منها فقد جحد جميعها. المعنى الإجمالي للأثر: يخبر عبد الله بن فيروز الديلمي أنه حدَث في نفسه إشكال في أمر القدر، فخشي أن يُفضي به ذلك إلى جحوده، فذهب يسأل أهل العلم من صحابة رسول الله؛ لحل هذا الإشكال –وهكذا ينبغي للمؤمن أن يسأل العلماء عما أُشكل عليه عملاً بقول الله تعالى: {..فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ..} [سورة النحل: 43] فأفتاه هؤلاء العلماء كلهم بأنه لا بد من الإيمان بالقضاء والقدر. وأن من مات وهو لا يؤمن به كان من أهل النار. مناسبة ذكر الأثر في الباب: بيان أن الإيمان بالقدر أمرٌ حتمٌ، وأنه هو الذي رواه الصحابة عن نبيهم –صلى الله عليه وسلم-. ما يستفاد من الأثر: 1- الوعيد الشديد على من لم يؤمن بالقدر. 2- سؤال العلماء عما أشكل من أمور الاعتقاد وغيره. 3- أن من وظيفة العلماء كشفَ الشبهات ونشر العلم بين الناس. المصدر : http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf |
#62
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الملخص في شرح كتاب التوحيد لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- ص -397- باب ما جاء في المصورين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "قال الله تعالى: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي؛ فليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة""1" أخرجاه. مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: لما كان التصوير وسيلة الشرك المضاد للتوحيد، ناسب أن يعقد المؤلف هذا الباب؛ لبيان تحريمه وما ورد فيه من الوعيد الشديد. ما جاء في المصورين: أي: من الوعيد الشديد. ومن أظلم: أي: لا أحد أظلم منه. يخلق كخلقي: أي: لأن المصور يضاهي خلق الله. فليخلقوا: أمرُ تعجيز وتحدّ وتهديد. ذرة: هي: النملة الصغيرة. أو ليخلقوا: تعجيزٌ آخر. حبة: أي: حبة حنطةٍ فيها طعم ومادة نبات وإنتاج. أو ليخلقوا: تعجيزٌ آخر. شعيرة: نوع آخر من الحبوب. "1" أخرجه البخاري برقم "5953"، ومسلم برقم "2111". ص -398- المعنى الإجمالي للحديث: يروي النبي –صلى الله عليه وسلم- عن ربه عز وجل أنه يقول: لا أحد أشد ظلماً ممن يصور الصور على شكل خلق الله؛ لأنه بذلك يحاول مشابهة الله في فعله، ثم يتحداه الله –عز وجل- ويبين عجزه عن أن يخلق أصغر شيء من مخلوقاته وهو الذرة، بل هو عاجز عن أن يخلق ما هو أدنى من ذلك وهو الجماد الصغير، ومع ذلك لا قدرة لهم على ذلك كله؛ لأن الله هو المتفرد بالخلق. مناسبة ذكر هذا الحديث في الباب: أنه يدل على تحريم التصوير، وأنه من أظلم الظلم. ما يستفاد من الحديث: 1- تحريم التصوير، وبأي وسيلة وجد وأن المصور من أظلم الظالمين. 2- وصف الله أنه يتكلم. 3- أن التصوير مضاهاةٌ لخلق الله، ومحاولةٌ لمشاركته في الخلق. 4- أن القدرة على الخلق من خصائص الله سبحانه وتعالى. ص -399- ولهما عن عائشة -رضي الله عنها-: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهئون بخلق الله""1". ولهما: أي: البخاري ومسلم. يضاهئون بخلق الله: أي: يشابهون بما يصنعونه ما يصنعه الله. المعنى الإجمالي للحديث: يخبر – صلى الله عليه وسلم- خبراً معناه: النهي والزجر، أن المصورين أشد الناس عذاباً في الدار الآخرة، لأنهم أقدموا على جريمة شنعاء وهي صناعتهم ما يشابه لخلق الله في صناعة الصور. مناسبة الحديث للباب: أنه يدل على شدة عقوبة المصورين، مما يفيد أن التصوير جريمة كبرى. ما يستفاد من الحديث: 1- تحريم التصوير بجميع أشكاله وبأي وسيلة وُجد، وأنه مضاهاة لخلق الله. 2- أن العذاب يوم القيامة يتفاوت بحسب الجرائم. 3- أن التصوير من أعظم الذنوب، وأنه من الكبائر. "1" أخرجه البخاري برقم "2479"، ومسلم برقم "2107". ص -400- ولهما عن ابن عباس -رضي الله عنهما- سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: "كل مصوِّر في النار، يُجعل له بكل صورة صوَّرها نفس يُعذَّب بها في جهنم""1". ولهما عنه مرفوعاً: "من صوّر صورة في الدنيا؛ كُلِّف أن ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ""2". كل مصوّر: أي: لذي روح. في النار: لتعاطيه ما يشبه ما انفرد الله به من الخلق والاختراع. يجعل له بكل صورة نفسٌ يعذّب بها: الباء بمعنى "في" أي: يُجعل له في كل صورة روحٌ تعذِّبه نفس الصورة التي جُعلت فيها الروح. المعنى الإجمالي للحديث: يخبر –صلى الله عليه وسلم- أن مآل المصورين يوم القيامة إلى النار، يعذَّبون فيها بأشد العذاب بأن تُحضر جميع الصور التي صوَّروها في الدنيا، فيُجعل في كل صورة منها روحٌ ثم تُسلّط عليه بالعذاب في نار جهنم، فيعذب بما صنعت يده والعياذ بالله. ومن تعذيبه أيضاً أن يكلّف ما لا يطيق وهو نفخ الروح في الصورة التي صورها. مناسبة الحديث للباب: أن فيه دليلاً على تحريم التصوير ووعيد المصورين. ما يستفاد من الحديث: 1- تحريم التصوير وأنه من الكبائر. "1" أخرجه البخاري برقم "2225"، ومسلم برقم "2110". "2" أخرجه البخاري برقم "5963"، ومسلم برقم "2110/100". ص -401- 2- تحريم التصوير بجميع أنواعه: تماثيل أو نقوش، وسواء كان رسماً باليد أو ص -402- ولمسلم عن أبي الهيَّاج؛ قال: قال لي عليّ –رضي الله عنه-: "ألا أبعثك علىالتقاطاً بآلة التصوير الفوتوغرافية، إذا كانت الصورة من ذوات الأرواح، إلا ما دعت إليه الضرورة. 3- تحريم التصوير لأي غرض كان إلا لدفع ضرورة. 4- في الرواية الأخيرة دليلٌ على طول تعذيب المصورين وإظهار عجزهم. 5- فيها أن الخلق ونفخ الروح لا يقدر عليهما إلا الله تعالى. ما بعثني عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: ألا تدع صورة إلا طمستها ولا قبراً مُشْرِفاً إلا سويته""1". التراجم: أبو الهيّاج هو: حيَّان بن حُصين الأسدي تابعيّ ثقة. ألا: أداة تنبيه. أبعثك: أوجِّهك. لا تدع: لا تترك. إلا طمستها: أي: أزلتها ومحوتها. مشرفاً: أي: مرتفعاً. إلا سوَّيته: أي: جعلته مساوياً للأرض. المعنى الإجمالي للحديث: يعرض أمير المؤمنين علي بن أبي طالب –رضي الله عنه- على أبي الهياج أن يوجهه إلى القيام بالمهمة التي وجّهه رسول الله –صلى الله عليه وسلم- للقيام بها وهي: إزالة الصور ومحوُها؛ لما فيها من المضاهاة لخلق الله والافتتان بها بتعظيمها؛ مما يؤول بأصحابها إلى الوثنية. "1" أخرجه مسلم برقم "969"، وأبو داود برقم "3218"، والترمذي برقم "1049"، وأحمد "1/96، 129". ص -403- وتسوية القبور العالية حتى تصير مساوية للأرض؛ لما في تعلِيتها من الافتتان بأصحابها واتخاذهم أنداداً لله في العبادة والتعظيم. مناسبة الحديث للباب: أنه يدل على وجوب طمس الصور وإتلافها. ما يستفاد من الحديث: 1- تحريم التصوير ووجوب إزالة الصور ومحوها بجميع أنواعها. 2- التواصي بالحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتبليغ العلم. 3- تحريم رفع القبور ببناءٍ أو غيره؛ لأنه من وسائل الشرك. 4- وجوب هدم القباب المبنية على القبور. 5- أن التصوير مثل البناء على القبور وسيلة إلى الشرك. المصدر : http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf |
#63
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الملخص في شرح كتاب التوحيد لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- ص -404- باب ما جاء في كثرة الحلف وقول الله تعالى: {..وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ..} [المائدة: 89]. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: "الحلِف مَنْفَقَة للسلعة مَمْحقة للكسْب""1" أخرجاه. مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: أن من كمال التوحيد احترام اسم الله وعدم امتهانه بكثرة الحلف؛ لأن ذلك يدل على الاستخفاف به وعدم التعظيم له. ما جاء في كثرة الحلف: أي: من النهي عنه، والحلِف: بفتح الحاء وكسر اللام: اليمين. واحفظوا أيمانكم: أي: لا تحلفوا، وقيل: لا تتركوها بغير تكفير، وقيل: لا تحنثوا. منفَقَة: بفتح الميم والفاء مفعَلةٌ من النَّفاق بفتح النون وهو: الرواج. للسلعة: بكسر السين: المتاع. ممحَقة: بفتح الميم والحاء من المحق وهو: النقص والمحو. المعنى الإجمالي للحديث: يحذر –صلى الله عليه وسلم- من التهاون بالحلف وكثرة "1" أخرجه البخاري برقم "2087"، ومسلم برقم "1606". ص -405- استعماله؛ لترويج السلع وجلب الكسب، فإن الإنسان إذا حلف على سلعة أنه أُعطي فيها كذا وكذا أو أنه اشتراها بكذا وهو كاذب فقد يظنه المشتري صادقاً فيما حلف عليه فيأخذها بزيادة على قيمتها تأثراً بيمين البائع، وهو إنما حلف طمَعاً في الزيادة؛ فيكون قد عصى الله، فيعاقب بمحق البركة. مناسبة الحديث للباب: أن فيه التحذير من استعمال الحلف؛ لأجل ترويج السلع، وبيان ما يترتب على ذلك من الضرر. ما يستفاد من الحديث: 1- التحذير من استعمال الحلف؛ لأجل ترويج السلع؛ لأن ذلك امتهانٌ لاسم الله تعالى وهو ينقص التوحيد. 2- بيان ما يترتب على الأيمان الكاذبة من المضارّ. 3- أن الكسب الحرام وإن كثُرت كمّيته فإنه منزوع البركة لا خير فيه. ص -406- وعن سلمان -رضي الله عنه أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "ثلاثة لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: أُشَيْمِط زانٍ، وعائل مستكبِر، ورجل جعل اللهَ بضاعتَه، لا يشتري إلا بيمينه، ولا يبيع إلا بيمينه""1" رواه الطبراني بسند صحيح. التراجم: سلمان لعله أبو عبد الله: سلمان الفارسي، أصله من أصبهان أو رام هرمز، أسلم عند قدوم النبي –صلى الله عليه وسلم- المدينة وشهد الخندق وغيرَها توفي سنة 36هـ رضي الله عنه. لا يكلِّمهم الله: هذا وعيد شديدٌ في حقهم؛ لأنه سبحانه يكلم أهل الإيمان. ولا يزكِّيهم: أي: لا يثني عليهم ولا يطهرهم من دنَس الذنوب. ولهم عذاب أليم: مُوجِع؛ لأنهم لما عظُم ذنبهم عظُمت عقوبتهم. أُشيمِط: تصغير أشمط وهو الذي في شعره شمَطٌ أي شيْبٌ وصغِّر تحقيراً له. زانٍ: أي: يرتكب فاحشة الزنا مع كِبَر سنِّه. وعائلٌ مستكبِر: العائل: الفقير أي: يتكبَّر مع أنه فقير، والكِبر: بطَر الحق وغمط الناس. جعل الله بضاعتَه: أي: جعل الحلف بالله بضاعةً له؛ لكثرة "1" قال الهيثمي في مجمع الزوائد "4/78": رواه الطبراني في الثلاثة ورجاله رجال الصحيح. ص -407- استعماله في البيع والشراء. المعنى الإجمالي: يخبر –صلى الله عليه وسلم- عن ثلاثة أصنافٍ من العصاة يُعاقبون أشد العقوبة، لشناعة جرائمهم. أحدهم: من يرتكب فاحشة الزنا مع كِبَر سنه؛ لأن داعي المعصية ضعيفٌ في حقّه، فدل على أن الحامل له على الزنا محبة المعصية والفجور، وإن كان الزنا قبيحاً من كل أحد، فهو من هذا أشد قُبحاً. الثاني: فقيرٌ يتكبر على الناس، والكِبْر وإن كان قبيحاً من كل أحد، لكن الفقير ليس له من المال ما يدعوه إلى الكِبْر فاستكباره مع عدم الداعي إليه يدل على أن الكِبْر طبيعةٌ له. الثالث: من يجعل الحلف بالله بضاعةً له يكثر من استعماله في البيع والشراء فيمتَهِن اسم الله ويجعله وسيلةً لاكتساب المال. مناسبة الحديث للباب: أن فيه التحذير من كثرة الحلف في البيع والشراء. ما يستفاد من الحديث: 1- التحذير من كثرة استعمال الحلف في البيع والشراء، والحث على توقير اليمين واحترام أسماء الله سبحانه. 2- إثبات الكلام لله وأنه يكلِّم من أطاعه ويكرمُه بذلك. 3- التحذير من جريمة الزنا لا سيما من كبير السن. 4- التحذير من الكِبْر لا سيما في حق الفقير. ص -408- وفي الصحيح عن عمران بن حصين -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "خير أمتي قرني، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم". قال عمران: فلا أدري أذكر بعد قرنِه مرتين أو ثلاثاً. "ثم إن بعدكم قوماً يشهدون ولا يستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، وينذرون ولا يوفون، ويظهر فيهم السمن""1". في الصحيح: أي في صحيح مسلم. قرني: أي: أهل قرني وهم الصحابة، والقرن: كل طبقة من الناس مقترنين في وقت. ثم الذين يلونهم: وهم التابعون. ثم الذين يلونهم: وهم تابعو التابعين. يشهدون: أي: شهادة الزور. ولا يُستشهدون: أي: لا يُطلب منهم الشهادة؛ لفسقِهم أو لاستخفافهم بأمرها وعدم تحرِّيهم الصدق. ويخونون: أي: يخونون من ائتمنهم. ولا يُؤتمنون: أي: لا يأتمنهم الناس لظهور خيانتهم. وينذُرون لا يوفون: أي: لا يؤدون ما وجب عليهم بالنذر. ويظهر فيهم السمن: السمن كثرة اللحم، وذلك لتنعمهم وغفلتهم عن الآخرة. "1" أخرجه البخاري برقم "2651"، ومسلم برقم "2535". ص -409- المعنى الإجمالي: يخبر –صلى الله عليه وسلم- أن خير هذه الأمة القرون الثلاثة وهم: الصحابة، والتابعون، وأتباع التابعين؛ لظهور الإسلام فيهم، وقُربهم من نور النبوة. ثم بعد هذه القرون المفضلة يحدث الشر في الأمة، وتكثر البدع، والتهاون بالشهادة، والاستخفاف بالأمانة والنذور، والتنعم في الدنيا، والغفلة عن الآخرة؛ وظهور هذه الأعمال الذميمة يدل على ضعف إسلامهم. مناسبة الحديث للباب: أن فيه ذم الذين يتساهلون بالشهادة وهي نوعٌ من اليمين. ما يستفاد من الحديث: 1- فضل القرون الثلاثة أو الأربعة: الصحابة والتابعين وأتباعهم. 2- ذم التسرع في الشهادة. 3- ذم التهاون بالنذور ووجوب الوفاء بها. 4- ذم الخيانة في الأمانة والحث على أدائها. 5- ذم التنعم والرغبة في الدنيا والإعراض عن الآخرة. 6- علَم من أعلام نبوته –صلى الله عليه وسلم- حيث أخبر بالشيء قبل وقوعه فوقع كما أخبر. ص -410- وفيه عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم ثم يجيء قوم تسبق شهادةُ أحدهم يمينَه، ويمينُه شهادتَه""1". قال إبراهيم: "كانوا يضربوننا على الشهادة والعهد ونحن صغار". التراجم: إبراهيم هو: أبو عمران إبراهيم بن يزيد النخعي الكوفي من التابعين ومن فقهائهم، مات سنة 96هـ رحمه الله. تسبق شهادة أحدهم يمينه... إلخ: أي: يجمع بين اليمين والشهادة، فتارةٌ تسبق هذه وتارةٌ تسبق هذه. كانوا: أي: التابعون. يضربوننا على الشهادة... إلخ: أي: لئلا يعتادوا إلزام أنفسهم بالعهود؛ لما يلزم الحالف من الوفاء، وكذا الشهادة لئلا يسهل عليهم أمرها. المعنى الإجمالي للحديث: يخبر –صلى الله عليه وسلم- أن خير هذه الأمة القرون الثلاثة، ثم يأتي من بعدهم قوم يتساهلون في الشهادة واليمين؛ لضعف إيمانهم، فيخفّ عليهم أمر الشهادة واليمين تحمّلاً وأداءً؛ لقلة خوفهم من الله وعدم مبالاتهم بذلك"2". "1" أخرجه البخاري برقم "2652"، ومسلم برقم "2533". "2" فعن أنس –رضي الله عنه- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يأتي على الناس زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تلقَوا ربكم" أخرجه البخاري برقم "7068". ص -411- ويخبر إبراهيم النخَعي عن التابعين أنهم يلقِّنون صغارهم تعظيم الشهادة والعهد؛ لينشأوا على ذلك ولا يتساهلوا فيهما. مناسبة الحديث للباب: أن فيه التحذير من التساهل باليمين والشهادة. ما يستفاد من الحديث: 1- أن القرون المفضلة ثلاثةٌ، وأنهم خير هذه الأمة. 2- ذمّ التسرع في الشهادة واليمين. 3- علمٌ من أعلام نبوّته –صلى الله عليه وسلم- فإنه وُجد ما أخبر به. 4- عناية السلف بتربية الصغار وتأديبهم. المصدر : http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf |
#64
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الملخص في شرح كتاب التوحيد لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- ص -412- باب ما جاء في ذمة الله وذمة نبيه وقول الله تعالى: {وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} الآية. تمام الآية: {وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} [النحل: 91]. مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: التنبيه على أن الوفاء بالعهود تعظيمٌ لله، وعدم الوفاء بها عدم تعظيمٍ له؛ فهو قدحٌ في التوحيد. ما جاء في ذمة الله: ذمةُ الله هي: العهد، وفيه الحث على حفظها والوفاء بها إذا أُعطيت لأحد. وأوفوا بعهد الله: بالالتزام بمُوجِبه من عقود البيعة والأيمان وغيرها. ولا تنقُضُوا الأيمان: أي: أيمان البيعة أو مطلَق الأيمان. بعد توكيدها: أي: بعد توثيقها بذكر الله تعالى. وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً: أي: شاهداً عليكم بتلك البيعة. إن الله يعلم ما تفعلون: أي: من نقض الأيمان والعهود وهذا تهديد. المعنى الإجمالي للآية: يأمر تعالى بالوفاء بالعهود والمواثيق؛ والمحافظة على الأيمان المؤكّدة بذكره؛ لأنهم بذلك جعلوه سبحانه شاهداً ورقيباً عليهم؛ وهو سبحانه يعلم أفعالَهم وتصرفاتِهم وسيُجازيهم ص -413- عليها. مناسبة الآية للباب: أنها تدل على وجوب الوفاء بالعهود، ومنها ما يجري بين الناس من إعطاء الذمة؛ فإنها يجب الوفاء بها؛ لأنها فردٌ من أفراد معنى الآية. ما يستفاد من الآية: 1- وجوب الوفاء بالعهود والمواثيق. 2- تحريم نقض العهود والأيمان الداخلة في العهود والمواثيق. 3- إثبات العلم لله سبحانه وأنه لا يخفى عليه شيء. 4- وعيد من نقض العهود والمواثيق. ص -414- عن بريدة -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إذا أمَّر أميراً على جيش أو سَرِيَّة؛ أوصاه بتقوى الله –تعالى- ومن معه من المسلمين خيراً، فقال: "اغزُوا بسم الله، في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا، ولا تغُلُّوا، ولا تغدِروا، ولا تُمَثِّلوا، ولا تقتلوا وليداً. وإذا لقِيت عدوك من المشركين، فادعهم إلى ثلاث خلال "أو خصال" فأيَّتُهُنَّ ما أجابوك: فاقبل منهم وكُفَّ عنهم: ثم ادعُهم إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبِرهم أنهم إن فعلوا ذلك؛ فلهم ما للمهاجرين، وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحولوا منها؛ فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين، يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيءٌ، إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبوا؛ فاسألهم الجزية، فإن هم أجابوك؛ فاقبل منهم وكف عنهم، فإن هم أبوا؛ فاستعن بالله وقاتلهم. وإذا حاصرت أهل حصن، فأرادوك أن تجعل ذمة الله وذمة نبيه؛ فلا تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك؛ فإنكم إن تخفروا ذممكم وذمة أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة نبيه. ص -415- وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله؛ فلا تنزلهم على حكم الله، ولكن أنزلهم على حكمك؛ فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا""1" رواه مسلم. أمَّر أميراً: أي: جعل شخصاً أميراً. على جيشٍ: أي: جنود كثيرة. أو سرية: هي: القطعة من الجيش تخرج منه وتغير وترجع إليه. ومن معه: أي: بمن معه. خيراً: أي: أن يفعل بهم خيراً. اغزوا: أي: اشرعوا في فعل الغزو. في سبيل الله: أي: في طاعته ومن أجله. من كفر بالله: أي: لأجل كفرهم وخص منه من لا يجوز قتلُه من الكفار كالنساء ومن له عهد... إلخ. ولا تغلوا: الغلول: الأخذ من الغنيمة قبل قسمها. ولا تغدروا: أي: لا تنقضوا العهد. ولا تمثِّلوا: التمثيل: تشويه القتيل بقطع أعضائه. وليداً: هو: الصبيّ والعبد. ثلاث خلال أو خصال: شكٌّ من الراوي ومعناهما واحد. فاقبل منهم: أي: اقبل منهم الإسلام وكفّ عنهم القتال. "1" أخرجه مسلم برقم "1731"، وأبو داود برقم "2612، 2613"، والترمذي برقم "1617"، وابن ماجه برقم "4858"، وأحمد في مسنده "5/352، 358". ص -416- دار المهاجرين: يعني: المدينة إذ ذاك. فلهم ما للمهاجرين: أي: في استحقاق الفيء والغنيمة. ما على المهاجرين: من الجهاد وغيره. كأعراب المسلمين: الساكنين في البادية من غير هجرة ولا غزو. فاسألهم الجزية: أي: اطلب منهم أن يدفعوا الجزية، وهي مالٌ يؤخذ من الكفار على وجه الصغار والذلة لهم، واشتقاقها من الجزاء كأنها جزاءٌ عن القتل. فإن أبَوا: أي امتنعوا عن الدخول في الإسلام ودفع الجزية. حاصرت أهل حصن: الحصن: كل مكان محميّ محرز، وحاصرتهم: ضيقت عليهم وأحطت بهم. ذمة الله وذمة نبيه: الذمة هنا العهد. أن تُخفروا ذممكم: أي: تنقضوا عُهودكم. المعنى الإجمالي للحديث: يذكر لنا هذا الصحابي الجليل بريدة بن الحصيب رضي الله عنه ما كان يفعله النبي –صلى الله عليه وسلم- عندما يرسل الجيوش والسرايا للقتال في سبيل الله، أنه كان يوصي القواد بالتحرز بطاعة الله من عقوبته بالتزام التقوى، ويأمرهم بالشروع في الغزو مستعينين بالله ليقاتلوا الكفار؛ لإزالة كفرهم حتى يكون الدين كله لله، وينهاهم عن الخيانة في العهود والأخذ من المغانم قبل قسمتها، وعن تشويه القتلى وقتل من لا يستحق القتل من الولدان. وعندما يلاقون عدوهم فإنهم يخيِّرونهم بين ثلاثة أمور: إما أن يدخلوا في الإسلام، وإما أن يؤدوا الجزية، وإما أن يقاتلوهم. فإن دخلوا في الإٍسلام خُيروا بين أمرين: إما الانتقال إلى دار الهجرة، ولهم ما للمهاجرين وعليهم ما على ص -417- المهاجرين، وإما البقاء مع أعراب المسلمين لهم ما لهم وعليهم ما عليهم. ثم يوصي –صلى الله عليه وسلم- القواد عندما يحاصرون الكفّار في معاقِلهم؛ فيطلب الكفّار منهم أن يجعلوا لهم عهد الله وعهد نبيه أن لا يجعلوا لهم ذلك، ولكن يجعلوا لهم عهدهم هم؛ فإنّ نقض عهد الله وعهد رسوله أعظم جُرماً من نقض عهودهم. وإذا طلبوا منهم النزول على حكم الله فلا يجيبوهم بل ينزلونهم على حكمهم هم واجتهادهم؛ خشية أن لا يُصيبوا حكم الله تعالى، فينسبون إلى الله ما هو خطأ. مناسبة ذكر الحديث في الباب: أن فيه النهيَ عن إعطاء ذمة الله وذمة رسوله للكفار؛ خشية عدم الوفاء بذلك، فتكون الجريمة عظيمة، ويكون ذلك هضماً لعهد الله، ونقصاً في التوحيد. ما يستفاد من الحديث: 1- مشروعية بعْث السرايا والجيوش للجهاد في سبيل الله. 2- أنه يجب أن يكون القتال لإعلاء كلمة الله ومحو آثار الكفر من الأرض لا لنيل الملك وطلب الدنيا، أو نيل الشهرة. 3- مشروعية تنصيب الأمراء على الجيوش والسرايا. 4- أنه يشرع لولي الأمر أن يوصي القوّاد ويوضح لهم الخطة التي يسيرون عليها في جهادهم. 5- أن الجهاد يكون بإذن ولي الأمر وتنفيذه. 6- مشروعية الدعوة إلى الإسلام قبل القتال. 7- مشروعية أخذ الجزية من جميع الكفار. 8- النهي عن قتل الصبيان. 9- النهي التمثيل بالقتلى. ص -418- 10- النهي عن الغلول والخيانة في العهود. 11- احترام ذمة الله وذمة نبيه والفرق بينهما وبين ذمة المسلمين. 12- طلب الاحتياط عن الوقوع في المحذور. 13- أن المجتهد يخطئ ويصيب والفرق بين حكم الله وحكم العلماء. 14- الإرشاد إلى ارتكاب أقل الأمرين خطراً. 15- مشروعية الاجتهاد عند الحاجة. المصدر : http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf |
#65
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الملخص في شرح كتاب التوحيد لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- ص -419- باب ما جاء في الإقسام على الله عن جندب بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "قال رجل: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله عز وجل: من ذا الذي يتألَّى عليّ أن لا أغفر لفلان؟! إني قد غفرت له وأحبطت عملَك""1" رواه مسلم. وفي حديث أبي هريرة أن القائل رجل عابد"2". قال أبو هريرة: "تكلم بكلمة أَوبَقَتْ دنياه وآخرتَه""3". مناسبة ذكر هذا الباب في كتاب التوحيد: أن الإقسام على الله إذا "1" أخرجه مسلم برقم "2621". "2" فقد روى أبو داود برقم "4901"، عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يقول: "كان رجلان في بني إسرائيل متواخيين، فكان أحدهما يذنب والآخر مجتهِدٌ في العبادة، فكان لا يزال المجتهد يرى الآخر على الذنب فيقول: أقصِر. فوجده يوماً على ذنب فقال له: أقصر. فقال: خلِّني وربي، أبُعثت علي رقيباً! فقال: والله لا يغفر الله لك ولا يدخلك الجنة فقبض أرواحهما فاجتمعا عند رب العالمين، فقال لهذا المجتهد: أكنت بي عالماً أو على ما في يدي قادراً؟ وقال للمذنب: اذهب فادخل الجنة برحمتي. وقال للآخر: اذهبوا به إلى النار". "3" فقد أخرج الترمذي برقم "2320" أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه"، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. ص -420- كان على وجه الحجر على الله فهو منافٍ للتوحيد؛ لأنه من سوء الأدب مع الله تعالى. ما جاء في الإقسام على الله: أي: من الأدلة على تحريم ذلك. من ذا الذي؟: استفهام إنكار. يتألى علي: أي: يحلف، والأليّة: بتشديد الياء: الحلف. أحبطت عملك: أي: أهدرته. أوبَقَت: أي: أهلكت. المعنى الإجمالي للحديث: يخبر النبي –صلى الله عليه وسلم- على وجه التحذير من خطر اللسان، أن رجلاً حلف أن الله لا يغفر لرجلٍ مذنبٍ؛ فكأنه حكم على الله وحجر عليه؛ لما اعتقد في نفسه عند الله من الكرامة والحظّ والمكانة، ولذلك المذنب من الإهانة، وهذا إدلالٌ على الله وسوءُ أدب معه، أوجب لذلك الرجل الشقاءَ والخسران في الدنيا والآخرة. مناسبة ذكر الحديث في الباب: أنه يدل على تحريم الإقسام على الله على وجه الحجر على الله والإعجاب بالنفس؛ وذلك نقصٌ في التوحيد. ما يستفاد من الحديث: 1- تحريم الإقسام على الله إلا إذا كان على وجه حسنِ الظنّ به وتأميل الخير منه. 2- وجوب حسن الأدب مع الله. 3- شدة خطر اللسان ووجوب حفظه. المصدر : http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf |
#66
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الملخص في شرح كتاب التوحيد لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- ص -421- باب لا يستشفع بالله على خلقه عن جُبَير بن مطعِم -رضي الله عنه- قال: جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله: نُهكت الأنفس، وجاع العيال، وهلكت الأموال؛ فاستسق لنا ربَّك؛ فإنا نستشفع بالله عليك، وبك على الله، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "سبحان الله! سبحان الله!" فما زال يسبِّح حتى عُرف ذلك في وجوه أصحابه. ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "ويحك! أتدري ما الله؟ إن شأن الله أعظم من ذلك؛ إنه لا يُستشفع بالله على أحد من خلقه""1" وذكر الحديث. رواه أبو داود. مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: بيان تحريم الاستشفاع بالله على خلقه؛ لأنه هضمٌ للربوبية وقدحٌ في توحيد العبد؛ لأن الشافع يشفع عند من هو أعلى منه والله تعالى منزّه عن ذلك؛ لأنه لا أحد أعلى منه. التراجم: جُبير هو: جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف القُرَشي كان من أكابر قريش أسلم قبل الفتح ومات سنة 57هـ رضي الله عنه. نُهِكت: بضم النون أي: جهدت وضعفت. "1" أخرجه أبو داود برقم "4726". ص -422- فاستسق لنا ربك: أي: اسأله أن يسقينا بأن ينزل المطر. نستشفع بالله عليك: نجعله واسطة إليك. سبحان الله: أي: تنزيهاً لله عما لا يليق به. عُرف ذلك في وجوه أصحابه: أي: عُرف الغضب فيها؛ لغضب رسول الله –صلى الله عليه وسلم-. ويحَك: كلمةٌ تقال للزجر. أتدري ما الله؟: إشارةٌ إلى قلة علمه بعظمة الله وجلاله. المعنى الإجمالي للحديث: يذكر هذا الصحابي أن رجلاً من البادية جاء إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- يشكو ما أصاب الناس من الحاجة إلى المطر؛ ويطلب من النبي –صلى الله عليه وسلم- أن يسأل ربَّه أن ينزله عليهم؛ لكنه أساء الأدب مع الله؛ حيث استشفع به إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- وهذا جهلٌ منه بحق الله؛ لأن الشفاعة إنما تكون من الأدنى إلى الأعلى، ولذلك أنكر عليه النبي –صلى الله عليه وسلم- ذلك ونزّه ربه عن هذا التنقّص، ولم ينكر عليه الاستشفاع بالنبي –صلى الله عليه وسلم- إلى الله سبحانه بدعائه إياه. مناسبة الحديث للباب: أنه يدل على تحريم الاستشفاع بالله على أحدٍ من خلقه؛ لأنه تنقّص ينزه الله عنه. ما يستفاد من الحديث: 1- تحريم الاستشفاع بالله على أحدٍ من خلقه؛ لما في ذلك من التنقص لله تعالى. 2- تنزيه الله عما لا يليق به. 3- إنكار المنكر وتعليم الجاهل. 4- جواز الاستشفاع بالرسول –صلى الله عليه وسلم- في حياته، بأن يطلُب منه أن يدعوَ الله ص -423-في قضاء حاجة المحتاج؛ لأنه مستجاب الدعوة، أما بعد موته فلا يُطلب منه ذلك لأن الصحابة لم يكونوا يفعلون ذلك. 5- التعليم بطريقة السؤال، لأنه أوقع في النفس. المصدر : http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf |
#67
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الملخص في شرح كتاب التوحيد لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- ص -424- باب ما جاء في حماية النبي صلى الله عليه وسلم حمى التوحيد وسده طرق الشرك عن عبد الله بن الشِّخِّير -رضي الله عنه- قال: انطلقتُ في وفد بني عامر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقلنا: أنت سيِّدنا. فقال: "السيد الله تبارك وتعالى". فقلنا: وأفضلنا فضلاً، وأعظمنا طولاً. فقال: "قولوا بقولكم، أو بعض قولكم، ولا يستجرينكم الشيطان""1" رواه أبو داود بسند جيِّد. مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: بيان أن التوحيد لا يتم إلا بتجنُّب كل قول يفضي إلى الغلو في المخلوق، ويُخشى منه الوقوع في الشرك. التراجم: ابن الشِّخِّير: بكسر الشين وتشديد الخاء هو: عبد الله بن الشخير بن عوف بن كعب بن وقدان الحريشيّ أسلم يوم الفتح وله صحبةٌ ورواية. حماية: حماية الشيء صونُه عما يتطرق إليه من مكروه وأذى. المصطفى: أي: المختار من الصفوة وهي خالص الشيء. حِمى التوحيد: صونُه عما يشوبه من الأعمال والأقوال التي "1" أخرجه أبو داود برقم "4806"، وأحمد في مسنده "4/25". ص -425- تضاده أو تنقصه. السيد الله: أي: السُّؤدد التام لله عز وجل، والخلق كلهم عبيد الله. وأفضلُنا فضلاً: الفضل: الخيرية ضد النقيصة –أي: أنت خيرُنا. طَولاً: الطوْل: الفضل والعطاء والقدرة والغنى. قولوا بقولكم: أي: القول المعتاد لديكم ولا تتكلفوا الألفاظ التي تؤدي الغلو. أو بعض قولكم: أي: أو دعوا بعض قولكم المعتاد واتركوه، تجنباً للغلو. لا يستجرينكم الشيطان: الجري: الرسول أي: لا يتخذكم جَرِيّاً أي: وكيلاً له ورسولاً. المعنى الإجمالي للحديث: لما بالغ هذا الوفد في مدح النبي –صلى الله عليه وسلم- نهاهم عن ذلك؛ تأدباً مع الله وحمايةً للتوحيد، وأمرهم أن يقتصروا على الألفاظ التي لا غلوّ فيها ولا محذور؛ كأن يدعوه بمحمد رسول الله كما سماه الله عز وجل. مناسبة الحديث للباب: أن فيه النهي عن الغلو في المدح واستعمال الألفاظ المتكلفة التي ربّما توقع في الشرك. ما يستفاد من الحديث: 1- تواضعه –صلى الله عليه وسلم- وتأدبه مع ربه. 2- النهي عن الغلو في المدح ومواجهة الإنسان به. 3- أن السُّؤدد حقيقةٌ لله سبحانه، وأنه ينبغي ترك المدح بلفظ السيد. 4- النهي عن التكلف في الألفاظ وأنه ينبغي الاقتصاد في المقال. 5- حماية التوحيد عما يخل به من الأقوال والأعمال. ص -426- وعن أنس -رضي الله عنه- أن ناساً قالوا: يا رسول الله، يا خيرنا وابن خيرنا، وسيدنا، وابن سيدنا. فقال: "يا أيها الناس، قولوا بقولكم، ولا يستهوينَّكم الشيطان، أنا محمدٌ عبد الله ورسوله، ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل""1". رواه النسائي بسند جيد. يا خيرَنا: أي: أفضلنا. يستهوينكم الشيطان: أي: يُزين لكم هواكم، أو يذهب بعقولكم. المعنى الإجمالي للحديث: كره –صلى الله عليه وسلم- مدحَه بهذه الألفاظ ونحوها؛ لئلا يكون ذلك وسيلةً إلى الغلو فيه والإطراء؛ لأنه قد أكمل الله له مقامَ العبودية، فصار يكره أن يُبالغ في مدحه؛ صيانةً لهذا المقام، وإرشاداً للأمة إلى ترك ذلك؛ نصحاً لهم وحماية للتوحيد. وأرشدهم أن يصفوه بصفتين هما أعلى مراتب العبد، وقد وصفه الله بهما في مواضع وهما: عبد الله ورسوله، ولا يريد أن يرفعوه فوق هذه المنزلة التي أنزله الله إياها. مناسبة الحديث للباب: أنه –صلى الله عليه وسلم- نهى أن يُمدح بغير ما وصفه الله به؛ "1" أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة برقم "248، 249"، وأحمد في مسنده "3/153، 241". ص -427- صيانةً للتوحيد وسداً لباب الغلو المُفضي إلى الشرك. ما يستفاد من الحديث: 1- النهي عن الغلو في المدح، وتكلف الألفاظ في ذلك؛ لئلا يفضي إلى الشرك. 2- تواضعه –صلى الله عليه وسلم- وحرصه على صيانة العقيدة عما يخل بها. 3- أنه عبد الله ورسوله، وليس له من الأمر شيء؛ والأمر كله لله سبحانه. 4- التحذير من كيد الشيطان؛ وأنه قد يأتي من طريق الزيادة على الحد المشروع. المصدر : http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf |
#68
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الملخص في شرح كتاب التوحيد لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- ص -428- باب قول الله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر: 67]. مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: أراد المصنف –رحمه الله- أن يختم كتابه بهذا الباب المشتمل على النصوص الدالة على عظمة الله، وخضوع المخلوقات له؛ مما يدل على أنه هو المستحق للعبادة وحده، وأن له صفات الكمال ونعوت الجلال. باب قول الله تعالى: أي: ما جاء في معنى هذه الآية الكريمة من الأحاديث والآثار. ما قدروا الله حق قدره: أي: ما عظّم المشركون الله حق تعظيمه؛ إذ عبدوا معه غيره. والأرض... إلخ: جملةٌ حالية. جميعاً: أي: بجميع جهاتها وطبقاتها. سبحانه: تنزيهاً له. وتعالى عما يشركون: به من الأصنام والأنداد العاجزة الحقيرة. المعنى الإجمالي للآية: يخبر الله تعالى أن المشركين ما عظّموا الله حق تعظيمه؛ حيث عبدوا معه غيره، وهو العظيم الذي لا أعظم منه، ص -429- القادر على كل شيء، المالك لكل شيء، وكل شيء تحت قهره وقدرته، والمخلوقات كلها بالنسبة إليه صغيرة حقيرة، ثم نزّه نفسه عن شرك المشركين وتنقص الجاهلين. تنبيه: 1- مذهب السلف في قوله تعالى:{...وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ...} هو إمراره كما جاء مع اعتقاد ما دل عليه من غير تحريف ولا تكييف. والأحاديث والآثار تفَسِّرها وتوَضِّحها. 2- ما يستفاد من هذه الآية يأتي بعد ذكر ما يتعلق بها من الأحاديث الواردة في هذا الباب. ص -430- عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: "جاء حَبْر من الأحبار إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقال: يا محمد، إنا نجد أن الله يجعل السماوات على أَصبُع، والأرضين على أصبع، والشجر على أصبع، والثرى على أصبع، وسائر الخلق على أَصبُع، فيقول: أنا الملك. فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم- حتى بدت نواجِذُه، تصديقاً لقول الحَبْر". ثم قرأ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} الآية. وفي رواية لمسلم: "والجبال والشجر على أصبع ثم يهزهن فيقول: أنا الملك، أنا الله"، وفي رواية للبخاري: "يجعل السماوات على أصبع، والماء والثرى على أصبُع، وسائر الخلق على أصبُع""1" أخرجاه. ولمسلم عن ابن عمر مرفوعاً: "يطوي الله السماوات يوم القيامة، ثم يأخذهن بيده اليمنى، ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ثم يطوي الأرَضين السبع، ثم يأخذُهن بشِماله، ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون""2" ورُوي عن ابن عباس قال: "ما السماوات السبع والأرَضون السبع في كفِّ الرحمن إلا كخردلة في يد أحدكم". حبر: بفتح الحاء وكسرِها أحد أحبار اليهود وهو العالم بتحبير "1" أخرجه البخاري برقم "4811"، ومسلم برقم "2786". "2" أخرجه مسلم برقم "2788". ص -431- الكلام وتحسينه سُمّي حبراً؛ لما يبقى له من أثر علومه في قلوب الناس. على أَصْبُع: واحد الأصابع يذكّر ويُؤنّث. الثرى: التراب النديّ ولعل المراد به هنا الأرض. الشجر: ما له ساقٌ صلبٌ كالنخل وغيره. وسائر الخلق: أي: باقيهم. نواجذه: جمع ناجِذ وهي: أقصى الأضراس، وقيل: الأنياب، وقيل: ما بين الأسنان والأضراس، وقيل: هي الضواحك. يهزّهن: هز الشيء تحريكه أي: يحركهن. الجبّارون: جمع جبّار وهو العاني المتسلِّط. كخردلة: هي حبةٌ صغيرةٌ جداً. المعنى الإجمالي للحديث: ذكر عالمٌ من علماء اليهود للنبي –صلى الله عليه وسلم- ما يجدونه في كتابهم التوراة من بيان عظمة الله، وصغر المخلوقات بالنسبة إليه –سبحانه- وأنه يضعها على أصابعه، فوافقه النبي –صلى الله عليه وسلم- على ذلك، وسُرّ به وتلا ما يصدِّقه من القرآن الكريم التي أنزله الله عليه. ما يستفاد من الآية والحديث برواياته: 1- بيان عظمة الله سبحانه وصغر المخلوقات بالنسبة إليه. 2- أن من أشرك به سبحانه لم يُقدِّره حق قدره. 3- إثبات اليدين والأصابع واليمين والشمال والكف لله سبحانه على ما يليق به. 4- أن هذه العلوم الجليلة التي في التوراة باقيةٌ عند اليهود الذين في زمن الرسول –صلى الله عليه وسلم- لم ينكِروها ولم يحرِّفوها. 5- تفرّد الله سبحانه بالملك وزوال كل ملكٍ لغيره. ص -432- وقال ابن جرير: حدثني يونس، أنبأنا ابنُ وهب، قال: قال ابنُ زيد: حدَّثَني أبي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "ما السماوات السبع في الكُرْسيّ إلا كدراهم سبعة ألقيت في تُرْس" قال: وقال أبو ذر: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: "ما الكرسي في العرش إلا كحلقة من حديد أُلقيت بين ظَهْرَيْ فلاة من الأرض". تُرْس: بضم التاء: القاع المستدير المتسع، والترس أيضاً صفحة فولاذ تُحمل لاتِّقاء السيف والمراد هنا المعنى الأول. فلاة: هي الصحراء الواسعة. المعنى الإجمالي للحديثين: يخبر –صلى الله عليه وسلم- عن عظَمة الكرسي والعرش، وأن السماوات السبع على سِعتها، وكثافتها، وتباعد ما بينها بالنسبة لسعة الكرسي، كسبعة دراهم وُضعت في قاعٍ واسعٍ، فماذا تشغل منه؟! إنها لا تشغل منه إلا حيِّزاً يسيراً. كما يخبر –صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي ذرّ أن الكرسي مع سعته وعظمته بالنسبة للعرش كحلقة حديد وُضعت في صحراء واسعة من الأرض؛ وهذا يدل على عظمة خالقها وقدرته التامة. مناسبة ذكر الحديثين في الباب: أنهما يدلان على عظمة الله وكمال قدرته وقوة سلطانه. ما يستفاد من الحديثين: ص -433- 1- أن الكرسي أكبر من السماوات، وأن العرش أكبر من الكرسي. 2- عظمة الله وكمال قدرته. 3- أن العرش غيرُ الكرسي. 4- الرد على من فسّر الكرسي بالمُلك أو العلم. ص -434- وعن ابن مسعود –رضي الله عنه- قال: "بين السماء الدنيا والتي تليها خمسمائة عام، وبين كل سماء خمسمائة عام، وبين السماء السابعة والكرسي خمسمائة عام، وبين الكرسي والماء خمسمائة عام، والعرش فوق الماء، والله فوق العرش، لا يخفى عليه شيء من أعمالكم". أخرجه ابن مهدي عن حماد بن سلمة عن عاصم عن زرّ عن عبد الله. ورواه بنحوه عن المسعوديّ عن عاصم عن أبي وائل عن عبد الله. قاله الحافظ الذهبي رحمه الله، قال: وله طرق. وعن العباس بن عبد المطلب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "هل تدرون كم بين السماء والأرض؟" قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: "بينهما مسيرة خمسمائة سنة، وبين كل سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة سنة، وكِثَفُ كل سماء مسيرة خمسمائة سنة، وبين السماء السابعة والعرش بحرٌ، بين أسفله وأعلاه كما بين السماء والأرض، والله فوق ذلك؛ لا يخفى عليه شيء من أعمال بني آدم""1". رواه أبو داود وغيره. هل تدرون؟: أخرج الأخبار بصيغة الاستفهام؛ ليكون أبلغ في "1" أخرجه أبو داود برقم "4723"، والترمذي برقم "3317"، وابن ماجه برقم "193"، وأحمد في مسنده "1/206، 207". ص -435- النفوس. الله ورسوله أعلم: إسناد العلم إلى الرسول –صلى الله عليه وسلم- إنما يكون في حياته، أما بعد وفاته فيقال: الله أعلم فقط. كثف كل سماء: الكثف هو: السمك والغلظ. المعنى الإجمالي للحديث: يخبر –صلى الله عليه وسلم- عن المخلوقات العلوية، من حيث عظمتها وسعتها وتباعد ما بين أجرامها، فيخبر أن السماوات سبع طباقٍ بعضُها فوق بعض، وأن مسافة ارتفاعها عن الأرض مسيرة خمسمائة عام، وبين كل سماء والتي تليها مسافة خمسمائة عام، وسمك كل سماء مسيرة خمسمائة عام، وفوق السماء السابعة الكرسي، وفوق الكرسي البحر، بينه وبينه مسيرة خمسمائة عام، وعمق البحر كما بين السماء والأرض، وفوق البحر العرش، والله فوق العرش لا يخفى عليه شيءٌ من أعمال بني آدم. مناسبة هذين الحديثين للباب: بيان عظمة الله سبحانه وقدرته الباهرة وعلوه على مخلوقاته وعلمه بأحوالهم. ما يستفاد من الحديثين: 1- فيهما بيان عظمة الله وقدرته ووجوب إفراده بالعبادة. 2- فيهما بيان صفة الأجرام العلوية وعظمتها واتِّساعها وتباعد أقطارها. 3- فيها الرد الواضح على أهل النظريات الحديثة الذين لا يؤمنون بوجود السماوات والكرسيّ والعرش ويزعمون أن الكون العلوي فضاءٌ وكواكبٌ فقط. 4- فيهما إثبات علو الله على خلقه بذاته المقدسة؛ خلاف ما تزعمه ص -436- الجهمية والمعتزلة والأشاعرة الذين ينفون علو الله على خلقه. 5- فيها إثبات علم الله المحيط بكل شيء مع علوه فوق مخلوقاته. 6- فيها مشروعية بيان هذه الحقائق العظيمة للناس؛ ليعرفوا عظمة الله وقدرته والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه. المصدر : http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf اسال الله ان ينفع بها الجميع |
#69
|
|||
|
|||
تعديل الرابط
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الملخص في شرح كتاب التوحيد لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - التحميل المباشر : http://waqfeya.com/book.php?bid=1980 رابط تحميل الكتاب : http://www.archive.org/download/emsktemskt2/mskt.pdf التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 01-02-2015 الساعة 01:29PM |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
[جمع] الجمع الثمين لكلام أهل العلم في المصرّين على المعاصي والمدمنين | أبو عبد الودود عيسى البيضاوي | منبر التوحيد وبيان ما يضاده من الشرك | 0 | 13-09-2011 09:33PM |
أقوال العلماء السلفيين في حكم من حكَّم القوانين | أبو حمزة مأمون | منبر التحذير من الخروج والتطرف والارهاب | 0 | 10-06-2010 01:51AM |
(الشيخ ربيع بين ثناء العلماء ووقاحة السفهاء) | أبوعبيدة الهواري الشرقاوي | منبر الجرح والتعديل | 0 | 21-12-2008 12:07AM |
مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد | أبو عبد الرحمن السلفي1 | منبر التوحيد وبيان ما يضاده من الشرك | 4 | 08-11-2007 12:07PM |
صحيح المقال في مسألة شد الرحال (رد على عطية سالم ) | ماهر بن ظافر القحطاني | منبر البدع المشتهرة | 0 | 12-09-2004 12:02PM |