|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | التقييم: | انواع عرض الموضوع |
#61
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 53 ) فصل وقد دخل فيما ذكرناه من الإيمان بالله الإيمان بما أخبر الله به في كتابه وتواتر عن رسوله وأجمع عليه سلف الأمة من أنه سبحانه فوق سماواته على عرشه علي على خلقه، وهو سبحانه معهم أينما كانوا يعلم ما هم عاملون. كما جمع بين ذلك في قوله: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} وليس معنى قوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ} أنه مختلط بالخلق فإن هذا لا توجبه اللغة. وهو خلاف ما أجمع عليه سلف الأمة. وخلاف ما فطر الله عليه الخلق، بل القمر آية من آيات الله من أصغر مخلوقاته وهو موضوع في السماء وهو مع المسافر وغير المسافر أينما كان، وهو سبحانه فوق عرشه رقيب على خلقه مهيمن عليهم مطلع عليهم إلى غير ذلك من معاني ربوبيته. [ الشرح ]: خصص المصنف ـ رحمه الله ـ هاتين المسألتين: (الاستواء على العرش ومعيته للخلق) بالتنبيه ليزيل الإشكال فقد يتوهم وجود التنافي بينهما فقد يظن الظان أن ذلك مثل صفات المخلوقين وأنه مختلط بهم فكيف يكون فوق خلقه مستويًا على عرشه، ويكون مع خلقه قريبًا منهم بدون مخالطة. والجواب عن هذه الشبهة، كما وضحه الشيخ ـ رحمه الله ـ من وجوه: الوجه الأول: أن هذا لا توجبه لغة العرب التي نزل بها القرآن الكريم. فإن كلمة (مع) في اللغة لمطلق المصاحبة لا تفيد اختلاطًا وامتزاجًا ولا مجاورة ولا مماسة. فإنك تقول: زوجتي معي، وأنت في مكان وهي في مكان آخر. وتقول: ما زلنا نسير والقمر معنا، وهو في السماء ويكون مع المسافر وغير المسافر أينما كان. وإذا صح أن يقال هذا في حق القمر وهو مخلوق صغير، فكيف لا يقال في حق الخالق الذي هو أعظم من كل شيء؟. الوجه الثاني: أن هذا القول خلاف ما أجمع عليه سلف الأمة من الصحابة والتابعين وتابعيهم (وهم القرون المفضلة) الذين هم القدوة، فقد أجمعوا على أن الله مستو على عرشه عال على خلقه بائن منهم، وأجمعوا على أنه مع خلقه بعلمه سبحانه وتعالى. كما فسروا قوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ} بذلك. الوجه الثالث: أن هذا خلاف ما فطر الله عليه الخلق، أي: ركزه في فطرهم. فإن الخلق فطروا على الإقرار بعلو الله سبحانه على خلقه فإن الخلق يتجهون إلى الله عند الشدائد والنوازل نحو العلو لا تلتفت يمنة ولا يسرة من غير أن يرشدهم إلى ذلك أحد، وإنما ذلك موجب الفطرة التي فطر الله الناس عليها. الوجه الرابع: أن هذا خلاف ما أخبر الله به في كتابه وتواتر عن رسوله من أنه سبحانه وتعالى على عرشه علي على خلقه وهو معهم أينما كانوا. والمتواتر من النصوص: هو ما رواه جماعة تحيل العادة تواطؤهم على الكذب عن مثلهم من الابتداء إلى الانتهاء) والآيات والأحاديث في هذا كثيرة منها الآية التي ذكرها المصنف ـ رحمه الله ـ والله أعلم. وقول المصنف ـ رحمه الله ـ: (وهو سبحانه فوق عرشه رقيب على خلقه مهيمن عليهم مطلع عليهم) تقرير وتأكيد لما سبق من ذكر علوه على عرشه وكونه مع خلقه بذكر اسمين من أسمائه سبحانه وهما (الرقيب والمهيمن). قال الله تعالى: {إن الله كان عليكم رقيبًا} والرقيب هو المراقب لأحوال عباده وفي ذلك دلالة على قربه منهم. وقال تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ} والمهيمن هو: الشاهد على خلقه المطلع على أعمالهم الرقيب عليهم. (إلى غير ذلك من معاني ربوبيته)، أي: أن مقتضى ربوبيته سبحانه أن يكون فوق خلقه بذاته ويطلع على أعمالهم ويكون قريبًا منهم بعلمه وإحاطته يصرف شؤونهم ويحصي أعمالهم ويجازيهم عليها. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#62
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 54 ) [ المتن ] : ما يجب اعتقاده في علوه ومعيته سبحانه ومعنى كونه سبحانه: (في السماء) وأدلة ذلك وكل هذا الكلام الذي ذكره الله من أنه فوق العرش وأنه معنا حق على حقيقته لا يحتاج تحرف، ولكن يصان عن الظنون الكاذبة مثل أن يظن أن ظاهر قوله: {فِي السَّمَاء} أن السماء تقله أو تظله وهذا باطل بإجماع أهل العلم والإيمان فإن الله قد {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} وهو الذي {يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَن تَزُولا} {وَيُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} {وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاء وَالأَرْضُ بِأَمْرِهِ}. [ الشرح ]: يبين الشيخ ـ رحمه الله ـ ما يجب اعتقاده بالنسبة لما أخبر الله به عن نفسه من كونه فوق العرش وهو معنا، أنه يجب الإيمان به كما أخبر الله، ولا يجوز تأويله وصرفه عن ظاهره كما يفعله المعطلة من الجهمية والمعتزلة وأشباههم فيزعمون أن ذلك ليس حقيقة وإنما هو مجاز فيؤولون الاستواء على العرش بالاستيلاء على الملك وعلو الله على خلقه بعلو قدره وقهره ونحو ذلك من التأويلات الباطلة التي هي تحريف لكلام الله عن مواضعه. ومنهم من يقول: إن معنى كونه معنا أنه حال في كل مكان، كما تقوله حلولية الجهمية وغيرهم، تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا. وقوله: (ولكن يصان عن الظنون الكاذبة مثل أن يظن ظاهر قوله: {فِي السَّمَاء} أن السماء تقله أو تظله) تقله: أي تحمله. وتظله: أي تستره، والظلة: الشيء الذي يظلك من فوقك. وليس هذان المعنيان مرادين في كونه سبحانه في السماء. ومن ظن ذلك فقد أخطأ غاية الخطأ وذلك لأمرين: الأمر الأول: أن هذا خلاف ما أجمع عليه أهل العلم والإيمان فقد أجمعوا على أنه سبحانه فوق عرشه بائن من خلقه ليس في ذاته شيء من مخلوقاته، ولا في مخلوقاته شيء من ذاته. وقد تقدم الكلام في تفسير قوله تعالى: {أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء} وأنه إن أريد بالسماء السماء المبنية (ففي) بمعنى (على) أي: على السماء كقوله: {لأصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} أي: على جذوع النخل. وإن أريد بالسماء العلو كان المعنى (في السماء) أي: في العلو والله أعلم. الأمر الثاني: أن هذا الظن مخالف ومصادم لأدلة القرآن الدالة على عظمة الله وغناه عن خلقه وحاجة خلقه وحاجة خلقه إليه، كما في قوله تعالى: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} والكرسي مخلوق عظيم بين يدي العرش وهو أعظم من السموات والأرض والعرش أعظم منه، فإذا كانت السموات والأرض أصغر من الكرسي والكرسي أصغر من العرش. والله أعظم من كل شيء فكيف تحويه السماء أو تقله أو تظله؟. وكذلك قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَن تَزُولا} {وَيُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} {وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاء وَالأَرْضُ بِأَمْرِهِ} فهذه الآيات تدل على أن السموات والأرض بحاجة إليه فهو الذي يمسكها أن تزول أو تقع ويكون قيامها بأمره وحده. فلا يعقل مع هذا أن يكون سبحانه بحاجة إليها لتقله أو تظله، تعالى الله عن هذا الظن الباطل علوًا كبيرًا. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf التصفية والتربية TarbiaTasfia@ |
#63
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 55 ) [ المتن ] : وجوب الإيمان بقربه من خلقه وأن ذلك لا ينافي علوه وفوقيته فصل قال ـ رحمه الله ـ: وقد دخل في ذلك الإيمان بأنه قريب مجيب، كما جمع بين ذلك في قوله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ (إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته). وما ذكر في الكتاب والسنة من قربه ومعيته لا ينافي ما ذكر من علوه وفوقيته فإنه سبحانه ليس كمثله شيء في جميع نعوته. وهو علي في دنوه قريب في علوه. [ الشرح ]: لما قرر المصنف وجوب الإيمان بعلو الله سبحانه على خلقه واستوائه على عرشه نبه في هذا الفصل إلى أنه يجب مع ذلك الإيمان بأنه قريب من خلقه وقوله: (وقد دخل في ذلك) أي: في الإيمان بالله (الإيمان بأنه قريب) أي: من خلقه (مجيب) لدعائهم (كما جمع بين ذلك) أي: بين القرب والإجابة في قوله: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي } ورد في سبب نزول هذه الآية. أن رجلًا جاء إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: يا رسول الله أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه؟ فسكت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ. فنزلت هذه الآية(_). {فإني قريب} من الداعي {أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}. وهذا يدل على الإرشاد إلى المناجاة في الدعاء بدون رفع الصوت، كما في قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته) سبق شرحه. وفي هذه الآية وهذا الحديث دلالة على قرب الله تعالى من الداعي بإجابته وهذا القرب لا يناقض علوه، ولهذا قال مصنف: (وما ذكر في الكتاب والسنة من قربه ومعيته لا ينافي ما ذكر من علوه وفوقيته) لأن الكل حق والحق لا يتناقض ولأن الله تعالى: [ليس كمثله شيء في جميع نعوته] أي: صفاته، فلا يقال: إذا كان فوق خلقه فكيف يكون معهم؟ لأن هذا السؤال ناشئ عن تصور خاطئ هو قياسه سبحانه بخلقه وهذا قياس باطل، لأن الله سبحانه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}. فالقرب والعلو يجتمعان في حقه لعظمته وكبريائه وإحاطته وأن السموات السبع في يده كخردلة في يد العبد، فكيف يستحيل في حق من هذا بعض عظمته أن يكون فوق عرشه ويقرب من خلقه كيف يشاء وهو على العرش. (وهو علي في دنوه قريب في علوه) سبحانه وتعالى كما دلت على ذلك نصوص الكتاب والسنة، وأجمع عليه علماء الملة وهو من خصائصه سبحانه (علي في دنوه) أي: في حال قربه من خلقه (قريب في علوه) أي: قريب من خلقه في حال علوه على عرشه. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#64
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 56 ) [ المتن ] : وجوب الإيمان بأن القرآن كلام الله حقيقة فصل قال ـ رحمه الله ـ: ومن الإيمان بالله وكتبه الإيمان بأن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود وأن الله تكلم به حقيقة. وأن هذا القرآن الذي أنزله على محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو كلام الله حقيقة لا كلام غيره. ولا يجوز إطلاق القول بأنه حكاية عن كلام الله أو عبارة. بل إذا قرأه الناس أو كتبوه في المصاحف لم يخرج بذلك عن أن يكون كلام الله تعالى حقيقة. فإن الكلام إنما يضاف حقيقة إلى من قاله مبتدئًا لا إلى من قاله مبلغًا مؤديًا. وهو كلام الله حروفه ومعانيه. ليس كلام الله الحروف دون المعاني، ولا المعاني دون الحروف. [ الشرح ]: من أصول الإيمان: الإيمان بالله والإيمان بكتبه. كما سبق ويدخل في هذين الأصلين الإيمان بأن القرآن كلام الله. فالإيمان بالله ـ عز وجل ـ يتضمن الإيمان بصفاته، وكلامه من صفاته فإن الله تعالى موصوف بأنه يتكلم بما يشاء إذا شاء لم يزل ولا يزال يتكلم وكلامه لا ينفد، ونوع الكلام في حقه أزلي أبدي ومفرداته لا تزال تقع شيئًا فشيئًا حسب حكمته تعالى. ومن كلامه القرآن العظيم الذي هو أعظم كتبه، فهو داخل في الإيمان بكتبه دخولًا أوليًا وهو منزل منه سبحانه، فهو تكلم به وأنزل على رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فهو (منزل غير مخلوق) لأنه صفة من صفاته أضافه إلى نفسه إضافة الصفة إلى موصوفها، وصفاته غير مخلوقه فكلامه غير مخلوق. وقد خالف في هذا طوائف، ذكر الشيخ ـ رحمه الله ـ هنا مقاله بعضهم فذكر: 1 ـ مقالة الجهمية حيث يقولون: إن الله لا يتكلم وإنما خلق كلامًا في غيره وجعله يعبر عنه، فإضافة الكلام عندهم إلى الله مجاز لا حقيقة لأنه خلق الكلام فهو متكلم بمعنى خالق الكلام في غيره. وهذا القول باطل مخالف للأدلة السمعية والعقلية، ومخالف لقول السلف وأئمة المسلمين فإنه لا يعقل أن يسمى متكلمًا إلا من قام به الكلام حقيقة فكيف يقال: قال الله والقائل غيره؟ وكيف يقال: كلام الله وهو كلام غيره؟!. وقول المصنف: (منه بدأ وإليه يعود وأن الله تكلم به حقيقة وأن هذا القرآن الذي أنزله على محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو كلام الله حقيقة لا كلام غيره) قصده بهذا الرد على الجهمية الذين يقولون إن القرآن بدأ من غيره وأن الله لم يتكلم به حقيقة بل مجازًا، وهو كلام غيره أضيف إليه لأنه خالقه. ومعنى قوله: (منه بدأ) أن القرآن بدأ وخرج من الله تعالى وتكلم به. (ومن) لابتداء الغاية وقوله: (وإليه يعود) أي: أن القرآن يرجع إلى الله تعالى لأنه يرفع في آخر الزمان فلا يبقى منه شيء في الصدور ولا في المصاحف، وذلك من علامات الساعة، أو معنى ذلك أنه ينسب إليه. 2 ـ ثم ذكر الشيخ ـ رحمه الله ـ هنا مقالة الكلابية (أتباع عبد الله بن سعيد بن كلاب) في القرآن أنه حكاية عن كلام الله، لأن كلام الله عندهم هو المعنى القائم في نفسه لازم لذاته كلزوم الحياة والعلم، لا يتعلق بمشيئته وإرادته. وهذا المعنى القائم في نفسه غير مخلوق وهذه الألفاظ المكونة من حروف وأصوات مخلوقة وهي حكاية لكلام الله وليست هي كلامه. 3 ـ وذكر مقالة الأشاعرة (أتباع أبي الحسن الأشعري) أن القرآن عبارة عن كلام الله، لأن كلام الله عندهم معنى قائم في نفسه، وهذا المعنى غير مخلوق. أما هذه الألفاظ المقروءة فهي عبارة عن ذلك المعنى القائم بالنفس وهي مخلوقة ولا يقال إنها حكاية عنه. وبعض العلماء يقول: إن الخلاف بين الكلابية والأشاعرة خلاف لفظي لا طائل تحته، فالأشاعرة والكلابية يقولون: القرآن نوعان: ألفاظ ومعان، فالألفاظ مخلوقة هي هذه الألفاظ الموجودة، والمعاني قديمة قائمة بالنفس وهي معنى واحد لا تبعض فيه ولا تعدد. وعلى كل حال فالقولان إن لم يكونا متفقين فهما متقاربان. وقد أشار الشيخ ـ رحمه الله ـ إلى بطلان هذين القولين بقوله: (ولا يجوز إطلاق القول بأنه حكاية عن كلام الله) أي: كما تقول الكلابية (أو عبارة عنه) كما تقول الأشاعرة (بل إذا قرأه الناس أو كتبوه في المصاحف لم يخرج بذلك عن أن يكون كلام الله حقيقة) أي: أن القرآن العظيم كلام الله ألفاظه ومعانيه أين وجد، سواء حفظ في الصدور أو تلي بالألسنة أو كتب في المصاحف لا يخرج بذلك عن أن يكون كلام الله تعالى حقيقة. ثم ذكر الشيخ ـ رحمه الله ـ دليل ذلك فقال: (فإن الكلام إنما يضاف حقيقة إلى من قاله مبتدئًا لا إلى من قاله مبلغًا مؤديًا) فإن المبلغ المؤدي إنما يسمى واسطة فقط. قال تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ} الآية (6) من سورة التوبة. والسماع المذكور في هذه الآية إنما يكون بواسطة المبلغ وسمي المسموع كلام الله، فدل على أن الكلام إنما يضاف إلى من قاله مبتدئًا. 4 ـ ثم ذكر الشيخ ـ رحمه الله ـ مقالة المعتزلة، حيث يقولون: إن كلام الله الحروف دون المعاني فيقولون: إن مسمى القول والكلام عند الإطلاق اسم للفظ فقط، والمعنى ليس جزء مسماه بل مدلول مسماه. ثم ذكر ـ رحمه الله ـ المذهب المقابل لذلك فقال: (ولا المعاني دون الحروف) كما هو مذهب الكلابية والأشاعرة وكما سبق شرحه. والمذهب الحق أن القرآن كلام الله حروفه ومعانيه كما هو قول أهل السنة والجماعة، وهو الذي قامت عليه الأدلة من الكتاب والسنة والحمد لله رب العالمين. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf التصفية والتربية TarbiaTasfia@ |
#65
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 57 ) [ المتن ] : وجوب الإيمان برؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة ومواضع الرؤية فصل قال ـ رحمه الله ـ: وقد دخل أيضًا فيما ذكرناه من الإيمان به وبكتبه وملائكته وبرسله الإيمان بأن المؤمنين يرونه يوم القيامة عيانًا بأبصارهم، كما يرون الشمس صحوا ليس دونها سحاب، وكما يرون القمر ليلة البدر لا يضامون في رؤيته. يرونه سبحانه وهم في عرصات القيامة. ثم يرونه بعد دخول الجنة كما يشاء الله. [ الشرح ]: وجه دخول الإيمان بالرؤية في الإيمان بالله وبكتبه وبرسله أن الله سبحانه أخبر بها في ككتابه وأخبر بها رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فمن لم يؤمن بها كان مكذبًا لله ولكتبه ولرسله، فإن الذي يؤمن بالله وكتبه ورسله يؤمن بكل ما أخبروا به وقوله: (عيانًا) بكسر العين أي: رؤية محققة لا خفاء فيها، فليست مجازًا كما تقوله المعطلة (كما يرن الشمس صحوًا ليس دونها سحاب وكما يرون القمر ليلة البدر لا يضامون في رؤيته) أي: رؤية حقيقية لا مشقة فيها كما دلت على ذلك الآيات والأحاديث التي سبق شرحها. وقوله: (يرونه سبحانه وهم في عرصات القيامة ثم يرونه بعد دخول الجنة) هذا بيان للمواضع التي تحصل فيها الرؤية. وذلك في موضعين: الموضع الأول: في عرصات القيامة، والعرصات جمع عرصة وهي الموضع الواسع الذي لا بناء فيه، وعرصات القيامة: مواقف الحساب. وهل يختص المؤمنون برؤيته في هذا الموضع؟ في المسألة ثلاثة أقوال. قيل: يراه في عرصات القيامة المؤمنون والمنافقون والكفار. وقيل: يراه المؤمنون والمنافقون فقط دون الكفار وقيل: يراه المؤمنون فقط. والله أعلم. الموضع الثاني: يراه المؤمنون بعد دخولهم الجنة كما ثبت ذلك في الأدلة من الكتاب والسنة، وسبق ذكر بعض تلك الأدلة مشروحة، وسبق ذكر شبه من نفى الروية مع الرد عليها، والجنة في اللغة: البستان، والمراد بها هنا: الدار التي أعدها الله لأوليائه وهي دار النعيم المطلق الكامل. وقول الشيخ: (كما يشاء الله) أي: من غير إحاطة. ولا تكييف لرؤيته. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf التصفية والتربية TarbiaTasfia@ |
#66
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 58 ) [ المتن ] : ما يدخل في الإيمان باليوم الآخر فصل 1 ـ ما يكون في القبر قال ـ رحمه الله ـ: ومن الإيمان باليوم الآخر الإيمان بكل ما أخبر به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مما يكون بعد الموت، فيؤمنون بفتنة القبر وبعذاب القبر ونعيمه. فأما الفتنة فإن الناس يفتنون في قبورهم فيقال للرجل: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟. فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة. فيقول المؤمن: ربي الله والإسلام ديني ومحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ نبيي. وأما المرتاب فيقول: هاه هاه، لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته. فيضرب بمرزبة من حديد، فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الإنسان، ولو سمعها الإنسان لصعق. ثم بعد هذه الفتنة إما نعيم وإما عذاب. [ الشرح ]: اليوم الآخر هو يوم القيامة والإيمان به أحد أركان الإيمان، وقد دل عليه العقل والفطرة، وصرحت به جميع الكتب السماوية ونادى به جميع الأنبياء والمرسلين. وسمي باليوم الآخر لتأخره عن الدنيا. وقد ذكر الشيخ ـ رحمه الله ـ هنا ضابطًا شاملًا لمعنى الإيمان باليوم الآخر بأنه الإيمان بكل ما أخبر به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مما يكون بعد الموت، فيدخل فيه الإيمان بكل ما دلت عليه النصوص من حالة الاحتضار وحالة الميت في القبر والبعث من القبور وما يحصل بعده. ثم أشار الشيخ ـ رحمه الله ـ إلى أشياء من ذلك. منها ما يكون في القبر فقال: (فيؤمنون بفتنة القبر وبعذاب القبر ونعيمه) فذكر أمرين: الأمر الأول: فتنة القبر، والفتنة لغة: الامتحان والاختبار، والمراد بها هنا سؤال الملكين للميت، ولهذا قال: (فأما الفتنة فإن الناس يفتنون في قبورهم فيقال للرجل) أي: الميت سواء كان رجلًا أو امرأة، ولعل ذكر الرجل من باب التغليب. ثم ذكر الأسئلة التي توجه إلى الميت، وما يجيب به المؤمن، وما يجيب به غير المؤمن وما يكون بعد هذه الإجابة من نعيم أو عذاب. والإيمان بسؤال الملكين واجب لثبوته عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أحاديث يبلغ مجموعها حد التواتر. ويدل على ذلك القرآن الكريم في قوله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاء} سورة إبراهيم الآية (27) فقد أخرج الشيخان من حديث البراء بن عازب ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال في قوله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} نزلت في عذاب القبر. زاد مسلم: (يقال له: من ربك؟ فيقول ربي الله ونبيي محمد) فذلك قوله: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ}، والقول الثابت هو كلمة التوحيد التي ثبتت في قلب المؤمن بالحجة والبرهان، وتثبيت المؤمنين بها في الدنيا أنهم يتمسكون بها ولو نالهم في سبيلها ما نالهم من الأذى والتعذيب. وتثبيتهم بها في الآخرة توفيقهم للجواب عند سؤال الملكين. وقوله: (وأما المرتاب) أي: الشاك (فيقول) إذا سئل: (هاه هاه) كلمة تردد وتوجع، (لا أدري سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته) لأنه غير مؤمن بما جاء به الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيستعجم عليه الجواب، ولو كان من أعلم الناس وأفصحهم كما قال تعالى: {وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ} فيضرب بمرزبة من حديد وهي المطرقة الكبيرة (فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الإنسان لصعق) أي: خر ميتًا أو غشي عليه، ومن حكمة الله أيضًا أن ما يجري على الميت في قبره لا يحس به الأحياء، لأن الله تعالى جعله من الغيب، ولو أظهره لفاتت الحكمة المطلوبة وهي الإيمان بالغيب. الأمر الثاني: مما يجري على الميت في قبره ما أشار إليه الشيخ بقوله: (ثم بعد الفتنة إما نعيم وإما عذاب إلى أن تقوم القيامة الكبرى) هذا فيه إثبات عذاب القبر أو نعيمه. ومذهب أهل السنة والجماعة أن الميت إذا مات يكون في نعيم أو عذاب، وأن ذلك يحصل لروحه وبدنه كما تواترت به الأحاديث عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيجب الإيمان به ولا يتكلم في كيفيته وصفته لأن ذلك لا تدركه العقول، لأنه من أمور الآخرة، وأمور الآخرة لا يعلمها إلا الله، ومن أطلعهم الله على شيء منه وهم الرسل ـ صلوات الله سلامه عليهم ـ. وأنكر عذاب القبر المعتزلة، وشبهتهم في ذلك أنهم لا يدركونه ولا يرون الميت يعذب ولا يسأل. والجواب عن ذلك: أن عدم إدراكنا ورؤيتنا للشيء لا يدل على عدم وجوده ووقوعه، فكم من أشياء لا نراها وهي موجودة، ومن ذلك عذاب القبر أو نعيمه. وأن الله تعالى جعل أمر الآخرة وما كان متصلًا بها غيبًا وحجبها عن إدراك العقول في هذه الدار ليتميز الذين يؤمنون بالغيب من غيرهم. وأمور الآخرة لا تقاس بأمور الدنيا. والله أعلم. وعذاب القبر على نوعين: النوع الأول: عذاب دائم وهو عذاب الكافر. كما قال تعالى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} سورة غافر الآية (46). النوع الثاني: يكون إلى مدة ثم ينقطع وهو عذاب بعض العصاة من المؤمنين فيعذب بحسب جرمه ثم يخفف عنه. وقد ينقطع العذاب بسبب دعاء أو صدقة أو استغفار. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#67
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 58 ) [ المتن ] : 2 ـ القيامة الكبرى وما يجري فيها إلى أن تقوم القيامة الكبرى فتعاد الأرواح إلى الأجساد. وتقوم القيامة التي أخبر الله بها في كتابه وعلى لسان رسوله، وأجمع عليها المسلمون، فيقوم الناس من قبورهم لرب العالمين حفاة عراة غرلًا. الشرح : أشار الشيخ ـ رحمه الله ـ في هذا وما بعده إلى ما يكون في الدار الآخرة وهي التي تبدأ بالقيامة الكبرى. فإن الدور ثلاث: دار الدنيا. ودار البرزخ. والدار الآخرة. وكل دار من هذه الدور الثلاث لها أحكام تخصها. وحوادث تجري فيها، وقد تكلم الشيخ على ما يكون في دار البرزخ. وهنا أخذ يتكلم على ما يكون في الدار الآخرة فيقول: (إلى أن تقوم القيامة الكبرى) القيامة قيامتان: قيامة صغرى وهي الموت. وهذه القيامة تقوم على كل إنسان في خاصته من خروج روحه وانقطاع سعيه. وقيامة كبرى، وهذه تقوم على الناس جميعًا وتأخذهم أخذة واحدة. وسميت قيامة لقيام الناس من قبورهم لرب العالمين. ولهذا قال: (فتعاد الأرواح إلى الأجساد) وذلك عندما ينفخ إسرافيل في الصور قال تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا} الآيتان (51 ـ 52) من سورة يس. وقال تعالى: {ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ} الآية (68) من سورة الزمر. والأرواح: جمع روح، وهي ما يحيا به الإنسان وغيره من ذوات الأرواح، ولا يعلم حقيقتها إلا الله قال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} الآية (85) الإسراء. وقوله: (وتقوم القيامة التي أخبر الله بها في كتابه وعلى لسان رسوله وأجمع عليها المسلمون) إشارة إلى أدلة البعث، وأنه ثابت بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين والعقل والفطر السليمة. فقد أخبر الله عنه في كتابه وأقام الدليل عليه، ورد على المنكرين للبعث في غالب سور القرآن. ولما كان نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ خاتم النبيين بين تفاصيل الآخرة بيانًا لا يوجد في كثير من كتب الأنبياء. والجزاء على الأعمال ثابت بالعقل وواقع في الشرع، فإن الله نبه العقول إلى ذلك في مواضع كثيرة من القرآن حيث ذكرها أنه لا يليق بحكمته وحمده أن يترك الناس سدى أو يخلقهم عبثًا لا يؤمرون ولا ينهون ولا يثابون ولا يعاقبون. وأن يكون المحسن كالمسيء أو يجعل المسلمين كالمجرمين. فإن بعض المحسنين يموت قبل أن يجزى على إحسانه. وبعض المجرمين يموت قبل أن يجازى على إجرامه. فلابد أن هناك دارًا يجازى فيها كل منهما. ومنكر البعث كافر. كما قال تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا} الآية (7) التغابن. وقوله: (فيقوم الناس من قبورهم حفاة): جمع حاف وهو الذي ليس على رجله نعل ولا خف (عراة): جمع عار، وهو الذي ليس عليه لباس (غرلًا): جمع أغرل وهو الأقلف الذي لم يختن، وهذه الصفات الثلاث يكونون عليها حين قيامهم من قبورهم، وهذا ثابت في الصحيح عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ففي الصحيحين عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: إنكم تحشرون إلى الله يوم القيامة حفاة عراة غرلًا) الحديث. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#68
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 59 ) [ المتن ] : ما يجري في يوم القيامة وتدنو منهم الشمس ويلجمهم العرق فتنصب الموازين فتوزن بها أعمال العباد: {فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ} وتنشر الدواوين، وهي صحائف الأعمال. فآخذ كتابه بيمينه وآخذ كتابه بشماله أو من وراء ظهره. كما قال سبحانه وتعالى: {وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} ويحاسب الله الخلائق ويخلو بعبده المؤمن فيقرره بذنوبه، كما وصف ذلك في الكتاب والسنة. وأما الكفار فلا يحاسبون محاسبة من توزن حسناته وسيئاته، فإنهم لا حسنات لهم، ولكن تعد أعمالهم فتحصى فيوقفون عليها ويقررون بها. [ الشرح ]: ذكر الشيخ ـ رحمه الله ـ في هذا الكلام بعض ما يجري في يوم القيامة مما ذكر في الكتاب والسنة. فإن تفاصيل ما يجري في هذا اليوم مما لا يدرك بالعقل، وإنما يدرك بالنقول الصحيحة عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي لا ينطق عن الهوى {إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} ومن الحكمة في محاسبة الخلائق على أعمالهم ووزنها وظهورها مكتوبة في الصحف مع إحاطة علم الله بذلك، ليرى عباده كمال حمده وكمال عدله وسعة رحمته وعظمة ملكه. وذكر الشيخ مما يجري في هذا اليوم العظيم على العباد: 1 ـ (أنها تدنو منهم الشمس) أي: تقرب من رؤوسهم كما روى مسلم عن المقداد ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: (إذا كان يوم القيامة أدنيت الشمس من العباد حتى تكون قدر ميل أو ميلين) قوله: (ويلجمهم العرق) أي: يصل إلى أفواههم، فيصير بمنزلة اللجام يمنعهم من الكلام وذلك نتيجة لدنو الشمس منهم، وذلك بالنسبة لأكثر الخلق، ويستثنى من ذلك الأنبياء ومن شاء الله. 2 ـ ومما ذكر في هذا اليوم قوله: (وتنصب الموازين وتوزن بها الأعمال) الموازين: جمع ميزان، وهو الذي توزن به الحسنات والسيئات، وهو ميزان حقيقي له لسان وكفتان، وهو من أمور الآخرة نؤمن به كما جاء ولا نبحث عن كيفيته إلا على ضوء ما ورد من النصوص. والحكمة في وزن الأعمال إظهار مقاديرها ليكون الجزاء بحسبه {فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} أي: رجحت حسناته على سيئاته {فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} أي: الفائزون والناجون من النار المستحقون لدخول الجنة. {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ} أي: ثقلت سيئاته على حسناته {فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُم} أي: خابوا وصاروا إلى النار {فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ} أي: ماكثون في النار. والشاهد من الآية الكريمة: أن فيها إثبات الموازين والوزن يوم القيامة. وقد ورد ذكر الوزن والموازين في آيات كثيرة من القرآن، وقد أفاد مجموع النصوص أنه يوزن العامل والعمل والصحف، ولا منافاة بينها فالجميع يوزن، ولكن الاعتبار في الثقل والخفة يكون بالعمل نفسه لا بذات العامل ولا بالصحيفة والله أعلم. وقد تأول المعتزلة النصوص في ذلك على أن المراد بالوزن والميزان العدل، وهذا تأويل فاسد مخالف للنصوص وإجماع سلف الأمة وأئمتها. قال الشوكاني: وغاية ما تشبثوا به مجرد الاستبعادات العقلية، وليس في ذلك حجة على أحد. فهذا إذا لم تقبله عقولهم فقد قبلته عقول قوم هي أقوى من عقولهم من الصحابة والتابعين وتابعيهم، حتى جاءت البدع كالليل المظلم، وقال كل ما شاء وتركوا الشرع خلف ظهورهم. اه ـ. وأمور الآخرة ليست مما تدركها العقول والله أعلم. 3 ـ ومما ذكره الشيخ من حوادث هذا اليوم العظيم قوله: (وتنشر الدواوين وهي صحائف الأعمال) أي: الصحائف التي كتبت فيها أعمال العباد التي عملوها في الدنيا وكتبتها عليهم الحفظة لأنها تطوى عند الموت وتنشر. أي: تفتح عند الحساب ليقف كل إنسان على صحيفته فيعلم ما فيها، (فآخذ كتابه بيمينه وآخذ ككتابه بشماله أو من وراء ظهره) هذا فيه بيان كيفية أخذ الناس لصحفهم كما جاء ذلك في القرآن الكريم على نوعين: آخذ كتابه بيمينه، وهو المؤمن، وآخذ كتابه بشماله أو من وراء ظهره وهو الكافر. بأن تلوى يده اليسرى من وراء ظهره ويعطى كتابه بها. كما جاءت الآيات بهذا وهذا ولا منافاة بينهما لأن الكافر تغل يمناه إلى عنقه وتجعل يسراه وراء ظهره فيأخذ بها كتابه. ثم استدل الشيخ بقوله تعالى: { وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ } الآية. وطائره: ما طار عنه من عمله من خير وشر (في عنقه) أي: يلزم به ويجازى به لا محيد له عنه، فهو لازم له لزوم القلادة في العنق. {وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا} أي: نجمع له عمله كله في كتاب يعطاه يوم القيامة، إما بيمينه إن كان سعيدًا، أو بشماله إن كان شقيًا، {مَنشُورًا} أي: مفتوحًا يقرؤه هو وغيره. وإنما قال سبحانه: {يَلْقَاهُ مَنشُورًا} تعجيلًا للبشرى بالحسنة والتوبيخ على السيئة {اقْرَأْ كَتَابَكَ} أي: نقول له ذلك. قيل: يقرأ ذلك الكتاب من كان قارئًا ومن لم يكن قارئًا {كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} أي: حاسبًا، وهو منصوب على التمييز. وهذا أعظم العدل حيث جعله حسيب نفسه ليرى جميع عمله لا ينكر منه شيئًا. والشاهد من الآية الكريمة: أن فيها إثبات إعطاء كل إنسان صحيفة عمله يوم القيامة يقرؤها بنفسه ويطلع عليها هو لا بواسطة غيره. 4 ـ ثم ذكر الشيخ ـ رحمه الله ـ الحساب فقال: (ويحاسب الله الخلائق) الحساب: هو تعريف الله ـ عز وجل ـ للخلائق بمقادير الجزاء على أعمالهم وتذكيره إياهم ما قد نسوه من ذلك، أو بعبارة أخرى: هو توقيف الله عباده قبل الانصراف من المحشر على أعمالهم خيرًا كانت أم شرًا. ثم ذكر الشيخ ـ رحمه الله ـ أن الحساب على نوعين: النوع الأول: حساب المؤمن قال فيه: (ويخلو بعبده المؤمن فيقرره بذنوبه كما وصف ذلك بالكتاب والسنة) كما قال الله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا} الآيتان (8، 9) الانشقاق، وفي الصحيحين عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره من الناس ويقرره بذنوبه ويقول له: أتعرف ذنب كذا. أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ حتى إذا قرره بذنوبه ورأى في نفسه أن قد هلك، قال: فإني قد سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم ثم يعطى كتاب حسناته) ومعنى يقرره بذنوبه: يجعله يقر، أي: يعترف بها. كما في هذا الحديث: أتعرف ذنب كذا أتعرف ذنب كذا. ومن المؤمنين من يدخل الجنة بغير حساب، كما صح في حديث السبعين ألفًا الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب. والحساب يختلف، فمنه اليسير وهو العرض، ومنه المناقشة. وفي الصحيحين عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك، فقلت يا رسول الله أليس قد قال الله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (إنما ذلك العرض وليس أحد يناقش الحساب يوم القيامة إلا عذب). النوع الثاني: حساب الكفار، وقد بينه بقوله: (وأما الكفار فلا يحاسبون محاسبة من توزن حسناته وسيئاته، فإنه لا حسنات لهم) أي: ليس لهم حسنات توزن مع سيئاتهم لأن أعمالهم قد حبطت بالكفر فلم يبق لهم في الآخرة إلا سيئات فحسابهم معناه أنهم (تعد أعمالهم فتحصى فيوقفون عليها ويقررون بها ويجزون بها) أي: يخبرون بأعمالهم الكفرية ويعترفون بها ثم يجازون عيها كما قال تعالى: {فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ} الآية (50) فصلت. وقال تعالى: {وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ} الآية (37) الأعراف. وقال: {فَاعْتَرَفُوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقًا لِّأَصْحَابِ السَّعِيرِ} الآية (11) الملك. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#69
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 30 ) [ المتن ] : حوض النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومكانه وصفاته وفي عرصات القيامة الحوض المورود للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ماؤه أشد بياضًا من اللبن وأحلى من العسل. آنيته عدد نجوم السماء. طوله شهر وعرضه شهر. من يشرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبدًا. [ الشرح ]: مما يوجد في القيامة حوض النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقد ذكره الشيخ هنا وبين أوصافه فقال: (وفي عرصات القيامة الحوض المورود للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ) كما ثبت ذلك عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ. قال الإمام ابن القيم: وقد روى أحاديث الحوض أربعون صحابيًا وكثير منها أو أكثرها في الصحيح. انتهى. وتقدم بيان معنى العرصات. والحوض لغة: مجمع الماء. وقد أجمع أهل السنة والجماعة على إثبات الحوض، وخالفت في ذلك المعتزلة فلم تقل بإثباته وأولوا النصوص الواردة فيه وأحالوها عن ظاهرها. ثم ذكر الشيخ ـ رحمه الله ـ أوصاف الحوض فقال: (ماؤه أشد بياضًا من اللبن.. إلخ) وهذه الأوصاف ثابتة في الأحاديث كحديث عبد الله بن عمرو المتفق عليه. قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (حوضي مسيرة شهر، ماؤه أبيض من اللبن، وريحه أطيب من المسك وكيزاته كنجوم السماء، من شرب منه لا يظمأ أبدًا). ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#70
|
|||
|
|||
تعديل رقم الدرس
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 60 ) [ المتن ] : حوض النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومكانه وصفاته وفي عرصات القيامة الحوض المورود للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ماؤه أشد بياضًا من اللبن وأحلى من العسل. آنيته عدد نجوم السماء. طوله شهر وعرضه شهر. من يشرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبدًا. [ الشرح ]: مما يوجد في القيامة حوض النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقد ذكره الشيخ هنا وبين أوصافه فقال: (وفي عرصات القيامة الحوض المورود للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ) كما ثبت ذلك عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ. قال الإمام ابن القيم: وقد روى أحاديث الحوض أربعون صحابيًا وكثير منها أو أكثرها في الصحيح. انتهى. وتقدم بيان معنى العرصات. والحوض لغة: مجمع الماء. وقد أجمع أهل السنة والجماعة على إثبات الحوض، وخالفت في ذلك المعتزلة فلم تقل بإثباته وأولوا النصوص الواردة فيه وأحالوها عن ظاهرها. ثم ذكر الشيخ ـ رحمه الله ـ أوصاف الحوض فقال: (ماؤه أشد بياضًا من اللبن.. إلخ) وهذه الأوصاف ثابتة في الأحاديث كحديث عبد الله بن عمرو المتفق عليه. قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (حوضي مسيرة شهر، ماؤه أبيض من اللبن، وريحه أطيب من المسك وكيزاته كنجوم السماء، من شرب منه لا يظمأ أبدًا). ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#71
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 61 ) [ المتن ] : الصراط ومعناه ومكانه وصفة مرور الناس عليه والصراط منصوب على متن جهنم، وهو الجسر الذي بين الجنة والنار. يمر الناس عليه على قدر أعمالهم، فمنهم من يمر كلمح البصر ومنهم من يسر كالبرق ومنهم من يمر كالريح ومنهم من يمر كالفرس الجواد ومنهم من يمر كركاب الإبل ومنهم من يعدو عدوا ومنهم من يمشي مشيًا ومنهم من يزحف زحفًا ومنهم من يخطف ويلقى في جهنم. فإن الجسر عليه كلاليب تخطف الناس بأعمالهم. [ الشرح ]: ذكر الشيخ ـ رحمه الله ـ في هذا أن مما يحصل يوم القيامة المرور على الصراط. والصراط في اللغة: هو الطريق الواضح. وأما في الشرع: فهو ما بينه الشيخ بقوله: (وهو الجسر الذي بين الجنة والنار) وبين مكانه بقوله: (على متن جهنم) أي: على ظهر النار. ثم بين صفة مرور الناس عليه بقوله: (يمر الناس عليه على قدر أعمالهم) ووقت المرور عليه بعد مفارقة الناس للموقف والحشر والحساب فإن الصراط ينجو عليه المؤمنون من النار إلى الجنة ويسقط منه أهل النار فيها كما ثبت في الأحاديث. ثم فصل الشيخ ـ رحمه الله ـ أحوال الناس في المرور على الصراط فقال: (فمنهم من يمر كلمح البصر) إلخ. أي: أنهم يكونون في سرعة المرور وبطئه على حسب إيمانهم وأعمالهم الصالحة التي قدموها في الدنيا، فبحسب استقامة الإنسان على دين الإسلام وثباته عليه يكون ثباته ومروره على الصراط، فمن ثبت على الصراط المعنوي وهو الإسلام ثبت على الصراط الحسي المنصوب على متن جهنم. ومن زل عن الصراط المعنوي زل عن الصراط الحسي. وقوله: (يعدو عدوًا) أي: يركض ركضًا. وقوله: (يزحف زحفًا) أي: يمشي على مقعدته بدل رجليه. وقوله: (عليه كلاليب) جمع كلوب بفتح الكاف اللام المشددة المضمومة وهي حديدة معطوفة الرأس. وقوله: تخطف بفتح الطاء ويجوز كسرها من الخطف وهو أخذ الشيء بسرعة. وقوله: (بأعمالهم) أي: بسبب أعمالهم السيئة فيكون اختطاف الكلاليب فهم على صراط جهنم بحسب اختطاف الشبهات والشهوات لهم عن الصراط المستقيم. وأهل السنة والجماعة يؤمنون بالصراط المنصوب على متن جهنم ومرور الناس عليه على ما جاءت به الأحاديث الصحيحة عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ. وخالف في ذلك القاضي عبد الجبار المعتزلي وكثير من أتباعه وقالوا: المراد بالصراط المذكور طريق الجنة المشار إليه بقوله تعالى: {سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ} وطريق النار المشار إليه بقوله تعالى: {فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ}. وهذا قول باطل ورد للنصوص الصحيحة بغير برهان. والواجب حمل النصوص على ظاهرها. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#72
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 62 ) [ المتن ] : القنطرة بين الجنة والنار فمن مر على الصراط دخل الجنة. فإذا عبروا عليه وقفوا على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص لبعضهم من بعض. فإذا هذبوا ونقوا أذن لهم دخول الجنة. [ الشرح ]: ذكر الشيخ ـ رحمه الله ـ مما يكون يوم القيامة الوقوف على القنطرة، فقال: (فمن مر على الصراط) أي: تجاوزه وسلم من السقوط في جهنم، (دخل الجنة) لأن من نجا من النار دخل الجنة، قال تعالى: {فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} وقال تعالى: {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ}. لكن قبل دخول الجنة لابد من إجراء القصاص بين المؤمنين حتى يدخلوا الجنة وهم على أكمل حالة. قد خلصوا من المظالم، وهذا ما أشار إليه الشيخ بقوله: (إذا عبروا) أي: تتجاوزوا الصراط ونجوا من السقوط في النار (وقفوا على قنطرة) هي: الجسر وما ارتفع من البنيان. وهذه القنطرة، قيل: هي طرف الصراط مما يلي الجنة، وقيل: هي صراط آخر خاص بالمؤمنين. (فيقتص لبعضهم من بعض) أي: يجري بينهم القصاص في المظالم، فيؤخذ للمظلوم حقه ممن ظلمه (فإذا هذبوا ونقوا) أي: خلصوا من التبعات والحقوق (أذن لهم في دخول الجنة) وقد ذهب ما في قلوب بعضهم على بعض من الغل كما قال تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ}. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#73
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 63 ) أول من يستفتح باب الجنة وأول من يدخلها وشفاعات النبي ـ صلى الله عليه وسلم وأول من يستفتح باب الجنة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأول من يدخلها من الأمم أمته. وله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في القيامة ثلاث شفاعات: أما الشفاعة الأولى فيشفع في أهل الموقف حتى يقضى بينهم، بعد أن يتراجع آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم عن الشفاعة حتى تنتهي إليه. وأما الشفاعة الثانية فيشفع في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة، وهاتان الشفاعتان خاصتان له. وأما الشفاعة الثالثة فيشفع فيمن استحق النار، وهذه الشفاعة له، ولسائر النبيين والصديقين وغيرهم. فيشفع فيمن استحق النار أن لا يدخلها. ويشفع فيمن دخلها أن يخرج منها. 8 ـ يبين الشيخ ـ رحمه الله ـ ما ينتهي إليه أمر المؤمنين يوم القيامة بعد اجتيازهم لتلك الأحوال التي مر ذكر أهمها فيقول: (فإذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة) فهم لا يدخلون إلا بعد إذن من الله تعالى وطلب لفتح أبوابها، (وأول من يستفتح باب الجنة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ) كما في صحيح مسلم عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح، فيقول الخازن: من أنت؟ فأقول: محمد، فيقول: بك أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك) والاستفتاح طل الفتح وفي هذا تشريف له ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإظهار لفضله. (وأول من يدخلها من الأمم أمته) وذلك لفضها على سائر الأمم. ودليل ذلك ما في حديث أبي هريرة الذي رواه مسلم من قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (ونحن أول من يدخل الجنة) قوله: (وله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في القيامة ثلاث شفاعات) الشفاعات جمع شفاعة والشفاعة لغة: الوسيلة. وعرفًا: سؤال الخير للغير. مشتقة من الشفع الذي هو ضد الوتر. فكأن الشافع ضم سؤاله إلى سؤال المشفوع له بعد أن كان منفردًا. وقول الشيخ ـ رحمه الله ـ: (وله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في القيامة ثلاث شفاعات) بيان للشفاعات التي يقوم بها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في يوم القيامة بإذن الله تعالى. هكذا ذكر الشيخ ـ رحمه الله ـ أنواع الشفاعة هنا مختصرة، وهي على سبيل الاستقصاء ثمانية أنواع: منه ما هو خاص بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومنها ما هو مشترك بينه وبين غيره. الشفاعة الأولى: الشفاعة العظمى (وهي المقام المحمود) وهي أن يشفع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يقضي الله سبحانه بين عباده بعد طول الموقف عليهم، وبعد مراجعتهم الأنبياء للقيام بها فيقوم بها نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعد إذن ربه. الشفاعة الثانية: شفاعته ـ صلى الله عليه وسلم ـ في دخول أهل الجنة بعد الفراغ من الحساب. الشفاعة الثالثة: شفاعته ـ صلى الله عليه وسلم ـ في عمه أبي طالب أن يخفف عنه العذاب وهذه خاصة به. لأن الله أخبر أن الكافرين لا تنفعهم شفاعة الشافعين، ونبينا أخبر أن شفاعته لأهل التوحيد خاصة. فشفاعته لعمه أبي طالب خاصة به وخاصة لأبي طالب. وهذه الأنواع الثلاثة من الشفاعة خاصة بنبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ. الشفاعة الرابعة: شفاعته فيمن استحق النار من عصاة الموحدين أن لا يدخلها. الشفاعة الخامسة: شفاعته ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيمن دخل النار من عصاة الموحدين أن يخرج منها. الشفاعة السادسة: شفاعته ـ صلى الله عليه وسلم ـ في رفع درجات بعض أهل الجنة. الشفاعة السابعة: شفاعته ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيمن استوت حسناتهم وسيئاتهم أن يدخلوا الجنة، وهم أهل الأعراف على قول. الشفاعة الثامنة: شفاعته ـ صلى الله عليه وسلم ـ في دخول بعض المؤمنين الجنة بلا حساب ولا عذاب. وهذه الأنواع الخمسة الباقية يشاركه فيها غيره من الأنبياء والملائكة والصديقين والشهداء. وأهل السنة والجماعة يؤمنون بهذه الشفاعات كلها لثبوت أدلتها وأنها لا تحقق إلا بشرطين: الشرط الأول: إذن الله للشافع أن يشفع، كما قال تعالى: {مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} الآية (255) البقرة {مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ} الآية (3) من سورة يونس. الشرط الثاني: رضا الله عن المشفوع له كما قال تعالى: {وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى} الآية (28) الأنبياء ويجمع الشرطين قوله تعالى: {وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شيئًا إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاء وَيَرْضَى} الآية (26) النجم. وقد خالفت المعتزلة في الشفاعة لأهل الكبائر من المؤمنين فيمن استحق النار منهم أن لا يدخلها وفيمن دخلها أن يخرج منها، أي: في النوع الخامس والسادس من أنواع الشفاعة، ويحتجون بقوله تعالى: {فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} الآية (48) المدثر. والجواب عنها: أنها واردة في حق الكفار فهم الذين لا تنفعهم شفاعة الشافعين. أما المؤمنين فتنفعهم الشفاعة بشروطها.. هذا وقد انقسم الناس في أمر الشفاعة إلى ثلاثة أصناف: الصنف الأول: غلوا في إثباتها وهم النصارى والمشركون وغلاة الصوفية والقبوريون حيث جعلوا شفاعة من يعظمونه عند الله كالشفاعة المعروفة في الدنيا عند الملوك، فطلبوها من دون الله كما ذكر الله ذلك عن المشركين. الصنف الثاني: وهم المعتزلة والخوارج غلوا في نفي الشفاعة فأنكروا شفاعة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وشفاعة غيره في أهل الكبائر. الصنف الثالث: وهم أهل السنة والجماعة أثبتوا الشفاعة على وفق ما جاءت به النصوص القرآنية والأحاديث النبوية فأثبتوا الشفاعة بشروطها. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#74
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 64 ) [ المتن ] : إخراج بعض العصاة من النار برحمة الله بغير شفاعة واتساع الجنة عن أهلها ويخرج الله من النار أقوامًا بغير شفاعة بل بفضله ورحمته. ويبقى في الجنة فضل عمن دخلها من أهل الدنيا، فينشئ الله أقوامًا فيدخلهم الجنة. وأصناف ما تضمنته الدار الآخرة من الحساب والثواب والعقاب والجنة والنار، وتفاصيل ذلك مذكورة في الكتب المنزلة من السماء، والآثار من العلم المأثور عن الأنبياء. وفي العلم الموروث عن محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ من ذلك ما يشفي ويكفي، فمن ابتغاه وجده. [ الشرح ]: 9لما ذكر الشيخ ـ رحمه الله ـ أن من أنواع الشفاعات التي تقق بإذن الله الشفاعة بإخراج بعض من دخلوا النار منها. ذكر هنا أن الخروج من النار له سبب آخر غير الشفاعة، وهو رحمة الله سبحانه وفضله وإحسانه، فيخرج من النار من عصاة الموحدين من في قلبه مثقال حبة من إيمان. قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} الآية (48) النساء. وفي الحديث المتفق عليه: (يقول الله: شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين، فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قومًا لم يعملوا خيرا قط) الحديث. وقوله: (ويبقى في الجنة فضل) أي: متسع (عمن دخلها من أهل الدنيا) لأن الله وصفها بالسعة فقال: {عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ} الآية (133) آل عمران (فينشئ الله) أي: يخلق ويوجد (أقوامًا) أي: جماعات (فيدخلهم الجنة) بفضله ورحمته لأن الجنة رحمته يرحم بها من يشاء. وأما النار فلا يعذب فيها إلا من قامت عليه حجته وكذب رسله. وقوله: (وأصناف ما تضمنته الدار الآخرة... إلخ) لما ذكر ـ رحمه الله ـ ما ذكر من أحوال اليوم الآخر وما يجري فيه، أحال على الكتاب والسنة في معرفة تفاصيل البقية مما لم يذكره، لأن ذلك من علم الغيب الذي لا يعرف إلى من طريق الوحي. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#75
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 65 ) [ المتن ] : الإيمان بالقدر وبيان ما يتضمنه وتؤمن الفرقة الناجية ـ أهل السنة والجماعة ـ بالقدر خيره وشره. والإيمان بالقدر على درجتين كل درجة تتضمن شيئين. القدر: مصدر قدرت الشيء إذا أحطت بمقداره. والمراد به هنا: تعلق علم الله بالكائنات وإرادته لها أزلًا قبل وجودها. فلا حادث إلا وقد قدره الله، أي: سبق علمه به وتعلقت به إرادته. والإيمان بالقدر هو أحد أركان الإيمان الستة، وهو الإيمان بالقدر خيره وشره. [ الشرح ]: وفي قول الشيخ ـ رحمه الله ـ: (وتؤمن الفرقة الناجية ـ أهل السنة والجماعة ـ بالقدر خيره وشره) إشارة إلى أن من لم يؤمن بالقدر فليس من أهل السنة والجماعة، وهذا هو مقتضى النصوص كما في حديث جبريل حين سأل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن الإيمان، فقال: (الإيمان: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره) فجعل ـ صلى الله عليه وسلم ـ الإيمان بالقدر سادس أركان الإيمان فمن أنكره فليس بمؤمن. كما لو لم يؤمن بغيره من أركان الإيمان. وقوله: (والإيمان بالقدر على درجتين.. إلخ) وذكر الشيخ ـ رحمه الله ـ هنا أن الإيمان بالقدر يشتمل على أربع مراتب هي إجمالًا كما يلي: الأولى: علم الله الأزلي بكل شيء. ومن ذلك عليه بأعمال العباد قبل أن يعملوها. الثانية: كتابة ذلك في اللوح المحفوظ. الثالثة: مشيئته الشاملة وقدرته التامة لكل حادث. الرابعة: إيجاد الله لكل المخلوقات وأنه الخالق وما سواه مخلوق. هذا مجمل مراتب القدر، وإليك بيانها بالتفصيل. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 13 ( الأعضاء 0 والزوار 13) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
[جمع] الجمع الثمين لكلام أهل العلم في المصرّين على المعاصي والمدمنين | أبو عبد الودود عيسى البيضاوي | منبر التوحيد وبيان ما يضاده من الشرك | 0 | 13-09-2011 09:33PM |
أقوال العلماء السلفيين في حكم من حكَّم القوانين | أبو حمزة مأمون | منبر التحذير من الخروج والتطرف والارهاب | 0 | 10-06-2010 01:51AM |
(الشيخ ربيع بين ثناء العلماء ووقاحة السفهاء) | أبوعبيدة الهواري الشرقاوي | منبر الجرح والتعديل | 0 | 21-12-2008 12:07AM |
شرح كتاب ثلاثة الأصول | أبو عبد الرحمن السلفي1 | منبر التوحيد وبيان ما يضاده من الشرك | 3 | 13-10-2007 08:38PM |
صحيح المقال في مسألة شد الرحال (رد على عطية سالم ) | ماهر بن ظافر القحطاني | منبر البدع المشتهرة | 0 | 12-09-2004 12:02PM |