#46
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ [61] الثاني : عن أبي ذر جُنْدُب بنِ جُنادَةَ وأبي عبدِ الرحمنِ معاذِ بنِ جبلٍ رضي الله عنهما عن رسولِ الله ﷺ قَالَ : « اتَّقِ الله حَيْثُمَا كُنْتَ وَأتْبعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا ، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ » . رواه الترمذي ، وَقالَ : ( حديث حسن ) . هذه وصية عظيمة جامعة لحقوق الله تعالى وحقوق عباده ، قال الله تعالى : ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ ﴾ [ النساء (131) ] ، وتقوى الله تعالى : طاعته ، بامتثال أمره واجتناب نهيه . وقال تعالى : ﴿ وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ * وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [ هود (114 ، 115) ] . وقال ابن المبارك : حُسْن الخُلُق : بسط الوجه ، وبذلُ المعروف ، وكفّ الأذى . وقد وصف الله المتقين في كتابه بمثل ما وصّى به النبي ﷺ في هذا الحديث ، فقال عزَّ وجلّ : ﴿ وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ [ آل عمران (133 : 136) ] . ----------- المصدر : http://waqfeya.com/book.php?bid=3723 التصفية والتربية TarbiaTasfia@ |
#47
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ [62] الثالث : عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما ، قَالَ : كنت خلف النَّبيّ ﷺ يوماً ، فَقَالَ : « يَا غُلامُ ، إنِّي أعلّمُكَ كَلِمَاتٍ : احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ ، إِذَا سَألْتَ فَاسأَلِ الله ، وإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ باللهِ . وَاعْلَمْ : أنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إلا بِشَيءٍ قَدْ كَتَبهُ اللهُ لَكَ ، وَإِن اجتَمَعُوا عَلَى أنْ يَضُرُّوكَ بِشَيءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إلا بِشَيءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ ، رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحفُ » . رواه الترمذي ، وَقالَ : « حديث حسن صحيح » . وفي رواية غيرِ الترمذي : « احْفَظِ الله تَجِدْهُ أَمَامَكَ ، تَعرَّفْ إِلَى اللهِ في الرَّخَاءِ يَعْرِفكَ في الشِّدَّةِ ، وَاعْلَمْ : أنَّ مَا أَخْطَأكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبكَ ، وَمَا أصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ ، وَاعْلَمْ : أنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ ، وَأَنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَرْبِ ، وَأَنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْراً » . هذا الحديث أصل عظيم في مراقبة الله ، ومراعاة حقوقه ، والتفويض لأمره ، والتوكل عليه ، وشهود توحيده وتفرُّده ، وعجز الخلائق كلَّهم وافتقارهم إليه . |
#48
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ [63] الرابع : عن أنسٍ رضي الله عنه قَالَ : إِنَّكُمْ لَتعمَلُونَ أعْمَالاً هي أدَقُّ في أعيُنِكُمْ مِنَ الشَّعْرِ ، كُنَّا نَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ رَسُول الله ﷺ مِنَ المُوبِقاتِ . رواه البخاري . وَقالَ : « المُوبقاتُ » : المُهلِكَاتُ . في هذا الحديث : كمال مراقبة الصحابة رضي الله عنهم لله تعالى ، وكمال استحيائهم منه . وفيه : أنَّ الإنسان ينبغي له أن يحذر من صغار الذنوب ، فلعلها تكون المهلكة له في دينه . كما يتحرز من يسير السموم خشية أن يكون فيها حتفه ، وقد قال الله تعالى : ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء ﴾ [ فاطر (28) ] . وفي الحديث : « إن المؤمن يرى ذنبه كأنه صخرة يخاف أن تقع عليه ، والمنافق يرى ذنبه كأنه ذباب مرّ على أنفه » . [64] الخامس : عن أبي هريرةَ رضي اله عنه عن النَّبيّ ﷺ قَالَ : « إنَّ الله تَعَالَى يَغَارُ ، وَغَيرَةُ الله تَعَالَى ، أنْ يَأتِيَ المَرْءُ مَا حَرَّمَ الله عَلَيهِ » . متفق عَلَيهِ . و« الغَيْرةُ » : بفتحِ الغين ، وَأَصْلُهَا الأَنَفَةُ . في هذا الحديث : مراقبة الله تعالى والخوف من غضبه وعقوبته إذا انتُهكت محارمه . |
#49
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ [65] السادس : عن أبي هريرةَ رضي الله عنه : أنَّه سَمِعَ النَّبيَّ ﷺ ، يقُولُ : « إنَّ ثَلاثَةً مِنْ بَني إِسْرَائِيلَ : أبْرَصَ ، وَأَقْرَعَ ، وَأَعْمَى ، أَرَادَ اللهُ أنْ يَبْتَليَهُمْ فَبَعَثَ إِليْهمْ مَلَكاً ، فَأَتَى الأَبْرَصَ ، فَقَالَ : أَيُّ شَيءٍ أَحَبُّ إلَيْكَ ؟ قَالَ : لَوْنٌ حَسنٌ ، وَجِلدٌ حَسَنٌ ، وَيَذْهبُ عَنِّي الَّذِي قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ ؛ فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عَنْهُ قَذَرُهُ وَأُعْطِيَ لَوناً حَسنَاً وجِلْدًا حَسَنًا . فَقَالَ : فَأيُّ المَالِ أَحَبُّ إِليكَ ؟ قَالَ : الإِبلُ - أَوْ قالَ : البَقَرُ شكَّ الرَّاوي - فَأُعطِيَ نَاقَةً عُشَرَاءَ ، فَقَالَ : بَاركَ الله لَكَ فِيهَا . فَأَتَى الأَقْرَعَ ، فَقَالَ : أَيُّ شَيءٍ أَحَبُّ إلَيْكَ ؟ قَالَ : شَعْرٌ حَسَنٌ ، وَيَذْهَبُ عَنِّي هَذَا الَّذِي قَذِرَني النَّاسُ ؛ فَمَسَحَهُ فَذَهبَ عَنْهُ وأُعْطِيَ شَعراً حَسَناً . قالَ : فَأَيُّ المَالِ أَحَبُّ إِليْكَ ؟ قَالَ : البَقَرُ ، فَأُعْطِيَ بَقَرَةً حَامِلاً ، وَقالَ : بَارَكَ الله لَكَ فِيهَا . فَأَتَى الأَعْمَى ، فَقَالَ : أَيُّ شَيءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قَالَ : أَنْ يَرُدَّ الله إِلَيَّ بَصَرِي فَأُبْصِرُ بِهِ النَّاسَ ؛ فَمَسَحَهُ فَرَدَّ اللهُ إِلَيْهِ بَصَرهُ. قَالَ : فَأَيُّ المَالِ أَحَبُّ إِليْكَ ؟ قَالَ : الغَنَمُ ، فَأُعْطِيَ شَاةً والداً ، فَأَنْتَجَ هذَانِ وَوَلَّدَ هَذَا ، فَكانَ لِهذَا وَادٍ مِنَ الإِبلِ ، وَلِهذَا وَادٍ مِنَ البَقَرِ ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنَ الغَنَمِ . ثُمَّ إنَّهُ أَتَى الأَبْرَصَ في صُورَتِهِ وَهَيئَتِهِ ، فَقَالَ : رَجلٌ مِسْكينٌ قَدِ انقَطَعَتْ بِيَ الحِبَالُ في سَفَري فَلا بَلاغَ لِيَ اليَومَ إلا باللهِ ثُمَّ بِكَ ، أَسْأَلُكَ بِالَّذي أعْطَاكَ اللَّونَ الحَسَنَ ، والجِلْدَ الحَسَنَ ، وَالمَالَ ، بَعِيراً أَتَبَلَّغُ بِهِ في سَفَري ، فَقَالَ : الحُقُوقُ كثِيرةٌ . فَقَالَ : كأنِّي اعْرِفُكَ ، أَلَمْ تَكُنْ أَبْرَصَ يَقْذَرُكَ النَّاسُ فقيراً فأعْطَاكَ اللهُ !؟ فَقَالَ : إِنَّمَا وَرِثْتُ هَذَا المالَ كَابِراً عَنْ كَابِرٍ ، فَقَالَ : إنْ كُنْتَ كَاذِباً فَصَيَّرَكَ الله إِلَى مَا كُنْتَ . وَأَتَى الأَقْرَعَ في صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِهَذا ، وَرَدَّ عَلَيهِ مِثْلَ مَا رَدَّ هَذَا ، فَقَالَ : إنْ كُنْتَ كَاذِباً فَصَيَّرَكَ اللهُ إِلَى مَا كُنْتَ . وَأَتَى الأَعْمَى في صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ ، فَقَالَ : رَجُلٌ مِسْكينٌ وابنُ سَبيلٍ انْقَطَعتْ بِيَ الحِبَالُ في سَفَرِي ، فَلا بَلاَغَ لِيَ اليَومَ إلا بِاللهِ ثُمَّ بِكَ ، أَسأَلُكَ بالَّذِي رَدَّ عَلَيْكَ بَصَركَ شَاةً أَتَبَلَّغُ بِهَا في سَفري ؟ فَقَالَ : قَدْ كُنْتُ أعمَى فَرَدَّ اللهُ إِلَيَّ بَصَرِي فَخُذْ مَا شِئْتَ وَدَعْ مَا شِئْتَ فَوَاللهِ لا أجْهَدُكَ اليَومَ بِشَيءٍ أخَذْتَهُ للهِ عزوجل . فَقَالَ : أمْسِكْ مالَكَ فِإنَّمَا ابْتُلِيتُمْ . فَقَدْ رضي الله عنك ، وَسَخِطَ عَلَى صَاحِبَيكَ » . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . و« النَّاقةُ العُشَرَاءُ » بضم العين وفتح الشين وبالمد : هي الحامِل . قوله : « أنْتَجَ » وفي رواية : « فَنتَجَ » معناه : تولَّى نِتاجها ، والناتج لِلناقةِ كالقابِلةِ للمرأةِ . وقوله : « وَلَّدَ هَذَا » هُوَ بتشديد اللام : أي تولى ولادتها ، وَهُوَ بمعنى أنتج في الناقة ، فالمولّد ، والناتج ، والقابلة بمعنى ؛ لكن هَذَا لِلحيوان وذاك لِغيرهِ . وقوله : « انْقَطَعَتْ بي الحِبَالُ » هُوَ بالحاءِ المهملةِ والباءِ الموحدة : أي الأسباب . وقوله : « لا أجْهَدُكَ » معناه : لا أشق عليك في رد شيء تأخذه أَوْ تطلبه من مالي . وفي رواية البخاري : « لا أحمَدُكَ » بالحاءِ المهملة والميمِ ومعناه : لا أحمدك بترك شيء تحتاج إِلَيْه ، كما قالوا : لَيْسَ عَلَى طولِ الحياة ندم : أي عَلَى فواتِ طولِها . في هذا الحديث : التحذير من كفران النعم ، والترغيب في شكرها ، والاعتراف بها ، وحمد الله عليها . وفيه : فضل الصدقة ، والحث على الرفق بالضعفاء ، وإكرامهم وتبليغهم مآربهم . وفيه : الزجرُ عن البخل ؛ لأنه حمل صاحبه على الكذب وعلى جحد نعمة الله تعالى . |
#50
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ [66] السابع : عن أبي يعلى شداد بن أوس رضي الله عنه عن النَّبيّ ﷺ قَالَ : « الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ ، وَعَمِلَ لِمَا بعدَ المَوتِ ، والعَاجِزُ مَنْ أتْبَعَ نَفْسَهُ هَواهَا وَتَمنَّى عَلَى اللهِ » . رواه الترمذي ، وَقالَ : « حديث حسن » . قَالَ الترمذي وغيره من العلماء : معنى « دَانَ نَفْسَهُ » : حاسبها . الكَيِّس : العاقل ، وهو الذي يمنع نفسه عن الشهوات المحرمة ويعمل بطاعة الله تعالى . والعاجز : هو التارك لطاعة الله المتمنِّي على الله . قال تعالى : ﴿ لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً * وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً ﴾ [ النساء (123 ، 124) ] . [67] الثامن : عن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُول الله ﷺ : « مِنْ حُسْنِ إسْلامِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لا يَعْنِيهِ » . حديث حسن . رواه الترمذي وغيرُه . هذا الحديث أصل عظيمٌ من أصول الأدب . قيل للقمان : ما بلغ بك ما نرى ؟ قال : صِدْقُ الحديث ، وأداء الأمانة ، وترْكُ ما لا يعنيني . وقال سهل بن عبد الله التُّسْتَري : مَن تكلَّم فيما لا يعنيه حُرم الصدق . ورُوي عن النبي ﷺ أنه قال : « أول من يدخل عليكم رجل من أهل الجنة » ، فدخل عليهم عبد الله بن سلام ، فقام إليه ناسٌ فأخبروه ، وقالوا له : أخبرنا بأوثق عملك في نفسك ؟ قال : إن عملي لضعيف ، وأوثق ما أرجو به سلامة الصدر ، وتركي ما لا يعنيني . قال الغزالي : حدُّ ما لا يعنيك في الكلام : أنْ تتكلَّم بما لو سَكَتَّ عنه لم تأثم ، ولم تتضرر حالاً ولا مآلاً . |
#51
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ [68] التاسع : عن عُمَرَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيّ ﷺ قَالَ : « لا يُسْأَلُ الرَّجُلُ فِيمَ ضَرَبَ امْرَأَتَهُ » . رواه أبو داود وغيره . أي : لا يُسأل بأي سبب ضرب امرأته ، لإحتمال أنْ يكون السبب مما يُستحيا من ذكره ، كالامتناع من التمكين ، بل يترك ذلك إليه وإلى مراقبته لمولاه ، إلا إن احتاج الأمر إلى الرفع إلى الحكام . قال الله تعالى : ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً ﴾ [ النساء (34) ] . |
#52
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ وَ قالَ تَعَالَى : ﴿ وَ مَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ﴾ [ الطلاق (2 ، 3) ]. قال ابن كثير : أي : ومن يتق الله فيما أمره به وتركَ ما نهاه عنه يجعل له من أمره مخرجًا ، ويرزقه من حيث لا يحتسب ، أي : من جهة لا تخطر بباله . وفي ( المسند ) عن ابن عباس قال : قال رسول الله ﷺ : « من أكثر من الاستغفار جعل الله له من كل همٍّ فرجًا ، ومن كل ضيقٍ مخرجًا ، ورزقه من حيث لا يحتسب » . وَقالَ تَعَالَى : ﴿ إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [ الأنفال (29) ] والآيات في البابِ كثيرةٌ معلومةٌ . قال ابن إسحاق : فرقانًا : أي : فصلاً بين الحق والباطل . قال ابن كثير : فإنَّ من اتقى الله بفعل أوامره وترك زواجره ، وُفِّقَ لمعرفة الحق من الباطل ، فكان ذلك سببَ نصره ونجاته ، ومخرجه من أمور الدنيا ، وسعادته يوم القيامة ، وتكفير ذنوبه ، وهو محوها وغفرها وسترها عن الناس ، وسببًا لنيل ثواب الله الجزيل . |
#53
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ [69] فالأول : عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قَالَ : قِيلَ : يَا رسولَ الله ، مَنْ أكرمُ النَّاس ؟ قَالَ : « أَتْقَاهُمْ » . فقالوا : لَيْسَ عن هَذَا نسألُكَ ، قَالَ : «فَيُوسُفُ نَبِيُّ اللهِ ابنُ نَبِيِّ اللهِ ابنِ نَبيِّ اللهِ ابنِ خليلِ اللهِ » قالوا : لَيْسَ عن هَذَا نسألُكَ ، قَالَ : «فَعَنْ مَعَادِنِ العَرَبِ تَسْأَلوني ؟ خِيَارُهُمْ في الجَاهِليَّةِ خِيَارُهُمْ في الإِسْلامِ إِذَا فقُهُوا » . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . و« فَقُهُوا » بِضم القافِ عَلَى المشهورِ وَحُكِيَ كَسْرُها : أيْ عَلِمُوا أحْكَامَ الشَّرْعِ . أي : أنَّ أصحاب المروءات ومكارم الأخلاق في الجاهلية هم أصحابها في الإِسلام إذا علموا أحكام الشرع . [70] الثَّاني : عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النَّبيّ ﷺ قَالَ : « إنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرةٌ ، وإنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرَ كَيفَ تَعْمَلُونَ ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاء ؛ فإنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إسرائيلَ كَانَتْ في النِّسَاءِ . رواه مسلم . في هذا الحديث : التحذيرُ من الاغترار بالدنيا ، والميل إلى النساء ، فإنهما فتنة لكل مفتون . |
#54
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ [71] الثالث : عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه : أنَّ النَّبيّ ﷺ كَانَ يقول : « اللَّهُمَّ إنِّي أَسألُكَ الهُدَى ، وَالتُّقَى ، وَالعَفَافَ ، وَالغِنَى » . رواه مسلم . الهدى : الرشاد . والتقى : امتثال الأوامر واجتناب النواهي . والعفاف : التنزه عما لا يباح ، وما لا يليق بالمروءة . والغنى : غنى النفس ، والاغتناء عما في أيدي الناس . وفيه : شرف هذه الخصال والالتجاء إلى الله في سائر الأحوال . [72] الرابع : عن أبي طريفٍ عدِيِّ بن حاتمٍ الطائيِّ رضي الله عنه ، قَالَ : سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول : « مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ ثُمَّ رَأَى أتْقَى للهِ مِنْهَا فَليَأتِ التَّقْوَى » . رواه مسلم . يعني أن من حلفَ على فعل شيء أو تركه ، فرأى غيره خيرًا من التمادي على اليمين واتقى الله ، فَعَلَهُ وَكفَّر عن يمينه . |
#55
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ [73] الخامس : عن أبي أُمَامَةَ صُدَيّ بنِ عجلانَ الباهِلِيِّ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعتُ رسولَ الله ﷺ يَخْطُبُ في حجةِ الوداعِ ، فَقَالَ : « اتَّقُوا الله وَصلُّوا خَمْسَكُمْ ، وَصُومُوا شَهْرَكُمْ ، وَأَدُّوا زَكاةَ أَمْوَالِكُمْ ، وَأَطِيعُوا أُمَرَاءكُمْ تَدْخُلُوا جَنَّةَ رَبِّكُمْ » . رواه الترمذي ، في آخر كتابِ الصلاةِ ، وَقالَ : (حديث حسن صحيح ) . بدأ بالتقوى لأنها الأساس ؛ لتناولها فعل سائر المأمورات ، وترك سائر المناهي ، وعطف عليها ما بعدها وهو من عطف العام على الخاص ، والله أعلم . |
#56
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ [74] فالأول : عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قَالَ : قَالَ رسولُ الله ﷺ : « عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ ، فَرَأيْتُ النَّبيّ ومَعَهُ الرُّهَيطُ ، والنبي وَمَعَهُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلانِ ، والنبيَّ ولَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ إِذْ رُفِعَ لي سَوَادٌ عَظيمٌ فَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ أُمَّتِي فقيلَ لِي : هَذَا مُوسَى وَقَومُهُ ، ولكنِ انْظُرْ إِلَى الأُفُقِ ، فَنَظَرتُ فَإِذا سَوادٌ عَظِيمٌ ، فقيلَ لي : انْظُرْ إِلَى الأفُقِ الآخَرِ ، فَإِذَا سَوَادٌ عَظيمٌ ، فقيلَ لِي : هذِهِ أُمَّتُكَ وَمَعَهُمْ سَبْعُونَ ألفاً يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِغَيرِ حِسَابٍ ولا عَذَابٍ » ، ثُمَّ نَهَضَ فَدخَلَ مَنْزِلَهُ فَخَاضَ النَّاسُ في أُولئكَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِغَيْرِحِسَابٍ ولا عَذَابٍ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : فَلَعَلَّهُمْ الَّذينَ صَحِبوا رسولَ الله ﷺ ، وَقالَ بعْضُهُمْ : فَلَعَلَّهُمْ الَّذِينَ وُلِدُوا في الإِسْلامِ فَلَمْ يُشْرِكُوا بِالله شَيئاً - وذَكَرُوا أشيَاءَ - فَخَرجَ عَلَيْهِمْ رسولُ الله ﷺ ، فَقَالَ : « مَا الَّذِي تَخُوضُونَ فِيهِ ؟ » فَأَخْبَرُوهُ فقالَ : « هُمُ الَّذِينَ لا يَرْقُونَ ، وَلا يَسْتَرقُونَ ، وَلا يَتَطَيَّرُونَ؛ وعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوكَّلُون » فقامَ عُكَّاشَةُ بنُ محصنٍ ، فَقَالَ : ادْعُ الله أنْ يَجْعَلني مِنْهُمْ ، فَقَالَ : « أنْتَ مِنْهُمْ » . ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ آخَرُ ، فَقَالَ : ادْعُ اللهَ أنْ يَجْعَلنِي مِنْهُمْ ، فَقَالَ : « سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ » . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . « الرُّهَيْطُ » بضم الراء تصغير رهط : وهم دون عشرة أنفس ، وَ« الأُفقُ » الناحية والجانب . و« عُكَّاشَةُ » بضم العين وتشديد الكاف وبتخفيفها ، والتشديد أفصح . قوله : « لا يرقون ولا يسترقون » ، أي : لا يرقون غيرهم بالرقية المكروهة ولا يطلبون من الغير أن يرقاهم توكُّلاً على الله . فالرقية مباحة ولا كراهة فيها إذا كانت بالقرآن أو الأدعية المعروفة . وقد قال ﷺ : « لا بأس بالرقى ما لم تكن شركًا » . قال القرطبي : الرقى والاسترقاء : ما كان منه برقى الجاهلية أو بما لا يُعرف فواجب اجتنابه على سائر المسلمين . |
#57
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ [75] الثاني : عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضاً : أنَّ رَسُول الله ﷺ كَانَ يقول : « اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ ، وَبِكَ آمَنْتُ ، وَعَليْك تَوَكَّلْتُ ، وَإِلَيْكَ أنَبْتُ ، وَبِكَ خَاصَمْتُ . اللَّهُمَّ إِنِّي أعُوذُ بعزَّتِكَ ؛ لا إلهَ إلا أَنْتَ أنْ تُضلَّني، أَنْتَ الحَيُّ الَّذِي لا يَمُوتُ ، وَالجِنُّ والإنْسُ يَمُوتُونَ » . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ، وهذا لفظ مسلم واختصره البخاري . قوله : « اللهم لك أسلمت » ، أي : استسلمت لحكمك وأمرك ، وسلمتُ : رضيتُ وآمنتُ وصدقتُ وأيقنتُ . وفي الحديث : الالتجاء إلى الله والاعتصام به ، فمن اعتزَّ بغير الله ذلّ ، ومن اهتدى بغير هدايته ضلّ ، ومن اعتصم بالله تعالى وتوكَّل عليه عظُم وجلّ . |
#58
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ [76] الثالث : عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضاً ، قَالَ : حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ ، قَالَهَا إِبرَاهيمُ ﷺ حِينَ أُلقِيَ في النَّارِ ، وَقَالَها مُحَمَّدٌ ﷺ حِينَ قَالُوا : إنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إيْماناً وَقَالُوا : حَسْبُنَا الله ونعْمَ الوَكيلُ . رواه البخاري . وفي رواية لَهُ عن ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما ، قَالَ : كَانَ آخر قَول إبْرَاهِيمَ ﷺ حِينَ أُلْقِيَ في النَّارِ : حَسْبِي الله ونِعْمَ الوَكِيلُ . قوله : ﴿ حسبنا الله ﴾ ، أي : هو كافينا . ﴿ ونعم الوكيل ﴾ ، أي : الموكول إليه الأمور . ورُوي أنَّ إبراهيم ﷺ لما أرادوا إلقاءه في النار ، رفع رأسه إلى السماء فقال : « اللَّهُمَّ أنت الواحدُ في السماء ، وأنا الواحد في الأرض ، ليس أحدٌ يعبدك غيري ، حسبي الله ونعم الوكيل » . فقال الله عزَّ وجلّ : ﴿ يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾ |
#59
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ [77] الرابع : عن أبي هريرةَ رضي الله عنه عن النَّبيّ ﷺ قَالَ : « يَدْخُلُ الجَنَّةَ أَقْوامٌ أفْئِدَتُهُمْ مِثلُ أفْئِدَةِ الطَّيرِ » . رواه مسلم . قيل : معناه متوكلون ، وقيل : قلوبهم رَقيقَةٌ . هذا الحديث أصلٌ عظيم في التوكل . وحقيقته : هو الاعتماد على الله عزَّ وجلّ في استجلاب المصالح ودفع المضار . قال سعيد بن جبير : التوكُّل جماع الإِيمان . واعلم أنَّ التوكُّل لا ينافي السعي في الأسباب ، فإنَّ الطير تغدو في طلب رزقها . وقد قال الله تعالى : ﴿ وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلا عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا ﴾ [ هود (6) ] . قال يوسف بن أسباط : كان يقال : اعمل عمل رجل لا ينجيه إلا عمله ، وتوكَّل توكُّل رجل لا يصيبه إلا ما كُتب له . وفي حديث جابر عن النبي ﷺ : « لن تموتَ نفس حتى تستكمل رزقها ، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ، خذوا ما حلَّ ودعوا ما حرم » . |
#60
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
( تطريز رياض الصالحين) للعلامة / فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (1313هـ 1376هـ [78] الخامس : عن جابر رضي الله عنه : أَنَّهُ غَزَا مَعَ النبي ﷺ قِبلَ نَجْدٍ ، فَلَمَّا قَفَلَ رَسُول الله ﷺ قَفَلَ معَهُمْ ، فَأَدْرَكَتْهُمُ القَائِلَةُ في وَادٍ كثير العِضَاه ، فَنَزَلَ رَسُول الله ﷺ وَتَفَرَّقَ النَّاسُ يَسْتَظِلُّونَ بالشَّجَرِ ، وَنَزَلَ رَسُول الله ﷺ تَحتَ سَمُرَة فَعَلَّقَ بِهَا سَيفَهُ وَنِمْنَا نَوْمَةً ، فَإِذَا رسولُ الله ﷺ يَدْعونَا وَإِذَا عِنْدَهُ أعْرَابِيٌّ ، فَقَالَ : « إنَّ هَذَا اخْتَرَطَ عَلَيَّ سَيفِي وَأنَا نَائمٌ فَاسْتَيقَظْتُ وَهُوَ في يَدِهِ صَلتاً ، قَالَ : مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي ؟ قُلْتُ : الله - ثلاثاً- » وَلَمْ يُعاقِبْهُ وَجَلَسَ . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . وفي رواية قَالَ جَابرٌ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ الله ﷺ بذَاتِ الرِّقَاعِ ، فَإِذَا أَتَيْنَا عَلَى شَجَرَةٍ ظَلِيلَةٍ تَرَكْنَاهَا لرسول الله ﷺ ، فجاء رَجُلٌ مِنَ المُشْركينَ وَسَيفُ رَسُول الله r معَلَّقٌ بالشَّجَرَةِ فَاخْتَرطَهُ ، فَقَالَ : تَخَافُنِي ؟ قَالَ : « لا » . فَقَالَ : فَمَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي ؟ قَالَ : « الله » . وفي رواية أبي بكر الإسماعيلي في " صحيحه " ، قَالَ : مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي ؟ قالَ : « اللهُ » . قَالَ : فَسَقَطَ السيفُ مِنْ يَدهِ ، فَأخَذَ رسولُ الله ﷺ السَّيْفَ ، فَقَالَ : « مَنْ يَمْنَعُكَ مني ؟ » . فَقَالَ : كُنْ خَيرَ آخِذٍ . فَقَالَ : « تَشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلا الله وَأَنِّي رَسُول الله ؟ » قَالَ : لا ، وَلَكنِّي أُعَاهِدُكَ أنْ لا أُقَاتِلَكَ ، وَلا أَكُونَ مَعَ قَومٍ يُقَاتِلُونَكَ ، فَخَلَّى سَبيلَهُ ، فَأَتَى أصْحَابَهُ ، فَقَالَ : جئتُكُمْ مِنْ عنْد خَيْرِ النَّاسِ . قَولُهُ : « قَفَلَ » أي رجع ، وَ« الْعِضَاهُ » الشجر الَّذِي لَهُ شوك ، و« السَّمُرَةُ » بفتح السين وضم الميم : الشَّجَرَةُ مِنَ الطَّلْح ، وهيَ العِظَامُ مِنْ شَجَرِ العِضَاهِ ، وَ« اخْتَرَطَ السَّيْف » أي سلّه وَهُوَ في يدهِ . و « صَلْتاً » أي مسلولاً ، هُوَ بفتحِ الصادِ وضَمِّها . في هذا الحديث : قوة يقينهِ ﷺ ، وتوكُّله على الله عزَّ وجلّ ، وعفوه ، وحلمه ، ومقابلة السيئة بالحسنة ، ومحاسن أخلاقه ، وكمال كرمه ، وقد قال الله تعالى : ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [ القلم (4) ] . |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد لفضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان - حفظه الله- | ام عادل السلفية | منبر التوحيد وبيان ما يضاده من الشرك | 70 | 22-01-2015 03:24AM |
مشكلة الطلاق والزواج بنية الطلاق والاختلاع عند بعض الصالحين والصالحات | ماهر بن ظافر القحطاني | منبر أصول الفقه وقواعده | 1 | 09-09-2011 07:14AM |
مجاهدة النفس §من كتاب رياض الصالحين § | أم العبدين الجزائرية | منبر الأسرة والمجتمع السلفي | 1 | 09-04-2010 05:44AM |
شرح مسائل الجاهلية | أبو عبد الرحمن السلفي1 | منبر التوحيد وبيان ما يضاده من الشرك | 8 | 25-10-2007 06:33PM |