القائمة الرئيسية
الصفحة الرئيسية للمجلة »
موقع الشيخ ماهر بن ظافر القحطاني »
المحاضرات والدروس العلمية »
الخطب المنبرية الأسبوعية »
القناة العلمية »
فهرس المقالات »
فتاوى الشيخ الجديدة »
برنامج الدروس اليومية للشيخ »
كيف أستمع لدروس الشيخ المباشرة ؟ »
خارطة الوصول للمسجد »
تزكيات أهل العلم للشيخ ماهر القحطاني »
اجعلنا صفحتك الرئيسية »
اتصل بنا »
ابحث في مجلة معرفة السنن والآثار »
ابحث في المواقع السلفية الموثوقة »
لوحة المفاتيح العربية
البث المباشر للمحاضرات العلمية
دروس الشيخ ماهر بن ظافر القحطاني حفظه الله والتي تنقل عبر إذاعة معرفة السنن والآثار العلمية حسب توقيت مكة المكرمة حرسها الله :: الجمعة|13:00 ظهراً| كلمة منهجية ثم شرح كتاب الضمان من الملخص الفقهي للعلامة الفوزان حفظه الله وشرح السنة للبربهاري رحمه الله :: السبت|19:00| شرح كشف الشبهات للإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله :: الأحد|19:00 مساءً| شرح العقيدة الطحاوية لأبي العز الحنفي رحمه الله :: الاثنين|19:00 مساءً| شرح سنن أبي داود السجستاني:: الثلاثاء|19:00 مساءً| شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج وسنن أبي عيسى الترمذي رحمهما الله :: الأربعاء|19:00 مساءً| شرح الموطأ للإمام مالك بن أنس رحمه الله :: الخميس|19:00 مساءً| شرح صحيح الإمام البخاري رحمه الله
 
جديد فريق تفريغ المجلة


العودة   مجلة معرفة السنن والآثار العلمية > السـاحة الإســلاميـــة > منـبر السنة النبوية والآثار السلفية > الأحاديث الصحيحة فقهها وشرحها
مشاركات اليوم English
نود التنبيه على أن مواعيد الاتصال الهاتفي بفضيلة الشيخ ماهر بن ظافر القحطاني حفظه الله، ستكون بمشيئة الله تعالى من الساعة الحادية عشرة صباحاً إلى الثانية عشرة والنصف ظهراً بتوقيت مكة المكرمة، وفي جميع أيام الأسبوع عدا الخميس و الجمعة، آملين من الإخوة الكرام مراعاة هذا التوقيت، والله يحفظكم ويرعاكم «رقم جوال الشيخ: السعودية - جدة 00966506707220».

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع التقييم: تقييم الموضوع: 1 تصويتات, المعدل 5.00. انواع عرض الموضوع
  #46  
قديم 10-08-2015, 11:11PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله ‏-

بـاب صـلاة الكسوف
الكسوف لغة : التغير إلى سواد ومنه كسف وجهه وكسفت حاله وكسفت الشمس اسودت وذهب شعاعها
ويستعمل قاصراً ومتعدياً وكذلك الخسوف بالخاء المعجمة وهو النقصان قاله الأصمعي أهـ من العدة للصنعاني
ويطلق الكسوف والخسوف على كل من الشمس والقمر على القول الأصح وقد وردت بذلك النصوص الشرعية
في الكتاب والسنة ومن زعم أن الكسوف يختص بالشمس والخسوف بالقمر أو العكس فإن زعمه هذا
لا دليل عليه ويذكر أهل الهيئة أن كسوف الشمس والقمر هي الحيلولة بينهما بالأرض وأن ذلك باعتبار أن القمر يحجب
عن الشمس التي يستقي ضوءه من نورها وأن الشمس عندما تنكسف تحول الأرض بينها وبين القمر
وهذا كلام فيه نظر فلا نصدقه جميعاً ولا نكذبه جميعاً .
فالعلوم الفلكية خاضعة للتجربة وقد تكون صواباً وقد تكون خطأ والعلم عند الله في ذلك ولا شك أن للكسوف
والخسوف فوائد من أهمها :

إيقاظ أهل الغفلة وتخويف العباد بتغيير هذين الكوكبين العظيمين وأن الله أقدر على غيرهما فالذي حول
حالهما من النور إلى الظلمة قادر على أن يحول حال الناس من الرخاء إلى الشدة ومن العافية إلى العذاب
والعكس ففي ذلك إيقاظ لأصحاب العقول لعلهم أن ينيبوا ويرتدعوا عن كثير من الأعمال التي تغضب
الله عز وجل وقد أشار النبي ﷺ إلى ذلك في الحديث الثاني بقوله إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يخوف الله
بهما عباده وأنهما لا ينكسفان لموت أحد من الناس فإذا رأيتم منها شيئاً فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم .
قال الصنعاني ذكر ابن حبان في أول كتاب النفقات أن الشمس كسفت في عهد النبي ﷺ مرتين مرة في
السنة السادسة ومرة في السنة العاشرة

قلت : في ثبوت كسوفها قبل العاشرة نظر فإن الأحاديث المشهورة تدل على أن الكسوف يوم مات إبراهيم عليه السلام أول كسوف
وقع في حياته ﷺ قال وأن القمر خسف في جمادى الآخرة من السنة الخامسة فجعلت اليهود تضرب بالطياس ويرمون بالشهب
ويقولون سحر القمر … إلخ ما قال وقد أورد في الباب أحاديث .

[146] الحديث الأول :
عن عائشة رضي الله عنها أن الشمس خسفت على عهد رسول الله ﷺ فبعث منادياً ينادي : الصلاة جامعة فاجتمعوا
وتقدم فكبر وصلى أربع ركعات في ركعتين وأربع سجدات .
موضوع الحديث:
النداء لصلاة الكسوف بلفظ الصلاة جامعة
المفردات : ‏
الصلاة جامعة يجوز نصبهما على أن الأول منصوب على الإغراء أي احضروا الصلاة والثاني على الحال أي
حال كونها جامعة ورفعهما على أنهما مبتدأ وخبر أي الصلاة ذات جماعة.

المعنى الإجمالي : ‏
تخبر عائشة رضي الله عنها أن الشمس خسفت على عهد النبي ﷺ ولكونها تأتي مفاجئة أرسل النبي ﷺ منادياً يدعو
الناس إلى حضورها بقوله الصلاة جامعة وأنهم حضروا وصلى بهم ركعتين في كل ركعة قيامان وركوعان وسجدتان

فقه الحديث : ‏
أولاً: ذكر ابن دقيق العيد الخلاف في الخسوف والكسوف وإطلاقهما على الشمس والقمر وهل يختص أحدهما
بأحد اللفظين أو يطلقان جميعاً عليهما .

قلت: قد تقدم أن الأصح إطلاقهما أي اللفظين على الشمس والقمر لأن ذلك ورد في أحاديث تارة بتسميته
خسوفاً وتارة بتسميته كسوفاً والذين أطلقوه هم من العرب الذين يعتبر كلامهم لغة . وعلى هذا فإن الصحيح
إن شاء الله جواز إطلاق اللفظين على الشمس والقمر
وبالله التوفيق.

ثانياً :يؤخذ من قوله فبعث منادياً ينادي : أن السنة في الكسوف والخسوف سواء كان في الشمس أو القمر أن ينادى لهما
وقد يقول قائل لِمَ لَم يشرع الأذان ولا هذا النداء للعيدين ولا لصلاة الاستسقاء وشرع للكسوف والخسوف فقط ؟
والجواب :
أن الكسوف والخسوف يأتيان مفاجأة فلذلك أمرنا بالنداء لهما أما العيد والاستسقاء فإنهما يأتيان
على موعد فلا يحتاجان إلى نداء .‏

ثالثاً : أن النداء للكسوف بلفظ الصلاة جامعة وهذا اللفظ يعتبر إعلاماً بحضور الصلاة للكسوف
وهو في مقام الأذان بالنسبة للفرائض .

رابعاً : الأصح في إعراب الصلاة جامعة وجهان :-
الوجه الأول : أن تكون الصلاة منصوبة على الإغراء وجامعة منصوب على الحال أي احضروا الصلاة
حال كونها جامعة .
الوجه الثاني : أن تكون جملة الصلاة جامعة مبتدأ وخبر فالصلاة مبتدأ وجامعة خبر
وذكر الصنعاني وجهاً ثالثاً وهو أن تكون الصلاة منصوبة على الإغراء كما تقدم وجامعة خبر لمبتدأ مقدر
والتقدير احضروا الصلاة فهي جامعة والكل جائز فيما أرى

خامساً : يؤخذ من قوله فاجتمعوا : امتثال الصحابة وتركهم لأعمالهم وذهابهم إلى المسجد استجابة للنداء ورغبة
فيما يقرب من الله وذلك دال على فضيلتهم حتى الصغار الذين كانوا يلعبون كما في حديث سمرة بن جندب أنه كان
ينتضل وبعد ذلك ذهب لصلاة الكسوف .
سادساً :ذكر ابن دقيق العيد أن صلاة الكسوف سنة مؤكدة بالاتفاق وتعقبه الصنعاني فقال ونقل النووي في شرح
مسلم الإجماع على أنها سنة وفيه نظر وقد صرح أبو عوانة في صحيحه بأنها واجبة وفي صلاة التطوع من
الحاوي الكبير للماوردي وجه أنها فرض كفاية وبه جزم الخفاف أهـ العدة للصنعاني جـ3/178/179/180 .
قلت: القول بأنها سنة مؤكدة بالاتفاق ونقل الإجماع من النووي على ذلك يدل على أنهما لم يعتبرا خلاف
المخالف خارقاً للإجماع لا سيما وهو واحد وقد جاء في وقت متأخر بعد انعقاد الإجماع والله أعلم .

سابعاً : التفريق في الحكم بين كسوف الشمس وخسوف القمر كما هو قول في مذهب مالك وأصحابه تفريق
بلا فارق وإذا كان السبب قد ورد في الشمس فإن الحكم يشملهما أي الشمس والقمر بجامع التغير وإلى
هذا ذهب الجمهور والله أعلم .

ثامناً : قول ابن دقيق العيد سنتها الاجتماع للحديث المذكور وفائدة هذا هل تسن في الانفراد أو لا تسن محل نظر
والذي يظهر من قوله ﷺ فإذا رأيتم شيئاً من ذلك فصلوا وادعوا أنه خطاب للجميع فمن كان بإمكانهم
الاجتماع سن لهم ذلك ومن لم يكن بإمكانهم الاجتماع كأن يكون شخص في مكان منفرد فالظاهر أنه يعمل
بما أمره به النبي ﷺ إلا أن أئمة المذاهب قد ذهب أكثرهم إلى مشروعية الجماعة في صلاة الكسوف وهم الشافعي
ومالك وأحمد وجمهور العلماء .
وقال أبو حنيفة وطائفة تفعل فرادى وظاهر هذا القول أنها لا تشرع فيها الجماعة بالكلية وهو قول يناقض
الدليل ويخالفه والحق ما ذهب إليه الثلاثة لموافقته الأدلة . والله الموفق .

تاسعاً : قوله وقد اختلفت الأحاديث في كيفيتها واختلف العلماء في ذلك فالذي اختاره مالك والشافعي رحمهما الله
ما دل عليه حديث عائشة وابن عباس رضي الله عنهما من أنها ركعتان في كل ركعة قيامان وركوعان وسجودان .
قال الصنعاني أقول واختار أحمد والليث وأبو ثور وجمهور علماء الحجاز وغيرهم أي أن صلاة الكسوف ركعتان في
كل ركعة ركوعان وهذا بناء على أن الأحاديث الصحيحة الواردة في هذا الباب متفقة على ذلك وإن خالفت
بعض الأحاديث هذا فقد ذهب البيهقي وابن عبد البر إلى أن الصحيح من هذه الأحاديث هو رواية ركعتان في كل ركعة ر
كوعان وما عدا ذلك فهو معلل وضعيف على أن بعض أهل العلم قد ذهب إلى مشروعية الزيادة على ركوعين في كل ركعة .
أما الحنفية فقد ذهبوا إلى أن صلاة الكسوف تصلى صلاة عادية وإنّ تعدد الركوع لا يشرع فيها بل زعم بعض
أهل هذا المذهب إلى أن النبي ﷺ ما كان يركع بل كان يرفع رأسه لينظر هل انجلت الشمس أم لا ؟ قال ابن دقيق
العيد واعتذروا عن الحديث أي حديث عائشة وما في معناه بأن النبي ﷺ كان يرفع رأسه ليختبر حال الشمس هل
انجلت أم لا فلما لم يرها انجلت ركع .

قال الصنعاني على قوله فلما لم يرها انجلت ركع أي استمر في ركوعه قلت : أي الصنعاني والذي في كتاب معاني
الآثار للطحاوي من الأعذار أن النبي ﷺ كان يصلي ركعتين ويسلم ويسأل كما روى ذلك النعمان بن بشير وهذا
مردود وإنما هي اعتذارات واهية بل سخيفة يريد أصحابها من وراء ذلك رد النصوص والقول بمذهب الإمام كأن
الله أرسل إليهم أبا حنيفة ولم يرسل محمداً ﷺ وهذا أمر يؤسف له أن يصدر من قوم يبحثون العلم وينظرون فيه
وعند الله الملتقى.

والحق ما ذهب إليه الجمهور أن صلاة الكسوف ركعتان في كل ركعة ركوعان وقيامان وسجدتان وأنه يسن فيها
تطويل القراءة وأن تكون القراءة الأولى أطول من التي تليها والتي تليها أطول من التي تليها وهكذا ….. إلخ
فإذا رفع من الركوع الأول سن له أن يقرا الفاتحة في القيام الثاني ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في الفتح وذكر
الإجماع عليه وبالله التوفيق .

.--------






تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ



تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]

رابط تحميل الكتاب :













.
رد مع اقتباس
  #47  
قديم 11-08-2015, 11:35PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله-



[147] الحديث الثاني :
عن أبي مسعود – عقبة بن عمرو الأنصاري البدري ـ رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ : ( إن الشمس والقمر
آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده وإنهما لا ينكسفان لموت أحد من الناس فإذا رأيتم منها شيئاً فصلوا
وادعوا حتى ينكشف ما بكم .



موضوع الحديث :
الكسوف وما ذا يجب على من رآه


المفردات : ‏

قوله وإنهما لا ينكسفان : قد تقدم معنى الكسوف والانكساف وفي هذا اللفظ إطلاق لاسم الكسوف عليهما معاً
قوله فإذا رأيتم منها شيئاً فصلوا : قوله فصلوا جواب الشرط وجزاءه والشرط هو إذا ورأيتم فعل الشرط وجوابه فصلوا
قوله حتى ينكشف ما بكم : أي حتى يزول أمر الآية التي نزلت بكم وما هنا موصولة بمعنى الذي .


المعنى الإجمالي :
يخبر النبي ﷺ في هذا الحديث أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده أي يجعل فيهما
من التغير من النور إلى الظلمة ومن البياض إلى السواد ما يكون فيه تخويف للعباد وقد أرشد النبي ﷺ إلى ما
يكون فيه استرضاء لله من فعل الصلاة والدعاء والتضرع إلى الله والخوف منه وبالله التوفيق .



فقه الحديث : ‏

أولاً :يؤخذ من هذا الحديث أن الشمس والقمر لا ينخسفان أو لا ينكسفان لموت أحد من الناس
فانتفى بهذه الجملة أمران :
الأمر الأول أنه لا علاقة بين إنكساف الشمس والقمر وبين موت أو حياة العظماء كما زعمته الجاهلية
الأمر الثاني أن الانكساف ليس إليهما ولا يفعلانه هما أي الشمس والقمر وإنما يفعله الله بهما
وفي نفي الأمرين نفي لما كان أهل الجاهلية يتوهمونه ويظنونه والله تعالى أعلم



ثانياً :يؤخذ من قوله آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده أن الانكساف الحاصل من الشمس تارة والقمر
تارة أخرى إنما يفعله الله من أجل أن يخوف الله بهما عباده وليس كما يظن أهل الجاهلية



ثالثاً :يؤخذ من قوله فإذا رأيتم منها شيئاً فصلوا وادعوا الأمر بالصلاة والدعاء والتضرع عند وجود هذه الآية .


رابعاً :قوله فصلوا أمر من الشارع يوضحه فعله ﷺ وذلك أن هذا الأمر يكون امتثاله بإقامة صلاة على الهيئة المخصوصة
التي وردت عنه في هذه المناسبة فيكون من العام المراد به الخصوص وهي الصلاة ذات الركوعات التي جاءت عن النبي ﷺ في
مثل هذه المناسبة



خامساً :وعلى هذا فلا يكون فيه دليل للحنفية القائلين بأن الصلاة المأمور بها هي مطلق الصلاة


سادساً :يؤخذ من قوله حتى ينكشف ما بكم أن الأمر بالصلاة الطارئة لطروء هذا الحدث تنتهي بانكشاف الكاسف منهما
سواء كان هو الشمس أو القمر



سابعاً :إذا علم انكشاف الكسوف وهو في الصلاة أتمها خفيفة على الصفة
المشروعة في صلاة الكسوف .



.--------




تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ

تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]


[ المجلد الثالث ]

رابط تحميل الكتاب :

.



رد مع اقتباس
  #48  
قديم 13-08-2015, 02:27AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -‏




[148] الحديث الثالث :

عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : خسفت الشمس على عهد رسول الله ﷺ فصلى رسول الله ﷺ بالناس فأطال
القيام ثم ركع فأطال الركوع ثم قام فأطال القيام – وهو دون القيام الأول – ثم ركع فأطال الركوع – وهو دون الركوع الأول
ثم سجد فأطال السجود ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ما فعل في الركعة الأولى ثم انصرف وقد تجلت الشمس فخطب
الناس فحمد الله وأثنى عليه
ثم قال : إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله
وكبروا وصلوا وتصدقوا ثم قال : يا أمة محمد والله ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته يا أمة محمد
والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً).

وفي لفظ فاستكمل أربع ركعات وأربع سجدات .


موضوع الحديث :
صفة صلاة الكسوف



المفردات
على عهد رسول الله : أي في زمنه
قوله فأطال القيام وهو دون القيام الأول وكذلك فأطال الركوع وهو دون الركوع الأول هل المراد بالأول أي الأول في
الركعة الأولى أو الذي قبل الموصوف والظاهر أن عائشة تقصد أن كل ركن يكون أقل من الذي قبله فالقيام الثاني
من الركعة الأولى أقل من القيام الأول فيهما والقيام الأول من الركعة الثانية أقل من القيام الثاني من الركعة الأولى وهكذا .

ومعنى قوله انصرف أي سلم
تجلت الشمس : أي رجعت إلى عادتها
قوله فحمد الله وأثنى عليه : المراد بالثناء المدح الجميل والله هو المستحق للمدح والثناء لما له من الكمالات
ولما اسبغه على عباده من النعم

قوله والله ما من أحد أغير من الله : يعني أكثر غيرة من الله على محارمه
قوله أن يزني عبده أو تزني أمته : الزنا هو الاتصال الجنسي بين الذكر والأنثى بغير حل .

المعنى الإجمالي

وصفت عائشة رضي الله عنها صلاة النبي _ حين كسفت الشمس بأن النبي _ صلاها بقيامين وقرائتين وركوعين
وأن كل ركن أقل من الركن الذي قبله وأن النبي خطب الناس بعد نهاية الصلاة وأنه أمرهم عند تغير هذه الآيات
أن يفزعوا إلى الدعاء والصلاة والتكبير والتصدق .



فقه الحديث
أولاً: يؤخذ من حديث عائشة رضي الله عنها مشروعية تطويل الصلاة في الكسوف


ثانياً : يؤخذ منه مشروعية تطويل القيام وتطويل الركوع بعده ثم تطويل القيام الثاني
وهو دون القيام الأول ثم تطويل الركوع الثاني وهو دون الركوع الأول


ثالثاً : ويؤخذ منه رد على من زعم أن صلاة الكسوف هي مثل سائر الصلوات كالحنفية


رابعاً : ويؤخذ منه أن الاعتدال بعد الركوع الثاني وبين السجود لا يطول لأن عائشة رضي الله عنها قالت سجد
فأطال السجود وكذلك بين السجدة الأولى والثانية ولعله لم يكن فيه زيادة على ما كان يفعله _ في صلاة الفريضة
وقد علم من صلاة النبي _ أنه كان يجعل الأركان قريبة من بعضها إلا القيام للقراءة والتشهد وقد يجعلها سواء
أو قريبة من السواء إذا قصر القراءة ولم يطولها ويؤخذ من قولها ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ما فعل في
الركعة الأولى أي أنه صلاها بقيامين وقراءتين وركوعين وسجودين .



خامساً :يؤخذ من حديثها أيضاً مشروعية الخطبة للكسوف خطبة يذكر الخطيب فيها الناس بآيات الله عز وجل
وقد اختلف في مشروعيتها .فذكر بعض أهل العلم أن خطبة النبي ﷺ إنما كانت لأعلامهم بأن الشمس
والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته فكان المقصود منها استئصال الاعتقاد الجاهلي
الذي كانوا يعتقدونه والحق إن شاء الله مشروعية الخطبة للكسوف خطبة يذكر فيها الناس بربهم ويحذرهم مغبة المعاصي
وهذا هو قول الجمهور .



سادساً :و يؤخذ منه من قوله فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا أنه يشرع عند الكسوف الدعاء
والتكبير والصلاة والتصدق .



سابعاً : ويؤخذ منه أيضاً أن تغير هذه الآيات وانطماسها وذهاب ضوءها يجعله الله عز وجل تخويفاً لعباده يخوفهم
به فإن تغير هذه الآيات دليل على قدرة الله عز وجل على تغير الحال الذي يكون فيه العبد إذا عصى
الله عز وجل من عافية إلى ابتلاء ومن نعمة إلى عذاب ومن سرور إلى حزن ومن ضحك إلى بكاء فليتدارك العبد
نفسه وليذكر الله ربه يذكره في حال العافية حتى يستجيب له عند البلاء ويعفو عنه عند النقم والعذاب ثم قال
يا أمة محمد والله ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته الزنا واحد من الآثام الكبيرة التي توجب غضب
الله وقد ذكر بعض أهل العلم المناسبة بين ذكر الزنا والكسوف وأن المناسبة بينهما أن الكسوف يذهب
معه ضوء هذه الآية وتذهب منفعتها ويكون العبد في حالة تخوف من الله عز وجل بمفارقة نورها لها بالكسوف وأن الزنا يفارق العبد
فيه إيمانه كما تفارق الشمس ضوءها والقمر ضوءه كما جاء في الحديث لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن وجاء أنه يفارقه إيمانه فيكون
فوقه كالظلة .

سبق أن بينا أن الركوع الثاني يقرأ فيه بالفاتحة وسورة أو سور ولكن يجعل القيام الثاني أقل من القيام الأول .


.--------



تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.


تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :


http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf












.



رد مع اقتباس
  #49  
قديم 13-08-2015, 09:28PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله - ‏



[149] الحديث الرابع :
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال خسفت الشمس على زمان رسول الله ﷺ فقام فزعاً يخشى أن تكون
الساعة حتى أتى المسجد فقام فصلى بأطول قيام وركوع وسجود ما رأيته يفعله في صلاته قط ثم قال : إن هذه الآيات
التي يرسلها الله عز وجل لا تكون لموت أحد ولا لحياته ولكن الله يرسلها يخوف بها عباده فإذا رأيتم منها شيئاً
فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره .


موضــوع الحـديث :

كسوف الشمس وما ينبغي أن يفعله فيه المكلف تأسياً برسول الله ﷺ ‏



المفردات‏
فقام فزعاً :أي خائفاً
يخشى أن تكون الساعة : أي يخاف أن تكون الساعة حضرت
قوله إن هذه الآيات التي يرسلها الله عز وجل : إشارة إلى الكسوف والخسوف وما في معناها وكم لله من آية قد
ظهرت في هذا الزمان ولكن من لا يعقلون يربطون تلك الآيات بأسباب طبيعية ويغفلون عن الحكمة التي يريدها
الله منها فتارة بالأعاصير وتارة بالفيضانات وتارة بالزلازل وتارة بالبراكين وتارة بالحروب وكل ذلك عقوبات
من الله عز وجل وآيات يريها عباده ليتعظوا فليس ببعيد عن الذاكرة البركان الذي ذكر في الفلبين وأنه كان يرمي بالشرر
إلى خمسين كيلو في الجو إلى غير ذلك مما هو معلوم لمن تتبع الأخبار في هذه الأزمنة قوله فافزعوا إلى ذكر الله
ودعاءه هذا التعبير يدل على أن القيام إلى الذكر يكون بخوف ووجل وخشوع .



المعنى الإجمالي
في هذا الحديث أخبر أبو موسى الأشعري رضي الله عنه بأن النبي ﷺ لما انخسفت الشمس في زمنه قام
فزعاً يخشى أن تكون الساعة وأنه صلاها بأطول قيام وركوع وسجود رآه أبو موسى وأنه خطبهم بما ذكر في
هذا الحديث وغيره



فقه الحديث
فقه الحديث قد تقدم في الأحاديث المتقدمة ولا حاجة إلى إعادته وكل الأحكام التي تتعلق بصلاة
الكسوف قد وضحناها فيما سبق ولا داعي لأعادتها .

قال ابن دقيق العيد في قوله فافزعوا إلى ذكر الله ودعاءه إشارة إلى المبادرة إلى ما أمر به الشارع وتنبيهاً إلى
الالتجاء إلى الله عند المخاوف بالدعاء والاستغفار وإشارة إلى أن الذنوب سبب للبلايا والعقوبات العاجلة وأن الاستغفار
والتوبة سبب لمحو الذنوب وإزالتها ويرجى من وراء ذلك زوال المخاوف .


وقد ذكر في التأريخ أن أهل المدينة لما خرجت النار من حول المدينة التي جاء الحديث بها تخرج نار بالحجاز
تضيء لها أعناق الإبل ببصرى وبصرى بلد قريب من دمشق وأن أهل المدينة اجتمعوا وعطلوا الأعمال ودخلوا المسجد
أي مسجد النبي _ فجعلوا يذكرون الله ويدعون ويبكون لكن تلك الآية قد دامت قريباً من شهر وهي ظهرت
في عام 556هـ وكانت تذيب الصخور ولا تحرق الشجر والله تعالى أعلم .


.--------



تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf












.


رد مع اقتباس
  #50  
قديم 16-08-2015, 04:36AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم



تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




بـاب الاستسقــاء
الاستسقاء في اللغة : طلب سقيا الماء من الغير للنفس أو للغير
وشرعاً : طلبه من الله تعالى
عند حصول الجدب على هيئة مخصوصة .



[150] الحديث الأول :
عن عبدالله بن زيد بن عاصم المازني رضي الله عنه قال : خرج النبي ﷺ يستسقي فتوجه إلى القبلة يدعو
وحول رداءه ثم صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة .

وفي لفظ إلى المصلى .


موضوع الحديث:
الاستسقاء وما ينبغي أن يفعله فيه الإمام والناس وكيف تصلى صلاته



المفردات
يستسقي : يطلب السقيا من الله تعالى
فتوجه إلى القبلة يدعو: أي استقبلها وجعل يدعو
قوله وحول رداءه :الرداء هو ما يجعله الرجل على كتفيه وتحويله قلبه ليكون الظهر بطناً والبطن ظهراً
واليمين شمالاً والشمال يميناً

قوله ثم صلى ركعتين : مجيئه بثم التي عطف بها الصلاة على الدعاء والتحويل دليل على جواز الدعاء والتحويل
قبل الصلاة وإن كان المشهور خلافه

قوله جهر فيهما بالقراءة : بمعنى أنه أسمعهم القراءة ولم يسرها


المعنى الإجمالي
يبتلي الله عز وجل عباده بأنواع من الابتلاء من أجل أن يدعوه وأن يذكروه وإن الابتلاء بالقحط وعدم نزول
المطر موجب لأن يتوجه الناس إلى ربهم ويدعونه لكشف ما بهم ويطلبون منه أن يسقيهم الماء الذي يعيشون
عليه هم وأنعامهم وكذلك فعل النبي ﷺ حين أجدبت المدينة وما حولها فخرج يستسقي وتوجه إلى القبلة يدعو
وحوّل رداءه تفاؤلاً بتحويل الحال ثم صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة



فقه الحديث
أولاً: يؤخذ من هذا الحديث دليل على استحباب الصلاة للاستسقاء وهو مذهب جمهور الفقهاء وعند أبي حنيفة
لا يصلى للاستسقاء ولكن يدعو وخالفه أصحابه فوافقوا الجماعة قال الطحاوي في معاني الآثار بعد
أن ساق أحاديث استسقاءه ﷺ بالدعاء ما لفظه ذهب قوم إلى أن سنة الاستسقاء هي الابتهال إلى
الله عز وجل والتضرع إليه كما في هذه الآثار وليس في ذلك صلاة وممن ذهب إلى ذلك أبو حنيفة وخالفه في ذلك
آخرون منهم أبو يوسف فقال بل السنة في الاستسقاء أن يخرج الإمام بالناس إلى المصلى ويصلي بهم هنالك
ركعتين يجهر فيهما بالقراءة ثم يخطب ويحول رداءه فيجعل أعلاه أسفله وأسفله أعلاه



ثانياً :ويؤخذ من هذا الحديث أن السنة في الاستسقاء البروز إلى المصلى كما فعل النبي ﷺ وقد علمت أن أبا
حنيفة لا يرى الصلاة ولا الخروج لها علماً بأن الأحاديث الصحيحة دالة على ذلك وقد استدل لمذهب أبي حنيفة
بأن النبي ﷺ استسقى في خطبة الجمعة ولم يخرج ويرد الجمهور على قائل هذا القول بأن استسقاء
النبي ﷺ في خطبة الجمعة وقع مرة ووقع مرة أخرى أو مرات أن النبي ﷺ وعد الناس بالخروج لصلاة
الاستسقاء فخرج لها وصلى بالناس .

ونفي أبو حنيفة لا يدل على أن الصلاة خلاف السنة بل السنة ثابتة وإن جهلها أبو حنيفة بنقل العدل عن العدل فإذا
كان أبو حنيفة قد نفى شيئاً ثبت عن النبي ﷺ من طرق متعددة وبألفاظ صريحة وأسانيد صحيحة أنترك سنة
النبي ﷺ لرأي فلان وفلان لا والله فالحق أحق أن يتبع وما كلفنا الله باتباع أحد غير محمد رسول الله ﷺ .



ثالثاً : يؤخذ من هذا الحديث استحباب تحويل الرداء
وخالف أبو حنيفة في ذلك كما قد سبق وقيل أن سبب التحويل التفاؤل بتغير الحال وقال من احتج لأبي حنيفة
إنما قلب رداءه ليكون أثبت على عاتقه عند رفع اليدين في الدعاء أو عرف من طريق الوحي تغير الحال عند تغيير رداءه .

وأقول هذه محاماة عن المذهب ورد للدليل وإن هذا لأمر يؤسف له أن يصدر من عالم يريد اتباع شريعة
محمد ﷺ فإذا به يتحايل لإبطالها والأخذ بأقوال الرجال نسأل الله أن يرزقنا ثباتاً على الحق وأخذاً به ورفضاً لما سواه
وبالله التوفيق .



رابعاً : تحويل الرداء هو أن يقلبه الإمام فيجعل اليمين شمالاً والشمال يميناً والبطن ظهراً والظهر بطناً وقد
قيل في علة ذلك أنه تفاؤل بتحويل الحال ونقول إن من حق المكلف بل الواجب عليه المتابعة لنبي الهدى ﷺ
وقائد الأمة إلى ربها صلوات ربي وسلامه عليه من حقنا نحن المكلفين أو من الحق علينا بالأحرى أن
نتبع ما جاء عن النبي ﷺ عرفنا علته أو لم نعرفها فأنت عبد مأمور بالاتباع وربك يقول (اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ
إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ) [الأعراف : 3 ] ويقول لنبيه

ﷺ ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُـورٌ رَحِيـمٌ) [آل عمران : 31]

خامساً : يؤخذ منه مشروعية الدعاء في الاستسقاء وظاهر هذا الحديث أنه يدعو قبل الصلاة وقد ورد في غير
هذا الحديث أن الدعاء بعد الصلاة وعلى هذا فنأخذ من هذا الحديث جواز الدعاء قبل الصلاة وبعدها بل وفي
أثناء الخطبة فقد علم من خطبة النبي ﷺ في الاستسقاء أنه قال فيها اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً هنيئاً مريئاً
سحاً غدقاً عاجلاً غير رائث …ألخ ما ذكر وعلى هذا فالاستسقاء كله مقصود للدعاء سواء قبل الصلاة
أوفي أثنائها أو في حال الخطبة أو بعد الصلاة كل ذلك جائز إن شاء الله



سادساً :يؤخذ من هذا الحديث أن السنة في دعاء الاستسقاء أن يستقبل القبلة وقد ورد في حديث أنس
(أن النبي ﷺ دعا وهو في خطبته مستدبراً للقبلة) فدل على أن هذا الاستحباب إنما يكون إذا جعل للاستسقاء
صلاة خاصة فالمستحب أن يستقبل القبلة في حال الدعاء .



سابعاً : يؤخذ من قوله ثم صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة أن السنة أن يصلي للاستسقاء ركعتين
كما تقدم وإلى ذلك ذهب الجمهور خلافاً لأبي حنيفة وأخذاً بالدليل


ثامناً : لم يذكر هنا كيف تكون صلاة الركعتين وقد ذكر في حديث ابن عباس أنها كصلاة العيد ولذلك فقد
رأى جماعة من أهل العلم أنها تصلى كصلاة العيد بالتكبير في أول كل ركعة وأن يبدأ الخطبة بالتكبير كما يفعل
في صلاة العيد . وذهب آخرون إلى أنها تصلى ركعتين بدون تكبير فيها .



تاسعاً : قوله جهر فيهما بالقراءة دليل على أن صلاة الاستسقاء يستحب الجهر فيها بالقراءة كسائر الصلوات
المسنونة التي تشرع لها الجماعة كالعيدين وغيرها أما ما لم تشرع فيه الجماعة من صلوات النهار فالسنة فيها الإسرار .



عاشراً : لم تذكر الخطبة هنا وقد ذكرت الخطبة في غير هذا الحديث وعلى هذا فالقول بسنيتها
هو الحق إن شاء الله وقد ذهب إلى ذلك الجمهور .



الحادي عشر : أن صلاة الاستسقاء يجوز أن تصلى قبل الخطبة والدعاء أو بعد الخطبة والدعاء أما صلاة
العيدين وصلاة الكسوف فيبدأ فيها بالصلاة ولما اختلفت الروايات في صلاة الاستسقاء جاز أن تكون قبل الخطبة
أو بعدها هذا والله أعلم .



الثاني عشر : يؤخذ من هذا الحديث أيضاً أن التحويل يكون وهو مستقبلاً القبلة مستدبراً للمأمومين ويدعو
بعد التحويل سراً ولكن إلى الآن لم أر الدليل على هذا .



الثالث عشر : يسن الخروج لصلاة الاستسقاء في ثياب المهنة ولا يتزين لها كما يتزين للعيد ويخرج متبذلاً
خاشعاً ذاكراً داعياً هذه هي السنة في صفة الخروج لصلاة الاستسقاء ويكون ذلك بعد طلوع الشمس لقوله في
بعض الروايات خرج حين بدأت حاجب الشمس


.--------



تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf












.


رد مع اقتباس
  #51  
قديم 17-08-2015, 01:46AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -




[151] الحديث الثاني:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلاً دخل المسجد يوم الجمعة من باب كان نحو دار القضاء ورسول الله
ﷺ قائم يخطب فاستقبل رسول الله ﷺ قائماً ثم قال : يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله
يغثنا قال : فرفع رسول الله ﷺ يديه ثم قال : اللهم أغثنا اللهم أغثنا قال أنس : فلا والله ما نرى في
السماء من سحاب ولا قزعة وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار قال : فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس
فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت قال : فلا والله ما رأينا الشمس سبتاً قال : ثم دخل رجل من ذلك الباب
في الجمعة المقبلة ورسول الله ﷺ قائم يخطب فاستقبله قائماً وقال يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت
السبل فادع الله أن يمسكها عنا فرفع رسول الله ﷺ يديه ثم قال اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الآكام والظراب
وبطون الأودية ومنابت الشجر قال فأقلعت وخرجنا نمشي في الشمس.

قال شريك : فسألت أنس
بن مالك أهو الرجل الأول ؟ قال لا أدري .



موضوع الحديث :
الاستسقاء في خطبة الجمعة



المفردات
أن رجلاً دخل المسجد : لم يعرف من هو
قوله نحو دار القضاء : ربما تبادر إلى الفهم أنها كانت دار للقضاة الذين يقضون بين الناس والحقيقة أنها إنما
سميت بذلك لأنها بيعت في قضاء دين عمر بن الخطاب الذي كتبه على نفسه وأوصى به ابنه عبدالله
وابنته حفصة فكان يقال لها دار قضاء دين عمر ثم اختصروا فقالوا دار القضاء .

قوله أن رجلا دخل المسجد ورسول الله قائم يخطب : الواو واو الحال والجملة بعدها حالية أي والحال
أن رسول الله ﷺ كان قائماً يخطب .


هلكت الأموال : المراد بها الأموال الحيوانية من المركوبات وبهيمة الأنعام

قوله وانقطعت السبل : المراد بانقطاعها هنا كناية عن ضعف المركوبات وعدم استطاعتها على السير من أجل المجاعة .
فادع الله يغثنا : ورد في يغثنا روايتان رواية بالجزم على أنه جواب الطلب ورواية بالرفع يغيثنا على الاستئناف بمعنى ادع
الله أن يغيثنا .

قوله فرفع رسول الله ﷺ يديه : الفاء هنا فاء فصيحة والله أعلم وربما قيل أنها سببيه أي بسبب ذلك
رفع يديه ثم قال اللهم أغثنا مرتين معنى أغثنا أنزل علينا الغيث

قوله ولا قزعة : القزعة السحابة الصغيرة أو السحاب المتقطع والمراد بذلك أن الله أنشأ سحابة في ذلك الحين
فلم يخرجوا إلا في المطر .

سلع : هو جبل في المدينة في الشمال الغربي منها على طريق الجامعة الإسلامية
فطلعت من وراءه سحابة مثل الترس :المراد بالترس هو ما يسمى بالدرقة وهو الذي كانوا يستعملونه ليتقوا به ضرب
السيوف أو رد السهام عنهم والمراد أن السحابة طلعت صغيرة ثم انتشرت وفي هذا معجزة للنبي ﷺ

قوله فلا والله ما رأينا الشمس سبتاً : المراد به أسبوعاً
قوله فادع الله يمسكها عنا : أي أنهم سئموا المطر وأرادوا أن يرفع عنهم لكونه كان أسبوعاً نازلاً عليهم
اللهم حوالينا : أي على ما حولنا
ولا علينا : يعني ارفع المطر عنا
اللهم على الآكام : جمع أكمة وهو المرتفع من التراب .
والظراب : جمع ظرب وهي الجبال الصغيرة المنبطحة
وبطون الأودية : بطن الوادي هو ما يجري فيه الماء
ومنابت الشجر : التي تنفع الناس لمواشيهم
قوله فأقلعت : أي انقطع المطر فخرجنا نمشي في الشمس وهذا فيه معجزة للنبي ﷺ


المعنى الإجمالي
في هذا الحديث أن النبي ﷺ بينما كان يخطب أصحابه في يوم الجمعة إذ أقبل رجل فشكا إليه كثرة القحط
وضعف المواشي عن السير وجوع العيال فرفع النبي ﷺ يديه ثم دعا وليس في السماء سحاب فانشأ الله
سحابة وانبسطت في السماء فلم يخرجوا إلا في المطر ومكث المطر أسبوعاً وفي الجمعة التي بعدها دخل
رجل من ذلك الباب فشكا إليه شدة المطر وتهدم المنازل وانقطاع السبل فدعا النبي ﷺ برفع المطر عن المدينة
وإبقائه على ما حولها من بطون الأودية ومنابت الشجر فانجاب السحاب عن المدينة ثم خرجوا يمشون



فقه الحديث
أولاً :استدل بهذا الحديث على عدم مشروعية الصلاة للاستسقاء كما رأى ذلك أبو حنيفة وقد تقدم الكلام
على ذلك وأن كون النبي ﷺ دعا في الخطبة مرة فإنه لا ينفي مشروعية الصلاة للاستسقاء مرة أخرى كما حصل



ثانياً : يؤخذ منه مشروعية رفع اليدين في الدعاء .


ثالثاً :يؤخذ منه أن مخاطبة الخطيب والكلام عليه جائز بخلاف أن يكلم المأموم غير الخطيب فهذا ممنوع
كما جاء في هذا الحديث .



رابعاً : يؤخذ منه معجزة للنبي _ حيث استجاب الله دعائه في نفس اللحظة واستمر المطر أسبوعاً كاملاً ثم
في الأسبوع الثاني طلب منه الدعاء لرفع المطر عن المدينة فدعا وانجاب السحاب عن المدينة أي تحول منها إلى غيرها .



خامساً : أن النبي ﷺ لم يدع بانقطاع المطر بالكلية ولكن دعا بانقطاع المطر عن المدينة وإبقائه على ما
حولها فاستجاب الله دعائه في الحال أيضاً



سادساً :يؤخذ من هذا الحديث رفع اليدين عند الدعاء وهل هو مشروع في كل دعاء أو خاص بدعاء
الاستسقاء فيه خلاف



سابعاً : الكلام على ما يتعلق بصلاة الاستسقاء قد تقدم في الحديث قبل هذا
وبالله التوفيق .



.--------



تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf












.
رد مع اقتباس
  #52  
قديم 17-08-2015, 09:32PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم



تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




كتــاب الحـــج


الحج لغة : القصد
وشرعاً : قصد مخصوص إلى محل مخصوص على وجه مخصوص أي قصد الكعبة والمناسك حولها
لأداء فريضة الحج أو العمرة في أشهر الحج



والعمرة داخلة في اسم الحج فإذا كان الحج هو القصد إلى بيت الله الحرام على وجه مخصوص بأن يتجرد من المخيط
ويلبي فإن العمرة داخلة في ذلك بمعنى أن هذا الحد يشملها إلا أن الحج له زمن محدد والعمرة ليس لها زمن
محدد بل كل الزمن وقت لها

وقد اختلف في وقت فرضية الحج متى كانت على أقوال أرجحها عند الجمهور أنه فرض في سنة ست وقيل
بعد ذلك وقد دندن الصنعاني رحمه الله على هذا الموضوع مما يدل أنه يرى أن فرضية الحج كانت متأخرة
عن السنة السادسة



وأقول : لا تنافي فإذا قلنا بأن الحج فرض في السنة السادسة وكانت مكة في ذلك الوقت تحت سيطرة الكفار
فقد امتنع أداء الحج بعد الفرضية مباشرة لعدم تمكن النبي ﷺ من أداء الحج في ذلك الوقت وبعد فتح مكة
فقد كانت العرب غيرت بالحج عما شرع الله على لسان إبراهيم عليه السلام فأراد النبي ﷺ أن يطهر البيت
من عوائد المشركين فأرسل أبا بكر في السنة التاسعة أميراً على الحج وفيه إشعار بولايته بعده على سبيل الإيماء لا التنصيص
ثم أرسل على بن أبي طالب رضي الله عنه لينبذ عهد من له عهد من المشركين وليمنع المشركين من
حج بيت الله الحرام وليمنعهم من الطواف بالبيت عراة وكانت من عادة العرب أن الذي يؤدي عن الرئيس أو الملك أو
الأمير هو أقرب الناس إليه فأرسل علي بن أبي طالب رضي الله عنه بذلك فلما تطهرت المناسك من المشركين وما
أحدثوه وتهيأت الأمور حج النبي ﷺ وأنزل الله عليه بعرفات (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ
نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِينًاْ) [المائدة : 3 ] ولم يعش بعد ذلك إلا بضعة وتسعين يوماً فقط ثم انتقل إلى جوار ربه
صلوات الله وسلامه عليه والمهم أن كون فرضية الحج في سنة ست والتنفيذ في سنة عشر لا تنافي بينهما فقد تأخر
التنفيذ لعدم إمكانه قبل ذلك لما يوجد من الموانع فلما أزيلت بادر ﷺ إلى الحج .

وبالله التوفيق


.--------



تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf

التصفية والتربية
TarbiaTasfia@











.


رد مع اقتباس
  #53  
قديم 17-08-2015, 10:22PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




بــاب المواقيت

[210] الحديث الأول :

عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ وقت لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد
قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم. هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج أوالعمرة .

ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة .


موضوع الحديث:
المواقيت المكانية



المفردات
قوله وقت : أي حدد فالتوقيت هو تحديد الشيء بالوقت سواء الوقت المكاني أو الزماني والمراد هنا المواقيت
المكانية بالنسبة للحج والعمرة

ذا الحليفة : مكان يبعد عن المدينة ستة أميال وهو ما يشتهر باسم أبيار علي
قوله الجحفة : مكان قريب من رابغ
وسميت الجحفة لأن السيل إجتحف أهلها في بعض الأزمنة وهي مهيعة وأهل العلم يقولون أنها تبعد عن
مكة ثلاث مراحل .

قال ولأهل نجد قرن المنازل : قرن المنازل ويقال قرن الثعالب جبل ومكان معروف يشتهر اليوم بالسيل أو وادي السيل
ويحاذيه وادي محرم لمن يأتي على طريق الهدى

ولأهل اليمن يلملم : يلملم واد ينزل من جبال الطائف وبني سعد ويمر غرباً حتى يصب في البحر الأحمر وهل
الاسم لهذا الوادي أو لجبل كان فيه في مكان يسمى بالسعدية ولقد بحثنا مع أهل تلك الجهة وسألنا فوجدناهم جميعاً
يذكرون أن اسم يلملم هو اسم للوادي وليس للمكان الذي كان معروفاً من قديم الزمان

ولقد كان قرر المفتي العام الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله قرر بأن يحاذى المكان المذكور بما يحاذيه على خط
الإسفلت المعبد وخرجت لجنة وقررت مكاناً وعمل فيه مسجد ثم بعد ذلك اقتنع الشيخ حفظه الله بأن الوادي هو
الميقات وأمر أن يعمل المسجد جنوبه وفعلاً نفذ هذا وكان بين التحديد الأول والثاني ما يزيد على عشرة كيلوات
ذلك لأن الوادي يتعرج بعد السعدية إلى جهة الجنوب ثم يعتدل غرباً وأهل تلك المنطقة يسمون الوادي لملم
بدون ياء وأخبرنا كثير منهم أن هذا الاسم لهذا الوادي من ضلوع الطائف كما يقولون إلى البحر .

قوله هن لهن : أي هذه المواقيت لأهل تلك الجهات ولقد أنكر ابن دقيق العيد رحمه الله لحوق ضمير المؤنث
في لهن وقال الأصل أن يقال هن لهم أي لأهل تلك الجهات قال وقد ورد ذلك في بعض الروايات

قلت: وللرواية المشهورة محمل صحيح وهو أن يقال هن ضمير للمواقيت ولهن ضمير للجهات والمراد به أهلها
قوله ولمن أتى عليهن من غير أهلهن :أي أن تلك المواقيت لا تختص بأهل تلك الجهات والنواحي فقط بل
لو أتى غيرهم عليها لزمه الإحرام منها .

قوله ممن أراد الحج أو العمرة : هذا تقييد للإطلاق للحج أو العمرة وأنه لا يلزم الإحرام إلا من أراد النسك .
قوله ومن كان دون ذلك : أي دون المواقيت وهو ما يكون بين المواقيت وبين مكة
فمن حيث أنشأ :أي فمن حيث خرج في سفره .
حتى : الظاهر أنها للغاية
أهل مكة : يحرمون من مكة .


المعنى الإجمالي
لقد يسر الله على عباده فجعل للإحرام مواقيت مكانية وهذا بالنسبة للعمرة لا حد فيه ولا تحديد بزمن أما بالنسبة للحج
فهو مقيد أيضاً بالمواقيت الزمانية وهي شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة وأخبر النبي ﷺ أن هذه المواقيت
لأهل تلك الجهات ولمن أتى عليها من غير أهلها ممن يريد الحج والعمرة أما من كان منزله من وراء المواقيت فيما
بينها وبين مكة فميقات كل منهم منزله حتى أهل مكة يحرمون من بيوتهم إذا أرادوا الحج أما إن أرادوا العمرة فهم يحرمون
من الحل وبالله التوفيق .



فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث ومن قوله وقت أن الإحرام مرتبط بمواقيت مكانية وهذا بالنسبة للحج والعمرة معاً
وهي الأماكن المذكورة ذا الحليفة والجحفة وقرن المنازل ويلملم وذات عرق لأهل العراق وهل وقتها رسول الله ﷺ
أو وقتها عمر على خلاف في ذلك ينبني على صحة الحديث المرفوع أو عدم صحته .



ثانياً : المواقيت الزمانية وهي مأخوذة من قوله تعالى (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ) [البقرة : 197]وهي شوال وذو القعدة
وذو الحجة أي عشر من ذي الحجة وهذا بالنسبة للحج فلا يصح الإحرام بالحج في غير هذه الأوقات ومن أحرم بالحج
فيها ولم يصل إلى مكة إلا في صباح يوم النحر فإنه يتحلل بعمرة وعليه الحج من قابل كما أفتى به أمير المؤمنين
عمر رضي الله عنه لأبي أيوب وهبار بن الأسود ويدخل في التوقيت أوقات زمانية ومكانية وهي يوم عرفة وليلة
مزدلفة وأيام منى .



ثالثاً : من مر على هذه المواقيت من غير أهلها وهو يقصد الحج أو العمرة لزمه أن يحرم من الميقات الذي مر
عليه لقول النبي ﷺ هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن .



رابعاً : من تجاوز الميقات بدون إحرام وهو يريد الحج أوالعمرة فإنه يلزمه واحد من أمرين
1- إما أن يعود إلى الميقات
2- أو يحرم من مكانه وعليه دم .

وللأئمة خلاف في هذه المسألة وهذا هو الراجح من أقوالهم الذي تؤيده الأدلة


خامساً : يؤخذ من قوله ممن أراد الحج أو العمرة أن من أتى إلى مكة ولم يرد حجاً ولا عمرة فإنه لا يلزمه الإحرام
وقد اختلف السلف في الحطابين والحشاشين والفكاهين الذين يدخلون إلى الحرم يومياً من خارجه يأتون ببضائع
يبيعونها ثم يعودون إلى منازلهم والقول الصحيح أنه لا يلزمهم إحرام لأنهم لم يقصدوا الحج ولا العمرة وقد علق الشارع ﷺ
وجوب الإحرام بإرادة الحج والعمرة .



سادساً : يؤخذ من قوله ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ أن من كان بين
المواقيت وبين مكة أن ميقاته منزله هذا إذا كان خارج الحرم



سابعاً : يؤخذ من قوله حتى أهل مكة من مكة أن من كان داخل الحرم فميقاته للحج من منزله أما للعمرة فأهل الحرم
يحرمون لها من الحل كما أمر النبي ﷺ عائشة حيث قال لأخيها عبد الرحمن أخرج بأختك إلى الحل ودعها تحرم
من هناك بعمرة .



ثامناً : اختلف أهل العلم في أهل مكة بالنسبة للعمرة هل يحرمون لها من بيوتهم أو من الحل فالجمهور على أنه
يجب عليهم أن يحرموا للعمرة من الحل كما سبق بيانه وخالف في ذلك بعض أهل العلم واستدلوا بحديث ابن عباس
هذا في قوله حتى أهل مكة من مكة وجعلوه عاماً للحج والعمرة والجمهور يجعلون ذلك للحج أما بالنسبة للعمرة
فيجعلون الإحرام لها من الحل ليجمعوا بين الحل والحرم وبالله التوفيق .



.--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf






.
رد مع اقتباس
  #54  
قديم 18-08-2015, 04:44PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله-




[211] الحديث الثاني :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال : يهل أهل المدينة من ذي الحليفة وأهل الشام من
الجحفة وأهل نجد من قرن

قال: وبلغني أن رسول الله ﷺ قال ويهل أهل اليمن من يلملم .


موضوع الحديث:
المواقيت المكانية



المفردات
قوله يهل أهل المدينة من ذي الحليفة : يهل هنا جملة خبرية عطف عليها ما بعدها أي ويهل أهل الشام من الجحفة
ويهل أهل نجد من قرن المنازل ويهل أهل اليمن من يلملم والتعبير بالجملة الخبرية فيما يراد منه الأمر وارد في القرآن كثيراً
فمن ذلك قول الله تعالى (وَالْوَالِدَاتُ
يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ) [البقرة : 233] فقوله يرضعن خبر يراد به الأمر أي يجب عليهن أن يرضعن أولادهن
وكقوله تعالى (الزَّانِي لا يَنكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ)
[النور : 3 ] فقوله لا ينكحها إلا زان أو مشرك خبر يراد به الأمر ولهذا قال

الجمهور أن الزاني المحدود لا يجوز أن ينكح
العفيفة والزانية المحدودة لا يجوز أن ينكحها العفيف ومنازعة من نازع في هذا كما كتب عنه الصنعاني منازعة في غير محلها
ومعنى يهل يلبي بالحج أو العمرة .

أما ذي الحليفة والجحفة وقرن المنازل ويلملم فقد تقدم الكلام على هذه في حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما .


المعنى الإجمالي
المعنى الإجمالي قد تقدم في حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أن الحكمة في وضع هذه المواقيت أنها رحمة
من الله لعباده إذ لم يوجب عليهم الإحرام من بيوتهم لأن هذا تكليف بما لا يطاق لو حصل فكلفهم الله بما يطيقون .

وأبعد المواقيت عن مكة ميقات ذي الحليفة وربما كان أقربها وادي السيل أو ما يسمى بقرن المنازل وأن الله من رحمته
علق الإحرام بإرادة الحج والعمرة وأن من أتى على ميقات ليس ميقاته فإنه يجوز له أن يحرم منه لقوله هن لهن ولمن
أتى عليهن من غير أهلهن ومن كان دون المواقيت فيحرم من مكانه .



فقه الحديث
قد تقدم فقه هذا الحديث في الذي قبله فلا حاجة للإعادة هنا
وبالله التوفيق .




.--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf






.


رد مع اقتباس
  #55  
قديم 18-08-2015, 11:40PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم



تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -




باب ما يلبس المحرم من الثياب


[212] الحديث الأول :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً قال : يا رسول الله ما يلبس المحرم من الثياب ؟ قال رسول الله ﷺ
لا يلبس القمص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفاف إلا أحد لا يجد نعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من
الكعبين ولا يلبس من الثياب شيئاً مسه زعفران أو ورس . وللبخاري ولا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين



موضوع الحديث :
ما يحرم على المحرم لبسه



المفردات
ما يلبس المحرم من الثياب :استفهام طلبي فأجاب النبي ﷺ بما لا يلبس المحرم لأنه محصور
قوله لا يلبس : يصح أن تكون لا نافية والصيغة صيغة خبر مقصود به الأمر ويصح أن تكون لا ناهية وعلى هذا فيكون
يلبس مجزوم ومثل ذلك ما عطف عليه ومثله أيضاً ولا تنتقب المرأة يصح أن تكون لا ناهية ويكون تنتقب فعل
مجزوم بلا الناهية ويصح أن تكون لا نافية ويكون الفعل مرفوعاً وهو خبر مقصود به النهي .


قوله القمص : جمع قميص وهو ما غطى جميع البدن ما عدا الرأس والحلق والقدمين إذا لم يكن مفرجاً من الأمام
فإن كان مفرجاً من الأمام قيل له جبة إذا كانت طويلة وإذا كان قصيراً فهو قباء أو كوت أو مدرعة

قوله ولا العمائم : العمائم جمع عمامة وهو ما لفّ على الرأس لفات ولم يكن مخيطاً
قوله ولا السراويلات : جمع سراويل ويذكر ويؤنث لأنه اسم أعجمي إلى أن قال ومن النحويين من لا يصرفه في النكرة
ويزعم أنه جمع سروال وسروالة أهـ من مختار الصحاح والسراويل هو ما غطى نصف البدن الأسفل بأن يكون له كمان فإن
كان بدون أكمام قيل له فوطة .


قوله برانس : جمع برنس وهو ثوب رأسه منه

قوله ولا الخفاف : جمع خف وهو ما غطى الكعبين
الورس والزعفران : هما نبتان لكل واحد منهما لون ورائحة
لا تنتقب المرأة : النقاب هو ما غطى الوجه وهو كل ما نسج أو خيط مقصوداً به تغطية الوجه خاصة وفيه فتحات
للعينين والفم والأنف .

قوله ولا تلبس القفازين : القفازان تثنية قفاز وهي شراب الكفين سواء غطيت بمحشو أو بغير محشو


المعنى الإجمالي
سأل رجل رسول الله ﷺ عما يلبس المحرم فأجابه صلوات الله وسلامه عليه بما لا يلبس المحرم باعتبار
أن الممنوع محصور والمباح غير محصور وكان في هذا الجواب غاية الإيجاز والحكمة ممن أوتي جوامع الكلم ﷺ



فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث عدة مسائل
أولاً : أنه يجوز للمفتي أن يعدل في الجواب عن السؤال المطروح ويجيب عمّا يرى فيه المصلحة إذا كان متضمناً
لها أحسن من السؤال المطروح فقد سئل النبي ﷺ عما يلبس المحرم من الثياب فأجاب النبي ﷺ بما لا
يلبس من الثياب



ثانياً : كان عدول النبي ﷺ عن صريح السؤال إلى عكسه لأن صريح السؤال عن شيء غير محصور فأجاب
بما تتضمن المصلحة للسائل وللمكلفين معاً وهو الإفادة بما لا يلبس المحرم .



ثالثاً : قال ابن دقيق العيد اتفقوا على المنع من لبس ما ذكر في الحديث أي ما هو مصرح به والخلاف فيما يقاس
على ذلك كما أشار إليه بقوله والفقهاء القياسيون عدّوه إلى ما رأوه في معناه



رابعاً : نبه بالقميص على كل ثوب مخيط محيط بالبدن كله أو معظمه فيؤخذ منه تحريم الفنايل المنسوجة التي تغطي
بعض البدن محيطةً به ولو كانت غير مخيطة إذاً فكل ما أحاط بعضو أو بالبدن أجمع أو ببعض البدن فهو محرم في
حال الإحرام فكل ما أحاط بعضو أو بالبدن منسوجاً أو مخيطاً فهو ممنوع في حال الإحرام .



خامساً : نبه بالعمائم على كل ما غطى الرأس سواءً كان مخيطاً أو غير مخيط أو منسوجاً أو غير منسوج فالرأس لا
تجوز تغطيته لا بالكوفية ولا بالطاقية ولا بالعمامة ولا بالطربوش ولا بغير ذلك .



سادساً : المقصود من النهي كل ما لبس وهي ما ذكر أما ما رفع على الرأس للحمل ولو كان ملامساً له فإنه غير
ممنوع فيجوز للحاج أن يحمل متاعه (عفشه) على رأسه وما لم يلامسه مما قصد به التظليل على الرأس فهو جائز لأن
النبي ﷺ خطب وأسامة بن زيد وبلال كانا يظلانه بثوب مرفوع فوق رأسه من الشمس فيؤخذ من هذا أن ما لم يلامس
الرأس مما قصد به الاستظلال كالمظلة وسقف السيارة فإن ذلك جائز



سابعاً : نبه بقوله والسراويلات على كل مخيط أحاط ببعض البدن فما يسمى بالدكة أو الفوطة مما هو مخيط ومحيط
فإنه ممنوع في حال الإحرام .



ثامناً : ويؤخذ منه منع البرانس وما في معناها من الأثواب التي يكون غطاء الرأس منها


تاسعاً : يؤخذ من قوله ولا الخفاف تحريم ومنع ما غطى القدمين من الخفاف والجوارب والجراميق وغير ذلك إلا ما
كان منها أسفل من الكعبين فهذا لا يكون له حكم الخف ولكن له حكم النعل .



عاشراً : قوله إلا أحد لا يجد نعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين اختلف أهل العلم في هذه
المسالة هل يجب القطع لمن لم يجد النعلين هل يجب قطع الخفين كما جاء في حديث ابن عمر أو لا يجب ذلك
لأن النبي صلى لم يأمر بالقطع حين خطب الناس بعرفات بل أجاز لبس الخفين من دون قطع وعلى
هذا فهل يحمل الحديث الأخير الذي كان بعرفات والذي ذكر مطلقاً يحمل على المقيد فيجب قطع الخفين لمن لم يجد نعلين
أم لا ؟ بالأول قال الجمهور وبالثاني قالت الحنابلة وهي الرواية المشهورة عن الإمام أحمد لأنه رأى أن
الحديث الثاني ناسخ للأول والمسألة فيها أخذ ورد وإذا نظرنا في نصوص الشريعة نجد أن بعضها ورد مقيداً وبعضها ورد
مطلقاً والغالب أن المطلق محمول على المقيد إذا كان الحكم في ذلك واحد لأن الشارع إذا بيّن في موضع بقيد
أو شرط وسكت عنه في الموضع الآخر فهل يحمل سكوته في الموضع الثاني على أنه نسخ للأول فيؤخذ بالأخير
أو غير نسخ وقصد به الإحالة على القيد فلا يكون نسخاً والمسألة فيها خلاف واحتمال كما ترى .



الحادي عشر : ويؤخذ أيضاً من الحديث أن من لم يجد إزاراً يجوز له أن
يلبس السراويل بدون فدية بل بإذن من الشارع ﷺ.



الثاني عشر :يؤخذ من قوله ولا يلبس من الثياب شيئاً مسه زعفران أو ورس وقد علمنا أن الزعفران والورس نبتان لهما
لون ورائحة فهل المنع من أجل اللون أو من أجل الرائحة أو من أجلهما والظاهر أن ما اجتمعت فيه هاتان
العلتان منع وما لم تجتمع فيه لا يمنع إلا أنه يظهر أنه قد نبه بهذين النبتين على كل ما فيه طيب والطيب متفق على تحريمه في
حال الإحرام وقد اختلف أهل العلم في استدامته فأجاز الجمهور استدامة الطيب وقالت بذلك عائشة
رضي الله عنها وذكرت أنها كانت تطيب رسول الله صلى لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت وأنها كانت ترى
وبيص المسك في مفارق رأسه صلى وهو محرم ) وكره عمر رضي الله عنه وابنه استدامة الطيب وقال بعض
أهل العلم بجوازه في البدن ومنعه في الثياب جمعاً بين حديث عائشة رضي الله عنها وحديث يعلى ابن أمية رضي الله عنه
في قصة الرجل الذي جاء إلى النبي _ بالجعرانة يسأله ماذا يفعل في إحرامه وقد لبس جبة وتضمخ بخلوق فنزل الوحي
على رسول الله صلى ولما سري عنه قال له أنزع عنك الجبة واغسل عنك الخلوق واصنع في حجك
ما تصنع في عمرتك) وبهذا الحديث استدل من يرى عدم استدامة الطيب في الثياب إذا كان يظهر لونه ولكن إذا نظرنا وتأملنا في
النصوص نجد أن هذا حصل بعد موقعة الفتح حين كان النبي ﷺ بالجعرانة وأن استدامة الطيب حصلت
من النبي _ في حجة الوداع وقد روت بعض أزواج النبي _ ( قَالَتْ كُنَّا نَخْرُجُ مَعَ النَّبِيِّ _ إِلَى مَكَّةَ فَنُضَمِّدُ جِبَاهَنَا بِالسُّكِّ الْمُطَيَّبِ
عِنْدَ الإِحْرَامِ فَإِذَا عَرِقَتْ إِحْدَانَا سَالَ عَلَى وَجْهِهَا فَيَرَاهُ النَّبِيّ ﷺ فلا يَنْهَاهَا) أما قول عائشة (بأنها كانت ترى
وبيص المسك في مفارق النبي ﷺ ) فهذا في الصحيحين أو أحدهما إلا أن الحنابلة رحمهم الله رأوا أن هذا
نسخاً للأمر بغسل الخلوق للبدن دون الثوب وبالله التوفيق .



الثالث عشر : علماً أن نهي النبي ﷺ عن الثوب المصبوغ بالورس أو الزعفران عام في حق الرجال والنساء
فلا يجوز لبسه للمرأة أيضاً لعموم النهي



الرابع عشر : يؤخذ من قوله ولا تنتقب المرأة تحريم النقاب والنقاب شيء منسوج بقدر الوجه فيه فتحات للفم
والعينين والمنخرين وهذا محرم في حال الإحرام لا يجوز لبسه للمرأة المحرمة ومن أجل هذا فقد قال بعض الفقهاء إن إحرام
المرأة في وجهها ومنعوا من تغطية الوجه في حال الإحرام سواء كان ذلك بالنقاب أو البرقع أو بفضل الخمار
وقال بعض أهل العلم من المحدثين وغيرهم أن النهي عن النقاب وما في معناه كالبرقع فهو عما هو مفصل أو منسوج
بقدر الوجه أما أن تغطي المرأة وجهها بفضل خمارها فهذا لا مانع منه بل هو واجب وقد روت عائشة رضي الله عنها
(فقالت كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله ﷺ محرمات فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها
على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه )
وهذا الحديث صحيح وهو يدل على أمرين :

الأمر الأول : وجوب تغطية الوجه على المرأة إذا قابلت الرجال الأجانب
الأمر الثاني :أن التغطية بفضل الخمار ليس فيها مناقضة للإحرام وهذا هو
القول الصحيح الذي تطمئن إليه النفس



الخامس عشر : يؤخذ من قوله ولا تلبس القفازين تحريم لبس القفازين على المرأة في حال الإحرام والقفازان هما شرّاب
اليدين سواءً كانت محشوة كما كان يفعل ذلك في الأزمنة السابقة أو غير محشوة كل ذلك ممنوع .



السادس عشر :المنهي عنه هو اللبس المعتاد فمن ارتدى بقميص أو سراويلاً أو غير ذلك فإنه لا ينكر عليه لأن
هذا اللبس لا يدخل في النهي وإنما الذي يدخل في النهي هو لبس كل شيء على عادته المعروفة



السابع عشر : من انتهك شيئاً من هذه المحضورات كأن يلبس قميصاً أو عمامة أو يغطي رأسه من غير ضرورة
فقد أساء ووجبت عليه الفدية لأنها إذا وجبت الفدية في حالة الضرورة فمن باب أولى أنها تجب في غير الضرورة
والله تعالى يقول (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) [البقرة : 196 ]

ولأهل العلم في هذه المسالة خلاف فيما إذا حصل ذلك عن جهل أو نسيان فمنهم من قال أن الجاهل والناسي لا
تجب عليه فدية ومنهم من قال بوجوب الفدية مطلقاً ومنهم من قال بوجوب الفدية في الإتلافات كحلق الشعر
ونتفه وتقليم الأظافر دون ما لم يكن فيه إتلاف كالطيب واللبس

وبالله التوفيق .



.--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf






.



رد مع اقتباس
  #56  
قديم 19-08-2015, 07:46PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




[213] الحديث الثاني :
عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله ﷺ يخطب بعرفات : من لم يجد نعلين فليلبس
الخفين ومن لم يجد إزاراً فليلبس السراويل للمحرم .



موضوع الحديث :
جواز لبس الخفين لمن لم يجد نعلين ولبس السراويل لمن لم يجد إزاراً



المفردات
قد تقدمت في الحديث الذي قبله
المعنى الإجمالي
المعنى الإجمالي لهذا الحديث فهو إباحة الشارع ﷺ لبس الخفين لمن لم يجد نعلين بغير قطع ولبس
السراويل لمن لم يجد إزاراً بغير شق .



فقه الحديث
أولاً : قد تقدم الكلام على فقه هذا الحديث باعتبار أن الشارع ﷺ خطب بالمدينة وسئل فأجاز لبس
الخفين لمن لم يجد نعلين بشرط أن يقطعهما أسفـل من الكعبيـن

وخطب بعرفات فأجاز لبس الخفين لمن لم يجد
نعلين بدون قطع ومن أجل ذلك فقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة هل يعد سكوته عن القطع في الخطبة
بعرفات نسخاً للحديث الأول أو يكون من باب حمل المطلق على المقيد ويعتبر من إحالة المكلفين على ما ورد في النص
الآخر وقد قال الله عز وجل (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ *
قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) [التحريم : 1-2] فأحال على كفارة اليمين
كما أنه قد ورد تقييد الرقبة بالإيمان في قتل الخطأ ولم يقيد في آية الظهار التي في المجادلة ولا في حديث من وقع على امرأته
في نهار رمضان ولكن الجمهور ذهبوا إلى حمل المطلق على المقيد فهل يكون هذا من هذا القبيل أم يكون
من قبيل النسخ والمسألة فيها أخذ ورد .



ثانياً :هل يسمى الخف بعد قطعه خفاً أم لا يسمى خفاً وإنما هو يكون ممن انتقلت اسميته فيقال نعل أو خف مقطوع
وعلى هذا فإن الشارع ﷺ قد أمر بذلك وإذا قلنا ببقاء التسمية فإن ذلك باعتبار ما كان أو بإطلاق الخف
المقيد بالقطع والذي يظهر لي أن حمل المطلق على المقيد أولى ولا يعاب من أخذ بالجانب الآخر كما تقرر في المسائل
الفرعية يعني غير العقائدية أن كلاً يعمل على ما فهم ولا يعيب أحد على أحد وعلى هذا فنقول في مسألتنا
هذه من اقتنع بواحد من الوجهين عمل عليه وأفتى به و لا يعيب على من اقتنع بضده وبالله التوفيق



ثالثاً : أما السراويل فقد أجاز النبي لبسه ﷺ لبسه لمن لم يجد الإزار بدون قطع ولا شق والقول بذلك
يقتضي الأخذ برخصة الشارع ﷺ أما من أوجب الشق فإنه قد أتى زائد عما ورد وهو يعد مخطئاً لإيجابه ما لم يوجبه
الشارع ﷺ فنقول الخلاصة أن السراويل تلبس بدون شق
وبالله التوفيق .



.--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf






.

رد مع اقتباس
  #57  
قديم 20-08-2015, 01:43AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -





[214] الحديث الثالث :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن تلبية رسول الله ﷺ لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك إن
الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك قال وكان عبدالله بن عمر يزيد فيها : لبيك لبيك وسعديك والخير بيديك
والرغباء إليك والعمل



موضوع الحديث:
التلبية في الحج



المفردات
لبيك :معنى التلبية الاجابة أي ألبي أمرك بالفعل ونهيك بالترك سمعاً وطاعة لجلالك وامتثالاً لأمرك وفسره قوم بالإقامة
على الطاعة أخذاً من قولهم ألب بالمكان أي لزمه وأقام فيه والمعنى على هذا التفسير أنا ملازم لطاعتك مقيم عليها
لا أحيد عنها ولا أتركها ولعل المعنى الأول أوضح لكونه أسرع مبادرة إلى الذهن وهو إجابة لنداء إبراهيم عليه السلام
حين أكمل بناء البيت فأمره الله عز وجل أن يؤذن في الناس بالحج فقال يا رب كيف أؤذن ولا يسمعني
أحد فقال له ربه عليك الأذان وعليّ البلاغ فوقف على حجر المقام وقيل على جبل أبي قبيس ونادى يا أيها الناس إن الله
كتب عليكم الحج فحجوا فيقال أنهم أجابوه من أصلاب الرجال وأرحام النساء والمهم أن معنى لبيك إجابة لك بعد إجابة
فالتثنية للتكرار الغير متناهي أي أجيب دعوتك كل ما دعوت .

قوله لبيك لا شريك لك : هذا تقرير للتوحيد وتبرأُ وتنصل مما زاده المشركون الجاهليون بقولهم إلا شريكاً هو لك
تملكه وما ملك


قوله إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك : هذا فيه خلاف من أهل العلم من كسر همزة إن وتكون
الجملة ابتدائية ومن أهل العلم من فتحها وتكون الجملة تعليليه فكأنه قال لأن الحمد بجميع أنواعه وأسبابه وموجباته سواء
كان على الكمالات أو النعم فهو مستحق لك دون غيرك والنعمة اسم جنس كما أن الحمد اسم جنس أيضاً لك وحدك والملك
ملك جميع الكون الملك المطلق والملك المقيد كله لك لا شريك لك وقد انتظمت هذه الثلاثة الألفاظ جميع أجناس
الكمالات لله سبحانه وتعالى دون غيره فله الحمد المطلق وكل هذه هو مختص بها دون غيره ولهذا
قال لا شريك لك .


قوله لبيك وسعديك : القول في سعديك كالقول في لبيك بمعنى إني أُسعدك في أمرك ونهيك وتصديق خبرك إسعاداً
بعد إسعاد ومتابعة بعد متابعة وطاعة بعد طاعة

قوله والخير بيديك : أي الخير كله في يديك وهذا كقوله ( يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار
ليتوب مسيء الليل ) وكقوله ( أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماء والأرض فإنه لم يغض ما في يده ….) ‏

قوله والرغباء إليك والعمل :أي الرغبة في الثواب وفيما عندك من الخزائن في الدنيا والآخرة كلها إليك والعمل متوجه
إليك ومقصود به إياك كقوله (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) [الفاتحة : 5 ]



المعنى الإجمالي :
أمر الله سبحانه وتعالى عباده على لسان رسوله ﷺ معلم الخير وهادي البشرية أن يقرر الحاج تلبيته بالإحرام
بقوله لبيك اللهم لبيك هذه التلبية المتظمنة للتوحيد والتي تقرر العبودية لله وحده لا شريك له فقد جعلها النبي ﷺ
هي الموجبة للدخول في الإحرام .



فقه الحديث
أولاً:يؤخذ من هذا الحديث وجوب الطاعة لله رب العالمين في كل ما أمر ونهى وهذا هو ما يقرره الحاج على نفسه
بقوله لبيك اللهم لبيك ابتداءً بالتوحيد وانتهاءً بكل طاعة .



ثانياً :اختلف أهل العلم في حكم التلبية فذهب قوم إلى أنها سنة من السنن لا يجب بتركها شيء نسبه الصنعاني
إلى الشافعي وأحمد قلت:
أولاً : المعروف عند الحنابلة أنهم يجعلون التلبية من واجبات الحج ويجب بتركها دم .
ثانياً: أن التلبية واجبة يجب بتركها دم قال حكاه الماوردي عن ابن أبي هريرة من الشافعية وقال إنه وجد للشافعي نصاً يدل عليه .

قال وحكاه ابن قدامة عن بعض المالكية والخطابي عن مالك وأبي حنيفة .
ثالثاً :أنها واجبة لكن يقوم مقامها فعل يتعلق بالحج كالتوجه إلى الطريق وحكى ابن المنذر عن الحنفية
إن كبر أو هلل أو سبح ينوي بذلك الإحرام فهو محرم .
رابعاً : أنها ركن في الإحرام لا ينعقد بدونها حكاه ابن عبد البر عن المنذري وأبي حنيفة وأهل الظاهر قالوا هي نظيرة
تكبيرة الإحرام في الصلاة وهو قول عطاء أخرجه سعيد بن منصور بإسناد صحيح عنه قال التلبية فرض الحج
وحكاه ابن المنذر عن عطاء وطاووس وعكرمة وحكى النووي عن داود أنه لا بد من رفع الصوت قال الصنعاني
وما أجود قول داود مع صحة رفعه إلى النبي ﷺ بها وقوله (الحج العج والثج ) وقوله ( لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ فَإِنِّي
لا أَدْرِي لَعَلِّي لا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ) ‏



قلت :الاستدلال على وجوب رفع الصوت بهذا الحديث فيه نظر لأنه يصح أن يقدر الحج الكامل العج والثج ويصح
أن يقدر الحج الصحيح العج والثج ولوجود هذا الاحتمال فإنه لا يتعين المطلوب إلا إذا وجد ما يدل عليه من
كلام المعصوم ﷺ علماً بأن النية للحج هي ركن أما التلفظ بالتلبية فالظاهر منه الوجوب لأول مره وبعد
ذلك يكون سنة هذا ما يترجح لي والله أعلم بالصواب .




.--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf






.


رد مع اقتباس
  #58  
قديم 20-08-2015, 09:03PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم



تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله - ‏



[215] الحديث الرابع :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله ﷺ لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر
مسيرة يوم وليلة إلا ومعها حرمة .

وفي لفظ للبخاري لا تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم


موضوع الحديث:
تحريم السفر مع غير محرم وجوازه مع المحرم أو الزوج



المفردات
قوله لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر :لفظ امرأة نكرة يعم كل امرأة وجملة تؤمن بالله واليوم الآخر جملة
مخصصة أي متصفة بالإيمان بالله واليوم الآخر والمقصود به المسلمة

جملة أن تسافر : هي الجملة التي ينصب عليها
النهي أي لا يحل لها السفر هذه المسافة إلا ومعها من هو حرمة عليها

قوله إلا ومعها حرمة : المراد بالحرمة هنا المحرم ويدخل فيه الزوج دخول أغلبية والمحرم الذي يحل لها السفر معه
هو من تحرم عليه على التأبيد بنسب أو سبب فيحل للرجل أن يسافر بأمه وأخته وبنته وبنت أخيه وبنت
أخته وعمته وخالته وهؤلاء هن المحارم السبع اللاتي يحرمن بالنسب وأما السبب فهو إما نكاح أو رضاع فالبنكاح تحرم
أم الزوجة وبنت الزوجة المدخول بها على التأبيد وتحرم زوجة الأب ومن له عليه ولادة من الأجداد وكذلك
زوجة الابن فهؤلاء يحرمن بالنكاح فيجوز للمرأة أن تسافر مع واحد من هؤلاء ومنع الإمام مالك السفر مع ابن الزوج قال
لوجود الفساد في هذه الأزمنة وأقول إن هذا الحكم سارٍ في المسلمين إلى يوم القيامة وينبغي أن ينظر في الرجل
الذي يسافر بالمرأة فإن كان متهتكاً فينبغي ألا تسافر معه حتى أخته من الرضاع لأنه لا يؤمن عليها
أما المسلم الظاهر العدالة والمستور الحال فيجوز ذلك والثالث سبب الرضاع بشروطه بأن تكون الرضعات خمساً
فأكثر في الحولين .



المعنى الإجمالي
إن العليم الخبير نهى على لسان رسوله ﷺ أن تسافر المرأة المسافة المشار إليها إلا مع ذي محرم أو زوج حماية
للأعراض أن تستباح وللأخلاق أن تفسد حتى يكون المجتمع مجتمعاً نظيفاً سليماً من الفساد وبالله التوفيق .



فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث عدة مسائل


أولاً :تحريم سفر المرأة بدون زوج أو محرم المسافة المحددة في الأحاديث .


ثانياً :قد وردت الأحاديث بمقادير مختلفة ففي بعضها (ثلاثة أيام)وفي بعضها (يومان ) وفي بعضها (يوم وليلة)
وفي بعضها (يوم) وفي بعضها (ليلة) وهذه الأحاديث التي وردت فيها المقادير منها ما هو في صحيح البخاري وفي صحيح
مسلم معاً ومنها ما هو في صحيح مسلم وهي رواية اليوم المستقل ورواية الليلة المستقلة وهناك رواية عند
أبي داود فيها التحديد (ببريد) ولكنها من رواية سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة وسهيل بن أبي صالح ثقة إلا
أن في حفظه شيء وعلى هذا فإن أقل ما صح به الحديث صحة يطمئن إليها اليوم المستقل والليلة المستقلة .



ومسافة اليوم بالسير القديم بريدين غالباً والبريدان أربعة وعشرون ميلاً وهي أربعون كيلو وهذه الروايات يعتمد
عليها في هذا الباب وفي باب القصر والجمع وما يسمى سفراً



ثالثاً :تبين مما سبق أنه لا يجوز لامرأة أن تسافر هذه المسافة إلا مع زوج أو ذي محرم وقد تبين لنا مما سبق
من هو المحرم



رابعاً :قد ذهب بعض العلماء إلى أنه يجوز للمرأة أن تحج مع رفقة من النساء الأمينات أو الرجال المأمونين ورد
عليهم بأن النبي _ حينما قال له ذلك الرجل ( إِنَّ امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً وَإِنِّي اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا قَالَ انْطَلِقْ
فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ) ولم يستفصل هل معها رفقة مأمونة أم لا ؟ وفي عدم الاستفصال دليل على أن
هذه الآراء مخالفة للنص وعلى طالب العلم أن يتمشى مع النص .



خامساً :ربما استدل بعض أهل العلم بالحديث الذي
قال فيه النبي ﷺ ( والذي نفسي بيده ليتمّنّ الله هذا الأمر حتى تخرج المرأة من الحيرة حتى تأتي هذا البيت
فتطوف به لا تخاف إلا الله ) .


والجواب أن هذا الحديث إخبار عن أمر يقع ولم يقصد النبي ﷺ إباحة سفر المرأة وحدها .


سادساً :يؤخذ من هذا الحديث أن وجود الزوج أو المحرم تحريماً مؤبداً شرط في وجوب الحج على المرأة وأنها إذا
لم تجد محرماً وكانت واجدة للنفقة فإنه لا يجوز لها أن تحج بل يجوز لها أن تستنيب من يؤدي عنها فريضة الحج
في هذه الحالة وهذا القول هو القول الصحيح الذي تطمئن إليه النفس سواء كانت فتية أو كبيرة السن لعموم الحديث الوارد
بالنهي ولأنه كما قيل لكل ساقطة لاقطة .



سابعاً :يؤخذ من قوله لا يحل تحريم سفر المرأة بدون محرم ولو كانت مع رفقة مأمونة لأن هذه العبارة لا تتناول
الكراهة وإنما تتناول التحريم .


ثامناً :إنما شرع الله عز وجل هذا الحكم وأمثاله من الأحكام التي يترتب عليها نزاهة المجتمع الإسلامي حماية للمسلمين
من أسباب الوقوع فيما حرم الله عز وجل .



تاسعاً :ما يسمى بنكاح الجلالة أو عقد الجلالة وهو العقد الذي لا يقصد منه العقدة الزوجية كما يفعله بعض الناس
إذا كانت المرأة ليس لها محرم تستدعي رجلاً وتعطيه أجرة ويعقد عليها عقد جلالة كما يقولون ثم يحج بها وإذا انتهى
الحج طلقها وأقول إن هذا العقد غير صحيح ولا يترتب عليه إباحة السفر بها بل هي أجنبية منه لأن العقد باطل غير صحيح
وبالله التوفيق .




.--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf






.
رد مع اقتباس
  #59  
قديم 21-08-2015, 02:19PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله - ‏



بـــاب الفديــة

[216] عن عبد الله بن معقل قال :جلست إلى كعب بن عجرة فسألته عن الفدية ؟ فقال : نزلت فيّ خاصة وهي
لكم عامة حملت إلى رسول الله ﷺ والقمل يتناثر على وجهي فقال : ( ما كنت أُرى الوجع بلغ بك ما أرى – أو ما
كنت أٌرى الجهد بلغ بك ما أرى – أتجد شاة ؟ فقلت :لا فقال ( صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين
نصف صاع )

وفي رواية فأمره رسول الله ﷺ أن يطعم فرقاً بين ستة أو يهدي شاة أو يصوم ثلاثة أيام )


موضوع الحديث :
مشروعية الفدية لمن اضطر إلى فعل شيء من محظورات الإحرام



المفردات
فسألته عن الفدية فقال نزلت فيّ خاصة وهي لكم عامة يعني أن قصته التي حصلت له في غزوة الحديبية كانت هي
سبب النزول وهذا يؤيد ما قاله أهل الأصول العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب لأن قوله وهي لكم عامة يدل على أن
عمومات الكتاب والسنة لا تختص بمن نزلت فيه بل تكون لجميع الأمة .



قوله حملت إلى رسول الله ﷺ والقمل يتناثر على وجهي : الواو واو الحال يعني أن حالته المرضية كانت كذلك حيث
كان القمل يتناثر من رأسه على وجهه فقال ما كنت أٌرى بضم الهمزة وفتح الراء بمعنى أظن وأحسب ما كنت أرى الوجع
أي ما كنت أظن الوجع بلغ بك ما أرى أي بلغ بك الحالة التي اراها وارى الثانية بفتح الهمزة والراء بعدها ألف
مطوية وهي يعبر بها عن الرؤية البصرية والرأى أي ويعبر بها عن الرأى



الجَهد :بالفتح المقصود به المشقة والجهد بالضم المقصود به الطاقة يقول العبد أعمل جُهدي أي طاقتي وتجوز الحالتين
الفتح والضم وقرئ بهما في قوله تعالى ( وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ) ‏



قوله أتجد شاة : الهمزة للاستفهام الطلبي قال لا قال صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع وفي
الرواية الأخيرة فأمره رسول الله _ أن يطعم فرقاً بين ستة أو يهدي شاة أو يصوم ثلاثة أيام . الفرق مكيال يسع ثلاثة آصع نبوي.



المعنى الإجمالي
يخبر كعب بن عجرة أنه حمل إلى النبي ﷺ وهو مريض والقمل يتناثر على وجهه فأنزل الله في قصته آية الفدية
وهي قوله تعالى { فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ }[البقرة : 196 ]



فقه الحديث
أولاً:يؤخذ من الحديث أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب حيث قال هذا الصحابي الجليل نزلت فيّ خاصة
وهي لكم عامة .



ثانياً :يؤخذ من هذا الحديث أن من احتاج إلى فعل محظور كما حصل لكعب بن عجرة رضي الله عنه حيث احتاج إلى
حلق رأسه فإنه يجوز له أن يستحل هذا المحظور في مقابل فدية يقوم بدفعها كما هو موضح في الآية ففدية من صيام أو
صدقة أو نسك .



ثالثاً : أن هذه القصة يقاس عليها كل ما في معناها فمن احتاج إلى تغطية رأسه لضرر به جاز له ذلك وفعل الفدية على
حسب المستطاع ومثل ذلك من احتاج إلى لبس السروال لوجود ضرر يحصل له من المشي وهكذا يقال في سائر المحظورات



رابعاً : ذكر الله عز وجل الفدية مجملة حيث قال (فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ)


خامساً : بيّنت السنة الصيام والصدقة والنسك فالصوم ثلاثة أيام والصدقة إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف
صاع والنسك شاة على الأقل .



سادساً :هذه الفدية مخير فيها المحرم إن شاء نسك شاة وإن شاء أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع وإن شاء
صام ثلاثة أيام .



سابعاً :الدليل على كونها مخيرة أنها رتبت بأو في قوله تعالى (مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) وهذا يدل على أن مثل ذلك
لا يكون مرتباً وقد حكى بعض أهل العلم الإجماع على أن فدية المحرم إذا احتاج إلى استباحة شيء من المحظورات أنها
مخيرة وليست مرتبة .



ثامناً :ومما يدل على أنها مخيرة أن الله بدأ بالأقل أو الأخف كلفة وهو صوم ثلاثة أيام وذلك يدل على أنها مخيرة


تاسعاً: استشكل التخيير مع قوله أتجد شاة وقد ذكر في ذلك أوجه من التأويل والأقرب أن يقال أن النبي ﷺ أراد أن يأمره
بالأفضل أو يحثه عليه فلما نفى قدرته على نسك شاة أمره بأن يفعل واحداً من الاثنين التي هي الصيام أو الإطعام



عاشراً :يشترط في الشاة التي تقدم في الفدية أن تكون صالحة لأن يضحى بها من حيث السن وعدم العيوب .


الحادي عشر : قد وضح في الحديث مقدار الإطعام أنه لكل مسكين نصف صاع وذلك يكون ثلاثة آصع منقسمة
على ستة مساكين والثلاثة آصع هي فرق .



الثاني عشر : أن بعض أهل العلم أجرى هذا المقدار في كل إطعام يجب كإطعام الستين مسكيناً وكذلك العشرة
مساكين فجعلوا للمسكين الواحد نصف صاع وهو كيلو ونصف عند بعض أهل العلم أما بعضهم فإنه يجعل الصاع
كيلوين وربع والتقدير الأول على جعل الصاع ثلاثة كيلوات ولعل التقدير الثاني هو الأقرب إلى الصواب
لأنه أدق أي أكثر دقة وذهب بعض أهل العلم وهو الصواب في نظري إلى أن هذا المقدار في الإطعام إنما يكون في فدية استباحة
المحظور من محظورات الإحرام أما غيره ففيه مد واحد والمد على أكبر تقدير يكون كيلو إلا ربع لأنه
قد ثبت أن النبي ﷺ أعطى ذلك الرجل الذي وقع على امرأته في رمضان مكتلاً يسع خمسة عشر صاعاً وإذا قسمنا
خمسة عشر صاعاً على ستين مسكيناً يكون لكل مسكين مد وقد ورد مثل ذلك عن أربعة من الصحابة رواه مالك
في الموطأ .



الثالث عشر: نوعية الطعام الذي يقدم في مثل هذه الحالة هو الطعام الجيد الشائع في البلد والذي يعتبره
معظم الناس قوتاً في وقت الاختيار .



الرابع عشر :جعل الشارع ﷺ الصيام ثلاثة أيام بدلاً عن ثلاثة آصع فجعل اليوم بدلاً عن صاع أما في الإطعام
عن صيام رمضان فإنه جعل مقدار الإطعام الذي هو بدل اليوم مداً وهذا يدل على أن هذا الأمر يرجع فيه إلى التوقيف
عن الشارع



.--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf






.
رد مع اقتباس
  #60  
قديم 22-08-2015, 07:57PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم



تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله-




كتاب الحج
باب حرمة مكة

[217] الحديث الأول :

عن أبي شريح خويلد بن عمرو الخزاعي العدوي رضي الله عنه أنه قال لعمرو بن سعيد بن العاص وهو يبعث البعوث
إلى مكة ائذن لي أيها الأمير أن أحدثك قولاً قام به رسول الله ﷺ الغد من يوم الفتح فسمعته أذناي ووعاه قلبي وأبصرته
عيناي حين تكلم به أنه حمد الله وأثنى عليه ثم قال إن مكة حرمها الله تعالى ولم يحرمها الناس فلا يحل لامرئ
يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دماً ولا يعضد بها شجرة فإن أحد ترخص بقتال رسول الله ﷺ فقولوا إن الله قد أذن
لرسوله ولم يأذن لكم وإنما أذن لي ساعة من نهار وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس فليبلغ الشاهد الغائب
فقيل لأبي شريح : ما قال لك قال أنا أعلم بذلك منك يا ابا شريح إن الحرم لا يعيذ عاصياً ولا فاراً بدم ولا فاراً بخربة .



موضوع الحديث :
بيان حرمة مكة



المفردات
أولاً :أبو شريح صحابي أسلم قبل الفتح ولما جاء إلى النبي ﷺ وكان في الجاهلية يكنى أبا الحكم فسأله النبي
ﷺ عن سبب التكنية بأبي الحكم فقال إن قومي يختلفون فأحكم بينهم فيرضون بحكمي فكنوني بأبي
الحكم فقال له النبي ﷺ هل لك من أبناء قال نعم لي ثلاثة أبناء شريح وفلان وفلان فقال من أكبرهم قال شريح فقال
له النبي ﷺ فأنت أبو شريح أما اسمه فقد اختلف فيه على أقوال ذكرها ابن دقيق العيد وقال إنه توفي في المدينة
سنة ثمان وستين أنه قال لعمرو بن سعيد بن العاص قلت: عمرو بن سعيد بن العاص المعروف بالأشدق ولي الإمارة
على المدينة لمعاوية وابنه يزيد ثم طلب الخلافة لنفسه وغلب على دمشق فتلطف به عبد الملك ثم قتله غدراً

البعوث : جمع بعث وهو إرسال الجيش للقتال
قوله ائذن لي أيها الأمير : طلب الإذن من الأمير بالكلام من باب التلطف
قوله الغدَ من يوم الفتح : أي اليوم الثاني بعد يوم الفتح
قوله فسمعته أذناي : أسند السمع إلى الأذن وإنما هو لطبلة الأذن والأذن وعاء للسمع

قوله ووعاه قلبي : أي فهمه

وأبصرته عيناي حين تكلم به : هذا للتأكيد أي لتأكيد السماع ومباشرته له
أنه حمد الله وأثنى عليه : وهذا ما تستفتح به الخطب
قوله أن يسفك بها دماً : أي يريقه بالاعتداء على صاحبه
ولا يعضد بها شجرة : العضد القطع
قوله وإنما أذن لي ساعة من نهار : أي وقتاً محدداً
قوله وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس : يعني أن الأذن للنبي ﷺ انتهى وعادت الحرمة إلى مكة بانتهائه
قوله فليبلغ الشاهد الغائب : أي من حضر يبلغ من لم يحضر
فقيل لأبي شريح ما قال لك : أي بعد أن قلت له ما قلت
قال أنا أعلم بذلك منك : الأصل أن يكون قال أبو شريح قال عمرو أنا أعلم بذلك منك فحذف أحدهما وبقي الآخر
لا يعيذ عاصياً : لا يمنعه ولا يجيره من إقامة الحد عليه لو وجب وكذلك من فرّ بدم أو فرّ بخربة


قال الصنعاني أقول بخاء معجمة مفتوحة وكسر الراء وقال النووي هي بفتح الخاء المعجمة وإسكان الراء هذا هو
المشهور ويقال بضم الخاء أيضاً حكاها القاضي وصاحب المطالع وآخرون وأصلها سرقة الإبل وتطلق على كل خيانة
وفي صحيح البخاري أنها البلية وقال الخليل هي الفساد في الدين من الخارب وهو اللص المفسد في الأرض وقيل
هي العيب أ هـ من صحيح مسلم بشرح النووي جـ9 ص 137 .



المعنى الإجمالي
بينما كان عمرو بن سعيد بن العاص يبعث البعوث من المدينة إلى مكة في خلافة يزيد بن معاوية لقتال ابن الزبير أتاه
أبو شريح الكعبي الصحابي الجليل واستأذن بأن يحدثه ما قام به رسول الله ﷺ يوم فتح مكة أي بعد ذلك
بيوم وأنه قال إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك فيها دماً ولا يعضد بها شجراً
فكان رد عمرو بن سعيد بن العاص عليه بأن قال أنا أعلم بذلك منك يا أبا شريح فعارض الحديث برأيه ولم يمتنع
عن إرسال البعوث لقتال ابن الزبير بل استمر على ذلك .



فقه الحديث
يؤخذ من الحديث عدة مسائل


أولاً: في قوله وهو يبعث البعوث إلى مكة يؤخذ منه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بتنبيه الغافل وتذكير الناسي
وتعليم الجاهل وقد كان أبو شريح يريد أن يمنع عمرو بن سعيد أو ينهاه عن بعث البعوث لقتال ابن الزبير في الحرم .



ثانياً : يؤخذ من قوله ائذن لي أيها الأمير مشروعية التلطف للأمراء والكبراء في
الكلام ليكون أدعى للقبول



ثالثاً : يؤخذ من قوله سمعته أذناي ووعاه قلبي …ألخ تأكيد حفظه لتلك
الخطبة وما حوته من أوامر ونواهي



رابعاً :يؤخذ من قوله حمد الله وأثنى عليه أن الخطبة ينبغي أن تبدأ بحمد الله والثناء عليه


خامساً :يؤخذ من قوله ثم قال إن مكة حرمها الله تعالى ولم يحرمها الناس يؤخذ منه أن تحريم مكة كان
أمراً من الله قضاءً منه يوم خلق السموات والأرض وأن إبراهيم عليه السلام إنما نسب إليه تحريمها
لأنه كان المظهر له والمشيع له في الناس



سادساً: في قوله ولم يحرمها الناس تأكيد لما قبله


سابعاً :في قوله ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دماً وهذا هو المناسب لما كان يعمله
عمرو بن سعيد لأن إرسال الجيش لقتال ابن الزبير في نفس الحرم يدل على استهانته لسفك الدماء في
هذا البلد المحرم



ثامناً :يؤخذ منه تحريم القتال في حرم مكة وقد اختلف أهل العلم فيما إذا بغى باغ وعاذ بمكة أو خرج بها أصلاً
أو جاء أناس من الكفار فاحتلوها هل يجوز قتالهم أم لا ؟ فمن أهل العلم من أجاز ذلك ومنهم من منعه وقال لا
يقاتلون ولكن يضيق عليهم والجمهور على جواز قتالهم إذا كانت المصلحة تقتضي ذلك



تاسعاً :قوله ولا يعضد بها شجره يؤخذ منه تحريم قطع شجر الحرم وهو مجمع عليه فيما نبت بنفسه ولم يكن
شوكاً واختلف فيما استنبته الآدمي فأجاز الجمهور قطعه ومنع ذلك بعض أهل العلم واختلفوا أيضاً في الشوك
وسيأتي في الحديث الذي بعد هذا



عاشراً : في قوله وإن أحد ترخص بقتال رسول الله ﷺ فقولوا إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم
فيؤخذ من هذا أنه لا يجوز الترخص قياساً على قتال النبي ﷺ



الحادي عشر : يؤخذ منه أن مكة فتحت عنوة وقد ذهب إلى ذلك الجمهور وقال الشافعي إنها فتحت
صلحاً وهذا خلاف ما ثبت في المغازي والسير وفي الأحاديث الصحيحة حيث قال النبي ﷺ (من
دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن ألقى السلاح فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن ) .



الثاني عشر :يؤخذ من قوله وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس أن حرمتها عادت بعد فتحها
ذلك اليوم وكان الحكم رفع ساعات من نهار ثم عاد إليها فهي حرام إلى يوم القيامة



الثالث عشر :يؤخذ من قوله فليبلغ الشاهد الغائب وجوب إبلاغ الأحكام الشرعية على من علمها
وأنه يبلغ من لم يعلمها وهذا الخطاب عام في كل أحكام الشريعة .



.--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf






.


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام ((المجلد الثاني)) ام عادل السلفية الأحاديث الصحيحة فقهها وشرحها 51 28-07-2015 09:57PM
شرح احاديث عمدة الاحكام لفضيلة الشيخ العلامه احمد بن يحيى النجمي -رحمه الله- ام عادل السلفية الأحاديث الصحيحة فقهها وشرحها 75 28-07-2015 09:53PM
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي ام عادل السلفية مكتبة معرفة السنن والآثار العلمية 1 14-02-2015 01:42AM
بشرى ...حمل التعليقات على عمدة الأحكام للسعدي.pdf أبو عبد الودود سعيد الجزائري مكتبة معرفة السنن والآثار العلمية 1 22-05-2011 12:55PM
ردع الشيخ المحدث مقبل الوادعي لجناية علي رضا على كتب العلل واستخفافه ببعض المتقدمين ماهر بن ظافر القحطاني منبر الجرح والتعديل 0 05-05-2005 01:07AM




Powered by vBulletin®, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd