|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | التقييم: | انواع عرض الموضوع |
#31
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله- [207] الحديث الثاني : عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت ترجل النبي ﷺ وهي حائض وهو معتكف في المسجد وهي في حجرتها يناولها رأسه . وفي رواية وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان . وفي رواية : أن عائشة رضي الله عنها قالت إن كنت لأدخل البيت للحاجة والمريض فيه فما أسأل عنه إلا وأنا مارة . موضوع الحديث : أن الاعتكاف لا يبطل بخروج بعض البدن المفردات : ترجل : الترجيل تسريح الشعر والتسريح يكون باليد أحياناً ويكون بالمشط أحياناً أخرى . وهي حائض : الواو واو الحال وجملة وهي حائض جملة حالية أي والحال أنها في الحيض وكذلك وهو معتكف أيضاً الجملة حالية قوله وهي في حجرتها :أي في المكان المحتجر لها وهو دارها لكونه يجاور المسجد قوله يناولها رأسه : معناه أن النبي ﷺ يدلي إليها رأسه من الطاقة حتى ترجله أو تغسله أو تسرحه . وقولها في الرواية الأخرى وكان لا يدخل البيت : أي في حال اعتكافه . إلا لحاجة الإنسان : مستثنى وهو كناية عن المخرج للتبرز . قولها إن كنت لأدخل البيت للحاجة : المقصود بالحاجة هنا ما كني عنه أولا . والمريض فيه : الجملة حالية أي والحال أن المريض فيه . فما أسال عنه : ما هنا نافية والجملة تساوي فلا أسأل عنه إلا وأنا مارة . المعنى الإجمالي : تخبر عائشة رضي الله عنها أنها كانت تخدم رسول الله ﷺ وهي حائض فترجل رأسه بحيث أنه يخرج رأسه إليها فترجله وهو في المسجد وهي في دارها لأنه ممنوع عليه الخروج من المسجد بالاعتكاف وممنوع عليها الدخول للمسجد بالحيض وتخبر أيضاً بأن النبي ﷺ حينما يكون معتكفاً لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان وهو التبرز وأنها كانت تمر لحاجتها فلا تسال عن المريض إلا وهي مارة بمعنى أنها لا تتشاغل بالدخول عليه والزيارة له وبالله التوفيق. فقه الحديث : أولاً:يؤخذ من هذا الحديث أن المعتكف لا يبطل اعتكافه بخروج بعض بدنه . ثانياً :قيس عليه ما إذا كان العبد قد نذر ألا يدخل مكاناً ما فأدخل فيه بعض بدنه أنه لا يترتب عليه حنث ولا تجب عليه كفارة . ثالثاً :أن الاعتكاف موجب لعدم الخروج من المسجد وأنه خروج بعضه لا يترتب عليه ما يترتب على خروج جميعه . رابعاً :يؤخذ منه سنية اتخاذ الشعر للمسلم لكنه بشرط ألا يكون ذلك تشبهاً بغير المسلمين بل اتباعاً لسنة رسول الله ﷺ. خامساً :فإن قيل كيف يعرف ذلك نقول يعرف بالقرائن فإذا ربى الإنسان شعراً وفرق من الوسط وأعفى لحيته وقص شاربه عرفنا أنه يريد السنة ومن أهل السنة والعكس بالعكس. سادساً :يؤخذ من هذا الحديث أن من اتخذ شعراً ينبغي له أن يكرمه بالترجيل والدهن وما إلى ذلك . سابعاً : يؤخذ من قولها وهي حائض جواز استخدام النساء في الحيض وأنه لا يمنع ذلك على المسلمين كما منع على بني إسرائيل . ثامناً:يؤخذ من قولها وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان أنه يجوز خروج المعتكف من المسجد لقضاء حاجته في بيته وإن كان بعيداً عن المسجد . تاسعاً : يؤخذ من هذا الاستثناء الحصر وأنه لا يجوز للمعتكف أن يذهب إلى البيت للأكل والشرب بل يؤتى به إليه . عاشراً :يؤخذ من قولها إلا لحاجة الإنسان أنه يجوز خروج المعتكف لما دعت إليه الضرورة من الحاجات التي لا تصح فيها الاستنابة أو ما أشبه ذلك . الحادي عشر :إذا كان هذا في زمن النبي ﷺ لعدم وجود مراحيض داخل حوائط المساجد أما الآن فبوجود هذه المراحيض ينتفي كون قضاء الحاجة لا يمكن أن يتمكن منها الإنسان إلا في بيته فإنه سيتمكن من قضاء الحاجة في مرحاض المسجد وعلى هذا فلا يجوز له الخروج إلى بيته . الثاني عشر : في قولها إن كنت لأدخل البيت للحاجة والمريض فيه فلا أسأل عنه إلا وأنا مارة يؤخذ من ذلك عدم مشروعية عيادة المريض للمعتكف ويقال أيضاً هذا في تشييع الجنائز إلا إذا اشترط كما تقدم وهذا رأي ابن تيمية رحمه الله تعالى قياساً على الاشتراط في الإحرام وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : .
|
#32
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [208] الحديث الثالث: عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله إني كنت نذرت في الجاهلية : أن أعتكف ليلة – وفي رواية : يوماً – في المسجد الحرام؟ قال : (فأوف بنذرك). ولم يذكر بعض الرواة ( يوماً) ولا ( ليلة) . موضوع الحديث : هل يشترط للاعتكاف صوم أم لا المفردات : إني كنت نذرت في الجاهلية :المراد بالجاهلية ما قبل الإسلام وعلى هذا فإن نذر عمر بن الخطاب رضي الله عنه هذا كان قبل إسلامه . أن أعتكف ليلة : قد مرّ معنا الاعتكاف ليلة : أي في ليلة وفي رواية يوماً : أي في يوم في المسجد الحرام : المسجد الحرام ظرف مكان للاعتكاف واليوم أو الليلة ظرف زمان فيه . قال فأوف بنذرك : المقصود أوف بمنذورك والنذر يطلق ويراد به المنذور . المعنى الإجمالي : استفتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه النبي ﷺ لأنه كان نذر اعتكاف ليلة في المسجد الحرام في زمن الجاهلية وأنه أمره النبي ﷺ أن يوف بنذره . فقه الحديث يؤخذ من الحديث مسائل أولاً : صحة النذر من الكافر إذ أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه نذر هذا النذر في الجاهلية ولم يوف به فسأل النبي ﷺ فأمره النبي ﷺ أن يوفيَ بنذره وعلى هذا فيؤخذ من هذا الحديث صحة النذر من الكافر وهذا محل خلاف . ثانياً :وهذه المسألة تنبني على مسألة أخرى أصولية وهو هل أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة كما هم مخاطبون بأصولها في هذه المسألة خلاف أيضاً والراجح أنهم مخاطبون بالفروع والأصول لأن الله أخبر عن الكافرين أنهم يسألون مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) [المدثر : 42 - 43 ] الآيات وإطعام المسكين يعد من الفروع لا من الأصول وكذلك الصلاة على رأي من لا يرى تركها كفراً . ثالثاً : إذا صح النذر من الكافر فهل يجب عليه الوفاء به وهل يصح منه الوفاء بالنذر الجواب لا يصح منه الوفاء به ما دام كافراً ويصح بعد الإسلام كما هو الحال في قصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه . رابعاً : الرواية المشهورة ( أن أعتكف ليلة ) وورد في رواية لمسلم يوماً ومن أجل الرواية الأولى استدل بالحديث على أن الصيام ليس شرطاً في الاعتكاف وقد اختلف الأئمة في هذه المسألة فذهب الشافعي وأحمد إلى أن الصيام ليس بشرط في الاعتكاف مستدلين على ذلك بأن النبي ﷺ قضى الاعتكاف في شوال ولم يرد أنه صام تلك الأيام التي قضى فيها الاعتكاف وفي حديث ابن عباس الذي رواه الحاكم في الاعتكاف ( قال ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه ) . خامساً :وقال مالك وأبو حنيفة يشترط للاعتكاف الصيام واستدل لهذا المذهب بحديث (اعتكف وصم يوماً ) وهو حديث ضعيف لأن في سنده عبدالله بن بديل بن ورقاء ويقال له ابن بديل بن بشر الخزاعي ويقال الليثي صدوق يخطئ من الثامنة . وبحديث ( لا اعتكاف إلا بصيام ) وهو حديث ضعيف أيضاً لأن في سنده سفيان بن حسين بن حسن أبو محمد أو أبو الحسن ثقة في غير الزهري باتفاقهم من السابعة مات بالري مع المهدي وقيل في أول خلافة الرشيد روى له مسلم والأربعة أهـ.تقريب رقم 2437 . قلت : وإذا كان ثقة في غير الزهري فإنه في حديثه عن الزهري ضعف قال الحافظ باتفاق وحديثه هذا عن الزهري وعلى هذا فإن هذا الحديث ضعيف أيضاً أما حديث ابن عباس السابق فسنده على شرط مسلم كما قال الحاكم ووافقه الذهبي وعلى هذا فإنه لا يشترط للاعتكاف صيام على القول الصحيح سادساً : يؤخذ من قول النبي ﷺ لعمر بن الخطاب رضي الله عنه ( أوف بنذرك ) وجوب الوفاء بالنذر حتى ولو كان قد حصل من كافر في حال كفره فإنه يجب عليه الوفاء بعد الإسلام وتقاس على ذلك القرب بل وفي ذلك حديث وهو حديث حكيم بن حزام أنه قال ( يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ أَشْيَاءَ كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ عَتَاقَةٍ وَصِلَةِ رَحِمٍ فَهَلْ فِيهَا مِنْ أَجْرٍ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ خَيْر) فإن قيل هذا في طاعات قدمها في حال كفره أما هذه المسألة فهي طاعة التزم فعلها في حال كفره وأسلم قبل الإتيان بها وأقول : إن قول النبي ﷺ لعمر بن الخطاب أوف بنذرك يدل على إنفاذ ما التزم به في حال كفره لكنه لو أنفذه في حال كفره لم يصح منه لأن من شرط الصحة الإسلام وكذلك القبول . سابعاً : اختلف أهل العلم في جواز الاعتكاف أقل من يوم كامل ومن ليلة كاملة فأجازه بعضهم بالنية لأنه إذا جلس في المسجد ونوى اعتكاف ساعة اعتبر ذلك عباده وخالف في ذلك آخرون ومنعوه والقول الأول فيما أرى هو الأصح لأن ما شرع أصله بيوم أو أكثر فلا مانع من شرعيته بأقل من يوم وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : .
|
#33
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - بسم الله الرحمن الرحيم بــــاب الجمعـــة الجمعة بضم الجيم والميم على الأشهر وبه قرأ الجمهور وقرئ بإسكان الميم وهذا اليوم كانت العرب تسميه يوم العروبة فصار في الإسلام اسمه يوم الجمعة فالجمعة اسم إسلامي له وفيه من الفضائل قول النبي -صلى الله عليه وسلم- : ( خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه اهبط من الجنة وفيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم يصلي يسأل الله شيئاً إلا أعطاه ) وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه فيه تقوم الساعة وأنه هو اليوم الذي كتب على من قبلنا من أهل الكتاب فأضلهم الله عنه وهدانا إليه فالناس لنا فيه تبع اليهود غداً والنصارى بعد غد فنحن الآخرون السابقون يوم القيامة . [133] الحديث الأول : عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قام فكبر وكبر الناس وراءه وهو على المنبر ثم رفع فنزل القهقرى حتى سجد في أصل المنبر ثم عاد حتى فرغ من آخر صلاته ثم أقبل على الناس فقال ((أيها الناس إنما صنعت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي )) . وفي لفظ : صلى عليها ثم كبر عليها ثم ركع وهو عليها فنزل القهقرى موضوع الحديث : مشروعية اتخاذ المنبر الذي يقف عليه الخطيب يوم الجمعة المفردات : قام : أي وقف فكبر : أي تكبيرة الإحرام ثم رفع : أي من الركوع فنزل القهقرى : يعني يمشي على وراء حتى سجد في أصل المنبر : يعني أنه مشى إلى الوراء حتى تمكن من السجود في أصل المنبر ثم أقبل على الناس :أي بوجهه فقال إنما صنعت هذا : يعني الصلاة على المنبر لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي المعنى الإجمالي : كان النبي -صلى الله عليه وسلم- حينما بنى مسجده إذا خطب استند إلى جذع فخطب وهو مستند عليه فأرسلت إليه امرأة من الأنصار كان لها غلام نجار فأرسلت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- تقول هل تحب أن آمر غلامي يصنع لك أعواداً تقف عليها حين تكلم الناس قال نعم فصنع له ذلك الغلام منبراً من طرفاء الغابة مكوناً من ثلاث درجات فلما أتي به ووضع في المسجد وقف النبي -صلى الله عليه وسلم- عليه وكبر تكبيرة الإحرام وهو عليه وقرأ وهو عليه وركع وهو عليه ورفع وهو عليه ثم نزل القهقرى يمشي إلى الوراء حتى نزل عن المنبر وتمكن من السجود فسجد ثم قام فرقى على المنبر وصنع كذلك حتى تمت صلاته ثم أقبل على الناس فقال إنما صنعت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي . فقه الحديث : أولاً: يؤخذ من الحديث جواز وقوف الإمام على مكان أرفع من مكان المأموم وعارضه ما رواه أبو داود أن حذيفة رضي الله عنه أمّ الناس بالمدائن على دكان والمراد بالدكان – الدكة التي تجعل للجلوس عليها – فأخذ أبو مسعود بقميصه فجبذه فلما فرغ من صلاته قال ألم تعلم أنهم كانوا ينهون عن ذلك قال بلى قد ذكرت حين مددتني ) وروي عن عمار قصة قريبة من ذلك وفي سندها مجهول . وأخرج الدار قطني من حديث ابن مسعود ( نهى رسول الله ﷺ أن يقوم الإمام فوق والناس خلفه أسفل منه ) والجمع بين هذه الأحاديث وحديث سهل بن سعد ممكن بحمل النهي على الكراهة وحمل حديث سهل بن سعد على جواز ذلك إن كان لحاجة وعلى الكراهة حمل النهي بعض الفقهاء وفهم مالك وأصحاب الرأي وهو المشهور عند الحنابلة أفاد ذلك في المغني . وحكاه ابن دقيق العيد عن المالكية وذكر أنهم زادوا أنه إن قصد التكبر بطلت صلاته . ونقل الصنعاني في العدة عن الهادوية أنهم قالوا بعدم جواز ارتفاع الإمام على المأموم بما فوق القامة لا دونها وأجاز ذلك الشافعي للتعليم وعن أحمد ما يدل على أنه لا يكره لحديث سهل بن سعد رضي الله عنه وقيد بعضهم الكراهة بما إذا قصد التكبر والله أعلم . ثانياً :فيه دليل على جواز العمل اليسير في الصلاة لكن فيه إشكال على من حد العمل الكثير بثلاث خطوات فإن منبر النبي -صلى الله عليه وسلم- كان ثلاث درجات والصلاة كانت على العليا منها ومن ضرورة ذلك أن يقع ما أوقعه من الفعل على الأرض بعد ثلاث خطوات والذي يعتذر به عن هذا أن يدّعى عدم التوالي بين الخطوات فإن التوالي شرط في الإبطال أهـ . هذا كلام ابن دقيق العيد في شرح عمدة الأحكام . وقال الصنعاني في العدة أقول لأنه ينزل من الدرجة العليا إلى الثانية ومن الثانية إلى الثالثة ثم منها إلى الأرض فلا بد من خطوة في الأرض يتباعد بها عن آخر درجة ليتسع سجوده فأقلها أربع . انتهى قلت : من المعلوم أن الخطوات إلى وراء غير واسعة إذاً فلا بد من خمس خطوات لكي يتمكن من السجود بعد أن ينزل ولا بد أن تكون هذه الخطوات متوالية لأنها في الاعتدال بين الركوع والسجود وهو وقت يسير وبهذا تعلم أن التحديد بثلاث خطوات للإبطال تحديد لا دليل عليه لا سيما وقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه (فتح الباب ) وهذا يحتاج إلى أنه يمشي إلى الباب خطوات ويرجع بخطوات وصح أنه ( حمل الصبية وهو يصلي ) فكان يحملها إذا قام ويضعها على الأرض إذا ركع وسجد وهذا يحتاج إلى حركات وأنه ( أمر بقتل الحية والعقرب في الصلاة ) وهذا لا تنظبط فيه الحركات ومن ذلك إخبار النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن شيطاناً اعترضه في صلاته وأن الله أمكنه منه قال (فذعته حتى وجدت برد لعابه على يدي ) ومن ذلك ما رواه البخاري في كتاب الكسوف من حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت ( أتيت عائشة رضي الله عنها زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- حين خسفت الشمس فإذا الناس قيام يصلون وإذا هي قائمة تصلي فقلت ما للناس ؟ فأشارت بيدها إلى السماء وقالت سبحان الله فقلت آية ؟ قالت نعم - يعني : بالإشارة - فقمت حتى تجلاني الغشي فجعلت أصب فوق رأسي الماء ) وكل هذه وغيرها أدلة أن العمل الذي يكون في الصلاة لحاجة لا يبطل الصلاة وإنما يبطلها العبث الذي يكون من الإنسان لغير حاجة ويمكن أن يقال أن التحديد بثلاث في الإبطال لما كان من الحركات لغير حاجة وهذا يحصل كثيراً من بعض المصلين فتجده يكبر ثم يهيئ غترته أو يحرك ساعته أو ما أشبه ذلك من الحركات التي تحصل عبثاً لغير حاجة وقد عدّ الحنابلة من مبطلات الصلاة العبث الكثير نسأل الله الهداية للجميع ثالثاً :قال ابن دقيق العيد وفيه دليل على جواز إقامة الصلاة أو الجماعة لغرض التعليم . قلت :في هذا نظر لأن الظاهر أن النبي _ إنما صلى الفرض وفعل ذلك فيه ليعلمهم فتكون الصلاة قد أقيمت لشيئين : أولهما وهو الأهم أداء الفرض . وثانيهما التعليم وليس التعليم فقط . رابعاً : وفيه مشروعية اتخاذ المنبر للجمعة وغيرها إذا أراد أن يكلم الناس ليشرف عليهم ويراهم جميعاً ويرونه خامساً :وفيه أنه ثلاث درجات سادساً:وفيه أنه من طرفاء الغابة وهذا يؤخذ من مجموع ألفاظ الحديث . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : .
|
#34
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله- [134] الحديث الثاني : عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قال : (من جاء منكم الجمعة فليغتسل ) . موضوع الحديث : الأمر بالغسل للجمعة على من يأتيها . المفردات : من : اسم شرط جازم جاء : فعل ماضي وهو في محل جزم فعل الشرط وفاعله ضمير فيه يعود على من وجملة فليغتسل جواب الشرط وجزاءه والفاء رابطة بين الفعل والجواب . المعنى الإجمالي : كان الصحابة رضوان الله عليهم في أول الإسلام يعانون من الفقر والحاجة يلبسون الصوف ويخدمون أنفسهم فيأتون إلى الجمعة عليهم الغبار وفيهم العرق وكان المسجد ضيقاً فيزيد عليهم العرق في المسجد ويؤذي بعضهم بعضاً بالروائح الكريهة لذلك فقد أمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم - الذي بعث بدين الحق والطهر وأنزل الله عليه (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) [المدثر آية 4] فأمرهم بالغسل للجمعة والتنظف لها وأن يصيب الرجل من طيب بيته حتى يكون على أكمل حال وأحسن هيئة نظراً لأن الجمعة عيد المسلمين لذلك فقد قال للهم الرسول -صلى الله عليه وسلم - (من جاء منكم الجمعة فليغتسل ) . فقه الحديث : أولاً: يؤخذ من هذا الحديث أن الغسل مشروع لكل من أتى الجمعة سواء كان من أهل وجوبها أم لا وذلك أن من الشرطية تفيد العموم فهي تعم الذكر والأنثى والبالغ وغير البالغ وقد ورد في ذلك حديث عند ابن خزيمة في صحيحه بوب عليه بقوله باب أمر النساء بالغسل لشهود الجمعة أورده من طريق زيد بن حباب حدثني عثمان بن واقد العمري حدثني نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله _ ( من أتى الجمعة من الرجال والنساء فليغتسل ومن لم يأتها فليس عليه غسل من الرجال والنساء ) رقم الحديث 1752 قال المحقق إسناده صحيح وأشار الحافظ في الفتح 2/358 إلى رواية ابن خزيمة هذه وقال ففي رواية عثمان بن واقد عن نافع عند أبي عوانة وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهم. قلت: في إسناده ضعف .أنظر الضعيفة رقم 3958 قلت : قال الحافظ بعد سياق هذه الرواية ورجاله ثقات لكن قال البزار أخشى أن يكون عثمان بن واقد وهم فيه وعثمان بن واقد صدوق ربما وهم قاله في التقريب . وأقول إن ما ورد في هذا اللفظ صريحاً قد أفاده لفظ العموم المتفق عليه من جاء منكم الجمعة فليغتسل . وهذا يدل على ما دل عليه ذلك الحديث ويكون مؤيداً له وبالله التوفيق . ثانياً :اختلف أهل العلم في هذا الأمر هل هو للوجوب أو للندب فذهب أهل الظاهر إلى وجوب الغسل يوم الجمعة متمسكين بظاهر هذا الحديث وبقوله -صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي سعيد المتفق عليه ( غسل الجمعة واجب على كل محتلم ) وحكاه ابن حزم عن عمر وجمع من الصحابة .وذهب جمهور العلماء من السلف والخلف وفقهاء الأمصار إلى أنه سنة مؤكدة . أهـ من العدة للصنعاني . وقال ابن عبد البر في التمهيد 10/79 (أجمع المسلمون قديماً وحديثاً على أن غسل الجمعة ليس بفرض واجب وفي ذلك ما يكفي ويغني عن الإكثار ولا يجوز على الأمة بأسرها جهل معنى السنة ومعنى الكتاب وهذا مفهوم عند ذوي الألباب إلا أن العلماء مع إجماعهم على أن غسل الجمعة ليس بفرض واجب اختلفوا فيه هل هو مسنون للأمة أم هو استحباب وفضل أو كان لعلة فارتفعت وليس بفرض ، فذهب مالك والثوري وجماعة من أهل العلم إلى أنه سنة مؤكدة لأنها قد عمل بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم - والخلفاء بعده والمسلمون فاستحبوها وندبوا إليها وهذا سبيل السنن المذكروة فمن حجة من ذهب إلى هذا المذهب حديث أبي هريرة رضي الله عنه (من أغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة ..إلخ الحديث ) أهـ .عزاه المحقق للتمهيد إلى ابن أبي شيبة وعبد الرزاق في المصنف . قلت : وقع في بعض روايات الصحيحين غسل الجنابة وهذه الرواية وقعت للبخاري في باب فضل الجمعة بلفظ (من أغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة ) والظاهر أن وجه الاستدلال من هذا الحديث أن النبي ﷺ رتب عليه فضلاً ومن لم يفعل ذلك حرم الفضل فقط ولم يرتب عليه إثماً في تركه . ومما يستدل به على عدم الوجوب ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما من إنكار عمر رضي الله عنه على عثمان رضي الله عنه التأخر فقال ( إني شغلت فلم انقلب إلى أهلي حتى سمعت التأذين فلم أزد على أن توضأت فقال عمر والوضوء أيضاً وقد علمت أن النبي -صلى الله عليه وسلم - كان يأمر بالغسل ) أما وجه الدلالة منه فالذي يظهر أن عمر رضي الله عنه إنما احتج على عثمان رضي الله عنه في ترك سنة مع أنه من السابقين ولم يحتج عليه في ترك فرض قال النووي : وفيه إشارة إلى أنه إنما ترك الغسل لأنه يستحب فرأى اشتغاله بقصد الجمعة أولى من أن يجلس للغسل بعد النداء ولهذا لم يأمره عمر رضي الله عنه بالرجوع للغسل . وقال أيضاً واحتج الجمهور بأحاديث صحيحة منها حديث الرجل الذي دخل وعمر يخطب وقد ترك الغسل وقد ذكره مسلم وهذا الرجل هو عثمان بن عفان ووجه الدلالة أن عثمان فعله وأقره عمر وحاضروا الجمعة وهم أهل الحل والعقد ولو كان واجباً لما تركه ولألزموه أهـ يعني لألزموه بالرجوع للاغتسال ومن هذا يتبين للناظر أن غسل الجمعة ليس فرضاً ولا شرطاً في صحة الجمعة وإنما هو سنة يثاب من فعلها ولا يعاقب من تركها و بالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : .
|
#35
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [135] الحديث الثالث: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : جاء رجل والنبي ﷺ يخطب الناس يوم الجمعة فقال : (صليت يا فلان ؟ ) قال : لا قال : ( قم فاركع ركعتين ) .وفي رواية ( فصل ركعتين ) موضوع الحديث : التحية في وقت الخطبة المفردات : جاء رجل : هو سليك الغطفاني صليت يا فلان : استفهام بحذف الأداة أي أداة الاستفهام قال لا : جواب الاستفهام يعني أنه لم يصل حين دخوله المسجد قال قم فاركع ركعتين : أمر وقد ورد في بعض ألفاظه وتجوز فيهما المعنى الإجمالي : أمر النبي ﷺ من دخل يوم الجمعة والإمام يخطب أن يركع ركعتين قبل أن يجلس وأن يتجوز فيهما بمعنى أن يخففهما فقه الحديث : أولاً : يؤخذ من الحديث أن من دخل يوم الجمعة والإمام يخطب فإنه يلزمه أن يصلي ركعتين قبل أن يجلس وهذا هو قول الشافعي وأحمد وأكثر أصحاب الحديث لهذا الحديث وغيره مما هو أصرح منه وهو قوله ﷺ ( إذا جاء أحدكم المسجد يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما ) وذهب مالك وأبو حنيفة إلى عدم جواز ركوع تحية المسجد لمن دخل والإمام يخطب وتأولوا هذه الأحاديث الصريحة الصحيحة بتأويلات متعسفة : أولها :أن النبي ﷺ لما أمر سليكاً سكت عن خطبته حتى قضى سليك صلاته وردّ هذا بأن الدار قطني ضعف هذا الحديث فليس فيه حجة حتى ترد به الأحاديث الصحيحة . الثاني : أن النبي ﷺ لما تشاغل بمخاطبة سليك سقط فرض الاستماع عنه يعني عن سليك وردّ بأن ذلك انقضى حين انقضت مخاطبة النبي ﷺ ورجع إلى خطبته وتشـاغل سليك بامتثال ما أمر به النبي ﷺ الثالث: أن هذه القصة قبل شروعه في الخطبة وردّ بأن ذلك ليس بصحيح بل قد دخل والنبي ﷺ قائم يخطب . الرابع :أن ذلك كان قبل تحريم الكلام في الصلاة وهذا مردود أيضاً بأن الكلام في الصلاة حرم قديماً بل قد قال بعضهم أن تحريم الكلام في الصلاة نزل بمكة . الخامس : أن النبي ﷺ لما أمر سليكاً بالركوع إنما فعل ذلك ليري الناس بذّته فيتصدقوا عليه لأنه كان رجلاً فقيراً وقد رد أيضاً والمهم أن الحافظ ابن حجر أوصل الاعتذارات عن العمل بهذا الحديث في الفتح إلى عشرة كلها واهية وإنما حمل على مثل هذه الاعتذارات التعصب المذهبي وتقديم أقوال الشيوخ والأئمة على النصوص التي جاءت عن المعصوم ﷺ والحق ما أيده الدليل وهو المذهب الأول . ومن هنا تعلم أن التعصب للمذاهب داء عضال نسأل الله العافية منه وأقصد بذلك من يرد الدليل ويعتذر عن العمل به لأنه خالف رأي إمامه وبالله التوفيق . ثانياً:يؤخذ من الحديث أن الخطبة لا تمنع أداء التحية فقد أمر النبي ﷺ سليكاً بأداء التحية وهو يخطب . ثالثاً : يؤخذ من هذا الحديث وما في معناه أن تحية المسجد واجبة لأن النبي ﷺ أمر بها أمراً إلزامياً في حال أداء الخطبة . رابعاً :يؤخذ منه أنه يجب فعل تحية المسجد ولو في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها خامساً :يؤخذ منه أن التحية لا تفوت بالجلوس ولكن يكون فعلها قبل الجلوس أداءً وبعده قضاء سادساً : يؤخذ منه أنه يجوز للخطيب أن يكلم بعض المأمومين ويكلمونه سابعاً : يؤخذ منه أن المأموم يجوز له أن يكلم الإمام ومن ذلك حديث أنس رضي الله عنه قال ( دخل رجل والنبي ﷺ قائم يخطب فقال يا رسول الله هلكت الأموال وجاع العيال فادع الله أن يسقينا … الحديث ) -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : .
|
#36
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [136] الحديث الرابع: عن جابر رضي الله عنه قال : كان رسول الله ﷺ يخطب خطبتين وهو قائم يفصل بينهما بجلوس . موضوع الحديث : القيام في الخطبة والجلوس بين الخطبتين المفردات : وهو قائم : الواو واو الحال والجملة بعده حالية قوله يفصل بينهما بجلوس : أي يفصل بين الخطبتين بجلوس المعنى الإجمالي : أن النبي ﷺ كان يخطب خطبتين يعظ الناس فيهما ويذكرهم ويرغبهم فيما عند الله ويرهبهم مما عنده يفصل بين الخطبتين بجلوس أي بقعدة خفيفة بين الخطبتين . فقه الحديث : أولاً: أن هذا الحديث ليس من شرط المؤلف وهو أنه يخرج في هذا الكتاب ما اتفق عليه البخاري ومسلم وهذا الحديث أخرجه مسلم وأصحاب السنن عن جابر وهو ابن سمرة قال في المنتقى أخرجه الجماعة ما عدا البخاري والترمذي وقال ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام وهذا اللفظ الذي ذكره المصنف لم أقف عليه بهذه الصيغة في الصحيحين فمن أراد تصحيحه فعليه إبرازه وقال الصنعاني في العدة قلت : وهذا اللفظ الذي أتى به المصنف هو لفظ الشافعي والنسائي والدار قطني كذا قال الحلبي في شرحه . وقال الزركشي لفظ النسائي كان رسول الله _ يخطب خطبتين قائماً وكان يفصل بينهما بجلوس أهـ العدة شرح العمدة 3/128 . ثانياً: يؤخذ من الحديث أن الخطبتين واجبتان وبه قال جمهور الفقهاء وقال الصنعاني في العدة قوله عند الجمهور أقول إشارة إلى ما نقل عن الحسن البصري والظاهري أي داود الظاهري أن الجمعة تصح بلا خطبة وحكي عن مالك .. وقال أبو حنيفة تجزيء خطبة واحدة . وقال الجمهور إنهما شرط لصحة الصلاة . أهـ من العدة 3/128 وقد نازع في ذلك بعض الفقهاء فقال ليس هناك ما يدل على الوجوب إلا مجرد الفعل ومجرد الفعل لا يدل على الوجوب فضلاً عن الشرطية . قال ابن دقيق العيد فإن استدل بفعل الرسول صلى لهما مع قوله ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) ففي ذلك نظر يتوقف على أن يكون إقامة الخطبتين داخلاً تحت كيفية الصلاة فإنه إن لم يكن كذلك كان استدلالاً بمجرد الفعل . وقال الصنعاني وأقول ومجرده لا يدل على الإيجاب كما عرف في الأصول وقال الحلبي بعد أن نقل كلام الشارح إن مجرد الفعل هنا كاف لأنه لم ينقل إنه صلى صلاها بلا خطبة ولو كان جائزاً لفعله ولو مرة واحدة لبيان الجواز على أنه بيان لمجمل الكتاب العزيز أهـ. قال الصنعاني يريد به قوله تعالى ( فاسعوا إلى ذكر الله ) فإنه أمر بالسعي إلى ذكره وهو مجمل بينه فعله ﷺ بالخطبتين والصلاة قلت : إن مواظبته صلى على الخطبتين منذ فرضت الجمعة إلى أن مات دال على أن تلك هي صفة الجمعة التي لا تصح بدونها . ثالثاً: يؤخذ من هذا الحديث أن الخطيب يخطب قائماً واستدل على ذلك بفعله صلى وبقوله تعالى _وَتَرَكُوكَ قَائِمًا _[الجمعة آية 11] وترجم البخاري بقوله باب الخطبة قائماً قال في الفتح قال ابن المنذر عليه عمل أهل العلم من علماء الأمصار ونقل عن أبي حنيفة أن القيام في الخطبة سنة وليس بواجب وعن مالك أنه واجب فإن تركه أساء وصحت صلاته. وعند الباقين أن القيام للخطبة شرط للقادر كالصلاة فإنه ما خطب رسول الله صلى إلا قائماً . وقد أخرج ابن أبي شيبة عن طاووس قال : (خطب رسول الله صلى قائماً وأبو بكر وعمر وعثمان وأول من جلس على المنبر معاوية ) وبحديث كعب بن عجرة : ( أنه دخل المسجد وعبد الرحمن بن الحكم يخطب قاعداً فأنكر عليه وتلا قوله تعالى (وَتَرَكُوكَ قَائِمًا) وفي رواية ابن خزيمة ( ما رأيت كاليوم قط إماماً يؤم المسلمين يخطب وهو جالس يقول ذلك مرتين ) قلت : الذي يظهر من هذا البحث أن القيام في الخطبة واجب فإن تركه أساء وأثم وصحت صلاته لأن ذلك فعل في عهد الصحابة والصحابة متوافرون وذلك على عهد معاوية فلو كانت الصلاة باطلة لنقل ذلك عنهم . أما الجلوس فقد ورد واشتهر أن أول من فعله معاوية وقيل مروان والظاهر أن أول من فعله بالشام معاوية وأول من فعله بالمدينة مروان تأسياً بمعاوية. وقد ذكر أن معاوية لما كثر شحم بطنه لم يستطع القيام فخطب جالساً وتأسى به عماله وكانت سنة في بني أمية لم تتغير إلا عندما قامت دولة العباسيين . أما القعدة بين الخطبتين فقال ابن دقيق العيد وفي الحديث دليل على الجلوس بين الخطبتين ولا خلاف فيه وقد قيل بركنيته وهو منقول عن أصحاب الشافعي .قال الصنعاني أقول نقلوا عن الشافعي أن القعود بين الخطبتين ركن لأنه لم ينقل عنه ﷺ والخلفاء الأربعة بعده خلافه . قال وخالفه الجمهور في القعود بينهما يعني الخطبتين فقالوا إنه سنة وبه قال الهادوية . أما مقداره فقالت الشافعية يطمئن فيه بمقدار سورة الإخلاص أما من قال تجزيء السكتة قائماً عن القعود فليس لهم دليل إلا القياس على السكتة بعد القراءة . وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : .
|
#37
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [137] الحديث الخامس : عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن النبي ﷺ قال : ( إذا قلت لصاحبك : أنصت – يوم الجمعة والإمام يخطب – فقد لغوت ) موضوع الحديث : منع الكلام في وقت الخطبة المفردات : قوله فقد لغوت : يقال لغا يلغو من باب دخل يدخل ونصر ينصر ولغي يلغى من باب أثم يأثم ويمكن أن يقال لغا يلغي من باب رمى يرمي . ويأتي لمعنيين يأتي لغا بمعنى سكت ويأتي لغا بمعنى تكلم ومجرى الكلام يقرر المعنى المقصود والظاهر أن معنى لغوت معناه تكلمت وحينئذ تكون قد أبطلت جمعتك ويمكن أن يقال معنى لغوت يعني أبطلت جمعتك لكن الأول أشهر لأن الخطاب للمصلين ولو كان المقصود منه إبطال جمعتك لكان أن يقول فقد لغت جمعتك أي سقطت . ويطلق اللغو على الكلام الذي لا خير فيه قال تعالى _ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا_ [الفرقان آية 72] المعنى الإجمالي : للخطبة احترام في وقتها وتفريغ الذهني للاستماع لها لذلك قال النبي ﷺ من قال لأخيه أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغا ومن لغا فلا جمعة له . فقه الحديث : قال الزين بن المنير اتفقت أقوال المفسرين على أن اللغو ما لا يحسن من الكلام وقال النضر بن شميل معنى لغوت خليت من الأجر وقيل بطلت فضيلة جمعتك ولعل الأقرب هذا من قول من قال صارت جمعتك ظهراً . لكن ورد حديث عند أبي داود وابن خزيمة من حديث عبدالله بن عمر مرفوعاً ( ومن لغا وتخطى رقاب الناس كانت له ظهراً ) قال ابن وهب أحد رواته معناه أجزأت عنه الصلاة وحرم فضيلة الجمعة . ولأحمد والبزار من حديث ابن عباس مرفوعاً ( من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كالحمار يحمل أسفاراً والذي يقول له أنصت ليس له جمعة ) قال وله شاهد قوي في جامع حماد بن سلمة عن ابن عمر موقوفاً.قال العلماء لا جمعة كاملة للإجماع على إسقاط فرض الوقت عنه أهـ. ويؤخذ من الحديث وجوب الإنصات في الخطبة وقد حدده الشافعي بالأربعين وفيما عداهم قولان أي أن الشافعي لا يرى وجوب الإنصات إلا إذا بلغ الحاضرون أربعين وهذا مبني على أن الجمعة لا تصح إلا بهذا العدد . والقول بعدم صحة جمعة من دون هذا العدد قول لا ينبني على دليل إلا (حديث كعب بن مالك وأنهم كانوا في أول جمعة جمعوها نحو أربعين) وهذا لا يفيد إبطال جمعة من دون هذا العدد والقول أن الجمعة تنعقد بما أطلق عليه اسم الجماعة وهم( ثلاثة والإمام) وسائر الأقوال لا تنبني على دليل صريح صحيح فمالك يرى أنها تنعقد باثني عشر والشافعي وأحمد يريان أنها تنعقد بأربعين وأبو حنيفة يرى رأياً غير رأيهم ولكن هذه الأقوال لا تنبني على دليل يمنع ما دونها والصحيح من أقوال أهل العلم هو ما ذكرته قبل قليل وعلى هذا فإن الإنصات واجب في كل عدد تنعقد به الجمعة وهل الكلام حرام أو مكروه في هذا خلاف والقول الصحيح هو القول بالتحريم ومن أجاز الكلام في الخطبة فإنه قد أساء وخالف الأدلة علماً بأن ابن عبد البر ذكر الاتفاق على وجوب الإنصات على من حضر الجمعة إذا سمعها واختلفوا فيمن لم يسمع الخطبة لبعد أو صمم وهل يجوز له أن يذكر الله أو يقرأ هذا محل خلاف ونظر والذي يظهر لي عدم الجواز ولو كان ذاكراً لأن من كان ذاكراً فقد تكلم ومن تكلم فقد لغا كما في الحديث . واختلفوا في أربعة أشياء رد السلام وتشميت العاطس والصلاة على النبي ﷺ إذا ذكر والتأمين على الدعاء . وقد علمت أن النبي ﷺ أخبر أن من قال لأخيه أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب أن جمعته لاغية فإذا كان قد مُنع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فغيره من باب أولى . وقد استدل أصحاب مالك بهذا الحديث على منع تحية المسجد في حال الخطبة ولا دليل لهم في ذلك فقد تقدم أن النبي ﷺ أمر بها في حال الخطبة وليس للعقول ولا الأقيسة دخل في الأحكام الشرعية لأنها مأخوذة عمن عصمه الله من الخطأ وأخبر أنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ومعلوم أن من قال بالمنع فقد قال برأيه وخالف الدليل الصحيح الصريح أو تابع من قال برأيه وجعل قوله مقدماً على ما صح عن المعصوم ﷺ. وقد مضى معنا أن النبي ﷺ قال لسليك قم فاركع ركعتين وأوجز فيهما وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل كما يقال . وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : .
|
#38
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله- [138]الحديث السادس : عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسـول الله ﷺ قال :(من اغتسل يوم الجمعة [ غسل الجنابة ] ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر ) موضوع الحديث : فضيلة التبكير إلى الجمعة المفردات : راح : هو الذهاب في وقت الرواح وهو بعد الزوال وقد يطلق ويراد به مجرد الذهاب ؟ بدنة : هي الواحدة من الإبل بقرة : هي الواحدة من البقر أي كأنما أهداها لتنحر في مكة كبشاً أقرن : أي له قرون والدجاجة والبيضة معروفة قرب : معناها إما أن يكون المقصود منه اهدي أو تصدق حضرت الملائكة : يعني لتسمع خطبة الإمام والمراد بالذكر الخطبة أما الساعة فسيأتي البحث فيها . المعنى الإجمالي : أخبر النبي ﷺ عن تفاوت الناس في السعي إلى الجمعة بحسب التبكير وأخبر أن كل قوم اشتركوا في ساعة فلهم الفضل المذكور وأن هذه الساعات تنتهي بجلوس الإمام على المنبر وأن الملائكة الموكلون بكتابة الناس على حسب حالهم في التقدم والتأخر يطوون صحفهم إذا خرج الإمام . فقه الحديث : أولاً :يؤخذ من هذا الحديث تأكيد الغسل يوم الجمعة وأن هذه الفضيلة لا تنال إلا بذلك لقوله من اغتسل يوم الجمعة ثم راح ..إلخ . قال الصنعاني في العدة أقول وقع في بعض طرقه في الصحيحين زيادة بلفظ غسل الجنابة وهو نعت لمصدر محذوف أي غسلاً كغسل الجنابة ويؤيده ما وقع في بعض طرقه عند عبد الرزاق فاغتسل أحدكم كما يغتسل للجنابة . ثانياً:يؤخذ من قوله يوم الجمعة أي من اغتسل يوم الجمعة ثم راح أن الغسل شرع للرواح إلى الجمعة ولم يشرع لليوم خلافاً للظاهرية القائلين بأن الغسل شرع لليوم لا للصلاة وعندهم لو اغتسل بعد صلاة الجمعة جاز ويرد قولهم ما رواه البخاري في باب وقت الجمعة إذا زالت الشمس من حديث عمرة عن عائشة بلفظ (كان الناس مهنة أنفسهم وكانوا إذا راحوا إلى الجمعة راحوا في هيئتهم فقيل لهم لو اغتسلتم) فدل هذا على أن الاغتسال لصلاة الجمعة لا ليوم الجمعة . ثالثاً: يؤخذ منه استحباب التبكير للجمعة وأن فيه فضل عظيم . رابعاً :اختلف في التبكير ما هو هل هو الذهاب من أول وقت الرواح إلى الجمعة أو هو الذهاب من بعد طلوع الشمس وفي هذا خلاف مبني على الخلاف في الساعات . خامساً :اختلف في الساعات ما هي هل هي الساعات التوقيتية التي ينقسم فيها اليوم إلى اثنتي عشرة ساعة أو هي أجزاء زمانية ينقسم فيها وقت الرواح إلى خمس ساعات .ذهب إلى الأول الظاهرية وذهب إلى الثاني الجمهور فالظاهرية يقولون التبكير يكون من أول النهار والجمهور يقولون التبكير يكون من أول وقت الرواح ومذهب الجمهور هو الأصح . سادساً : يرد على الظاهرية في قولهم هذا بأمور :- أولها :أن كلمة راح لا تستعمل إلا في وقت الرواح أو ما هو قريب منه فلو كان التبكير من طلوع الشمس لقال غدا ولم يقل راح . ثانيها: أن أصحاب النبي ﷺ كانوا يذهبون لأعمالهم في أول النهار ثم يأتون إلى الجمعة وقد علاهم العرق والغبار والدليل على ذلك ما رواه البخاري في باب وقت الجمعة إذا زالت الشمس من حديث عمرة عن عائشة بلفظ ( كان الناس مهنة أنفسهم وكانوا إذا راحوا إلى الجمعة راحوا في هيئتهم فقيل لهم لو اغتسلتم). ومعنى مهنة أنفسهم أي يباشرون أشغالهم بأنفسهم ليس لهم خدم . ثالثها :أن الله عز وجل أمر بالسعي بعد النداء والنداء لا يكون إلا بعد الزوال . رابعها:أنه ورد في حديث سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال ( إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَقَفَتِ الْمَلائِكَةُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ يَكْتُبُونَ الأَوَّلَ فَالأَوَّلَ وَمَثَلُ الْمُهَجِّرِ كَمَثَلِ الَّذِي يُهْدِي بَدَنَةً .... الحديث ) والمهجر هو الذاهب في الهاجرة والهاجرة هي نصف النهار . خامسها :أنا لو اعتبرنا الساعات أنها هي الساعات التوقيتية لكان الإمام يخرج بعد الساعة الخامسة وهذا يكون فيه تقدم على وقت الجمعة بساعة لأن الزوال لا يكون إلا بعد الساعة السادسة التي هي نصف النهار . سادسها : أن كلمة التبكير لا يراد منها هنا الذهاب في البكور وإنما يراد منه التقدم في أول وقت الرواح وبناء على هذه الأدلة فالقول الأرجح أن المراد بالساعات أجزاء زمانية قليلة تبدأ من أول وقت الرواح حتى يجلس الإمام على المنبر وهذا هو قول الجمهور وقد تبين أن قول الظاهرية قول ضعيف ترده الأدلة . سابعاً : يؤخذ من الحديث أن وقت الجمعة هو وقت الزوال لهذه الأدلة الصحيحة راح ، والمهجر، وما أشبه ذلك لأن هذه الكلمات لا تقال غالباً إلا في وقت الزوال وما يقاربه وعلى هذا فهذه الأحاديث ترد قول من قال أن وقت الجمعة يجوز قبل الزوال اعتماداً على (حديث عبدالله بن سيدان) وهو حديث متكلم فيه فلا يقاوم هذه الأحاديث الصحيحة ومما يؤيد هذا المأخذ أن صلاة الجمعة هي بدل من صلاة الظهر وصلاة الظهر لا تجوز إلا بعد الزوال بالنصوص الشرعية والإجماع . ثامناً :يؤخذ منه فضيلة المبكر وأنه كمن أهدى بدنة ثم ما بعده على الترتيب . تاسعاً :يؤخذ منه أن المشتركين في كل ساعة ثوابهم سواء حسب ظاهر الحديث فكل من جاء في الساعة الأولى كأنما قرب بدنة ومن جاء في الساعة الثانية كأنما قرب بقرة ……….إلخ الحديث . عاشراً :أن هذه الساعات تنتهي بجلوس الإمام على المنبر لقوله فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر . الحادي عشر: أن الملائكة يستمعون الذكر بعد أن يطووا صحفهم . الثاني عشر : أن من جاء بعد جلوس الإمام على المنبر فلا فضل له . الثالث عشر: أن البيضة تقرب وتكتب في العمل إذا كانت في سبيل خير وأنه لا يستهان بشيء من أعمال الخير والشر كيف لا وقد قال الله تعالى _ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ _ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ _ [الزلزلة 7-8] -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : .
|
#39
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [139] الحديث السابع : عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه – وكان من أصحاب الشجرة قال : كنا نصلي مع رسول الله ﷺ صلاة الجمعة ثم ننصرف وليس للحيطان ظل نستظل به . وفي لفظ : كنا نجمع مع رسول الله ﷺ إذا زالت الشمس ثم نرجع فنتتبع الفيء . موضوع الحديث : وقت الجمعة المفردات : قوله وكان من أصحاب الشجرة :هي شجرة الحديبية التي بايع النبي ﷺ أصحابه تحتها وقد بايع النبي ﷺ في ذلك اليوم ثلاث مرات في أول المبايعة وأوسطها وآخرها وكان شجاعاً فاضلاً صالحاً رامياً وكان يسبق الفرس جرياً ويقال إنه هو الذي كلمه الذئب فروي أنه قال رأيت الذئب أخذ ظبياً فطلبته حتى أنتزعته منه فقال ويحك مالك ومالي عمدت إلى رزق رزقنيه الله ليس من مالك فمالك تنتزعه مني قال فقلت يا عباد الله إن هذا لعجب ذئب يتكلم فقال الذئب أعجب من هذا أن النبي ﷺ في أصول النخل يدعوكم إلى عبادة الله فتأبون إلا عبادة الأوثان قال فلحقت برسول الله ﷺ فأسلمت وغزا سلمة مع النبي ﷺ سبع غزوات وتوفي سنة 74هـ بالمدينة ثم ننصرف : أي نعود من الصلاة . وليس للحيطان ظل نستظل به : أي ليس لها ظل كاف للاستظلال به قوله إذا زالت الشمس : إذا ظرف لفعل نجمع أي نجمع مع رسول الله ﷺ حين تزول الشمس وهو شبه صريح أن الجمعة تصلى بعد الزوال وهو الراجح . الفيء :هو الظل الذي يكون بعد الزوال وليس كل ظل فيء وإنما يقال للظل الذي بعد الزوال فيءٌ لأنه فاء بمعنى رجع والفيء الرجوع قاله ابن قتيبة في أول كتاب أدب الكاتب وقال والعامة يذهبون إلى أن الظل والفيء بمعنى واحد وليس كذلك بل الظل يكون غدوة وعشية في أول النهار وآخره . أهـ من العدة للصنعاني ومفهوم كلام ابن قتيبة أن الفيء خاص بالظل الذي بعد الزوال . المعنى الإجمالي : يخبر سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أنهم كانوا يصلون الجمعة مع النبي ﷺ إذا زالت الشمس ثم يعودون إلى بيوتهم وليس للحيطان ظل يكفي للاستظلال به . فقه الحديث : يؤخذ من هذا الحديث أن وقت الجمعة هو وقت الظهر أي بعد الزوال وإلى ذلك ذهب جمهور أهل العلم . وادعى ابن العربي الإجماع على أن وقتها بعد الزوال إلا ما نقل عن أحمد بن حنبل أنه إن صلاها قبل الزوال أجزأته ، قال الحافظ ابن حجر قد نقله أي صحة وقوعها قبل الزوال ابن قدامه وغيره عن جماعة من السلف . قلت : ذكر ابن قدامة في المغني أنه قد روي فعلها قبل الزوال عن ابن مسعود ومعاوية وجابر وعن مجاهد وعطاء أن كل عيد في أول النهار وعدوا الجمعة من الأعياد وليس هذا أي كونها عيداً بمبيح لأدائها قبل الزوال فالراجح أن وقتها وقت الظهر لأمور :- أولاً : أنها بدل من الظهر فلا يصح أن تصلى إلا في وقت الظهر وهو بعد الزوال بإجماع المسلمين . ثانياً : أن حديث سلمة بن الأكوع في الصحيحين وهو الحديث الذي نحن بصدد شرحه الآن يدل على أن النبي ﷺ كان يفعلها عند الزوال لقوله كنا نجمع مع رسول الله ﷺ إذا زالت الشمس ثم نرجع فنتتبع الفيء فهذه الرواية صحيحة وصريحة أن وقت الجمعة بعد الزوال وإذا تعارض هذا مع غيره رجح عليه لصحته وصراحته . ثالثاً: أما قوله وليس للحيطان ظل نستظل به فهذا النفي متوجه على القدر الكافي للاستظلال وليس متوجهاً على مجرد الظل إذا علم هذا فإن الفيء الذي يكفي للاستظلال إنما يكون بعد وقت الزوال وليس بعد الزوال مباشرة . رابعاً : أن هذا الحديث يدل على أن النبي ﷺ كان يسرع بها بعد الزوال مباشرة ومما يدل على ذلك حديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال (ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة ) وحديث جابر رضي الله عنه قال (كنا نصلي مع رسول الله ﷺ ثم نرجع فنريح نواضحنا ) . خامساً: ومما يدل على أن الجمعة بعد الزوال ما رواه مالك في الموطأ وهو أثر( أن طنفسة كانت لعقيل بن أبي طالب توضع عند جدار المسجد فإذا غشيها الظل خرج عمر رضي الله عنه فصلى الجمعة ) ، وهذا معناه أن الطنفسة كانت توضع إلى جانب جدار المسجد الغربي من الجهة الشرقية فإذا أمتد عليها الظل خرج عمر بل هذا الأثر يدل على أن عمر كان يتأخر بعد الزوال قليلاً ولعله من أجل أن يجتمع الناس فإن الناس كثروا في المدينة في زمنه . سادساً :أن القاعدة الأصولية أنه إذا تعارض نصان فإما أن يكونا متكافئين في الصحة فيجمع بينهما وإن لم يكونا متكافئين رجح أحدهما على الآخر أي يرجح الصحيح على الضعيف أو المنطوق على المفهوم أو النص على الظاهر والآثار الواردة في تقديم الجمعة قبل الزوال كلها آثار عمن دون النبي ﷺ فلا تتعارض مع الثابت عنه صلوات الله وسلامه عليه ومع ذلك ففيها ضعف أو في بعضها ورواية الصحيحين مقدمة على غيرها لصحتها وصراحتها . وبالله التــوفيــق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : .
|
#40
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله- [140] الحديث الثامن : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان النبي ﷺ يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة ( آلم تنزيل ) السجدة و ( هل أتى على الإنسان ) . موضوع الحديث : ما يقرأ به في صلاة الفجر يوم الجمعة . المفردات : آلم تنزيل السجدة : اسم للسورة ويقال لها سورة الجمعة وهل أتى على الإنسان : يقال لها سورة الإنسان المعنى الإجمالي : شرع الله عز وجل على لسان رسوله ﷺ قراءة هاتين السورتين في صلاة الفجر من يوم الجمعة لأن فيهما ذكر خلق آدم وذكر يوم القيامة والجنة والنار فناسب قراءتهما في هذا اليوم تذكيراً لما قد وقع فيه من خلق آدم وبما سيقع فيه من بعث الأجساد والقيام للجزاء فقه الحديث : يؤخذ من هذا الحديث استحباب قراءة هاتين السورتين في صبح يوم الجمعة وكره مالك قراءة السجدة في صلاة الفرض خشية التخليط على المأمومين وخص بعض أصحابه الكراهة في صلاة السر أي التي تسر فيها القراءة قال ابن دقيق العيد فعلى هذا لا يكون مخالفاً لمقتضى هذا الحديث ، وفي المواظبة على ذلك دائماً وهو أنه ربما أدى الجهال إلى اعتقاد أن ذلك فرض في هذه الصلاة وفي مذهب مالك حسم مادة هذه الذريعة . قلت : ترك السنة المأثورة عن النبي ﷺ من أجل احتمالات قد تقع وقد لا تقع لا يجوز بل يجب علينا أن نعمل بالسنة وأن نعلم الجهال ما خفي عليهم وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : التصفية والتربية TarbiaTasfia@ .
|
#41
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - بــاب العـيـديـن العيدين تثنية عيد والعيد هو ما عاد وتكرر فإما أن يعود عليك وإما أن تعود عليه والأعياد الزمانية تعود على الناس كعيد الفطر وعيد الأضحى والجمعة أما الأعياد المكانية فالناس يعودون عليها وهي في الإسلام الأماكن المقدسة كالمسجد الحرام ومنى وعرفة ومزدلفة ورمي الجمار وما أشبه ذلك هذه تعد أعياد مكانية يعود عليها الناس وهي في نفس الوقت أعياد زمانية تعود وتتكرر يعني أن تلك العبادات لا تصح إلا في تلك الأماكن وفي الأزمنة المحددة لها إلا العمرة والطواف بالبيت فهي مكانية فقط وتصح في جميع الأزمة بدون استثناء . [141] الحديث الأول: عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال : كان النبي ﷺ وأبو بكر وعمر يصلون العيدين قبل الخطبة . موضوع الحديث: تقديم الصلاة في العيدين قبل الخطبة المفردات كان: فعل ماضي ناقص يدل على الاستمرار وجملة يصلون خبر كان أما اسمها فهو لفظ النبي _ وأبو بكر وعمر . المعنى الإجمالي كان النبي ﷺ يصلي العيدين وكل نافلة تشرع فيها الجماعة كالخسوف والكسوف وصلاة الاستسقاء يصليها قبل الخطبة وقد كانت الجمعة في أول الإسلام كذلك . فقه الحديث أولاً :سبب مشروعية العيدين أن النبي _ قدم المدينة ولأهلها يومان يظهرون فيهما الزينة فأبدلهما الله من تلك اليومين بيومين خير منهما وهما عيد الفطر وعيد الأضحى شرع الله لعباده أن يظهروا فيهما الزينة وأن يذكروه ويكبروه على ما أتم عليهم من النعم ففي الفطر صلاة العيد تشرع شكراً لله على ما أتمه على عباده وأعانهم عليه من إتمام شهر رمضان بصيامه وقيامه وأما عيد الأضحى فقد شرع شكراً لله على ما أتمه على عباده من نعمة الحج والعبادة في عشر ذي الحجة ولهذا قال بعضهم أعيادنا ثــلاثة فاثنــان في سنة فطر وأضحى الثاني وثالث يعتاد أسبـــوعياً خصيصة في ديننـا تهـيــأ فضيلة خص بها نبـيـنا كم أمة عنها أضلت قبـلنــا ولم تكن أعياد لهو وطرب وصرف أوقات بغير مكتسب ثانياً :حكمها أما حكم صلاة العيدين فقد اختلف فيه الفقهاء فذهب الجمهور إلى أنها سنة مؤكدة وذهب بعض أهل العلم إلى أنها فرض عين وممن ذهب إلى وجوبها عيناً أبو حنيفة والأوزاعي والليث ورواية عن مالك .وعن بعض الشافعية أنها فرض كفاية وهو مذهب أحمد ولعل القول بأنها فرض عين أو واجب عيني هو الأقرب لأن النبي ﷺ ( أمر بإخراج الحيض إلى المصلى ) وذلك يدل على أهمية هذه الشعيرة وعناية الإسلام بها . ثالثاً: يؤخذ منه أن صلاة العيدين مشروعة قبل الخطبة والدليل على ذلك استفاضة النقل بأن النبي ﷺ كان يفعلها قبل الخطبة ومن ذلك هذا الحديث . رابعاً : حصل في عهد بني أمية تقديم الخطبة على الصلاة وأنكر عليهم ذلك فلم يرجعوا فقيل أن أول من فعل ذلك معاوية وقيل مروان بن الحكم وقيل زياد في العراق وقيل عثمان بن عفان في أخر عمره لما رأى كثيراً من الناس يأتون بعد الصلاة . والمهم أن هذه السنة تركت زمناً ثم أعيدت في دولة بني العباس والسبب في ذلك أنّ بني أمية جعلوا في صميم الخطبة سب من لا يستحق السب فكان الناس يتركون الخطبة ويذهبون كراهية أن يسمعوا ما يذكر فيها من السب لبعض أفاضل الصحابة ومن أجل ذلك قدموا الخطبة على الصلاة وخالفوا هذه السنة . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : .
|
#42
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [142] الحديث الثاني: عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : خطبنا النبي ﷺ يوم الأضحى بعد الصلاة فقال : ( من صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك ومن نسك قبل الصلاة فلا نسك له ) قال أبو بردة بن نيار – خال البراء بن عازب – يا رسول الله إني نسكت شاتي قبل الصلاة وعرفت أن اليوم يوم أكل وشرب وأحببت أن تكون شاتي أول ما يذبح في بيتي فذبحت شاتي وتغديت قبل أن آتي الصلاة فقال : (شاتك شاة لحم ) قال : يا رسول الله فإن عندنا عناقاً هي أحب إليّ من شاتين أفتجزي عنّي ؟ قال نعم ولن تجزي عن أحد بعدك ) موضوع الحديث: أن الصلاة قبل الخطبة وأن الذبح لا يصح إلا بعد الصلاة المفردات : يوم الأضحى : المراد به يوم عيد الأضحى ونسك نسكنا : المراد بالنسك هنا الذبيحة التي يتقرب بها إلى الله عز وجل قال تعالى_ قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ _ لا شَرِيكَ لَهُ _ [الأنعام آية 162 – 163] فقرن النسك بالصلاة أي أن المسلم لا يذبح لغير الله كما يفعل المشركون ولا يصلي لغيره ولا يطلب من غيره جلب نفع ولا دفع ضر بل ذلك كله يجعله لله وعلى هذا فلا يدخل فيه ما ذبح للحم أو للبيع ويدخل فيه ما ذبح لإكرام الضيف إحياءً لسنة الضيافة وما أشبه ذلك . قوله فقد أصاب النسك : أي قد أصاب النسك الصحيح قوله فلا نسك له : أي لا ضحية له قوله فذبحت شاتي وتغديت قبل أن آتي الصلاة : يدل هذا اللفظ على أن الأكل الواقع في البكور يسمى غداء لأن هذا الوقت يسمى غدواً كقوله تعالى _ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ _[ الأعراف : 205 - النور : 36] (ولتسمية صلاة الصبح صلاة الغداة قوله ﷺ شاتك شاة لحم : أي لا شاة نسك . قوله فإن عندنا عناقاً :العناق الأنثى من ولد المعز إذا قويت ولم تبلغ الحول . قوله أفتجزي عني : استفهام طلبي قال النبي ﷺ نعم ولن تجزئ عن أحد بعدك : يعني أنها خصيصة لأبي بردة يعني هذه الرخصة المعنى الإجمالي : تضمن هذا الحديث أن النبي ﷺ صلى بأصحابه عيد الأضحى ثم خطبهم معلنا في خطبته أن من صلى صلاة النبي _ ونسك نسكه فقد أصاب النسك أي فإن ضحيته مجزئة ومقبولة ومن نسك قبل الصلاة أي ذبح قبل الصلاة فلا نسك له وفيه أن النبي ﷺ اعتبر العناق مجزأة عن أبي بردة خصيصة له وأنها لا تجزي عن أحد بعده . فقه الحديث : أولاً: يؤخذ من هذا الحديث مشروعية الخطبة للعيدين ولا خلاف في مشروعيتها فيما أعلم لكن اختلفوا في موضعها والصحيح أنها بعد الصلاة وما فعل في زمن بني أمية لم يكن مبنياً على اجتهاد فقهي وإنما كان مبنياً على هوى فإن كان من فعله صحابي فله من السابقة ما يغفر الله له به ذلك ونحن نعتقد فضل الصحابة وأنهم ليسوا معصومين وإن كان من غيرهم فنسأل الله أن يتجاوز عنا وعنه ولكنه خالف السنة والأدلة على كون الخطبة في العيدين وما شابهها من السنن التي تشرع لها الجماعة بعد الصلاة الأدلة على ذلك متوافرة ومتواترة وإن لم تكن متواترة فهي مستفيضة ومن الأدلة على ذلك حديث ابن عمر السابق وحديث البراء هذا . فقوله خطبنا النبي ﷺ يوم الأضحى بعد الصلاة دليل على ذلك . ثانياً :يؤخذ من هذا الحديث أن من نسك قبل الصلاة أي صلاة العيد فلا نسك له . وقد اختلف أهل العلم هل المراد صلاة المرء نفسه أي المضحي أو صلاة الإمام قال ابن دقيق العيد قوله من نسك قبل الصلاة فلا نسك له يقتضي أن ما ذبح قبل الصلاة لا يقع مجزياً عن الأضحية ولا شك أن الظاهر من اللفظ أن المراد قبل فعل الصلاة فإن إطلاق لفظ الصلاة وإرادة وقتها خلاف الظاهر ومذهب الشافعي اعتبار وقت الصلاة فإذا مضى ذلك دخل وقت الأضحية . قال الصنعاني على قوله ومذهب الشافعي اعتبار وقت الصلاة أقول - يعني الصنعاني – وقال الشافعي وداود وابن المنذر وآخرون يدخل وقتها إذا طلعت الشمس ومضى قدر صلاة العيد وخطبتين فإذا ذبح بعد هذا الوقت أجزأه سواء صلى مع الإمام أم لا وسواء كان من أهل الأمصار أم من أهل القرى والبوادي والمسافرين وسواء ذبح الإمام ضحيته أم لا والعجب أنه لم يذكر دليلاً للشافعية على هذا الاختيار المخالف لظــاهر حديث البراء وحديث جابر أهـ . قال ابن دقيق العيد ومذهب غيره اعتبار فعل الصلاة والخطبتين وقد ذكرنا أنه الظاهر أهـ قلت :من اختار أن قوله وصلى صلاتنا أن المراد بالصلاة هنا فعل المضحي للصلاة قبل أن يضحي من قال بهذا القول فقد جعل صلاة العيد شرطاً في صحة الأضحية من المضحي لأنهم علقوا صحة الأضحية بفعله لصلاة العيد وقد يكون ممن لا تجب عليه صلاة العيد وقد يكون ممن تجب عليه فقصر فيها فهذا القول هو خلاف الظاهر لأن النبي ﷺ قال من صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك فدل هذا على أن صلاة المضحي ليست شرطاً في صحة أضحيته ولكن مضي وقت الصلاة هو الشرط لصحتها وعلى هذا فمذهب الشافعي عندي وجيه . ثالثاً : يؤخذ من قوله شاتك شاة لحم دليل على إبطال كونها نسكاً وأن المأمورات إذا وقعت على خلاف مقتضى الأمر لم يعذر فيها بالجهل ومثلوا لذلك بحديث ( المسيء في صلاته) حيث أمره النبي ﷺ بإعادتها وكذلك هنا من نحر قبل وقت النحر فنحره باطل غير مجزئ قال ابن دقيق العيد وقد فرقوا في ذلك بين المأمورات والمنهيات فعذروا في المنهيات بالنسيان والجهل واستدلوا على ذلك ( بحديث معاوية بن الحكم حين تكلم في الصلاة فلم يأمره النبي ﷺ بالإعادة) ومثل ذلك أيضاً حديث يعلى بن أمية في (الرجل الذي جاء يسأل عن العمرة وقد لبس جبة وتضمخ بالطيب حيث أمره النبي ﷺ بخلع الجبة وغسل الخلوق ولم يأمره بدم فيما مضى قالوا هذا الفرق بينهما لأن المقصود من المأمورات إقامة مصالحها وذلك لا يحصل إلا بفعلها أما المنهيات فهي مزجور عنها بسبب مفاسدها امتحاناً للمكلف بالانكفاف عنها وذلك إنما يكون بالتعمد لارتكابها ومع النسيان والجهل لم يكن قاصداً مخالفة النهي فعذر فيه بالجهل والنسيان . رابعاً : قوله ولن تجزئ عن أحد بعدك قال ابن دقيق العيد ولن تجزئ أي أن ذلك بفتح التاء بمعنى تقضي يقال جزى عن كذا أي قضى حكاه الصنعاني عن الجوهري وقال بنو تميم يقولون أجزأت عنك شاة بالهمز أهـ . ويجوز أن يكون بضم التاء أي تجزي من أجزأ يجزي قال الزمخشري في أساس البلاغة بنو تميم يقولون البدنة تجزئ عن سبعة وأهل الحجاز يقولون تجزي وبهما قرئ ( لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً ) وقال النووي الرواية بالفتح في جميع الطرق وجوز ابن الأثير وابن بري وغيرهما الوجهين . قوله ولن تجزي عن أحد بعدك فيه تخصيص لأبي بردة في التضحية بالجذعة من المعز وعلى هذا فلا يقاس عليه غيره . وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : .
|
#43
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [143]الحديث الثالث: عن جندب بن عبدالله البجلي رضي الله عنه قال : صلى النبي ﷺ يوم النحر ثم خطب ثم ذبح وقال : ( من ذبح قبل أن يصلي فليذبح أخرى مكانها ومن لم يذبح فليذبح باسم الله ) موضوع الحديث : أن من ذبح قبل الصلاة فإن نسكه باطل وشاته تكون شاة لحم كما في حديث البراء والظاهر أن هذا الحديث يعلق صحة فعل الذبح على فعل الصلاة قبله وهذا قد يكون متعيناً في حق من تجب عليه صلاة العيد أما من لم تجب عليه لسفر أو يكون من أهل البادية فالظاهر أن ذلك يتعلق بفعل الإمام والكلام عن هذه المسألة قد تقدم في الحديث الذي قبل هذا فلا داعي لإعادته مرة أخرى . قد يستدل بصيغة الأمر في قوله فليذبح من يرى أن الأضحية واجبة كالحنفية وقد يقال أنها تتعين بالتعيين سواء كان التعيين بشراء أو بالتنصيص عليها أو غير ذلك وعلى هذا فلا يتمحض الأمر هنا بأنه دال على الوجوب وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : .
|
#44
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [144]الحديث الرابع : عن جابر رضي الله عنه قال : شهدت مع النبي ﷺ يوم العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بلا أذان ولا إقامة ثم قام متوكئاً على بلال فأمر بتقوى الله تعالى وحث على طاعته ووعظ الناس وذكرهم ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن وقال : يا معشر النساء تصدقن فإنكن أكثر حطب جهنم فقامت امرأة من سطة النساء سفعاء الخدين فقالت لم يا رسول الله ؟ فقال : لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير قال : فجعلن يتصدقن من حليهن يلقين في ثوب بلال من أقراطهن وخواتيمهن . موضوع الحديث : الصلاة قبل الخطبة المفردات قوله شهدت مع النبي ﷺ يوم العيد قال الصنعاني حذف مفعوله أي الصلاة وصرحت به رواية مسلم بلفظ شهدت الصلاة والمراد بالشهود الحضور والعيد عيد الفطر قوله فبدأ : من البداءة وهو الابتداء في الشيء وتقديمه على غيره متوكئاً : أي مستنداً ومتحاملاً على بلال أي معتمداً عليه قوله وحث : أي حرض وترك مفعوله ليعم قاله الصنعاني ثم مضى : أي مشى حتى أتى النساء قوله فوعظهن :الوعظ هو النصح والتذكير فقامت امرأة قال الصنعاني يختلج في خاطري أنها أسماء بنت يزيد بن السكن المعروفة بخطيبة النساء لأنها روت أصل القصة في حديث آخر أخرجه الطبراني والبيهقي أنها قالت فناديته وكنت جريئة لم يا رسول الله قال لأنكن ….الخ قوله تكثرن الشكاة : أي الشكاية أصلها شكوت فقلبت واوها ألفاً قوله من حليهن :هو ما تتحلى به المرأة من الذهب أو الفضة أو غيرهما قوله من أقراطهن : جمع قرط وهو ما يجعل في الأذن وخواتيمهن : هي ما يجعل في الأصابع المعنى الإجمالي : يخبر جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أنه حضر مع النبي ﷺ صلاة العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة وصلى العيد بلا أذان ولا إقامة وأنه قام للخطبة أي ودخلها متوكئاً على بلال فأمر بتقوى الله وحث على طاعته ووعظ الناس وذكرهم ثم مضى إلى النساء فوعظهن وذكرهن وقال يا معشر النساء تصدقن فإنكن أكثر حطب جهنم فقامت امرأة من سطة النساء أي من وسط النساء سعفاء الخدين والسفع هو اللون المخالف للون الوجه فقالت لم يا رسول الله قال لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير فجعلن يتصدقن من حليهن فقه الحديث : يؤخذ من الحديث مسائل : المسالة الأولى :أن السنة في صلاة العيدين أن يبدأ فيها بالصلاة قبل الخطبتين وقد تقدم بحث هذه المسألة بما فيه الكفاية . المسألة الثانية : أن صلاة العيدين وكذلك جميع الصلوات النوافل التي تشرع فيها الجماعة لا يشرع لها أذان ولا إقامة قال ابن دقيق العيد أما عدم الأذان والإقامة لصلاة العيد فمتفق عليه وكان سببه تخصيص الفرائض بالأذان تمييز لها بذلك وإظهاراً لشرفها المسألة الثالثة : تخصيص النساء بالموعظة دون الرجال إذا أمنت الفتنة المسألة الرابعة :إخباره ﷺ أن النساء حطب جهنم أي أكثر أهل النار المسألة الخامسة :في قوله فقامت امرأة من سطة النساء يحتمل أنه من الوسط المكاني أي وسط ذلك المكان ويحتمل أن المراد بالوسط الخيار ويحتمل أن المراد الوسط السن أي ليست كبيرة و لا صغيرة ولا شابة ولا عجوزاً والمهم أن الوسط يحمل على معاني متعددة . المسألة السادسة : في قوله سعفاء الخدين والسفع هو لون فيه سواد والأسفع والسفعاء من أصاب خده لون يخالف لونه الأصلي وقد استدل بهذه الفقرة من هذا الحديث بعض العلماء على أنه لا يجب ستر الوجه وعضدوا هذا المأخذ للحديث الذي في الحج حين كان (الفضل رديفاً للنبي ﷺ ( فجاءت امرأة تسأل النبي ﷺ فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه وقد ذهب الجمهور إلى أن ستر الوجه واجب مستدلين بقوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) [الأحزاب : 59 ] ومعنى يدنين عليهن من جلابيبهن أي من الإدناء وهو الاستتار وهو الإرخاء بتغطية الوجه بفضل الخمار وبحديث عائشة في الحج (وأنهن كن إذا قابلن الركبان يسدلن خمرهن على وجوههن. ) والذي يظهر لي أن هذا هو القول الحق وفي المسألة خلاف مذكور في كتب الحجاب فليراجع . المسالة السابعة :قوله تصدقن فإني رأيتكن أكثر حطب جهنم هذا إخبار عن مغيب وهو وحي من الله إلى رسوله قال تعالى (وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى _ إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى) [النجم : 3-4] وعلى هذا فيجب علينا تصديق ذلك ولما سألت تلك المرأة عن السبب في كونهن أكثر حطب جهنم قال لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير فجعل هذين السببين موجبان لدخول النار وهو كثرة التشكي لأحوالهن وما يعانين في بيوتهن وهذا أمر ملموس في النساء فكونهن يشتكين حالهن يكون في هذه الشكوى تسخط لقضاء الله وقدره وعدم الرضا بما يقضيه الله عز وجل لذلك كان موجباً لسخط الله سبحانه وتعالى . المسألة الثامنة: قوله تكفرن العشير المراد به الزوج وليس يراد بالكفر الكفر المقابل للإسلام ولكن المراد به كفر الجحود وهو كفر دون كفر وبالله التوفيق. المسألة التاسعة :أن الصدقة تخفف وقع العذاب إن حصل وقد ترفعه وأنها سبب في إرضاء الله عز وجل المسألة العاشرة :يؤخذ منه أن للمرأة أن تتصدق من حليها بما لا يضر الزوج أو يخل بالعشرة لها وقد عارض هذا حديث ورد فيه أنه ليس للمرأة أن تتصدق من مالها إلا بإذن زوجها ولكن ترك العمل بذلك الحديث وعمل بهذا لأن لكل عبد راشد التصرف في ماله وبالله التوفيق . ملحوظة : قال ابن دقيق العيد في حاشية العمدة اختلف العلماء في جواز تصدق المرأة من مالها بغير إذن زوجها فقال الجمهور يجوز ولا يتوقف على مقدار معين من ثلث أو غيره واستدلوا بهذا الحديث قالوا فإنه ﷺ لم يسألهن هل أستأذن أزواجهن أم لا وهل هو خارج من الثلث أم لا ولو اختلف الحكم بذلك لسأل وقال مالك لا يجوز الزيادة على ثلث مالها إلا برضاء زوجها والشارح المحقق أشار إلى أنه لا دليل في الحديث على شئ من ذلك ووجه ما قاله أن الذي في الحديث الأمر بمطلق الصدقة والذي وقع به الامتثال إلقاء القرط والخاتم ومعلوم أنه ليس مال المتصدقة كله أهـ قلت : ولم يعلم هل هو الثلث أو أقل أو أكثر ولو كان الأمر يتوقف على التصدق بالثلث لأخبر الشارع _ بذلك وعدم الإخبار من الشارع دليل على عدم التقييد بالثلث . والله الموفق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : .
|
#45
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [145] الحديث الخامس : عن أم عطية - نسيبه الأنصارية – رضي الله عنها قالت :أمرنا – تعني النبي ﷺ - أن نخرج في العيدين العواتق وذوات الخدور وأمر الحيض أن يعتزلن مصلى المسلمين وفي لفظ : كنا نؤمر أن نخرج يوم العيد حتى نخرج البكر من خدرها وحتى نخرج الحيض فيكبرن بتكبيرهم ويدعون بدعائهم يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته . موضوع الحديث : مشروعية خروج النساء لصلاة العيد حتى تخرج الحيض والعواتق وذوات الخدور . المفردات : العواتق : جمع عاتق وهي الجارية حين تدرك أي تقارب البلوغ فيعتقها أهلها من الخدمة خارج المنزل قال ابن دريد هي التي قاربت البلوغ وقال غيره هي ما بين أن تبلغ إلى أن تعنس ما لم تتزوج . ذوات الخدور : أي صاحبات الخدور والخدور جمع خدر وهو الستر الذي يكون في ناحية البيت تجلس فيه البكر .قلت: هذا كان يعمله الناس حين كانت البيوت ضيقة وليس لأهل البيت إلا بيت واحد يجعلون على سرير البكر ستراً حتى لا يشاهدها من حضر إلى البيت . وأمر الحيض أن يعتزلن المصلى : أي يكن على جانب فلا يكن مع المصليات . الحيض : جمع حائض وهي التي تكون في وقت نوبة الحيض . قولها فيكبرن بتكبيرهم : أي الحيض يكبرن بتكبير المصلين ويدعون بدعائهم يرجون بركة ذلك اليوم والبركة هنا المراد بها زيادة الأجر فيه والله تعالى أعلم المعنى الإجمالي : تخبر أم عطية رضي الله عنها أن النبي ﷺ كان يأمر النساء بالخروج إلى مصلى العيد حتى الحيض والعواتق وذوات الخدور يأمرهن بالخروج لذلك على أن يعتزل الحيض المصلى فقه الحديث : يؤخذ من الحديث مشروعية إخراج النساء لصلاة العيد وفي ذلك خلاف بين أهل العلم هل هذه السنة ينبغي استمرارها والعمل عليها أم أن ذلك يكون متوقفاً على أمن الفتنة ومتى لم تؤمن فإن بقائهن في بيوتهن أولى فذهب جماعة إلى أن الخروج حق عليهن وممن ذهب إلى ذلك أم عطية راوية الحديث وذهب جماعة منهم عروة بن الزبير والقاسم بن محمد ويحيى بن سعيد ورواية عن ابن عمر إلى منعهن وقال به الثوري ومالك وأبو يوسف . واختلف فيه قول أبي حنيفة تارة بالجواز وتارة بالمنع وقيد المنع مالك وأبو يوسف بالشابة دون غيرها وقال الشافعي أحب شهود العجائز دون ذوات الهيئات وأنا في الأعياد أشد استحباباً لخروجهن . وأجاب المانع عن الحديث بأن المفسدة كانت مأمونة في ذلك الزمان دون اليوم وأنكر الصنعاني على من قال بأن المفسدة كانت مأمونة في ذلك الزمان فقال هذا غير صحيح إذ كل زمان فيه صالحون وغيرهم وقد وقع في عصر النبوة ما وقع في غيره من ارتكاب فاحشة الزنا والسرقة وغيرهما نعم لا تخرج المرأة إلى الصلاة في ثياب زينة ولا متطيبة متعطرة بل تخرج متبذلة لورود النهي عن ذلك أهـ نقلا عن حاشية الصنعاني بتصرف. قلت: أمن المفسدة في زمان النبي ﷺ وخلفائه الراشدين كان أكثر والاطمئنان إلى أهل ذلك الزمان كان أعظم ولو نسبت المفاسد التي وقعت في زمن النبي ﷺ إلى ما يقع في زمننا لكانت تساوي نسبة ضئيلة جداً فالذين اعترفوا بالزنا بعد أن قارفوه لا يتعدون أصابع اليد الواحدة وكذلك السرقة وذلك في عشر سنين ولو حصر ما يقع من المناكر في زماننا في شهر واحد لزاد على ما وقع في زمن النبي ﷺ وهي العشر السنوات كلها فالقول بأن الفتنة كانت مأمونة في ذلك الزمان قول صحيح فنقول إن ما حصل في ذلك الزمان كان نادراً والنادر لا حكم له والمهم أن أمن الفتنة لا بد أن يكون من الجانبين من جانب النساء فلا يتعدين الشرع في لباسهن ولا في تعاطيهن ما يثير الشهوة كالطيب وما شابهه وأن يتسترن التستر الكامل وأن يجتنبن أماكن كثرة الرجال ومن ناحية الذكور أن يغضوا أبصارهم وألا يتعرضوا للنساء ولا يحبوا الكشف عنهن أو النظر إليهن ولا شك أن ذلك كان متوفراً في زمن النبي صلأى وخلفائه الراشدين من حيث وفرة الإيمان وجدته ومن حيث قلة الكماليات في ذلك العهد أما الآن فقد ضعف الإيمان وكثرت المغريات وكثر المال وحصل من النساء ومن الشباب من الخروج عن الأعراف الشرعية والآداب الإسلامية ما الله به عليم لذلك فإني أرى أن القول بمنع خروجهن في هذا الزمان لهذه العلل هو الأولى فإن وجد في بعض الأماكن توفر الأسباب التي تؤمن معها الفتنة فينبغي لهم أن يعملوا بهذا الحديث والله أعلم . ويؤخذ من الحديث أي من قوله ويعتزل الحيض المصلى يؤخذ منه أن الحيض لا يجوز لهن المكوث في المساجد وأن مصلى العيد يختلف عن المساجد التي يصلى فيها كل يوم وليلة خمس مرات لأن النبي _ أجاز للحيض أن يجلسن في مصلى العيد لكنهن يتميزن عن المصليات والله تعالى أعلم . .-------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : .
التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 10-08-2015 الساعة 10:52PM |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 7 ( الأعضاء 0 والزوار 7) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام ((المجلد الثاني)) | ام عادل السلفية | الأحاديث الصحيحة فقهها وشرحها | 51 | 28-07-2015 09:57PM |
شرح احاديث عمدة الاحكام لفضيلة الشيخ العلامه احمد بن يحيى النجمي -رحمه الله- | ام عادل السلفية | الأحاديث الصحيحة فقهها وشرحها | 75 | 28-07-2015 09:53PM |
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي | ام عادل السلفية | مكتبة معرفة السنن والآثار العلمية | 1 | 14-02-2015 01:42AM |
بشرى ...حمل التعليقات على عمدة الأحكام للسعدي.pdf | أبو عبد الودود سعيد الجزائري | مكتبة معرفة السنن والآثار العلمية | 1 | 22-05-2011 12:55PM |
ردع الشيخ المحدث مقبل الوادعي لجناية علي رضا على كتب العلل واستخفافه ببعض المتقدمين | ماهر بن ظافر القحطاني | منبر الجرح والتعديل | 0 | 05-05-2005 01:07AM |