|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | التقييم: | انواع عرض الموضوع |
#31
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الملخص في شرح كتاب التوحيد لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- ص -241- باب ما جاء في الاستسقاء بالأنواء وقول الله تعالى: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} [الواقعة: 82]. مناسبة الباب لكتاب التوحيد: لمّا كان نسبة نزول المطر إلى النوء على وجه الاعتقاد –أن له تأثيراً في نزوله- شركاً أكبر كاعتقاد جلب النفع أو دفع الضر في الأموات والغائبين، أو شركاً أصغر إن كان لا يعتقد أن لها تأثيراً وإنما هي أسباب لنزول المطر ناسب أن يَعقد له المصنف باباً في كتاب التوحيد للتحذير منه. ما جاء: أي: من الوعيد. في الاستسقاء: أي: طلب السقيا ومجيء المطر. بالأنواء: جمع نَوء –وهي منازل القمر- وهي ثمانية وعشرون منزلة ينزل القمر كل ليلة منزلة منها، ومنه قوله تعالى: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ} [يس: 39] وهي عبارة عن ثمانية وعشرين نجماً معروفة المطالع في كل ثلاثة عشر يوماً يغيب واحدٌ منها مع طلوع الفجر. ويطلع رقيبه من المشرق وتنقضي كلها مع انقضاء السنة القمرية، وتزعم العرب في الجاهلية أنه إذا غاب واحدٌ منها وطلع رقيبه يكون مطرٌ وينسبونه إلى طلوع النجم أو غروبه ويقولون: مُطرنا بنوء كذا. وتجعلون رزقكم: أي: تجعلون نصيبكم –من شكر نعمة الله ص -242- بإنزال المطر – التكذيب. أنكم تكذبون: بنسبة النعم لغير الله من الكواكب فتقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا. المعنى الإجمالي للآية: أن الله سبحانه وتعالى يعيب على المشركين كفرَهم بنعمة الله بنسبة نزول المطر إلى النجم، ويخبرُ أن هذا القول كذبٌ محضٌ؛ لأن نزول المطر إنما هو بفضل الله وتقدير ولا دخل فيه لمخلوق. مناسبة الآية للباب: أن الله سبحانه أنكر نزول المطر إلى غيره من النجوم والأنواء وسمّاه كذباً. ما يستفاد من الآية: 1- إبطال نسبة نزول المطر إلى الأنواء. 2- أن نسبة نزول المطر إلى النوء كذب. 3- وجوب شكر الله على نعمه ووجوب نسبة نزول المطر إليه تفضلاً منه وإحساناً. ص -243- وعن أبي مالك الأشعري -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "أربعة في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركوهن: الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة على الميت". وقال: "النائحة إذا لم تتب قبل موتها، تُقام يوم القيامة وعليها سِرْبال من قَطرَان ودرع من جَرَب""1". رواه مسلم. أ- ترجمة أبي مالك: اسمه الحارث بن الحارث الشامي صحابي. من أمر الجاهلية: المراد بالجاهلية هنا ما قبل البعثة؛ سمُّوا بذلك لفرط جهلهم، وكل ما يخالف ما جاء به الرسول –صلى الله عليه وسلم- فهو جاهليّة. لا يتركونهن: أي: ستفعلها هذه الأمة إما مع العلم بتحريمها أو مع الجهل بذلك. الفخر بالأحساب: أي: التعاظم على الناس بالآباء ومآثرهم. والطعن في الأنساب: أي: الوقوع فيها بالعيب والتنقص. والاستسقاء بالنجوم: أي: نسبة السقيا ومجيء المطر إلى النجوم والأنواء. والنياحة: أي: رفع الصوت والندب إلى الميت. تقام يوم القيامة: تبعث من قبرها وتوقف يوم الحساب والجزاء. "1" أخرجه مسلم برقم "934". ص -244- سربال من قطران: أي: ثوبٌ من نحاس مذاب تلطّخ به فيصير كالثوب. دِرع: الدرع: ثوب ينسج من حديد، يلبس في الحرب. من جَرَب: الجرب مرض جِلدي. المعنى الإجمالي للحديث: يخبر النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه سيستمر في الأمة شيءٌ من المعاصي التي كان يفعلها الناس قبل البعثة، وذلك يتمثل في أربع خصال هي: التعاظم بالآباء مع أنه لا شرف إلا بالتقوى، وتنقّص أنساب الناس وعيبُها، ونسبة نزول المطر إلى طلوع النجوم والأنواء، ورفع الصوت بالبكاء على الميت وندبه. ثم يبين الوعيد في حق الخصلة الأخيرة بأن من استمر عليها من غير توبة فإنه يأتي يوم القيامة ملطخاً جسمُه بالنحاس المذاب حتى يكون ذلك كالقميص، لتشتعل به النار، وتلتصق بجسمه وتنتن رائحته. مناسبة الحديث للباب: أن فيه دليلاً على تحريم الاستسقاء بالأنواء، وأنه من أمور الجاهلية. ما يستفاد من الحديث: 1- تحريم الاستسقاء بالأنواء، وأنه من أمور الجاهلية. 2- أن ما كان من أمر الجاهلية لا يتركه الناس كلهم. 3- أن ما كان من أمر الجاهلية وفعلِهم فهو مذمومٌ في دين الإسلام. 4- منع التشبه بالجاهلية. 5- تحريم الافتخار بالأحساب، وأنه من أمور الجاهلية. 6- تحريم الوقوع في الأنساب بذمّها وتنقّصها. 7- تحريم النياحة وبيان عقوبتها وأنها من الكبائر. ص -245- 8- التوبة تكفر الذنب وإن عظُم. 9- أن المسلم قد يكون فيه شيء من خصال الجاهلية ولا يقتضي ذلك كفرُه. ص -246- ولهما عن زيد بن خالد قال: صلى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماء كانت من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس فقال: "أتدرون ماذا قال ربكم؟" قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر. فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب. وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب""1". ولهما من حديث ابن عباس بمعناه وفيه: قال بعضهم لقد صدق نوء كذا وكذا، فأنزل الله هذه الآية: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} إلى قوله: {تُكَذِّبُونَ}. ترجمة زيد بن خالد: هو الجهني المدني صحابيّ مشهور. صلى لنا: أي: صلى بنا، فاللام بمعنى الباء. الحديبية: قريةٌ سميت ببئر هناك على مرحلة من مكة، تسمى الآن الشميسي. إثر: بكسر الهمزة ما يعقب الشيء. سماءٌ: مطرٌ سمي بذلك؛ لأنه ينزل من السماء وهي كل ما ارتفع. "1" أخرجه البخاري برقم "846" ومسلم برقم "71". ص -247- من الليل: أي: كان في تلك الليلة. فلما انصرف: أي: التفت إلى المأمومين وليس المراد الانصراف من المكان. أتدرون؟ لفظ الاستفهام معناه التنبيه. من عبادي: المراد العبودية العامة. وكافرٌ: أي الكفر الأصغر. مُطرنا بنوء كذا وكذا: أي: نسب المطر إلى غير الله وهو يعتقد أن المنزل له هو الله. صدق نوء كذا وكذا: أي: صدق سحاب ومطر النجم الفلاني. فلا أقسم: هذا قسمٌ من الله عز وجل وهو يقسم بما شاء من خلقه. بمواقع النجوم: أي: مطالع الكواكب ومغاربها على قول الأكثر من المفسرين. المعنى الإجمالي للحديث: يذكر لنا هذا الصحابي الجليل ما كان من إرشاد النبي –صلى الله عليه وسلم- لأمته، بمناسبة نزول المطر، وما ينبغي لهم أن يقولوه عند ذلك، فيروي –صلى الله عليه وسلم- عن ربه أنه حينما امتحن الناس بإنعامه عليهم بإنزال الغيث الذي فيه حياتهم، انقسموا إلى قسمين: قسمٌ اعترف بفضل الله ونسب النعمة إليه على وجه الشكر. وقسمٌ أنكر فضل الله ونسب النعمة إلى طلوع النجم أو غروبه وسُمي عمل إيماناً وعمل الثاني كفراً. وفي رواية ابن عباس أن هذه الآيات وهي قوله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} وما بعدها نزلت في إنكار نسبة نزول المطر إلى النجوم. ص -248- مناسبة الحديث للباب: أن فيه تحريم نسبة المطر إلى النجم وتسميته كفراً وكذباً. ما يستفاد من الحديث: 1- تحريم نسبة نزول المطر إلى النجم وتسميته كفراً. 2- مشروعية تعليم الناس وتنبيههم على ما يخل بالعقيدة. 3- وجوب شكر الله على النعمة، وأنه لا يجوز إضافتها إلى غيره. 4- إلقاء التعليم على طريقة السؤال والجواب؛ لأنه أوقع في النفس. 5- أن من سُئل عما لا يعلم فإنه يتوقف ويكل العلم إلى عالمه. 6- وصف الله بالفضل والرحمة. 7- أن من الكفر ما لا يخرج من الملة. المصدر : http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf |
#32
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الملخص في شرح كتاب التوحيد لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- ص -249- باب قول الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ} الآية. تمام الآية: {وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ} [البقرة: 165]. مناسبة الباب لكتاب التوحيد: لمّا كانت محبته سبحانه هي أصل دين الإسلام، فبكمالها يكمل دين الإنسان، وبنقصها ينقص توحيد الإنسان، نبّه المصنف على ذلك بهذا الباب. أنداداً: أمثالاً ونظراء. يحبونهم كحب الله: أي: يساوونهم بالله في المحبة والتعظيم. والذين آمنوا أشد حباً لله: أي: من حب أصحاب الأنداد لله. وقيل: من حب أصحاب الأنداد لأندادهم. معنى الآية إجمالاً: يكذر تعالى حال المشركين في الدنيا، وما لهم في الآخرة من العذاب، حيث جعلوا لله أمثالاً ونظراء من خلقه يساوونهم بالله في المحبة والتعظيم. ويذكر سبحانه أن المؤمنين يخلصون المحبة لله كما يخلصون له سائر أنواع العبادة. ما يستفاد من الآية: 1- أن من اتخذ ندّاً تساوى محبته بمحبة الله فهو مشركٌ الشرك الأكبر. 2- أن من المشركين من يحب الله حباً شديداً ولا ينفعه ذلك إلا بإخلاص المحبة لله. ص -250- وقوله تعالى: {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ} إلى قوله: {أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ...} الآية. الآية كاملة: {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 24]. عشيرتكم: أقرباؤكم مأخوذ من العِشرة. اقترفتموها: اكتسبتموها. كسادها: فوات وقت نفاقها ورواجها. ومساكن: منازل. ترضونها: تعجبكم الإقامة فيها. أحب إليكم: أي: إن كانت هذه الأشياء أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله. فتربّصوا: أي: انتظروا ما يحل بكم من عقابه. معنى الآية إجمالاً: أمر الله نبيه أن يتوعد من أحب هذه الأصناف فآثرها أو بعضها على حب الله ورسوله وفعل ما أوجب الله عليه من الأعمال التي يحبها ويرضاها، كالهجرة والجهاد ونحو ذلك، فبدأ الله بالآباء والأبناء والإخوان وكذا الأصدقاء ونحوهم فمن ادّعى محبة الله وهو يقدم محبة هذه الأشياء على محبته فهو كاذب ولينتظر العقوبة. مناسبة الآية للباب: أن فيها وجوب تقديم محبة الله ومحبة ما يحبه ص -251- الله من الأشخاص والأعمال على محبة ما سوى ذلك. ما يستفاد من الآية: 1- وجوب محبة الله تعالى ومحبة ما يحبه. 2- وجوب حب النبي –صلى الله عليه وسلم-. 3- الوعيد على من كانت هذه الثمانية أو غيرها أحب إليه من دينه. ص -252- عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين""1" أخرجاه. لا يؤمن أحدكم: أي: الإيمان الكامل. حتى أكون أحب إليه: بنصب أحب خبر أكون. والناس أجمعين: من عطف العام على الخاص. المعنى الإجمالي للحديث: يخبر –صلى الله عليه وسلم- أن أحداً لن يؤمن الإيمان الكامل الذي تبرأ به ذمته ويستحق به دخول الجنة حتى يقدم محبة الرسول –صلى الله عليه وسلم على محبة أقرب الناس إليه، وعلى محبة كل مخلوق، لأن بسببه –صلى الله عليه وسلم- حصول الحياة الأبدية، والإنقاذ من الضلال إلى الهدى، ومحبته –صلى الله عليه وسلم- تقتضي طاعته واتباع ما أمر به وتقديم قوله على قول كل مخلوق. مناسبة الحديث للباب: أن فيه دليلاً على وجوب تقديم محبة الرسول –صلى الله عليه وسلم- على محبة كل مخلوق، وأن تحقيق الإيمان مشروط بذلك. ما يستفاد من الحديث: 1- وجوب محبة الرسول –صلى الله عليه وسلم- وتقديمها على محبة كل مخلوق. 2- أن الأعمال من الإيمان؛ لأن المحبة عمل القلب وقد نُفي الإيمان عمّن لم يكن الرسول –صلى الله عليه وسلم- أحب إليه مما ذُكر. 3- أن نفي الإيمان لا يدل على الخروج من الإسلام. 4- أن الإيمان الصادق لا بد أن يظهر أثره على صاحبه. "1" أخرجه البخاري برقم "15" ومسلم برقم "44". ص -253- ولهما عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله رسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه، كما يكره أن يقذف في النار". وفي رواية: "لا يجد أحد حلاوة الإيمان حتى ...""1" إلى آخره. ولهما عنه: أي: وللبخاري ومسلم عن أنس. ثلاثٌ من كنّ فيه: أي: ثلاث خصال من وُجدن فيه. وجاز الابتداء بثلاث؛ وإن كانت نكرة لأنها على نية الإضافة. وجد بهن حلاوة الإيمان: لما يحصل له من لذة القلب ونعيمه وسروره. أحب إليه: منصوبٌ على أنه خبر يكون. مما سواهما: مما يحبه الإنسان بطبعه كالولد والأزواج ونحو ذلك. أن يحب المرء: الذي يعتقد إيمانه وعبادته. لا يحبه إلا الله: أي: لأجل طاعة الله. أن يعود في الكفر: أي: يرجع إليه. كما يكره أن يلقى في النار: يعني: يستوي عنده الأمران الإلقاء في "1" أخرجه البخاري برقم "16" ومسلم برقم "43". ص -254- النار أو العودة في الكفر. وفي رواية: أي: للبخاري. المعنى الإجمالي للحديث: يخبر –صلى الله عليه وسلم- أن المسلم إذا توفّرت فيه ثلاث خصال هي: تقديم محبة الله ورسوله على محبة ما سواهما من أهل ومال. ويحب من يحبه من الناس من أجل إيمانه وطاعته لله لا لغرض دنيوي ويكره الكفر كراهيةً متناهيةً بحيث يستوي عنده الإلقاء في النار والرجوع إليه. من توفرت هذه الخصال الثلاث فيه ذاق حلاوة الإيمان فيستلذ الطاعات ويتحمل المشقات في رضا الله. مناسبة الحديث للباب: أن فيه فضيلة تقديم محبة الله ورسوله محمد –صلى الله عليه وسلم- على محبة ما سواهما. ما يستفاد من الحديث: 1- فضيلة تقديم محبة الله ورسوله محمد –صلى الله عليه وسلم- على كل شيء. 2- فضيلة المحبة في الله. 3- أن المؤمنين يحبون الله تعالى محبة خالصة. 4- أن من اتصف بهذه الخصال الثلاث فهو أفضل ممن لم يتصف بها ولو كان المتصف بها كافراً فأسلم أو كان مذنباً فتاب من ذنبه. 5- مشروعية بغض الكفر والكافرين؛ لأن من أبغض شيئاً أبغض من اتصف به. ص -255- وعن ابن عباس رضي الله عنهما- قال: "من أحب في الله، وأبغض في الله، ووالى في الله، وعادى في الله، فإنما تنال ولاية الله بذلك، ولن يجد عبدٌ طعم الإيمان وإن كثرت صلاته وصومه حتى يكون كذلك، وقد صارت عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا، وذلك لا يجدي على أهله شيئاً""1" رواه بن جرير. وقال ابن عباس في قوله تعالى: {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ} [البقرة: 166] قال: المودة"2". من أحب في الله: أي: أحب المؤمنين من أجل إيمانهم بالله. ووالى في الله: أي: والى المؤمنين بنصرتهم واحترامهم وإكرامهم. وأبغض في الله: أي: أبغض الكفار والفاسقين لمخالفتهم لربهم. وعادى في الله: أي: أظهر العداوة للكفار بالفعل كجهادهم والبراءة منهم. ولاية الله: بفتح الواو تولّيه لعبده بالنصرة والمحبة. طعم الإيمان: ذوق الإيمان ولذته والفرح به. مؤاخاة الناس: تآخيهم ومحبة بعضهم لبعض. على أمر الدنيا: أي: لأجل الدنيا فأحبوها وأحبوا لأجلها. "1" أخرجه ابن المبارك في الزهد "رقم 353". "2" أخرجه الحاكم في المستدرك "2/272" وصححه ووافقه الذهبي. ص -256- وذلك: أي: المؤاخاة على أمر الدنيا. لا يجدي على أهله شيئاً: لا ينفعهم أصلاً بل يضرهم. المعنى الإجمالي للأثر: يحصر ابن عباس رضي الله عنهما الأسباب التي توجب محبة الله لعبده ونصرته له في محبة أولياء الله، وبغض أعدائه، وإظهار هذه المحبة وهذه العداوة علانية بمناصرة المؤمنين ومقاطعة المجرمين وجهادهم. ويذكر أنه لن يذوق الإيمان ويتلذذ بطعمه من لا يتصف بذلك وإن كثُرت عبادته. ثم يذكر ابن عباس أن هذه القضية قد انعكست في وقته فصار الناس يتحابون ويباغضون من أجل الدنيا، وهذا لا ينفعهم بل يضرهم. ثم فسر هذه الآية الكريمة. {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ} بأن المراد بها أن المحبة التي كانت بينهم في الدنيا تقطعت بهم يوم القيامة وخانتهم أحوج ما كانوا إليها، وتبرأ بعضهم من بعض، لما كانت هذه المحبة في غير الله. مناسبة الأثر للباب: أن فيه أن حصول محبة الله لعبده ونصرته له مشروطٌ بأمرين: أحدهما: محبة أولياء الله وبغض أعدائه بالقلب. ثانيهما: إظهار محبة أولياء الله وبغض أعدائه بالفعل من مناصرة أوليائه وجهاد أعدائه. ما يستفاد من الأثر: 1- بيان الأسباب التي تُنال بها محبة الله لعبده ونصرته لعبده. 2- وصف الله بالمحبة على ما يليق بجلاله. 3- مشروعية وفضيلة الحب في الله والبغض في الله، وأنه لا يُغني عنهما كثرة الأعمال الصالحة. ص -257- 4- مشروعية مناصرة المؤمنين وإعانتهم، وبغض الكافرين وجهادهم. 5- بيان ثمرة الحب في الله والبغض في الله من ذوق طعم الإيمان والتلذذ به. 6- ذم الحب والبغض من أجل الدنيا وبيان سوء عاقبته. المصدر : http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf |
#33
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الملخص في شرح كتاب التوحيد لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- ص -258- باب قول الله تعالى: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175]. مناسبة الباب لكتاب التوحيد: أنه لما كان الخوف من أجمع أنواع العبادة التي يجب إخلاصها لله تعالى، نبّه المصنف بهذا الباب على وجوب إخلاصه لله. إنما: أداة حصر. الشيطان: علمٌ على إبليس اللعين. يخوِّف أولياءه: أي: يخوفكم بأوليائه ويوهمكم أنهم ذوو بأس شديد. فلا تخافوهم: أي: لا تخافوا أولياءه الذين خوفكم إياهم. وخافونِ: فلا تخالفوا أمري. إن كنتم مؤمنين: لأن الإيمان يقتضي أن تؤثروا خوف الله على خوف الناس. المعنى الإجمالي للآية: يخبر تعالى أن من كيد عدوّ الله أنه يخوّف المؤمنين من جنده وأوليائه؛ لئلا يجاهدوهم ولا يأمروهم بالمعروف ولا ينهوهم عن منكر. ونهانا أن نخافَهم، وأمرنا أن نخافَه وحده؛ لأن هذا هو مقتضى الإيمان، فكلما قوي إيمان العبد زال خوف أولياء الشيطان ص -259- من قلبه، وكلما ضعُف إيمانه قويَ خوفه منهم. ما يستفاد من الآية: 1- أن الخوف عبادةٌ يجب إخلاصه لله. 2- أن صرف الخوف لغير الله شركٌ كأن يخاف من غير الله من وثن أو طاغوت أن يصيبه بما يكره. 3- التحذير من كيد الشيطان. ص -260- وقوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} الآية. تمام الآية: {وَلَئِن جَاء نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ} [العنكبوت: 10]. ومن الناس: أي: بعض الناس. من يقول آمنا بالله: أي: يدعي الإيمان بلسانه. أوذي في الله: أي: لأجل الله جل وعلا. فتنة الناس: أذاهم ونيلهم إياه بالمكروه. كعذاب الله: أي: جعل أذى الناس الذي يناله بسبب تمسكه بدينه، كعذاب الله الذي يناله على ارتداده عن دينه، ففرّ من ألم أذى الناس إلى ألم عذاب الله فارتد عن دينه. نصرٌ من ربك: فتحٌ وغنيمة. إنا كنا معكم: في الدين فأشركونا في الغنيمة. بما في صدور العالمين: بما في قلوبهم من الإيمان والنفاق. المعنى الإجمالي للآية: يخبر تعالى عن الداخل في الإيمان بلا بصيرة أنه إذا أصابته محنة وأذى من الكفار جعل هذا الأذى –الذي لا بد أن ينال الرسل وأتباعهم ممن خالفهم- جعل ذلك في فراره منه وتركه السبب الذي ناله من أجله كعذاب الله الذي فرّ منه المؤمنون، ففرّ من ألم عذاب أعداء الله في تركه دينه إلى عذاب الله، فاستجار من الرمضاء بالنار. وإذا نصر الله جندَه وأولياءه قال: إني كنت معكم والله عليمٌ بما ص -261- انطوى عليه صدره من النفاق. مناسبة الآية للباب: أنها أفادت أن الخوف من الناس أن ينالوه بما يكره بسبب الإيمان بالله من جملة الخوف من غير الله المستلزم لضعف الإيمان. ما يستفاد من الآية: 1- أن الخوف من أذى الناس بسبب الإيمان خوف من غير الله. 2- وجوب الصبر على الأذى في سبيل الله. 3- دناءة همة المنافقين. 4- إثبات علم الله تعالى. ص -262- وقوله: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ} الآية. تمام الآية: {فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ} [التوبة: 18]. إنما يعمر مساجد الله: أي: إنما تستقيم عمارتها بالعبادة والطاعة. من آمن بالله... إلخ: أي: الجامعين للكمالات العلمية والعملية. ولم يخش إلا الله: الخشية هي: المخافة والهيبة، والمراد بالخشية هنا: أي خشية التعظيم والعبادة والطاعة. أما الخشية الجبلّية كخشية المحاذير الدنيوية فلا يكاد أحد يسلم منها. وينبغي أن يخشى في ذلك كله قضاء الله وتصريفه. فعسى أولئك: المتصفون بهذه الصفات. أن يكونوا من المهتدين: أي: أولئك هم المهتدون. وكلُّ "عسى" من الله فهي واجبة. المعنى الإجمالي للآية: لمّا نفى تعالى عمارة المساجد المعنوية بالعبادة عن المشركين في الآية التي قبلها، أثبت في الآية عمارتها بالعبادة للمؤمنين الذين آمنوا بقلوبهم، وعملوا بجوارحهم، وداوموا على إقام الصلاة بأركانها وواجباتها وسننها، وأعطوا الزكاة مستحقيها، وأخلصوا لله الخشية وهي المخافة والهيبة. ص -263- مناسبة الآية للباب: أن فيها وجوب إخلاص الخشية أي الخوف والهيبة التي هي أساس العبادة لله وحده. ما يستفاد من الآية: 1- وجوب إخلاص الخشية لله وحده. 2- أن الشرك لا ينفع معه عمل. 3- أن عمارة المساجد إنما تكون بالطاعة والعمل الصالح لا بمجرد البناء. 4- الحث على عمارة المساجد حسيّاً ومعنوياً. ص -264- وعن أبي سعيد -رضي الله عنه- مرفوعاً: "إن من ضعف اليقين أن ترضى الناس بسخط الله، وأن تحمدهم على رزق الله، وأن تذمهم على مالم يؤتك الله. إن رزق الله لا يجُرّه حرص حريص، ولا يرَدّه كراهية كاره""1". ضعف: بضم الصاد وفتحها ضد القوة والصحة. اليقين: ضد الشك هو: كمال الإيمان. ترضي الناس بسخط الله: أي: تؤثر رضاهم على رضا الله. وأن تحمدهم: أي: تشكرهم وتثني عليهم. على رزق الله: أي: ما وصل منه إليك على أيديهم بأن تضيفه إليهم وتنسى المنعم المتفضِّل. وأن تذمّهم على ما لم يؤتك الله: أي: إذا طلبتهم شيئاً فمنعوك ذممتهم على ذلك. المعنى الإجمالي للحديث: يبين –صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث ما ينبغي أن يكون عليه المسلم، من قوة الثقة بالله، والتوكل عليه، واعتقاد أن كل شيء بتدبيره ومشيئته، ومن ذلك الأسباب إذا شاء الله رتّب عليها نتائجها "1" أخرجه أبو نعيم في الحلية "5/106"، "10/41". والبيهقي في شعب الإيمان "رقم 203". وأخرجه الطبراني من حديث عبد الله بن مسعود عن النبي –صلى الله عليه وسلم-. انظر معجمه الكبير "10/215 –216 رقم 10514". وقال الهيثمي في مجمع الزوائد "4/71": فيه خالد بن يزيد العمري واتُّهم بالوضع. ص -265- فأدّت المطلوب بها، وإن شاء منعها من أداء نتائجها –وكل ذلك راجعٌ إلى الله فهو المحمود على السراء والضراء والشدة والرخاء- وهذا هو كمال اليقين، وأما من تعلق قلبه بالناس ومالَ مع الأسباب فإن نال شيئاً من الخير على أيدي الناس مدحهم. وإن لم ينل مراده ذمّهم ولامهم فهذا قد ضعُف يقينه واختل توكّله على الله. ثم ختم –صلى الله عليه وسلم- الحديث بما يؤكد ويوضح ما قرره في أوله بأن العطاء والمنع يجريان بأمر الله وحسب حكمته ولا يرجعان إلى حرص العبد أو كراهته. مناسبة الحديث للباب: أن فيه وجوب تعلّق القلب بالله في جلب النفع، ودفع الضر، وخوفه وخشيته وحده، وعدم الالتفات إلى الخلق بمدحٍ أو ذمٍّ على ما يحصل من الإعطاء والمنع. ما يستفاد من الحديث: 1- وجوب التوكل على الله وخشيته وطلب الرزق منه. 2- إثبات القضاء والقدر. 3- عدم الاعتماد على الأسباب. 4- تقديم رضا الله على رضا المخلوق. ص -266- وعن عائشة رضي الله عنها -أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس. ومن التمس رضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس""1" رواه ابن حبان في صحيحه. التمس: طلب. المعنى الإجمالي للحديث: يبين –صلى الله عليه وسلم- الطريق الذي يحصل به رضا الله، ورضا الناس، والطريق الذي يحصل به سخط الله، وسخط الناس. وذلك أن الناس لقصور معرفتهم بالعواقب وغلبة المؤثرات عليهم، قد تتعارض رغبتهم مع ما شرعه الله مما فيه صلاحهم عاجلاً وآجلاً، وهنا يتميز موقف المؤمن الصحيح الإيمان من موقفٍ مزعزع الإيمان. فالمؤمن يؤثر رضا الله على رضا الناس، فيستمر مع شرع الله لا تأخذه في الله لومة لائم، فيتولاه بنصره؛ لأنه قد اتقى الله {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 2]. ومزعزع الإيمان يؤثر رضا الناس على رضا الله فيحقق لهم مطلوبَهم وإن كان مخالفاً لما شرعه الله، وهذا في الحقيقة قد خاف الناس ولم يخف الله، وسينعكس عليه مراده فينقلب حامده في الناس ذامّاً، ولن يغنوا عنه من الله شيئاً، فضر نفسه وضر من أراد نفعهم بمعصية "1" أخرجه ابن حبان كما في موارد الظمآن برقم "1541، 1542"، والترمذي برقم "2416". ص -267- الله. مناسبة الحديث للباب: أن فيه وجوب خشية الله وتقديم رضاه على رضا المخلوق. ما يستفاد من الحديث: 1- وجوب خشية الله وتقديم رضاه على رضا خلقه. 2- بيان عقوبة من آثر رضا الناس على رضا الله. 3- وجوب التوكل على الله والاعتماد عليه. 4- بيان ما في تقديم رضا الله من العواقب الحميدة وما في تقديم رضا الناس على رضا الله من العواقب السيئة. 5- أن قلوب العباد بيد الله سبحانه. المصدر : http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf |
#34
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الملخص في شرح كتاب التوحيد لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- ص -268- باب قول الله تعالى: {وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [المائدة: 23]. مناسبة الباب لكتاب التوحيد: أراد المصنف بهذا الباب بيان أن التوكل فريضة يجب إخلاصه لله؛ لأنه من أفضل العبادة وأعلى مقامات التوحيد. وعلى الله: أي: لا على غيره. فتوكلوا: اعتمِدوا عليه وفوِّضوا أموركم إليه. المعنى الإجمالي للآية: يذكر تعالى أن موسى عليه السلام أمر قومه أن يدخلوا الأرض المقدسة التي كتبها الله لهم، ولا يرتدوا على أدبارهم خوفاً من الجبارين، بل يمضوا قُدُماً لا يهابونهم ولا يخشونهم، متوكلين على الله في هزيمتهم، مصدِّقين بصحة وعدِه لهم إن كانوا مؤمنين. ما يستفاد من الآية: 1- وجوب التوكل على الله وحده سبحانه، وأن صرف التوكل لغير الله شركٌ؛ لأنه عبادة. 2- أن التوكل على الله شرطٌ في صحة الإيمان ينتفي الإيمان عند انتفائه. ص -269- وقوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} الآية. تمام الآية: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال: 2]. وجلت قلوبهم: خافت من الله. وعلى ربهم: لا على غيره. يتوكلون: يفوِّضون إليه أمورهم ولا يخشون ولا يرجون إلا إياه. المعنى الإجمالي للآية: يصف الله –جل وعلا- المؤمنين حق الإيمان بثلاث صفاتٍ عظيمةٍ هي: 1- الخوف منه عند ذكره، فيفعلون أوامره ويتركون زواجره. 2- زيادة إيمانهم عند سماع تلاوة كلامه. 3- وتفويض الأمور إليه والاعتماد عليه وحده. مناسبة الآية للباب: أنها تدل على أن التوكل على الله وحده من صفات المؤمنين. ما يستفاد من الآية: 1- مشروعية التوكل على الله وأنه من صفات المؤمنين. 2- أن الإيمان يزيد وينقص. فيزيد بالطاعة وينقص بالمعصية. 3- أن الإيمان بالله يستدعي التوكل عليه وحده. 4- أن من صفات المؤمنين الخشوع والذل لله تعالى. ص -270- وقوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال:64]. وقوله: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3]. حسبك الله ومن اتبعك: أي: كافيك الله وحده وكافي أتباعِك. فهو حسبه: أي: كافيه. المعنى الإجمالي للآيتين: يخبر الله سبحانه نبيه وأمته بأنه هو وحده كافيهم، فلا يحتاجون معه إلى أحد، فليكن توكّلهم ورغبتهم عليه وحده، كما جعل سبحانه لكل عملٍ جزاء، فجعل جزاء التوكل عليه كفايته للمتوكل، فإذا كان الله سبحانه كافياً المتوكل عليه وحسبَه وواقيه فلا مطمع فيه لعدو. مناسبة الآيتين للباب: أنهما يدلان على وجوب التوكل على الله؛ لأنه هو الكافي لمن توكل عليه. ما يستفاد من الآيتين: 1- وجوب التوكل على الله؛ لأنه من أعظم أنواع العبادة. 2- بيان فضل التوكل على الله وفائدته، وأنه أعظم الأسباب لجلب النفع ودفع الضر. 3- أن الجزاء من جنس العمل. ص -271- وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: {حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} قالها إبراهيم –عليه السلام- حين ألقي في النار. وقالها محمد - صلى الله عليه وسلم- حين قالوا له: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}"1" [آل عمران: 173]. رواه البخاري والنسائي. حسبنا الله: أي: كافينا فلا نتوكل إلا عليه. نعم الوكيل: أي: الموكول إليه أمور عباده. المعنى الإجمالي للأثر: يروي عبد الله بن عباس –رضي الله عنهما- أن هذه الكلمة العظيمة: {حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} قالها الخليلان إبراهيم ومحمدٌ –عليهما الصلاة والسلام في موقفين حرجين لقياهما من قومهما- وذلك حينما دعا إبراهيم قومَه إلى عبادة الله فأبوا وكسَّر أصنامهم فأرادوا أن ينتصروا لها فجمعوا حطباً وأضرموا له ناراً ورموه بالمنجنيق إلى وسطها، فقال هذه الكلمة. فقال الله للنار: {كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الأنبياء: 69]. وحينما أرسلت قريش إلى محمد –صلى الله عليه وسلم- تتوعده وتقول: إنا قد أجمعنا السير إليك وإلى أصحابك لنستأصلكم. فقال –صلى الله عليه وسلم- عند ذلك هذه الكلمة العظيمة: {حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}. {فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} [آل عمران: 174]. مناسبة الأثر للباب: أن فيه أن هذه الكلمة التي هي كلمة التفويض "1" أخرجه البخاري برقم "4563، 4564". ص -272- والاعتماد على الله، هي الكلمة التي تقال عند الكروب والشدائد. وهي تدل على التوكل على الله في دفع كيد الأعداء. ما يستفاد من الأثر: 1- فضل هذه الكلمة، وأنه ينبغي أن تقال عند الشدائد والكروب. 2- أن التوكل من أعظم الأسباب في حصول الخير ودفع الشر في الدنيا والآخرة. 3- أن الإيمان يزيد وينقص. 4- أن ما يكرهه الإنسان قد يكون خيراً له. المصدر : http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf |
#35
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الملخص في شرح كتاب التوحيد لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- ص -273- باب قول الله تعالى: {أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف: 99]. وقوله: {وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ} [الحِجر: 56]. مناسبة الباب لكتاب التوحيد: أراد المؤلف رحمه الله بهذا الباب أن يبين أن الأمن من مكر الله والقنوط من رحمة الله من أعظم الذنوب، وأن كلاً منهما ينافي كمال التوحيد، وأنه يجب على المؤمن أن يجمع بين الخوف والرجاء. مكر الله: استدراجه العبد إذا عصى وإملاؤه له حتى يأخذه أخذ عزيز مقتدر. الخاسرون: أي: الهالكون. يقنط: القنوط: استبعاد الفرج واليأس منه. الضالون: المخطئون طريق الصواب. المعنى الإجمالي للآيتين: يذكر الله سبحانه حال أهل القرى المكذبين للرسل، أن الذي حملهم على تكذيبهم هو الأمن من استدراج الله لهم، وعدم الخوف منه، فتمادوا في المعاصي والمخالفات، واستبعدوا الاستدراج من الله، وهذه حال الهالكين. ص -274- وفي الآية الثانية يحكي الله عن خليله إبراهيم –عليه السلام- أنه لما بشرته الملائكة بولده إسحاق –عليه السلام- استبعد ذلك على كبَر سنه، فقالت الملائكة: {فَلاَ تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ} [الحجر: 55]. أي: الآيسين، فأجابهم بأنه ليس بقانط؛ لكنه قال ذلك على وجه التعجّب. ما يستفاد من الآيتين: 1- في الآية الأولى: التحذير من الأمن من مكر الله، وأنه من أعظم الذنوب. 2- في الآية الثانية: التحذير من القنوط من رحمة الله، وأنه من أعظم الذنوب. 3- في الآيتين أنه يجب على المؤمن أن يجمع بين الخوف والرجاء فلا يغلّب جانب الرجاء فيأمن من مكر الله ولا يغلّب جانب الخوف فييأس من رحمة الله. 4- أن الخوف والرجاء من أنواع العبادة التي يجب إخلاصها لله وحده لا شريك له. ص -275- وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- سئل عن الكبائر فقال: "الشرك بالله، واليأس من رَوْح الله، والأمن من مكر الله""1". وعن ابن مسعود قال: "أكبر الكبائر الإشراك بالله، والأمن من مكر الله، والقنوط من رحمة الله، واليأس من رَوْح الله""2". رواه عبد الرزاق. الكبائر: جمع كبيرة وهي: كل ذنب توعّد الله صاحبه بنارٍ أو لعنةٍ أو غضبٍ أو عذابٍ أو نفي الإيمان أو رتب الله عليه حداً في الدنيا. الشرك بالله: في ربوبيته وعبوديته. واليأس من روح الله: أي قطع الرجاء والأمل من الله فيما يرومه ويقصده ويخافه ويرجوه. من مكر الله: أي: من استدراجه للعبد أو سلبه ما أعطاه من الإيمان. المعنى الإجمالي للحديث: ذكر رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث أن كبائر الذنوب هي: أن يُجعل لله سبحانه شريكٌ في ربوبيته أ وعبوديته وبدأ به؛ لأنه أعظم الذنوب. وقطع الرجاء والأمل من الله؛ لأن ذلك "1" قال الهيثمي في مجمع الزوائد "1/104" رواه البزار والطبراني ورجاله موثقون. "2" أخرجه عبد الرزاق في مصنفه "10/459" رقم "19701" والطبراني في معجمه الكبير "9/156 رقم 8784". قال الهيثمي في مجمع الزوائد "1/104": رواه الطبراني وإسناده صحيح. ص -276- إساءة ظنٍّ بالله وجهل بسعة رحمته، والأمن من استدراجه للعبد بالنعم حتى يأخذه على غرة. وليس المراد بهذا الحديث حصر الكبائر فيما ذكر؛ لأن الكبائر كثيرة، لكن المراد بيان أكبرها كما يفيده أثر ابن مسعود الذي ساقه المؤلف بعده. مناسبة الحديث للباب: أنه يدل على أن الأمن من مكر الله واليأس من رحمته من كبائر الذنوب. ما يستفاد من الحديث: 1- تحريم الأمن من مكر الله واليأس من رحمته، وأنهما من أكبر الكبائر كما عليه المرجئة والخوارج. 2- أن الشرك أعظم الذنوب وأكبر الكبائر. 3- أن الواجب على العبد أن يكون بين الخوف والرجاء، فإذا خاف لا ييأس، وإذا رجا لا يأمن. المصدر : http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf |
#36
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الملخص في شرح كتاب التوحيد لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- ص -277- باب من الإيمان بالله الصبر على أقدار الله وقول الله تعالى: {وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن: 11]. قال علقمة: هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلِّم. ترجمة علقمة: هو علقمة بن قيس بن عبد الله بن علقمة، ولد في حياة النبي –صلى الله عليه وسلم- وهو من كبار التابعين وعلمائهم وثقاتهم، مات بعد الستين من الهجرة. مناسبة الباب لكتاب التوحيد: أراد المصنف بهذا الباب بيانَ وجوب الصبر على الأقدار وتحريم التسخط منها؛ لأن ذلك ينافي كمال التوحيد. الإيمان: في اللغة: التصديق الذي معه ائتمانٌ للمخبِر. وفي الشرع: نطقٌ باللسان واعتقادٌ بالقلب وعملٌ بالجوارح. الصبر: في اللغة: الحبس والكف –وشرعاً هو: حبس النفس عن الجزع، واللسان عن التشكي والسّخط، والجوارح عن لطم الخدود وشق الجيوب. ومن يؤمن بالله: فيعتقد أن المصيبة بقضائه وقدره، ويسترجع عندها. ص -278- يهد قلبه: للصبر عليها. ص -279- وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى اللههو الرجل تصيبه... إلخ: هذا تفسيرٌ للإيمان المذكور في الآية. المعنى الإجمالي للآية: يخبر تعالى أن من أصابته مصيبةٌ فعلم أنها من قدر الله، فصبر واحتسب، واستسلم لقضاء الله، هدى الله قلبه، وعوّضه كما فاته من الدنيا هدىً في قلبه ويقيناً صادقاً، وقد يُخلِف عليه ما أُخذ منه أو خيراً منه. مناسبة الآية للباب: أن فيها دليلاً على فضيلة الصبر على أقدار الله المؤلمة. ما يستفاد من الآية: 1- فضيلة الصبر على أقدار الله المؤلمة كالمصائب. 2- أن الأعمال من مسمّى الإيمان. 3- أن الصبر سببٌ لهداية القلب. 4- أن الهداية من ثواب الصابر. عليه وسلم- قال: "اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت""1". هما: أي: الاثنتان. بهم كفر: أي: هاتان الخصلتان كفرٌ قائم بالناس –حيث كانتا من أعمال الكفار. الطعن في النسب: أي: الوقوع فيه بالعيب والتنقص. والنياحة على الميت: أي: رفع الصوت بتعديد شمائله؛ لما في ذلك من التسخط على القدر. المعنى الإجمالي للحديث: يخبر –صلى الله عليه وسلم- أنه سيستمر في الناس خصلتان من خصال الكفر، لا يسلم منهما إلا من سلَّمه الله. الأولى: عيب الأنساب وتنقصها. الثانية: رفع الصوت عند المصيبة تسخطاً على القدر. لكن ليس من قام به شعبةٌ من شعب الكفر يكون كافراً الكفر المخرج من الملة حتى يقوم به حقيقة الكفر. مناسبة الحديث للباب: أن فيه دليلاً على تحريم النياحة؛ لما فيها من السخط على القدر وعدم الصبر. ما يستفاد من الحديث: 1- تحريم النياحة وأنها من خصال الكفر ومن الكبائر. 2- وجوب الصبر؛ لأنه إذا حرمت النياحة دل على وجوبه ضدها وهو الصبر. 3- أن من الكفر ما لا ينقل عن الملة. 4- تحريم الطعن في الأنساب وتنقصها. "1" أخرجه مسلم برقم "67". ص -280- ولهما عن ابن مسعود –رضي الله عنه- مرفوعاً: "ليس منا من ضرب الخدود وشقّ الجيوب ودعا بدَعوى الجاهلية""1". ليس منا: هذا من باب الوعيد ولا ينبغي تأويله. من ضرب الخدود: خص الخدّ؛ لأنه الغالب، وإلا فضرب بقية الوجه مثلُه. وشقّ الجيوب: جمع جيب وهو: مدخل الرأس من الثوب. دعوى الجاهلية: هي: الندب على الميت والدعاء بالويل والثبور. المعنى الإجمالي للحديث: أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- يتوعد من فعل شيئاً من هذه الأمور؛ لأنها مشتملة على التسخط على الرب وعدم الصبر الواجب، والإضرار بالنفس من لطم الوجه، وإتلاف المال بشق الثياب وتمزيقها، والدعاء بالويل والثبور، والتظلم من الله تعالى. مناسبة الحديث للباب: أن فيه دليلاً على تحريم التسخط من قدر الله بالقول والفعل، وأن ذلك من كبائر الذنوب. ما يستفاد من الحديث: 1- تحريم التسخط من قدر الله بالقول أو الفعل، وأنه من الكبائر. 2- وجوب الصبر عند المصيبة. 3- وجوب مخالفة الجاهلية؛ لأن مخالفتهم من مقاصد الشارع الحكيم. "1" أخرجه البخاري برقم "1294"، ومسلم برقم "103". ص -281- وعن أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضي، ومن سخط فله السخط""1". حسنه الترمذي. عظم الجزاء مع عظم البلاء: بكسر العين وفتح الظاء –أي: من كان ابتلاؤه أعظم فجزاؤه أعظم. فمن رضي: بما قضاه الله وقدّره عليه من الابتلاء. فله الرضا: من الله جزاء وفاقاً. ومن سخط: بكسر الخاء والسخط: الكراهية للشيء وعدم الرضا به. فله السخط: أي: من الله عقوبةً له. المعنى الإجمالي للحديث: يخبر –صلى الله عليه وسلم- أن عظمة الأجر وكثرة الثواب مع عظم الابتلاء والامتحان الذي يجري على العبد في هذه الدنيا إذا صبر واحتسب، وأن من علامة محبة الله لعبده أن يبتليه؛ فإن رضي بقضاء الله وقدره عليه واحتسب الأجر والثواب وأحسن الظن بربه رضي الله عنه وأثابه، وأن تسخّط قضاء الله وجزِع لما أصابه سخط الله عليه وعاقبه. مناسبة الحديث للباب: أن فيه بيان علامة محبة الله لعبده وبيان حكمته فيما يُجريه عليه من المكاره. "1" أخرجه الترمذي برقم "2398" وابن ماجه برقم "4021". ص -282- ما يستفاد من الحديث: ص -283- وقال - صلى الله عليه وسلم-: "إذا أراد الله بعبده الخير عجّل له العقوبة في الدنيا،1- بيان علامة محبة الله لعبده وهي الابتلاء. 2- وصف الله بالمحبة والرضا والسخط على ما يليق بجلاله. 3- إثبات الحكمة لله في أفعاله. 4- أن الجزاء من جنس العمل. 5- الحث على الصبر على المصائب. 6- أ ن الإنسان قد يكره الشيء وهو خيرٌ له. وإذا أراد الله بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة""1". هذا الحديث والذي قبله رواهما الترمذي بسند واحد وصحابي واحد؛ ولذلك جعلهما المؤلف كالحديث الواحد. عجّل له العقوبة في الدنيا: أي: ينزل به المصائب لما صدر منه من الذنوب، فيخرج منها وليس عليه ذنب. أمسك عنه بذنبه: أي: أخّر عنه عقوبة ذنبه. يوافي به: بكسر الفاء مبنيٌّ للفاعل منصوبٌ بحتى أي: يجيء يوم القيامة مستوفرَ الذنوب فيستوفي ما يستحقه من العقاب. المعنى الإجمالي للحديث: يخبر –صلى الله عليه وسلم- أن علامة إرادة الله الخيرَ بعبده معاجلته بالعقوبة على ذنوبه في الدنيا حتى يخرج منها وليس عليه ذنب يوافي به يوم القيامة؛ لأن من حوسب بعمله عاجلاً خفّ حسابه في الآجل. ومن علامة إرادة الشر بالعبد أن لا يجازى بذنوبه في الدنيا حتى يجيء يوم القيامة مستوفر الذنوب وافيها، فيجازى بما يستحقه يوم القيامة. مناسبة الحديث للباب: أن فيه الحث على الصبر على المصائب والرضا بالقدر؛ لأن ذلك في صالح العبد. "1" أخرجه الترمذي برقم "2398" وأحمد برقم "4/87"، والحاكم "1/349". ص -284- ما يستفاد من الحديث: 1- علامة إرادة الله الخير بعبده معاجلته بالعقوبة على ذنوبه في الدنيا. 2- علامة إرادة الشر بالعبد أن لا يجازى بذنبه حتى يوافى به يوم القيامة. 3- الخوف من الصحة الدائمة أن تكون علامة شرّ. 4- التنبيه على حسن الظن بالله ورجائه فيما يقضيه عليه من المكروه. 5- أن الإنسان قد يكره الشيء وهو خيرٌ له، وقد يحب الشيء وهو شرّ له. 6- الحث على الصبر على المصائب. المصدر : http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf |
#37
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الملخص في شرح كتاب التوحيد لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- ص -285- باب ما جاء في الرياء وقول الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} الآية. تمام الآية: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110]. مناسبة ذكر هذا الباب في كتاب التوحيد: أنه لما كان الرياء مخلاً بالتوحيد ومحبطاً للعمل الذي قارنه ناسب أن ينبه عليه المؤلف في هذا الباب. الرياء: مصدر راءى مراءاة ورياء وهو أن يقصد أن يرى الناس أنه يعمل عملاً على صفة وهو يضمر في قلبه صفة أخرى. قل: الخطاب للنبي –صلى الله عليه وسلم- أي: قل للناس. أنا بشر مثلكم: أي: في البشرية ليس لي من الربوبية ولا من الإلهية شيء. أنما إلهكم إله واحد: أي: معبودكم بحق الذي أدعوكم إلى عبادته معبودٌ واحدٌ لا شريك له. يرجو لقاء ربه: أي: يخاف المصير إليه ويطمع برؤيته يوم القيامة. عملاً صالحاً: هو: ما كان موافقاً لشرع الله مقصوداً به وجهه. ص -286- ولا يشرك بعبادة ربه: أي: لا يرائي بعمله. أحداً: نكرة في سياق النفي، فتعم كل واحد كائناً من كان. المعنى الإجمالي: يأمر الله تعالى نبيه –صلى الله عليه وسلم- أن يخبر الناس أنه بشر مثلهم في البشرية ليس له من الربوبية والألوهية شيءٌ، وإنما مهمته إبلاغ ما يوحيه الله إليه، وأهم ما أوحي أليه أن المعبود حقاً معبودٌ واحد –هو الله- لا يجوز أن يشرك معه أحدٌ في العبادة، ولا بد من المصير إليه في يوم القيامة، فالذي يرجو النجاة في هذا اليوم من عذاب الله يستعد له بالعمل الخالص من الشرك الموافق لما شرعه الله. مناسبة الآية للباب: أن فيها الأمر بإخلاص العمل من الشرك الذي منه الرياء. ما يستفاد من الآية: 1- أن أصل الدين هو إفراد الله بالعبادة. 2- أن الرياء شرك. 3- أن الشرك الواقع من المشركين هو الشرك في العبادة. 4- أنه لا يجوز أن يُعبد مع الله أحدٌ لا من الأصنام ولا من الأنبياء والصالحين ولا غيرهم. ص -287- وعن أبي هريرة –رضي الله عنه- مرفوعاً: "قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عملاً أشرك معيَ فيه غيري تركته وشركه" رواه مسلم"1". أنا أغنى الشركاء عن الشرك: أي: عن مشاركة أحد، وعن عملٍ فيه شرك. أشرك معيَ فيه غيري: أي: قصد بعمله غيري من المخلوقين. تركته وشركه: أي: لم أقبل عمله بل أتركه لغير ذلك. معنى الحديث إجمالاً: يروي النبي –صلى الله عليه وسلم- عن ربه عز وجل –وهو يسمَّى بالحديث القدسي- أنه يتبرأ من العمل الذي دخله مشاركةٌ لأحد برياءٍ أو غيره؛ لأنه سبحانه لا يقبل إلا ما كان خالصاً لوجهه. مناسبة ذكره في الباب: أنه يدل على عدم قبول العمل الذي داخله رياءٌ أو غيره من أنواع الشرك. ما يستفاد منه: 1- التحذير من الشرك بجميع أشكاله؛ وأنه مانعٌ من قبول العمل. 2- وجوب إخلاص العمل لله من جميع شوائب الشرك. 3- وصف الله بالغنى. 4- وصف الله بالكلام. "1" أخرجه مسلم برقم "2985" وأحمد "2/301، 435" وابن ماجه برقم "4202" وابن خزيمة برقم "938". ص -288- وعن أبي سعيد –رضي الله عنه- مرفوعاً: "ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟" قالوا: بلى. قال: "الشرك الخفي، يقوم الرجل فيصلي، فيزيّن صلاته، لما يرى من نظر رجل" رواه أحمد"1". أخوف: أفعل تفضيل أي: أشد خوفاً. المسيح: صحاب الفتنة العظمى، سُمِّي مسيحاً؛ لأن عينه ممسوحةٌ، أو لأنه يمسح الأرض أي: يقطعها بسرعة. الدجال: كثير الدجَل أي: الكذب. الشرك الخفي: سماه خفياً؛ لأن صاحبه يُظهر أن عمله لله وهو في الباطن قد قصد به غيرَه. يزيِّن صلاته: يحسِّنها ويُطيلُها ونحو ذلك. المعنى الإجمالي للحديث: كان الصحابة يتذاكرون فتنةَ المسيح الدجال ويتخوفون منها، فأخبرهم –صلى الله عليه وسلم- أن هناك محذوراً يخافه عليهم أشد من خوفِ فتنة الدجال وهو الشرك في النية والقصد الذي لا يظهر للناس، ثم فسَّره بتحسين العمل الذي يُبتغى به وجه الله من أجل رؤية الناس. مناسبة ذكر الحديث في الباب: أن فيه التحذير من الرياء، وفيه تفسيرُه. "1" أخرجه ابن ماجه برقم "4204". وأحمد في المسند 3/30. ص -289- ما يستفاد من الحديث: 1- في الحديث شفقته –صلى الله عليه وسلم- على أمته ونصحُه لهم. 2- أن الرياء أخوف على الصالحين من فتنة الدجال. 3- الحذر من الرياء ومن الشرك عموماً. المصدر : http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf |
#38
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الملخص في شرح كتاب التوحيد لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- ص -290- باب من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا وقول الله تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ} الآيتين. الآية الثانية قوله تعالى: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [هود: 15، 16]. مناسبة الباب لكتاب التوحيد: بيان أن العمل لأجل الدنيا شركٌ، ينافي كمال التوحيد، ويحبط العمل، ويفترق عن الباب الذي قبله، أن هذا عملٌ لأجل دنيا يصيبُها، والمرائي عمِل لأجل المدح فقط. يريد الحياة الدنيا وزينتها: أي: يريد بعمله ثواب الدنيا ومالها. نوَفِّ إليهم: نوفّر لهم ثواب أعمالهم بالصحة، والسرور بالأهل والمال والولد. لا يُبخسون: لا يُنقصون. ليس لهم في الآخرة إلا النار: لأنهم لم يعملوا إلا للحياة الدنيا. وحبِط: بطُل. ما صنعوا فيها: في الآخرة فلم يكن لهم ثوابٌ عليه؛ لأنهم لم يريدوا به الآخرة. معنى الآيتين إجمالاً: أن من كانت الدنيا همّه وطلبته فنواها بأعماله ولم يلتفت للآخرة، جازاه الله بحسناته في الدنيا إن شاء –تعالى- ص -291- كما في الآية الأخرى {مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ} الآية [الإسراء: 18] ثم يفضي إلى الآخرة وليس له حسنةٌ يعطى بها جزاء. مناسبة ذكر الآيتين في الباب: أنهما بيَّنتا حكم من أراد بعمله الدنيا ومآله في الدنيا والآخرة. ما يستفاد من الآيتين: 1- فيهما أن الشرك محبطٌ للأعمال، وأن إرادة الدنيا وزينتها بالعمل محبطة له. 2- فيهما أن الله قد يجزي الكافرَ وطالب الدنيا بحسناته في الدنيا ولا يبقى له في الآخرة حسنةٌ يجازى بها. 3- فيما التحذير الشديد من إرادة الدنيا بعمل الآخرة. 4- فيهما الحث على إرادة الآخرة بالأعمال الصالحة. * * * ص -292- في الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة، إن أعطي رضي، وإن لم يُعط سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش. طوبى لعبد أخذٍ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه، مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يشفَّع""1". في الصحيح: أي: صحيح البخاري. تعس: بكسر العين: سقط والمراد هنا: هلك. الخميصة: ثوب خزّ أو صُوفٌ معلّم، كانت من لباس الناس قديماً. الخميلة: بفتح الخاء: القطيفة. انتكس: أي: عاوده المرض. وقيل: انقلب على رأسه وهو: دعاءٌ عليه بالخيبة. شِيك: أصابته شوكة. فلا انتقش: فلا يقد على انتقاشها أي: أخْذها بالمنقاش. طوبى: اسمٌ للجنة أو شجرةٍ فيها. عنان: بكسر العين: سير اللجام. "1" أخرجه البخاري برقم "2887". ص -293- في سبيل الله: أي: جهاد المشركين. أشعث رأسُه: صفةٌ لعبدٍ مجرورٌ بالفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف، ورأسه فاعل، ومعناه: أنه ثائر الرأس شغلَه الجهاد عن التنعم بالادِّهان وتسريح الشعر. مغبرّة قدماه: صفة ثانية لعبد، وقدماه فاعلٌ أي: علقهما الغبار والتراب بخلاف المترفين المتنعمين. الحراسة: بكسر الحاء أي: يكون في حماية الجيش غير مقصر ولا غافل. في الساقة: أي: يكون في آخر الجيش؛ لأنه يقلب نفسه في مصالح الجهاد. إن استأذن: أي: للدخول على الأمراء. لم يُؤذن له: لأنه لا جاه له عندهم؛ لكونه لا يقصد بعمله الدنيا والتزلّف إلى الأمراء. وإن شفع: أي: ألجأته الحال إلى أن يتوسط في أمرٍ يحبه الله ورسوله من قضاء حوائج الناس. لم يشفع: بفتح الفاء المشددة أي: لم تقبل شفاعته عند الأمراء ونحوهم. المعنى الإجمالي للحديث: يصور النبي –صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث حالةَ رجلين: أحدهما من طلاب الدنيا، والآخر من طلاب الآخرة؛ فطالب بلفظ الخبر: "تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش" أي: إذا أصابه شرّ لم يخرج منه ولم يفلح؛ فلا نال المطلوب ولا خلُص من المرهوب، وصار ص -294- عبداً لما يهواه من شهواته؛ لا صلة له بربه يخلِّصه بسببها مما وقع فيه. ثم بيّن –صلى الله عليه وسلم- حال عبد الله الصادق الساعي في مراضيه المبتعد عن مساخطه الصابر على مشقة النصب والتعب؛ وأنه لم يتفرغ للترف ونيل الملذات ولم يتظاهر أمام الناس حتى يعرف لديهم ويكون ذا جاه عندهم؛ لأنه لم يرد بعمله الدنيا ونيل الجاه، بل أراد به وجه الله والدار الآخرة؛ فجزاؤه أن له الجنة أو شجرة فيها. مناسبة ذكر الحديث في الباب: أن فيه ذم العمل لأجل الدنيا، ومدح العمل لأجل الآخرة. ما يستفاد من الحديث: 1- ذم العمل لأجل الدنيا، ومدح العمل لأجل الآخرة. 2- فضل التواضع. 3- فضل الجهاد في سبيل الله. 4- ذم الترف والتنعم، ومدح الخشونة والرجولة والقوة؛ لأن ذلك مما يعين على الجهاد في سبيل الله. المصدر : http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf |
#39
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الملخص في شرح كتاب التوحيد لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- ص -295- باب من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله فقد اتخذهم أرباباً وقال ابن عباس: يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء: أقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وتقولون: قال أبو بكر وعمر"!. مناسبة ذكر هذا الباب في كتاب التوحيد: لما كانت الطاعة من أنواع العبادة، نبّه المصنف –رحمه الله- بهذا الباب على وجوب اختصاص الخالق تبارك وتعالى بها، وأنه لا يطاع أحدٌ من الخلق إلا إذا كانت طاعته في غير معصية الله. أرباباً: أي: شركاء مع الله في التشريع. قال ابن عباس... إلخ: أي: قاله لمن ناظره في متعة الحج وكان هو يأمر بها؛ لأمر الرسول –صلى الله عليه وسلم- بها، فاحتج عليه المخالف بنهي أبي بكر وعمر عنها، واحتج ابن عباس بسنة رسول الله –صلى الله عليه وسلم-. يوشك: أي: يقرب ويدنو ويسرع. المعنى الإجمالي للأثر: أن ابن عباس –رضي الله عنهما- يتوقع أن ينزل الله عقوبة من السماء عاجلة شنيعة بمن يقدم قول أبي بكر وعمر –رضي الله عنهما- على قول رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، لأن الإيمان بالرسول –صلى الله عليه وسلم- ص -296- يقتضي متابعته وتقديم قوله على قول كل أحد كائناً من كان. مناسبة ذكره في الباب: أنه يدل على تحريم طاعة العلماء والأمراء فيما خالف هدي الرسول –صلى الله عليه وسلم- وأنه موجبةٌ للعقوبة . ما يستفاد من الأثر: 1- وجوب تقديم قول الرسول –صلى الله عليه وسلم- على قول كل أحد. 2- أن مخالفة هدي الرسول –صلى الله عليه وسلم- توجب العقوبة. ص -297- وقال أحمد بن حنبل: عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته، يذهبون إلى رأي سفيان؛ والله تعالى يقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} [النور: 63]. أتدري ما الفتنة؟ الفتنة: الشرك: لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك". التراجم: 1- أحمد هو: الإمام أحمد بن محمد بن حنبل، مات سنة 241هـ رحمه الله. 2- سفيان هو: أبو عبد الله سفيان بن سعيد الثوري الإمام الزاهد العابد الثقة الفقيه، مات سنة 161هـ. قال أحمد: أي: لما قيل له: إن قوماً يتركون الحديث ويذهبون إلى رأي سفيان أو غيره من الفقهاء. عرفوا الإسناد وصحته: أي: عرفوا صحة إسناد الحديث؛ لأن صحة الإسناد تدل على صحة الحديث. يخالفون عن أمره: أي: أمر الله أو الرسول –صلى الله عليه وسلم-، وعدّي الفعل بـ "عن" لتضمنه معنى الإعراض. أن تصيبهم فتنة: محنة في الدنيا. أو يصيبهم عذاب أليم: في الآخرة. لعله: أي: الإنسان الذي تصح عنده سنة الرسول –صلى الله عليه وسلم-. إذا رد بعض قوله: أي: قول النبي –صلى الله عليه وسلم-. ص -298- من الزيغ: أي العدول عن الحق وفساد القلب. المعنى الإجمالي: ينكر الإمام أحمد على من يعرف الحديث الصحيح عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ثم بعد ذلك يقلد سفيان أو غيره فيما يخالف الحديث، ويعتذر بالأعذار الباطلة؛ ليبرر فعله. مع أن الفرض والحتم على المؤمن إذا بلغه كتاب الله –تعالى- وسنة رسوله –صلى الله عليه وسلم- وعلم معنى ذلك في أي شيء كان أن يعمل به ولو خالفه من خالفه، فبذلك أمرنا ربنا –تبارك وتعالى- وأمرنا نبينا –صلى الله عليه وسلم- ثم يتخوف الإمام أحمد على من صحت عنده سنة رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، ثم خالف شيئاً منها أن يزيغ قلبه فيهلك في الدنيا والآخرة، ويستشهد بالآية المذكورة، ومثلها في القرآن كثير كقوله تعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف: 5]. مناسبة ذكر ذلك في الباب: التحذير من تقليد العلماء من غير دليل، وترك العمل بالكتاب والسنة أن ذلك شرك في الطاعة. ما يستفاد من الأثر: 1- تحريم التقليد على من يعرف الدليل وكيفية الاستدلال. 2- جواز التقليد لمن لا يعرف الدليل؛ بأن يقلد من يثق بعلمه ودينه من أهل العلم. ص -299- عن عدي بن حاتم –رضي الله عنه- أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم- يقرأ هذه الآية: {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ} [التوبة: 31]، فقلت له: إنا لسنا نعبدهم، قال: "أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه، ويحلّون ما حرم الله، فتحلونه؟" فقلت: بلى. قال "فتلك: عبادتهم""1". رواه أحمد والترمذي وحسَّنه. التراجم: عدي: هو عدي بن حاتم الطائي، صحابي شهير حسن الإسلام، مات سنة 68هـ وله 120 سنة –رضي الله عنه-. اتخذوا: جعلوا. أحبارهم: علماء اليهود. ورهبانهم: عباد النصارى. أرباباً من دون الله: حيث اتبعوهم في تحليل ما حرّم الله وتحريم ما أحلّ. لسنا نعبدهم: ظن أن العبادة يراد بها التقرب إليهم بالسجود ونحوه فقط. أليس يحرمون... إلخ: بيانٌ لمعنى اتخاذهم أرباباً. "1" أخرجه الترمذي برقم "3104" وذكره ابن كثير في تفسيره "2/458" وعزاه إلى أحمد والترمذي وابن جرير. وقال الترمذي: هذا حديث غريب. ص -300- المعنى الإجمالي: حينما سمع هذا الصحابي الجليل تلاوة الرسول –صلى الله عليه وسلم- لهذه الآية التي فيها الإخبار عن اليهود والنصارى: بأنهم جعلوا علماءهم وعبّادهم آلهة لهم يشرعون لهم ما يخالف تشريع الله فيطيعونهم في ذلك، استشكل معناها، لأن يظن أن العبادة مقصورة على السجود ونحوه. فبين له الرسول –صلى الله عليه وسلم- أن من عبادة الأحبار والرهبان: طاعتهم في تحريم الحلال وتحليل الحرام، خلاف حكم الله –تعالى- ورسوله –صلى الله عليه وسلم-. مناسبة الحديث للباب: أن طاعة المخلوق في معصية الله عبادة له من دون الله، لا سيّما في تشريع الأحكام، وسنّ القوانين المخالفة لحكم الله. ما يستفاد من الحديث: 1- أن طاعة العلماء وغيرهم من المخلوقين في تغيير أحكام الله –إذا كان المطيع يعرف مخالفتهم لشرع الله- شركٌ أكبر. 2- أن التحليل والتحريم حقٌّ لله تعالى. 3- بيان لنوع من أنواع الشرك وهو شرك الطاعة. 4- مشروعية تعليم الجاهل. 5- أن معنى العبادة واسعٌ يشمل كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة. المصدر : http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf |
#40
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الملخص في شرح كتاب التوحيد لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- ص -301- باب قول الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا...} الآيات. تمام الآيات: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا، فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَآؤُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا} [النساء: 60- 62]. مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: نبه المؤلف –رحمه الله- بهذا الباب على ما تضمَّنه التوحيد واستلزمه من تحكيم الرسول –صلى الله عليه وسلم- في موارد النزاع؛ إذ هذا من مقتضى الشهادتين، فمن تلفظ بالشهادتين ثم عدل إلى تحكيم غير الرسول فقد كذب في شهادته. ألم تر: استفهام تعجّب واستنكار. يزعمون أنهم آمنوا... إلخ: أي: يدّعون الإيمان بذلك وهم كاذبون. أن يتحاكموا: أي: يتخاصموا. إلى الطاغوت: هو كثير الطغيان، والمراد به هنا كعب الأشراف اليهودي، وهو يشمل كل من حكم بغير ما أنزل الله. ص -302- أن يكفروا به: أي يرفضوا طاعة الطاغوت. ويريد الشيطان: بأمره لهؤلاء وتزيينه لهم التحاكم إلى الطاغوت. أن يضلهم: أن يصدهم عن سبيل الحق والهدى. ضلالاً بعيداً: فيجور بهم جوراً بعيداً. إلى ما أنزل الله: أي: في القرآن من الحكم بين الناس. وإلى الرسول: ليحكم بينهم فيما تنازعوا فيه. رأيت المنافقين: أي: الذين يدّعون الإيمان وهم كاذبون. يصدون: يُعرضون، في موضع نصبٍ على الحال. عنك: إلى غيرك. صدوداً: مصدر "صدّ" أو اسم مصدر. فكيف: أي: ماذا يكون حالهم؟ وماذا يصنعون؟ إذا أصابتهم مصيبة: إذا نزلت بهم عقوبة من قتل ونحوه. بما قدمت أيديهم: أي: بسبب التحاكم إلى غيرك وعدم الرضا بحكمك، هل يقدرون على الفرار منها؟ ثم جاءوك: للاعتذار حين يُصابون، معطوفٌ على إصابتهم، أو على يصدون. إن أردنا: أي: ما أردنا بالمحاكمة إلى غيرك. إلا إحساناً: أي: الإصلاح بين الناس. وتوفيقاً: تأليفاً بين الخصمين ولم نُرد مخالفتك. المعنى الإجمالي للآيات: أن الله –سبحانه وتعالى- أنكر على من يدّعي الإيمان بما أنزل الله على رسوله وعلى الأنبياء قبله، وهو مع ذلك يريد أن يتحاكم في فصل الخصومات إلى غير كتاب الله وسنة رسوله، ص -303- ويحاكم إلى الطاغوت الذي أمر الله عباده المؤمنين أن يكفروا به؛ ولكن الشيطان يريد أن يضلّ هؤلاء المتحاكمين إلى الطاغوت عن سبيل الهدى والحق ويبعدهم عنه؛ وإذا دُعي هؤلاء إلى التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله أعرضوا إعراض استكبار وتمتع –فماذا يكون حالهم وصنيعهم إذا نزلت بهم المصائب واحتاجوا إلى الرسول في ذلك؟! ليدعو الله لهم ويحل مشاكلهم –فجاؤوه يعتذرون عما صدر منهم بأنهم لم يريدوا مخالفتهم في عدولهم إلى غيره، وإنما أراد الإصلاح والتأليف بين الناس. فيُبدون هذه الأعذار الباطلة ليُبرّروا فعلهم حينما يفتضحون. ما يستفاد من الآيات: 1- وجوب التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله والرضا بذلك والتسليم له. 2- أن من تحاكم إلى غير الشريعة الإسلامية فليس بمؤمن، وليس بمصلح وإن ادعى أنه يقصد الإصلاح. 3- أن من حكم بغير ما أنزل الله فهو طاغوت، ومن تحاكم إلى غير ما أنزل الله فهو متحاكم إلى الطاغوت، وإن سماه بأي اسم. 4- وجوب الكفر بالطاغوت. 5- التحذير من كيد الشيطان وصدّه الإنسان عن الحق. 6- أن من دعي إلى التحاكم إلى ما أنزل الله وجب عليه الإجابة والقبول، فإن أعرض فهو منافق. 7- أن دعوى قصد الإصلاح ليست بعذر في الحكم بغير ما أنزل الله. ص -304- وقوله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} [البقرة: 11]. وإذا قيل لهم: أي: للمنافقين. لا تفسدوا في الأرض: أي: بالكفر وغيره من أنواع المعاصي. إنما نحن مصلحون: وليس ما نحن فيه بفساد. المعنى الإجمالي للآية: أن الله سبحانه وتعالى يذكر من صفات المنافقين أنهم إذا نُهوا عن ارتكاب المعاصي التي تسبب الفساد في الأرض بحلول العقوبات، وأُمروا بالطاعة التي فيها صلاح الأرض أجابوا: بأن شأننا الإصلاح؛ لأنهم تصوروا الفساد بصورة الصلاح لما في قلوبهم من المرض. مناسبة الآية للباب: أن من دعا إلى التحاكم إلى ما أنزل الله أو دعا إلى المعاصي فقد أتى بأعظم الفساد في الأرض. ما يستفاد منها: 1- التحذير من تحكيم النظُم والقوانين المخالفة للشريعة، وإن ادّعى أصحابها أن قصدهم الإصلاح. 2- أن دعوى الإصلاح ليست بعذر في ترك ما أنزل الله. 3- التحذير من الإعجاب بالرأي. 4- أن مريض القلب يتصور الحق باطلاً والباطل حقاً. 5- أن النية الحسنة لا تُسوغ مخالفة الشرع. ص -305- وقوله: {وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا} [الأعراف: 56]. لا: ناهية. تفسدوا في الأرض: بالشرك والمعاصي. بعد إصلاحها: ببعث الأنبياء وشرع الأحكام وعمل الطاعات. المعنى الإجمالي للآية: ينهى الله سبحانه عباده عن الإفساد في الأرض –بالمعاصي والدعاء إلى طاعة المخلوقين في معصية الخالق- بعد إصلاحه سبحانه إياها ببعث الرسل وبيان الشريعة والدعاء إلى طاعة الله؛ فإن عبادة غير الله والدعوة إلى غيره والشرك به والظلم والمعاصي هي أعظم فسادٍ في الأرض. مناسبة الآية للباب: أن من يدعو إلى التحاكم إلى غير ما أنزل الله فقد أتى بأعظم الفساد في الأرض. ما يستفاد من الآية: 1- أن المعاصي إفسادٌ في الأرض. 2- أن الطاعة إصلاحٌ للأرض. 3- أن تحكيم غير ما أنزل الله إفسادٌ في الأرض. 4- أن صلاح البشر وإصلاحهم لا يكون إلا بتحكيم ما أنزل الله. ص -306- وقوله: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ...} الآية. تمام الآية: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: 50]. أفحكم: استفهام إنكاري. الجاهلية: ما كان قبل الإسلام وكل ما خالف الإسلام فهو من الجاهلية. يبغون: يطلبون. ومن: أي: لا أحد. أحسن من الله حكماً: هذا من استعمال أفعل التفضيل فيهما ليس له في الطرف الآخر مشارك. لقوم يوقنون: أي: عند قومٍ يوقنون فإنهم هم الذين يتدبرون الأمور فيعلمون أن لا أحسن حكماً من حكم الله. المعنى الإجمالي للآية: ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله تعالى –المشتمل على كل خير وعدل، والناهي عن كل شر- إلى ما سِواه من: الآراء والأهواء الاصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجَهالات والأعراف القبَلية. مناسبة الآية للباب: أن من ابتغى غير حكم الله –من الأنظمة والقوانين الوضعية- فقد ابتغى حكم الجاهلية. ما يستفاد من الآية: 1- وجوب تحكيم شريعة الله. ص -307- 2- أن ما خالف شرع الله فهو من حكم الجاهلية. 3- بيان مزية أحكام الشريعة وأنها هي الخير والعدل والرحمة. 4- أن تحكيم القوانين الوضعية والنظم الغربية كفرٌ. ص -308- عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به" قال النووي: حديث صحيح رويناه في كتاب الحجة بإسناد صحيح"1". التراجم: النووي هو: محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف النووي –نسبة إلى نوى قرية بالشام- وهو إمام مشهور صاحب تصانيف، توفي سنة 676 هـ رحمه الله. الحجة: أي: كتاب الحجة على تارك المحجة للشيخ أبي الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي الشافعي. وهذا الحديث في إسناده مقالٌ- لكن معناه صحيح قطعاً وإن لم يصح إسناده وله شواهد من القرآن كقوله: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} [النساء: 65]. لا يؤمن أحدكم: أي: لا يحصل له الإيمان الواجب ولا يكون من أهله. هواه: أي: ما يهواه وتحبه نفسه وتميل إليه. تبعاً لما جئت به: فيحب ما أمر به الرسول –صلى الله عليه وسلم- ويكره ما نهى عنه. المعنى الإجمالي للحديث: أن الإنسان لا يكون مؤمناً الإيمان "1" انظر الأربعين النووية "ص48". ص -309- الكامل الواجب حتى تكون محبته تابعة لما جاء به الرسول –صلى الله عليه وسلم- من: الأوامر والنواهي وغيرها، فيحب ما أمر به ويكره ما نهى عنه. مناسبة الحديث للباب: نفيُ الإيمان عمن لم يطمئن إلى شرع الله ويحبه، ويكره ما خالفه من القوانين والنظم الوضعية. ما يستفاد من الحديث: 1- وجوب محبة كل ما جاء به الرسول –صلى الله عليه وسلم- ولا سيما من التشريع والعمل به. 2- وجوب بغض كل ما خالف شريعة الرسول –صلى الله عليه وسلم- والابتعاد عنه. 3- انتفاء الإيمان عمن يميل بقلبه إلى مخالفة ما جاء به الرسول –صلى الله عليه وسلم- ولو عمل به ظاهراً. ص -310- وقال الشعبي: "كان بين رجل من المنافقين ورجل من اليهود خصومة، فقال اليهودي: نتحاكم إلى محمد، عرف أنه لا يأخذ الرشوة، وقال المنافق: نتحاكم إلى اليهود: لعلمه أنهم يأخذون الرشوة، فاتفقا أن يأتيا كاهناً في جهينة فيتحاكما إليه فنزلت: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ} الآية". التراجم: الشعبي هو: عامر بن شراحيل الشعبي، وقيل: عامر بن عبد الله بن شراحيل الشعبي الحميري أبو عمرو الكوفي ثقة حافظ فقيه من التابعين. قيل مات سنة 103هـ رحمه الله، وقيل غير ذلك. من المنافقين: جمع منافق وهو الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر. اليهود: جمع يهودي –مِن هاد إذا رجع- وقيل اليهودي نسبة إلى يهودا بن يعقوب عليه السلام. خصومة: أي جدال ونزاع. الرشوة: ما يُعطى لمن يتولى شيئاً من أمور الناس ليحيف مع المعطي ومن ذلك: ما يعطيه أحد الخصمين للقاضي أو غيره ليحكم له، مأخوذة من الرشاء الذي يتوصل به إلى الماء. جهينة: قبيلة عربية مشهورة. فنزلت: هذا بيان لسبب نزول الآية الكريمة. المعنى الإجمالي للأثر: يروي الشعبي –رحمه الله- أن هذه الآية الكريمة: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ} الآية. نزلت بسبب ما حصل من رجلٍ يدّعي الإيمان ويريد أن يتحاكم إلى غير الرسول –صلى الله عليه وسلم-، تهرباً من ص -311- الحكم العادل؛ مما حمله على التحاكم إلى الطاغوت من غير مبالاة بما يترتب على ذلك من مناقضة للإيمان؛ مما يدل على كذبه في ادعائه الإيمان؛ فمن عمل مثل عمله فهو مثله في هذا الحكم. مناسبة الأثر للباب: أن التحاكم إلى غير شرع الله يناقض الإيمان بالله وكتبه. ما يستفاد من الأثر: 1- وجوب التحاكم إلى شريعة الله. 2- أن التحاكم إلى غير شريعة الله ينافي الإيمان. 3- فيه كشفٌ لحقيقة المنافقين، وأنهم شرٌّ من اليهود. 4- تحريم أخذ الرشوة؛ وأن أخذ الرشوة من أخلاق اليهود، وقد لعن النبي –صلى الله عليه وسلم- معطيها وآخذها. ص -312- وقيل: "نزلت في رجلين اختصما، فقال أحدهما: نترافع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم-، وقال الآخر: إلى كعب الأشرف، ثم ترافعا إلى عمر، فذكر له أحدهما القصة، فقال للذي لم يرض برسول الله - صلى الله عليه وسلم-: أكذلك؟ قال: نعم. فضربه بالسيف فقتله". التراجم: كعب بن الأشرف: يهوديّ عربيّ من طيء وأمه من بني النضير، كان شديد العداوة للنبي –صلى الله عليه وسلم-. وقيل نزلت: يعني: الآية المذكورة سابقا . المعنى الإجمالي للأثر: هذا الأثر فيه بيان قول آخر –غير ما سبق- في سبب نزول الآية الكريمة: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ} الآية. وأن القصة لما بلغت عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- واستثبتها قتل الذي لم يرض بحكم رسول الله –صلى الله عليه وسلم-. مناسبة ذكره في الباب: أن فيه دليلاً على كفر من احتكم إلى غير شرع الله واستحقاقه للقتل؛ لأنه مرتدٌّ عن دين الإسلام. ما يستفاد من الأثر: 1- أن تحكيم غير الله تعالى، ورسوله –صلى الله عليه وسلم- في فضّ المنازعات ردةٌ عن الإسلام. 2- أن المرتد عن دين الإسلام يقتل. 3- أن الدعاء إلى تحكيم غير شرع الله من صفات المنافقين ولو كان المدعو إلى تحكيمه إماماً فاضلاً كعمر بن الخطاب رضي الله عنه. ص -313- 4- مشروعية الغضب لله ولرسوله ولدينه. 5- مشروعية تغيير المنكر باليد لمن يقدر على ذلك. 6- أن معرفة الحق لا تغني عن العمل به والانقياد له. المصدر : http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf |
#41
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الملخص في شرح كتاب التوحيد لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- ص -314- باب من جحد شيئاً من الأسماء والصفات وقول الله تعالى: {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ} الآية. تمام الآية: {قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ} [الرعد: 30]. مناسبة الباب لكتاب التوحيد: لما كان التوحيد ثلاثة أنواع: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات، وكان الإيمان بالله لا يحصل إلا بتحقق هذه الثلاثة؛ نبه المصنف بهذا الباب على هذا النوع؛ ليبين حكم من جحده. باب من جحد... إلخ: أي: أنه يكفر بذلك. وهم: أي: كفار قريش. يكفرون بالرحمن: أي: يجحدون هذا الاسم، مع إيمانهم بالله، فالرحمن اسمٌ من أسماء الله، والرحمة صفةٌ من صفاته. قل: يا محمد رداً عليهم في كفرهم بالرحمن. هو ربي: أي: الرحمن عز وجل ربي وإن كفرتم به. لا إله إلا هو: أي: لا معبود بحق سواه. عليه: لا على غيره. توكلت: فوضت أموري كلها إليه واعتمدت عليه. ص -315- وإليه متاب: مرجعي وتوبتي. المعنى الإجمالي للآية: أن الله سبحانه وتعالى ينكر على مشركي قريش جحودهم لاسمه الرحمن، ويأمر رسوله محمداً –صلى الله عليه وسلم- أن يرد عليهم هذا الجحود ويعلن إيمانه بربه وأسمائه وصفاته، وأنه سبحانه هو الذي يستحق العبادة وحده، ويتوكل عليه ويُرجع إليه في جميع الأمور ويُتاب إليه من الذنوب. مناسبة الآية للباب: أن جحود شيء من أسماء الله وصفاته كفر. ما يستفاد من الآية: 1- أن جحود شيء من الأسماء والصفات كفر. 2- وجوب الإيمان بأسماء الله وصفاته. 3- وجوب التوكل على الله والتوبة إليه. 4- وجوب إخلاص العبادة لله. ص -316- وفي صحيح البخاري: قال علي: "حدثوا الناس بما يعرفون، أتريدون أن يكذب الله ورسوله؟""1". صحيح البخاري: أي الكتاب الذي جمع فيه البخاري الأحاديث الصحيحة. والبخاري هو الإمام محمد بن إسماعيل البخاري نسبة إلى بخارى بلدة في المشرق. وكتابه أصح كتاب بعد كتاب الله. المعنى الإجمالي للأثر: يرشد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب –رضي الله عنه- إلى أنه لا ينبغي أن يحدث عامة الناس إلا بما هو معروف ينفع الناس في أصل دينهم وأحكامه من التوحيد وبيان الحلال والحرام ويُترك ما يشغل عن ذلك؛ مما لا حاجة إليه أو كان مما قد يؤدي إلى رد الحق وعدم قبوله مما يشتبه عليهم فهمه، ويصعب عليهم إدراكه؛ وقد قال ذلك حينما كثر القصاص أي: الوعاظ في خلافته. مناسبة الأثر للباب: يأتي بيانها بعد ذكر الأثر الذي بعده. ما يستفاد من الأثر: أنه إذا خشي ضررٌ من تحديث الناس ببعض ما لا يفهمون؛ فلا ينبغي تحديثهم بذلك وإن كان حقاً. "1" أخرجه البخاري برقم "127". ص -317- وروى عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس: "أنه رأى رجلاً انتفض لما سمع حديثاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم- في الصفات؛ استنكاراً لذلك فقال: ما فرق هؤلاء؟ يجدون رقة عند محكمه ويهلكون عند متشابهه" انتهى. التراجم: 1- عبد الرزاق هو: عبد الرزاق بن همام الصنعاني الإمام الحافظ صاحب المصنفات مات سنة 211هـ رحمه الله. 2- معمر هو: أبو عروة معمر بن راشد الأزدي البصري ثقة ثبت مات سنة 154هـ رحمه الله. 3- ابن طاووس هو: عبد الله بن طاووس اليماني ثقة فاضل عابد مات سنة 132هـ رحمه الله. انتفض: أي: ارتعد. فقال: أي: ابن عباس. ما: استفهامية. فرق: بفتح الفاء والراء أي: خوف. هؤلاء: يشير إلى أناس يحضرون مجلسه من عامة الناس. رقة: ليناً وقبولاً. محكمه: ما وضح معناه فلم يلتبس على أحد. متشابهه: ما اشتبه عليهم فهمه. المعنى الإجمالي للأثر: ينكر ابن عباس –رضي الله عنهما- على ص -318- أناس ممن يحضر مجلسه من عامة الناس يحصل منهم خوفٌ عندما يسمعون شيئاً من أحاديث الصفات ويرتعدون استنكاراً لذلك، فلم يحصل منهم الإيمان الواجب بما صح عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- عرفوا معناه من القرآن وهو حق لا يرتاب فيه مؤمن، وبعضهم يحمله على غير معناه الذي أراده الله فيهلك بذلك. مناسبة الأثر للباب: بعدما ذكر المؤلف أثر عليّ –رضي الله عنه- الذي يدل على أنه لا ينبغي تحديث الناس بما لا يعرفون، ذكر هذا الأثر الذي يدل على أن نصوص الصفات ليست مما نهى عن التحديث به؛ بل ينبغي ذكرها وإعلانها؛ فليس استنكار بعض الناس لها بمعناه من ذكرها، فما زال العلماء قديماً وحديثاً يقرأون آيات الصفات وأحاديثها بحضرة العوام والخواص. ما يستفاد من الأثر: 1- أنه لا مانع من ذكر آيات الصفات وأحاديثها بحضرة عوام الناس وخواصهم من باب التعليم. 2- أن من رد شيئاً من نصوص الصفات أو استنكره بعد صحته فهو من الهالكين. 3- الإنكار على من استنكر شيئاً من نصوص الصفات. ص -319- ولما سمعت قريشٌ رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يذكر الرحمن، أنكروا ذلك، فأنزل الله: {... وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ...}. المعنى الإجمالي للأثر: يذكر الرحمن: يعني حين كتب: "بسم الله الرحمن الرحيم" في صلح الحديبية فقالوا: أما الرحمن، فلا نعرفه، ولا ندري ما الرحمن، ولا نكتب إلا: باسمك اللهم"1" فيكون هذا هو سبب نزول الآية، وقيل: قالوا ذلك حينما سمعوا الرسول –صلى الله عليه وسلم- يدعو في سجوده ويقول: "يا رحمن يا رحيم" فقالوا: هذا يزعم أنه يدعو واحداً وهو يدعو اثنين: الرحمن، الرحيم وهذا سبب آخر لنزول الآية ولا مانع أن تنزل الآية لسببين أو أكثر. وتقدمت هذه الآية وما يتعلق بها في أول الباب. ما يستفاد من الأثر: 1- ثبوت الأسماء والصفات لله عز وجل. 2- أن تعدد الأسماء لا يدل على تعدد المسمى. 3- مشروعية دعاء الله بأسمائه وصفاته. "1" أخرجه البخاري برقم "2731، 2732". المصدر : http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf |
#42
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الملخص في شرح كتاب التوحيد لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- ص -320- باب قول الله تعالى: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا} الآية. المصدر :قال مجاهد ما معناه: "هو قول الرجل: هذا مالي ورثته عن آبائي. وقال عون بن عبد الله: "يقولون: لولا فلان لم يكن كذا". وقال ابن قتيبة: يقولون: "هذا بشفاعة آلهتنا". تمام الآية: {وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ} [النحل: 83]. مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: أن المصنف أراد بهذا الباب بيان وجوب التأدب مع الربوبية، بتجنب الألفاظ الشركية الخفية كنسبة النعم إلى غير الله؛ لأن ذلك ينافي كمال التوحيد. التراجم: 1- مجاهد هو: شيخ التفسير مجاهد بن جبر المكي الإمام الرباني من تلاميذ ابن عباس مات سنة 104هـ على الراجح رحمه الله. 2- عون هو: عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي ثقة عابد مات حوالي سنة 120هـ رحمه الله. 3- ابن قتيبة هو: عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري الحافظ صاحب التفسير وغيره من المؤلفات مات سنة 276هـ رحمه الله. يعرفون: أي: يعرف المشركون. نعمة الله: اختُلف في المراد بها، وقد ذكر المصنف جملة منص -321- أقوال العلماء في ذلك. ورثته عن آبائي... إلخ: وقاتل هذه الأقوال ونحوها منكر لنعمة الله بإضافتها إلى غيره، جاحد لها غير معترف بها، والآية تعم ما ذكره العلماء في معناها. المعنى الإجمالي للآية: أن المشركين يعترفون بنعم الله التي عدّدها عليهم –في سورة النحل وغيرها- أنها من الله، ثم ينكرونها بإضافتها إلى غيره من آلهتهم وآبائهم وغيرهم، فهم متناقضون في ذلك. ما يستفاد من الآية: 1- أن المشركين معترفون بتوحيد الربوبية. 2- وجوب نسبة النعم إلى الله سبحانه وتعالى وحده. 3- التحذير من نسبة النعم إلى غير الله؛ لأنه شركٌ في الربوبية. 4- وجوب التأدب في الألفاظ، وتحريم الاعتماد على الأسباب. ص -322- وقال أبو العباس –بعد حديث زيد بن خالد الذي فيه أن الله تعالى قال: "أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر.." الحديث -وقد تقدم-: "وهذا كثير في الكتاب والسنة، يذم سبحانه من يضيف إنعامه إلى غيره، ويشرك به. قال بعض السلف: هو كقولهم: كانت الريح طيبة، والملاح حاذقاً... ونحو ذلك مما هو جارٍ على ألسنة كثير". التراجم: أبو العباس: هو شيخ الإسلام أحمد ابن تيمية رحمه الله. وقد تقدم: أي: في باب ما جاء في الاستسقاء بالأنواء. الملاح: قائد السفينة. السلف: هم المتقدمون من علماء هذه الأمة من الصحابة والتابعين وأتباعهم. المعنى الإجمالي للأثر: أن السفن إذا جَرَين بريح طيبة بأمر الله جرياً حسناً نسبوا ذلك إلى طيب الريح وحذق قائد السفينة؛ ونسوا ربهم الذي أجرى لهم الفلك في البحر رحمة بهم؛ فيكون هذا من جنس نسبة المطر إلى الأنواء. حكم من فعل ذلك: فيه تفصيل: 1- إن كان المتكلم بذلك لم يقصد أن الريح والملاح ونحو ذلك هو الفاعل لذلك من دون خلق الله وأمره، وإنما أراد نسبتها إلى السبب ص -323- فقط فهذا شرك أصغر؛ لأنه أضاف النعمة إلى غير الله، والواجب إضافتها إلى الله. 2- وإن كان يقصد أن هذه الأشياء تفعل ذلك من دون الله؛ فهذا شرك أكبر. والأول هو الذي يجري على ألسنة كثير من المسلمين فيجب الحذر منه. http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf |
#43
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الملخص في شرح كتاب التوحيد لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- ص -324- باب قول الله تعالى: {فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 22]. قال ابن عباس في الآية: "الأنداد هو: الشرك؛ أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء في ظلمة الليل، وهو أن تقول: والله وحياتك يا فلان وحياتي، وتقول: لولا كليبة هذا، لأتانا اللصوص، ولولا البط في الدار، لأتى اللصوص، وقول الرجل لصاحبه: ما شاء الله وشئت، وقول الرجل: لولا الله وفلان، لا تجعل فيها فلاناً؛ هذا كله به شرك". رواه ابن أبي حاتم. مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: أنه لما كان من تحقيق التوحيد الاحتراز من الشرك بالله في الألفاظ، وإن لم يقصده المتكلم بقلبه؛ نبه المؤلف –رحمه الله- بهذا الباب على ذلك وبيّن بعض هذه الألفاظ لتجتنب هي وما ماثلها. فلا تجعلوا لله أنداداً: أي: أشباهاً ونظراء تصرفون لهم العبادة أو شيئاً منها. وأنتم تعلمون: أنه ربكم لا يرزقكم غيره ولا يستحق العبادة سواه. في الآية: أي: في تفسير الآية. دبيب النمل: مشيه. على صفاة: الصفا: الحجر الأملس. ص -325- كليبة: تصغير كلبة وهي هنا: التي تُتخذ لحفظ المواشي وغيرها. ص -326- وعن عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-اللصوص: جمع لصّ وهم: السراق. البطّ: جمع بطّة وهي: من طيور الماء تُتخذ في البيوت، فإذا دخلها غيرُ أهلها استنكرته وصاحت. لا تجعل فيها فلاناً: أي: لا تجعله في مقالتك فتقول: لولا الله وفلان، بل قل: لولا الله وحده. هذا كله به شرك. أي: هذه الألفاظ المذكورة وما شابهها شرك بالله أي: شرك أصغر. المعنى الإجمالي للآية: أن الله –تبارك وتعالى- ينهى الناس أن يتخذوا له أمثالاً ونظراء يصرفون لهم شيئاً من عبادته؛ وهم يعلمون أن الله وحده الخالق الرازق؛ وأن هذه الأنداد عاجزة فقيرة ليس لها من الأمر شيء. وما ذكره ابن عباس أمثلة لاتخاذ الأنداد؛ لأن لفظ الآية يشملها وإن كانت شركاً أصغر والآية نازلة في الشرك الأكبر؛ فالسلف يستدلون بما نزل في الشرك الأكبر على الشرك الأصغر. ما يستفاد من الآية: 1- التحذير من الشرك في العبادة. 2- أن المشركين مقرون بتوحيد الربوبية. 3- أن الشرك الأصغر خفيّ جداً وقلّ من يتنبه له. 4- وجوب تجنب الألفاظ الشركية ولو لم يقصدها الإنسان بقلبه. قال: "من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك""1" رواه الترمذي وحسنه وصححه الحاكم. عن عمر: صوابه عن ابن عمر. من حلف: الحلف: اليمين، وهي توكيد الحكم بذكر معظّم على وجهٍ مخصوص. بغير الله: أي: بأي مخلوق من المخلوقات. كفر أو أشرك: يحتمل أن يكون هذا شكاً من الراوي. ويحتمل أن تكون "أو" بمعنى الواو فيكون كفر وأشرك. والمراد الكفر والشرك الأصغران. المعنى الإجمالي للحديث: يخبر –صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث خبراً معناه النهي: أن من أقسم بغير الله من المخلوقات فقد اتخذ ذلك المحلوف به شريكاً لله وكفر بالله؛ لأن الحلف بالشيء يقتضي تعظيمه، والعظمة في الحقيقة إنما هي لله وحده، فلا يُحلف إلا به أو بصفة من صفاته. مناسبة الحديث للباب: أنه يدل على أنه من حلف بغير الله فقد اتخذ المحلوف به نداً لله. "1" أخرجه الترمذي برقم "1535" وأبو داود برقم "3251" والحاكم "4/297". ص -327- ما يستفاد من الحديث: ص -328- وقال ابن مسعود: "لَأَن أحلف بالله كاذباً أحب إلي من أن أحلف بغيره1- تحريم الحلف بغير الله وأنه شرك وكفر بالله. 2- أن التعظيم بالحلف حقّ لله سبحانه وتعالى فلا يحلف إلا به. 3- أن الحلف بغير الله لا تجب به كفّارة؛ لأنه لم يذكر فيه كفارة. صادقاً""1". لأن: اللام: لام الابتداء و"أن" مصدرية، والفعل بعدها منصوب في تأويل مصدر مرفوع على الابتداء. أحب... إلخ: خبر المبتدأ. المعنى الإجمالي للأثر: يقول ابن مسعود –رضي الله عنه-: إقسامي بالله على شيء أنا كاذبٌ فيه أحب إلي من إقسامي بغير الله على شيءٌ أنا صادقٌ فيه؛ وإنما رجح الحلف بالله كاذباً على الحلف بغيره صادقاً؛ لأن الحلف بالله فيه هذه الحالة في حسنة التوحيد، وفيه سيئة التوحيد أعظم من حسنة الصدق. وسيئة الكذب أسهل من سيئة الشرك. مناسبة الأثر للباب: أنه يدل على تحريم الحلف بغير الله. ما يستفاد من الأثر: 1- تحريم الحلف بغير الله. 2- أن الشرك الأصغر أعظم من كبائر الذنوب كالكذب، ونحوه من الكبائر. 3- جواز ارتكاب أقل الشرين ضرراً إذا كان لا بد من أحدهما. 4- دقة فقه ابن مسعود رضي الله عنه. "1" قال الهيثمي في مجمع الزوائد "4/177": رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح. ص -329- وعن حذيفة -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تقولوا: ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا: ما شاء الله ثم شاء فلان""1" رواه أبو داود بسند صحيح. وجاء عن إبراهيم النخعي: "أنه يكره أن يقول: أعوذ بالله وبك، ويجوِّز أن يقول: بالله ثم بك"، قال: "ويقول: لولا الله ثم فلان، ولا تقولوا: لولا الله وفلان. لا تقولوا: لا: ناهية والفعل بعدها مجزومٌ بها وعلامة جزمها حذف النون. ما شاء الله وشاء فلان: لأن العطف بالواو يقتضي الجمع والمساواة. ما شاء الله ثم شاء فلان: لأن العطف بثُمّ يقتضي الترتيب والتراخي. يكره: الكراهة في عُرف السلف يُراد بها التحريم. أعوذ: العوذ: الالتجاء إلى الغير والتعلق به. لولا: حرف امتناع لوجود، أي: امتناع شيء لوجود غيره. المعنى الإجمالي للحديث: ينهى –صلى الله عليه وسلم- أن يعطف اسم المخلوق على اسم الخالق بالواو بعد ذكر المشيئة ونحوها؛ لأن المعطوف بها يكون مساوياً للمعطوف عليه؛ لكونها إنما وُضعت لمطلق الجمع فلا "1" أخرجه أبو داود برقم "4980" وأحمد في المسند "5/384". ص -330- تقتضي ترتيباً ولا تعقيباً؛ وتسوية المخلوق بالخالق شركٌ، ويُجوِّز –صلى الله عليه وسلم- عطف المخلوق على الخالق بثُمّ؛ لأن المعطوف بها يكون متراخياً عن المعطوف عليه بمهلة فلا محذور؛ لكونه صار تابعاً. والأثر المروي عن النخعي يفيد ما أفاده الحديث. ويختص هذا الحكم – وهو العوذ بالمخلوق – بالمخلوقين الأحياء الذين لهم قدرة، دون الأموات والعاجزين فلا يجوز أن يسند إليهم شيء. مناسبة الحديث والأثر للباب: أنهما يدلان على النهي عن قول: "ما شاء الله وشاء فلان" ونحو ذلك؛ لأنه من اتخاذ الأنداد لله الذي نهتْ عنه الآية التي في أول الباب على ما فسرها به ابن عباس. ما يستفاد من الحديث: 1- تحريم قول: "ما شاء الله وشئت"، وما أشبه ذلك من الألفاظ مما فيه العطف على الله بالواو؛ لأنه من اتخاذ الأنداد لله. 2- جواز قول: "ما شاء الله ثم شئت"، وما أشبه ذلك مما فيه العطف على الله بثُمَّ؛ لانتفاء المحذور فيه. 3- إثبات المشيئة لله، وإثبات المشيئة للعبد، وأنها تابعة لمشيئة الله تعالى. المصدر : http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf |
#44
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الملخص في شرح كتاب التوحيد لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- ص -331- باب ما جاء فيمن لم يقنع بالحلف بالله عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تحلفوا بآبائكم من حلف بالله فليصدق، ومن حُلِف له بالله فليرض، ومن لم يرض فليس من الله""1". رواه ابن ماجه بسند حسن. مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: أن عدم الرضا بالحلف بالله ينافي كمال التوحيد؛ لدلالته على قلة تعظيم الرب جل جلاله. ما جاء فيمن... إلخ: أي: من الوعيد. الحلف: القسم. لا تحلفوا بآبائكم: نهيٌ عن القسم بالآباء؛ لأنه هو المعروف عندهم ولا مفهوم له؛ لتقدّم النهي عن القسم بغير الله مطلقاً. فليصدق: أي: وجوباً تعظيماً لليمين بالله، لأن الصدق واجب ولو لم يحلف بالله فكيف إذا حلف به!. فليرض: أي: وجوبا تعظيما لليمين بالله. وهذا عام الصدق واجب ولو لم يحلف بالله فكيف إذا حلف به!. فليس من الله: هذا وعيدٌ، أي: فقد برئ الله منه. معنى الحديث إجمالاً: ينهى –صلى الله عليه وسلم- عن الحلف بالآباء؛ لأن الحلف "1" أخرجه ابن ماجه برقم "2101". ص -332- تعظيمٌ للمحلوف به، والتعظيم حقٌّ لله سبحانه، ثم يأمر من حلف بالله أن يكون صادقاً فيما يحلف عليه؛ لأن الصدق مما أوجبه الله على عباده مطلقاً، فكيف إذا حلفوا بالله! ويأمر –صلى الله عليه وسلم- من حُلف له بالله في خصومة أو غيرها أن يرضى باليمين؛ لأن ذلك من تعظيم الله، ثم يبين –صلى الله عليه وسلم- الوعيد الشديد في حق من لم يرض بالحلف بالله؛ لأن ذلك يدل على عدم تعظيمه لله. مناسبة الحديث للباب: أن فيه الوعيد الشديد في حق من لم يقنع بالحلف بالله. ما يستفاد من الحديث: 1- الوعيد الشديد في حق من لم يقنع بالحلف بالله. 2- وجوب الصدق في اليمين. 3- تحريم الكذب في اليمين. 4- حسن الظن بالمسلم ما لم يتبين خلافه. 5- وجوب تصديق من حلف بالله إذا كان من أهل الإيمان. المصدر : http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf |
#45
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الملخص في شرح كتاب التوحيد لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- ص -333- باب قول: ما شاء الله وشئت عن قُتَيلَة: أن يهودياً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال: إنكم تشركون تقولون ما شاء الله وشئت، وتقولون: والكعبة. فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم- إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: ورب الكعبة، وأن يقولوا: ما شاء ثم شئت""1" رواه النسائي وصححه. مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: أن هذا الباب داخلٌ في باب قول الله تعالى: {... فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً...} وقد سبق بيان مناسبته. التراجم: قُتَيلة: بضمِّ القاف وفتح التاء مصغّراً بنت صيفي الجهنيّة صحابية رضي الله عنها. قول: ما شاء الله وشئت: أي: ما حكم التكلم بذلك هل يجوز أم لا؟ وإذا كان لا يجوز فهل هو شرك أو لا؟ تشركون: أي: الشرك الأصغر. ما شاء الله وشئت: وهذا في تشريكٌ في مشيئة الله. وتقولون: والكعبة: وهذا قسمٌ بغير الله. "1" أخرجه النسائي "7/6" برقم "3773" وأحمد "6/371- 372"، والبيهقي "3/216"، والحاكم "4/297"، وصححه ووافقه الذهبي. ص -334- المعنى الإجمالي للحديث: ص -335- وله أيضاً عن ابن عباس: أن رجلاً قال للنبي - صلى الله عليه وسلم-: ما شاءذكر هذا اليهودي للنبي –صلى الله عليه وسلم- أن بعض المسلمين يقع في الشرك الأصغر حينما تصدر منه هذه الألفاظ التي ذكرَها، فأقره النبي –صلى الله عليه وسلم- على اعتبارها من الشرك، وأرشد إلى استعمال اللفظ البعيد من الشرك بأن يحلفوا بالله، وأن يعطفوا مشيئة العبد على مشيئة الله بثُمَّ التي هي للترتيب والتراخي، لتكون مشيئة العبد تابعة لمشيئة الله. مناسبة الحديث للباب: أن فيه بيان أن قول: "ما شاء الله وشئت" شركٌ. ما يستفاد من الحديث: 1- أن قول ما شاء الله وشئت، والحلف بغير الله شرك، لأن الرسول –صلى الله عليه وسلم- أقر اليهودي على اعتبارهما من الشرك. 2- معرفة اليهود بالشرك الأصغر. 3- فهم الإنسان إذا كان له هوى. 4- قبول الحق ممن جاء به وإن كان عدواً مخالفاً في الدين. 5- أن الشرك الأصغر لا يخرج من الملة. 6- الابتعاد عن الألفاظ المخلة بالعقيدة واستبدالها بالألفاظ البعيدة عن الشرك بالله. 7- أن العالم إذا نهى عن شيءٍ فإنه يبين البديل الذي يُغني عنه إذا أمكن. 8- أن النهي عن الشرك عامٌّ لا يصلح منه شيء حتى بالكعبة التي هي بيت الله في أرضه فكيف بغيرها؟! 9- إثبات المشيئة لله، وإثبات المشيئة للعبد، وأنها تابعة لمشيئة الله. الله وشئت. قال: "أ جعلتني لله نداً؟ بل ما شاء الله وحده""1". وله: أي: النسائي. أجعلتني: استفهام إنكار. نداً: أي: شريكاً. المعنى الإجمالي للحديث: أنكر –صلى الله عليه وسلم- على من عطَف مشيئة الرسول على مشيئة الله بالواو؛ لما يقتضيه هذا العطف من التسوية بين الله وبين المخلوق، واعتبر هذا من اتخاذ الشريك لله، ثم أسند المشيئة إلى الله وحده. مناسبة الحديث للباب: أن قول: "ما شاء الله وشئت" وما أشبه هذا اللفظ من اتخاذ الند لله المنهي عنه بقوله: {فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 22]. ما يستفاد من الحديث: 1- النهي عن قول: "ما شاء الله وشئت" وما أشبهه مما فيه عطفُ مشيئة العبد على مشيئة الله بالواو وما أشبه ذلك. 2- أن من سوّى العبد بالله ولو في الشرك الأصغر فقد اتخذه نداً لله. 3- إنكار المنكر. 4- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قد حَمى حِمى التوحيد، وسدّ طرق الشرك. "1" أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة برقم "988" وأحمد في المسند "1/214، 283 ، 347". ص -336- ولابن ماجه عن الطفيل أخي عائشة لأمها، قال: "رأيت كأني أتيت على نفر من اليهود، فقلت: إنكم لأنتم القوم، لولا أنكم تقولون: عُزَير ابن الله، قالوا: وإنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون: ما شاء الله وشاء محمد، ثم مررت بنفر من النصارى، فقلت: إنكم لأنتم القوم، لولا أنكم تقولون: المسيح ابن الله، قالوا: وإنكم لأنتم القوم، لولا أنكم تقولون: ما شاء الله وشاء محمد، فلما أصبحت أخبرت بها من أخبرت، ثم أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم- فأخبرته فقال: "هل أخبرت بها أحداً؟" قلت: نعم. قال: فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "أما بعد؛ فإن طفيلاً رأى رؤياً أخبر بها من أخبر منكم، وإنكم قلتم كلمة كان يمنعني كذا وكذا أن أنهاكم عنها، فلا تقولوا: ما شاء الله وشاء محمد، ولكن قولوا: ما شاء الله وحده""1". التراجم: الطفيل هو: الطفيل بن عبد الله بن الحارث بن سخْبرة الأزديّ صحابيٌّ رضي الله عنه، وليس له إلا هذا الحديث. على نفر: النفر: رهط الإنسان وعشيرتُه اسم جمعٍ يقع على الرجال خاصّة. لأنتم القوم: أي: نِعم القوم أنتم. "1" أخرجه ابن ماجه برقم "2118" وأحمد "5/393". ص -337- لولا أنكم تقولون عزيرٌ ابن الله: أي: لولا ما أنتم عليه من الشرك بنسبة الولد إلى الله؛ وهذا لأن عُزيراً كان يحفظ التوراة عن ظهر قلب، فقالوا فيه هذه المقالة وقيل لأنه نبي. تقولون ما شاء الله وشاء محمد: عارضوه بذكر شيءٍ مما في بضع المسلمين من الشرك الأصغر. تقولون المسيح: أي: عيسى ابن مريم عليه السلام. ابن الله: فتشركون بالله بنسبة الولد إليه. وإنما قالوا هذا في عيسى؛ لأنه من أمّ بلا أب. حمِد الله وأثنى عليه: الحمد هو: الثناء على الجميل الاختياري من الإنعام وغيرِه، والثناء هو: تكرار المحامد. كان يمنعني كذا وكذا: هو الحياء كما في الرواية الأخرى؛ لأنه حينذاك لم يؤمر بإنكارها. المعنى الإجمالي للحديث: يخبر الطفيل –رضي الله عنه- أنه رأى في منامه أنه مرّ على جماعة من أهل الملّتين، فأنكر عليهم ما هم عليه من الشرك بالله بنسبة الولد إليه –تعالى الله عن ذلك- فعارضوه بذكر ما عليه بعض المسلمين من الشرك الأصغر الوارد في بعض ألفاظهم، وعندما أصبح قصَّ هذه الرؤيا على النبي –صلى الله عليه وسلم- فأعلنها الرسول –صلى الله عليه وسلم- وأنكر على الناس التكلم بهذه الكلمة الشركية، وأمرهم أن يتلفّظوا باللفظ الخالص من الشرك. مناسبة الحديث للباب: أنه أفاد أن التلفظ بما شاء الله وشاء محمد وما أشبهها من الألفاظ شركٌ أصغر كما سبق. ص -338- ما يستفاد من الحديث: 1- الاعتناء بالرؤيا وأنها سببٌ لتشريع بعض الأحكام وقتَ حياة الرسول –صلى الله عليه وسلم-. 2- أن قول: "ما شاء الله وشاء فلان" وما أشبه ذلك شركٌ أصغر. 3- معرفة اليهود والنصارى بالشرك الأصغر، مع ما هم عليه من الشرك الأكبر من أجل الطعن بالمسلمين. 4- تقديمُ حمد الله والثناء عليه في الخطَب، وقول: أما بعد، فيها. 5- استحباب قصر المشيئة على الله، وإن كان يجوز أن يقول: ما شاء الله ثم شاء فلان. المصدر : http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
[جمع] الجمع الثمين لكلام أهل العلم في المصرّين على المعاصي والمدمنين | أبو عبد الودود عيسى البيضاوي | منبر التوحيد وبيان ما يضاده من الشرك | 0 | 13-09-2011 09:33PM |
أقوال العلماء السلفيين في حكم من حكَّم القوانين | أبو حمزة مأمون | منبر التحذير من الخروج والتطرف والارهاب | 0 | 10-06-2010 01:51AM |
(الشيخ ربيع بين ثناء العلماء ووقاحة السفهاء) | أبوعبيدة الهواري الشرقاوي | منبر الجرح والتعديل | 0 | 21-12-2008 12:07AM |
مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد | أبو عبد الرحمن السلفي1 | منبر التوحيد وبيان ما يضاده من الشرك | 4 | 08-11-2007 12:07PM |
صحيح المقال في مسألة شد الرحال (رد على عطية سالم ) | ماهر بن ظافر القحطاني | منبر البدع المشتهرة | 0 | 12-09-2004 12:02PM |