|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | التقييم: | انواع عرض الموضوع |
#31
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 29 ) 12 ـ إثبات العينين لله تعالى [ المتن ] : وقوله: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} {وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاء لِّمَن كَانَ كُفِرَ} {وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي}. [ الشرح ]: {وَاصْبِرْ} الصبر لغة الحبس والمنع. فهو حبس النفس عن الجزع وحبس اللسان عن التشكي والتسخط وحبس الجوارح عن لطم الخدود وشق الجيوب. {لِحُكْمِ رَبِّكَ} أي: لقضائه الكوني والشرعي. {فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} أي: بمرأى منا وتحت حفظنا فلا تبال بأذى الكفار، فإنهم لا يصلون إليك. قوله: {وَحَمَلْنَاهُ} أي: نوحًا ـ عليه السلام ـ. {عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ} أي: على سفينة ذات أخشاب عريضة. ومسامير شدت بها تلك الألواح، مفردها: دسار. {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} أي: بمنظر ومرأى منا وحفظ لها. {جَزَاء لِّمَن كَانَ كُفِرَ} أي: فعلنا بنوح ـ عليه السلام ـ وبقومه ما فعلنا من إنجائه وإغراقهم ثوابًا لمن كفر به وجحد أمره، وهو نوح ـ عليه السلام ـ. وقوله: {وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي} الخطاب لموسى ـ عليه السلام ـ أي: وضعتها عليك فأحببتك وحببتك إلى خلقي. {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} أي: ولتربى وتغذى بمرأى مني، أراك وأحفظك. الشاهد من الآيات: أن فيها إثبات العينين لله تعالى حقيقة على ما يليق به سبحانه. فقد نطق القرآن بلفظ العين مضافة إليه مفردة ومجموعة، ونطقت السنة بإضافتها إليه مثناة، وقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (إن ربكم ليس بأعور) . وذلك صريح بأنه ليس المراد إثبات عين واحدة فإن ذلك عور ظاهر تعالى الله عنه. ولغة العرب جاءت بإفراد المضاف وتثنيته وجمعه بحسب أحوال المضاف إليه. فإن أضافوا الواحد المتصل إلى مفرد أفردوه، وإن أضافوا إلى جمع ظاهرًا أو مضمرًا فالأحسن جمعه مشاكلة للفظ كقوله سبحانه: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا}. وكقوله: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا} وإن أضافوه إلى اسم مثنى فالأفصح في لغتهم جمعه كقوله: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} وإنما هما قلبان فلا يلتبس على السامع قول المتكلم نراك بأعيننا ونأخذك بأيدينا ولا يفهم منه بشر على وجه الأرض عيونًا كثيرة على وجه الأرض عيونًا كثيرة على وجه واحد، والله أعلم. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#32
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 30 ) 13 ـ إثبات السمع والبصر لله تعالى [ المتن ] : وقوله: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} وقوله: {لَّقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء} {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} وقوله: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} وقوله: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [ الشرح ]: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي} وهي خولة بنت ثعلبة {تُجَادِلُكَ} أيها النبي أي تراجعك الكلام في شأن {زَوْجِهَا} وهو أوس بن الصامت وذلك حين ظاهر منها. {وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ}: معطوف على {تُجَادِلُكَ} وذلك أنه كلما قال لها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (قد حرمت عليه) قالت: والله ما ذكر طلاقًا، ثم تقول: أشكو إلى الله فاقتي ووحدتي وأن لي صبية صغارًا إن ضممتهم إليه ضاعوا وإن ضممتهم إلي جاعوا. وجعلت ترفع رأسها إلى السماء وتقول: اللهم إني أشكو إليك. {وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا} أي: تراجعكما في الكلام . {إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} يسمع كل الأصوات ويبصر ويرى كل المخلوقات، ومن جملة ذلك ما جادلتك به هذه المرأة. وقوله: {لَّقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء} هم قوم من اليهود قالوا هذه المقالة لما أنزل الله: {مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} الآية (245) من سورة البقرة، قالوا ذلك تمويها على ضعفائهم لا أنهم يعتقدون ذلك لأنهم أهل كتاب، وإنما قالوا ذلك ليشككوا في دين الإسلام. وقوله: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ} ما يسرون به في أنفسهم أو ما يتحادثون به سرًا في مكان خال. {وَنَجْوَاهُم} أي: ما يتناجون به فيما بينهم. والنجوى: ما يتحدث به الإنسان مع رفيقه ويخفيه عن غيره. {بلى} نسمع ذلك ونعلم به. {وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} أي: الحفظة عندهم يكتبون جميع ما يصدر عنهم من قول أو فعل. وقوله: {إِنَّنِي مَعَكُمَا}، يقول تعالى لموسى وأخيه هارون ـ عليهما السلام ـ لما أرسلهما إلى فرعون: {إِنَّنِي مَعَكُمَا} أي: بحفظي وكلاءتي ونصري لكما. {أَسْمَعُ وَأَرَى} أي: أسمع كلامكما وكلام عدوكما وأرى مكانكما ومكانه وما يجري منكما ومنه. وهذا تعليل لقوله: {لا تَخَافَا}. قوله: {أَلَمْ يَعْلَمْ} أبو جهل حينما نهى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن الصلاة {بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} أي: أما علم أن الله يراه ويسمع كلامه وسيجازيه على فعله أتم الجزاء. والاستفهام للتقريع والتوبيخ. قوله: {الَّذِي يَرَاكَ} أي: يبصرك {حِينَ تَقُومُ} للصلاة وحدك {وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} أي: ويراك إن صليت في الجماعة راكعًا وساجدًا وقائمًا {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ} لما تقوله {الْعَلِيمُ} به. قوله: {وَقُلِ اعْمَلُواْ} أي: قل يا محمد لهؤلاء المنافقين: {اعْمَلُواْ} ما شئتم واستمروا على باطلكم ولا تحسبوا أن ذلك سيخفى . {فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} أي: ستظهر أعمالكم للناس وترى في الدنيا {وَسَتُرَدُّونَ} بعد الموت {إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} فيجازيكم على ذلك. الشاهد من الآيات الكريمة: في هذه الآيات وصف الله سبحانه بالسمع والبصر وأنه تعالى يسمع ويبصر حقيقة على ما يليق به منزه عن صفات المخلوقين ومماثلتهم، فالآيات صريحة في إثبات السمع والبصر حيث جاء فيها إثبات السمع لله بلفظ الماضي والمضارع واسم الفاعل سمع ويسمع وسميع. ولا يصح في كلام العرب أن يقال لشيء هو سميع بصير إلا وذلك الشيء يسمع ويبصر هذا هو الأصل فلا يقال: جبل سميع بصير لأن ذلك مستحيل إلا لمن يسمع ويبصر. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#33
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 31 ) [ المتن ] : 14 ـ إثبات المكر والكيد لله تعالى على ما يليق به وقوله: {وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ} وقوله: {وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} وقوله: {وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} وقوله: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا وَأَكِيدُ كَيْدًا}. [ الشرح ]: قوله: {وَهُوَ} أي: الله سبحانه {شَدِيدُ الْمِحَالِ} المحل في اللغة: الشدة، أي شديد الكيد، قال الزجاج: يقال: ما حلته محالًا إذا قاويته حتى يتبين أيكما أشد. وقال ابن الأعرابي: المحال: المكر. فهو سبحانه شديد المكر وشديد الكيد، والمكر من الله: إيصال المكروه إلى من يستحقه من حيث لا يشعر. وقوله: {وَمَكَرُوا} أي: الذين أحس عيسى منهم الكفر، وهم كفار بني إسرائيل الذين أرادوا قتل عيسى وصلبه. والمكر: فعل شيء يراد به ضده. {وَمَكَرَ اللَّهُ} أي: استدرجهم وجازاهم على مكرهم فألقى شبه عيسى على غيره. ورفع عيسى إليه. {وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} أي: أقواهم وأقدرهم على إيصال الضرر بمن يستحقه من حيث لا يشعر ولا يحتسب. وقوله: {وَمَكَرُوا} أي: الكفار الذين تحالفوا على قتل نبي الله صالح ـ عليه السلام ـ وأهل خفية خوفًا من أوليائه. {وَمَكَرْنَا مَكْرًا} جازيناهم بفعلهم هذا فأهلكناهم ونجينا نبينا. {وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} بمكرنا. وقوله: {إنهم} أي: كفار قريش {يَكِيدُونَ كَيْدًا} أي: يمكرون لإبطال ما جاء به محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الدين الحق. {وَأَكِيدُ كَيْدًا} أي: أستدرجهم وأجازيهم على كيدهم فآخذهم على غرة وهم لا يشعرون. الشاهد من الآيات: في هذه الآيات وصف الله بالمكر والكيد ونسبة لك إيه سبحانه حقيقة على بابه، فإن المكر إيصال الشيء إلى الغير بطريق خفي، وكذلك الكيد والمخادعة والمكر. والكيد نوعان: قبيح وهو إيصال ذلك لمن لا يستحقه. وحسن وهو إيصاله إلى من يستحقه عقوبة له، الأول مذموم، والثاني ممدوح. والرب تعالى إنما يفعل من ذلك ما يحمد عليه عدلًا منه وحكمة، وهو تعالى يأخذ الظالم والفاجر من حيث لا يحتسب، لا كما يفعل الظلمة بعباد الله والله أعلم. والله سبحانه لم يصف نفسه بالكيد والمكر والخداع إلا على وجه الجزاء لمن فعل ذلك بغير حق. وقد علم أن المجازاة حسنة من المخلوق، فكيف بالخالق سبحانه وتعالى؟ !. تنبيه: نسبة الكيد والمكر ونحوهما إليه سبحانه من إطلاق الفعل عليه تعالى، والفعل أوسع من الاسم ولهذا أطلق الله على نفسه أفعالًا لم يتسم منها بأسماء الفاعل، كأراد وشاء ولم يسم بالمريد والشائي. وكذا مكر ويمكر. وأكيد كيدًا، ولا يقال الماكر والكائد لأن مسمياتها تنقسم إلى ممدوح ومذموم. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#34
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 32 ) [ المتن ] : 15 ـ وصف الله بالعفو والمغفرة والرحمة والعزة والقدرة وقوله تعالى: {إِن تُبْدُواْ خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوَءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا} {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} وقوله: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ} وقوله عن إبليس: {فَبِعِزَّتِكَ لأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ}. [ الشرح ]: {إِن تُبْدُواْ خَيْرًا} أي: تظهروه {أَوْ تُخْفُوهُ} فتعملوه سرا. {أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوَءٍ} أي: تتجاوزوا عمن أساء إليكم {فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا} عن عباده يتجاوز عنهم {قَدِيرًا} على الانتقام منهم بما كسبت أيديهم فاقتدوا به سبحانه فإنه يعفو مع القدرة. قوله: {وَلْيَعْفُوا} أي: ليستر ويتجاوز أولو الفضل والسعة المذكورون في أول الآية {وَلْيَصْفَحُوا} بالإعراض عن الجاني والإغماض عن جنايته. {أَلا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} بسبب عفوكم وصفحكم عن المسيئين إليكم {وَاللَّهُ غَفُورٌ} كثير المغفرة {رَّحِيمٌ} كثير الرحمة. قوله: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ} هذا رد على المنافقين الذين زعموا أن العزة لهم على المؤمنين والعزة هي: القوة والغلبة وهي لله وحده ولمن أفاضها عليه من رسوله وصالحي عبيده لا لغيرهم. قوله عن إبليس: {فَبِعِزَّتِكَ} أقسم بعزة الله تعالى: {لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} لأضلن بني آدم بتزيين الشهوات لهم وإدخال الشبهات عليهم حتى يصيروا غاوين جميعًا. ثم لما علم أن كيده لا ينجح إلا في أتباعه من أهل الكفر والمعاصي استثنى فقال: {إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}. الشاهد من الآيات: أن فيها وصف الله بالعفو والقدرة والمغفرة والرحمة والعزة وهي صفات كمال تليق به. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#35
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 33 ) [ المتن ] : ـ إثبات الاسم لله ونفي المثل عنه وقوله: {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} وقوله: {فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ} {فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ}. [ الشرح ]: {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ} البركة لغة النماء والزيادة. والتبرك: الدعاء بالبركة. ومعنى {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ} تعاظم أو علا وارتفع شأنه. وهذا اللفظ لا يطلق إلا على الله {ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} تقدم تفسيره في آيات إثبات الوجه. قوله: {فَاعْبُدْهُ} أي: أفرده بالعبادة ولا تعبد معه غيره. والعبادة لغة: الذل والخضوع، وشرعًا: اسم جامع لما يحبه الله ويرضاه من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة. {وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ} أي: اثبت على عبادته ولازمها واصبر على مشاقها {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} الاستفهام للإنكار، والمعنى أنه ليس له مثل ولا نظير حتى يشاركه في العبادة. وقوله: {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ} الكفء في لغة العرب: النظير، أي: ليس له نظير ولا مثيل ولا شريك من خلقه. قوله: {فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَادًا} الند في اللغة: المثل والنظير والشبيه، أي: لا تتخذوا لله أمثالًا ونظراء تعبدونهم معه وتساوونهم به في الحب والتعظيم. {وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} أنه ربكم وخالقكم وخالق كل شيء وأنه لا يد له يشاركه في الخلق. {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَاد} لما فرغ سبحانه من ذكر الدليل على وحدانيته في الآية التي قبلها، أخبر أنه مع هذا الدليل الظاهر المفيد لعظيم سلطانه وجليل قدرته وتفرده بالخلق أخبر أنه مع ذلك قد وجد في الناس من يتخذ معه سبحانه ندًا يعبده من الأصنام العاجزة {يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} أي: أن هؤلاء الكفار لم يقتصروا على مجرد عبادة تلك الأنداد بل أحبوها حبًا عظيمًا وأفرطوا في حبها كما يحبون الله، فقد سووهم بالله في الخلق والرزق والتدبير. الشاهد من الآيات: أن فيها إثبات اسم الله وتعظيمه وإجلاله. وفيها نفي السمي والكفء والند عن الله سبحانه وهو نفي مجمل، وهذه في الطريقة الواردة في الكتاب والسنة فيما ينفي عن الله تعالى وهي أن ينفي عن الله ـ عز وجل ـ كل ما يضاد كماله الواجب من أنواع العيوب والنقائص. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#36
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 34 ) [ المتن ] : 18 ـ إثبات استواء الله على عرشه وقوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} في سبعة مواضع: في سورة الأعراف قوله: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} وقال في سورة يونس ـ عليه السلام ـ: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} وقال في سورة الرعد: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} وقال في سورة طه: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} وقال في سورة الفرقان: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ} وقال في سورة الم السجدة: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} وقال في سورة الحديد: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}. [ الشرح ]: أي قد ورد إثبات استواء الله على عرشه في سبع آيات من كتاب الله، كلها قد ورد فيها إثبات الاستواء بلفظ واحد هو: {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} فهو نص في معناه الحقيقي لا يحتمل التأويل بمعنى آخر. والاستواء صفة فعلية ثابتة لله سبحانه على ما يليق بجلاله كسائر صفاته، وله في لغة العرب أربعة معان هي: علا، وارتفع، وصعد، واستقر. وهذه المعاني الأربعة تدور عليها تفاسير السلف للاستواء الوارد في هذه الآيات الكريمة. فقوله في الآية الأولى والثانية: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ} أي: هو خالقكم ومربيكم بنعمه والذي يجب عليكم أن تعبدوه وحده {الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} أي: هو خالق العالم. سماواته وأرضه وما بين ذلك {فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} هي الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة، ففي يوم الجمعة اجتمع الخلق كله وفيه خلق آدم ـ عليه السلام ـ {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} أي: علا وارتفع على العرش كما يليق بجلاله. وهذا محل الشاهد من الآية. والعرش في اللغة هو سرير الملك. والمراد هنا كما يدل عليه مجموع النصوص: سرير ذو قوائم تحمله الملائكة، وهو كالقبة على العالم هو سقف المخلوقات. وقوله في الآية الثالثة: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ} أي: رفعها عن الأرض رفعًا بعيدًا لا ينال ولا يدرك مداه {بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} العمد هي الأساطين جمع عماد. أي: قائمة بغير عمد تعتمد عليها بل بقدرته سبحانه. وقوله: {تَرَوْنَهَا} تأكيد لنفي العمد. وقيل لها عمد ولكن لا نراها. ولأول أصح. {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} هذا محل الشاهد من الآية الكريمة لإثبات الاستواء. والكلام على بقية الآيات كالكلام على هذه الآية. ويستفاد منها جميعًا: إثبات استواء الله على عرشه على ما يليق بجلاله، وفيها الرد على من أول الاستواء بأنه الاستيلاء والقهر، وفسر العرش بأنه الملك، فقال استوى على العرش، معناه استولى على الملك وقهر غيره. وهذا باطل من وجوه كثيرة منها: أولًا: أن هذا تفسير محدث مخالف لتفسير السلف من الصحابة والتابعين وأتباعهم، وأول من قال به: الجهمية والمعتزلة. فهو مردود. ثانيًا: لو كان المراد بالاستواء على العرش الاستيلاء على الملك لم يكن هناك فرق بين العرش والأرض السابعة السفلى والدواب وجميع المخلوقات، لأنه مستولٍ على الجميع ومالك للجميع. فلا يكون لذكر العرش فائدة. ثالثًا: أن هذا اللفظ {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} قد اطرد في الكتاب والسنة ولم يأت في لفظ واحد (استولى على العرش) حتى تفسر به بقية النصوص. رابعًا: أنه أتى ب ـ {ثم} التي تفيد الترتيب والمهلة، فلو كان معنى الاستواء الاستيلاء على العرش والقدرة عليه لم يتأخر ذلك إلى ما بعد خلق السموات والأرض فإن العرش كان موجودًا قبل خلق السموات والأرض، بخمسين ألف سنة كما ثبت في الصحيحين فكيف يجوز أن يكون غير قادر ولا مسئول عليه إلى أن خلق السموات والأرض. هذا من أبطل الباطل، والله أعلم. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf التصفية والتربية TarbiaTasfia@ |
#37
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 35 ) 19 ـ إثبات علو الله على مخلوقاته [ المتن ] : وقوله: {يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} {بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} {يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِبًا} {أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ}. [ الشرح ]: {يَا عِيسَى} خطاب من الله ـ تبارك وتعالى ـ لعيسى بن مريم ـ عليه الصلاة والسلام ـ {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ} الذي عليه الأكثر أن المراد بالوفاة هنا النوم كما قال تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} الآية (42) من سورة الزمر. {وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} أي: رفعه الله إليه في السموات وهو حي. وهذا محل الشاهد من الآية وهو إثبات العلو لله لأن الرفع يكون إلى أعلى. وقوله: {بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} هذا رد على اليهود الذين يدعون أنهم قتلوا المسيح عيسى بن مريم فقال تعالى: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ} إلى قوله: {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} الآية (157) من سورة النساء {بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} أي: رفع الله سبحانه وتعالى المسيح ـ عليه السلام ـ إليه وهو حي لم يقتل. وهذا محل الشاهد لأن فيه إثبات علو الله على خلقه لأن الرفع يكون إلى أعلى. وقوله: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ} أي: إلى الله سبحانه لا إلى غيره يرتفع {الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} أي: الذكر والتلاوة والدعاء {وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} أي: العمل الصالح، يرفع الكلم الطيب، فإن الكلم الطيب لا يقبل إلا مع العمل الصالح فمن ذكر الله تعالى ولم يؤد فرائضه رد كلامه، قال إياس بن معاوية: ولولا العمل الصالح لم يرفع الكلام. وقال الحسن وقتادة: لا يقبل قول إلا بعمل. والشاهد من الآية: أن فيها إثبات علو الله على خلقه لأن والرفع يكونان إلى أعلى. وقوله تعالى: {يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا} هذا من مقولة فرعون لوزيره هامان يأمره أن يبني له قصرًا منيفًا عاليًا {لَّعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ} أي: طرق السموات أو أبوابها {فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى} بنصب {فَأَطَّلِعَ} بأن مضمرة بعد فاء السببية، ومعنى مقالته هذه تكذيب موسى ـ عليه السلام ـ في أن الله أرسله، أو أن إلهًا في السماء. ولذلك قال: {وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِبًا} أي: فيما يدعيه من الرسالة أو فيما يدعيه بأن له إلها في السماء والشاهد من الآية: أن فيها إثبات علو الله على خلقه، حيث أن موسى ـ عليه السلام ـ أخبر بذلك وحاول فرعون في تكذيبه. وقوله تعالى: {أَأَمِنتُم} الآمن: ضد الخوف {مَّن فِي السَّمَاء} أي: عقوبة من في السماء وهو الله سبحانه، ومعنى {فِي السَّمَاء} أي على السماء، كقوله تعالى: {وَلأصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} وهذا إن أريد بالسماء السماء المبنية، وإن أريد بالسماء مطلق العلو ففي للظرفية، أي: في العلو. {أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ} أي: يقلعها بكم كما فعل بقارون {فإذا هي تمور} أي: تضطرب وتتحرك. {أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا} أي: حجارة من السماء كما أرسلها على قوم لوط وأصحاب الفيل. وقيل: سحاب فيها حجارة، وقيل: ريح فيها حجارة {فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ} أي: إنذاري إذا عاينتم العذاب ولا ينفعكم حينذاك هذا العلم. والشاهد من الآيتين: أن فيهما إثبات علو الله على خلقه حيث صرحنا أنه سبحانه في السماء، فقد دلت هذه الآيات التي ذكرها المؤلف ـ رحمة الله عليه ـ على إثبات العلو. كما دلت هذه الآيات التي قبلها على إثبات استواء الله على العرش. والفرق بين الاستواء والعلو: 1 ـ أن العلو من صفات الذات والاستواء من صفات الأفعال، فعلو الله على خلقه وصف لازم لذاته، والاستواء فعل من أفعاله سبحانه يفعله ـ سبحانه وتعالى ـ بمشيئته وقدراته إذا شاء ولذا قال فيه: {ثُمَّ اسْتَوَى} وكان ذلك بعد خلق السموات والأرض. 2 ـ أن العلو من الصفات الثابتة بالعقل والنقل. والاستواء ثابت بالنقل لا بالعقل. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#38
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 36 ) 20 ـ إثبات معية الله لخلقه [ المتن ] : وقوله: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} وقوله: {لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ} {وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}. [ الشرح ]: قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ ـ إلى قوله ـ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا}: تقدم تفسيره . وقوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ} أي: هو معكم بعلمه رقيب عليكم شهيد على أعمالكم حيث كنتم وأين كنتم في بر أو بحر في ليل أو نهار في البيوت أو القفار الجميع في علمه على السواء تحت سمعه وبصره. يسمع كلامكم، يرى مكانكم، وهذا محل الشاهد من الآية الكريمة ففيه إثبات المعية العامة {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} لا يخفى عليه شيء من أعمالكم. وقوله تعالى: {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاثَةٍ} النجوى: السر، والمعنى: ما يوجد من تناجي ثلاثة {إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ} أي: جاعلهم أربعة وجاعلهم ستة من حيث إنه سبحانه يشاركهم في الاطلاع على تلك النجوى، وتخصيص هذين العددين بالذكر لأن أقل عادات المتناجين أن يكونوا ثلاثة أو خمسة، أو أن سبب النزول تناجي ثلاثة في واقعة وخمسة في واقعة أخرى. وإلا فهو سبحانه مع كل عدد قل أو كثر ولهذا قال تعالى: {وَلا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ} أي: ولا أقل من العدد المذكور كالواحد والاثنين ولا أكثر منه كالستة والسبعة {إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ} بعلمه يعلم ما يتناجون به ولا يخفى عيه شيء منه. قال المفسرون: إن المنافقين واليهود كانوا يتناجون فيما بينهم، ويوهمون المؤمنين أنهم يتناجون فيما يسوؤهم فيحزنون لذلك، فلما طال ذلك وكثر، شكوا إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأمرهم أن لا يتناجون فيما يتناجوا دون المسلمين فلم ينتهوا عن ذلك وعادوا إلى مناجاتهم فأنزل الله هذه الآيات. وقوله تعالى: {أَيْنَ مَا كَانُوا} معناه: إحاطة علمه سبحانه بكل تناج يقع منهم في أي مكان {ثُمَّ يُنَبِّئُهُم} أي يخبرهم سبحانه {بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ} ويجازيهم على ذلك وفي هذا تهديد لهم وتوبيخ {إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} لا يخفى عليه شيء. والشاهد من الآية أن فيها إثبات معية الله لخلقه، وهي معية عامة مقتضاها الإحاطة والعلم بجميع أعمالهم ولهذا يقول الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ: افتتح الآية بالعلم واختتمها بالعلم. وقوله تعالى: {لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} هذا خطاب من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لصاحبه أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ حينما كانا في الغار وقت الهجرة وقد لحق بهما المشركون، فحزن أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ خوفًا على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أذى الكفار فقال له النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (لا تحزن) أي: دع الحزن (إن الله معنا) بنصره وعونه وتأييده. ومن كان الله معه فلن يغلب. ومن لا يغلب لا يحق له أم يحزن. والشاهد من الآية: أن فيها إثبات المعية الخاصة بالمؤمنين التي مقتضاها النصر والتأييد. وقوله تعالى لموسى وهارون عليهما السلام: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} أي: لا تخافا من فرعون {إِنَّنِي مَعَكُمَا} تعليل للنهي، أي: معكما بالنصر لكما والمعونة على فرعون {أَسْمَعُ} كلامكما وكلامه {وَأَرَى} مكانكما ومكانه لا يخفى علي من أمركم شيء. والشاهد من الآية: أن فيها إثبات المعية الخاصة في حق الله تعالى لأوليائه بالنصر والتأييد، كما أن فيها إثبات السمع والبصر له ـ سبحانه وتعالى ـ. وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ} أي: تركوا المحرمات والمعاصي على اختلاف أنواعها {وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ} بتأدية الطاعات والقيام بما أمروا به، فهو سبحانه مع هؤلاء بتأييده ونصره ومعونته، وهذه معية خاصة وهي محل الشاهد من الآية الكريمة. وقوله: {وَاصْبِرُوا} فهو سبحانه مع الصابرين في كل أمر ينبغي الصبر فيه. والشاهد من الآية الكريمة: أن فيها إثبات معية الله للصابرين على طاعته والمجاهدين في سبيله، قال الإمام الشوكاني: ويا حبذا هذه المعية التي لا يغلب من رزقها غال ولا يؤتى صاحبها من جهة من الجهات وإن كانت كثيرة. اه ـ. وقوله تعالى: {كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً} الفئة: الجماعة والقطعة منهم {بِإِذْنِ اللَّهِ} أي: بإرادته وقضائه ومشيئته {وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}: هذا محل الشاهد من الآية الكريمة، وهو إثبات معية الله سبحانه للصابرين على الجهاد في سبيله، وهي معية خاصة مقتضاها النصر والتأييد. ما يستفاد من مجموع الآيات السابقة: أفادت إثبات المعية، وأنها نوعان: النوع الأول: معية عامة كما في الآيتين الأوليين، ومقتضى هذه المعية إحاطته سبحانه بخلقه وعلمه بأعمالهم خيرها وشرها ومجازاتهم عليها. النوع الثاني: معية خاصة بعباده المؤمنين ومقتضاها النصر التأييد والحفظ، وهذا النوع تدل عليه الآيات الخمس الباقية التي أوردها المؤلف ـ رحمه الله ـ. ومعيته ليس كقرب المخلوق ومعية المخلوق للمخلوق، فإنه سبحانه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} ولأن المعية مطلق المقارنة لا تقتضي مماسة ولا محاذاة. تقول العرب: ما زلنا نمشي والقمر معنا مع أنه فوقهم والمسافة بينهم وبينه بعيدة. فعلو الله ـ جل جلاله ـ ومعيته لخلقه لا تنافي بينهما. وسيأتي لهذا مزيد بيان إن شاء الله. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#39
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 37 ) 21 ـ إثبات الكلام لله تعالى [ المتن ] : وقوله: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا} {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا} {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ} {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا} {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} {مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ} {وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} {وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} {وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} {وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ} {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ} {وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} {يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ} {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ} {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}. [ الشرح ]: قوله تعالى: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ} أي: لا أحد أصدق منه سبحانه فهو استفهام إنكاري {حَدِيثًا} أي: في حديثه وخبره وأمره ووعده ووعيده وقوله: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا} القيل: مصدر قال كالقول. أي: لا أحد أصدق قولًا من الله ـ عز وجل ـ. والشاهد من الآيتين الكريمتين أن فيهما إثبات الحديث والقيل لله سبحانه، ففيهما إثبات الكلام له سبحانه. وقوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ} أي: اذكر {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ} جمهور المفسرين ذهب إلى أن هذا القول منه سبحانه يكون يوم القيامة، وهو توبيخ للذين عبدوا المسيح وأمه من النصارى. وهي كالآيتين السابقتين فيهما إثبات القول لله تعالى وأنه يقول إذ شاء. وقوله: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا} المراد بالكلمة كلامه سبحانه. وقوله: {صِدْقًا} أي: في إخباره سبحانه {وَعَدْلًا} أي: في أحكامه و {صدقًا، وعدلًا} منصوبان على التمييز، وفي الآية إثبات الكلام لله تعالى. وقوله: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} هذا تشريف لموسى ـ عليه السلام ـ بأن الله كلمه أي أسمعه كلامه، ولهذا يقال له: الكليم و{تَكْلِيمًا} مصدر مؤكد لدفع كون التكليم مجازًا. ففي الآية إثبات الكلام لله وأنه كلم موسى -عليه السلام-. وقوله تعالى: {مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ} أي من الرسل عيهم الصلاة والسلام {مَّن كَلَّمَ اللَّهُ} أي: أسمعه كلامه بلا واسطة يعني موسى ومحمدًا عليهما الصلاة والسلام، وكذا آدم كما ورد به الحديث في صحيح ابن حبان_. ففي الآية إثبات الكلام لله تعالى وأنه كلم بعض الرسل. وقوله تعالى: {وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا} أي: حصل مجيئه في الوقت الذي واعده الله فيه {وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} أي: أسمعه كلامه من غير واسطة، فالآيات فيها إثبات الكلام لله وأنه يتكلم متى شاء سبحانه، وأنه كلم موسى ـ عليه السلام ـ بلا واسطة. وقوله تعالى: {وَنَادَيْنَاهُ} أي: نادى الله تعالى موسى ـ عليه السلام ـ. والنداء هو الصوت المرتفع {مِن جَانِبِ الطُّورِ}: جبل بين مصر ومدين {الأَيْمَنِ} أي: الجانب الأيمن من موسى حين ذهب يبتغي من النار التي رآها جذوة، وليس المراد أيمن الجبل نفسه فإن الجبال لا يمين لها ولا شمال. {وَقَرَّبْنَاهُ} أي: أدنيناه حتى كلمناه {نَجِيًّا} أي: مناجيًا، والمناجاة ضد المناداة. وفي الآية الكريمة إثبات الكلام لله تعالى وأنه ينادي ويناجي، وهما نوعان من الكلام، فالمناداة بصوت مرتفع والمناجاة بصوت غير مرتفع. وقوله: {وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى} أي: واتل أو اذكر ذلك { وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى } النداء هو الدعاء {أَنِ ائْتِ}: {أَنِ} يجوز أن تكون مفسرة وأن تكون مصدرية، أي: اذهب إلى {الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} وصفهم بالظلم لأنهم جمعوا بين الكفر الذي ظلموا به أنفسهم وبين المعاصي التي ظلموا بها غيرهم كاستعبادهم بني إسرائيل وذبح أبنائهم. وفي الآية الكريمة: إثبات الكلام لله تعالى وأنه ينادي من شاء من عباده ويسمعه كلامه. وقوله: {وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ} أي: نادى الله تعالى آدم وحواء عليهما السلام قائلًا لهما {أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ} أي: عن الأكل منها. وهذا عتاب من الله لهما وتوبيخ، حيث لم يحذرا ما حذرهما منه. وفي الآية الكريمة، إثبات الكلام لله تعالى والنداء منه لآدم وزوجه. وقوله تعالى: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ} أي: ينادي الله سبحانه هؤلاء المشركين يوم القيامة {فَيَقُولُ} لهم {مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} أي: ما كان جوابكم لمن أرسل إليكم من النبيين لما بلغوكم رسالاتي، والشاهد من الآية: إثبات الكلام لله، وأنه ينادي يوم القيام. وقوله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ} الذين أمرت بقتالهم {اسْتَجَارَكَ} يا محمد، أي: طلب جوارك وحمايتك وأمانك {فَأَجِرْهُ} أي: كن له جارًا ومؤمنًا {حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ} منك ويتدبره ويقف على حقيقة ما تدعو إليه. والشاهد من الآية: أن فيها إثبات الكلام لله تعالى، وأن الذي يتلى هو كلام الله. وقوله: {وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ} أي: اليهود والفريق اسم جمع لا واحد له من لفظه {يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللَّه} أي: التوارة {ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ} أي: يتأولونه على غير تأويله {مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ} أي: فهموه، ومع هذا يخالفونه على بصيرة {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} أنهم مخطئون فيما ذهبوا إليه من تحريفه وتأويله. والشاهد من الآية الكريمة: أن فيها إثبات الكلام لله تعالى وأن التوراة من كلامه تعالى. وأن اليهود حرفوها وغيروا فيها وبدلوا. وقوله تعالى: {يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ} {يُرِيدُونَ} أي: المخلفون من الأعراب الذين اختاروا المقام في أهليهم وشغلهم وتركوا المسير مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين خرج عام الحديبية {أَن يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ} أي: يغيروا كلام الله الذي وعد الله به أهل الحديبية خاصة بغنيمة خيبر {قُل لَّن تَتَّبِعُونَا} هذا نفي في معنى النهي أي: لا تتبعونا {كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ} أي: وعد الله أهل الحديبية أن غنيمة خيبر لهم خاصة. والشاهد من الآية الكريمة: أن فيها إثبات الكلام لله وإثبات القول له وأن الله سبحانه يتكلم ويقول متى شاء إذا شاء، وأنه لا يجوز تبديل كلامه سبحانه بل يجب العمل به واتباعه. وقوله: {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ} أمر الله نبيه أن يواظب على تلاوة الكتاب الموحى إليه. والوحي: هو الإعلام بسرعة وخفاء، وله كيفيات مذكورة في كتب أصول التفسير {مِن كِتَابِ رَبِّكَ} بيان للذي أوحي إليه {لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِه} أي: لا مغير لها ولا محرف ولا مزيل. والشاهد من الآية: إثبات الكلمات لله تعالى. قوله: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} وهم حملة التوراة والإنجيل {أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} كاختلافهم في عيسى، فاليهود افتروا في حقه والنصارى غلوا فيه. فجاء القرآن بالقول الوسط الحق أنه عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه. والشاهد من الآية الكريمة: أن فيها إثبات أن القرآن كلام الله تعالى لما تضمنه من الإحاطة بالكتب السابقة، والحكم في الخلاف بين طوائف أهل الكتاب بالقسط، وهذا لا يكون إلا من عند الله. ويستفاد من مجموع الآيات التي ساقها المؤلف: إثبات الكلام لله، ومذهب أهل السنة والجماعة إثبات ما دل عليه الكتاب والسنة من أن الله موصوف بالكلام، وكلامه سبحانه من صفاته الذاتية لقيامه به واتصافه به. ومن صفاته الفعلية الواقعة بمشيئته وقدرته فيتكلم إذا شاء كيف شاء بما شاء، ولم يزل متكلمًا ولا يزال متكلمًا لأنه لم يزل ولا يزال كاملًا والكلام من صفات الكمال. ولأن الله وصف به نفسه ووصفه به رسوله. وسيأتي ذكر مذهب المخالفين في هذه المسألة مع الرد عليهم إن شاء الله. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#40
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 38 ) 22 ـ إثبات تنزيل القرآن من الله تعالى [ المتن ] : وقوله: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ} {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ}. [ الشرح ]: لما أورد المؤلف ـ رحمه الله ـ الآيات الدالة على إثبات الكلام لله تعالى وأن القرآن العظيم من كلامه سبحانه، شرع في سياق الآيات الدالة على القرآن منزل من عند الله فقوله تعالى: {وهذا} الإشارة إلى القرآن الكريم واسم الإشارة مبتدأ خبره {كتاب} و{أنزلنه مبارك} صفتان لكتاب، وقد صفة الإنزال لأن الكفار ينكرونها، والمبارك: كثير البركة لما هو مشتمل عليه من المنافع الدينية والدنيوية. وقوله تعالى: {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} هذا إخبار عن عظمة القرآن وأنه حقيق بأن تخشع له القلوب. فإنه لو أنزل على جبل مع كونه في غاية القسوة وشدة الصلابة لو فهم هذا القرآن لخشع وتصدع من خوف الله حذرًا من عقابه. فكيف يليق بكم أنها البشر أن لا تلين قلوبكم وتخشع. وقد فهمتم عن الله أمره وتدبرتم كتابه. وقوله تعالى: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ} هذا شروع منه سبحانه في ذكر شبهة كفرية حول القرآن الكريم مع الرد عليها، وقوله: {بَدَّلْنَا} معنى التبديل: رفع الشيء مع وضع غيره مكانه، وتبديل الآية: رفعها بأخرى غيرها وهو نسخها بآية سواها {قَالُواْ} أي: كفار قريش الجاهلون للحكمة في النسخ: {إِنَّمَا أَنتَ} يا محمد {مُفْتَرٍ} أي: كاذب مختلق متقول على الله حيث تزعم أنه أمرك بشيء ثم تزعم أنه أمرك بخلافه، فرد الله عليهم بما يفيد جهلهم فقال: {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} شيئًا من العلم أصلًا أو لا يعلمون الحكمة في النسخ فإنه مبني على المصالح التي يعلمها الله سبحانه، فقد يكون في شرع هذا الشيء مصلحة مؤقتة بوقت ثم تكون المصلحة بعد ذلك الوقت في شرع غيره. ولو انكشف الغطاء لهؤلاء الكفرة لعلموا أن ذلك وجه الصواب ومنهج العدل والرفق اللطف. ثم رد عليهم في زعمهم أن هذا التبديل من عند محمد وأنه بذلك مفتر على الله، فقال سبحانه: {قُلْ نَزَّلَهُ} أي: القرآن {رُوحُ الْقُدُسِ} أي: جبريل، والقدس: الطهر. والمعنى: نزله الروح المطهر، فهو من إضافة الموصوف إلى صفته {مِن رَّبِّكَ} أي: ابتداء تنزيله من عند الله سبحانه {بِالْحَقِّ} في محل نصب على الحال، أي: متصفًا بكونه حقًا {لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ} على الإيمان فيقولون: كل من الناسخ والمنسوخ من عند ربنا. ولأنهم إذا عرفوا ما في النسخ من المصالح ثبتوا على الإيمان {وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} معطوفان على محل ليثبت. أي تثبيتًا لهم، وهداية وبشرى. ثم ذكر سبحانه شبهة أخرى من شبههم فقال: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} أي: ولقد نعلم أن هؤلاء الكفار يقولون: إنما يعلم محمدًا القرآن بشر من بني آدم وليس ملكًا من الملائكة. وهذا البشر الذي يعمله كان قد درس التوراة والإنجيل والكتب الأعجمية، لأن محمدًا رجل أمي لا يمكن أن يأتي بما ذكر في القرآن من أخبار القرون الأولى. فرد عليهم بقوله: {لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ} أي: لسان الذي يميلون إليه ويزعمون أنه يعلمك يا محمد أعجمي، أي: غير عربي، فهو لا يتلكم العربية {وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ} أي: وهذا القرآن ذو بلاغة عربية وبيان واضح، فكيف تزعمون أن بشرًا يعلمه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من العجم، وقد عجزتم أنتم عن معارضته أو معارضة سورة أو سور منه وأنتم أهل اللسان العربي ورجال الفصاحة وقادة البلاغة؟! ما يستفاد من الآيات: يستفاد من هذه الآيات الكريمة: إثبات أن القرآن منزل من عند الله تعالى، وأنه كلامه جل وعلا لا كلام غيره من الملائكة أو البشر. والرد على من زعم أنه كلام مخلوق. وفي الآيات أيضًا إثبات العلو لله سبحانه، لأن الإنزال لا يكون إلا من أعلى، والله أعلم. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#41
|
|||
|
|||
تعديل/ ترتيب تسلسل الدروس من الدرس رقم 33 الى الدرس 40 شرح العقيدة الواسطية
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 33 ) 16ـ إثبات الاسم لله ونفي المثل عنه [ المتن ] : وقوله: {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} وقوله: {فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ} {فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ}. [ الشرح ]: {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ} البركة لغة النماء والزيادة. والتبرك: الدعاء بالبركة. ومعنى {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ} تعاظم أو علا وارتفع شأنه. وهذا اللفظ لا يطلق إلا على الله {ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} تقدم تفسيره في آيات إثبات الوجه. قوله: {فَاعْبُدْهُ} أي: أفرده بالعبادة ولا تعبد معه غيره. والعبادة لغة: الذل والخضوع، وشرعًا: اسم جامع لما يحبه الله ويرضاه من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة. {وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ} أي: اثبت على عبادته ولازمها واصبر على مشاقها {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} الاستفهام للإنكار، والمعنى أنه ليس له مثل ولا نظير حتى يشاركه في العبادة. وقوله: {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ} الكفء في لغة العرب: النظير، أي: ليس له نظير ولا مثيل ولا شريك من خلقه. قوله: {فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَادًا} الند في اللغة: المثل والنظير والشبيه، أي: لا تتخذوا لله أمثالًا ونظراء تعبدونهم معه وتساوونهم به في الحب والتعظيم. {وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} أنه ربكم وخالقكم وخالق كل شيء وأنه لا يد له يشاركه في الخلق. {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَاد} لما فرغ سبحانه من ذكر الدليل على وحدانيته في الآية التي قبلها، أخبر أنه مع هذا الدليل الظاهر المفيد لعظيم سلطانه وجليل قدرته وتفرده بالخلق أخبر أنه مع ذلك قد وجد في الناس من يتخذ معه سبحانه ندًا يعبده من الأصنام العاجزة {يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} أي: أن هؤلاء الكفار لم يقتصروا على مجرد عبادة تلك الأنداد بل أحبوها حبًا عظيمًا وأفرطوا في حبها كما يحبون الله، فقد سووهم بالله في الخلق والرزق والتدبير. الشاهد من الآيات: أن فيها إثبات اسم الله وتعظيمه وإجلاله. وفيها نفي السمي والكفء والند عن الله سبحانه وهو نفي مجمل، وهذه في الطريقة الواردة في الكتاب والسنة فيما ينفي عن الله تعالى وهي أن ينفي عن الله ـ عز وجل ـ كل ما يضاد كماله الواجب من أنواع العيوب والنقائص. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf التصفية والتربية TarbiaTasfia@ التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 25-04-2015 الساعة 12:56AM |
#42
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 34 ) 17 ـ نفي الشريك عن الله تعالى [ المتن ] : {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا} {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} {فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}. [ الشرح ]: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ} الحمد: هو الثناء وأل فيه للاستغراق، أي: الحمد كله لله {الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا} أي: ليس له ولد كما تقوله اليهود والنصارى وبعض مشركي العرب {وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ} أي: ليس له مشارك في ملكه وربوبيته كما تقول الثنوية ونحوهم ممن يقول بتعدد الآلهة. {وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ} أي: ليس بذليل فيحتاج إلى أن يكون له ولي أو وزير أو مشير، فلا يحالف أحدًا ولا يستنصر بأحد {وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا} أي عظمه وأجله عما يقوله الظالمون. قوله: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} أي: تنزهه جميع مخلوقاته التي في سماواته وأرضه عن كل نقص وعيب {لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ} يختصان به ليس لغيره منهما شيء. وما كان لعباده من الملكية فهو من عطائه {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} لا يعجزه شيء. {تَبَارَكَ} فعل ماض مأخوذ من البركة، وهي النماء والزيادة المستقرة الثابتة الدائمة، وهذه اللفظة لا تستعمل إلا لله سبحانه. ولا تستعمل إلا بلفظ الماضي {الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ} أي: القرآن سمي فرقانًا لأنه يفرق بين الحق والباطل {عَلَى عَبْدِهِ} يعني: محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهذه صفة مدح وثناء لأنه أضافه إليه إضافة تشريف وتكريم في مقام إنزال القرآن عليه {لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ} الإنس والجن، وهذا من خصوصياته ـ صلى الله عليه وسلم ـ {نَذِيرًا} أي: منذرًا، مأخوذ من الإنذار وهو الإعلام بأسباب المخافة، وقوله: {لِيَكُونَ} تعليل لإنزال الفرقان عليه أي ليخصه بالرسالة العامة. ثم وصف نفسه سبحانه بأربع صفات: الأولى: قوله {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} دون غيره فهو المتصرف فيهما وحده. الصفة الثانية: {وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا} كما تزعم النصارى واليهود وذلك لكمال غناه وحاجة كل مخلوق إليه. الصفة الثالثة: {وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ} فيه رد على طوائف المشركين من الوثنية والثنوية وغيرهم. الصفة الرابعة: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ} من المخلوقات. ويدخل في ذلك أفعال العباد فهي خلق الله وفعل العبد {فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} أي: قدر كل شيء مما خلق من الآجال والأرزاق والسعادة والشقاوة وهيأ كل شيء لما يصلح له. قال ابن كثير: نزه نفسه عن الولد وعن الشريك، ثم أخبر أنه خلق كل شيء فقدره تقديرًا، أي: كل شيء تحت قهره وتدبيره وتسخيره وتقديره. انتهى. قوله: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ} في هذه الآية ينزه تعالى نفسه على أن يكون له ولد أو شريك في الملك والتصرف والعبادة و {من} في الموضعين لتأكيد النفي {إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ} هذا استدلال لما سبق في أول الآية من نفي الولد والشريك في الألوهية، أي: لو قدر تعدد الآلهة لانفرد كل منهم عن الآخر بما خلق، وحينئذ لا ينتظم الكون لوجود الانقسام. والواقع المشاهد أن الكون منتظم أتم انتظام لم يحصل فيه تعدد ولا انقسام {وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} أي: ولو كان معه إله آخر لكان كل منهم يطلب قهر الآخر ومخالفته، فيعلو بعضهم على بعض كحال ملوك الدنيا، وحينئذ فذلك المغلوب الضعيف لا يستحق أن يكون إلها. وإذا تقرر بطلان المشارك تعين أن يكون الإله واحدًا هو الله وحده، ولهذا قال: {سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} من الشريك والولد {عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} أي: هو المختص بعلم ما غاب عن العباد وعلم ما يشاهدونه. وأما غيره فهو وإن علم شيئًا من المشاهد فإنه لا يعلم الغيب {فَتَعَالَى} أي: تنزه الله وتقدس {عَمَّا يُشْرِكُونَ} به فهو سبحانه متعال عن أن يكون له شريك في الملك. قوله: {فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ} ينهى سبحانه عن ضرب الأمثال له. وضرب المثل هو تشبيه حال بحال. وكان المشركون يقولون: إن الله أجل من أن يعبده الواحد منا فلابد من اتخاذ واسطة بيننا وبينه فكانوا يتوسلون إليه بالأصنام وغيره تشبيهًا له بملوك الدنيا فنهى سبحانه عن ذلك لأنه سبحانه لا مثل له فلا يمثل بخلقه ولا يشبه بهم {إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ} أنه لا مثل له {وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} ففعلكم هذا صدر عن توهم فاسد وخاطر باطل. ولا تعلمون أيضًا ما في عبادة الأصنام من سوء العاقبة. وقوله: {قل} الخطاب للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفي ذلك دليل على أن القرآن كلام الله وأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مبلغ عن الله. {إنما} أداة حصر {حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ} أي: جعلها حرامًا. والفواحش: جمع فاحشة وهي ما تناهى قبحه من المعاصي {مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} أي: ما أعلن منها وما أسر {وَالإِثْمَ}: كل معصية يتسبب عنها الإثم، وقيل: هو الخمر خاصة {وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ} أي: الظلم المجاوز للحد والتعدي على الناس {وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللَّهِ} أي: تجعلوا له شريكًا في العبادة. {مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا} أي: حجة وبرهانًا. وهذا موضع الشاهد من الآية {وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} من الافتراء والكذب من دعوى أن له ولدًا ونحو ذلك مما لا علم لكم به، ومثل ما كانوا ينسبون إليه من التحليلات والتحريمات التي لم يأذن بها. الشاهد من هذه الآيات الكريمة: أن فيها نفي الشريك عن الله تعالى وإثبات تفرده بالكمال ونفي الولد والمثل عنه سبحانه وأن جميع مخلوقاته تنزهه عن ذلك وتقدسه، كما فيها إقامة الحجة على بطلان الشرك وأنه مبني على جهل وخيال. وأنه سبحانه لا مثل له ولا شبيه له. والله أعلم. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 25-04-2015 الساعة 12:38AM |
#43
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 35 ) 18 ـ إثبات استواء الله على عرشه [ المتن ] : وقوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} في سبعة مواضع: في سورة الأعراف قوله: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} وقال في سورة يونس ـ عليه السلام ـ: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} وقال في سورة الرعد: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} وقال في سورة طه: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} وقال في سورة الفرقان: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ} وقال في سورة الم السجدة: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} وقال في سورة الحديد: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}. [ الشرح ]: أي قد ورد إثبات استواء الله على عرشه في سبع آيات من كتاب الله، كلها قد ورد فيها إثبات الاستواء بلفظ واحد هو: {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} فهو نص في معناه الحقيقي لا يحتمل التأويل بمعنى آخر. والاستواء صفة فعلية ثابتة لله سبحانه على ما يليق بجلاله كسائر صفاته، وله في لغة العرب أربعة معان هي: علا، وارتفع، وصعد، واستقر. وهذه المعاني الأربعة تدور عليها تفاسير السلف للاستواء الوارد في هذه الآيات الكريمة. فقوله في الآية الأولى والثانية: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ} أي: هو خالقكم ومربيكم بنعمه والذي يجب عليكم أن تعبدوه وحده {الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} أي: هو خالق العالم. سماواته وأرضه وما بين ذلك {فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} هي الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة، ففي يوم الجمعة اجتمع الخلق كله وفيه خلق آدم ـ عليه السلام ـ {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} أي: علا وارتفع على العرش كما يليق بجلاله. وهذا محل الشاهد من الآية. والعرش في اللغة هو سرير الملك. والمراد هنا كما يدل عليه مجموع النصوص: سرير ذو قوائم تحمله الملائكة، وهو كالقبة على العالم هو سقف المخلوقات. وقوله في الآية الثالثة: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ} أي: رفعها عن الأرض رفعًا بعيدًا لا ينال ولا يدرك مداه {بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} العمد هي الأساطين جمع عماد. أي: قائمة بغير عمد تعتمد عليها بل بقدرته سبحانه. وقوله: {تَرَوْنَهَا} تأكيد لنفي العمد. وقيل لها عمد ولكن لا نراها. ولأول أصح. {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} هذا محل الشاهد من الآية الكريمة لإثبات الاستواء. والكلام على بقية الآيات كالكلام على هذه الآية. ويستفاد منها جميعًا: إثبات استواء الله على عرشه على ما يليق بجلاله، وفيها الرد على من أول الاستواء بأنه الاستيلاء والقهر، وفسر العرش بأنه الملك، فقال استوى على العرش، معناه استولى على الملك وقهر غيره. وهذا باطل من وجوه كثيرة منها: أولًا: أن هذا تفسير محدث مخالف لتفسير السلف من الصحابة والتابعين وأتباعهم، وأول من قال به: الجهمية والمعتزلة. فهو مردود. ثانيًا: لو كان المراد بالاستواء على العرش الاستيلاء على الملك لم يكن هناك فرق بين العرش والأرض السابعة السفلى والدواب وجميع المخلوقات، لأنه مستولٍ على الجميع ومالك للجميع. فلا يكون لذكر العرش فائدة. ثالثًا: أن هذا اللفظ {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} قد اطرد في الكتاب والسنة ولم يأت في لفظ واحد (استولى على العرش) حتى تفسر به بقية النصوص. رابعًا: أنه أتى ب ـ {ثم} التي تفيد الترتيب والمهلة، فلو كان معنى الاستواء الاستيلاء على العرش والقدرة عليه لم يتأخر ذلك إلى ما بعد خلق السموات والأرض فإن العرش كان موجودًا قبل خلق السموات والأرض، بخمسين ألف سنة كما ثبت في الصحيحين فكيف يجوز أن يكون غير قادر ولا مسئول عليه إلى أن خلق السموات والأرض. هذا من أبطل الباطل، والله أعلم. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf التصفية والتربية TarbiaTasfia@ التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 25-04-2015 الساعة 12:41AM |
#44
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 36 ) 19 ـ إثبات علو الله على مخلوقاته [ المتن ] : وقوله: {يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} {بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} {يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِبًا} {أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ}. [ الشرح ]: {يَا عِيسَى} خطاب من الله ـ تبارك وتعالى ـ لعيسى بن مريم ـ عليه الصلاة والسلام ـ {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ} الذي عليه الأكثر أن المراد بالوفاة هنا النوم كما قال تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} الآية (42) من سورة الزمر. {وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} أي: رفعه الله إليه في السموات وهو حي. وهذا محل الشاهد من الآية وهو إثبات العلو لله لأن الرفع يكون إلى أعلى. وقوله: {بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} هذا رد على اليهود الذين يدعون أنهم قتلوا المسيح عيسى بن مريم فقال تعالى: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ} إلى قوله: {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} الآية (157) من سورة النساء {بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} أي: رفع الله سبحانه وتعالى المسيح ـ عليه السلام ـ إليه وهو حي لم يقتل. وهذا محل الشاهد لأن فيه إثبات علو الله على خلقه لأن الرفع يكون إلى أعلى. وقوله: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ} أي: إلى الله سبحانه لا إلى غيره يرتفع {الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} أي: الذكر والتلاوة والدعاء {وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} أي: العمل الصالح، يرفع الكلم الطيب، فإن الكلم الطيب لا يقبل إلا مع العمل الصالح فمن ذكر الله تعالى ولم يؤد فرائضه رد كلامه، قال إياس بن معاوية: ولولا العمل الصالح لم يرفع الكلام. وقال الحسن وقتادة: لا يقبل قول إلا بعمل. والشاهد من الآية: أن فيها إثبات علو الله على خلقه لأن والرفع يكونان إلى أعلى. وقوله تعالى: {يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا} هذا من مقولة فرعون لوزيره هامان يأمره أن يبني له قصرًا منيفًا عاليًا {لَّعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ} أي: طرق السموات أو أبوابها {فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى} بنصب {فَأَطَّلِعَ} بأن مضمرة بعد فاء السببية، ومعنى مقالته هذه تكذيب موسى ـ عليه السلام ـ في أن الله أرسله، أو أن إلهًا في السماء. ولذلك قال: {وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِبًا} أي: فيما يدعيه من الرسالة أو فيما يدعيه بأن له إلها في السماء والشاهد من الآية: أن فيها إثبات علو الله على خلقه، حيث أن موسى ـ عليه السلام ـ أخبر بذلك وحاول فرعون في تكذيبه. وقوله تعالى: {أَأَمِنتُم} الآمن: ضد الخوف {مَّن فِي السَّمَاء} أي: عقوبة من في السماء وهو الله سبحانه، ومعنى {فِي السَّمَاء} أي على السماء، كقوله تعالى: {وَلأصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} وهذا إن أريد بالسماء السماء المبنية، وإن أريد بالسماء مطلق العلو ففي للظرفية، أي: في العلو. {أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ} أي: يقلعها بكم كما فعل بقارون {فإذا هي تمور} أي: تضطرب وتتحرك. {أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا} أي: حجارة من السماء كما أرسلها على قوم لوط وأصحاب الفيل. وقيل: سحاب فيها حجارة، وقيل: ريح فيها حجارة {فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ} أي: إنذاري إذا عاينتم العذاب ولا ينفعكم حينذاك هذا العلم. والشاهد من الآيتين: أن فيهما إثبات علو الله على خلقه حيث صرحنا أنه سبحانه في السماء، فقد دلت هذه الآيات التي ذكرها المؤلف ـ رحمة الله عليه ـ على إثبات العلو. كما دلت هذه الآيات التي قبلها على إثبات استواء الله على العرش. والفرق بين الاستواء والعلو: 1 ـ أن العلو من صفات الذات والاستواء من صفات الأفعال، فعلو الله على خلقه وصف لازم لذاته، والاستواء فعل من أفعاله سبحانه يفعله ـ سبحانه وتعالى ـ بمشيئته وقدراته إذا شاء ولذا قال فيه: {ثُمَّ اسْتَوَى} وكان ذلك بعد خلق السموات والأرض. 2 ـ أن العلو من الصفات الثابتة بالعقل والنقل. والاستواء ثابت بالنقل لا بالعقل. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#45
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 37 ) 20 ـ إثبات معية الله لخلقه [ المتن ] : وقوله: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} وقوله: {لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ} {وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}. [ الشرح ]: قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ ـ إلى قوله ـ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا}: تقدم تفسيره . وقوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ} أي: هو معكم بعلمه رقيب عليكم شهيد على أعمالكم حيث كنتم وأين كنتم في بر أو بحر في ليل أو نهار في البيوت أو القفار الجميع في علمه على السواء تحت سمعه وبصره. يسمع كلامكم، يرى مكانكم، وهذا محل الشاهد من الآية الكريمة ففيه إثبات المعية العامة {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} لا يخفى عليه شيء من أعمالكم. وقوله تعالى: {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاثَةٍ} النجوى: السر، والمعنى: ما يوجد من تناجي ثلاثة {إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ} أي: جاعلهم أربعة وجاعلهم ستة من حيث إنه سبحانه يشاركهم في الاطلاع على تلك النجوى، وتخصيص هذين العددين بالذكر لأن أقل عادات المتناجين أن يكونوا ثلاثة أو خمسة، أو أن سبب النزول تناجي ثلاثة في واقعة وخمسة في واقعة أخرى. وإلا فهو سبحانه مع كل عدد قل أو كثر ولهذا قال تعالى: {وَلا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ} أي: ولا أقل من العدد المذكور كالواحد والاثنين ولا أكثر منه كالستة والسبعة {إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ} بعلمه يعلم ما يتناجون به ولا يخفى عيه شيء منه. قال المفسرون: إن المنافقين واليهود كانوا يتناجون فيما بينهم، ويوهمون المؤمنين أنهم يتناجون فيما يسوؤهم فيحزنون لذلك، فلما طال ذلك وكثر، شكوا إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأمرهم أن لا يتناجون فيما يتناجوا دون المسلمين فلم ينتهوا عن ذلك وعادوا إلى مناجاتهم فأنزل الله هذه الآيات. وقوله تعالى: {أَيْنَ مَا كَانُوا} معناه: إحاطة علمه سبحانه بكل تناج يقع منهم في أي مكان {ثُمَّ يُنَبِّئُهُم} أي يخبرهم سبحانه {بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ} ويجازيهم على ذلك وفي هذا تهديد لهم وتوبيخ {إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} لا يخفى عليه شيء. والشاهد من الآية أن فيها إثبات معية الله لخلقه، وهي معية عامة مقتضاها الإحاطة والعلم بجميع أعمالهم ولهذا يقول الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ: افتتح الآية بالعلم واختتمها بالعلم. وقوله تعالى: {لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} هذا خطاب من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لصاحبه أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ حينما كانا في الغار وقت الهجرة وقد لحق بهما المشركون، فحزن أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ خوفًا على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أذى الكفار فقال له النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (لا تحزن) أي: دع الحزن (إن الله معنا) بنصره وعونه وتأييده. ومن كان الله معه فلن يغلب. ومن لا يغلب لا يحق له أم يحزن. والشاهد من الآية: أن فيها إثبات المعية الخاصة بالمؤمنين التي مقتضاها النصر والتأييد. وقوله تعالى لموسى وهارون عليهما السلام: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} أي: لا تخافا من فرعون {إِنَّنِي مَعَكُمَا} تعليل للنهي، أي: معكما بالنصر لكما والمعونة على فرعون {أَسْمَعُ} كلامكما وكلامه {وَأَرَى} مكانكما ومكانه لا يخفى علي من أمركم شيء. والشاهد من الآية: أن فيها إثبات المعية الخاصة في حق الله تعالى لأوليائه بالنصر والتأييد، كما أن فيها إثبات السمع والبصر له ـ سبحانه وتعالى ـ. وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ} أي: تركوا المحرمات والمعاصي على اختلاف أنواعها {وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ} بتأدية الطاعات والقيام بما أمروا به، فهو سبحانه مع هؤلاء بتأييده ونصره ومعونته، وهذه معية خاصة وهي محل الشاهد من الآية الكريمة. وقوله: {وَاصْبِرُوا} فهو سبحانه مع الصابرين في كل أمر ينبغي الصبر فيه. والشاهد من الآية الكريمة: أن فيها إثبات معية الله للصابرين على طاعته والمجاهدين في سبيله، قال الإمام الشوكاني: ويا حبذا هذه المعية التي لا يغلب من رزقها غال ولا يؤتى صاحبها من جهة من الجهات وإن كانت كثيرة. اه ـ. وقوله تعالى: {كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً} الفئة: الجماعة والقطعة منهم {بِإِذْنِ اللَّهِ} أي: بإرادته وقضائه ومشيئته {وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}: هذا محل الشاهد من الآية الكريمة، وهو إثبات معية الله سبحانه للصابرين على الجهاد في سبيله، وهي معية خاصة مقتضاها النصر والتأييد. ما يستفاد من مجموع الآيات السابقة: أفادت إثبات المعية، وأنها نوعان: النوع الأول: معية عامة كما في الآيتين الأوليين، ومقتضى هذه المعية إحاطته سبحانه بخلقه وعلمه بأعمالهم خيرها وشرها ومجازاتهم عليها. النوع الثاني: معية خاصة بعباده المؤمنين ومقتضاها النصر التأييد والحفظ، وهذا النوع تدل عليه الآيات الخمس الباقية التي أوردها المؤلف ـ رحمه الله ـ. ومعيته ليس كقرب المخلوق ومعية المخلوق للمخلوق، فإنه سبحانه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} ولأن المعية مطلق المقارنة لا تقتضي مماسة ولا محاذاة. تقول العرب: ما زلنا نمشي والقمر معنا مع أنه فوقهم والمسافة بينهم وبينه بعيدة. فعلو الله ـ جل جلاله ـ ومعيته لخلقه لا تنافي بينهما. وسيأتي لهذا مزيد بيان إن شاء الله. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf التصفية والتربية TarbiaTasfia@ |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 10 ( الأعضاء 0 والزوار 10) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
[جمع] الجمع الثمين لكلام أهل العلم في المصرّين على المعاصي والمدمنين | أبو عبد الودود عيسى البيضاوي | منبر التوحيد وبيان ما يضاده من الشرك | 0 | 13-09-2011 09:33PM |
أقوال العلماء السلفيين في حكم من حكَّم القوانين | أبو حمزة مأمون | منبر التحذير من الخروج والتطرف والارهاب | 0 | 10-06-2010 01:51AM |
(الشيخ ربيع بين ثناء العلماء ووقاحة السفهاء) | أبوعبيدة الهواري الشرقاوي | منبر الجرح والتعديل | 0 | 21-12-2008 12:07AM |
شرح كتاب ثلاثة الأصول | أبو عبد الرحمن السلفي1 | منبر التوحيد وبيان ما يضاده من الشرك | 3 | 13-10-2007 08:38PM |
صحيح المقال في مسألة شد الرحال (رد على عطية سالم ) | ماهر بن ظافر القحطاني | منبر البدع المشتهرة | 0 | 12-09-2004 12:02PM |