|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | التقييم: | انواع عرض الموضوع |
#31
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله- الحديث الرابع : عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال استفتى سعد بن عبادة رسول الله ﷺ عن نذر كان على أمه توفيت قبل أن تقضيه فقال رسول الله ﷺ فاقضه عنها ) موضوع الحديث : قضاء الولي عن وليه ما كان عليه من نذر أو غيره المفردات قوله عن نذر : كان على أمه توفيت قبل أن تقضيه قوله قبل أن تقضيه : الضمير يعود على النذر قوله فقال رسول الله ﷺ فاقضه عنها : أي أمره النبي ﷺ أن يقضي ذلك النذر عنها المعنى الإجمالي توفيت أم سعد ولم تقض نذراً عليها فأمر النبي ﷺ ابنها سعد بن عبادة أن يقضيه عنها فقه الحديث أولاً : يؤخذ منه قضاء ما على ولي الميت من الحقوق سواء كانت لازمة بالشرع أو التزم بها لله عز وجل كالنذر ثانياً : هل يلزم الولي قضاء الواجب المالي إن كان فقيراً أم لا ؟ أما قضاء الواجب فيكون من تركته أي من ميراثه ثالثاً : هل يلزمه القضاء بدون مطالبة أم لا بد من المطالبة ؟ قال الشافعي بالأول وقال أبو حنيفة ومالك لا يقضى إلا بالمطالبة رابعاً : يؤخذ منه استفتاء الأعلم ما أمكن خامساً : من بر الوالدين قضاء الديون عنهما والإحسان إلى أهل ودهما بعد موتهما وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
#32
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله- الحديث الخامس : عن كعب بن مالك رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله فقال رسول الله ﷺ أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك موضوع الحديث : حكم النذر والتصدق بجميع المال المفردات قوله إن من توبتي : أي من شكر توبة الله عليّ أن أنخلع من مالي : يعني أخرج منه صدقة إلى الله وإلى رسوله ﷺ فقال رسول الله ﷺ أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك فأمره بإمساك بعض المال وإنفاق بعضه المعنى الإجمالي تخلف كعب بن مالك عن غزوة تبوك ولما قدم النبي ﷺ وجاء إليه المعذرون فكر كعب أن الكذب عاقبته وخيمة فأتى إلى النبي ﷺ واعترف بالصدق فأرجأ النبي ﷺ أمره هو والاثنين اللذين معه وهما هلال بن أمية الواقفي ومرارة بن الربيع وبعد خمسين ليلة تاب الله عليه فلما بشر كعب بن مالك بالتوبة أتى إلى النبي ﷺ فقال إن من توبة الله عليّ أن أنخلع من مالي صدقة لله ولرسوله فأمره النبي ﷺ بإمساك بعض المال فقه الحديث أولاً : يؤخذ من الحديث كراهية التصدق بجميع المال ويبقى ذلك المتصدق ينظر إلى أكف الناس ثانياً : أن الشريعة الإسلامية وسط بين الإسراف في المادية والتخلي عن الأسباب التي تجعل الإنسان غنياً لقوله ( أمسك عليك بعض مالك ) أي أمسك بعضه وتصدق منه ثالثاً : فيه استحباب الصدقة شكراً لله عند تجدد النعم وانصراف النقم رابعاً : يؤخذ منه أن الصدقة لها أثر في محو الخطايا وصرف الملمات خامساً : أن التقرب إلى الله تعالى بمتابعة رسوله تعتبر أفضل الأعمال سادساً: أن إمساك ما يحتاج إليه من المال أولى من إخراجه لقول النبي ﷺ ( إِنَّكَ إنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ ) سابعاً : اختلف أهل العلم في جواز الصدقة بالمال كله فأجاز ذلك بعضهم محتجاً أن أبا بكر رضي الله عنه أتى إلى النبي ﷺ بجميع ماله عند تجهيز جيش العسرة ومنع ذلك بعضهم مستدلاً بهذا الحديث ( أمسك عليك بعض مالك ) وفرق بعضهم بين حالة من يستطيع الصبر ومن لا يستطيعه والله تعالى أعلم -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
#33
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله- باب القضاء القضاء بالمد الولاية : أي ولاية الأحكام الشرعية وجمعه أقضية يقالقضاء وأقضيه كغطاء وأغطية المثال هنا ليس بملائم لما مثل عليه لأن القضاء بفتح فاء الفعل وغطاء بكسر فاء الفعل أما الجمع فهي مستوية أقضية وأغطية وهو في الأصل اسم لإحكام الشيء والفراغ منه ويكون أيضاً بمعنى حكم وأوجب وبمعنى قدر وبمعنى إتمام الشيء وأدائه هذه كلها ترد لها أدلة من اللغة والقرآن الحديث الأول : عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله ﷺ من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد وفي لفظ من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد موضوع الحديث : منع المحدثات والحكم بإبطالها إذا خالفت الشرع الإسلامي المفردات من أحدث في أمرنا : كلمة أحدث تطلق ويراد بها الابتداع في الدين والإحداث في الدين هو أن يخترع أحد المكلفين شيئاً على سبيل التعبد لم يكن له شاهد في الشرع وقول النبي ﷺ في أمرنا : يعني في ديننا وكذلك قوله ليس عليه أمرنا المقصود به الشرع الذي جاء به نبينا محمد ﷺ قوله ما ليس منه : أي ما لم يكن له شاهد لا من خصوص ولا من عموم ولا نص ولا مفهوم قوله فهو رد : أي مردود على صاحبه المعنى الإجمالي أن كل من ابتدع بدعة أو اخترع شيئاً يقصد به التعبد ولم يكن له أساس في الشرع فإنه مردود عليه وكذلك قوله من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد لأن الإحداث تارة يكون بالقول الذي يقصد به صاحبه تشريع شيء ليس من الشرع وتارة يكون في الفعل فقه الحديث أولاً : أن هذا الحديث من الأحاديث العامة التي يدخل فيها أشياء كثيرة وتشمل أموراً ليس لها حصر وقد قيل أن هذا أحد الأحاديث الثلاثة التي تعتبر أسساً وأصولاً في الدين وهي هذا الحديث وحديث ( إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ) وحديث (دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لا يَرِيبُكَ ) وبعضهم أضاف إليها حديثاً رابعاً وهو حديث النعمان بن بشير (إِنَّ الْحَلالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ ) ثانياً : المراد بالإحداث الابتداع في الدين لأن الله سبحانه وتعالى أخبر عن الدين أنه قد كمل فقال جل من قائل ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًاً ) [ المائدة : 3 ] فمن أدخل بدعة في الدين فإنه يعد مستدركاً على المشرع زاعماً بلسان حاله إن لم يكن بلسان مقاله أن الدين ناقص ثالثاً :يؤخذ من هذا الحديث أن المحدثات التي تتعلق بالدنيا ومصالحها لا تمدح ولا تذم ما دامت فيها مصلحة للإنسان ومن ذلك المخترعات التي ظهرت في هذا العصر فما كان منها فيه منفعة محضة بدون ضرر كالسيارات والطائرات والقطارات وما أشبه ذلك وكذلك المخترعات الحربية التي ينتفع بها المسلمون ويجاهدون بها أعداء الله عز وجل فهي جائزة رابعاً : يعد من هذا القبيل تلقيح النخل وما أشبه ذلك من الأسباب التي توفر على بني الإنسان كثيراً من الرزق وربما يكون تركها فيه نقص في الغلال وما أشبه ذلك خامساً : يؤخذ منه كما سبقت الإشارة أن كل بدعة مردودة لقول النبي ﷺ كما في حديث العرباض بن سارية ( فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ ) وكما ورد أن الرسول ﷺ كان يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ ( إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ وَكُلُّ ضَلالَةٍ فِي النَّارِ ) فيحكم على كل بدعة ليس لها شاهد من الشرع أنها باطلة ومذمومة هي ومخترعها سادساً : يؤخذ من قوله فهو رد أن جميع البدع يحكم عليها بالفساد للنهي الوارد في هذا الحديث وغيره سابعاً : أن حكم الحاكم لا يكون معتبراً إلا إذا كان على محض الشرع فإن خالف ذلك بطل وأن الحكم بما خالفه لا يسوغ لا سيما وقد قال النبي ﷺ ( إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ وَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلا يَأْخُذْ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ ) وفي رواية عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ سَمِعَ جَلَبَةَ خَصْمٍ بِبَابِ حُجْرَتِهِ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّهُ يَأْتِينِي الْخَصْمُ فَلَعَلَّ بَعْضَهُمْ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ مِنْ بَعْضٍ فَأَحْسِبُ أَنَّهُ صَادِقٌ فَأَقْضِي لَهُ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ فَإِنَّمَا هِيَ قِطْعَةٌ مِنْ النَّارِ فَلْيَحْمِلْهَا أَوْ يَذَرْهَا ) ثامناً : أن المرجع في التمييز بين المحدثات والمشروعات هم العلماء الذين مارسوا الشرع أزمنة طويلة وكانوا في غالب أحوالهم على الاستقامة تاسعاً : يلزم من ذلك البيان ورد ما اشتبه وأن أهل العلم الذين يميزون بين هذه الأمور لهم أن يتكلموا فيمن أتى بحدث ويبينوه وليس ذ لك من الغيبة كما يدعيه بعض أهل العصر ممن يريدون أن يبرروا الإتجاهات الحزبية وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
#34
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله- الحديث الثاني: عن عائشة رضي الله عنها قالت دخلت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان على رسول الله ﷺ فقالت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بنيّ إلا ما أخذت من ماله بغير علمه فهل عليّ في ذلك من جناح فقال رسول الله ﷺ خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك ) موضوع الحديث : استفتاء من هند بنت عتبة في أخذ ما يتمم نفقة بنيها من غير علم زوجها أولاً : ذكر التراجم الواردة في الحديث فهند بنت عتبة بن ربيعه بن عبد شمس أخت أبي حذيفة بن عتبة وأبوها الذي بارز يوم بدر هو وأخوه وابنه وكان رجلاً مسناً وشريفاً في قريش حتى فسر قول الله عز وجل ( وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ) [ الزخرف : 31 ] قالوا هو عتبة بن ربيعه من قريش وعروة بن مسعود الثقفي من ثقيف حضرت أحداً مع زوجها وكانت تحرض على قتل المسلمين فلما قتل حمزة رضي الله عنه بقرت بطنه وأخذت قطعة من كبده فلاكتها ثم لفظتها وكان حمزة رضي الله عنه هو الذي بارز يوم بدر عمها شيبة بن ربيعه فقتله واختلفا عبيدة بن الحارث بن عبدالمطلب وعتبة بن ربيعه ضربتين فمال حمزة رضي الله عنه على أبيها عتبة فأجهز عليه لكنها أسلمت يوم الفتح بعد زوجها بيوم وذهبت في اليوم الثاني إلى النبي ﷺ فبايعته وقد جاء عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ إِنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَانَ مِمَّا عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَهْلُ أَخْبَاءٍ أَوْ خِبَاءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ يَذِلُّوا مِنْ أَهْلِ أَخْبَائِكَ أَوْ خِبَائِكَ شَكَّ يَحْيَى ثُمَّ مَا أَصْبَحَ الْيَوْمَ أَهْلُ أَخْبَاءٍ أَوْ خِبَاءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَعِزُّوا مِنْ أَهْلِ أَخْبَائِكَ أَوْ خِبَائِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَيْضًا وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ فَهَلْ عَلَيَّ حَرَجٌ أَنْ أُطْعِمَ مِنْ الَّذِي لَهُ قَالَ لا إِلا بِالْمَعْرُوف وبايعت رسول الله ﷺ مع النساء المبايعات توفيت في السنة الرابعة عشرة في اليوم الذي توفي فيه أبو قحافة والد أبي بكر الصديق رضي الله عنه أما قول ابن الملقن رحمه الله عندما ذكر هند قال وهند هذه أم معاوية لها ذكر ونفس وابقة وأقول : إن هذه الكلمة كلمة عظيمة وفضيعة من ابن الملقن إذ أن الذي حصل منها كان في حال الكفر وقد أخبر النبي ﷺ أن الإسلام يجب ما قبله إذاً فلا يجوز أن نقول في صحابية أسلمت وبايعت وحسن إسلامها مثل هذا القول لأن الصحابة رضي الله عنهم لهم حق الصحبة وهو حق عظيم لا يصل إليه أحد لما ورد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلا نَصِيفَهُ )وإن الواجب التأدب مع أصحاب رسول الله وأن نرى لهم الفضل على غيرهم وبالله التوفيق . أما أبو سفيان فهو صخر بن حرب بن أميه بن عبد شمس بن عبد مناف والد معاوية ويزيد بن أبي سفيان وحنظلة الذي قتل يوم بدر كان من أشراف قريش في الجاهلية وأفضلهم ومن التجار وكانت له راية الرؤساء المعروفة بالعقاب أسلم يوم الفتح وأعطاه النبي ﷺ من غنائم هوازن مائة من الإبل وأربعين أوقية من الفضة تقوم عن أربعة آلاف من الدراهم وأعطى ابنيه على خمسين من الإبل يتألفهم على الإسلام توفي أبو سفيان رضي الله عنه في سنة اثنتين وثلاثين وقيل إحدى وثلاثين وقيل ثلاث وثلاثين المفردات إن أبا سفيان رجل شحيح : الشح والبخل متقاربان والظاهر أن الشح أعم من البخل لأن البخل يكون في المال وشح النفس منع البذل أو قلته سواء كان في المال أو غيره قولها فهل عليّ : أي فهل عليّ من جناح في ذلك أن آخذ من ماله بغير علمه فقال رسول ﷺ ( خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك ) المعنى الإجمالي أسلمت هند بنت عتبة بن ربيعه بن عبد شمس صبيحة يوم الفتح وكانت قبلها شديدة الحرب على الإسلام وأهله وذهبت فبايعت النبي ﷺ واستفتته بما ورد في هذا الحديث وذلك أنها تأخذ من مال زوجها أبي سفيان بغير علمه فأفتاها بجواز ذلك إذا أخذت قدر الكفاية بالمعروف فقه الحديث أولاً : اختلف أهل العلم في هذه القصة هل هي استفتاء أو طلب حكم فمنهم من رأى أنها طلب حكم وأخذ منه جواز الحكم على الغائب إذا تعذر حضوره إلى مجلس الحكم وأخذ منه مسألة الظفر ومنهم من قال أنه استفتاء فمن رأى أنه استفتاء قال بجواز ذكر الإنسان بما يكره إذا كان في الاستفتاء والقول بأنه استفتاء هو الأقرب لقولها أن أبا سفيان رجل شحيح إلى أن قالت فهل عليّ في ذلك من جناح إذا أخذت من ماله بغير علمه . ومما يؤيد أنه استفتاء أنه أفتاها بقوله ( خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك ) ولو كانت المسألة طلب حكم لكان النبي ﷺ قد طلب حضوره وسأله هل يعترف بما ادعت عليه زوجته أم لا ؟ فهذه القرآئن أو هذه الأمور تبين أن المسألة مسألة استفتاء لا مسألة طلب حكم ثانياً : وجوب نفقة الزوجة على زوجها قال وهو إجماع قلت هذا الإجماع يستند على الأدلة المعروفة في ذلك لقول النبي ﷺ ( أَلا وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُمْ لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ فَإِنْ فَعَلْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً أَلا إِنَّ لَكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ حَقًّا وَلِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ فَلا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ وَلا يَأْذَنَّ فِي بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ أَلا وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ فِي كِسْوَتِهِنَّ وَطَعَامِهِنَّ ) ثالثاً : أن نفقة المرأة تقدر بحال الزوج على الصحيح وإلى ذلك ذهب الشافعي رحمه الله وذهب مالك وأبو حنيفة أن الاعتبار في النفقة بحال المرأة وذهب أحمد بن حنبل أن الاعتبار بحالهما والقول الصحيح هو القول الأول لقول الله عز وجل ( لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ) [ الطلاق : 7 ] رابعاً :وجوب نفقة الأولاد الصغار على والدهم لقول الله عز وجل ( وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) [ البقرة : 233 ] فقوله (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ ) دليل على أن نفقة الأبناء على الأب أو من ينوب عنه خامساً : أن هذه النفقة مقدرة بالكفاية لقول النبي ﷺ ( خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك ) سادساً : إذا كان للرجل زوجتان إحداهن لها أولاد كثير والثانية لها أولاد قليل فكل واحدة منهن لها نفقتها بقدر ما عندها من البنين ولعل بعض الناس يظن المساواة مع اختلاف عدد الأولاد وهذا كلام باطل سابعاً : أن نفقة الأولاد تجب إلى أن يبلغوا فإذا بلغوا فإنه لا تلزم على الأب نفقتهم إلا من باب الإحسان إلا أنه يستثنى من ذلك النساء غير المزوجات والزَمناء وذوي العاهات من الأولاد الذين عندهم عاهات تمنعهم من الكسب فإنه تجب نفقتهم ثامناً :فيه جواز سماع كلام الأجنبية عند الاستفتاء وعند التحاكم لأن ذلك ضرورة تاسعاً : يؤخذ منه جواز ذكر الإنسان بما يكره إذا كان للاستفتاء أو للشكوى والله سبحانه وتعالى يقول (لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا ) [ النساء : 148 ] وأن ما كان من هذا القبيل لا يعد من الغيبة عاشراً :إذا كان لا يعد من الغيبة من أجل حق المستفتي أو الشاكي فإنه من باب أولى ألا يكون من الغيبة إذا كان ذلك في بيان حق الله فمن ابتدع بدعة أو أحدث حدثاً وجب أن يذكر ببدعته أو حدثه ليعلم الناس حاله وقد قال النبي ﷺ لما ذكر الْمَدِينَةُ وأنها حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْرٍ قال ( فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لا يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفٌ وَلا عَدْلٌ ) الحادي عشر : استدل بهذا الحديث على مسألة الظفر وهو أن يكون للرجل حق عند أحد من الناس ولم يصل إلى حقه فتمكن من بعض ماله قالوا فله أن يأخذ بقدر حقه من غير رجوع إلى من عليه الدين قال ابن الملقن وهذا مذهب الشافعي وأصحابه وتسمى هذه المسألة مسألة الظفر ومنع ذلك أبو حنيفة ومالك كما حكاه النووي في شرح مسلم الثاني عشر : قال ابن الملقن يجوز الأخذ من الجنس ومن غيره كما هو ظاهر الإطلاق والأصح عند أصحابنا أنه لا يأخذ من غير الجنس إلا إذا تعذر الجنس أي جنس المال الذي له عند الرجل الثالث عشر : جواز إطلاق الفتوى من غير تقييد بثبوت كما أطلقه النبي ﷺ الرابع عشر: جواز اعتماد العرف في الأمور التي ليس لها تحديد شرعي لقوله ( خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك ) الخامس عشر :جواز خروج المرأة المزوجة من بيتها لحاجتها من محاكمة واستفتاء وغيره إذا أذن لها زوجها أو علمت رضاه هكذا قال ابن الملقن والذي ذكره ابن كثير في ترجمتها أنها استأذنت زوجها في الخروج السادس عشر: أن ما يذكر في الاستفتاء من عيب أو أذية للغير وكذلك في المحاكمة أنه لا يوجب تعزيراً ولا يكون ذلك من الممنوع كما تقدم السابع عشر:جواز القضاء على الغائب قال ابن الملقن كذا استدل به جماعة من أصحابنا وترجم عليه البخاري في صحيحه وفيه قولان لأهل العلم وأقول : تقدم أن رجحت أن المسألة مسألة استفتاء لا طلب حكم كما بينت الأدلة على ذلك من الحديث الثامن عشر :أن للمرأة ولاية على ولدها من حيث أن صرف المال على المحجور عليه أن يملكه نفقته لمدة معينة وفي حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو إِذْ جَاءَهُ قَهْرَمَانٌ لَهُ فَدَخَلَ فَقَالَ أَعْطَيْتَ الرَّقِيقَ قُوتَهُمْ قَالَ لا قَالَ فَانْطَلِقْ فَأَعْطِهِمْ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يَحْبِسَ عَمَّنْ يَمْلِكُ قُوتَهُ ) التاسع عشر : أن القول قول الزوجة في قبض النفقة أو عدمها العشرون : أن المرأة لا يجوز لها أن تأخذ من مال زوجها شيئاً إلا بإذنه وإن قل هكذا قال ابن الملقن قلت : وقد سأل النساء النبي ﷺ في الإنفاق من مال أزواجهن فأفتاهن رسول الله ﷺ بأن لهن الرطب أي الطعام الناضج ) ولا يجوز للمرأة أن تأخذ غير هذا إلا بإذن زوجها الحادي والعشرون :أن مال الغير محضور على الغير لا يجوز التصرف فيه إلا بإذن صاحبه أو بأمر شرعي وهذه القاعدة أيدتها أدلة لا نطيل بذكرها منها قول النبي ﷺ كما في حديث أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ مَنْ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ ) فما أصعب الموقف بين يدي الله عز وجل على من يأخذ أموال الناس بغير حق نسأل الله أن يجعلنا من الوقافين عند الحدود وألا يجعلنا من المتجرئين على حقوق الغير وبالله تعالى التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
#35
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث الثالث : عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ سمع جلبة خصم بباب حجرته فخرج إليهم فقال ألا إنما أنا بشر وإنما يأتيني الخصم فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض فأحسب أنه صادق فأقضي له فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليحملها أو يذرها موضوع الحديث : إخبار النبي ﷺ عن نفسه بأنه بشر كسائر البشر وأنه يقضي على نحو مما يسمع وأن قضاءه لا يحل شيئاً محرماً بل إن المال الحرام يبقى حراماً ولا يحله حكم الحاكم لقوله ( فإنما هي قطعة من النار فليحملها أو يذرها ) المفردات جلبة : هي اختلاط الأصوات ومثله لجبة بأن ترتفع أصوات مختلطة لا يتبين منها شيء جلبة خصم : أي أصوات خصوم يتنازعون عند باب حجرته : أي حجرة أم سلمة رضي الله عنها فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض : مثل قوله ألحن بحجته من بعض وهذا أمر ملموس فالناس يتفاوتون في إقامة الحجة ومعنى أبلغ : أكثر بلاغة فأحسب : أي فأظن وأعتقد أنه صادق فأقضي له بناءً على ذلك الحسبان فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليحملها أو يذرها : أي أن ذلك الحق الذي أخذه من مال أخيه ببلاغته إنما هي قطعة من النار فليحملها : أمر تهديد أو يذرها : أمر إباحة المعنى الإجمالي سمع النبي ﷺ خصومة قوم عند باب حجرته فخرج إليهم وقال لهم إنما أنا بشر وإنما أقضي على نحو مما أسمع ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته أي أقوى حجة وأكثر بلاغة فأقضي له فمن قضيت له بحق أخيه فإنما اقتطع له قطعة من النار فليحملها إن شاء فإنه متى حملها حمل النار أو ليذرها إن شاء فهو خير أن يترك ما ليس له فيه حق فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث جواز التقاضي والتخاصم في المسجد فإنه قد ورد أن كَعْبٍ بن مالك رضي الله عنه تَقَاضَى عبدالله بن أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ e وَهُوَ فِي بَيْتِهِ فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا …) الحديث ولا شك أن بيوت الله ينبغي أن تصان عن الخصومات ثانياً : قوله ألا إنما أنا بشر في هذا تقرير من النبي ﷺ لبشريته تبعاً لما قضاه الله عز وجل وأمر به في قوله (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ) [ فصلت : 6 و الكهف : 110 ] ثالثاً : يؤخذ من هذا براءة النبي ﷺ مما يدعيه له بعض أصحاب البدع من صوفية وبريلوية وغيرهم من اعتقادات في رسول الله ﷺ تتجاوز به إلى مقامات الألوهية وهذا افتراء عليه ﷺ فهو بريء من كل من كذب عليه أو أعطاه شيئاً من حق ربه سبحانه وتعالى رابعاً : في هذا تقرير وهو قوله إنما أنا بشر تقرير بأنه لا يعلم الغيب وأنه بشر كغيره من البشر لا يحكم إلا بالظاهر خامساً : يؤخذ من قوله وإنما يأتيني الخصم دليل على أن المتخاصمين كل منهما يريد أن يجعل الحجة له وقد يتغلب أحدهما إما بكونه محق ومعه البينة وإما لكونه أشد بلاغة من خصمه فيجعل ببلاغته الحق باطلاً والباطل حقاً والصدق كذباً والكذب صدقاً سادساً : يؤخذ من قوله ولعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض فأحسب أنه صادق فأقضي له أن حكم النبي ﷺ كحكم غيره من البشر يقضي بما سمع من الحجج والأمور الشرعية وذلك شيء غير مبيح لمال الغير لقوله ( فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار ) سابعاً : يؤخذ من هذا أن حكم النبي ﷺ كحكم غيره لا يحل حراماً ولا يحرم حلالاً بل تبقى الأحكام الحقيقية كما هي فمن جاء بشاهدي زور بأنه قضى دائنه المبلغ المحدد فحكم القاضي بأنه قد برئت ذمته من ذلك الدين فإن ذمته لم تبرأ بذلك الحكم وإذا أتى الرجل بشاهدين يشهدان أن فلاناً تزوج فلانة وأشهدنا على ذلك فحكم القاضي بشهادتهما وحكم بأنها زوجته لم يبح له وطئها بذلك الحكم بل هو يعتبر كلما وطئها وطئها بالزنا والعياذ بالله وهذا مذهب الجمهور وخالف في ذلك أبو حنيفة فزعم أن حكم القاضي يبيح الفروج دون الأموال وكل ذلك حرام لا يباح منه شيء بشهادة الزور بل أن ذلك يبقى حراماً كما هو في الأصل حرام ثامناً : يؤخذ من قوله فإنما هي قطعة من النار أن الحكم لا يبيح ما حكم به القاضي ولو كان مستنداً إلى البينة واليمين وأن مال الغير حرام على الغير وقد قال النبي ﷺ كما جاء في الحديث عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ضَالَّةُ الْمُسْلِمِ حَرَقُ النَّارِ ) وهي ضالة فكيف إذا أخذ ذلك المال بحكم احتال فيه فإنه يكون أشد تحريماً وعلى من يخاف الله أن يمتنع عن أخذه تاسعاً : في قوله فليحملها أو يذرها قوله فليحملها إن شاء هذا الأمر أمر تهديد كقوله سبحانه وتعالى (اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) [ فصلت : 40 ] عاشراً : أن الحاكم لا يجوز له أن يحكم بعلمه بل يجب عليه أن يحكم بالإجراءات الشرعية التي تبيح الحكم في الظاهر حتى ولو علم هو بنفسه شيئاً خلاف ما يحكم به فإنه يجب عليه أن يحكم بالإجراءات ويترك علمه ومن هنا قال الفقهاء أن الواجب على القاضي ألا يحكم بعلمه الحادي عشر : يؤخذ منه موعظة القاضي للخصوم الثاني عشر: يؤخذ منه العمل بالظن وبناء الحكم عليه حيث قال أنه صادق وهو أمر مجمع عليه بالنسبة للحاكم والمفتي وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
#36
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث الرابع : عن عبدالرحمن بن أبي بكرة رضي الله عنهما قال كتب أبي أو كتبت له إلى ابنه عبيد الله بن أبي بكرة وهو قاض بسجستان أن لا تحكم بين اثنين وأنت غضبان فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان وفي رواية لا يقضين حاكم بين اثنين وهو غضبان موضوع الحديث : النهي عن الحكم في حالة الغضب المفردات قوله بسجستان : هذه بلاد معروفة تسمى الآن أفغانستان وعاصمتها كابل ألا تحكم بين اثنين وأنت غضبان : أي أن والده ينهاه عن الحكم بين الناس في حالة الغضب قال فإني سمعت رسول الله : الفاء تعليلية أي من أجل هذا الدليل لا تحكم في حالة الغضب سمعت رسول الله ﷺ يقول ( لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان ) الواو واو الحال والجملة بعده حالية أي والحال هو غضبان المعنى الإجمالي نهى الشارع الحكيم ﷺ أن يحكم الحاكم بين الناس وهو غضبان ذلك لأن الغضب يؤثر على التوازن الشخصي للإنسان فلذلك لا يؤمن أن يحيف قاصداً أو يخطأ الصواب في حال غضبه فيكون ذلك ظلماً على المحكوم عليه وحسرة على الحاكم وإثماً عليه فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث المنع من القضاء في حالة الغضب وذلك لما يحصل للإنسان فيه من التشويش الموجب لاختلال النظر وعدم حصوله على الوجه المطلوب وعداه الفقهاء بالعلة الجامعة إلى كل حال يخرج الحاكم بها عن السداد واستقامة الحال فألحقوا به الهم الذي يجلب للنفس الضجر وألحقوا به الجوع الشديد والفرح المفرط ومدافعته للحدث والتوقان إلى الطعام والمرض المؤلم والحر المزعج والبرد المنكي والنعاس الغالب ونحو ذلك قال ابن الملقن رحمه الله وهو قياس مظنة على مظنون فإن كل واحد من هذه الأمور مشوش للذهن حامل على الخلط وكأن الغضب إنما خص لشدة استيلائه على النفس وصعوبة مقاومته ثانياً : ظاهر الحديث أنه لا فرق بين أن يكون الغضب لله تعالى أو لغيره ثالثاً : أن النبي ﷺ معصوم من الخطأ فلا يقال أنه داخل في النهي مع سائر المكلفين لأن حاله لا تقاس بحال غيره وقد جاء في حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ كُنْتُ أَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ أَسْمَعُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أُرِيدُ حِفْظَهُ فَنَهَتْنِي قُرَيْشٌ وَقَالُوا أَتَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ تَسْمَعُهُ وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَشَرٌ يَتَكَلَّمُ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا فَأَمْسَكْتُ عَنْ الْكِتَابِ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأَوْمَأَ بِأُصْبُعِهِ إِلَى فِيهِ فَقَالَ اكْتُبْ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ إِلا حَقٌّ ) رابعاً : يؤخذ من الحديث العمل بالكتابة وأنها كالسماع من الشيخ في وجوب العمل . أما إذا كان في الرواية فمنع الرواية بها قوم إذا كانت مجردة عن الإجازة قال ابن الملقن رحمه الله والصحيح المشهور بين أهل العلم الجواز لكن يقول في الرواية بالكتابة كتب إليّ فلان خامساً : أبو بكرة هذا هو الصحابي المشهور نزل في بكرة أيام حصار الطائف من القصر الذي كانت ثقيف محاصرة فيه وسمي أبو بكرة وأبوه مولى للحارث بن كلدة ونال العز والشرف بالإسلام والهجرة وهو أخو زياد بن أبيه -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
#37
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث الخامس : عن أبي بكرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثاً ( أي قالها ثلاث مرات )قلنا بلى يا رسول الله قال الإشراك بالله وعقوق الوالدين وكان متكئاً فجلس فقال ألا وقول الزور وشهادة الزور فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت . موضوع الحديث : الإخبار بأكبر الكبائر المفردات ألا أنبئكم بأكبر الكبائر:أي ألا أخبركم بأكبر الكبائر ثم أورد ما ذكر فذكر الثلاث المعاصي التي هي الإشراك بالله وعقوق الوالدين وشهادة الزور أما الإشراك بالله فقد فسره النبي ﷺ بقوله أن تجعل لله نداً وهو خلقك ومعلوم أن الشرك ينقسم إلى قسمين شرك أكبر يخرج المسلم من الإسلام وشرك أصغر لا يخرج العبد من الإسلام أما عقوق الوالدين وهو مشتق من العق وهو قطع الأرض وشقها وعقوق الوالدين قطيعتهما بعمل الإساءة إليهما حتى يجعلهما يبكيان قوله وكان متكئاً فجلس : أي أنه اهتم بذكر شهادة الزور وقول الزور فجلس فقال ألا وقول الزور وقول الزور يشمل كل زور فمن ألحق بمسلم ضرراً بقول كأن رماه بفرية اختلقها وزورها عليه ليهينه بها ويسيء سمعته فهو من هذا القبيل بل أن من شهد زوراً على فلان بأن عنده مال لفلان قدره كذا وكذا أخف وطئة من أن يلحق به عيباً وعاراً والله حسيب من يفعل ذلك من أصحاب الحزبيات وسيقف الجميع بين يدي من لا تخفى عليه خافية . المعنى الإجمالي أن رسول الله ﷺ بحكم وظيفته التي وضعه بها ربه وهو بيان الأحكام الشرعية قال لأصحابه ألا أنبئكم أي أخبركم بأكبر الكبائر فذكر هذه الثلاث التي هي الإشراك بالله وهو اعتداء على مقام الألوهية وأخذ لحقه سبحانه وتعالى وإعطاءه لمن لا يستحقه من المخلوقين العاجزين وعقوق الوالدين فضيع لأنه مكافئة للإحسان بالإساءة وشهادة الزور عامة لكل قول مزور ومكذوب يراد به انتقاص من وقع عليه بأخذ من ماله أو اعتداء على عرضه فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث إبلاغ الأحكام الشرعية بطريقة العرض ألا أنبئكم ثانياً : أن المعاصي تنقسم إلى ثلاثة أقسام كبائر وأكبر كبائر ومعاصي دون ذلك ثالثاً : تعريف الكبائر هي كل ذنب اتبع صاحبه بلعن أو توعد بالنار أو بغضب الملك الجبار أو رتب عليه حد من الحدود الدنيوية رابعاً : أما أكبر الكبائر فلا تعلم إلا من طريق الشرع وهذه الثلاث منها خامساً : أولها الإشراك بالله وهذه الكبيرة هي أكبر من كل الكبائر وفاعلها يخرج من الإسلام إن كان الشرك أكبر سادساً : الشرك الأكبر الذي يخرج من الإسلام هو أن يعطي الإنسان حق الألوهية لغير الله جل وعلا فيعتقد فيه القدرة على ما لا يقدر عليه إلا الله كإنزال المطر وإعطاء الولد والنصر على العدو وأن يعتقد فيه سلطاناً غيبياً يطلع به على المغيبات سابعاً : أما الشرك الأصغر فهو لا يخرج من الإسلام كالرياء العارض في العمل والحلف بغير الله إذا لم يقصد تعظيم المخلوق تعظيماً يساوي تعظيم الله عز وجل أو يزيد عليه وإسناد النعم إلى غير الله كقولهم لولا الكلب لأتانا اللصوص وما أشبه ذلك فهذا الشرك الأصغر لا يخرج من الإسلام ولا يوجب الخلود في النار وقد قيل إنه داخل في الوعيد بعدم المغفرة نعوذ بالله من ذلك ثامناً : عقوق الوالدين الذي يوجب لهما البكاء والحزن الشديد لكون ابنهما قابل إحسانهما بالإساءة وهذا الذنب أعظم الذنوب بعد الشرك تاسعاً : قوله وكان متكئاً فجلس دليل على الاهتمام بالخصلة الأخيرة لأن الدواعي إليها كثيرة فقد يحمل على شهادة الزور بغض المشهود عليه أو حب المشهود له أو أخذ الرشوة على ذلك عاشراً : وقول الزور يتفاوت فمن بهت مسلماً في عرضه بما يريد أن يشينه به أو يسيء به سمعته فإن ذنبه عظيم وحسابه شديد والله سبحانه وتعالى يقول (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ) [ الأحزاب : 58 ]وقد جاء في الحديث عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ مَنْ حَمَى مُؤْمِنًا مِنْ مُنَافِقٍ أُرَاهُ قَالَ بَعَثَ اللَّهُ مَلَكًا يَحْمِي لَحْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ وَمَنْ رَمَى مُسْلِمًا بِشَيْءٍ يُرِيدُ شَيْنَهُ بِهِ حَبَسَهُ اللَّهُ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ ) الحادي عشر : تنفير النبي ﷺ عن شهادة الزور وقول الزور بكونه كررها حتى قالوا ليته سكت وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
#38
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث السادس : عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه . موضوع الحديث : الدعاوي والبينات من كتاب القضاء المفردات لو يعطى الناس بدعواهم بدون قيود لادعى أناس دماء رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه المدعي :هو المطالب وعرفه الفقهاء بأن المدعي هو من لو ترك لم يتابع أما المدعى عليه فهو بضد ذلك وهو من إذا ترك لم يترك وقد يقال في المدعي عليه هو من بيده السلعة المدعى فيها وقد يعرف بأنه المتهم المعنى الإجمالي أخبر النبي ﷺ بأنه لو يعطى الناس بدعواهم بدون بينة ولا يمين لادعى أقوام دماء رجال وأموالهم ولكن الشريعة جاءت من عند العليم الخبير فجعل الله عز وجل لها حدوداً وموازين لتؤدى الحقوق إلى أصحابها ويمنع المعتدون عن الدعاوي الكاذبة بما يترقبهم وينتظرهم عند العجز من التعزير والإفلاس وبالله التوفيق فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن الناس لا يستوون في التورع وعدمه ففي الناس من يمنعه إيمانه ومن الناس من يمنعه حياؤه وفي الناس من لا يمنعه حياء ولا إيمان وهو الشخص الذي لا يبالي وقول النبي ﷺ هذا دليل على أن من الناس من يحب ابتزاز أموال الناس والادعاء عليهم ولذلك جعلت لهم الشريعة رادعاً وهو تكليف المدعي بالبينة والمدعى عليه باليمين ثانياً : أن المدعي تلزمه البينة وغالباً تكون الدعوى في شيء تحت يد المدعى عليه فتخالف الواقع فمن أجل ذلك كلف المدعي بالبينة على صدق دعواه ثالثاً : إذا عجز المدعي عن البينة وجب على المدعى عليه أن يحلف يمين البراءة من تلك الدعوى حتى تبرأ ساحته رابعاً : قال ابن الملقن إنما جعلت البينة على المدعي لأنها حجة قوية تؤكد الدعوى وتقويها حيث أن المدعى فيه غالباً يكون بيد المدعى عليه فكلف المدعي بالبينة وهي الحجة القوية فمن توفرت له هذه الحجة أخذ الحق المدعى فيه بها ومن لم تتوفر له فلا يلزم له بعد ذلك إلا اليمين وهذا التقسيم استنتاج عقلي إلا أن هذا الاستنتاج العقلي يبين صحة الشرع وأنه يضع الأمور في مواضعها وإلا فالحقيقة أن الشرع كاف في توزيع هذه الأمور ووضع كل شيء في موضعه فالحمد لله الذي علمنا ما لم نكن نعلم خامساً : يستثنى من قاعدة الدعاوي والبينات القسامة فإنه يبدأ فيها بالمدعي فيجعل عليه اليمين وقد قال النبي ﷺ للأنصار حين ادعوا دم عبدالله بن سهل على يهود خيبر تحلفون خمسين يميناً على رجل منهم فيدفع إليكم برمته سادساً : ويستثنى من هذه القاعدة قاعدة البينة على المدعي واليمين على من أنكر . ما صح به الحديث وهو أنه إذا كان للمدعي شاهد واحد فإنه إذا لم يجد الشاهد الآخر الذي يكمل النصاب يحلف على مقتضى ما شهد به الشاهد فيكون مكملاً لدعواه وبالشاهد واليمين أخذ الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد ومنع القضاء بذلك أبو حنيفة والحنفية محجوجون بما ثبت عن النبي ﷺ من اعتبار يمين المدعي مكملاً لنصاب الشهادة عند عدم وجودها وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 12-04-2016 الساعة 01:16AM |
#39
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - كتاب الأطعمة الأطعمة جمع طعام وهو ما يتغذى به الإنسان من مأكولات ومشروبات ولكن يطلق الطعام على المأكول غالباً علماً بأن المشروبات التي فيها تغذية للجسم تشترك مع المأكولات في كونها مغذية والإنسان بحاجة إلى ما يغذي جسمه وقد أمر الله عباده أن يأكلوا مما في الأرض حلالاً طيباً وحرم الله عز وجل على المسلمين أكل المحرمات وتوعد على ذلك بالوعيدات الرادعة كما يقول سبحانه وتعالى ( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ) [ البقرة : 275 ] وقال ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) [ آل عمران : 130] وقال (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ) [ النساء : 10 ] وحرم على المؤمنين أن يأكل بعضهم أموال بعض بالباطل فقال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ) [ النساء : 29،30 ] إلى غير ذلك من النصوص القرآنية والنصوص النبوية وأمر بأخذ الحلال البين وترك المشتبة استبراءً للدين والعرض ورتب على أكل الحلال قبول العمل واستجابة الدعاء فقال ﷺ لسعد بن أبي وقاص لما طلب منه أن يكون مستجاب الدعاء ( يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة … الحديث ) وقال ﷺ كما في حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِنَّ اللَّهَ قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَخْلاقَكُمْ كَمَا قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَرْزَاقَكُمْ وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لا يُحِبُّ وَلا يُعْطِي الدِّينَ إِلا لِمَنْ أَحَبَّ فَمَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ الدِّينَ فَقَدْ أَحَبَّهُ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا يُسْلِمُ عَبْدٌ حَتَّى يَسْلَمَ قَلْبُهُ وَلِسَانُهُ وَلا يُؤْمِنُ حَتَّى يَأْمَنَ جَارُهُ بَوَائِقَهُ قَالُوا وَمَا بَوَائِقُهُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ غَشْمُهُ وَظُلْمُهُ وَلا يَكْسِبُ عَبْدٌ مَالاً مِنْ حَرَامٍ فَيُنْفِقَ مِنْهُ فَيُبَارَكَ لَهُ فِيهِ وَلا يَتَصَدَّقُ بِهِ فَيُقْبَلَ مِنْهُ وَلا يَتْرُكُ خَلْفَ ظَهْرِهِ إِلا كَانَ زَادَهُ إِلَى النَّارِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لا يَمْحُو السَّيِّئَ بِالسَّيِّئِ وَلَكِنْ يَمْحُو السَّيِّئَ بِالْحَسَنِ إِنَّ الْخَبِيثَ لا يَمْحُو الْخَبِيث ) ذكر فيه عشرة أحاديث -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 12-04-2016 الساعة 01:17AM |
#40
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث الأول : عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال سمعت النبي ﷺ يقول وأشار النعمان بأصبعيه إلى أذنيه إن الحلال بين والحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب . موضوع الحديث : اتقاء الشبهات استبراء للدين والعرض المفردات إن الحلال بين : أي واضح والحرام بين : أي واضح وكل منهما يتضح بصفته وماهيته ففي الحلال البين أنواع المآكل من البر والذرة والأرز واللحم المذكى والأسماك والفواكه والخضروات وغير ذلك . ومن الحرام البين الربا والمال المأخوذ بالسرقة والغش وغير ذلك من المأكولات المحرمة والمشروبات المحرمة كالخمر والمخدرات بجميع أنواعها وما أشبه ذلك والمال المأخوذ بالظلم وأكل أموال الأوقاف وأكل أموال اليتامى وأكل مال المسلم بغير حق والزنا وما إلى ذلك من المحرمات قوله وبينهما مشتبهات وفي رواية وبينهما أمور مشتبهات وهذه المشتبهات يخفى حكمها إلا على أهل العلم المتعمقين فيه والممارسين لأحكام الشريعة ولهذا قال لا يعلمهن كثير من الناس يعني أن أكثر الناس تخفى عليهم أما أهل العلم فإنهم بالنظر والقياس يلحقون هذا المشتبه بأحد الحكمين إما أن يكون أشبه بالحلال فيلحقونه به أو أشبه بالحرام فيلحقونه به ولهذا قال فمن اتقى الشبهات أي ابتعد عنها ولم يقربها حماية لدينه وحماية لعرضه فإنه حينئذ قد استبرأ أي طلب البراءة لدينه وعرضه قوله ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام : أي أن من تجرأ على الشبهات بمعنى أنه تجرأ على الأمور المشتبهة فوقع فيها وأفتى نفسه بحلها فإنه يقع في الحرام ولا بد لأن من المعلوم من حال الناس أن من تجرأ على الأمور المشتبهة فإن الشيطان يستدرجه حتى يستهين بالحرام الواضح فيقع فيه وقد ضرب النبي ﷺ مثلاً بقوله كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ومعلوم أن صاحب الماشية الذي يرعى فربما يقول إن المرعى الذي في الفلاة قد أكلت منه مواشي الناس ولكن الذي حول الزرع وقريب منه الرعي فيه أسلم وأحسن لأن المرعى الذي فيه لم تقع فيه المواشي فيرعى قريباً من الزرع فإذا رعى قريباً من الزرع دخلت بعض مواشيه على الزرع فأكلت منه وهكذا ضرب النبي ﷺ هذا المثل ثم قال ألا وإن لكل ملك حمى : كان الملوك في الزمن الأول لهم خيل يقاتل عليها ولهم إبل يحمل عليها ولا بد لهم من أماكن تكون محمية لخيلهم وإبلهم وماترك هذا إلا حين استغنى الملوك والرؤساء بالمصنوعات كالسيارات والطيارات والدبابات والمصفحاتثم قال ﷺ وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب هذه المضغة لصغرها أي لصغر حجمها فإنها هي التي تصرف الجسد والجوارح فإن كانت صالحة بأن كانت عامرة بالإيمان معمورة بالتقوى ظهرت الأعمال وحركات الجسد صالحة لأن القلب الصالح هو الأمير لها والمدبر فيها وإن كانت بخلاف ذلك بأن كانت مشحونة بالهوى والشهوات وأمور الباطل انعكست على الجسد وجوارحه فأفسدته بأوامرها السيئة المبنية على الشهوات والشبهات نسأل الله أن يصلح قلوبنا وأعمالنا إنه جواد كريم المعنى الإجمالي مدار هذا الحديث على ثلاثة أمور :- حلال بين واضح وحرام بين واضح وأمور مشتبهة تخفى على معظم الناس فلا يدرون هل هي من الحلال أم من الحرام ولهذا فإن النبي ﷺ يحذر من الأمور المشتبهة أن يستهان بها أو يتجرأ عليها بلا علم وأن الواجب على من لم يكن عنده علم ألا يقدم على أي شي من هذه المشتبهات حتى يسأل أهل العلم عن حكمها فإن أفتوه وبقي مع ذلك في نفسه شيء من الخوف والشك فليتجنب تلك الشبهات وليبتعد عنها لقوله عليه الصلاة والسلام ( وَالإِثْمُ مَا حَاكَ فِي الْقَلْبِ وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ قَالَ سُفْيَانُ وَأَفْتَوْكَ ) ولقد أخبر عليه الصلاة والسلام أن في الجسد مضغة ينبني عليها صلاح الجسد وفساده فإن صلحت فسيكون الجسد كله صالحاً لأنها تملي عليه الصلاح وإن فسدت كان الجسد كله فاسداً لأنها تملي عليه العصيان فليدع العبد ربه بأن يصلح قلبه حتى يكون صالحاً فلا يأمر صاحبه إلا بخير فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن الدين ينقسم إلى ثلاثة أقسام حلال واضح بين وحرام واضح بين والقسم الثالث أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فيهن شبه بالحلال وشبه بالحرام ثانياً : في ضمن ذلك حث للمسلم على أخذ الحلال واجتناب الحرام والله تعالى يقول {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ }[ البقرة : 168 ] ففي هذا أمر بأخذ الحلال الواضح واجتناب الحرام الواضح والإمساك عن الشبهات حتى يعلم العبد من أي شيء هي ثالثاً : أمر الله للعباد بأكل الحلال أمر إباحة فمن امتنع عن أكل الحلال تديناً عد معتدياً وقد علمنا ما جرى للرهط الثلاثة الذين جاءوا إلى بيوت النبي ﷺ يسألون عن عبادته حيث روى البخاري في صحيحه عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال جَاءَ ثَلاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ﷺ يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا فَقَالُوا وَأَيْنَ نَحْنُ مِنْ النَّبِيِّ ﷺ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ أَحَدُهُمْ أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا وَقَالَ آخَرُ أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلا أُفْطِرُ وَقَالَ آخَرُ أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا ) وفي رواية ( وَقَالَ بَعْضُهُمْ لا آكُلُ اللَّحْمَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لا أَنَامُ عَلَى فِرَاشٍ ) فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ أَنْتُمْ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي) فليس من الدين ترك الحلال تديناً كما أنه ليس من الدين التجرؤ على محارم الله سبحانه وتعالى . رابعاً : أخبر النبي ﷺ أن هناك أموراً مشتبهات والناس أمام هذه المشتبهات ينقسمون إلى قسمين أما علماء فإنهم يجب عليهم أن يدرسوا هذه المشتبهات ويلحقوها بما يرون أنها به أشبه وإليه أقرب سواء كان من الحلال أو من الحرام يحكمون عليها بعد الدراسة بعيداً عن المؤثرات ليكون الحكم لهم ولغيرهم من الناس الصنف الثاني العوام وطلبة العلم المبتدئين الذين لا يمكنهم إلحاق هذه المشتبهات بأحد النوعين الحلال أو الحرام فهؤلاء يجب عليهم التوقف وعدم الإقدام على هذه المشتبهات إلا بفتوى من أهل العلم وإن اختلفت الفتوى فيجب أن يعودوا إلى الفتوى التي تكون أقرب إلى كتاب الله وسنة رسول الله ﷺ من خلال الأدلة المسبورة في الفتوى خامساً : يؤخذ من هذا أن في ترك الأمور المشتبهة حماية للدين والعرض وفي ذلك يكون التارك للمشتبه أقرب للسلامة سادساً : مثل النبي ﷺ للمشتبهات بمن رعى حول الحمى فإنه من قارب الحمى وقع فيه ولا بد سابعاً : هناك علاقة في قوله كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه وبين قوله ألا إن في الجسد مضغة وهذه العلاقة هي أن التحرز مما اشتبه أمره يعود إلى تقوى القلوب وصلاحها وتأثرهابالإيمان فإن كان القلب صالحاً متأثراً بالإيمان كان أزكى وأبعد عن الشبهات وإن كان تأثره بالإيمان ضعيف وسماعه للنصوص الشرعية قليل كان أكثر جرأة على تلك الشبهات أو بالمعنى الأصح المتشابهات ثامناً : أخبر النبي ﷺ أن الجسد كله يقوم على القلب صلاحاً وفساداً مع أن القلب مضغة أي قطعة من اللحم صغيرة ولكنه هو المحرك والمؤثر في الجسد تاسعاً : اختلف الناس قديماً وحديثاً هل العقل في القلب أو في الدماغ فبعضهم قالوا في الدماغ وبعضهم قالوا في القلب ولكل منهم أدلة والصحيح أن العقل فيهما جميعاً وأن بين القلب والدماغ ارتباط قوي ولا يصح العقل إلا إذا كان القلب والدماغ صحيحان فإذا حصل التأثير على الدماغ انعكس أثره على القلب وإذا حصل التأثر على القلب انعكس أثره على الدماغ ولا يصح العقل إلا بصحتهما وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
#41
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث الثاني : عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال أنفجنا أرنباً بمر الظهران فسعى القوم فلغبوا وأدركتها فأخذتها فأتيت أبا طلحة فذبحها وبعث إلى رسول الله ﷺ بوركها وفخذيها فقبله ) (لغبوا ) أعيوا موضوع الحديث : حل الأرنب وجواز أكلها المفردات أنفجنا : أي أثاروا أرنباً : الأرنب حيوان معروف سريع الجري وهو نوع من أنواع الصيد يجوز أخذه وتربيته ويذبح فيؤكل سعى القوم : السعي هو الجري فلغبوا بمعنى تعبوا وأعيوا أدركتها : لحقتها فأخذتها : مسكتها فأتيت أبا طلحة : أبو طلحة اسمه زيد بن سهل أحد النقباء ليلة العقبة وأحد فضلاء الأنصار وهو زوج أم سليم التي هي أم أنس بن مالك رضي الله عنهم بوركها : الورك هو ملتقى الظهر مع مربط الرجل وفخذيها : أي فخذي الأرنب والفخذ في أعلى الرجل مر الظهران : هو موضع قريب من مكة ولعله ما يسمى الآن بالجموم أو قريباً منه المعنى الإجمالي كان النبي ﷺ وأصحابه في سفر ولعلهم قد نزلوا في ذلك المكان الذي هو مر الظهران فلقد نزل في هذا الموضع رسول الله ﷺ بأصحابه في عام الفتح فأثاروا أرنباً وهو معنى أنفجنا أي أثرنا فسعى القوم بعدها ليأخذوها قال فلغبوا وأدركتها وكان أنس بن مالك في ذلك الوقت في ريعان شبابه فأخذها وذهب بها إلى زوج أمه فذبحها وأهدى منها إلى رسول الله ﷺ فقبلها ولعله قد أكل منها كما أشار إلى ذلك ابن الملقن في الرواية التي حكاها فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث جواز أكل الأرنب وأنها نوع من أنواع الصيد يؤكل لحمها ثانياً : يؤخذ منه أن الصيد لمن أدركه وإن سعى وراءه عدد فلم يدركوه فإنه يكون لمن أدركه ويملك لحمه بالتذكية وهو الذبح ويملكه بالأخذ ويحل لحمه بالتذكية ثالثاً : أن هذا الحيوان يجوز اقتنائه وتربيته رابعاً : حكيت كراهة لحمه عن بعض السلف وزعموا أن الأرنب تحيض ولا دليل على ذلك إلا ما حكاه ابن حجر في الفتح رحمه الله حيث قال من حديث أخرجه النسائي من طريق موسى بن طلحة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ( جاء أعرابي إلى النبي ﷺ بأرنب قد شواها فوضعها بين يديه فأمسك رسول الله e فلم يأكل وأمر القوم أن يأكلوا ) ورجاله ثقات إلا أنه اختلف فيه على موسى بن طلحة اختلافاً كثيراً) أهـ وأقول : وأخرجه أيضاً عبدالرزاق 4/516 وابن أبي شيبة 8/247 والبيهقي 9/321 إلى أن قال واحتج بحديث خُزَيْمَةَ بْنِ جَزْءٍ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَقُولُ فِي الأَرْنَبِ قَالَ لا آكُلُهُ وَلا أُحَرِّمُهُ قُلْتُ فَإِنِّي آكُلُ مِمَّا لَمْ تُحَرِّمْ وَلِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نُبِّئْتُ أَنَّهَا تَدْمَى ) وسنده ضعيف أقول : أخرجه ابن أبي شيبة وابن ماجة من طريق محمد بن إسحاقوهو مدلس وقد عنعن عن عبدالكريم بن أبي المخارق وهو ضعيف قال ولو صح لم يكن فيه دلالة على الكراهة كما سيأتي تقريره في الباب الذي بعده قال وله شاهد عن عبدالله بن عمرو بلفظ (جِيءَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَأَنَا جَالِسٌ فَلَمْ يَأْكُلْهَا وَلَمْ يَنْهَ عَنْ أَكْلِهَا وَزَعَمَ أَنَّهَا تَحِيضُ ) أخرجه أبو داود وله شاهد عن عمر عند إسحاق بن راهوية في مسنده وحكى الرافعي عن أبي حنيفة أنه حرمها وغلطه النووي في النقل عن أبي حنيفة ) أهـ وأقول : أولاً أن هذه الأحاديث التي ذكرت فيها ضعف وحديث أنس بن مالك في الصحيحين ثانياً : أن القاعدة الاصطلاحية أنه إذا تعارض حديثان فإن أمكن الجمع بينهما جمع بينهما وإن لم يمكن فيجب الرجوع إلى الترجيح ولا شك أن حديث الصحيحين أرجح وهذه الأحاديث التي ذكرت فيها ضعف وربما إن بلغ بعضها إلى درجة المقبول ولكنه لا يصل إلى درجة ما رواه صاحبا الصحيح بل ما رواه أحدهما ثالثاً : أنه لو صح أن النبي ﷺ قال لا آكله ولا أحرمه فإن ذلك لا يدل على تحريمه أو كراهته علماً بأنه قد ثبت في رواية البخاري أن النبي ﷺ أكل منها وبالله التوفيق خامساً : يؤخذ منه جواز هدية الصيد لمن ملكه سواء كان حياً أو هدية لحمه بعد الذكاة وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
#42
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - الحديث الثالث : عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت نحرنا فرساً على عهد رسول الله ﷺ فأكلناه . وفي رواية ونحن بالمدينة موضوع الحديث : حل أكل لحم الخيل المفردات نحرنا : النحر يكون لما لا يذبح من الأنعام كالإبل وما يقدر ابن آدم على ذبحه فهو يذبح ولعل الفرس مما لا يستطاع ذبحه فينحر ونحر ما يجوز ذبحه وذبح ما يجوز نحره كل ذلك جائز ويعتبر ذكاة إلا أنه مخالفة للسنة فرساً : الفرس يقال للأنثى والذكر كما يقال على عهد رسول الله ﷺ : أي في زمنه قولها فأكلناه : بينت علة النحر ليدل ذلك على جواز أكله وفي رواية ونحن بالمدينة يعني أنهم فعلوا ذلك بعد الهجرة المعنى الإجمالي تخبر أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما أنهم نحروا فرساً على عهد رسول الله ﷺ وأكلوه هم وأهل بيت رسول الله ﷺ وفي ذلك دلالة على جواز أكل لحوم الخيل ولا يتوهم أحد منع أكلها لاقترانها مع الحمير والبغال في الآية وهي قوله تعالى (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ ) [ النحل : 8 ] فقه الحديث يؤخذ من الحديث جواز أكل لحوم الخيل قال ابن الملقن وفي ذلك ثلاثة مذاهب أحدها جوازها من غير كراهة وهو مذهب الشافعي وأحمد وجمهور العلماء سلفاً وخلفاً وبه قال جماعة من الصحابة والتابعين وجماهير الفقهاء والمحدثين منهم عبدالله بن الزبير وأنس بن مالك وفضالة بن عبيد وأسماء بنت أبي بكر ومن التابعين سويد بن غفلة وعلقمة والأسود وعطاء وشريح وسعيد بن جبير والحسن البصري وإبراهيم النخعي وحماد بن ابي سليمان وإسحاق وأبي يوسف ومحمد وداود وغيرهم المذهب الثاني : حله مع الكراهة وهو قول ابن عباس والحكم بن عتيبة وبعض اصحاب أبي حنيفة المذهب الثالث : أنه حرام وهو الصحيح عند أصحابه كما نقله عنه الشيخ تقي الدين قلت يعني بذلك ابن دقيق العيد يعني نقل تحريمه عن أبي حنيفة وعنه يأثم ولا يسمى حراماً وعليها اقتصر النووي في شرحه في حكايتها عنه وعند المالكية ثلاثة أقوال الكراهة والتحريم والإباحة قال الفاكهي والظاهر فيها وهو المشهور الكراهة والصحيح عند المحققين منهم التحريم وأقول : معنى ذلك عند المحققين من المالكية واقتصر النووي في شرحه والقرطبي في النقل عن مالك على الكراهة فقط ومن قال بكراهة أكله أو تحريمها استدل بحديث رواه صالح بن يحيى بن المقدام بن معدي كرب عن جده المقدام عن خالد بن الوليد أنه عليه الصلاة والسلام ( نهى عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمير وكل ذي ناب من السباع ) أهـ وفي بعض رواياتهم أن ذلك يوم خيبر ) رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه وأقول : قد قدح في هذا الحديث بأن صالح بن يحيى وأبوه غير معروفين وأن خالد بن الوليد لم يسلم إلا بعد فتح خيبر مع أن حديث أسماء في الصحيحين وحديث جابر بن عبدالله الآتي في الصحيحين أيضاً وفيه أن النبي ﷺ ( نهى عن لحوم الحمر الأهلية وأذن في لحوم الخيل ) ولمسلم وحده قال ( أكلنا زمن خيبر الخيل وحمر الوحش ونهى رسول الله ﷺ عن الحمار الأهلي ) فالاستدلال بهذين الحديثين الصحيحين على جواز أكل لحوم الخيل استدلال صحيح في محله ولا تعارض هذين الحديثين الصحيحين بحديث ضعيف علماً بأن في رواية أسماء أنهم أكلوا لحم ذلك الفرس هم وأهل بيت رسول الله ﷺ والله سبحانه وتعالى لا يقر صحابة رسوله ﷺ على شيئ محرم بل قال جل من قائل (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) [ التوبة : 115 ] مع أن الدلالة واضحة من حديث أسماء أن النبي ﷺ علم ذلك وأقره وما أكل في بيته ﷺ فالمظنون أنه يأكل منه ومنع النبي ﷺ من أكل لحوم الحمر الأهلية ونهيه عنها وكفئه لقدور طبخها وهي تغلي وترميلها بالتراب وإقراره لأكل لحوم الخيل وحمر الوحش بالإذن فيها كل ذلك يدل دلالة واضحة على حل أكل لحوم الخيل وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
#43
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - الحديث الرابع : عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ نهى عن لحوم الحمر الأهلية وأذن في لحوم الخيل ولمسلم وحده قال : أكلنا زمن خيبر الخيل وحمر الوحش ونهى رسول الله ﷺ عن الحمار الأهلي . موضوع الحديث: إباحة أكل لحوم الخيل والحمر الوحشية وتحريم الحمار الأهلي المفردات لحوم الحمر الأهلية : المقصودبها الحمر الأنسية والأهلية والإنسية بمعنى أنها آنسة وليست بمتوحشة قوله وأذن في لحوم الخيل : أي في أكلها وهذا الحديث دليل على إباحة لحوم الخيل وكذلك حمر الوحش وحمر الوحش هي حمر متوحشة أباح النبي e أكلها وأكلها هو بنفسه وقبل الهدية بها واعتذر من المهدي بأنه كان محرماً وصيد البر لا يحل له المعنى الإجمالي يخبر راوي الحديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن النبي ﷺ نهى عن لحوم الحمر الأهلية أي نهى عن أكلها وأنه أباح وأذن في لحوم الخيل والحمار الوحشي فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث تحريم لحوم الحمر الأهلية وسيأتي من حديث عبدالله بن أبي أوفى رضي الله عنه أن النبي ﷺ أمر بكفأ القدور وهي تغلي بلحمها وتحريم لحوم الحمر الأهلية مجمع عليه إلا من شذ ثانياً : ورد حديث عَنْ غَالِبِ بْنِ أَبْجَرَ قَالَ أَصَابَتْنَا سَنَةٌ فَلَمْ يَكُنْ فِي مَالِي شَيْءٌ أُطْعِمُ أَهْلِي إِلا شَيْءٌ مِنْ حُمُرٍ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَرَّمَ لُحُومَ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَابَتْنَا السَّنَةُ وَلَمْ يَكُنْ فِي مَالِي مَا أُطْعِمُ أَهْلِي إِلا سِمَانُ الْحُمُرِ وَإِنَّكَ حَرَّمْتَ لُحُومَ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ فَقَالَ أَطْعِمْ أَهْلَكَ مِنْ سَمِينِ حُمُرِكَ فَإِنَّمَا حَرَّمْتُهَا مِنْ أَجْلِ جَوَّالِ الْقَرْيَةِ يَعْنِي الْجَلالَةَ ) وهذا الحديث ضعيف قد ضعفه أهل العلم إذ حكى ابن الملقن عن البيهقي أنه قال هذا الحديث مختلف في إسناده ومثله لا تعارض به الأحاديث الصحيحة بتحريم لحوم الحمر الأهلية وقال عبدالحق هذا الحديث ليس بمتصل الإسناد إلا من حديث عبدالله بن عامر بن لويم وهو غير معروف وعبدالرحمن بن بشر وهو مجهول وقال ابن الملقن المذكور في وصفه ضعيف باتفاق الحفاظ لما في إسناده من الاضطراب وشدة الاختلاف وأقول : مثل هذا الحديث لا تعارض به الأحاديث الصحيحة الواردة في الصحيحين وغيرهما وعلى تقدير صحة الحديث أي حديث ابن أبجر فإنه يحمل على أن تلك السنة المجدبة كان فيها حالة اضطرارية تبيح أكل لحوم الحمر الأهلية بسبب الضرورة كما تباح الميتة للمضطر أيضاً وهذا تنـزلاً على فرضية بلوغ حديث غالب بن أبجر إلى درجة الاحتجاج ولكن القول بضعفه واضطرابه وعدم صحته هو القول الراجح عند أهل الحديث . ثالثاً : ما هي العلة التي من أجلها حرمت لحوم الحمر الأهلية ؟ الجواب : ادعى بعض أهل العلم أن العلة في ذلك أنها للركوب والحمل فلو سلط عليها الأكل لنفدت فلذلك حرمت والقول الصحيح أنها أنما حرمت لنجاستها لأن النبي ﷺ أخبر أنها نجسة ففي صحيح ابن خزيمة أن النبي ﷺ قال لبعض الصحابة أبغني أحجاراً أستنفض بها فأتاه بحجرين وروثة حمار فرمى الروثة وقال إنها ركس . رابعاً : يؤخذ من الحديث جواز أكل لحوم الخيل كما أفاده حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما وتقدم بأن الجمهور قالوا بجواز أكل لحوم الخيل وأن أبا حنيفة حرمها أو كرهها والقول بالإباحة هو صريح هذه الأحاديث الصحيحة المتفق عليها خامساً : يؤخذ من الحديث جواز أكل لحوم الحمر الوحشية وقد أكل النبي ﷺ منها في عام الحديبية حين لحقه أبو قتادة بشيء من لحم حمار الوحش الذي اصطاده وأكل لحم حمر الوحش متفق عليه لا خلاف في ذلك وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
#44
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث الخامس : عن عبدالله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال أصابتنا مجاعة ليالي خيبر فلما كان يوم خيبر وقعنا في الحمر الأهلية فانتحرناها فلما غلت بها القدور نادى منادي رسول الله ﷺ أن اكفؤ القدور وربما قال ولا تأكلوا من لحوم الحمر شيئاً . موضوع الحديث : تحريم لحوم الحمر الأهلية المفردات أصابتنا مجاعة : أي جوع ليالي خيبر : أي وقت القتال فيها وانتظار فتحها فلما كان يوم خيبر : أي بعد أن فتحت وقعنا في الحمر الأهلية أي أصبنا منها فانتحرناها بمعنى أنهم ذكوها فلما غلت بها القدور : بمعنى أنها كادت أن تنضج نادى منادي رسول الله ﷺ أن أكفؤ القدور : الكفأ هو القلب وإراقة ما فيها وربما قال ولا تأكلوا من لحوم الحمر شيئاً . المعنى الإجمالي يخبر عبدالله بن أبي أوفى بأنهم حصلت لهم مجاعة في ليالي موقعةخيبر ولما فتحت انتحروا من حمرها وأخذوا من لحمها وطبخوه ولما طبخوه أمرهم النبي ﷺ بكفئ القدور وعدم الأكل من ذلك اللحم فقه الحديث تقدم الكلام عن لحوم الحمر الأهلية وأنها محرمة وتقدم بحث ذلك في الحديث الرابع والذي قبله بما أغنى عن إعادته هنا ومثل ذلك حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال حرم رسول الله لحوم الحمر الأهلية وهذا من الأحاديث الصريحة الدالة على تحريم أكلها وفقه الحديث كما تقدم في الأحاديث قبله وأن التعليل بكونها مركوبة أو بكونها جلالة كل ذلك تعليل غير صحيح بل هو من تفقه بعض الصحابة والعلة قد نص عليها الحديث حين أمر أبا طلحة أن ينادي إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية فإنها رجس وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
#45
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث السادس : عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه قال دخلت أنا وخالد بن الوليد مع رسول الله ﷺ بيت ميمونة فأتي بضب محنوذ فأهوى إليه رسول الله ﷺ بيده فقال بعض النسوة اللآتي في بيت ميمونة أخبروا رسول الله ﷺ بما يريد أن يأكل فرفع رسول الله ﷺ يده فلم يأكل فقلت أحرام هو يا رسول الله ؟ قال لا ولكنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه . قال خالد فاجتررته فأكلته والنبي ﷺ ينظر قال رضي الله عنه: المحنوذ المشوي بالرضف وهي الحجارة المحماة موضوع الحديث : حكم أكل الضب المفردات فأتي بضب : الضب دابة من دواب الأرض وهو حيوان بري قال ابن الملقن يشبه الجرذون لكنه كبير القد يعني أكبر جثة من الجرذون والضب هذا هو الذي ورد فيه الحديث عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبٍّ لاتَّبَعْتُمُوهُمْ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ آلْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قَالَ فَمَنْ ) يقال أن حفرة الضب متعرجة يحفرها تارة كذا وتارة كذا فلذلك ضرب به المثل أما قوله محنوذ : فالمحنوذ هو المشوي سواء كان على رضف أو غير ذلك فكل مشوي يقال محنوذ فأهوى إليه رسول الله ﷺ : أي مد يده إليه ليأكل منه فقلت أحرام هو : استفهام طلبي قال لا ولكنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه . من عجائب الضب يقولون أنه إذا أراد من اصطاده أن يذبحه يضع يده على حلقه ولحمه ينقز من القدر ومن أجل ذلك يضعون عليه شيئاً ثقيلاً المعنى الإجمالي جاءت أم حفيد بنت الحارث وهي هزيلة بنت الحارث جاءت إلى أختها ميمونة زائرة لها ومعها شيء من الهدايا وكان من ضمن الهدايا ضب وقد حضر ذلك الغداء أبناء أخوات ميمونة فخالد بن الوليد هو ابن أختها ميمونة خالته وعبدالله بن عباس والفضل بن عباس هي خالتهما أيضاً ولما وضع الغداء ومد النبي ﷺ يده إلى اللحم ليأكل منه قالت نسوة ممن في البيت أخبروا رسول الله ﷺ بما يريد أن يأكل فقيل له إنه لحم ضب فحبس يده فقال له خالد أحرام هو يا رسول الله قال لا ولكنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه . قال خالد فاجتررته فأكلته والنبي ﷺ ينظر فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث حل أكل الضب وأنه ليس بحرام بل هو حلال وما تركه النبي ﷺ إلا تقذراً ثانياً : يؤخذ من هذا الحديث أن ما تركه الشارع ﷺ تقذراً فهو ليس بحرام ثالثاً : قد ورد في ذلك حديث عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنْ أَكْلِ لَحْمِ الضَّبِّ وهو حديث ضعيف ولا يصح أن يكون معارضاً لهذا الحديث الصحيح وضعفه ابن الجوزي في علله وقال البيهقي تفرد به إسماعيل بن عياش وليس بحجة عن الشاميين وتعقبه ابن الملقن بأن إسماعيل بن عياش حديثه عن الشاميين حجة وقد حدث في هذا عن ضمضم وضمضم حمصي وتعقب ابن حزم في ادعائه أن رجال سنده ضعفاء والمهم أن النبي ﷺ كرهه هو نفسه تقذراً وأخبر بحله في هذا الحديث الصحيح المتفق عليه المشهور شهرة عظيمة . إذاً فهذا الحديث شاذ الذي ادعى فيه أن النبي ﷺ نهى عن الضب إلا أن يكون قال قبل أن يعلم حكمه وقبل أن يوحى إليه فيه ثم استقر حكم الضب على الجواز من غير كراهة فكون النبي ﷺ ظن أنه من الممسوخات وخاف أن يكون مما توالد منها وبعد أن أعلمه الله عز وجل أن كل أمة مسخت لم يبق لها عقب ومن هنا فقد كان بذلك الأمن مما كان يحذر رابعاً : ورد حديث في المعجم الصغير للطبراني عن جابر بن سمرة رضي الله عنه سئل رسول الله ﷺ عن الضب ( فقال أمة مسخت ) وهذا مما يستأنس به أن النهي الذي حصل قبل ذلك عن أكل لحم الضب حيث كان النبي ﷺ يعتقد أنه من بقايا المسخ فلما أعلمه الله عز وجل بأن الأمم الممسوخة لم يبق لها عقب وأن كل أمة مسخت لا تبقى أكثر من ثلاثة أيام بعد المسخ زال ما كان يحذر كما سبق خامساً : جواز دخول أقارب الزوجة بيتها وتبسطهم فيه إذا علموا أن الزوج لا يكره ذلك سادساً : الأكل في بيت الصديق والقريب الذي لا يكره ذلك والله سبحانه وتعالى يقول في آية سورة النور ( أَوْ صَدِيقِكُمْ ) [ النور : 61 ] -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ] [ المجلد الخامس ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf الرابط المباشر لتحميل الكتاب : http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384 |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
[متجدد] تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ المجلد الرابع ] | ام عادل السلفية | الأحاديث الصحيحة فقهها وشرحها | 79 | 05-02-2016 12:02AM |
[متجدد] تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ المجلد الثالث ] | ام عادل السلفية | الأحاديث الصحيحة فقهها وشرحها | 118 | 29-10-2015 04:32PM |
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام ((المجلد الثاني)) | ام عادل السلفية | الأحاديث الصحيحة فقهها وشرحها | 51 | 28-07-2015 09:57PM |
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي | ام عادل السلفية | مكتبة معرفة السنن والآثار العلمية | 1 | 14-02-2015 01:42AM |
ردع الشيخ المحدث مقبل الوادعي لجناية علي رضا على كتب العلل واستخفافه ببعض المتقدمين | ماهر بن ظافر القحطاني | منبر الجرح والتعديل | 0 | 05-05-2005 01:07AM |