القائمة الرئيسية
الصفحة الرئيسية للمجلة »
موقع الشيخ ماهر بن ظافر القحطاني »
المحاضرات والدروس العلمية »
الخطب المنبرية الأسبوعية »
القناة العلمية »
فهرس المقالات »
فتاوى الشيخ الجديدة »
برنامج الدروس اليومية للشيخ »
كيف أستمع لدروس الشيخ المباشرة ؟ »
خارطة الوصول للمسجد »
تزكيات أهل العلم للشيخ ماهر القحطاني »
اجعلنا صفحتك الرئيسية »
اتصل بنا »
ابحث في مجلة معرفة السنن والآثار »
ابحث في المواقع السلفية الموثوقة »
لوحة المفاتيح العربية
البث المباشر للمحاضرات العلمية
دروس الشيخ ماهر بن ظافر القحطاني حفظه الله والتي تنقل عبر إذاعة معرفة السنن والآثار العلمية حسب توقيت مكة المكرمة حرسها الله :: الجمعة|13:00 ظهراً| كلمة منهجية ثم شرح كتاب الضمان من الملخص الفقهي للعلامة الفوزان حفظه الله وشرح السنة للبربهاري رحمه الله :: السبت|19:00| شرح كشف الشبهات للإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله :: الأحد|19:00 مساءً| شرح العقيدة الطحاوية لأبي العز الحنفي رحمه الله :: الاثنين|19:00 مساءً| شرح سنن أبي داود السجستاني:: الثلاثاء|19:00 مساءً| شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج وسنن أبي عيسى الترمذي رحمهما الله :: الأربعاء|19:00 مساءً| شرح الموطأ للإمام مالك بن أنس رحمه الله :: الخميس|19:00 مساءً| شرح صحيح الإمام البخاري رحمه الله
 
جديد فريق تفريغ المجلة


العودة   مجلة معرفة السنن والآثار العلمية > السـاحة الإســلاميـــة > منـبر السنة النبوية والآثار السلفية > الأحاديث الصحيحة فقهها وشرحها
مشاركات اليوم English
نود التنبيه على أن مواعيد الاتصال الهاتفي بفضيلة الشيخ ماهر بن ظافر القحطاني حفظه الله، ستكون بمشيئة الله تعالى من الساعة الحادية عشرة صباحاً إلى الثانية عشرة والنصف ظهراً بتوقيت مكة المكرمة، وفي جميع أيام الأسبوع عدا الخميس و الجمعة، آملين من الإخوة الكرام مراعاة هذا التوقيت، والله يحفظكم ويرعاكم «رقم جوال الشيخ: السعودية - جدة 00966506707220».

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع التقييم: تقييم الموضوع: 1 تصويتات, المعدل 5.00. انواع عرض الموضوع
  #16  
قديم 27-02-2016, 04:23PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -


باب حد السرقة


تقدم لنا أن الحد هو الفاصل بين شيئين وهنا يراد بالحد العقوبة التي تمنع من الوقوع في هذه الجريمة أو تلك فحد السرقة كأن يقطع الكف من اليد اليمنى التي تكون غالباً مباشرة للسرقة وقد ألقى أبو العلاء المعري شبهة في زمنه حيث قال يد بخمس مئين عسجد وديت ما بالها قطعت في ربع دينار فرد عليه عالم من علماء ذلك الزمن يقال له عبدالوهاب وهو من علماء المالكية فقال عز الأمانة أغلاها وأرخصها ذل الخيانة فافهم حكمة الباري ولهذا قالوا لما كانت أمينة كانت ثمينة ولما خانت هانت وهو كذلك فقيمة اليد خمسمائة مثقال من الذهب وهي نصف دية الرقبة فدية الرجل ألف دينار من الذهب .


ودية اليد إذا قطعت خمسمائة مثقال والمثقال هو دينار أما إذا سرقت فإنها تقطع في ربع دينار وربع الدينار كان في زمن النبي ﷺ يساوي ثلاثة دراهم من الفضة والثلاثة الدراهم تساوي ريالاً إلا ربع بالنقد السعودي إذ أن أهل العلم قالوا إن الدرهم يساوي جرامين وسبعة وتسعين من الجرام الثالث ( 2.97 جم ) ولقد أخذت ريالاً سعودياً من الفضة ووزنته في زمن قديم عند باعة الذهب فوزن أحد عشر جراماً وثمانية وثمانين من المائة من الجرام الثاني عشر ( 11.88جم ) وذلك يساوي أربعة دراهم إذا قلنا أن الدرهم يزن جرامين وسبعة وتسعين من الجرام الثالث أي أنه ثلاث جرامات ينقص الثالث منها ثلاثة بالمائة . فلو ضربنا ذلك في أربعة لطلع معنا أحد عشر جراماً وثمانية وثمانين بالمائة من الجرام الثاني عشر ( 11.88جم ) أي أن الثاني عشرينقص اثني عشر بالمائة من الجرام فتبين أن الثلاثة الدراهم تساوي ريالاً إلا ربع وقد جاء في الحديث الصحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ ( لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ )


وقد استغرب بعض الفقهاء كيف يسرق الحبل أو البيضة فتقطع يده علماً بأن البيضة المسلوقة تباع في وقتنا الحاضر بريال واحد وأن الحبل يباع بعدة ريالات وقد ورد أنه في زمن السلف سرق سارق أترجة أي حبة أترنج تساوي ثلاثة دراهم فقطعت يده وسيأتي الكلام على كون المعتبر في نصاب السرقة هو ربع دينار من الذهب أو ثلاثة دراهم من الفضة وقد قال الشافعي بأن أصل نصاب السرقة الذهب لحديث عائشة أن النبي ﷺ قطع في ربع دينار وذهب آخرون إلى أن الأصل في نصاب السرقة الدراهم فيكون ثلاثة دراهم لحديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم وسنبين الفرق فيما يأتي إن شاء الله تعالى . وبه قال مالك ومن معه كما سيأتي .


المجن يسمى الدرقة وهو شيء من الحديد مجوف


--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384


التصفية والتربية

TarbiaTasfia@







التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 27-02-2016 الساعة 04:26PM
رد مع اقتباس
  #17  
قديم 27-02-2016, 04:36PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -


باب حد السرقة :

الحديث الأول :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قطع في مجن قيمته وفي لفظ ثمنه ثلاثة دراهم



موضوع الحديث :
نصاب السرقة



المفردات
قوله قطع : أي قطع يد السارق
في مجن : أي بسبب مجن سرقه والمجن هو الدرقة التي كانت يستجن بها أي يتقى بها ضرب السيوف أو طعن الرماح أو السهام
قوله : قيمته وفي لفظ ثمنه : القيمة والثمن يمكن أن تكون لفظان مختلفان على شيء واحد ويمكن أن يقال أن القيمة هي التي تعرف غالباً عند الناس وأما الثمن فقد يزيد عن القيمة المعروفة وقد ينقص بناء على المماكسة وعلى هذا فإن القيمة والثمن يقال أنهما يختلفان أحياناً ويتفقان في الغالب


المعنى الإجمالي
يخبر عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قطع يد سارق في سرقة مجن قيمته ثلاثة دراهم


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث الشريف أن الثلاثة الدراهم هي نصاب القطع في السرقة فلا يقطع في أقل منها وبهذا قال مالك وأحمد وإسحاق ورواية عن الشافعي


ثانياً : يؤخذ منه أن الدراهم وهي الفضة هي أصل في نصاب السرقة وهذه الرواية رواية صحيحة رواها البخاري ومسلم ومالك في الموطأ وأحمد في المسند والترمذي والنسائي وأبو داود وابن ماجة
وأما الأقوال في نصاب القطع في السرقة فهي ثمانية أقوال حكاها ابن الملقن في كتابه الإعلام بفوائد عمدة الأحكام في شرح هذا الحديث فكان منها القول بأن النصاب ثلاثة دراهم وسبق أن قلت أن الثلاثة الدراهم تقدر بالنقد الحالي بريال إلا ربع سعودي


القول الثاني على أن نصاب القطع في السرقة ربع دينار من الذهب وهذا مقتضى حديث عائشة رضي الله عنها الآتي أن النبي ﷺ قطع في ربع دينار والرواية الموجودة هنا عن عائشة أنها سمعت رسول الله ﷺ يقول تقطع اليد في ربع دينار فصاعداً وهذا الحديث ذهب إليه الشافعي وهو قول كثير من العلماء ذكر ابن الملقن منهم عائشة وعمر بن عبدالعزيز والأوزاعي والليث بن سعد والشافعي وأبو ثور وإسحاق وقد ذهب هؤلاء إلى أن الأصل في نصاب السرقة هو الذهب وإذا قلنا بأن الأصل في نصاب السرقة هو الذهب فإن القطع يكون في ربع دينار سواء كانت قيمته ثلاثة دراهم أو أكثر فلو قلنا بهذا القول وجعلنا الذهب أساساً في نصاب السرقة فإنه لا يقطع إلا فيما قيمته ربع دينار والدينار هو مثقال وهو أربعة جرامات وثلاث وعشرين بالمائة من الجرام الخامس (4.23 جم) وقد كمل الفقهاء اثنين بالمائة ليساوي الدينار أربع جرامات وربع (4.25 ) وإذا قلنا أربع جرامات وربع فإنه يعتبر بقيمة الذهب في وقت السرقة فمثلاً الآن الجرام من الذهب يباع بخمسة وأربعين أو بأربعين ريالاً فيضاف إليها ربع الربع لو قلنا أن قيمة الجرام أربعين فيجب أن نضيف إليه ربع الربع حيث أن الدينار أربع جرامات وربع ( 4.25 ) فيكون النصاب اثنين وأربعين ونصف ريال سعودي والفرق كبير بين هذين النصابين علماً بأن قيمة الذهب ترتفع وتنخفض فتكون غير محددة بل تكون عائمة في القيم المختلفة ومن ناحية أخرى فإذا قلنا بحديث عبدالله بن عمر وهو كان في ذلك الزمن ربع دينار أي الثلاثة الدراهم ربع دينار لأن صرف الدينار في ذلك الزمن اثني عشر درهماً وما كان النبي ﷺ ليقطع في شيء أقل من النصاب الذي يجب القطع به وفيما يظهر لي والله أعلم أن تقدير النصاب بثلاثة دراهم أضبط وكون الدراهم معروفة المقدار فيكون القطع فيما قيمته ثلاثة دراهم وهي ريال إلا ربع بالنقد السعودي هذا ما تلخص لي أما القول بأن نصاب القطع في السرقة عشرة دراهم أو خمسة دراهم أو درهمين أو درهم واحد أو أربعين درهماً فكل هذه الأقوال أدلتها ضعيفة والقول بها أضعف والله تعالى أعلم .


يبقى معنا الكلام من أين تقطع اليد وما هو الذي يثبت به هذا الحد فالجمهور على أن اليد تقطع من مفصل الرسغ وهو مفصل الكف مع الذراع وعلى هذا القول جرى العمل في زمن النبي ﷺ وخلفائه الراشدين وقالت الخوارج أن اليد تقطع من المنكب وقولهم هذا ضعيف وكذلك القول بأنها تقطع من المرفق .


ثالثا : أنه لا يقطع إلا في الآخذ من حرز والحرز شرط عند الجمهور فالصندوق حرز للدراهم وكل شيء حرزه بحسبه والدابة إذا كانت مربوطة فحرزها رباطها والجيب حرز أيضاً وقد ورد في الحديث ( أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ قِيلَ لَهُ هَلَكَ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ قَالَ فَقُلْتُ لا أَصِلُ إِلَى أَهْلِي حَتَّى آتِيَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَرَكِبْتُ رَاحِلَتِي فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ زَعَمُوا أَنَّهُ هَلَكَ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ قَالَ كَلا أَبَا وَهْبٍ فَارْجِعْ إِلَى أَبَاطِحِ مَكَّةَ قَالَ فَبَيْنَمَا أَنَا رَاقِدٌ إِذْ جَاءَ السَّارِقُ فَأَخَذَ ثَوْبِي مِنْ تَحْتِ رَأْسِي فَأَدْرَكْتُهُ فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ ﷺ فَقُلْتُ إِنَّ هَذَا سَرَقَ ثَوْبِي فَأَمَرَ بِهِ ﷺ أَنْ يُقْطَعَ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ هَذَا أَرَدْتُ هُوَ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ قَالَ فَهَلا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ )
فنأخذ من هذا الحديث أن رداء صفوان رضي الله عنه كان وضع رأسه عليه حرزاً له ويتبين لنا أن الحرز في كل شيء بحسبه والسيارة إذا كانت مقفلة وفتحها السارق فإنه إذا أخذها ، أخذها من حرز والدابة إذا كانت مربوطة فأخذها السارق من رباطها فإنه قد أخذها من حرز وهكذا وتبين لنا أن بعض الفقهاء الذين يتشددون في الحرز أنهم مخطئون في ذلك ولعل الإنسان يكون آثماً عندما يحاول دفع الحد عن المجرم بأوهى سبب


رابعاً : أن القطع في السرقة هو أن تقطع من مفصل الكف في اليد اليمنى فإن عاد فسرق قطعت رجله اليسرى من مفصل القدم .


--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384









رد مع اقتباس
  #18  
قديم 02-03-2016, 01:00AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -


الحديث الثاني :
عن عائشة رضي الله عنها والقول فيه كما سبق في حديث ابن عمر رضي الله عنه أما ثبوت الحد فهو يثبت بالاعتراف كما في حديث صفوان ابن أمية الذي شهد فيه السارق على نفسه بالسرقة أو بالبينة وبالله تعالى التوفيق .




الحديث الثالث :
عن عائشة رضي الله عنها أن قريشاً أهمهم شأن المخزومية التي سرقت فقالوا من يكلم فيها رسول الله ﷺ فقالوا من يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله فكلمه أسامة فقال أتشفع في حد من حدود الله ثم قام فاختطب فقال إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وأيم الله لو كانت فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها .

وفي لفظ كانت امرأة تستعير المتاع وتجحده فأمر النبي ﷺ بقطع يدها


موضوع الحديث :
وجوب المساواة في إقامة الحدود بين الأشراف والضعفاء



المفردات
أن قريشاً : قريش اسم للقبيلة ويجمع اثني عشر بطناً من العشائر والأشهر أن لقب قريش اسم لبني فهر
أهمهم : أشغلهم وعظم عليهم شأن المخزومية التي سرقت ذلك أن بني مخزوم كانوا من أشراف قريش في زمن الجاهلية فشغلهم أمرها لكونها سرقت وأمر النبي ﷺ بقطع يدها فرأوا أن ذلك عار يلحقهم فطلبوا من يكلم رسول الله ﷺ ضانين أن الوساطة تنفع عنده كما تنفع عند غيره
من يجترئ : ومعنى يجترئ أي يستطيع أن يكلم رسول الله ﷺ إلا أسامة بن زيد وأسامة بن زيد بن حارثة هو حب رسول الله ﷺ وابن حبه لأنه ابن مولاه زيد بن حارثة الذي أشار القرآن الكريم إليه بقوله ( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ ) [ الأحزاب : 37] وحب بمعنى محبوب وزيد بن حارثة قد ذكرنا قصته فيما مضى
قوله فكلمه أسامة فقال أتشفع في حد من حدود الله : الهمزة للاستفهام الإنكاري
قوله ثم قام فاختطب : أي خطب الناس مبيناً لهم عواقب هذا الصنيع وهو إقامة الحد على الضعيف وتركه عن الشريف .
قوله إنما أهلك الذين من قبلكم : أي أوقع عليهم الهلاك والذم من قبل الله عز وجل أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه والمراد بالشريف من له حسب وجاه وشعبية تحميه وإذا سرق فيهم الضعيف وهو من لا حسب له ولا جاه ولا شعبية أقاموا عليه الحد : أي عملوه فيه غير مبالين بما ارتكبوا من جريمة بترك الحد عن الشريف وإقامته على الضعيف والوضيع .
وأيم الله : هذا يمين على المشهور
لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها : لو حرف وجود لوجود أي لو وجدت منها السرقة لوجد مني القطع ليدها


المعنى الإجمالي
هذا حديث عظيم من أحاديث المصطفى ﷺ يبين أن رسول الله ﷺ لا يثنيه عن تنفيذ أمر الله عز وجل على من استحقه بما عمل من السبب لا يثنيه عن ذلك شرف الفاعل ولا قرابته ولا محسوبيته فقد أقسم ﷺ أنه لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع يدها ولا يمنعه عن ذلك كونها ابنته وهذا مقام عظيم لا يثبت فيه إلا الأولياء والأصفياء وأولوا العزم من رسل الله عز وجل فذاك إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام حين رأى أنه يذبح ابنه عزم على التنفيذ ولم يثنه شفقة الأبوة وحنوها على الابن وبذلك أثنى الله عليه بقوله ( وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ) [ النجم : 37 ] أي وفى ما أمر به .


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث ما كان عليه أهل الجاهلية من حمية الجاهلية التي يحاولون بها الامتناع عن حدود الله لو استطاعوا ولكونهم لا يستطيعون ذلك فقد توسطوا بالشفاعة من حب رسول الله ﷺ وابن حبه في ترك القطع عنها


ثانياً : أن الناس كلما كانوا ألصق بالدنيا وأنانيتها وعظمتها المزعومة كان الشيطان ينفخ فيهم ويجعلهم يمتنعون عن إقامة حدود الله لو استطاعوا


ثالثاً : أنهم توسطوا بحب رسول الله وابن حبه أسامة بن زيد في ترك ما أمر الله به فغضب رسول الله ﷺ على أسامة بن زيد رغم مودته له وأنكر عليه قائلاً ( أتشفع في حد من حدود الله )


رابعاً : أحس أسامة بن زيد بالخطأ والخجل وشعر بإساءته فطلب من رسول الله ﷺ أن يستغفر له


خامساً : لم يكتف رسول الله ﷺ بتأنيب أسامة بن زيد فقد قام خطيباً وأطلقها صريحة إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد


سادساً :ينبغي أن نتذكر حديث الزانيين اليهوديين اللذين رجمهما النبي ﷺ وأن رسول الله ﷺ سأل اليهود عن الرجم هل هو في التوراة وأن الله أمرهم به فحاولوا جحده أولاً ولما انكشف الأمر قال له بعض علمائهم بأن الذي نزل في التوراة الرجم ولكنهم كانوا إذا زنا فيهم الضعيف رجموه وإذا زنا فيهم الشريف تركوه كالحال في السرقة فعند ذلك اتفقوا على التسويد والتجبيه بدلاً عن الرجم وبدلوا أمر الله عز وجل فغضب الله عليهم


سابعاً : عند ذلك أقسم النبي ﷺ بقوله أيم الله لو كانت فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها وفي هذا تأييس للذين يحاولون صرف المسئول عن إقامة حد الله عز وجل لكي يعلموا أنه لا نجاة للعباد إلا بإقامة أمر الله عز وجل (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ ) [ المائدة : 65 ،66 ]


ثامناً : فاطمة بنت محمد حاشاها من السرقة ولكن هذا مثل ليعلم به القوم الذين أرادوا منع رسول الله ﷺ من قطع يد المخزومية ليعلموا بذلك أن رسول الله ﷺ لا يثنيه عن تنفيذ أمر الله شيء .


تاسعاً : يؤخذ منه قطع يد السارق لقول الله تعالى (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا) [ المائدة : 38]


عاشراً : لكون السارق غالباً يسرق باليمين فإنها تقطع يمينه من مفصل الكف


الحادي عشر:أن هذا الحكم من الله عز وجل جزاءً لمن يستعمل يمينه في أخذ حقوق العباد أن تقطع يده اليمنى ويحرم منها ومن منفعتها


الثاني عشر :لنتذكر قول الله عز وجل ( نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ ) [ الحجر : 49 ، 50 ] وقوله عز وجل ( حم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ ) [ غافر : 1 – 3 ]
فكما أن رحمته واسعة فإن عذابه أليم ولا يظلم الله أحداً ولكن الناس أنفسهم يظلمون فمن أقيم عليه الحد بسبب سرقته فلا يظن أن الله ظلمه وليعلم أن الذي حصل له إنما هو بسبب جرمه وإسائته .


الثالث عشر :ينبغي أن نعلم حرمة حقوق الناس وأنها حرمة عظيمة فمن سرق مالاً تافهاً لغيره قطعت يده التي تساوي قيمتها نصف دية نفسه وجاء في الحديث (عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ مَنْ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ )


الرابع عشر: ذهب الإمام أحمد إلى أن من يستعير المتاع ويجحده تقطع يده للرواية التي وردت في هذا الحديث وخالفه في ذلك جماهير أهل العلم واعتبروها رواية شاذة وزعموا أن القطع ليس من أجل جحد العارية ولكن من أجل وجود السرقة كما وردت بذلك روايات


الخامس عشر : أن الشفاعة في الحدود بعد وصولها إلى السلطان لا تجوز لقول النبي ﷺ في قصة الذي سرق رداء صفوان بن أمية فاعترف فأمر النبي ﷺ بقطع يده فقال صفوان بن أمية دعه يا رسول الله ردائي صدقة عليه فقال رسول الله هلا كان ذلك قبل أن تأتيني به )


السادس عشر: يؤخذ منه جواز الشفاعة في الحدود وغيرها قبل أن تصل إلى السلطان فإن وصلت إليه حرم ذلك


السابع عشر :مفهوم هذا أي مفهوم الحديث أن الشفاعة في غير الحدود جائزة حتى لو بلغت إلى السلطان لكن في الحدود غير جائزة إلا قبل بلوغ السلطان وأيضاً في هذه الحالة إذا كان الذي حصلت منه الجريمة معروف بالشر وبأذية المسلمين فإن الشفاعة في مثل هذا لا تجوز بحال وبالله التوفيق


--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384








رد مع اقتباس
  #19  
قديم 02-03-2016, 01:05AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -


باب حد شارب الخمر


يلاحظ على من وضع هذه الترجمة وهي قوله باب حد الخمر وهذا الكلام خطأ فإن الحد إنما هو على شربها فمن وجدت عنده خمر لم يجلد من أجل وجودها عنده إلا تعزيراً ولكن يوعظ وأن بقاءها عنده إدمان


أورد فيه الحديث الأول :
حديث أنس بن مالك رضي الل عنه أن النبي ﷺ أتي برجل قد شرب الخمر فجلده بجريدة نحو أربعين قال وفعله أبو بكر فلما كان عمر استشار الناس فقال عبدالرحمن بن عوف أخف الحدود ثمانون فأمر به عمر رضي الله عنه


موضوع الحديث :
حد شارب الخمر هل هو أربعون أو ثمانون



المفردات
أتي برجل : لم يعرف من هو هذا الرجل إلا أنه قد ذكر أن أَنَّ رَجُلا من الصحابة عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ اللَّهُمَّ الْعَنْهُ مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لا تَلْعَنُوهُ فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إلا إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ )


الخمر : يسمى به كل شراب بلغ إلى حد الإسكار وقد قام عمر رضي الله عنه خطيباً فقال الخمر ما خامر العقل أهـ .
وهو إما مشتق من التخمير الذي هو التغطية وذلك أنها تغطي العقل وإما مشتق من المخامرة التي هي المخالطة والقول الأول لعله هو الأقرب لكونها تغطي العقل وتمنعه من معرفة الحقائق
بجريدة : الجريدة تطلق على كل عود سواء كان أخضراً أو يابساً ولعله في الأخضر أشهر وفي محيط المدينة النبوية قد يكون أن إطلاق الجريدة يراد به جريد النخل
قوله نحو أربعين : هذه اللفظة تدل على أن الأربعين تقديراً لا تحديداً
قوله وفعله أبو بكر : أي جرى على ما كان عليه الأمر في عهد النبي ﷺ فلما كان عمر استشار الناس : أي طلب الرأي والمشورة منهم ولعل السبب أن الناس لما حصلت لهم النعمة بطر بعضهم بها وأكثروا من شرب الخمر
قوله أخف الحدود ثمانون : المراد به هنا الحدود المنصوص عليها بالضرب فحد الزنا إذا كان الزاني بكراً مائة جلدة وحد الفرية ثمانون وحد الزاني المحصن الرجم بالحجارة حتى يموت وحد السرقة قطع اليمين من مفصل الكف إذاً فحد الفرية ثمانون بنص الكتاب وأشار عبدالرحمن بن عوف باعتماده فأمر به عمر رضي الله عنه فكان سنة في الشارب


المعنى الإجمالي
يخبر أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي ﷺ ضرب شارب الخمر بجريدة نحو أربعين وأن أبا بكر جرى على ما كان عليه الأمر في عهد النبي ﷺ فلما كان زمن عمر رضي الله عنه وكثرت الفتوح وفاضت الأموال وكثر الوقوع في شرب الخمر ممن لم يكن عندهم من الإيمان ما يردعهم عن ذلك فاستشار عمر رضي الله عنه الصحابة أي استشارهم في الزيادة على الأربعين أو الاكتفاء بها فكأنهم رأوا الزيادة حسماً لذلك التوارد على شرب الخمر من كثير من الناس ليكون في تلك الزيادة زاجراً ورادعاً لهم .


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث تحريم شرب الخمر وهو إجماع والله سبحانه وتعالى قد حرم شربها في كتابه وبين أن الشيطان حريص على إيقاع العبد فيما حرم الله عز وجل فقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) [المائدة : 90 ، 91 ]


ثانياً : يؤخذ من هذا الحديث وجوب الحد على شاربها سواء شرب كثيراً أو قليلاً


ثالثاً :اختلف أهل العلم في حد شرب الخمر فذهب الشافعي إلى أنه أربعون وبه قال داود الظاهري وأبو ثور وقال الشافعي للإمام أن يبلغ به الثمانين إن رأى ذلك لفعل عمر رضي الله عنه وقال الجمهور أن حد شارب الخمر ثمانون جلدة وممن قال بذلك مالك وأبو حنيفة والأوزاعي والثوري وأحمد وإسحاق وابن المنذر


قلت : والذي نص عليه في مذهب الإمام أحمد روايتان رواية كمذهب الشافعي أنه أربعون ورواية كمذهب الجمهور أنه ثمانون


رابعاً : الجلد في حد الخمر يكون بالجريد والنعال والسياط ويجوز أن يكون بعضه بالثياب لا كله والضرب بالسوط أوجع للمضروب وأكثر ردعاً للمتربص


خامساً :يؤخذ من هذا الحديث جواز مشاورة الإمام لأهل الحل والعقد من رعيته


سادساً: ليس على الإمام لوم إذا تبع رأياً من الآراء المعروضة لما رأى من المصلحة في العمل به .


سابعاً : قد ورد في حديث أن النبي ﷺ أمر بقتل الشارب إذا عاد للشرب في المرة الرابعة وأجمع من يعتد به على عدم العمل بهذا الحديث ورأوا أنه منسوخ لأن النبي ﷺ كان يؤتى برجل يشرب الخمر كثيراً فيجلده حتى قال بعض من حضر لعنه الله ) وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال ثم أتى النبي ﷺ بسكران فأمر بضربه فمنا من يضربه بيده ومنا من يضربه بنعله ومنا من يضربه بثوبه فلما انصرف قال رجل ما له أخزاه الله فقال رسول الله ﷺ لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم) فسماه أخاً ولم يقتله مع تكرر شربه للخمر فكان ذلك ناسخاً للحديث الذي ورد والله تعالى أعلم



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384








رد مع اقتباس
  #20  
قديم 02-03-2016, 01:10AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -


الحديث الثاني :
عن أبي بردة بن نيار البلوي رضي الله عنه أنه سمع رسول الله ﷺ يقول ( لا يجلد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله )



موضوع الحديث :
التعزير وهل يجوزأن يبلغ به أدنى الحدود أو لا يجوز في ذلك نظر



المفردات
أبو بردة بن نيار لعلها تقدمت ترجمته في باب العيدين وهو خال البراء بن عازب البلوي نسبة إلى بليّ بطن من قضاعة وهو كان حليفاً للأنصار
قوله لا يجلد : الجلد هو ضرب الجلد يقال جلده إذا ضرب جلده إما في تعزير أو حد
فوق عشرة أسواط : يعني أكثر منها
إلا في حد من حدود الله : الحد يطلق ويراد به العقوبة المقدرة شرعاً على بعض الذنوب ويطلق ويراد به محارم الله عز وجل وقد ورد في الشرع على الأمرين فمن الأول قوله تعالى ( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا ) [ البقرة : 229 ] ( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا )[ البقرة : 187] ومن الثاني الحدود المقدرة كحد السرقة وحد الفرية وحد الزاني البكر وما أشبه ذلك


المعنى الإجمالي
يخبر أبو بردة بن نيار رضي الله عنه أنه سمع رسول الله ﷺ ينهى أن يجلد المسلم فوق عشرة أسواط إلا أن يكون ذلك في حد من حدود الله عز وجل .


فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث :


أولاً : النهي عن الزيادة على عشرة أسواط في العقوبة غير المقدرة وكما قد أشرنا أن أهل العلم اختلفوا في الحد فمنهم من حمله على الحدود المقدرة ومن قال أقل الحدود حد الخمر وهو أربعون جلدة قال لا يزاد في التعزير على تسع وثلاثين جلدة وذلك أقل الحدود ومن قال أن الحد في الخمر ليس حداً مقدراً وإنما هو تأديب وتعزير ولذلك جاز الضرب فيه بالنعال والثياب ولكن أدنى الحدود حد الفرية وهو ثمانون ومن قال بذلك قال لا يزاد في التعزير على تسعة وسبعين سوطاً .
وقال قوم أن أدنى الحدود عشرون وهو أن العبد يضرب نصف الحد ويضرب نصف الأربعين عشرين جلدة وإذاً فلا يزاد في التعزير على تسعة عشر جلدة


ثانياً : من قال أن الحد المراد به الذنب الذي يكون فيه مخالفة لأمر الله عز وجل فهو يرى أن من عزر على كبيرة لا يزاد تعزيره على عشرة أسواط .


والمسألة خلافية كما ترى والسلف مختلفون في ذلك ومن اقتنع برأي من العلماء المعتبرين الذين يجوز لهم الاجتهاد ينبغي أن يعمل عليه إلا أن مثل هذا ألصق بعمل القضاة وقد ورد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثاني الخلفاء الراشدين وصاحب الاجتهادات العظيمة قد ضرب صبيغاً مائة جلد ثم مائة جلدة ثم أراد أن يضربه في المرة الثالثة فقال يا أمير المؤمنين إن كنت قاتلي فاقتلني فسيره إلى الكوفة ونهى عن مجالسته حتى حلف لأبي موسى أن ما كان يجده في رأسه قد ذهب فقال له خل بينه وبين الناس فكيف يحمل عمل عمر رضي الله عنه مع أن الرجل الذي ضربه كان ظاهر عمله عملاً لا ينكر وهو أنه كان يسأل عن المتشابة ولكن بفراسة عمر رأى أنه يريد أن يثير فتنة فضربه ذلك الضرب فكيف الجواب عن مثل هذا ؟
والحقيقة أن الجواب على مثل هذا فيه شيء من الصعوبة وسأقول بما فتح الله وأسأل الله أن يسددني في ذلك فأقول : تفرس عمر رضي الله عنه من ذلك الرجل وكأنه قد بلغه عنه أنه كان يكثر السؤال عن المتشابه فحين قال له ما الذاريات ذرواً ما الحاملات وقراً ما الجاريات يسراً ؟
فأجابه عمر رضي الله عنه ثم قال له من أنت قال أنا عبد لله صبيغ فأمر بجريد من نخل وحسر عن ذراعيه وقال وأنا عبدالله عمر فضربه ثم أمر به فترك حتى برأ ثم عاد إليه فضربه مائة جلدة ثم تركه حتى برأ ثم عاد إليه فضربه فقال إن كنت قاتلي فاقتلني فأقول إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد تفرس أن هذا الرجل في نفسه شك وأنه يريد أن يثير أسألة حول القرآن ورأى أن ذلك سيفتح باب فتنة فضربه ذلك الضرب وحيث أن الأمر الذي اتهمه به لم يكن واضحاً غاية الوضوح حتى يوجب قتله فضربه من أجل أن يرتدع هو وأمثاله والذي يظهر لي أن عمل ذلك الخليفة الموفق عمل موفق أيضاً أراد أن يحمي به الدين وهذا من توفيق الله لهذا الإمام هذا ما يظهر لي وأرجو أنه الحق إذاً فلا تنافي بين قوله ﷺ لا يضرب فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله وبين فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأنه رأى أن في ذالك حماية للدين فكان ذلك من حدود الله وبالله تعالى التوفيق .



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384











رد مع اقتباس
  #21  
قديم 05-03-2016, 03:22PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



كتاب الأيمان :

الأيمان جمع يمين والمقصود به الحلف سمي الحلف يميناً لأنهم كانوا إذا تحالفوا أخذ كل واحد منهم بيمين صاحبه وهي في الشرع تحقيق الشيء أو تأكيده بذكر اسم الله تعالى أو صفة من صفاته مثال ذلك والله إني لصادق . أما التمثيل للحلف في صفة من صفات الله كقول القائل وعزة الله إني لصادق فيما قلته .
أما النذور فهي جمع نذر والنذر شرعاً أن يوجب الإنسان على نفسه شيئاً لم يجب عليه بمحض الشرع كأن يقول لله عليّ أن أصلي كل ليلة كذا ركعة تطوعاً أو أصوم في كل شهر كذا يوماً تطوعاً .

الحديث الأول :
عن عبدالرحمن بن سمرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ يا عبدالرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير .



موضوع الحديث
النهي عن سؤال الإمارة وتعليل ذلك بأن من أعطيها عن مسألة وكل إليها ومن أعطيها عن غير مسألة أعين عليها والأمر بالوفاء باليمين والتكفير عنها إن كان الوفاء خيراً


المفردات
الإمارة : هي الولاية ولعلم الشارع أن النفوس تحرص عليها نهى عن ذلك معللاً بما تقدم
معنى وكلت إليها :أي تركت ونفسك واستولى عليك الشيطان وأدخلك فيما لا يجوز
ومعنى أعنت عليها : أي جعل الله لك عوناً بمعرفة وجهة الحق ولا يجعله ملتبساً عليك
إذا حلفت على يمين : أي على شيء تريد فعله أو تركه فرأيت بعد ذلك أن عدم الوفاء بها خير من الوفاء بها فكفر عن يمينك أي قد جعل الله لك مخرجاً بأن تكفر عن يمينك وتأتي الذي هو خير .


المعنى الإجمالي
في هذا الحديث ينهى رسول الله e عن سؤال الإمارة معللاً ذلك بأن من أعطيها عن مسألة وكل إليها أي خذل وترك لرغبته في الدنيا وإيثارها على الآخرة وأن من أعطيها عن غير مسألة أعين عليها بأن يسدده ربه وأن الحلف على شيء لا يجعله الحالف مانعاً له من فعل الخير إذا رآه في غير جهة اليمين ولذلك فإن له أن يتخلص من اليمين بالتكفير ثم يأتي الذي هو خير


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث كراهية سؤال الإمارة وهذا النهي يعززه ما ورد في الحديث الذي رواه أبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ إِنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ عَلَى الإِمَارَةِ وَسَتَكُونُ نَدَامَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَنِعْمَ الْمُرْضِعَةُ وَبِئْسَتْ الْفَاطِمَةُ ) وكذلك ما ورد في حديث أَبُي بُرْدَةَ قَالَ قَالَ أَبُو مُوسَى أَقْبَلْتُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَمَعِي رَجُلانِ مِنْ الأَشْعَرِيِّينَ أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِي وَالآخَرُ عَنْ يَسَارِي فَكِلاهُمَا سَأَلَ الْعَمَلَ وَالنَّبِيُّ ﷺ يَسْتَاكُ فَقَالَ مَا تَقُولُ يَا أَبَا مُوسَى أَوْ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ قَالَ فَقُلْتُ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَطْلَعَانِي عَلَى مَا فِي أَنْفُسِهِمَا وَمَا شَعَرْتُ أَنَّهُمَا يَطْلُبَانِ الْعَمَلَ قَالَ وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى سِوَاكِهِ تَحْتَ شَفَتِهِ وَقَدْ قَلَصَتْ فَقَالَ لَنْ أَوْ لا نَسْتَعْمِلُ عَلَى عَمَلِنَا مَنْ أَرَادَهُ وَلَكِنْ اذْهَبْ أَنْتَ يَا أَبَا مُوسَى أَوْ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ فَبَعَثَهُ عَلَى الْيَمَنِ … الحديث ) فأرسله النبي ﷺ أي أرسل أبا موسى أميراً على اليمن فدل ذلك على أن طلب الإمارة والولاية مكروهاً لما يترتب على ذلك من خذلان الله للعبد إن طلب الولاية .


ثانياً : إذا علم المسئول عن شخص بأنه مستحق لتلك الولاية وأشار عليه بذلك من لا يتهم فأراد السلطان أن يوليه ذلك العمل وشعر المولى من نفسه بالكفاية ولم يكن على الساحة من هو خيراً منه ففي هذه الحالة ينبغي له أن يقبلها بعد استخارة واستشارة وعدم تسرع إلى الإجابة ويستأنس لهذا بقول يوسف عليه السلام ( اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ) [ يوسف : 55 ]


ثالثاً : أن من تولى القضاء أو الولايات الكبيرة يجب عليه أن يكثر من التضرع بين يدي الله عز وجل أن يعينه ويسدده وهو حري إن فعل ذلك أن الله عز وجل سيسدده ويعينه


رابعاً : النهي عن طلب الإمارة يتجه والله أعلم إلى الولايات الكبيرة التي يكون فيها والياً على جملة أشياء والتي يكون فيها سلطة يتسلط بها الوالي أما الوظائف الصغيرة التي تطلب ويطلب القيام بها من أجل سداد ثغرة من الثغرات يحتاج إليها في العمل فهذه لا تكون من الولايات المرموقة التي نهي عن طلبها


خامساً : قوله وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير يؤخذ من هذا أن من حلف على يمين أن لا يفعل كذا أو أن يفعل كذا ولكنه رأى الخير في ترك ما حلف على فعله أو فعل ما حلف على تركه فإنه يشرع له التخلص من تلك اليمين بالتكفير عنها واتيان الذي هو خير


سادساً : اختلف أهل العلم هل يجوز التكفير قبل الحنث ؟
فذهب قوم إلى جوازه مطلقاً قال ابن الملقن وبه قال أربعة عشر من الصحابة وجماعات من التابعين ومالك والشافعي والأوزاعي والثوري والجمهور لكن قالوا يستحب كونها بعد الحنث واستثنى الشافعي التكفير بالصوم فقال لا يجوز قبل الحنث لأنه عبادة بدنية فلا يجوز تقديمها قبل وقتها كالصلاة وقال أبو حنيفة وأصحابه وأشهب من المالكية بعدم جواز تقديمها على الحنث مطلقاً .


سابعاً : أما الأدلة فقد جاءت كما يلي :
فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير
الرواية الثانية : وائت الذي هو خير وكفر عن يمينك
الرواية الثالثة : فكفر عن يمينك ثم ائت الذي هو خير
وهذه الرواية الأخيرة دالة على جواز تقديم التكفير على الحنث لقوله فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير وهي دليل الجمهور وهناك مسألة أخرى في حديث أبي موسى حينما جاءوا إلى النبي ﷺ يستحملونه ولم يكن عنده شيء من الإبل فحلف ألا يحملهم لأنه لا يجد ما يحملهم عليه فجاءت إبل من إبل الصدقة فأرسل إليهم يدعوهم وأعطاهم ست قلائص غر الذرى فلما خرجوا من عنده قال أبو موسى لأصحابه والله لا نصيب خيراً فقد استغفلنا رسول الله عن يمينه فرجعوا وأخبروه فقال والله إني لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير ويحتمل أنه أرسل إليهم قبل التكفير وعلى هذا فالذي يترجح عندي أن العزم على الحنث بمنزلة الحنث توضيحه أن النبي ﷺ حلف ألا يحملهم في حالة كونه لا يجد ما يحملهم عليه فلما وجد بوجود إبل الصدقة عند ذلك عزم على الحنث وأرسل إليهم فحملهم وهذا هو القول الصواب في نظري


ثامناً : ما معنى الحنث ؟ الحنث هو وقوع خلاف ما حلف عليه أي مخالفة جهة اليمين فحينما حلف ألا يحملهم وأرسل إليهم فحملهم ولعله قد كفر قبل أن يرسل إليهم ومن هنا نقول أن الحنث هو مخالفة اليمين ومعنى الحنث الإثم فإنه إذا خالف يمينه من غير أن يكفر أثم والخروج من الإثم بالتكفير عن اليمين


تاسعاً : ما هي كفارة اليمين ؟ كفارة اليمين أربعة أمور ثلاثة منها مرتبة وهي المذكورة في قوله تعالى ( وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ) فبدأ الله عز وجل بالأسهل وهو إطعام عشرة مساكين ثم أتبعه بما هو أعلى وأصعب وهو كسوة المساكين العشرة ثم أتبعه بعتق الرقبة ثم قال ( فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ ) [ المائدة : 89 ] فجعل الصيام مرتباً بعد الثلاثة ويكفر به عند عدم وجود الثلاث المذكورة وبالله التوفيق .



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384











رد مع اقتباس
  #22  
قديم 06-03-2016, 02:53PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -


الحديث الثاني :
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله ﷺ إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها



موضوع الحديث:
أفضلية تكفير اليمين والرجوع عن الاستمرار فيها



المفردات
قوله لا أحلف على يمين المقصود بالحلف هو اليمين وإنما أراد لا أحلف على شيء يميناً فأرى غيرها خيراً منها إلا أتيت الذي هو خير
قوله خيراً منها : أي خيراً من الاستمرار فيها بحيث أعزم على تحنيث نفسي وتحللي من اليمين لكي آتي الذي هو خير


المعنى الإجمالي
أن النبي ﷺ أخبر عن نفسه بأنه إذا حلف على يمين ثم بعد ذلك رأى أن الخير في عدم الاستمرار عليها تركها بترك ما حلف عليه وكفرها وأتى الذي هو خير


فقه الحديث
أولاً : أن هذا الحديث قد ورد على سبب كما تقدم في شرح الحديث قبل هذا وهو أن أبا موسى الأشعري رضي الله عنه أتى إلى النبي ﷺ هو وجماعة معه يستحملونه أي يطلبون منه أن يحملهم فقال والله لا أحملكم ولا أجد ما أحملكم عليه فذهبوا وبعد أن ذهبوا أرسل في أثرهم حين أتته إبل الصدقة فأعطاهم ست قلانص أو خمس ذكر في صفتها أنها غر الذرى والذرى جمع ذروة وهي سنام البعير فحملهم عليها قال أبو موسى فلما خرجنا من عند النبي ﷺ قلت لأصحابي والله لا نصيب خيراً فقد استغفلنا رسول الله يمينه فرجعنا إلى النبي ﷺ فقلنا يا رسول الله إنا جئناك أولاً فحلفت ألا تحملنا ثم أرسلت في أثرنا وحملتنا فلما خرجنا قلت لأصحابي والله لا نفلح وقد استغفلنا رسول الله يمينه فرجعنا إليك أو كما قال أبو موسى فقال رسول الله ﷺ الحديث الموجود هنا ( إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين … ) الحديث


ثانياً : يؤخذ منه أن الحلف على الشيء لا يعتبر شيئاً مانعاً لا يجوز خلافه بل يجوز أن تعزم على الحنث فتحنث نفسك وتأتي الذي هو خير ثم تتحلل يمينك أو تكفر يمينك ثم تأتي الذي هو خير


ثالثاً : يؤخذ منه جواز التأكيد بقوله إن شاء الله بعد اليمين إذا كان للتبرك وإنه في هذه الحالة لا يرفع حكم اليمين ويجوز الاستثناء باليمين بقصد إبطال حكمها ولكن بشرط أن يكون الاستثناء متصلاً وسيأتي بحث الاستثناء في الحديث بعده


رابعاً : أنه يجوز التحلل من اليمين بعمل الكفارة لقوله وتحللتها وقد خالف في ذلك بعض أهل العلم في هذه المسألة أي في جواز الحنث قبل التكفير وبذلك قال أبو حنيفة أي قال بعدم جواز الحنث قبل التكفير والقول الأول أصح لورود الحديث بذلك وقد قلنا أن القول الصحيح جواز الحنث قبل تحلل اليمين بالكفارة فهو إذا عزم على ذلك وبقيت الكفارة فحينئذ يجب عليه أن يؤديها وقد ترجم البخاري على باب الكفارة قبل الحنث وبعده وبالله التوفيق.



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384












رد مع اقتباس
  #23  
قديم 08-03-2016, 10:58PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -


الحديث الثالث :
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم

وفي رواية لمسلم من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت
وفي رواية قال عمر والله ما حلفت بها منذ سمعت رسول الله ﷺ ذاكراً ولا آثراً . يعني ما ما حلفت حاكياً عن غيري أنه حلف بها


موضوع الحديث :
تحريم الحلف بغير الله كالآباء وغيرهم



المفردات
من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت : يعني ليسكت
قوله ذاكراً ولا آثراً : أي ما حلفت بغير الله متعمداً ولا حاكياً ذلك عن غيري


المعنى الإجمالي
سمع رسول الله ﷺ عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يحلف بأبيه فقال ورأس أبي فناداهم النبي ﷺ رافعاً صوته إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من الحديث تحريم الحلف بغير الله عز وجل وأنه لا يجوز لأحد أن يحلف بغير الله
وهل النهي هنا يقتضي التحريم أو الكراهة ؟
صرح بعض القدماء بالكراهة أي كراهة التنـزيه والقول الصحيح أن ذلك محرم ويؤخذ التحريم من كونه ﷺ أخبر أن الله نهى عن ذلك ولا ينهى الله عز وجل عن شيء نهياً معزوماً عليه إلا وهو محرم

ثانياً : ومما يستفاد منه تأكيد التحريم أن النبي ﷺ ناداهم رافعاً صوته بقوله يا أيها الناس إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت


ثالثاً : يؤخذ منه أن الحلف بالمخلوق تعظيم له ولا ينبغي أن يعظم مع الله عز وجل أحد


رابعاً : بلغني أن أقواماً من الناس يتجرئون على الحلف بالله ولا يتجرئون على الحلف بغيره فإذا أتهم أحدهم بشيء وطلب منه يمين البراءة حلف على ذلك بالله وإذا قيل له احلف بالولي الفلاني أبى وتلعثم ورفض الحلف به وهذا كفر يخرج من الملة لأن من عظم غير الله كتعظيم الله أو أكثر من ذلك فإن عمله هذا يخرجه من الملة


خامساً : الحلف بغير الله يعتبر من الشرك الأصغر الذي لا يخرج من الإسلام بدليل أن المسلمين كانوا في أول الإسلام يحلفون بالكعبة ويحلفون بالنبي ﷺ ويحلفون بآبائهم ثم أن الله حرم عليهم ذلك فلو كان الحلف بغير الله يعد من الشرك الأكبر المخرج من الإسلام لم يفعله المسلمون في أول إسلامهم وذلك دليل أنه من الشرك الأصغر وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ إن الله جل ذكره أذن لي أن أحدث عن ديك قد مرقت رجلاه الأرض وعنقه مثني تحت العرش وهو يقول سبحانك ما أعظمك ربنا فيرد عليه ما علم ذلك من حلف بي كاذبا )


سادساً : لا تنافي بين كونه من الشرك الأصغر وبين جعل بعض أنواعه شركاً أكبر مخرجاً من الملة فإنما حكم على ذلك النوع بأنه شرك أكبر مخرج من الملة لأن الحالف عظم فيه المخلوق أكثر من تعظيمه لله عز وجل


سابعاً : يؤخذ من قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه فما حلفت بها بعد ذلك ذاكراً ولا آثراً وذلك يدل على أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا وقافين عند الأوامر والنواهي ممتثلين لها فعلاً وتركاً وذلك دليل على عمق إيمانهم رضي الله عنهم ولعنة الله على من سبهم وتنقصهم وبالله التوفيق .



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384









رد مع اقتباس
  #24  
قديم 13-03-2016, 08:36PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




الحديث الرابع :
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال قال سليمان بن داود عليهما السلام لأطوفن الليلة على سبعين امرأة تلد كل امرأة منهن غلاماً يقاتل في سبيل الله فقيل له قل إن شاء الله فلم يقل فلم تلد منهن إلا امرأة واحدة نصف إنسان قال فقال رسول الله ﷺ لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان ذلك دركاً لحاجته )

قوله قيل له قل إن شاء الله يعني قال له الملك


موضوع الحديث :
الاستثناء في اليمين



المفردات
سليمان بن داود عليهما السلام هو نبي وأبوه نبي وكان بعد موسى بحوالي ألف سنة وقبل عيسى بحوالي تسع مائة سنة أما ترجمة سليمان فمن أرادها مبسوطة وكذلك ترجمة أبيه ففي كتاب البداية والنهاية لابن كثير رحمه الله ترجمة لكل منهما
قوله لأطوفن : اللام لام قسم أي والله لأطوفن
قوله سبعين امرأة وفي رواية تسعين امرأة وفي رواية ستين امرأة كل هذه الروايات صحيحة
قوله تلد كل امرأة منهن غلاماً يقاتل في سبيل الله : هذا إخبار عما يعتقده ذلك النبي إذ يعتقد ويقصد بالزواج ومجامعة النساء تكثير الأولاد ليجاهدوا أهل الكفر الذين كانوا في ذلك الزمن
فقيل له قل إن شاء الله : هذا تذكير من الملك لنبي الله سليمان
فلم يقل : يعني أنه نسي وقد أنساه الله عز وجل ليتم فيه القدر
فطاف بهن : أي جامعهن
فلم تلد منهن إلا امرأة واحدة نصف إنسان فقال رسول الله ﷺ لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان ذلك دركاً لحاجته
قوله دركاً لحاجته : أي كان سبباً في إدراكها


المعنى الإجمالي
المعنى الإجمالي لهذا الحديث هو أن سليمان عليه السلام قال لجليسه إما أن يكون الملك وإما أن يكون وزيراً له لأطوفن الليلة على سبعين امرأة أخبر أنه سيجامعهن جميعاً تلد كل امرأة منهن غلاماً يقاتل في سبيل الله فقيل له قل إن شاء الله أي أن جليسه ذلك ذكره بالاستثناء فلم يقل فطاف بهن أي دار عليهن جميعاً وجامعهن كلهن فلم تلد منهن إلا امرأة واحدة نصف إنسان أو شق إنسان وقد أخبر النبي ﷺ أنه لو قال إن شاء الله لما حنث في يمينه ولكان ذلك سبباً لإدراك حاجته .


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث عمل المباح لغرض ديني إذ أن سليمان عليه السلام قصد بدورانه على هذه العدة من النساء قصد بذلك أنه يكون سبباً في وجود الولد أو في وجود الأولاد الذين يجاهدون في سبيل الله وتكثيرهم


ثانياً : يؤخذ منه ما كان عليه الأنبياء من علو المقاصد إذ أن سليمان عليه السلام لم يرد وجود الأولاد من أجل الدنيا وإنما أراد ذلك من أجل الجهاد في سبيل الله


ثالثاً : أنه يجوز للمسلم التحدث بمثل هذا الذي يكون فيه إجمال إذا كان لحاجة أما بدون حاجة فإنه لا يجوز وقد قال النبي ﷺ كما في حديث أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ قُعُودٌ عِنْدَهُ فَقَالَ لَعَلَّ رَجُلا يَقُولُ مَا يَفْعَلُ بِأَهْلِهِ وَلَعَلَّ امْرَأَةً تُخْبِرُ بِمَا فَعَلَتْ مَعَ زَوْجِهَا فَأَرَمَّ الْقَوْمُ فَقُلْتُ إِي وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُنَّ لَيَقُلْنَ وَإِنَّهُمْ لَيَفْعَلُونَ قَالَ فَلا تَفْعَلُوا فَإِنَّمَا ذَلِكَ مِثْلُ الشَّيْطَانِ لَقِيَ شَيْطَانَةً فِي طَرِيقٍ فَغَشِيَهَا وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ )


رابعاً : يؤخذ من هذا الحديث أن المسلم إذا أراد أمراً ولو كان الأمر خيراً فإنه ينبغي له أن يقول إن شاء الله أولاً تأدباً مع الله وأن كل شيء لا يتم إلا بمشيئته والله سبحانه وتعالى قد قال في كتابه مؤدباً نبيه ﷺ ( وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ) [ الكهف : 23 – 24 ] وثانياً : إن الاستثناء سبب في إدراك الحاجة التي يريدها لأن النبي ﷺ قال لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان ذلك دركاً لحاجته


خامساً : اختلف أهل العلم في الاستثناء بعد اليمين وبعد الطلاق وبعد العتق هل يجوز ويرفع حكم ما سبقه في كل ذلك أم أنه لا يرفع إلا حكم اليمين فقط ؟


قال ابن الملقن في شرح العمدة أما إذا استثنى في الطلاق والعتق وغير ذلك سوى اليمين بالله فقال أنت طالق إن شاء الله أو أنت حر إن شاء الله أو أنت عليّ كظهر أمي إن شاء الله وما أشبه ذلك فمذهب الشافعي والكوفيين وأبي ثور صحة الاستثناء في جميع ذلك كما أجمعوا عليها في اليمين بالله فلا يحنث في طلاق ولا عتق ولا ينعقد ظهاره ولا نذره ولا إقراره ولا غير ذلك مما يتصل به قول إن شاء الله وقال مالك والأوزاعي لا يصح الاستثناء في شيء من هذا إلا باليمين بالله تعالى ، وقال الحسن يصح فيها وفي العتق والطلاق خاصة وقال الشيخ تقي الدين فرق مالك بين الطلاق واليمين بالله تعالى وإيقاعه الطلاق بخلاف اليمين بالله لأن الطلاق حكم قد شاءه الله تعالى مشكل جداً ) أهـ


سادساً : القول الصحيح في الاستثناء أنه يشترط فيه أن يكون متصلاً بالكلام إلا إذا طال الفصل أو أخذ في كلامٍ غيره ثم بعد ذلك استثنى فإنه لا يتم الاستثناء بهذه الصفة
وينعقد الاستثناء إذا كان متصلاً بالكلام بدون فاصل دليله أن النبي ﷺ لما ذكر لا يُخْتَلَى خَلاهَا وَلا يُعْضَدُ شَجَرُهَا وَلا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَلا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلا لِمُعَرِّفٍ فقَالَ الْعَبَّاسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلا الإِذْخِرَ لِصَاغَتِنَا وَقُبُورِنَا فَقَالَ إِلا الإِذْخِرَ )


سابعاً : يؤخذ منه أن الأنبياء والرسل منحهم الله طاقة بشرية عالية وفي هذا الحديث أن النبي ﷺ أخبر أن سليمان عليه السلام طاف على سبعين امرأة أو تسعين امرأة في تلك الليلة والنبي ﷺ طاف على نسائه التسع ليلة بات بذي الحليفة وفي هذا دليل على أن الأنبياء منحهم الله عز وجل طاقة قوية في الجماع


ثامناً : يؤخذ منه التأدب باستعمال الألفاظ التي لا يكون فيها بشاعة فقد قال سليمان ( لأطوفن الليلة ولم يقل لأجامعن فكان في استعماله بهذا اللفظ تعبير حسن
وبالله التوفيق



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384









رد مع اقتباس
  #25  
قديم 14-03-2016, 06:58PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -




الحديث الخامس :
عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ ( من حلف على يمينٍ صبرٍ يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان ونزلت ( إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً ) إلى آخر الآية



موضوع الحديث :
اليمين الغموس التي يقتطع بها مال المسلم



المفردات
من : اسم شرط
جملة حلف : فعل الشرط
على يمين : المقصود هنا المحلوف عليه
على يمينٍ صبر : كلمة صبر أي مصبورة بمعنى أنه حبس نفسه عليها أي على فعلها
ورد بالتنوين على يمين صبرٍ وورد بالإظافة على يمينِ صبر وسميت صبراً لأنه تجرأ عليها وأطاع الشيطان وعصى الله فيها
قوله يقتطع بها : هذه صفة لليمين يقتطع بها مال امرئ مسلم
قوله هو فيها فاجر : صفة أخرى لليمين أي أنه كاذب فيها
لقي الله : هذا الفعل هو جواب الشرط وجزاءه
لقي الله وهو عليه غضبان : الواو واو الحال والجملة بعده حالية وهو أي الحال أن الله عليه غضبان
وهذه اليمين هي ما تسمى باليمين الغموس
قوله ونزلت إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً إلى آخر الآية


المعنى الإجمالي
اليمين الفاجرة هي اليمين على دعوى كاذبة يدعيها مسلم على مسلم قل نصيبه من الله وخفت بضاعته من الإيمان فرغب في الدنيا وزهد في الآخرة وحلف على شيء لهذا مالي أو حقي وليس ماله ولا حقه فإنه متوعد بهذا الوعيد وهو قول الله عز وجل ( إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) حتى ولو كان المحلوف عليه شيئاً يسيراً فقد جاء في الحديث أيضاً ( عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ مَنْ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَإِنْ كان قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ )


فقه الحديث
يؤخذ من الحديث
أولاً : تحريم اليمين الغموس وهي اليمين على دعوى كاذبة يدعيها العبد في مال غيره


ثانياً : هذه اليمين عظيمة لأنها موجبة لغضب الله عز وجل ومعنى عظيمة أي فضيعة آثارها على العبد سيئة عواقبها عليه كريهة ونسأل الله العفو والعافية


ثالثاً : إنما كان ذلك لأن حرمة مال المسلم عظيمة وأخذها بغير حق جريمة


رابعاً : اختلف أهل العلم في تكفير اليمين الغموس هل تكفر أو لا تكفر والقول الصحيح أنها لا تكفر لأن تكفير اليمين إنما يتعلق بيمين يحلف على شيء مستقبل والله لأفعلن كذا أو والله لا أفعل كذا فإذا رأى الحالف أن البر في ترك هذه اليمين وما تقتضيه كفر عنها وأتى الذي هو خير أما اليمين الغموس فهي يمين على شيء مضى بأن يحلف بأن هذا مالي فيدعيه له وهو ليس له سواء كانت سلعة أو داراً أو عقاراً حتى ولو كان سوطاً فإنه يستحق هذا الوعيد وقد اختلف الأئمة في جواز تكفير اليمين الغموس أو عدم جواز ذلك
فالشافعي أجاز تكفيرها والثلاثة منعوا ذلك وهم مالك وأحمد وأبو حنيفة وقول الثلاثة هنا هو الحق


خامساً : يؤخذ من قوله يقتطع بها مال امرئ مسلم التشنيع على الحالف حيث أنه لا يجوز أن يقتطع مال أخيه المسلم بغير حق وإذا كان لا يجوز له أخذ مال الكافر بغير حق فإن أخذ مال المسلم أشد


سادسا : وإذا كان في ذلك دليل على حرمة مال المسلم فإنه من باب أولى دليل على حرمة دمه وعرضه إلا ما قصد به بيان حق أو دفع باطل


سابعا : الوعيد في هذه الاية وعيد شديد (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً ) المراد بالثمن القليل الدنيا بأسرها فإذا استبدلت الثمن القليل بأن تحلف بالله عز وجل فاجراً عليه فإنك حينئذ قد غبنت أشد الغبن واقرأ كامل الآية واسمع ماذا يقول ربك عز وجل ( أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) [ آل عمران : 77 ] وعيد ترتعد له المفاصل وتختلج له الأعضاء ممن يخاف الله عز وجل نسأل الله أن يجعلنا ممن يخافه


ثامنا : قال ابن الملقن هذه الآية يدخل فيها الكفر فما دونه من جحد حقوق ونحوها وكل أحد يأخذ من وعيدها على قدر جريمته وهذا كلام جيد حسن مهما كانت الحقوق التي جحدها العبد


تاسعا : أن حكم الحاكم إذا حكم لك بمال غيرك بناءً على اليمين فإن هذا الحكم لا يبيح لك مال الغير والأمر يبقى على حقيقته أي أن ما أخذته باليمين الكاذبة فهو حرام عليك أخذه وبذلك قال الشافعي ومالك وأحمد والجمهور خلافاً لأبي حنيفة
أما قول أبي حنيفة بأن ما حكم به الحاكم يباح أخذه للمحكوم له فهذا قول ضعيف لا يلتفت إليه وقد قال النبي ﷺ ( إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ وَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلا يَأْخُذْ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ ) وبالله تعالى التوفيق .



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384










رد مع اقتباس
  #26  
قديم 14-03-2016, 07:06PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -




الحديث السادس :
عن الأشعث بن قيس الكندي رضي الله عنه قال : كان

بيني وبين رجل خصومة في بئر فاختصمنا إلى رسول الله ﷺ فقال رسول الله ﷺ شاهداك أو يمينه . قلت إذاً يحلف ولا يبالي فقال رسول الله ﷺ من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها فاجر لقي الله عز وجل وهو عليه غضبان


موضوع الحديث :
اليمين الغموس



المفردات
خصومة في بئر : أي بسببها
قوله شاهداك أو يمينه : شاهداك خبر لمبتدأ محذوف تقديره المطلوب أو المعتبر شاهداك أو يمينه
قلت إذاً يحلف : أي إذا كان الأمر هكذا فسيحلف لعدم المبالاة
قوله ولا يبالي : يعني أنه لا يبالي ما الإثم في ذلك
فقال رسول الله ﷺ من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها فاجر لقي الله عز وجل وهو عليه غضبان
من : اسم شرط جازم وحلف فعل الشرط
على يمين صبر : أي يمين مصبورة ومعنى مصبورة أي يحبس نفسه على حلفها
يقتطع بها مال امرئ مسلم : هذه صفة ثانية لليمين
هو فيها فاجر : صفة ثالثة
لقي الله عز وجل وهو عليه غضبان :هذا جواب الشرط وجزائه


المعنى الإجمالي
هذا الحديث تضمن قصة وهو أن الأشعث بن قيس تشاجر مع خصم له في بئر واحتكما إلى رسول الله ﷺ فقال رسول الله ﷺ شاهداك أو يمينه فظن الأشعث أن خصمه يحلف ولا يبالي فأخبر رسول الله ﷺ فقال رسول الله ﷺ من حلف على يمين صبر .. إلخ الحديث


فقه الحديث
بعض فقه هذا الحديث قد تقدم في الحديث قبله وهنا سأذكر ما لم يذكر هناك واختص بذكره هذا الحديث فأقول :
أولاً : يؤخذ من قوله شاهداك أو يمينه حصر أسباب الحكم في شيئين أحدهما : أن تأتي أنت أيها المدعي بشاهدين عدلين يشهدان لك بصحة ما ادعيت
وثانيهما : أن تعجز عن إقامة البينة فيحلف المدعى عليه على نفي ما ادعيت


ثانياً : يؤخذ من الحديث أن المدعي إذا أثبت دعواه ببينة استحق الحكم ويلتحق بذلك أنه يشترط في البينة أن تكون عادلة وأن تكون الشهادة على مقتضى الادعاء وأن يؤتى على كل شاهد بشاهدي عدل يشهدان بعدالة كل واحد منهم فإذا حصل ذلك استحق المدعي الحكم له بما ادعاه .


ثالثاً : إذا انعدمت البينة فله على الخصم اليمين على نفي دعوى المدعي وبذلك يحكم بالسلعة المدعى فيها للمدعي عليه إذا حلف


رابعاً : ظاهر هذا الحديث أن هذه هي طريقة الحكم لا غير ولكن ورد عن النبي ﷺ الحكم بشهادة واحد ويمين المدعي وقد أخذ بهذا جمهور أهل العلم وأبى أبو حنيفة فلم يقل بذلك الحديث


خامساً : تدل فدلكة القصة أن من ادعى شيئاً أي شيء كان فعليه أن يثبت دعواه وإن لم يثبت بالبينة فعلى المدعى عليه يمين البراءة ولا يختص ذلك بالأموال بل يدخل في ذلك الدعاوي في الأعراض فمن ادعى على شخص أنه رماه في عرضه وأنكر المدعى عليه فعلى المدعي إحضار بينة بذلك فإن عجز فعلى المدعى عليه اليمين أنه لم يفعل ذلك


سادساً : أنه إذا حلف على النفي كاذباً وقد وقع منه استحق هذا الوعيد ولا تختص المسألة بالدعوي المالية وبالله التوفيق .


--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384









رد مع اقتباس
  #27  
قديم 17-03-2016, 02:31PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -



الحديث السابع :
عن ثابت بن الضحاك الأنصاري رضي الله عنه أنه بايع رسول الله ﷺ تحت الشجرة وأن رسول الله ﷺ قال من حلف على يمين بملة غير الإسلام كاذباً متعمداً فهو كما قال ومن قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة وليس على رجل نذر فيما لا يملك

وفي رواية ولعن المؤمن كقتله
وفي رواية ومن ادعى دعوى كاذبة ليتكثر بها لم يزده الله عز وجل إلا قلة


موضوع الحديث :
جمع الحديث مجموعة من المناهي رهب منها ليزجر عن الوقوع فيها



المفردات
قوله بايع رسول الله ﷺ تحت الشجرة : المقصود بها شجرة الحديبية
قوله من حلف على يمين : الظاهر أن المقصود من حلف يميناً لأن الحلف هو اليمين وسبق أن الحلف سمي يميناً لأنهم كانوا إذا تحالفوا مد كل واحد منهم يمينه
قوله بملة غير الإسلام : يقصد بها الملل المنسوخة كاليهودية والنصرانية لأن هذه الملل قد نسخت وبقي أقوام متشبثين بها
قوله كاذباً متعمداً : وصفان منصوبان على الحال أي حال كونه كاذباً متعمداً
قوله فهو كما قال : أي من حلف بملة غير الإسلام بأن قال إن فعل كذا فهو يهودي أو قال إن لم يفعل كذا فهو نصراني
قوله فهو كما قال : يعني أنه إذا حنث في يمينه تلك فإنه يكون كما ألتزم على نفسه والظاهر من الحديث أنه يخرج من الإسلام ويكون متصفاً بالملة التي حلف بها والعياذ بالله .



قوله ومن قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة : أي أنه سيعذب به يوم القيامة وظاهر هذا الحديث السكوت عن البرزخ والظاهر أن العذاب متصل عليه وقد قال النبي ﷺ كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا وَمَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا
وقوله وليس على رجل نذر فيما لا يملك : أي أنه لا تلزمه كفارة إذا حنث لأنه لا يملك ما نذر به وفي رواية لعن المؤمن كقتله أي لعن المؤمن شديد كشدة القتل
قوله ومن ادعى دعوى كاذبة ليتكثر بها لم يزده الله بها إلا قلة : أي أن الله سبحانه وتعالى يعامله بنقيض قصده فهو حين يكذب ليتكثر أي ليكثر ماله يعاقب بالقلة كما جاء في الحديث المذكور سابقاً ( مَا أَحَدٌ أَكْثَرَ مِنْ الرِّبَا إِلا كَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهِ إِلَى قِلَّةٍ ) لأنه أراد أن يتكثر بالحرام


المعنى الإجمالي
ذكر النبي ﷺ في هذا الحديث عدة مناهي ليزجر الناس عن الوقوع فيها فمنها الحلف بملة غير الإسلام ومنها أن من قتل نفسه بشيء عذب به وأن من نذر في مال غيره فإن نذره يبطل ولا تلزمه كفارة وأن لعن المؤمن في عظمه وفضاعته كقتله وأن من ادعى دعوى كاذبة ليتكثر بها عاقبه الله عز وجل بالفقر والقلة نسأل الله العافية


فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث عدة مسائل
أولاً : تحريم الحلف بملة غير الإسلام كأن يقول الشخص إن لم يفعل كذا فهو يهودي أو إن فعل كذا فهو نصراني فيؤخذ منه تحريم الحلف بملة غير الإسلام


ثانياً : ظاهر الحديث أنه إذا فعل ذلك كاذباً متعمداً وحنث في حلفه ذلك فهو كما قال أي أن الله عز وجل يلزمه ما ألزم نفسه به


ثالثاً : أن من قتل نفسه بشيء عذب به وقد ورد في الحديث تفسيراً لهذا بأن من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في نار جهنم خالداً مخلداً ومن تحسى سماً فسمه في يده يتحساه خالداً مخلداً إلى غير ذلك


رابعاً : يؤخذ من هذه الجملة في هذا الحديث أن نفس الإنسان ليست له وإنما هي ملك لله عز وجل فلا يجوز له أن يتبرع بعضو من أعضاء نفسه لأنه لا يملكها ولذلك فإنه عوقب على قتله لنفسه


خامساً : أن من نذر نذراً في مال غيره فإن نذره ذلك يكون باطلاً فلو نذر زيد أن يعتق عبد عمرو فإنه لا يجوز له تنفيذ ذلك وهل تجب عليه الكفارة أم لا ؟
الظاهر أنه لا تجب عليه الكفارة والدليل على ذلك حديث قصة المرأة التي أسرت من ( الأَنْصَارِ وَأُصِيبَتْ الْعَضْبَاءُ فَكَانَتْ الْمَرْأَةُ فِي الْوَثَاقِ وَكَانَ الْقَوْمُ يُرِيحُونَ نَعَمَهُمْ بَيْنَ يَدَيْ بُيُوتِهِمْ فَانْفَلَتَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ مِنْ الْوَثَاقِ فَأَتَتْ الإِبِلَ فَجَعَلَتْ إِذَا دَنَتْ مِنْ الْبَعِيرِ رَغَا فَتَتْرُكُهُ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى الْعَضْبَاءِ فَلَمْ تَرْغُ قَالَ وَنَاقَةٌ مُنَوَّقَةٌ فَقَعَدَتْ فِي عَجُزِهَا ثُمَّ زَجَرَتْهَا فَانْطَلَقَتْ وَنَذِرُوا بِهَا فَطَلَبُوهَا فَأَعْجَزَتْهُمْ قَالَ وَنَذَرَتْ لِلَّهِ إِنْ نَجَّاهَا اللَّهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا فَلَمَّا قَدِمَتْ الْمَدِينَةَ رَآهَا النَّاسُ فَقَالُوا الْعَضْبَاءُ نَاقَةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَتْ إِنَّهَا نَذَرَتْ إِنْ نَجَّاهَا اللَّهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ بِئْسَمَا جَزَتْهَا نَذَرَتْ لِلَّهِ إِنْ نَجَّاهَا اللَّهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا لا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةٍ وَلا فِيمَا لا يَمْلِكُ الْعَبْدُ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ حُجْرٍ لا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ ) ولم يأمرها بكفارة فدل ذلك على أنه ليس على الناذر كفارة


سادساً : يؤخذ من قوله ولعن المؤمن كقتله تحريم لعن المؤمن لأن اللعن طرد من رحمة الله ولا يجوز أن يُدعى على المؤمن بالطرد من رحمة الله عز وجل


سابعاً :شبة النبي ﷺ لعن المؤمن بقتله وكأن التشبيه هذا تشبيه في الفضاعة والقبح فكما أن قتل المؤمن فضيع في غاية الفضاعة ويستحق فاعله الوعيدات الخمسة المذكورة في الآية وهو قول الله تعالى (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) [ النساء : 93 ]


ثامناً : أن هذا الذنب وهو اللعن ذنب عظيم كما أن قتل المؤمن عظيم فلعنه عظيم أيضاً


تاسعاً : يؤخذ من قوله ومن ادعى دعوى كاذبة ليتكثر بها أي ليكثر ماله بها لم يزده الله عز وجل إلا قلة


عاشراً : يؤخذ من هذه الفقرة من الحديث يؤخذ منها أن الجزاء من جنس العمل وقد يعاقب الله عز وجل بالنقيض فكما أن هذا ادعى دعوى كاذبة ليتكثر بها عوقب بالقلة وقد جاء في الحديث عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ ( مَا أَحَدٌ أَكْثَرَ مِنْ الرِّبَا إِلا كَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهِ إِلَى قِلَّةٍ )



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384









رد مع اقتباس
  #28  
قديم 17-03-2016, 02:36PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -


باب النذور
النذور جمع نذر يقال نذرت أُنذر أو أَنذر بكسر الذال وضمها قلت والكسر أشهر
قال وهو لغة : الوعد بخير أو شر
وشرعاً : وعد بخير دون شر
قال الماوردي : قال عليه الصلاة والسلام ( لا نذر في معصية الله ) وقال الرافعي هو إلتزام شيء وعبارة غيرهما أنه إلتزام قربة غير لازمة بأصل الشرع وزاد بعضهم مقصودة
قلت : ومعنى مقصودة أي متعبد بها
وأقول : إن الخلط بين نذرت وأنذرت خلط لا ينبغي فإن معنى نذرت أي إلتزمت طاعة لم تكن لازمة عليّ بمحض الشرع ولكن إلتزمتها على نفسي طائعاً مختاراً
أما أنذرت فالإنذار معناه التخويف والتهديد من قادر بشر وقد أخبر الله سبحانه وتعالى أنه أرسل الرسل مبشرين ومنذرين أي ينذروا قومهم بالعذاب إن هم عصوا فقال تعالى (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) [ التوبة : 122 ]فالإنذار من النذارة وهي التخويف والإيعاد بشر
أما النذر فهو كما قلنا إلتزام العبد بطاعة لله لم تكن لازمة عليه بمحض الشرع

الحديث الأول :
عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال قلت يا رسول الله إني كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة وفي رواية يوماً في المسجد الحرام ؟ قال أوف بنذرك



موضوع الحديث :
وجوب الوفاء بالنذر إذا كان في طاعة ولو كان من كافر فإنه يلزمه الوفاء إذا أسلم



المفردات
قوله إني نذرت :أي إلتزمت بهذه الطاعة وهي اعتكاف ليلة في المسجد الحرام
المسجد الحرام : هو الحرم المكي
قوله أوف بنذرك : هذا أمر والأمر يقتضي الوجوب وعلى هذا فمن نذر بطاعة وهي مستطاعة له وجب عليه الوفاء


المعنى الإجمالي
أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه نذر الإعتكاف ليلة في المسجد الحرام ثم أسلم وبقي في مكة حوالي ثماني سنوات ثم هاجر إلى المدينة وبقي أيضاً في المدينة ثمان سنوات وبعد فتح مكة سأل النبي ﷺ عن هذا النذر فأمره بالوفاء به


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن الكافر إذا نذر بطاعة ثم أسلم ولم يوف بها وجب عليه أن يوفي بها بعد إسلامه


ثانياً : أن الإعتكاف طاعة لله فمن نذر به وجب عليه أن يفي


ثالثاً : أُخذ منه أن الصوم ليس شرطاً في الإعتكاف بناءً على هذه الرواية أن أعتكف ليلة والليل لا صوم فيه


رابعاً : رواية يوماً تدل أن النذر كان بيوم وليلة فتارة ذكر اليوم وتارة ذكرت الليلة


خامساً : أن من نذر بشيء وجب عليه الوفاء به ولو تقادم وقت النذر فعمر بن الخطاب رضي الله عنه أمره النبي ﷺ أن يوفي بنذره بعد ستة عشر عاماً على الأقل


سادساً : أن أهل العلم قد قسموا النذر إلى ثلاثة أقسام
القسم الأول : أن يعلق النذر على وجود نعمة أو اندفاع نقمة كأن ينذر إن شفى الله مريضي أو ردّ ضالتي فلله عليّ كذا وهذا يلزم الوفاء به
القسم الثاني : ما علق على شيء لقصد المنع أو الحث كأن يقول إن كلمت فلاناً فلله عليّ حجة أو إن دخلت بيت فلان فعبيدي عتقاء وهذا ما يسمى بنذر اللجاج والغضب وقد ذهب بعض أهل العلم في هذا إلى أنه مخير بين كفارة اليمين وبين تنفيذ ما إلتزمه
القسم الثالث : ما لم يعلق على شيء وإنما قصد به صاحبه التقرب إلى الله عز وجل وهذا هو النذر المطلق والمشهور وجوب الوفاء به وهذا يسمى أيضاً نذر التبرر


سابعاً : الإعتكاف طاعة وليس من جنسها واجب وإنما هي مستحبة ولا تجب إلا بالنذر كما حصل لعمر رضي الله عنه .


ثامناً : أنه يشترط في وجوب الوفاء بالنذر شرطان :
الشرط الأول : أن يكون المنذور طاعة
الشرط الثاني : أن يكون الوفاء به مستطاعاً للناذر فإن نذر أنه يطير في الهواء بدون آلة أو يعرج إلى السماء فهذا نذر خارج عن الطاقة فلا يلزم الوفاء به وهل يجب فيه كفارة يمين كالنذر الذي يشق الوفاء به هذا محل نظر وبالله التوفيق .



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384









رد مع اقتباس
  #29  
قديم 28-03-2016, 05:02PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -




الحديث الثاني :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي ﷺ أنه نهى عن النذر وقال إنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل



موضوع الحديث :
كراهة النذر وأنه لا يجلب خيراً على الناذر وإنما يستخرج به من البخيل



المفردات
نهى عن النذر : النذر قد تقدم الكلام عليه
قوله إنه لا يأتي بخير : بمعنى أن الناذر إذا اعتقد أن الله عز وجل لا يعطيه الشيء الذي طلبه منه إلا بمقابلة النذر فهذا ظن سوء بالله عز وجل لا ينبغي للعبد أن يظنه
معنى يستخرج : أي يؤخذ به من البخيل أي الذي لا يعطي شيئاً إلا بمقابل


المعنى الإجمالي
نهى النبي ﷺ عن النذر لما فيه من تعريض للإنسان نفسه لتثبيط الشيطان له عن الوفاء به حتى يأثم


فقه الحديث
أولاً: يؤخذ من هذا الحديث كراهة النذر وليس المقصود به كل نذر ولكن المقصود به النذر الذي يكون على سبيل المقابلة إن فعل الله بي كذا فلله عليّ كذا وإن صرف الله عني كذا فلله عليّ كذا


ثانياً : لا يعرف في الشريعة طاعة منهي عنها نهى تنزيه إلا النذر وقد استشكل كيف يكون النذر واجب الوفاء به وهو في نفس الوقت مكروه


ثالثاً : إنما جاءت الكراهة في حالة أن يكون العبد معتقداً أن الله لا يعطيه إلا بشيء يبذله هو وهذا ظن يعتبر من ظن السوء الذي حرمه الله عز وجل ونهى عنه وأنّب عليه المنافقين فقال تعالى ( وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ ) [ الفتح : 12 ] فنعم الله متوالية والعبد مأمور أن يسأل الله عز وجل فالله سبحانه وتعالى سيعطيه ما سأل إن علم له الخير فيه


رابعاً : إنما نهي عن النذر لأن الناذر يتعرض لتثبيط الشيطان له وبالأخص إذا التزم التزاماً مالياً لأن النفوس شحيحة في الأموال إلا من وفقه الله عز وجل وجعل الدنيا هينة في عينه


خامساً : يؤخذ منه ذم البخيل والبخلاء


سادساً : يؤخذ منه أن من التزم بالشرع فليس ببخيل وبالله التوفيق .



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384







رد مع اقتباس
  #30  
قديم 28-03-2016, 05:10PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم






تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -



الحديث الثالث :
عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله الحرام حافية فأمرتني أن استفتي لها رسول الله ﷺ فاستفتيته فقال لتمش ولتركب



موضوع الحديث :
نذر ما يشق على الناذر



المفردات
قوله حافية : أي بدون نعلين
فأمرتني : هذا أمر التماس
أن استفتي لها رسول الله ﷺ : أي أطلب منه بيان الحكم في نذرها هذا . وبيان الحكم يقال له فتوى
قوله فاستفتيته : أي تنفيذاً لرغبتها
فقال لتمش ولتركب : أي لتمش ما أطاقت المشي بمعنى أنها تمشي في بعض الطريق ولتركب إذا شق عليها المشي


المعنى الإجمالي
من طبيعة الإنسان أنه يندفع أحياناً فيوجب على نفسه ما يشق عليه ويحسب أن ذلك قربة وقد بين النبي ﷺ أن مثل هذه الالتزامات التي يشق فيها العبد على نفسه ليست بمطلوبة في شرع الله وعبادته وإنما المطلوب في الشرع والعبادة الاعتدال فيها وعدم المشقة على النفس لكي تستمر العبادة وقد أنكر النبي ﷺ على من وجده يقاد بزمام وهو يطوف فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَأَى رَجُلاً يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ بِزِمَامٍ أَوْ غَيْرِهِ فَقَطَعَهُ ) ولما وجد رجلاً يهادى بين ابنيه وأخبروه أنه نذر أن يمشي إلى بيت الله الحرام فقال مروه فليركب إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه كما في حديث أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَأَى شَيْخًا يُهَادَى بَيْنَ ابْنَيْهِ قَالَ مَا بَالُ هَذَا قَالُوا نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ لَغَنِيٌّ وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْكَبَ وقصة هذه المرأة كذلك إلا أن النبي ﷺ كأنه رأى أن أخت عقبة بن عامر تطيق شيئاً من المشي فأمرها أن تمشي ما أطاقت وتركب ما عدا ذلك وبالله التوفيق


فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من الحديث أن من نذر اتيان بيت الله الحرام وجب عليه الوفاء لأن اتيانه طاعة وقد جاء عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ ( مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلا يَعْصِهِ )
وهل يلتحق بذلك مسجد النبي ﷺ والمسجد الأقصى الجواب نعم لأن النبي ﷺ قَالَ (لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلا إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ e وَمَسْجِدِ الأَقْصَى )


ثانياً : يؤخذ من هذا الحديث ومن الحديث الآخر الذي ذكرناه أن من نذر أن يصلي في مسجد غير هذه الثلاثة أو يأتي بلداً غير البلد الحرام فإنه لا يلزمه ذلك النذر حتى ولو كان ذلك المكان له شيء من التقديس كوادي طوى ومسجد الخليل وما أشبه ذلك وقد أنكر أبو هريرة رضي الله عنه على من ذهب إلى وادي طوى


ثالثاً : من نذر شيئاً يشق على نفسه به كنذر أخت عقبة إذ ورد أنها نذرت أن تحج حاسرة وحافية وقد أنكر النبي ﷺ عليها وأمرها أن تمشي وتركب وأن تلبس وكذلك عندما كان النَّبِيُّ ﷺ يَخْطُبُ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ فَسَأَلَ عَنْهُ فَقَالُوا أَبُو إِسْرَائِيلَ نَذَرَ أَنْ يَقُومَ وَلا يَقْعُدَ وَلا يَسْتَظِلَّ وَلا يَتَكَلَّمَ وَيَصُومَ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ مُرْهُ فَلْيَتَكَلَّمْ وَلْيَسْتَظِلَّ وَلْيَقْعُدْ وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ ) وما سبق أن أشرنا إليه في الذي وجد يهادى في الطريق والذي رآه يقاد بزمام وأن النبي ﷺ قال إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه


رابعاً : أن من نذر شيئاً يشق عليه وهو قادر على بعضه فإنه يشرع له تركه وعليه كفارة يمين وفي الحج عليه هدي


خامساً : أن الحفاء تعذيب للنفس فهو ملحق بما يشق على الإنسان وأنه يجوز له أن يكفر عن النذر أو يتركه بالكلية ويجوز له أن ينفذ ما يستطيع عليه ويكفر عن الباقي


سادساً : قول بعض الفقهاء أنه إذا مشى يسيراً وجب عليه أن يرجع مرة أخرى ليمش بقدر ما ركب ويركب بقدر ما مشى هذا القول فيه نظر أولاً : لأنه مصادم لما ورد عن النبي ﷺ فالرسول ﷺ لم يقر شيئاً يشق على الناذر وثانياً : قد تكون بلد المسلم بعيدة كأن تكون من خارج الجزيرة العربية فلا يمكنه الرجوع والقول الصحيح أن مثل هذا النذر لا يكلف به الإنسان والله أعلم


سابعاً : أن من نذر معصية فإنه يحرم عليه الوفاء بالمعصية والقول الصحيح أنه لا تجب الكفارة عن ذلك النذر ونذر أخت عقبة دخل فيه شيء من المعصية فهي نذرت أن تمشي حاسرة أي بدون ثياب وناشرة شعرها وهذا يحرم على المرأة أن تفعله ولذلك فإنه لا يجوز تنفيذه ولا يجب على الناذر كفارة عنه لحديث عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال ( لا نَذْرَ لابْنِ آدَمَ فِيمَا لا يَمْلِكُ وَلا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى )



--------

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 5 ]

[ المجلد الخامس ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam5.pdf

الرابط المباشر لتحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/play.php?catsmktba=9384








رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
[متجدد] تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ المجلد الرابع ] ام عادل السلفية الأحاديث الصحيحة فقهها وشرحها 79 05-02-2016 12:02AM
[متجدد] تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ المجلد الثالث ] ام عادل السلفية الأحاديث الصحيحة فقهها وشرحها 118 29-10-2015 04:32PM
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام ((المجلد الثاني)) ام عادل السلفية الأحاديث الصحيحة فقهها وشرحها 51 28-07-2015 09:57PM
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي ام عادل السلفية مكتبة معرفة السنن والآثار العلمية 1 14-02-2015 01:42AM
ردع الشيخ المحدث مقبل الوادعي لجناية علي رضا على كتب العلل واستخفافه ببعض المتقدمين ماهر بن ظافر القحطاني منبر الجرح والتعديل 0 05-05-2005 01:07AM




Powered by vBulletin®, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd