|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | التقييم: | انواع عرض الموضوع |
#16
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 14 ) [ المتن ] الاستدلال على إثبات أسماء الله وصفاته من القرآن الكريم 1 ـ الجمع بين النفي والإثبات في وصفه تعالى وقد دخل في هذه الجملة ما وصف الله به نفسه في سورة الإخلاص التي تعدل ثلث القرآن. حيث يقول: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ}. [ الشرح ] (وقد دخل في هذه الجملة) أي: التي تقدمت وهي قوله: (وهو سبحانه قد جمع فيما وصف وسمى به نفسه بين النفي والإثبات) فأراد هنا أن يورد ما يدل على ذلك من الكتاب والسنة، وبدأ بسورة الإخلاص لفضلها. وسميت بذلك لأنها أخلصت في صفات الله ولأنها تخلص قارئها من الشرك. قوله: (التي تعدل ثلث القرآن) أي: تساويه وذلك لأن معاني القرآن ثلاثة أنواع: توحيد. وقصص. وأحكام، وهذه السورة فيها صفة الرحمن فهي في التوحيد وحده، فصارت تعدل ثلث القرآن. والدليل على أن هذه السورة تعدل ثلث القرآن ما رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ أن رجلًا سمع رجلًا يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} يرددها فلما أصبح جاء إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فذكر له ذلك وكأن الرجل يتقالها، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن) قال الإمام ابن القيم: والأحاديث بكونها تعدل ثلث القرآن تكاد تبلغ مبلغ التواتر. (حيث يقول) الله جل شأنه: {قل} أي: يا محمد وفي هذا دليل على أن القرآن كلام الله إذ لو كان كلام محمد أو غيره لم يقل: {قل}، {هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} أي واحد لا نظير له ولا وزير ولا مثيل ولا شريك له. {اللَّهُ الصَّمَدُ} أي: السيد الذي كمل في سؤدده وشرفه وعظمته وفيه جميع صفات الكمال، والذي تصمد إليه الخلائق وتقصده في جميع حاجاتها ومهماتها. {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} أي ليس له ولد ولا والد. وفيه الرد على النصارى ومشركي العرب الذين نسبوا لله الولد. {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ} أي ليس له مكافئ ولا مماثل ولا نظير. والشاهد من هذه السورة: أنها تضمنت وجمعت بين النفي والإثبات فقوله: {اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ} إثبات. وقوله: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ} نفي. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#17
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 15 ) [ المتن ] وما وصف به نفسه في أعظم آية في كتابه حيث يقول: {اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا ـ أي لا يكرثه ولا يثقله ـ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيم} ولهذا كان من قرأ هذه الآية في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ حتى يصبح. [ الشرح ] (وما وصف به نفسه في أعظم آية من كتابه) أي: ودخل في الجملة السابقة ما وصف الله به نفسه الكريمة (في أعظم آية) والآية في اللغة: العلامة. والمراد بها هنا طائفة من كلمات القرآن متميزة عن غيرها بفاصلة، وتسمى هذه الآية التي أوردها هنا آية الكرسي لذكر الكرسي فيها. والدليل على أنها أعظم آية في القرآن ما ثبت في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم عن أبي بن كعب ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ سأله: أي آية في كتاب الله أعظم؟ قال: الله ورسوله أعلم، فرددها مرارًا ثم قال أبي: آية الكرسي. فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (ليهنك العلم أبا المنذر) وسبب كونها أعظم آية لما اشتملت عليه من إثبات أسماء الله وصفاته وتنزيهه عما لا يليق به. فقوله تعالى: {اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} أي: لا معبود بحق إلا هو، وما سواه فعبادته من أبطل الباطل. {الْحَيُّ} أي: الدائم الباقي الذي له كمال الحياة والذي لا سبيل للفناء عليه. {الْقَيُّومُ} أي: القائم بنفسه المقيم لغيره، فهو غني عن خلقه، وخلقه محتاجون إليه. وقد ورد أن {الْحَيُّ الْقَيُّومُ} هو الاسم الأعظم الذي إذا دعي الله به أجاب، وإذا سئل به أعطى لدلالة {الْحَيُّ} على الصفات الذاتية، ودلالة {الْقَيُّومُ} على الصفات الفعلية، فالصفات كلها ترجع إلى هذين الاسمين الكريمين العظيمين ولكمال قيوميته. {لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ} السنة: النعاس وهو نوم خفيف ويكون في العين فقط والنوم أقوى من السنة، وهو أخو الموت ويكون في القلب. {لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} ملكًا وخلقًا وعبيدًا فهو يملك العالم العلوي والسفلي. {مَن ذَا الَّذِي} أي: لا أحد. {يَشْفَعُ عِنْدَهُ} الشفاعة: مشتقة من الشفع وهو ضد الوتر، فكأن الشافع ضم سؤاله إلى سؤال غيره فصيره شفعًا بعد أن كان وترًا. والشفاعة: سؤال الخير للغير، بمعنى أن يسأل المؤمن ربه أن يغفر ذنوب وجرائم بعض المؤمنين. لكنها ملك لله سبحانه فلا تكون {إِلاَّ بِإِذْنِهِ} أي: بأمره وذلك لكبريائه وعظمته سبحانه وتعالى لا يستطيع أحد أن يتقدم إليه بالشفاعة عنده لأحد إلا بعد أن يأذن. {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ} أي: علمه واطلاعه محيط بالأمور الماضية والمستقبلة فلا يخفى عليه منها شيء {وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء} أي: العباد لا يعلمون شيئًا من علم الله إلا ما علمهم الله إياه على ألسنة رسله وبطرق وأسباب متنوعة {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} كرسيه سبحانه قيل: إنه العرش، وقيل: إنه غيره فقد ورد أنه موضع القدمين_، وهو كرسي بلغ من عظمته وسعته أنه وسع السموات والأرض {وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا} أي: لا يكرثه ولا يشق عليه ولا يثقله حفظ العالم العلوي والسفلي لكمال قدرته وقوته. {وَهُوَ الْعَلِيُّ} أي: له العلو المطلق علو الذات بكونه فوق جميع المخلوقات {عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}. وعلو القدر، فله كل صفات الكمال ونعوت الجلال، وعلو القهر فهو القادر على كل شيء المتصرف في كل شيء لا يمتنع عليه شيء {الْعَظِيمِ} الذي له جميع صفات العظمة، له التعظيم الكامل في قلوب أنبيائه وملائكته وعباده المؤمنين، فحقيق بآية تحتوي على هذه المعاني أن تكون أعظم آية في القرآن. وأن تحفظ قارئها من الشرور والشياطين. والشاهد منها: أن الله جمع فيها فيما وصف وسمى به نفسه بين النفي والإثبات، فقد تضمنت إثبات صفات الكمال ونفي النقص عن الله، ففي قوله: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} نفي الإلهية عما سواه وإثباتها له. وفي قوله: {الْحَيُّ الْقَيُّومُ} إثبات الحياة والقيومية له. وفي قوله: {لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ} نفي السنة والنوم عنه، وفي قوله: {لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} إثبات ملكيته الكاملة للعالمين العلوي والسفلي. وفي قوله: {مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} نفي الشفاعة عنده بغير إذنه لكمال عظمته وفناه عن خلقه. وفي قوله: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ} إثبات كمال علمه لكل شيء ماضيًا أو مستقبلًا. وفي قوله: {وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء} بيان حاجة الخلق إليه وإثبات غناه عنهم. وفي قوله: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} إثبات كرسيه وإثبات كمال عظمته وجلالته وصغر المخلوقات بالنسبة إليه. وفي قوله: {وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا} نفي العجز والتعب عنه سبحانه. وفي قوله: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} إثبات العلو والعظمة له سبحانه. وقول المصنف ـ رحمه الله ـ (ولهذا كان من قرأ هذه الآية في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح) يشير إلى ما رواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ فيه: (إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي: {اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}، حتى تختم الآية فإنك لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح) الحديث. والشيطان: يطلق على كل متمرد عات من الجن والإنس ـ من (شطن) إذا بعد ـ سمي بذلك لبعده عن رحمة الله، أو من شاط يشيط إذا اشتد. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#18
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 16 ) [ المتن ] ـ الجمع بين علوه وقربه وأزليته وأبديته وقوله سبحانه: {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}. [ الشرح ] قوله: {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ} الآية. هذه الآية الكريمة قد فسرها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الحديث الذي رواه مسلم أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء. وأنت الآخر فليس بعدك شيء. وأنت الظاهر فليس فوقك شيء. وأنت الباطن فليس دونك شيء). فقد فسر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هذه الأسماء الأربعة بهذا التفسير المختصر الواضح، وفي هذه الأسماء المباركة إحاطته سبحانه من كل وجه. ففي اسمه الأول والآخر إحاطته الزمانية. وفي اسمه الظاهر والباطن إحاطته المكانية. قال الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ : (فهذه الأسماء الأربعة متقابلة: اسمان لأزليته وأبديته سبحانه، واسمان لعلوه وقربه، فأوليته سبحانه سابقة على أولية كل ما سواه، وآخريته سبحانه ثابتة بعد آخرية كل ما سواه. فأوليته: سبقه لكل شيء، وآخريته: بقاؤه بعد كل شيء، وظاهريته: فوقيته وعلوه على كل شيء. ومعنى الظهور يقتضي العلو، وظاهر الشيء ما علا منه. وبطونه سبحانه: إحاطته بكل شيء بحيث يكون أقرب إليه من نفسه وهذا قرب الإحاطة العامة). اه ـ. وقوله تعالى: {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} أي قد أحاط علمه بكل شيء من الأمور الماضية والحاضرة والمستقبلة، ومن العالم العلوي والسفلي ومن الظواهر والبواطن لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء. والشاهد من الآية الكريمة: إثبات هذه الأسماء الكريمة لله المقتضية لإحاطته بكل شيء زمانًا ومكانًا واطلاعًا وتقديرًا وتدبيرًا. تعالى وتقدس (علوًا كبيرًا). ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#19
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 17 ) [ المتن ] وقوله سبحانه: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ}. وقوله: {وَهُوَ الْحَكِيمُ الخبِيرُ}. [ الشرح ] {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ} أبدًا، أي: فوض أمورك إليه فالتوكل لغة: التفويض، يقال: وكلت أمري إلى فلان، أي فوضته. ومعناه شرعًا: اعتماد القلب على الله في جلب ما ينفع وجعف ما يضر، والتوكل على الله نوع من أنواع العبادة وهو واجب، ولا ينافي الأخذ بالأسباب بل يتفق معه تمامًا. وخص صفة الحياة إشارة إلى أن الحي هو الذي يوثق به في تحصيل المصالح. ولا حياة على الدوام إلا به سبحانه وأما الأحياء المنقطعة حياتهم فإنهم إذا ماتوا ضاع من يتوكل عليهم. والشاهد من الآية الكريمة: أن فيها إثبات الحياة الكاملة لله ـ سبحانه ـ ونفي الموت عنه، ففيها الجمع بين النفي والإثبات في صفات الله تعالى. وقوله: {وَهُوَ الْحَكِيمُ} له معنيان أحدهما: أنه الحاكم بين خلقه بأمره الكوني وأمره الشرعي في الدنيا والآخرة. والثاني: أنه المحكم المتقن للأشياء، مأخوذ من الحكمة وهي وضع الأشياء في مواضعها. فهو ـ سبحانه ـ الحاكم بين عباده الذي له الحكمة في خلقه وأمره لم يخلق شيئًا عبثًا ولم يشرع إلا ما هو عين المصلحة. {الخبِيرُ} من الخبرة وهي الإحاطة ببواطن الأشياء وظواهرها. يقال: خبرت الشيء إذا عرفته على حقيقته. فهو سبحانه الخبير، أي: الذي أحاط ببواطن الأشياء وخفاياها كما أحاط بظواهرها. والشاهد من الآية أن فيها إثبات اسمين من أسمائه سبحانه: الحكيم، الخبير، وهما يتضمنان صفتين من صفاته وهما الحكمة والخبرة. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#20
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 18 ) [ المتن ] ـ إحاطة علمه بجميع مخلوقاته {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا} {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ}. [ الشرح ] {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ} أي: ما يدخل فيها من القطر والبذور والكنوز والموتى وغير ذلك. {وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا} أي: من الأرض من النبات والمعادن وغير ذلك. {وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء} أي: من المطر والملائكة وغير ذلك. {وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا} أي: يصعد في السماء من ملائكة وأعمال وغير ذلك. والشاهد من الآية الكريمة: أن فيها إثبات علم الله سبحانه المحيط بكل شيء. وقوله: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ} أي: عند الله وحده خزائن الغيب. أو ما يتوصل به إلى علمه {لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ} فمن ادعى عمل شيء منها فقد كفر. وقد ورد تفسير مفاتح الغيب في الحديث الذي رواه ابن عم كما في الصحيحين عنه أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (مفاتح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله) ثم قرأ الآية: {إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ}. {وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ} أي: اليابس المعمور والقفار من السكان والنبات والدواب وغير ذلك. {والبحر} أي: يعلم ما فيه من الحيوانات والجواهر ونحو ذلك. {وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ} أي: أشجار البر والبحر وغير ذلك. {إِلاَّ يَعْلَمُهَا} أي: يعلمها ويعلم زمان سقوطها ومكانه. {وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ} أي: ولا تكون حبة في الأمكنة المظلمة أو في بطن الأرض. {وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ} من جميع الموجودات عموم بعد خصوص. {إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} أي: لا يحصل شيء من ذلك إلا وهو مكتوب في اللوح المحفوظ. وجه الشاهد من الآية: أن فيها إثبات أنه لا يعلم الغيب إلا الله وأن علمه محيط بكل شيء. وفيها إثبات القدر والكتابة في اللوح المحفوظ. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#21
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 19 ) [ المتن ] {وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ} {لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} وقوله: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}. [ الشرح ] {وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ} أي: لا يكون حمل ولا وضع إلا والله عالم به، فلا يخرج شيء عن علمه وتدبيره. فيعلم ـ سبحانه ـ في أي يوم تحمل الأنثى وفي أي يوم تضع ونوع حملها هل هو ذكر أو أنثى. {لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} اللام متعلقة بقوله تعالى: {خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} أي: فعل ذلك لتعلموا كمال قدرته. {وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} أي: ولتعلموا إحاطة علمه بالأشياء فلا يخرج عن علمه شيء منها كائنًا ما كان. و{عِلْمًا} منصوب على التمييز أو على المصدرية لأن أحاط بمعنى علم. الشاهد من الآيتين: أن فيهما إثبات علم الله المحيط بكل شيء وإثبات قدرته على كل شيء. وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ} أي: لا رازق غيره الذي يرزق مخلوقاته، ويقوم بما يصلحهم فهو كثير الرزق واسعه فلا تعبدوا غيره. {ذُو الْقُوَّةِ} أي: صاحب القوة التامة الذي لا يعتريه ضعف. {الْمَتِينُ} أي: البالغ في القوة والقدرة نهايتهما فلا يلحقه في أفعاله مشقة ولا كلفة ولا تعب. والمتانة معناها الشدة والقوة. الشاهد من الآية الكريمة: أن فيها إثبات اسمه الرزاق ووصفه بالقوة التامة التي لا يعتريها ضعف ولا تعب سبحانه وتعالى. وفيها الاستدلال على وجوب عبادته وحده لا شريك له. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#22
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 20 ) [ المتن ] 4 ـ إثبات السمع والبصر لله سبحانه وقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} وقوله: {إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا}. [ الشرح ] {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} أول الآية قوله تعالى: {فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجًا}. قال الإمام ابن كثير في تفسيره: أي ليس كخالق الأزواج كلها شيء لأنه الفرد الصمد الذي لا نظير له. اه ـ. {وَهُوَ السَّمِيعُ} الذي يسمع جميع الأصوات. {البَصِيرُ} الذي يرى كل شيء ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء. قال الإمام الشوكاني في تفسيره: ومن فهم هذه الآية الكريمة حق فهمها وتدبرها حق تدبرها مشى بها عند اختلاف المختلفين في الصفات على جادة بيضاء واضحة، ويزداد بصيرة إذا تأمل معنى قوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} فإن هذا الإثبات بعد ذلك النفي للمماثل قد اشتمل على برد اليقين وشفاء الصدور وانثلاج القلوب، فاقدر يا طالب الحق قدر هذه الحجة النيرة والبرهان القوي، فإنك تحطم بها كثيرًا من البدع وتهشم بها رؤوسًا من الضلالة وترغم بها أنوف طوائف من المتكلمين، ولا سيما إذا ضممت إليه قوله تعالى: {وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا}. اهـ. وقوله: {إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا} قبله قوله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ}. {نعم}: من ألفاظ المدح و {ما} قيل: نكرة موصوفة كأنه قيل: نعم شيئًا يعظكم به. وقيل: إن ما موصولة، أي نعم الشيء الذي يعظكم به. وقوله: {يعظكم} أي: يأمركم به من أداء الأمانات والحكم بين الناس بالعدل. وقوله: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} أي: أنه سبحانه سميع لما تقولون. بصير بما تفعلون. #الشاهد من الآيتين الكريمتين: أن فيهما إثبات السمع والبصر لله، وفي الآية الأولى نفي مماثلة المخلوقات ففي ذلك الجمع فيما وصف وسمى به نفسه النفي والإثبات. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#23
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 21 ) [ المتن ] 5 ـ إثبات المشيئة والإرادة لله سبحانه وقوله: {وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ}. {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ}. وقوله: {أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ}. [ الشرح ] قوله: {وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ} أي: هلا إذ دخلت بستانك. {قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ} أي: إن شاء أبقاها وإن شاء أفناها اعترافًا بالعجز وأن القدرة لله سبحانه. قال بعض السلف: من أعجبه شيء فليقل: ما شاء الله لا قوة إلا بالله. وقوله: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} أي: لو شاء سبحانه عدم اقتتالهم لم يقتتلوا، لأنه لا يجري في ملكه إلا ما يريد، لا راد لحكمه ولا مبدل لقضائه. وقوله تعالى: {أُحِلَّتْ لَكُم} أي: أبيحت والخطاب للمؤمنين. {بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ} أي: والمراد به المذكور في قوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} الآية التي بعدها بقليل. وقوله: {غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ} استثناء آخر من بهيمة الأنعام. والمعنى: أحلت لكم بهيمة الأنعام كلها إلا ما كان منها وحشيًا فإنه صيد لا يحل لكم في حال الإحرام، فقوله: {وَأَنتُمْ حُرُمٌ} في محل نصب على الحال، والمراد بالحرم من هو محرم بحج أو عمرة أو بهما. {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ} من التحليل والتحريم لا اعتراض عليه. الشاهد من الآيات: أن فيها إثبات المشيئة والقوة والحكم والإرادة صفات لله تعالى على ما يليق بجلاله. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#24
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 22 ) [ المتن ] وقوله: {فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء}. [ الشرح ] {فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ} أي: من شاء الله سبحانه أن يوقه وجعل قلبه قابلًا للخير. و {من}: اسم شرط جازم، ويرد: مجزوم على أنه فعل الشرط. {يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ} مجزوم بجواب الشرط. والشرح: الشق، وأصله التوسعة، وشرحت الأمر: بينته ووضحته. والمعنى: يوسع الله صدره للحق الذي هو الإسلام حتى يقبله بصدر منشرح. {وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ} أي: ومن شاء سبحانه أن يصرفه عن قبول الحق. {يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا} أي: لا يتسع لقبول الحق. {حَرَجًا} أي: شديد الضيق فلا يبقى فيه منفذ للخير، وهو تأكيد لمعنى {ضَيِّقًا}. {كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء} أصله يتصعد، أي كأنما تكلف ما لا يطيق مرة بعد مرة كما يتكلف من يريد الصعود إلى السماء. شبه الكافر في ثقل الإيمان عليه بمن يتكلف ما لا يطيقه كصعود السماء. الشاهد من الآية الكريمة: أن فيها إثبات الإرادة لله سبحانه وأنها شاملة للهداية والإضلال، أي: يريد الهداية ويريد الإضلال كونًا وقدرًا لحكمة بالغة. فالإرادة الربانية نوعان: النوع الأول: إرادة كونية قدرية، وهذه مرادفة للمشيئة، ومن أمثلتها قوله تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا} وقوله تعالى: {وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ} وقوله: {وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا}. النوع الثاني: إرادة دينية شرعية، ومن أمثلتها قوله تعالى: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ} الآية (27) النساء وقوله: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ} الآية (6) المائدة. وقوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} الآية (33) الأحزاب. الفرق بين الإرادتين: 1 ـ الإرادة الكونية قد يحبها الله ويرضاها، وقد لا يحبها ولا يرضاها والإرادة الشرعية لابد أنه يحبها ويرضاها. فالله أراد المعصية كونًا ولا يرضاها شرعًا. 2 ـ والإرادة الكونية مقصودة لغيرها، كخلق إبليس وسائر الشرور لتحصل بسبب ذلك المجاهدة والتوبة والاستغفار وغير ذلك من المحاب. والإرادة الشرعية مقصودة لذاتها، فالله أراد الطاعة كونًا وشرعًا وأحبها ورضيها. 3 ـ الإرادة الكونية لابد من وقوعها، والإرادة الشرعية لا يلزم وقوعها فقد تقع وقد لا تقع. تنبيه: تجتمع الإرادتان الكونية والشرعية في حق المخلص المطيع وتنفرد الإرادة الكونية في حق العاصي. تنبيه آخر: من لم يثبت الإرادتين ويفرق بينهما فقد ضل كالجبرية والقدرية. فالجبرية أثبتوا الإرادة الكونية فقط، والقدرية أثبتوا الإرادة الشرعية فقط. وأهل السنة أثبتوا الإرادتين وفرقوا بينهما. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#25
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 23 ) [ المتن ] : 6 ـ إثبات محبة الله ومودته لأوليائه على ما يليق بجلاله وقوله: {وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} {وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} {فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}، وقوله: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}. وقوله: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ} وقوله: {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ}. [ الشرح ] لما ذكر الشيخ ـ رحمه الله ـ الآيات التي تدل على إثبات المشيئة والإرادة، ذكر الآيات على إثبات المحبة لله سبحانه وفي ذلك الرد على من سوى بين المشيئة والمحبة وقال: إنهما متلازمان فكل ما شاء الله فقد أحبه وقد قدمنا أن في ذلك تفصيلًا، فقد يشاء الله ما لا يحبه ككفر الكافر وسائر المعاصي. وقد يشاء ما يحب كالإيمان وسائر الطاعات. #وقوله تعالى: {وَأَحْسِنُوَاْ} هذا أمر من الله تعالى بالإحسان، وهو: الإتيان بالعمل على أحسن أحواله وأكملها، والإحسان هو أعلى مقامات الطاعة. {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} هذا تعليل للأمر بالإحسان فهو أمر به لأنه يحبه ويحب أهله فيكون ذلك حافزًا على امتثال الأمر به. #وقوله تعالى: {وَأَقْسِطُوا} أمر بالإقساط وهو العدل في المعاملات والأحكام مع القريب والبعيد. {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} تعليل للأمر بالإقساط فهو أمر به لأنه {يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} أي: العادلين ومحبته سبحانه لهم تستلزم أن يجزيهم أحسن الجزاء. #وقوله تعالى: {فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ} أي: ما استقام لكم المشركون على العهد فلم ينقضوه فاستقيموا على الوفاء لهم فلا تقاتلوهم. {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} تعليل للأمر بالاستقامة على العهد فهو أمر بها لأنها من أعمال المتقين الذين يحبهم الله، وفيه إشارة إلى أن الوفاء بالعهد والاستقامة عليه من أعمال المتقين، والتقوى: هي التحرز بطاعة الله عن معصيته رجاء ثوابه وخوفًا من عقابه. #وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ} التوابين: جمع تواب صغة مبالغة من التوبة وهي لغة: الرجوع. وشرعًا: الرجوع عن الذنب. هذا تفسيرها في حق العبد، وأما في حق الله فالتواب من أسماء الله تعالى. قال ابن القيم: العبد تواب، والله تواب، فتوبة البد رجوعة إلى سيده. وتوبة الله نوعان: إذن وتوفيق. وقبول واعتداد. {وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} المتطهرين: جمع متطهر اسم فاعل من الطهارة وهي النزاهة والنظافة عن الأقذار حسية كانت أو معنوية. وفي الآية الكريمة إخبار من الله سبحانه عن محبته لهذين الصنفين من عباده التوابين والمتطهرين. #وقوله تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} سبب نزول هذه الآية الكريمة كما ذكره ابن كثير وغيره: أن قومًا زعموا أنهم يحبون الله فابتلاهم الله (أي اختبرهم) بهذه الآية فهي حاكمة على كل من ادعى محبة الله وليس هو على الطريقة المحمدية بأنه كاذب في دعواه. #وقوله: {يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} أي: يحصل لكم فوق ما طلبتم من محبتكم إياه وهو محبته إياكم وهو أعظم من الأول. #وقوله تعالى: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} هذا جواب الشرط في قوله: {مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ}. يقول تعالى مخبرًا عن قدرته العظيمة: أنه من تولى عن نصرة دينه وإقامة شريعته أنه يستبدل به من هو خير منه، وهم قوم متصفون بصفات عظيمة من أعظمها أن الله يحبهم وهم يحبونه. والمراد بهم أبو بكر الصديق وجيشه من الصحابة والتابعين ـ رضي الله عنهم ـ الذين قاتلوا أهل الردة، ثم كل من جاء بعدهم من المقاتلين للمرتدين إلى يوم القيامة. #وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ} إخبار منه مؤكد أنه سبحانه يحب من اتصف بهذه الصفة. {الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ} أي: يجاهدون بأموالهم وأنفسهم لإعلاء كلمة الله. {صفًا} أي: يصفون أنفسهم عند القتال ولا يزولون عن أماكنهم {كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ} قد رص بعضه ببعض، وألزق بعضه ببعض، فليس فيه فرجة ولا خلل. وقوله: {وَهُوَ الْغَفُورُ} أي: يستر ذنوبه ويتجاوز عن خطاياه. {الْوَدُودُ} من الود وهو خالص الحب فهو سبحانه (ودود) بمعنى: أنه يحب أهل طاعته. وفي ذكر هذين الاسمين الكريمين مقترنين سر لطيف وهو أنه يحب عبده بعد المغفرة فيغفر له ويحبه بعد ذلك. #الشاهد من هذه الآيات الكريمة: أن فيها إثبات المحبة والمودة لله سبحانه وأنه يحب ويود بعض الأشخاص والأعمال والأخلاق فهو يحب بعض الأشياء دون بعض على ما تقتضيه حكمته البالغة فهو يحب المحسنين ويحب المقسطين ويحب المتقين. ويحب المتبعين لرسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويحب المجاهدين في سبيله. ويحب التوابين والمتطهرين. وفيها إثبات المحبة من الجانبين، جانب العبد وجانب الرب. {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} {إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} ففي ذلك الرد على من نفى المحبة من الجانبين كالجهمية والمعتزلة. فقالوا: لا يحب ولا يحب، وأولوا محبة العباد له بمعنى محبتهم عبادته وطاعته، ومحبته للعباد بمعنى إحسانه إليهم وإثابتهم ونحو ذلك. وهذا باطل لأن مودته ومحبته سبحانه وتعالى لعباده على حقيقتهما كما يليق بجلاله كسائر صفاته ليستا كمودة ومحبة المخلوق. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#26
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 24 ) [ المتن ] : 7 ـ إثبات اتصافه بالرحمة والمغفرة سبحانه وتعالى وقوله: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا} {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} {وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} {فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}. [ الشرح ] وقوله: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} تقدم تفسيرها في أول الكتاب، ومناسبة ذكرها هنا أن فيها إثبات الرحمة لله تعالى صفة من صفاته كما في الآيات المذكورة بعدها. قال الإمام ابن القيم: الرحمن دال على الصفة القائمة به سبحانه، والرحيم دال على تعليقها بالمرحوم كما قال تعالى: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} ولم يجئ قط: رحمن بهم. وكان الأول للوصف والثاني للفعل. فالأول دال على أن الرحمة وصفة، والثاني دال على أنه يرحم خلقه برحمته. اه ـ. قوله: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا} هذا حكاية عن الملائكة الذين يحملون العرش ومن حوله أنهم يستغفرون للذين آمنوا فيقولون: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا} أي: وسعت رحمتك وعلمك كل شيء. فـ {رَّحْمَةً وَعِلْمًا} منصوبان على التمييز المحول عن الفاعل، وفي ذلك دليل على سعة رحمة الله وشمولها. فما من مسلم ولا كافر إلا وقد نالته رحمة الله في الدنيا، وأما في الآخرة فتختص بالمؤمنين. وقوله: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} هذا إخبار من الله ـ سبحانه ـ أنه رحيم بالمؤمنين يرحمهم في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا فإنه هداهم إلى الحق الذي جهله غيرهم وبصرهم الطريق الذي ضل عنه غيرهم. أما رحمته بهم في الآخرة فآمنهم من الفزع الأكبر ويدخلهم الجنة. وقوله: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} أي: أوجبها على نفسه الكريمة تفضلًا منه وإحسانًا. وهذه الكتابة كونية قدرية لم يوجبها عليه أحد. وقوله: {وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} يخبر سبحانه عن نفسه أنه متصف بالمغفرة والرحمة لمن تاب إليه وتوكل عليه، ولو من أي ذنب كان كالشرك فإنه يتوب عليه ويغفر له ويرحمه. وقوله: {فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا} هذا مما حكاه الله تعالى عن نبيه يعقوب ـ عليه السلام ـ حين طلب منه بنوه أن يرسل معهم أخاهم. وتعهدوا بحفظه، فقال لهم: إن حفظ الله سبحانه له خير من حفظكم. وهذا تفويض من يعقوب إلى الله في حفظ ابنه. ومن أسمائه تعالى: الحفيظ الذي يحفظ عباده بحفظه الخاص عما يفسد إيمانهم وعما يضرهم في دينهم ودنياهم. الشاهد من الآيات الكريمة: أن فيها وصف الله ـ سبحانه وتعالى ـ بالرحمة والمغفرة على ما يليق بجلاله كسائر صفاته. وفيها الرد على الجهمية والمعتزلة ونحوهم ممن ينفون عن الله اتصافه بالرحمة والمغفرة فرارًا من التشبيه بزعمهم قالوا: لأن المخلوق يوصف بالرحمة. وتأولوا هذه الآيات على المجاز وهذا باطل، لأن الله سبحانه أثبت لنفسه هذه الصفة. ورحمته سبحانه ليست كرحمة المخلوق حتى يلزم التشبيه كما يزعمون، فإن الله تعالى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} والاتفاق في الاسم لا يقتضي الاتفاق في المسمى. فللخالق صفات تليق به وتختص به، وللمخلوق صفات تليق به وتختص به والله أعلم. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#27
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 25 ) [ المتن ] : 8 ـ ذكر رضا الله وغضبه وسخطه وكراهيته في القرآن الكريم وأنه متصف بذلك وقوله: { رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ} وقوله: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ} وقوله: {فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ} وقوله: {وَلَكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ} وقوله: {كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ}. [ الشرح ] قوله: { رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ} أي: رضي عنهم بما عملوه من الطاعات الخالصة له، ورضوا عنه بما جازاهم به من النعيم. والرضا منه سبحانه هو أرفع درجات النعيم. قال تعالى: {وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ} الآية (72) من سورة التوبة. ورضاهم عنه هو رضا كل منهم بمنزلته حتى يظن أنه لم يؤت أحد خيرًا مما أوتي. وقوله: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا} احترز بقوله: {مُؤْمِنًا} عن قتل الكافر، وبقوله: {مُّتَعَمِّدًا} عن قتل الخطأ. والمتعمد: هو الذي يقصد من يعلمه آدميًا معصومًا فيقتله بما يغلب على الظن موته به. وقوله: {فَجَزَآؤُهُ} أي عقابه في الآخرة {جَهَنَّمُ} طبقة من طبقات النار {خَالِدًا فِيهَا} أي: مقيمًا في جهنم والخلود هو المكث الطويل {وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ} معطوف على مقدر دل عليه السياق، أي: جعل جزاءه جهنم وغضب عليه {ولعنه} أي: طرده عن رحمته، واللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله. وقوله: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ} أي ما ذكر في الآية قبلها من شدة توفي الملائكة للكفار من أجل أنهم {اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ} من الانهماك في المعاصي والشهوات المحرمة. {وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ} أي: كرهوا ما يرضيه من الإيمان والأعمال الصالحة. وقوله: {فَلَمَّا آسَفُونَا} أي: أغضبونا. {انتَقَمْنَا مِنْهُمْ} أي: عاقبناهم، والانتقام هو أشد العقوبة. وقوله: {وَلَكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ} أي: أبغض الله خروجهم معكم للغزو {فَثَبَّطَهُمْ} أي: حبسهم عن الخروج معك. وخذلهم قضاءً وقدرًا وإن كان قد أمرهم بالغزو شرعًا. وأقدرهم عليه حسًا، لكنه لم يعنهم عليه لحكمة يعلمها. وقد بينها في الآية التي بعدها في قوله: {لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالًا} الآية. وقوله: {كَبُرَ مَقْتًا} أي: عظم ذلك في المقت وهو البغض، ومقتًا منصوب على التميز. {أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} أي: أن تعدوا من أنفسكم خيرًا ثم لا تفوا بما وعدتم. وقد ورد في سبب نزولها أن ناسًا من المؤمنين قبل أن يفرض الجهاد يقولون وددنا لو أن الله أخبرنا بأحب الأعمال فنعمل به، فأخبر الله نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن أحب الأعمال إيمان بالله لا شك فيه، وجهاد أهل معصيته الذين خالفوا الإيمان ولم يقروا به، فلما نزل الجهاد كره ذلك أناس من المؤمنين وشق عليهم أمره، فقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ}_. الشاهد من الآيات: أن فيها وصف الله بالغضب والرضا واللعن والانتقام والكراهية والأسف والمقت، وهذه كلها من صفات الأفعال التي يفعلها جل وعلا متى شاء إذا شاء كيف شاء. وأهل السنة يثبتون ذلك لله كما أثبته لنفسه على ما يليق بجلاله. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#28
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 26 ) [ المتن ] : 9 ـ ذكر مجيء الله سبحانه لفصل القضاء بين عباده على ما يليق بجلاله وقوله: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلآئِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ} وقوله: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} {كَلاَّ إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكًّا دَكًّا وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاء بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنزِيلًا}. [ الشرح ] {هَلْ يَنظُرُونَ} هذا تهديد للكفار التاركين للدخول في السلم أي الإسلام، المتبعين لخطوات الشيطان. ومعنى {يَنظُرُونَ}: ينتظرون يقال نظرته وانتظرته بمعنى واحد. {إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ} ذاته سبحانه لفصل القضاء بينهم يوم القيامة فيجازي كل عامل بعمله. {فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ} الظلل: جمع ظلة وهي ما يظلك، والغمام: السحاب الرقيق الأبيض سمي بذلك لأنه يغم، أي: يستر. {والْمَلآئِكَة} أي: والملائكة يجيئون في ظلل من الغمام. {وَقُضِيَ الأَمْرُ} أي: فرغ من الأمر الذي هو إهلاكهم. وقوله: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ} أي: لقبض أرواحهم {أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ} أي: بذاته سبحانه لفصل القضاء بين العباد {أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ} وهو طلوع الشمس من مغربها، وذلك أحد أشراط الساعة الكبار، إذا وقع أغلق باب التوبة فلا تقبل. وقوله: {كلا} حرف ردع وزجر عما ذكر قبلها أي: ما هكذا ينبغي أن يكون عملكم من عدم إكرام اليتيم وعدم الحض على طعام المسكين وأكل التراث وحب المال بكثرة شديدة. {إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكًّا دَكًّا} أي: زلزلت وحركت تحريكًا بعد تحريك حتى انهدم كل ما عليها من بناء وعاد هباءً منبثًا. {وَجَاء رَبُّكَ} بذاته سبحانه لفصل القضاء بين عباده. {والملك} أي: جنس الملائكة، {صَفًّا صَفًّا} منصوب على الحال، أي: مصطفين صفًا بعد صف، قد أحدقوا بالجن والإنس. كل أهل سماء يكونون صفًا واحدًا محيطين بالأرض ومن فيها فيكونون سبعة صفوف. وقوله: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاء} أي: يوم القيامة. {تَشَقَّقُ السَّمَاء} أي: تنفطر وتنفرج. {بِالْغَمَامِ} الذي هو ظلل النور العظيم الذي يبهر الأبصار. {وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنزِيلًا} إلى الأرض فيحيطون بالخلائق في مقام المحشر ثم يجيء الرب لفصل القضاء بين عباده. الشاهد من الآيات: أنها أفادت إثبات المجيء والإتيان لله يوم القيامة بذاته على ما يليق بجلاله فصل القضاء بين عباده ومجيئه وإتيانه سبحانه من صفاته الفعلية يجب إثباتهما على حقيقتهما، ولا يجوز تأويلهما بمجيء إتيان أمرو كما يفعله نفاة الصفات. فيقولون: {وَجَاء رَبُّكَ} أي: جاء أمره وهذا من تحريف آيات الله. قال الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ : الإتيان والمجيء المضاف إليه ـ سبحانه ـ نوعان: مطلق ومقيد. فإذا كان المراد مجيء رحمته أو عذابه ونحو ذلك قيد بذلك كما في الحديث: (حتى جاء الله بالرحمة والخير)، وقوله: {وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ}. النوع الثاني: الإتيان والمجيء المطلق فهذا لا يكون إلا مجيئه سبحانه كقوله: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ}، وقوله: {وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} ا. ه ـ. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#29
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 27 ) [ المتن ] : 10 ـ إثبات الوجه لله سبحانه وقوله: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ}. [ الشرح ] {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} هذه الآية جاءت بعد قوله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} يخبر تعالى أن جميع أهل الأرض سيذهبون ويموتون ولا يبقى أحد سوى وجهه الكريم. فإن الرب سبحانه لا يموت بل هو الحي الذي لا يموت أبدًا. { ذُو الْجَلالِ} أي: العظمة والكبرياء. {وَالإِكْرَامِ} أي: المكرم لأنبيائه وعباده الصالحين. وقيل: المستحق أن يكرم عن كل شيء لا يليق به. وقوله: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ} أي: كل من في السماء ومن في الأرض سيذهبون ويموتون. {إِلاَّ وَجْهَهُ} منصوب على الاستثناء. وهذا إخبار بأنه الدائم الباقي الذي تموت الخلائق ولا يموت. الشاهد_من_الآيتين: أن فيهما إثبات الوجه لله ـ سبحانه ـ وهو من صفاته الذاتية فهو وجه على حقيقته يليق بجلاله. {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} لا كما يزعم معطلة الصفات أن الوجه ليس على حقيقته وإنما المراد به الذات أو الثواب أو الجهة أو غير ذلك، وهذه تأويلات باطلة من وجوه: منها أنه جاء عطف الوجه على الذات كما في الحديث: (أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم) والعطف يقتضي المغايرة. ومنها أنه أضاف الوجه إلى الذات فقال: {وَجْهُ رَبِّكَ} ووصف الوجه بقوله: {ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} فلما قال: {ذُو الْجَلالِ} تبين أنه وصف للوجه لا للذات وأن الجه صفة للذات. ومنها: أنه لا يعرف في لغة أمة من الأمم أن وجه الشيء بمعنى ذاته أو الثواب، والوجه في اللغة مستقبل كل شيء لأنه أول ما يواجه منه وهو في كل شيء بحسب ما يضاف إليه. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
#30
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - شرح العقيدة الواسطية. ( 28 ) [ المتن ] : 11 ـ إثبات اليدين لله تعالى في القرآن وقوله: {مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} وقوله {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء}. [ الشرح ] {مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ} الخطاب لإبليس لعنه الله لما امتنع من السجود لآدم ـ عليه السلام ـ أي: شيء صرفك وصدك عن السجود. {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} أي: باشرت خلقه بيدي من غير واسطة، وفي هذا تشريف وتكريم لآدم. قوله: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ} اليهود في الأصل من قولهم: {هُدْنَا إِلَيْكَ} وكان اسم مدح ثم صار بعد نسخ شريعتهم لازمًا لهم وإن لم يكن فيه معنى المدح. وقيل: سموا بذلك نسبة إلى يهودا بن يعقوب ـ عليه السلام ـ. {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} يخبر تعالى عنهم بأنهم وصفوه بأنه بخيل، كما وصفوه بأنه فقير وهم أغنياء، لا أنهم يعنون أن يده موثقة. {غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ} هذا رد عليهم من الله تعالى بما قالوه ومقابلة لهم بما افتروه واختلقوه. وهكذا وقع لهم فإن فيهم من البخل والحسد الشيء الكثير، فلا ترى يهوديًا إلا وهو من أبخل خلق الله. {وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ} معطوفة على ما قبله والباء سببية، أي: أبعدوا من رحمة الله بسبب هذه المقالة. ثم رد عليهم سبحانه بقوله: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} أي: بل هو في غاية ما يكون من الجود والعطاء فيداه مبسوطتان بذلك . {يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء}: جملة مستأنفة مؤكدة لكمال جوده. فإنفاقه على ما تقتضيه مشيئته فإن شاء وسع وإن شاء ضيق. فهو الباسط القابض على ما تقتضيه حكمته. الشاهد من الآيتين الكريمتين: أن فيهما إثبات اليدين لله سبحانه وتعالى، وأنهما يدان حقيقيتان لائقتان بجلاله وعظمته ليسنا كيدي المخلوق، وزعم أن المراد باليد القدرة أو النعمة وهذا تأويل باطل وتحريف للقرآن الكريم. فالمراد باليد القدرة والنعمة، إذ لو كان المراد باليد القدرة كما يقولون لبطل تخصيص آدم بخلقه بهما، فإن جميع المخلوقات حتى إبليس خلقت بقدرته، فأي مزية لآدم على إبليس في قوله: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}. فكان يمكن لإبليس أن يقول: وأنا خلقتني بيديك إذا كان المراد بها القدرة. وأيضًا لو كان المراد باليد القدرة لوجب أن يكون لله قدرتان وقد أجمع المسلمون على بطلان ذلك، وأيضًا لو كان المراد باليد النعمة لكان المعنى أنه خلق آدم بنعمتين وهذا باطل لأن نعم الله كثيرة لا تحصى وليست نعمتين فقط. ------ [ المصدر ] http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 8 ( الأعضاء 0 والزوار 8) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
[جمع] الجمع الثمين لكلام أهل العلم في المصرّين على المعاصي والمدمنين | أبو عبد الودود عيسى البيضاوي | منبر التوحيد وبيان ما يضاده من الشرك | 0 | 13-09-2011 09:33PM |
أقوال العلماء السلفيين في حكم من حكَّم القوانين | أبو حمزة مأمون | منبر التحذير من الخروج والتطرف والارهاب | 0 | 10-06-2010 01:51AM |
(الشيخ ربيع بين ثناء العلماء ووقاحة السفهاء) | أبوعبيدة الهواري الشرقاوي | منبر الجرح والتعديل | 0 | 21-12-2008 12:07AM |
شرح كتاب ثلاثة الأصول | أبو عبد الرحمن السلفي1 | منبر التوحيد وبيان ما يضاده من الشرك | 3 | 13-10-2007 08:38PM |
صحيح المقال في مسألة شد الرحال (رد على عطية سالم ) | ماهر بن ظافر القحطاني | منبر البدع المشتهرة | 0 | 12-09-2004 12:02PM |