|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | التقييم: | انواع عرض الموضوع |
#16
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح مقدمة التفسير ( 16) للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله - المتن ومن التابعين من تلقى جميع التفسير عن الصحابة، كما قال مجاهد: عرضت المصحف على ابن عباس، أوقفه عند كل آية منه وأسأله عنها؛ ولهذا قال الثوري: إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به، ولهذا يعتمد على تفسيره الشافعي والبخاري وغيرهما من أهل العلم، وكذلك الإمام أحمد وغيره ممن صنف في التفسير، يكرر الطرق عن مجاهد أكثر من غيره. والمقصود أن التابعين تلقوا التفسير عن الصحابة كما تلقوا عنهم علم السنة، وإن كانوا قد يتكلمون في بعض ذلك بالاستنباط والاستدلال كما يتكلمون في بعض السنن بالاستنباط والاستدلال. الشرح : وهذا أمر لابد منه، يعني كون التابعين يزيدون على الصحابة في الاستدلال والاستنباط أمر لابد منه وضروري؛ لأنه حدثت أمور لم تكن معهودة في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، وهكذا كلما طرأت أمور جديدة لم ينص على عينها في الكتاب والسنة فلا بد من أن يكون هناك استنباط واستدلال لعلماء العصر، حتى يطبقوها على ما في الكتاب والسنة؛ لأن الكتاب والسنة لم يأتيا بكل مسألة تحدث بعينها إلي يوم القيامة. إذ لو أتى بذلك لكان المصحف أكبر مما هو عليه مائة مرة، وأيضاً لأتى الناس بما لا يعرفونه، فمثلاً ستحدث عن الشيكات وعن البنوك وعن التأمينات، ومثل هذه الأشياء يتحدث عنها في عهد الصحابة وهم لا يعرفون ذلك، أما الآن فكلما حدثت أمور وجدت صار لعلماء المسلمين من النظر والاستدلال والاستنباط ما لم يكن لغيرهم، حتى يطبقوها على ما يقتضيه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. * * * * * * * * شرح مقدمة التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية لفضيلة الشيخ العلامة / محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى - الرابط المباشر لتحميل الكتاب: http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf |
#17
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح مقدمة التفسير ( 17 ) للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله - فصل في اختلاف السلف في التفسير وأنه اختلاف تنوع المتن: الخلاف بين السلف في التفسير قليل، وخلافهم في الأحكام أكثر من خلافهم في التفسير، وغالب ما يصح عنهم من الخلاف يرجع إلى اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد وذلك صنفان: الشرح : هنا أثبت المؤلف أن السلف قد يكون بينهم خلاف في تفسير القرآن، لكن خلافهم في تفسير القرآن أقل من خلافهم في الأحكام، لأن تفسير القرآن هو تبيين ألفاظه، معناها والمراد بهان وهذا شيء يقل فيه الخلاف، لكن الأحكام مبينة على الاجتهاد والنظر والقياس، فصار الاختلاف فيها أكثر من الاختلاف في التفسير، وذلك لاختلاف الناس في العلم والفهم. وقد سبق لنا القول بأن هناك فرقاً بين التفسير بالمعنى والتفسير باللفظ، فتفسير اللفظ شيء وتفسير المعني الذي يراد بالآية شيء آخر، يعنى أن اللفظ يفسر بمعناه بحسب الكلمة، ويفسر بالمراد به بحسب السياق والقرائن. والفرق بين اختلاف التنوع واختلاف التضاد: أن اختلاف التضاد لا يمكن الجمع فيه بين القولين؛ لأن الضدين لا يجتمعان. واختلاف التنوع يمكن الجمع فيه بين القولين المختلفين؛ لأن كل واحد منهما ذكر نوعاً، والنوع داخل في الجنس، وإذا اتفقا في الجنس فلا اختلاف. وعلى ذلك فاختلاف التضاد معناه أنه لا يمكن الجمع بين القولين لا بجنس ولا بنوع، ولا بفرد من باب أولى، واختلاف التنوع معناه أنه يجمع بين القولين في الجنس ويختلفان في النوع، فيكون الجنس اتفق عليه القائلان ولكن النوع يختلف، وحينئذ لا يكون هذا اختلافاً؛ لأن كل واحد منهما ذكر نوعاً كأنه على سبيل التمثيل. وسيذكر المؤلف أمثلة لذلك، لكننا لا بد لنا أن نعرف الفرق بين اختلاف التنوع واختلاف التضاد. * * * * * * * * شرح مقدمة التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية لفضيلة الشيخ العلامة / محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى - الرابط المباشر لتحميل الكتاب: http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf |
#18
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح مقدمة التفسير ( 18) للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله - المتن : أحدهما: أن يعبر كل واحد منهم عن المراد بعبارة غير عبارة صاحبه تدل على معنى في المسمى غير المعنى الآخر مع اتحاد المسمى، بمنزلة الأسماء المتكافئة التي بين المترادفة والمتباينة. الشرح : اختلاف التنوع جعله المؤلف صنفين: الأول: أن يعبر كل واحد منهم عن المراد بعبارة غير عبارة صاحبه، والضمير في قوله: ((منهم)) هنا يعود على الصحابة، بل على السلف أعم، ليشمل الصحابة والتابعين، فيعبر بعبارة غير عبارة صاحبه، لكن تدل على معني في المسمى غير المعنى الآخر مع اتحاد المسمى، فهما اتفقا على المراد لكن عبر كل واحد منهما عنه بتعبير غير الأول، وإلا فهما متفقان، كما لو قال قائل في تعريف السيف: هو المهند، وقال الثاني: السيف هو الصارم، وقال الثالث: السيف ما تقطع به الرقاب، وما أشبه ذلك، فهذا في الحقيقة ليس بخلاف. وكذلك لو قال إنسان: الغضنفر الأسد، وقال الثاني: الغضنفر القسورة، وقال الثالث: الغضنفر الليث، وما أشبه ذلك، فليس هذا خلافاً ولا تنوعاً أيضاً، لكن كل لفظه تدل على معني لا تدل عليه اللفظة الأخرى والمسمى واحد. وهذا هو المقصود بعبارة المؤلف: (أن يعبر كل واحد منهم عن المراد بعبارة غير عبارة صاحبه تدل على معني في المسمي غير المعني الآخر مع اتحاد المسمي) . ثم قال المؤلف: إنها بمنزلة الأسماء المتكافئة التي بين المترادفة والمتباينة، فقوله: ((المتكافئة)) هذه فيها إشكال إلا إذا كان المؤلف رحمه الله يريد بها معنى آخر، فالأسماء المترادفة هي الدالة على معنى واحد، والأسماء المتباينة هي الدالة على معنيين. فهذه الأسماء باعتبار دلالتها على المسمى مترادفة، وباعتبار دلالتها على معني يختص بكل لفظ منها تكون متباينة. * * * * * * * * شرح مقدمة التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية لفضيلة الشيخ العلامة / محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى - الرابط المباشر لتحميل الكتاب: http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf |
#19
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح مقدمة التفسير ( 19) للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله - المتن : كما قيل في اسم السيف الصارم والمهند، وذلك مثل أسماء الله الحسنى، وأسماء رسوله صلى الله عليه وسلم، وأسماء القرآن، فإن أسماء الله كلها تدل على مسمى واحد. الشرح : أسماء الله- تعالي- كثيرة جداً، لكن مسماها واحد. فهي مترادفة من حيث دلالتها على الذات متباينة من حيث اختصاص كل اسم منها بالمعني الخاص به وكذلك أسماء الرسول صلي الله عليه وسلم متعددة، فهي باعتبار دلالتها على الذات مترادفة، وباعتبار دلالة كل لفظ منها على معنى آخر متابينة. وكذلك القرآن يسمي القرآن، والفرقان، التنزيل وغير ذلك، فهذه الألفاظ باعتبار دلالتها على القرآن مترادفة، وباعتبار أن كل واحد منها له معني خاص متباينة. * * * * * * * * شرح مقدمة التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية لفضيلة الشيخ العلامة / محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى - الرابط المباشر لتحميل الكتاب: http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf |
#20
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح مقدمة التفسير ( 20 ) للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -. المتن : فليس دعاؤه باسم من أسمائه الحسنى مضاداً لدعائه باسم آخر، بل الأمر كما قال تعالى: (قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) (الاسراء: 110) ، وكل اسم من أسمائه يدل على الذات المسماة وعلى الصفة التي تضمنها الاسم، كالعليم يدل على الذات والعلم، والقدير يدل على الذات والقدرة، والرحيم يدل على الذات والرحمة. الشرح : إذا هذه الأسماء الثلاثة باعتبار دلالتها على الذات مترادفة، وباعتبار دلالة الأول: على العلم، والثاني: على القدرة، والثالث: على الرحمة، فهي متباينة. * * * * * * * * شرح مقدمة التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية لفضيلة الشيخ العلامة / محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى - الرابط المباشر لتحميل الكتاب: http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf |
#21
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح مقدمة التفسير ( 21) للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله - المتن : ومن أنكر دلالة أسمائه على صفاته ممن يدعي الظاهر فقوله من جنس قول غلاة الباطنية القرامطة الذين يقولون: لا يقال هو حي ولا ليس بحي، بل ينفون عنه النقيضين، فإن أولئك القرامطة الباطنية لا ينكرون اسما هو علم محض، كالمضمرات، وإنما ينكرون ما في أسمائه الحسنى من صفات الإثبات، فمن وافقهم على مقصودهم كان- مع دعواه الغلو في الظاهر- موافقاً لغلاة الباطنية في ذلك، وليس هذا موضع بسط ذلك. الشرح : والمؤلف رحمه الله لتشبعه بهذا العلم صار لا بد أن يذكره. انقسم الناس في أسماء الله سبحانه وتعالي إلى أقسام فمنهم من جعلها أعلاماً محضة لا تدل على المعنى إطلاقاً، ومنهم من جعلها أعلاماً وأوصافاً، ومنهم من قال: لا نقول: إنه حي ولا نقول: إنه ليس بحي، فننكر هذا وهذا وهم الباطنية، ويجيبون بقولهم: إن الحياة والموت لا يصح نفيهما وإثباتهما إلا لمن هو قابل لذلك، والله تعالى ليس بقابل للحياة ولا للموت، ولهذا لا يوصف الجدار بأنه حي ولا ميت. وللإجابة على ذلك نقول لهم: إن دعواكم إن الحياة والموت لا يوصف بها إلا من كان قابلاً لها مجرد دعوى أو عرف اصطنعتموه، فالله سبحانه وتعالي وصف الأصنام بأنهم أموات، ونفى عنهم الحياة. فقال: (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ) (أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ) (النحل: 20، 21) ، وهم يعبدون شجراً وحجراً وما أشبه ذلك، فانتقض قولهم بنص القرآن. أما زعمهم أننا لو قلنا: إن الله حي شبهناه بالأحياء، ولو قلنا: إنه ميت شبهناه بالأموات، نقول: فإنكم على زعمكم هذا قد شبهتموه بالجمادات. فما دمتم تقولون: إنه غير قابل للحياة والموت كالحجر فقد شبهمتوه بالجماد. ثم نقول لهم: هب أننا تنازلنا معكم، لكن أنتم تقولون: إننا لا نقول: إنه موجود ولا غير موجود، فنفيتم عنه الوجود والعدم، وهذا مستحيل باتفاق العقلاء، لأن المقابلة بين الوجود والعدم مقابلة بين نقيضين يجب إذا ارتفع أحدهما أن يثبت الآخر، وأنتم تقولون: لا يجوز أن نقول: إن الله موجود، ولا يجوز أن نقول: إن الله ليس بموجود فإذا قلت: إنه موجود فقد ألحدت، وإن قلت: معدوم، فقد ألحدت، وهذا غير ممكن، ونقول: الآن شبهتموه بالمستحيلات والمتنعات التي لا يمكن وجودها. فهذا مذهب الباطنية في الله عز وجل، يقولون: لا يمكن أن نثبت لله اسماً ولا معنى بل ننفي عنه النقيضين. والآخرون- وهم المعتزلة وأهل الظاهر الذين يغالون في إثبات الظاهر- يقولون: إنا نثبت الاسم لكن لا نثبت له معني، ونقول هذه الأسماء مجرد أعلام فقط، أي سميع بلا سمع، وعليم بلا علم، ورحيم بلا رحمة وهكذا، أي مجرد علم، كما أنك تقول لهذا الرجل محمد وهو مذمم ما فيه خصلة حميدة، وتقول لهذا الرجل عبد الله وهو من أكفر عباد الله ينكر وجود الله. إذاً معنى قولنا: عبد الله مجرد علم يعين مسماه فقط، فهم يقولون: إن أسماء الله هكذا أعلام محضة، ليس لها معنى ولا تحمل معنى إطلاقاً. وهذا الكلام الذي جاء به المؤلف جاء به استطراداً وليس له دخل في التفسير؛ لأنه قال: ((وليس هذا موضع بسط ذلك)) اللهم إلا أن يقال: قد يدخل في التفسير من حيث إن في القرآن أسماء كثيرة لله عز وجل. * * * * * * * * شرح مقدمة التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية لفضيلة الشيخ العلامة / محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى - الرابط المباشر لتحميل الكتاب: http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf |
#22
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح مقدمة التفسير ( 22) للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله - المتن : وإنما المقصود أن كل اسم من أسمائه يدل على ذاته وعلى ما في الاسم من صفاته، ويدل أيضاً على الصفة التي في الاسم الآخر بطريق اللزوم. الشرح : إن الاسم يدل على الصفة التي تضمنها وعلى صفة أخرى تضمنها اسم آخر بطريق اللزوم، مثاله اسم الخالق دل على الذات وعلى صفة الخلق، ودل على العلم الذي تضمنه اسم العليم، وعلى القدرة التي تضمنها اسم القدير ودل اسم الخالق على العليم والقدير؛ لأنه لا يمكن أن يخلق إلا بعلم وقدرة، ولهذا قال الله عز وجل: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) (الطلاق: 12) ، وهذا واضح؛ فلو أن أحداً صنع جهازاً من الأجهزة فلا يمكن أن يصنعه وهو لا يدري كيف يصنعه ولا يمكن أن يصنعه وهو أشل؛ لأنه ليس قدرة. وكذلك أسماء النبي صلى الله عليه وسلم مثل: محمد وأحمد والماحي والحاشر والعاقب، وكذلك أسماء القرآن مثل: القرآن والفرقان والهدى والشفاء والبيان والكتاب، وأمثال ذلك. * * * * * * * * شرح مقدمة التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية لفضيلة الشيخ العلامة / محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى - الرابط المباشر لتحميل الكتاب: http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf التصفية والتربية TarbiaTasfia@ |
#23
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح مقدمة التفسير ( 23) للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله - المتن : فإن كان مقصود السائل تعيين المسمى عبرنا عنه بأي اسم كان إذا عرف مسمي هذا الاسم، وقد يكون الاسم علماً وقد يكون صفة، كمن يسأل عن قوله: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي) (طه: 124) . ما ذكره؛ فيقال له: هو القرآن مثلاً، أو هو ما أنزله من الكتب، فإن الذكر مصدر، والمصدر تارة يضاف إلي الفاعل وتارة إلي المفعول، فإذا قيل: ذكر الله بالمعني الثاني، كان ما يذكر به مثل قول اعبد: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله والله أكبر. وإذا قيل بالمعني الأول، كان ما يذكره هو، وهو كلامه، وهذا هو المراد في قوله: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي) (طه: من الآية124) . لأنه قال قبل ذلك: (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى) (طه: 123) ، وهداه هو ما أنزله من الذكر. وقال بعد ذلك (قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً) (قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا) (طه::125، 126) ، والمقصود أن يعرف أن الذكر هو كلامه المنزل أو هو ذكر العبد له، فسواء قيل: ذكري: كتابي أو كلامي، أو هداي، أو نحو ذلك فإن المسمى واحد. الشرح : هنا يقول المؤلف رحمه الله: إذا كان مقصود السائل- يعني الذي يسأل عن تفسير آية من القرآن_، تعيين المسمي عبرنا عنه بأي اسم كان إذا عرف مسمى هذا الاسم. فلو قال سائل: ما معني قوله تعالي: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي) ؟ وهل المراد بذكري المضاف إلي الفاعل أو المضاف إلي المفعول؟ يعني هل المعنى من أعرض عن ذكره إياي أو المعنى من أعرض عن ذكري الذي أنزلته إليكم؟ والجواب على ذلك أنه يحتمل أن يكون المعنى من أعرض عن ذكري أي: عن ذكره إياي، كما قال تعالي: (وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) ، أي: لتذكرني بها، فالمعني لذكري أي: لذكره إياي، ويحتمل أن يكون المراد بذكري أي: ما أنزلته عليه من الذكر وهو القرآن، أو بعبارة أعم وهو أحسن ما أنزله الله من الكتب، فالمعنى من أعرض عن الكتب الذي أنزلتها ليذكر بها، وهذا المعني إلي اللفظ أو إلي السياق أقرب؛ لقوله: (ٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي) (طه: 123، 124) ، فالمراد بذكري هنا هداه الذي أنزله؛ لأنه قال: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ) ، (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي) ولكنه عبر في الإعراض عن ذكره؛ لأن فيما أنزله من الهدى تذكيراً للإنسان وإنذاراً له وتخويفاً. فهنا إذا سأل عن الذكر فقيل له: الذكر قول سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر صار تفسيراً صحيحاً وإذا عن ذكري فقلنا له: ما أنزله من الكتب على عباده صار معنى صحيحاً؛ لأن اللفظ صالح لهما جميعاً. وهذا اختلاف تنوع، لأن المعني الثاني لا يضاد المعني الأول. فكل ما أنزله الله عز وجل فهو مستلزم لذكره وهو تذكير لعباده. * * * * * * * * شرح مقدمة التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية لفضيلة الشيخ العلامة / محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى - الرابط المباشر لتحميل الكتاب: http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf |
#24
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح مقدمة التفسير ( 24) للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله - المتن : وإن كان مقصود السائل معرفة ما في الاسم من الصفة المختصة به، فلا بد من قدر زائد على تعيين المسمي مثل أن يسأل عن القدوس، السلام، المؤمن، وقد علم أنه الله، لكن مراده: ما معنى كونه قدوساً، سلاماً، مؤمناً، ونحو ذلك. الشرح : إذا قال: من هو القدوس؟ قلنا: الله. أو قال: من السلام؟ قلنا: الله لكن إذا قال ما القدوس؟ ما السلام؟ فهنا يختلف الجواب، لأن سؤاله ب (ما) يدل على أنه أراد المعنى، يعني ما معنى القدوس؟ وما معني السلام؟ بخلاف ما إذا قال: من القدوس؟ فلا يمكن أن تفسر القدوس له، بل تعين المراد به المسمى بهذا الاسم، وهو الله سبحانه وتعالى. * * * * * * * * شرح مقدمة التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية لفضيلة الشيخ العلامة / محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى - الرابط المباشر لتحميل الكتاب: http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf |
#25
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح مقدمة التفسير ( 25 ) للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله - المتن : إذا عرف هذا، فالسلف كثيراً ما يعبرون عن المسمى بعبارة تدل على عينه، وإن كان فيها من الصفة ما ليس في الاسم الآخر، كمن يقول: أحمد هوالحاشر، والماحي، والعاقب. والقدوس هو: الغفور الرحيم أي: إن المسمى واحد لا أن هذه الصفة هي هذه. الشرح : وهذا أيضاً جواب ثالث، إذا قال: من القدوس؟ من السلام؟ من المؤمن؟ فقلت: عالم الغيب والشهادة، أو الذي وسعت رحمته كل شيء، أو هو الغفور الرحيم، فهذا جواب ثالث غير السابقين، لكنه في المعنى مثل من عرفه بالذات؛ لأنني عندما أقول هو الغفور معناه ما (فسرت له) معني القدوس، ففهم مني أني أريد تعيين المسمى الذي هو الذات، لكن بمعنى آخر جديد قد لا يطرأ على باله، فأتيت باسم يدل على صفة ليست في نفس الاسم المسؤول عنه. وذلك مثلاً إذا كان السائل يعلم، أو سأل: من هو القدوس؟ من هو السلام؟ فأقول: هو شديد العقاب لمن عصاه؛ لأني أعرف أن هذا الرجل يقيم على معصية الله، فأريد أن أذكره. أو مثلاً يكون السائل إنساناً مشفقاً على نفسه خائفاً، فأقول في معناها هو من كان على حسن ظن عبده به، وذلك لأذكره بحسن الظن بالله. فهذه الآن ثلاثة أنواع، قد يكون التفسير للكلمة تفسيراً للمراد بها بقطع النظر عن صفته، وقد يكون التفسير للكلمة من حيث معناها الذي تضمنته، وقد يكون التفسير للكلمة بمعنى آخر يوصف به من يراد بها، مثل الغفور الرحيم السميع العليم..إلى آخره. * * * * * * * * شرح مقدمة التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية لفضيلة الشيخ العلامة / محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى - الرابط المباشر لتحميل الكتاب: http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf |
#26
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح مقدمة التفسير ( 26) للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله - المتن : ومعلوم أن هذا ليس اختلاف تضاد كما يظنه بعض الناس، مثال ذلك تفسيرهم للصراط المستقيم فقال بعضهم: هو القرآن أي اتباعه لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث على الذي رواه الترمذي ورواه أبو نعيم من طرق متعددة (1) ، ((هو حبل الله المتين والذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم)) وقال بعضهم هو الإسلام لقوله صلي الله عليه وسلم في حديث النواس بن سمعان الذي رواه الترمذي وغيره: ((ضرب الله مثلاً صراطاً مستقيماً وعلى جنبتي الصراط سوران، وفي السورين أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وداعٍ يدعو من فوق الصراط، وداع يدعو على راس الصراط، قال: فالصراط المستقيم هو الإسلام، والسوران حدود الله، والأبواب المفتحة محارم الله، والداعي على رأس الصراط كتاب الله، والداعي فوق الصراط واعظ الله في قلب كل مؤمن)) (2) . فهذان القولان متفقان؛ لأن دين الإسلام هو اتباع القرآن، ولكن كل منهما نبّه على وصف غير الوصف الآخر، كما أن لفظ الصراط يشعر بوصف ثالث، وكذلك قول من قال: هو السنة والجماعة، وقول من قال: هو طريق العبودية، وقول من قال: هو طاعة الله ورسوله صلي الله عليه وسلم، وأمثال ذلك. فهؤلاء كلهم أشاروا إلى ذات واحدة، لكن وصفها كل منهم.بصفة من صفاتها. الشرح : عرفنا أنه إذا فسر السلف الكلمة بمعني، وفسرها آخرون منهم بمعنى آخر، باعتبار أن هذه الصفة تشمل هذا وهذا، فهو من باب اختلاف التنوع، فقوله تعالى: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) ، معنى الصراط الطريق الواسع، لكن المراد بالصراط المستقيم الإسلام، هذا قول، وقول ثان هو القرآن، والمؤلف جاء لكل من هذين القولين بدليل من السنة، ومع ذلك فهما لا يتنافيان أبداً، لأن الإسلام هو ما في القرآن، وحينئذ فلا تضاد بينهما سواء فسر بأنه القرآن، أو فسر بأنه الإسلام. وواضح أن هذا الاختلاف اختلاف تنوع، وليس اختلاف تضاد، بدليل أن كل واحد منهما لا ينافي الآخر. * * * (1) رواه الترمذي، كتاب فضائل القرآن باب ما جاء في فضل القرآن، رقم (2906) ، والدارمي، كتاب فضائل القرآن باب فضل من قرأ القرآن، (3331) . (2) رواه الترمذي كتاب الأمثال، باب ما جاء في مثل الله لعباده، (2859) . * * * * * * * * شرح مقدمة التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية لفضيلة الشيخ العلامة / محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى - الرابط المباشر لتحميل الكتاب: http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf |
#27
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح مقدمة التفسير ( 27) للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله - المتن : الصنف الثاني: أن يذكر كل منهم من الاسم العام بعض أنواعه على سبيل التمثيل، وتنبيه المستمع على النوع لا على سبيل الحد المطابق للمحدود في عمومه وخصوصه، مثل سائل أعجمي سأل عن مسمى لفظ ((الخبز)) فأري رغيفاً، وقيل له: هذا فالإشارة إلي نوع هذا، لا إلى هذا الرغيف وحده. الشرح : لو سأل أعجمي: ما هو الخبز؟ فقيل له: الخبز هو قرص يصنع من البر بعد طحنه وبله بالماء وعجنه فلن يعرف ما الخبز، ولكن إذا كان معك خبزة فقلت له هذا فهو لن يفهم أنه ليس في الدنيا خبز إلا الذي بيدك، بل سيعرف أن هذا على سبيل التمثيل، ولهذا لو ذهب إلي بقالة ووجد لفة خبز، فسيقول بكم لفة الخبز، فهذا التعيين ليس معناه أنه يراد أن يفسر اللفظ بهذا المعنى على وجه المطابقة، لا يزيد ولا ينقص، لكن على سبيل التمثيل. * * * * * * * * شرح مقدمة التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية لفضيلة الشيخ العلامة / محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى - الرابط المباشر لتحميل الكتاب: http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf |
#28
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح مقدمة التفسير ( 28 ) للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله - المتن : مثال ذلك ما نقل في قوله: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَات) [فاطر: من الآية32] . الشرح : يقول تعالي: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا) الاسم الموصول ليس وصفاً للكتاب، بل الصحيح أن الكتاب مفعول أول، والذين مفعول ثاٍن. قال تعالي: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا) ، والمراد بالذين اصطفى الله من عباده هذه الأمة الإسلامية؛ لأن آخر كتاب نزل هو هذا القرآن. * * * * * * * * شرح مقدمة التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية لفضيلة الشيخ العلامة / محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى - الرابط المباشر لتحميل الكتاب: http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf |
#29
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح مقدمة التفسير ( 29 ) للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله - المتن: فمعلوم أن الظالم لنفسه يتناول المضيع للواجبات، والمنتهك للمحرمات والمقتصد يتناول فاعل الواجبات وتارك المحرمات، والسابق يدخل فيه من سبق فتقرب بالحسنات مع الواجبات فالمقتصدون هم أصحاب اليمين، والسابقون السابقون أولئك المقربون. ثم إن كلا منهم يذكر هذا في نوع من أنواع الطاعات، كقول القائل: السابق الذي يصلي في أول الوقت، والمقتصد الذي يصلي في أثنائه، والظالم لنفسه الذي يؤخر العصر إلى الاصفرار. أو يقول: السابق والمقتصد والظالم قد ذكرهم في آخر سورة البقرة، فإنه ذكر المحسن بالصدقة، والظالم بأكل الربا، والعادل بالبيع، والناس في الأموال إما محسن، وإما عادل وإما ظالم. فالسابق المحسن بأداء المستحبات مع الواجبات، والظالم آكل الربا أو مانع الزكاة، والمقتصد الذي يؤدي الزكاة المفروضة ولا يأكل الربا وأمثال هذه الأقاويل. فكل قول فيه ذكر نوع داخل في الآية إنما ذكر لتعريف المستمع بتناول الآية له وتنبيهه به على نظيره، فإن التعريف بالمثال قد يسهل أكثر من التعريف بالحد المطابق. الشرح : صحيح هذا هو الغالب أن التعريف بالمثال أبين وأظهر من التعريف بالحد المطابق، فمثلاً لو قال لك قائل ما البعير؟ فقلت حيوان كبير الجسم، طويل العنق، ذو سنام، له ذيل قصير وما أشبه ذلك من صفاته، فلن يعرفه، حتى لو رآه ربما يشك فيه لعله يكون هناك شيء آخر يشابهه، لكن إذا قلت مثال البعير هذا اتضح، والإيضاح بالمثال أكثر وضوحاً. ولهذا ذهب كثير من الفقهاء رحمهم الله إلي التعريف بالحكم، وإن كان عند المناطقة يرونه عيباً، فمثلاً يقولون: الواجب هو ما أثيب فاعله واستحق العقوبة تاركه مثلاً، لكن لو قال: الواجب هو ما أمر به الشرع على سبيل الإلزام، فقد يشكل على الإنسان أكثر. والحاصل أن السلف فسروا (الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ) ، بأن الظالم لنفسه هو الذي يؤخر الصلاة عن وقتها، وأن المقتصد هو الذي يصليها في الوقت، وأن السابق بالخيرات هو الذي يصليها في أول الوقت، أو بعبارة أصح على وقتها، وذلك من أجل أن يشمل الذي يصليها في أول الوقت فيما يسن تقديمه وفي آخره فيما يسن تأخيره، ولهذا جاء حديث ابن مسعود: ((الصلاة على وقتها)) (1) ؛ لأن هناك بعض الصلوات يسن تأخيرها كالعشاء. وإذا قيل المقتصد هو الذي يؤدي الزكاة الواجبة، والسابق بالخيرات هو الذي يؤدي الزكاة مع الصدقات المستحبة، والظالم لنفسه هو الذي لا يزكي، فليس بين القولين تناقض؛ لأن كل واحد منهم ذكر نوعاً يدخل في الآية، مع أن الآية أعم من هذا حيث تشمل كل ما ينطبق عليه ظلم النفس والسبق والاقتصاد. * * * * * * * * شرح مقدمة التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية لفضيلة الشيخ العلامة / محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى - الرابط المباشر لتحميل الكتاب: http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf |
#30
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح مقدمة التفسير ( 30 ) للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله - المتن : والعقل السليم يتفطن للنوع كما يتفطن إذا أشير له إلى رغيف فقيل له هذا هو الخبز. وقد يجئ كثيراً من هذا الباب قولهم: هذه الآية نزلت في كذا لا سيما إذا كان المذكور شخصاً، كأسباب النزول المذكورة في التفسير، كقولهم: إن آية الظهار نزلت في امرأة ((أوس بن الصامت)) وإن آية اللعان نزلت في عويمر العجلاني أو هلال بن أمية، وإن آية الكلالة نزلت في جابر بن عبد الله، وإن قوله ((وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّه)) (المائدة: 49) نزلت في بني قريظة والنضير وإن قوله (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَه) (لأنفال: 16) ، نزلت في بدر، وإن قوله: (شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْت) (المائدة: من الآية106) نزلت في قضية تميم الداري، وعدي بن بداء، وقول أبي أيوب إن قوله: (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) (البقرة: من الآية195) ، نزلت فينا معشر الأنصار.. الحديث، ونظائر هذا كثير مما يذكرون أنه نزل في قوم من المشركين بمكة، أو في قوم من أهل الكتاب واليهود والنصاري، أو في قوم من المؤمنين. فالذين قالوا ذلك لم يقصدوا أن حكم الآية مختص بأولئك الأعيان دون غيرهم، فإن هذا لا يقوله مسلم ولا عاقل على الإطلاق. والناس وإن تنازعوا في اللفظ العام الوارد على سبب، هل يختص بسببه أم لا، فلم يقل أحد من علماء المسلمين إن عمومات الكتاب والسنة تختص بالشخص المعين، وإنما غاية ما يقال: إنها تختص بنوع ذلك الشخص فتعم ما يشبهه، ولا يكون العموم فيها بحسب اللفظ. الشرح : وهذا القول هو الصحيح: أنها تعم ذلك الشخص؛ لأنها تختص بنوع ذلك الشخص أو تعم نوع ذلك الشخص فقط. مثال ذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((ليس من البر الصيام في السفر)). فهذا اللفظ عام، لكن سببه خاص بالنوع وخاص بالشخص، فهل نخصصه بذلك الشخص؟ يقول شيخ الإسلام: ما أحد قاله من المسلمين، وهل نخصصه بذلك النوع؟ يمكن ذلك إذا علمنا أن العلة والسبب في ذلك النوع لا يتعداه لغيره فإننا نخصصه بذلك النوع، وإذا أخذنا بالعموم في حديث: ((ليس من البر الصيام في السفر)) ، قلنا: إن الصيام في السفر ليس من البر؛ سواء شق على الإنسان أم لم يشق. وإذا خصصناه بالشخص قلنا ليس من البر ببإعتبار ذلك الرجل الذي رآه النبي ﷺ عليه زحام. مظلاً عليه، كأنه قال ليس صومه من البر. وهذا ايضا خطأ ما احد يقوله من المسلمين مثل ما قال الشيخ.. وإذا قلنا انه خاص بالنوع قلنا : ليس من البر الصيام في السفر فيمن حاله ككحال ذلك الشخص يشق عليه، فإنه ليس من البر أن يصوم في السفر بخلاف من لا يشق عليه، وهذا القول هو الوسط والصواب، وأنه يجب أن يعدّ الحكم الوارد على سبب معين الى نوع ذلك المعين فقط لا الى العموم، ولا أن يختص بنفس ذلك الشخص. وهنا نشير الى ان ربطه بعلته أولى من التعميم، لأننا لو عممناه لاحتجنا الى دليل على التخصيص، لكن كأنه من العام الذي أريد به الخصوص. وفرق بين قوله : (ليس من البر) وبين قول : (البر ألا يصوم) لانه لو قال : ليس من البر فهو الإثم. والرخصة لا نوثم من لم يفعلها، اللهم إلا اذا اعتقد في نفسه الاستغناء عن رخصة الله له فهذا شيء آخر، فيكون آثما من. هذا الوجه، وأما من قال : الحمد لله الذي رخص لي لكن أنا قوي ونشيط.، فهذا غير. * * * * * * * * شرح مقدمة التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية لفضيلة الشيخ العلامة / محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى - الرابط المباشر لتحميل الكتاب: http://www.archive.org/download/waq19756/19756.pdf التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 09-04-2015 الساعة 10:42AM |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 8 ( الأعضاء 0 والزوار 8) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
[جمع] الجمع الثمين لكلام أهل العلم في المصرّين على المعاصي والمدمنين | أبو عبد الودود عيسى البيضاوي | منبر التوحيد وبيان ما يضاده من الشرك | 0 | 13-09-2011 09:33PM |
أقوال العلماء السلفيين في حكم من حكَّم القوانين | أبو حمزة مأمون | منبر التحذير من الخروج والتطرف والارهاب | 0 | 10-06-2010 01:51AM |
(الشيخ ربيع بين ثناء العلماء ووقاحة السفهاء) | أبوعبيدة الهواري الشرقاوي | منبر الجرح والتعديل | 0 | 21-12-2008 12:07AM |
أصول في التفسير (للشيخ/محمد بن صالح العثيمين رحمه الله) | طارق بن حسن | منبر القرآن العظيم وعلومه | 1 | 13-12-2006 12:12AM |
صحيح المقال في مسألة شد الرحال (رد على عطية سالم ) | ماهر بن ظافر القحطاني | منبر البدع المشتهرة | 0 | 12-09-2004 12:02PM |