#1
|
|||
|
|||
كل مايتعلق بشهر رمضان
بسم الله الرحمن الرحيم 【 كل مايتعلق بشهر رمضان 】 لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان - حفظه الله ورعاه - فضائل شهر رمضان المادة الصوتية : احوال الناس في رمضان المادة الصوتية : صوم الجوارح في رمضان المادة الصوتية : رمضان شهر الصيام والقيام المادة الصوتية : فتاوى رمضانية احكام الصيام مفسدات الصيام توجيهات للأئمة في رمضان من يعذر بترك الصيام في شهر رمضان وماذا يجب عليه احكام الاعتكاف فتاوى في الاعتكاف العشر الأواخر من رمضان بيان فضل ليلة القدر والحث على الاجتهاد فيها القول الراجح في ليلة القدر علامات ليلة القدر حكم دفع زكاة الفطر بالمال الأموال التي تجب فيها الزكاة في بيان أحكام صدقة الفطر وجاء رمضان وجاءت معه التشكيكات المزيد من المقالات والفتاوى و الخطب والمحاضرات موقع الشيخ العلامة / صالح بن فوزان الفوزان - حفظه الله تعالى - .
|
#2
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم رمضان... شهر الصيام والقيام لفضيلة الشيخ العلامة / صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله- الخطبة الأولى الحمد لله ذي الفضل والإنعام، أهل علينا شهر رمضان، شهر الصيام والقيام، ليفيض فيه علينا من واسع الكرم والجود والإحسان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الجلال والإكرام، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أفضل من صلى وصام، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه البررة الكرام، وسلم تسليماً كثيرا، أما بعد: أيُّها الناس، اتقوا الله تعالى، وشكروه على نعمه التي من أجلها وأعظمها وأفضلها بلوغ هذا الشهر العظيم، والموسم الكريم الذي جعله الله لكم فرصة عظيمة في أعماركم تتكرر عليكم كل سنة بما فيه من الخيرات والبركات قال الله سبحانه وتعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) خصه الله جل وعلا بأن جعل صيامه أحد أركان الإسلام، وخصه بفضائل عظيمة لا توجد في غيره من شهور العام. فاغتنموه رحمكم الله، وأعظم عمل يؤدى فيه صيام أيامه، وقيام لياليه، قال الله سبحانه: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) فمن أدرك شهر رمضان وهو بالغ صحيح مقيم وجب عليه الصيام أداءً، ومن كان مريضا أو مسافرا يشق عليهما الصيام فإن الله رخص لهما في الإفطار بشرط القضاء (مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)، ومن أدركه رمضان وهو لا يقوى على الصيام لكبر وهرم أو لمرض مزمن لا يرجى شفاءه ولا يستطيعان الصيام فإنه يحب عليهما دفع الفدية عن كل يوم طعام مسكين بمقدار نصف الصاع، كيلو ونصف عن كل يوم تخفيفا من الله سبحانه، ولأجل أن يحصل كل مسلم من هذا الشهر على ما قدر الله له من الخير والمغفرة والرحمة، من أنكر وجوب صيام رمضان فهو كافر مرتد عن الإسلام، يستتاب فإن تاب وصام وإلا قتل مرتدا، ومن أقر بوجوب صيامه وأفطر متعمدا من غير عذر فإنه يجب أن يؤدب تأديبا بليغا وأن يلزم بالصيام. فالصيام معناه: ترك المفطرات بنية من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس، والمفطرات من أكل وشرب وجماع وغير ذلك مما يلحق بهذه الأشياء، من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس قال تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ) إلى قوله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ)، فجعل الصيام ما بين طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس يتجنب المسلم المفطرات بنية الصيام، هذا هو الصيام الذي فرضه الله على عباده، والمفطرات: هي الأكل والشرب قال تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ)، فمن أكل أو شرب متعمدا وهو صائم بطل صيامه، وعليه التوبة إلى الله، وأن يمسك بقية اليوم ويقضي بدل ذلك اليوم، ومن جامع في نهار رمضان فإنه يجب عليه التوبة إلى الله عز وجل ويجب عليه قضاء هذا اليوم وتجب عليه الكفارة المغلظة وهي عتق رقبة (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ)، (فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً)، ومثل الأكل والشرب كل ما كان بمعناهما مما يصل إلى الجوف من الأدوية الجامدة والحبوب ونحوها، ومن الأشربة الدوائية ومن الإبر المغذية إلى غير ذلك مما يقوم مقام الأكل والشرب فإنه يجب تجنب هذه الأشياء في فترة الصيام، ومن أكل أو شرب ناسيا فإنه صيامه صحيح وباقي لقوله صلى الله عليه وسلم: "من نَسِي وهو صائم فَأَكَلَ أو َشَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ"، ولقوله تعالى: (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا). ومما يفطر الصائم استخراج ما فيه قوة البدن وذلك بتقي الطعام من المعدة عن طريق الفم، فإذا تعمد القيء والاستفراغ بطل صيامه، وأما إذا غلبه القيء وخرج بدون اختياره فلا شيء عليه وصيامه باقي وصحيح والحمد لله. ومن ذلك الحجامة كما صح في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يحتجم وهو صائم قال صلى الله عليه وسلم: "أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ"، فدل على أن الحجامة تفطر الصائم، والحجامة: هي استخراج الدم بواسطة المحجم، وهي نوع من العلاج ومثل الحجامة سحب الدم الكثير من البدن ليتبرع به أو ليسعف به مريضا، فإنه إذا سحب الدم الكثير فإنه يبطل صيامه بذلك كما يبطل صيام المحتجم. فيجب على المسلم أن يصون صيامه عن كل ما يبطله، ويحذر من الترخصات ومن الفتوى الخاطئة التي كثرة في هذا الوقت عليه أن يحافظ على صيامه، وإذا احتاج إلى شيء من الأدوية أو غيرها فليسأل أهل العلم يسأل جهات الفتوى لا يسأل من هب ودب فيفرط في صيامه. فحافظوا على صيامكم رحمكم الله، ومما رخص الله فيه للحائض والنفساء أن تفطرا ولا يصح منهما الصوم لأنه لا يجتمع عليهما مشقة الصيام ومشقة الحيض والنفاس، فالحائض والنفساء تقضيان ولا تصومان وقت الحيض ووقت النفاس، لأن هذا مخالف للسنة، كما أنهما لا تصليان والصلاة أعظم من الصيام فكذلك لا تصومان في فترة الحيض والنفاس وهذا رحمة من الله بهما، لأنهما إذا صامتا وعليهما الحيض أو النفاس اجتمعا عليهما مؤثران يضعفان بدنهما. فعلى المسلم أن يحافظ على صيامه، عباد الله، وليس الصيام مجرد ترك الأكل والشرب، ولكنه مع ذلك ترك كل ما حرم الله لأن هناك مفطرات معنوية تذهب بالأجر هي لا تبطل الصيام ولكنها تفرغه من الأجر، وذلك كالغيبة والنميمة والسباب والشتم وغير ذلك، وكذلك النظر إلى ما حرم الله، وكذلك استماع ما حرم الله. فيجب على المسلم أن يصوم سمعه وبصره وقلبه عن كل ما حرم الله، ولا يظن أنه إذا ترك الطعام والشراب أن هذا يكفي؛ بل لابد مع ذلك من ترك كل ما حرم الله، وهذه أشياء محرمة على المسلم دائما؛ ولكنها على الصائم أشد لأنها إذا فعلها في غير وقت الصيام يأثم، وإذا فعلها وقت الصيام فإنه يأثم ويذهب أجر صيامه، تجتمع عليه عقوبتان الإثم وذهاب أجر صيامه، قد قال صلى الله عليه وسلم: "رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ"، وقال عليه الصلاة والسلام: "مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ في أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ"، فيترك المسلم هذه الأشياء دائما وأبدا، ولكنه إذا كان صائما فإنه يتركها من باب أولى لأنه تجرح صيامه "وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ مَا لَمْ يَخْرِقْهَا" كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، قيل وما يخرقها؟ قال: "بغيبة أو نميمة"، وهذا مما يتساهل فيه كثير من الناس، فيظنون أن الصيام مجرد ترك الطعام والشراب ولا يفكرون في ترك الغيبة والنميمة والسباب وقول الزور والشتم قال صلى الله عليه وسلم: "فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ شاتمه فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ" ولا يرد عليه. فحافظوا على صيامكم رحمكم الله، لئلا يكون صوماً مفرغا لا معنى له ولا أجر فيه، ويكون تعباً بلا فائدة، وعليكم بذكر الله، وعليكم بتلاوة القرآن، عليكم بملازمة المساجد مهما أمكن ذلك، أن تصرفوا أوقات فراغكم في المساجد بتلاوة القرآن والاعتكاف فيها، لتحافظوا على صيامكم، كان السلف الصالح إذا دخل رمضان أحضروا المصاحف وجلسوا في المساجد يقولون نحفظ صومنا ولا نغتاب أحدا. فحافظوا على صيامكم رحمكم الله، حتى ولو ذهب الإنسان إلى عمله أو وظيفته فإنه يحافظ على صيامه مما يؤثر فيه أو يفرغه من معناه فيعود تعبا بلا فائدة. فاتقوا الله عباد الله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ* أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا، واستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية الحمد لله على إحسانه، وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله الله وحدهُ لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليماً كثيرا، أما بعد: أيُّها النَّاس، اتقوا الله تعالى، لقد مضى من شهركم عشره الأول، وأنتم على أبواب العشر الأوسط، ثم لا تلبثون أن يأتي عليكم العشر الأواخر، ثم ينتهي الشهر، فانظروا، ماذا أودعتموه من الأعمال الصالحة؟ فكروا بماذا مضى؟ ما مضى منه؟ وبماذا تقضون ما بقي؟ فكروا في أنفسكم، فمن كان محسنا فليواصل وليتمم بالإحسان، ومن كان مفرطا وغافلا فليتب إلى الله مما مضى ويستدرك ما بقي فإن الأعمال بالخواتيم. فاتقوا الله، عباد الله، حافظوا على شهركم الذي جعله الله فرصةً لكم في حياتكم لا تضيعوها، شهر عظيم، شهر الصيام والقيام، تغلق فيه أبواب النيران وتفتح فيه أبواب الجنان، ويصفد فيه الشيطان، ويقال: يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر وذلك في كل ليلة فأجيبوا داعيا الله يا عباد الله، ولا تستمروا على غفلتكم وإهمالكم فإن الأعمار قصيرة والمدة محدودة والعمل محفوظ، وأنتم محاسبون ومجزيون فتصوروا مآلكم، وأصلحوا أعمالكم، نسأل الله عز وجل أن يوقفنا وإياكم في هذا الشهر وفي غيره من أعمارنا لصالح القول والعمل. ثم اعلموا أنَّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهديَّ هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور مُحدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بالجماعة، فإنَّ يد الله على الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار. (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك نبيَّنا محمد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين، الأئمةِ المهديين، أبي بكرَ، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن بقية الصحابةِ أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين. اللَّهُمَّ أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، وجعل هذا البلد آمنا مستقرا وسائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين، اللَّهُمَّ كف عنا بأس الذين كفروا فأنت أشد بأسا وأشد تنكيلا، اللَّهُمَّ أجعل كيدهم في نحورهم وكفنا شرورهم إنك على كل شيء قدير، اللَّهُمَّ من أراد الإسلام والمسلمين بسوء فأشغله بنفسه، وردد كيده في نحره وجعل تدميره في تدبيره إنك على كل شيء قدير، اللَّهُمَّ أحفظ هذه البلاد بلاد الحرمين الشريفين، اللَّهُمَّ أحفظها آمنة مستقرة وحفظ بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين، اللَّهُمَّ أحفظ علينا أمننا وإيماننا واستقرارنا في أوطاننا، وأصلح سلطاتنا ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا، اللَّهُمَّ أدفع عنا من البلاء ما لا يدفعه سواك، اللَّهُمَّ فرج هم المهمومين، وكرب المكروبين من المسلمين في كل مكان، اللَّهُمَّ دمر أعداء الدين الذين بغوا وطغوا وتكبروا وأعجبوا بقوتهم، اللَّهُمَّ إنك القوي العزيز الذي لا يغلبه شيء وهم ضعفه مهما كانت قوتهم فهي ضعيفة فإنك أقوى منهم، اللَّهُمَّ خذهم أخذ عزيز مقتدر، اللَّهُمَّ خذهم أخذ عزيز مقتدر، اللَّهُمَّ كف شرهم عن المسلمين وجعلهم عبرة للمعتبرين يا رب العالمين، يا قاصم الجبابرة، يا قاهر الجبابرة، يا كاسر الطغاة والمجرمين، اللَّهُمَّ عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللَّهُمَّ إنهم طغوا وبغوا، اللَّهُمَّ إنهم طغوا وبغوا، اللَّهُمَّ إنهم طغوا وبغوا وغرتهم قوتهم، اللَّهُمَّ فجعلها في نحورهم، ورد كيدهم في نحورهم إنك على كل شيء قدير، حسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. عبادَ الله،(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ)، فذكروا الله يذكركم، واشكُروه على نعمه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبرَ، واللهُ يعلمُ ما تصنعون. المصدر : .
|
#3
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم صوم الجوارح في رمضان لفضيلة الشيخ العلامة / صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله- الخطبة الأولى الحمد لله المصرف الأيام والشهور، (خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ)، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، (لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يُحْيِ وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، وأشهد أنْ محمداً عبدُه ورسوله، البشير النذير والسراج المنير، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن على طريقهم إلى الله يسير، أما بعد: أيُّها النَّاس، اتقوا الله تعالى، واعلموا أنكم في شهر عظيم، وموسم كريم، (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)، هذا الشهر العظيم ميزه الله سبحانه من بين سائر الشهور، وأودع فيه خيرات كثيرة للأمة لمن وفقه الله لاغتنامه، وحفظ لياليه وأيامه، نهاره صيام وليله قيام، وفيما بين ذلك تلاوة القرآن، وذكر الله سبحانه وتعالى في ساعاته وأوقاته كله مشغول بالخير لمن وفقه الله وانتبه لنفسه، فهو شهر عظيم منحكم الله إياه وبلغكم إياه فها أنتم الآن تعيشونه، فعلينا جميعا أن نقدر لهذا الشهر قدره، وأن نحترمه ما يليق به، وأن نودعه من صالح الأعمال ما نجده عند الله مدخرا لا يضيع منه شيء، فلنبادر - رحمكم الله - إلى اغتنام هذا الشهر فإن كل يوم وكل ساعة منه لن تعود وستذهب بما أودعتموه فيها من خير أو شر؛ ولكن المسلم على خير ما دام أنه يحترم هذا الشهر، ويقدر له قدره، ويعرف قيمته فهو على خير؛ لكن مقل ومستكثر. فاتقوا الله، عباد الله، أعظم ما في هذا الشهر صيامه الذي جعله الله ركنا من أركان الإسلام، فرض الله صيامه على هذه الأمة كما فرضه على سائر الأمم قبلها: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، ومعنى كتب يعني: فرض، وبين سبحانه الحكمة في الصيام قال: (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، فالصيام يقي من المحاذير، يقي من النار ومن غضب الله سبحانه وتعالى، ويقي من الأفعال السيئة والأقوال الوخيمة، فهو يقي المسلم وهو جُنَّة كما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم يقوله: "وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ"، والجُنَّة: هي الشيء الذي يتترس به المقاتل دون سلاح عدوه، جُنَّة يجتن بها ويحتمي بها من ورائها، فالصيام مثل جُنَّة المقاتل، يقيه من المخاطر إذا حافظ عليه، أما إذا خرقه بالأعمال السيئة فإنه لا يقيه، لا يقيه من المحذور، والصيام ليس هو ترك الطعام والشراب فقط، وإنَّما هو ترك كل ما حرم الله سبحانه وتعالى، فإذا أوجب الله علينا أن ترك الطعام والشراب وهما من المباحات فإنه يجب علينا من باب أولا أن نترك المحرمات، وترك المحرمات واجب على المسلم في كل الأوقات؛ ولكنه في حق الصائم أوكد، لأنه مع تحريمه وإثمه يؤثر على الصيام، فيصبح الصيام صورةً بلا حقيقة، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ"، يجوع ويعطش؛ لكن هذا لا ينفعه عند الله، لأنه لم يصن صيامه مما يخرقه ومما يفسده ويبطل ثوابه، فإذا صام صومه عن الطعام والشراب فليصم لسانه عن الكلام المحرم، من غيبة وشتم، وشهادة وزر، وغير ذلك من الكلام المحرم المؤثم، يصون صيامه حتى لو أن أحدا سابه فإنه لا يرد عليه قال صلى الله عليه وسلم: "فَإِنْ سابه أَحَدٌ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ"، يتذكر الصيام فلا يرد على من سبه أو شتمه، فكيف بالذي يعتدي هو على الناس بالسباب والشتم وهو صائم يكون ذلك أشد، على المسلم أن يحفظ لسانه، يصوم لسانه عن الكلام المحرم واللغو الرفث، وقول الزور، وغير ذلك من الكلام المحرم، حتى الكلام المباح لا يكثر الإنسان منه، لأنه يأخذ عليه وقته، ووقته ثمين، فيحفظ وقته بذكر الله، وتلاوة القرآن بدل أن يثرثر بالكلام ولو كان مباحا يضيع عليه الوقت، كيف إذا كان الكلام محرما؟ وكذلك يصوم بصره عن النظر إلى ما حرم الله، النظر إلى النساء حتى لا ينظر إلى زوجته نظر شهوة، لا ينظر إليها نظر شهوة لأن هذا يجره إلى ما لا تحمد عقباه، فكيف ينظر إلى الأجنبيات؟ وليس هذا مقصورا على النظر المباشر للنساء، لأنه ينظر في الصور، صور النساء على الأوراق في الجرائد والمجلات نظر تأمل أو أشد من ذلك ينظر إلى النساء في الشاشات اللاتي يعرضن أنفسهن في الشاشات ولا يستحين، ولا يخفن من الله عز وجل، يعرض أنفسهن بأجمل صورة متبرجات متزينات، فليصرف بصره عن النظر في هذه الشاشات الهابطة، والفضائيات الساقطة، فإن النظر إلى النساء في هذه الوسائل مثل النظر إلى النساء مباشرة، لأن الكل فيه فتنة، فعلى المسلم أن يصرف بصره عن ما يعرض في هذه الشاشات، وهذا الفضائيات، وهذا الانترنت وغيره، من كل ما يعرض من صور النساء الفاتنات المفتونات، مائلات مميلات - والعياذ بالله -، مائلات في أنفسهن مميلات لغيرهن، فهن فتنة على أي شكل عرضة نفسها فهي فتنة وهي مفتونة، فعلينا أن نجنب أبصارنا من هذه المناظر السيئة، وكذلك يصوم سمعه، سمعه عن سماع الكلام المحرم، عن سماع اللغو والرفث، عن سماع التشبيب بالنساء، عن سماع الأغاني، عن سماع المزامير، وآلات اللهو، يصون سمعه إلى الاستماع إلى هذه الأمور، يصون سمعه عن المضحكات التي يسمونها بالترفيهية المضحكات، والتمثيليات التي يعرضونها مسموعة أو مرئية، على المسلم أن يجب سمعه وبصره هذه الخزعبلات التي صنعها جند الشيطان ليصرفوا بها المسلمين عن صيامه، ولذلك يحرصون على إعدادها في شهر رمضان ويسمونها الرمضانيات، فيجعلونها وسيلة لصرف الناس عن صيامهم، أحفظوا - رحمكم الله - أسماعكم عن هذه الترهات والأباطيل، واستمعوا إلى كلام الله سبحانه وتعالى، استمعوا إلى كلام الله، واقرؤوه وتدبروه فإنه أنزل في هذا الشهر: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ)، فهو شهر القرآن تلاوة وتدبرا وتفكرا في معانيه شهر القرآن، فلنشغل أنفسنا بالقرآن وسماعه، بدل الاستماع إلى ما حرم الله الاستماع إليه، فعليكم - رحمكم الله -، علينا جميعا أن نحفظ صيامنا عن كل ما يخل به أو ينقص ثوابه أو عن كل ما يشغلنا عن فضائل هذا الشهر، علينا أن نقبل على هذا الشهر بقلوب راغبة في الخير، وأن نستغله لتلاوة القرآن، لذكر الله، بالصلاة، وقد شرع لنا نبينا صلى الله عليه وسلم وسن لنا قيام هذا الشهر قال صلى الله عليه وسلم: "شهر فرض الله عليكم صيامه، وسننت لكم قيامه"، قيامه بصلاة التراويح، الصلاة المتقنة الخاشعة، الصلاة التي تحي القلوب، وتقرب إلى الله سبحانه وتعالى، فيجب على الإمام وعلى المأمومين جميعا أن يعتنوا بصلاة التراويح بعد صلاة الفرائض، يعتنوا بالصلاة فريضةً أو نافلة ومنها صلاة التراويح، فعلمينا أن نهتم بها، وأن نحضرها من أول الشهر إلى آخر الشهر في كل ليلة ولا يفوتنا منه شيء، لأن ما يفوتنا يكون ثلمة في هذا الشهر وخسارة علينا، علينا أن نحرص على حضور صلاة التراويح مع المسلمين في المساجد من أول ليلة إلى آخر ليلة، لا تفوتنا ركعة لأنها ثلمة نفقدها يوم القيامة، فعلينا أن نحافظ على صلاة التراويح، وعلى الأئمة أن يتقنوا صلاة التراويح، ليست شكليه ينقر عدد ركعات على سرعة أيهما يخرج الأول، أو بعضهم يحسن صوته بالتلاوة ويتكلف ويشق على نفسه وعلى المأمومين، ثم يمل ويعجز وينقطع في بقية الشهر، على الإمام أن يقرأ قراءة متوسطة تريحه وتريح المستمعين لا يتكلف المدُد والصراخ ورفع الصوت، وإنَّما يكون معتدلا بقدر ما يسمع من خلفه وتكون قراءته متعادلة في سائر الليالي، لا يطل في ليلة ويختصر في ليلة، لأنه سيعجز إذا أسرف وتكلف سيعجز وينقطع، إن المنبت لا أرض انقطع ولا ظهرا أبقى، فعليه أن يعادل صلاة التراويح بين الليالي، ويسمع المأمومين القرآن كله من أول الشهر إلى آخره، بأن يوازن قراءة القرآن على الليالي حتى يختمه في آخر الشهر، ولا يحرم نفسه ويحرم المأمومين من قراءة القرآن كاملا في صلاة التراويح، فإن في ذلك الفضل العظيم، وكان السلف الصالح يختمونه في صلاة التراويح والتهجد، منهم من يختم ختمةً واحدة وهذا أقل شيء، ومنهم من يختم مرتين ثلاث مرات إلى عهد قريب وهم يختمون القرآن في صلاة التراويح والتهجد ثلاث ختماةٍ؛ لكن نكتفي الآن بختمه واحدة؛ لكن كثير من الأئمة لا يختمون القرآن ويقطعونه، ولا يضيعون صلاة التراويح على المسلمين، ويعطون المساجد، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، الأمر يحتاج إلى احتساب، ويحتاج إلى استحضار للأجر والثواب، ويحتاج إلى أن الإنسان يحتسب ويصبر، نعم صلاة التراويح فيها مشقة بعض المشقة على من لم يتعود إلى قيام الليل، أما من عود نفسه قيام الليل فإن صلاة التراويح تكون سهلة عليه ومعتادةً له، فعلى الأئمة أن يرغبوا الناس، أن يجذبوا الناس لصلاة التراويح لا ينفروهم، لا يرفعوا أصواتهم زيادة بمكبرات الصوت؛ بل يكون صوت الإمام بقدر ما يسمع من خلفه براحة ورفق، لا يكون صراخا، لا يكون صوتا عاليا، لا يرفع على مكبر الصوت أكثر من الحاجة، لأنه يؤذي من خلفه، ويؤذي جيرانه، ويشوش على المساجد الأخرى، فعلينا جميعا أن نعرف هذه الأمور، وأن نحتسب الأجر والثواب عند الله، وأن لا نضيع ليلة من الليالي بدون صلاة التراويح قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ"، من قام مع الإمام ولكن المشكلة إذا كان الإمام لا يقوم، أو يقوم قياما غير منظم، فهو يكون سببا في تنفير الناس عن صلاة التراويح. فتقوا الله، عباد الله، وحافظوا على هذا الشهر بكل ما فيه من الخير لتغنموه عند الله سبحانه وتعالى، ويكون شاهدا لكم عند الله تعالى ولا يكون شاهدا عليكم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من البيان والذكرِ الحكيم، أقولٌ قولي هذا واستغفرُ الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية الحمد لله على فضله وإحسانه، واشكروه على توفيقه وامتنانه، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليماً كثيرا، أما بعد: أيُّها النَّاس، اتقوا الله تعالى، واعموا أن من فضائل هذا الشهر وخيراته، أن الله جعل فيه ليلة واحدة، جعل فيه ليلة واحدة خيرا من ألف شهر وهي ليلة القدر، وهي في رمضان، في رمضان قطعا؛ لكن لا يدرى في أي ليلة هي لأن الله أخفاها من أجل أن يجتهد المسلم في كل ليالي رمضان، يجتهد في كل ليالي رمضان، فمن اجتهد في كل الليالي من أول ليلة إلى آخر ليلة فقد صادف ليلة القدر، ومرت عليه ليلة القدر، وحصل على أجر ألف شهر في قيامه، أما من لم يقم إلى بعض الليالي فلا يضمن أن يصادف ليلة القدر، ربما تكون في الليالي التي لم يقم فيها والليالي التي تركها، فيه ليلة عظيمة وهي في هذا الشهر، فعلينا أن نحافظ على قيام ليالي هذا الشهر من أوله إلى آخره لنفوز بهذه الليلة العظيمة ولا نفرط فيها، لأنها غنيمة عظيمة حسبكم أن الله جلَّ وعلا قال فيها: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ)، وأن الله سماها ووصفها بأنها مباركة: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ) وهي ليلة القدر مباركة العمل فيها مبارك، ومن بركته أن ليلة القدر خير من ألف شهر، فيا لها من فرصة عظيمة أخفها الله في هذا الشهر لأجل أن نجتهد في كل لياليه حتى نحوز أجر ليلة القدر وأجر قيام رمضان قد قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"، وقال: "مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"، فمن قام جميع الشهر فإنه يحوز على فضيلتين: فضيلة قيام رمضان كله، وفضيلة قيام ليلة القدر، و(ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ). ثم اعلموا رحمكم الله أنَّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهديَّ هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور مُحدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بالجماعة، فإنَّ يد الله على الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار. (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك نبيَّنا محمد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين، الأئمةِ المهديين، أبي بكرَ، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن الصحابةِ أجمعين، وعن التابِعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين. اللَّهُمَّ أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئنا وسائر بلاد المسلمين، اللَّهُمَّ أحفظ علينا أمننا واستقرارنا في أوطاننا، وأصلح سلطاننا، وولي علينا خيارنا، وكفنا شر شرارنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين، اللَّهُمَّ من أراد الإسلام والمسلمين بسوء فأشغله بنفسه، وردد كيده في نحره، وجعل تدميره في تدبيره إنَّك على كل شيء قدير. عبادَ الله،(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ)، فذكروا الله يذكركم، واشكُروه نعمه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبرَ، واللهُ يعلمُ ما تصنعون. المصدر : .
|
#4
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم العشر الأواخر من رمضان الخطبة الأولى الحمد لله ذي الفضل والإنعام مازال يوالي على عباده في هذا الشهر المبارك فضائل الصيام والقيام،وأشهدٌ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،الملك القدوس السلام،وأشهدٌ أن محمداً عبده ورسوله أفضل من صلى وصام،صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه البررة الكرام،وسلم تسليما كثير، أما بعد: أيُّها الناس، اتقوا الله تعالى، وتأملوا في أيامكم وسرعة انقضاءها فإنه مؤذنة بانقضاء أعمالكم استهل عليكم هذا الشهر المبارك بخيراته وبركاته بعشره الأول وعشره الثاني وأنتم الآن في العشر الأواخر منه فاغتنموا بقيته للأعمال الصالحة واختمه بخير فإنه شاهد لنا عند الله سبحانه وتعالى أو شاهد علينا بما أودعناه من الخير والشر. عباد الله، إنكم الآن في العشر الأواخر التي هي أفضل أيام الشهر، كان النبي صلى الله عليه وسلم يخصها بخصائص دون بقية أيام الشهر لعلمه بفضلها وشرفها ولتقدوا بذلك، فمن فضائل هذه العشر أنها ختام الشهر والأعمال بالخواتيم فمن كان محسنً فيمن مضى فليحسن في هذه الأيام لتكون خير ختام ومن كان مفرطاً أو مسيئاً فعليه بالتوبة قبل الفوات، حاسبوا أنفسكم على ما فرطتم في جنب الله، ومن فضائل هذه العشر المباركة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد فيها ما لا يجتهد في غيرها من ليالي الشهر كان صلى الله عليه وسلم في أول الشهر يصلي وينام من الليل فإذا دخلت هذه العشر المباركة شمر وشد المئزر وأيقظ أهله وأحي ليله وذلك بطول التهجد والقيام، وكان السلف الصالح من الصحابة والتابعين وأتباعهم يقتدون به في ذلك فكانوا يخصوا هذه العشر بزيادة في قيام الليل كانوا يقومون أول الليل بالتراويح ثم يقومون آخره بالتهجد ويختمون تهجدهم بالوتر، وكانوا يطولون الصلاة يطولون القيام والركوع والسجود اقتداءً بنبيهم صلى الله عليه وسلم فليكن لنا بهم أسوة ولنسر على آثارهم لعلنا ان نلحق بهم، فهذه العشر هي ليالي التهجد وطول القيام وإحياء الليل وليس بشرط أن الإنسان يحي الليل كله فلا ينام بل يصلي أول الليل بالتراويح ثم ينام ويأخذ راحته ثم يقوم في آخر الليل مع المسلمين في المساجد ليحظى بفضل قيام هذه الليالي المباركة ولا ينساق مع شهواته وغفلاتيه ولا يقتدي بالكسالى والمضيعين وإنما يقتدي بأهل الخير والصلاح والاستقامة لأنه بحاجة إلى ذلك وما يضيعه من أيامه فإنه ضياع في موازين حسناته (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ* وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ)، من فضائل هذا الشهر من فضائل هذه الأيام العشر الأواخر أنها هي الليالي التي ترجى فيها ليلة القدر أكثر من غيرها وإن كانت ليلة القدر محتملة في كل ليلة من ليالي رمضان ولكنها في هذه العشر أكد وأكد فكان صلى الله عليه وسلم يتحرها في هذه الليالي ويحث على تحريها ومن أجل ذلك كان يعتكف العشر الأواخر فيجلس في المسجد ليله ونهاره يخلو بربه يعبد الله عز وجل يتلو كتابه يصلي يذكر الله عز وجل في اعتكافه تحرياً لهذه الليلة التي قال الله جل وعلا منوه بشأنها أنه أنزل فيها القرآن:( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ* تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ* سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ* فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) فهي ليلة عظيمة من وفق لها ووافقها وقامها إيماناً واحتساباً كتب الله له عمل ألف شهر بل هي خير من ألف شهر تضاف إلى حسنات المسلم وهي خير كثير لمن وفقه الله فهذه ليلة عظيمة حلين بنا أن نتحرها بالجد والإجتهاد وأن نعمل فيها الأعمال الصالحة من قيام ودعاء وذكر لله سبحانه وتعالى لننال هذا الثواب العظيم الذي يعادل العمل في ألف شهر وألف الشهر ثلاثة وثلاثون عاماً وزيادة أشهر وهي عمر طويل إذا أفناه المسلم في العبادة كله فإن من يوفق لقيام هذه الليلة فعمله خير من ألف شهر فيا لها من ليلة مباركة كما سماها الله ويا لها من ليلة ذات قدر عند الله سبحانه وتعالى فلا تفت علينا بالغفلة والكسل والخمول لنتحرها في هذه العشر نقوم مع المسلمين ونقوم مع الإمام حتى ينصرف قال صلى الله عليه وسلم:"من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" وهذه زيادة على قوله تعالى:( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) وقال صلى الله عليه وسلم:"من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة"، كان السلف الصالح من الصحابة والتابعين من جاء بعدهم يحيون الليالي في المساجد يصلون جماعة خلف الإمام حتى ينصرف، فينبغي للإمام وفقهم الله أن يهتموا بذلك وأن يقوموا بالمسلمين في أول الليل بصلاة التراويح وفي آخر الليل بصلاة التهجد على وفق ما كان يفعله المسلمون من عهد الصحابة إلى عهدنا هذا وأن لا يفرطوا في هذه الأيام ولا يحرموا جماعة المسجد من هذه الفضائل بسبب كسلهم أو بسبب ما يروج من القيل والقال من أدعياء العلم الذي يخبطون على الناس الأقوال في صلاة التراويح وصلاة التهجد ويقولون ليس هناك إلا صلاة واحدة ليس هناك تراويح على وليس هناك تهجد على حده إنما عندهم صلاة واحدة ينقرونها ويخففونها وينصرفون ويحرمون من ورائهم ممن تكملوا أمانتهم، فعلى أئمة المساجد أن يتقوا الله وأن يتركوا الجدال وأن يسروا على طريقة السلف الصالح من أحيا هذه الليالي بالتراويح والتهجد لينالوا هم ومن ورائهم هذا الثواب العظيم ومن لا يريد هذا فإنه يتخلى عن المسجد لغيره لا يتحمل المسجد ثم يضيعه ويحرم المسلمين من هذه الليالي. فتقوا الله، عباد الله، بادوا الأوقات قبل فواتها وحاسبوا أنفسكم على هفواتها (وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، أقولٌ قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية الحمد لله على فضله،وإحسانه،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله،صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه،وسلَّم تسليماً كثيرًا، أما بعد: أيُّها الناس، اتقوا الله تعالى، واعلموا أن هذا الشهر إنما هو فرصة تمر بكم لأجل أن تيقظ قلوبكم وتحي فيها صفة الخير وتقمع ما فيها من صفة الشر فهذا الشهر مدرب لكم ومروض لكم على العبادات فداوموا على ما أعدتم هذا الشهر من الخيرات وفعل الطاعات في بقية سنتكم فإن عمل المسلم لا ينقطع إلا بالموت لا ينقطع بشهر رمضان أو بانتهاء أيام من الأيام وإنما هو متواصل قال الله سبحانه وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم:( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) قال صلى الله عليه وسلم:"إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية، او علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" فدل على أن عمل الإنسان لا ينقطع إلا بالموت سوا كان عملاً صالحاً أو كان عملاً سيئاً فما دام الإنسان في هذه الحياة فإنه سيعمل إما بالخير وإما بالشر، فعلى المسلم ان يكون عمله متواصلاً في الخير وأن يتوب إلى الله من أعماله الشر فإن بعض الناس أو كثير من الناس تمنيه نفسه أنه إذا خرج هذا الشهر وانتهاء أنه سيعود إلى الإهمال والغفلة والكسل والخمول أو يعود إلى المعاصي والسيئات أولئك لا يقبل لهم شهر رمضان إذا علم الله من قلوبهم فإنهم يعودونها إذا انتهاء رمضان أن يعود إلى ما كانوا عليه من الإهمال والكسل والخمول فإن الله لا يقبل منهم هذا الشهر (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ) ومن كان يعد نفسه بعد رمضان ان يعود إلى المعاصي والإهمال فليس من المتقين. فتقوا الله، عباد الله، واعلموا أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هديِّ محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة. وعليكم بالجماعة، فإن يد الله على الجماعة ومن شذَّ شذَّ في النار(إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك نبينا محمَّد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين، الأئمة المهديين، أبي بكر،وعمرَ،وعثمانَ،وعليٍّ، وعَن الصحابة أجمعين، وعن التابِعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين. اللَّهُمَّ أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، وجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين عامةً يا رب العالمين،اللَّهُمَّوولي علينا خيارنا، وكفينا شر شرارنا، اللهم اجعل وليتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك. فضيلة الشيخ العلامة / صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله- .
|
#5
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم بيان فضل ليلة القدر والحث على الاجتهاد فيها لفضيلة الشيخ العلامة / صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- الحمد لله فضل شهر رمضان على غيره من الشهور، وخصه بليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه ... وبعد:- قال الله تعالى:( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ* فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) وقال تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ* تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ* سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)، وهي في شهر رمضان المبارك لقوله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) وترجى في العشر الأواخر منه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنَ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ" متفق عليه. فينبغي الاجتهاد في كل ليالي العشر طلبًا لهذه الليلة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"، وأخبر تعالى أنها خير من ألف شهر وسميت ليلة القدر لأنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة، لقوله تعالى: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) وهو التقدير السنوي، وهو التقدير الخاص، أما التقدير العام فهو متقدم على خلق السماوات والأرض كما صحة بذلك الأحاديث، وقيل سميت (ليلة القدر) لعظم قدرها وشرفها، ومعنى قوله تعالى: (خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) أي: قيامها والعمل فيها خير من العمل في ألف شهر خالية منها، وطلبها في أواخر العشر آكد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "اطْلُبُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ فِي ثَلاَثٍ أَوْ فِي سَبْعٍ يَبْقَيْنَ أَوْ فِي تِسْعٍ يَبْقَيْنَ"وليلة سبع وعشرين أرجاها لقول كثير من الصحابة إنها ليلة سبع وعشرين: منهم ابن عباس وأبي بن كعب وغيرهما. وحكمة إخفائها ليجتهد المسلمون في العبادة في جميع ليالي العشر، كما أخفيت ساعة الإجابة من يوم الجمعة ليجتهد المسلم في جميع اليوم، ويستحب للمسلم أن يكثر فيها من الدعاء، لأن الدعاء فيها مستجاب ويدعو بما ورد عن عائشة رضي الله عنها قالت يا رسول الله: إن وافقتها فيم أدعو قال: " قُولِي اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّى" رواه أحمد وابن ماجه . فيا أيَّها المسلمون، اجتهدوا في هذه الليلة المباركة بالصلاة والدعاء والاستغفار والأعمال الصالحة فإنها فرصة العمر، والفرص لا تدوم، فإن الله سبحانه أخبر أنها خير من ألف شهر، وألف الشهر تزيد على ثمانين عامًا، وهي عمر طويل لو قضاه الإنسان كله في طاعة الله . فليلة واحدة وهي ليلة القدر خير منه، وهذا فضل عظيم، وهذه الليلة في رمضان قطعًا وفي العشر الأخير منه آكد، وإذا اجتهد المسلم في كل ليالي رمضان فقد صادف ليلة القدر قطعًا ورجي له الحصول على خيرها، فأي فضل أعظم من هذا الفضل لمن وفقه الله. فاحرصوا رحمكم الله على طلب هذه الليلة واجتهدوا بالأعمال الصالحة لتفوزوا بثوابها فالمحروم من حرم الثواب. ومن تمر عليه مواسم المغفرة ويبقى محملاً بذنوبه بسبب غفلته وإعراضه وعدم مبالاته فإنه محروم . أيُّها العاصي، تب إلى ربك واسأله المغفرة فقد فتح لك باب التوبة ، ودعاك إليها وجعل لك مواسم للخير تضاعف فيها الحسنات وتمحى فيها السيئات فخذ لنفسك بأسباب النجاة ... والحمد لله رب العالمين ... وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه... المصدر : .
|
#6
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم الأموال التي تجب فيها الزكاة لفضيلة الشيخ العلامة / صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- الخطبة الأولى الحمد لله رب العالمين، أكمل لنا الدين،وأتمَّ علينا النَّعمة،ورضي لنا الإسلام دينا،وأشهدٌ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،وأشهدٌ أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليماً كثيرا، أما بعد: أيُّها الناس، اتقوا الله تعالى، واشكروه على نعمه التي أجلها وأعظمها نعمة الإسلام، الذي أكرمنا الله به، وأمرنا بالتمسك به إلى الممات:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)، هو الدين الذي لا يرضى الله من أحد سواه:(وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ)، والإسلام معناه الاستسلام لله، والانقياد لله، بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله، هذا هو الإسلام فيما بين العبد وبين ربه، أما الإسلام فيما بين العبد وبين الناس فهو أن يسلم الناس من آذاه قال صلى الله عليه وسلم:"المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويديه"، فالمسلم يكون مسلماً فيما بينه وبين الله بفعل أوامره وترك نواهيه وخوفه ورجاءه ومحبته والإنابة إليه ويخلص له في جميع الأعمال الظاهرة والباطنة، وكذلك يسلم فيما بينه وبين الناس لأن يكف الشر عنهم ويبذل خيره لهم، هذا هو المسلم حقا. عباد الله، وهذا الإسلام يقوم على أربعة أركان شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام من استطاع إليه سبيلا، فمن أركان الإسلام الزكاة وهي قرينة الصلاة في كتاب الله في آيات كثيرة:(أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ)، وكل ما أمر الله بالصلاة أمر بالزكاة فهي قرينتها لا تفارقها، ومن فرق بين الصلاة والزكاة فهو كافر، ولهذا لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم ومنع قوم الزكاة وقالوا: إنما نؤديها لرسول الله ولا نؤديها لغيره قاتلهم خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنه أبو بكر الصديق قاتلهم حتى أخضعهم لأداء الزكاة، وقال: والله لقتلنا من فرق بين الصلاة والزكاة، وقال: والله لو منعوني عقالاً أو عناقاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه، الزكاة أمرها عظيم وخيرها كثير، فهي تتطهر المسلم من البخل، والشح، وهي تنمي المال وتحل البركة فيه بإذن الله، إنما يهلك المال، ويتلف المال بسبب منع الزكاة، فالمال الذي لا تؤدى زكاته عرضت للتلف، وعرضت للخسار والبوار، وما حبست الأمطار عن أهل الأرض إلا بسببِ منع الزكاة،"ما منع قومٌ زكاة أموالهم إلا منعوا القطرة من السماء ولولا البهائم لم يمطروا" كما في الحديث، والزكاة تنفع الفقراء والمساكين، وهي حقٌ لهم في أموال الأغنياء ليس تبرعاً ولا معروفاً من الأغنياء، وإنما هي حقٌ وفرضٌ عليهم، فرضها رب العالمين قال الله سبحانه وتعالى:(وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ)، فالزكاة فريضة حتمية على كلِ من آتاه الله مالاً، فالزكاة ليست بالأمر الهين الذي يُتساهل فيه من شاء فعله ومن شاء تركه، فكما أنه لا يجوز لك أن تترك الصلاة، لا يجوز لك أن تمنع الزكاة، فمن صلى ومنع الزكاة فلا صلاة له لأنهما قرينتان دائماً في كتاب الله عز وجل، وهي تجب في أربعة أنواع من الأموال: النوع الأول: الذهب والفضة وما يقوم مقامهما من النقود الورقية، والعملات الورقية. النوع الثاني: الحبوب والثمار التي يخرجها الله من الأرض:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنْ الأَرْضِ)،(كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ). النوع الثالث: بهيمة الأنعام من الإبل والبقر والغنم. النوع الرابع: عروض التجارة، وهي السلع التي تعدوا للبيع والشراء، هذه هي الأموال الزكوية التي فيها الفريضة، وأما ما عداها من الأموال فإنما تُشرع الصدقة منها من باب التبرع والإحسان، والذي يعنينا الآن هو زكاة الحبوب والثمار لأننا بحاجة إلى معرفتها، فقد فرض النبي صلى الله عليه وسلم نصف العشر من الحبوب والثمار فيما يسقى بمؤنه ونفقة، والعشر كاملاً وفرض العشر كاملاً فيما يُسقى بلا مؤنه من العيون والأنهار والأمطار وهي شكرٌ لله سبحانه وتعالى واعتراف بفضله، وإحسانٌ إلى لفقراء والمساكين، فزكاة الحبوب والثمار هي من أنواع الزكاة المالية، والواجب أن يخرج الإنسان من المتوسط لا يُلزم أن يخرج من الجيد ولا يجوز له أن يخرج من الردِ:(وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ)،فيخرج من المتوسط ولا يكلفه الله أن يخرج من أعلى المال قال صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل:"إياك وكرائم أموالهم" أي لا تأخذ منهم الأموال الكريمة النفيسة ولكن خذ المتوسط منها وهذا هو العدل، ومن أخرج من الجيد فهو أحسن، لكن لا يجب عليه أن يخرج من الجيد إنما يخرج من المتوسط، لا يجب عليه أن يخرج من الجيد، ولا يجوز له أن يخرج من الرد وإنما يخرج من المتوسط هذا هو الواجب عليه، فإذا اشتد الحب وبدأ صلاح الثمر بالاحمرار أو الاصفرار ثمر النخل وجبت الزكاة فيه، وجب فيه الزكاة، فيجب عليه أن يُؤديها طيبةً بها نفسه، محتسباً الأجر عند الله، كان صلى الله عليه وسلم يبعث العمل والخراص العُمل للأموال يجبون زكاتها من البوادي، ويُرسل الخراص يخرصون الثمار ويأمر المزارعين أن يخرجوا زكاة ثمارهم بموجب الخرص، والخارص إنما يقدر ويجتهد لكن لو حصل زيادة عند المزارع عند الفلاح حصل زيادة من التمر من الحبوب على ما خرصه الخارصون فإنه يجب عليه أن يخرجه ويبرأ ذمته منه، ولا يقتصر على مقدار ما خرصه الخارصون، إنما هم مُجتهدون، والمجتهد يخطئ ويصيب، فعلى المسلم أن يبرأ ذمته من هذا الواجب العظيم، وأن ينقي ماله من الزكاة، وهنا مسألة يجب التنبيه عليها، وهي أن بعض أصحاب النخيل لما سمعوا أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها خوفاً من الآفات وضياع الأموال، لأنه قبل أن يبدو فيه الصلاح عرضت للآفات والتلف، لما سمعوا بهذا صاروا يأجرونها لجئوا إلى حيلة تحيلون بها على المحرم وهي أنها يُجرونها لمن يشتريها منهم بدل الشراء صاروا يؤجرونه له، وهذه حيلة والحيل التي توصلوا بها إلى معصية الله حيلٌ محرمة، وهذا بيعٌ باطل ولا يجوز، فعلى صاحب النخيل أن يصبر حتى يبدوا صلاح الثمار ثم يبيعوها، وإذا باعها بدراهم فإنه يخرج الزكاة من الدراهم يخرج نصف العشر من الدراهم التي هي عوضٌ عن الثمرة، ولا يبقي منها شيئا، هذا واجبٌ عظيم، يجب التنبه له، فقد كثر الاحتيال وتأجير النخيل في وقت مبكر لا لأجل الأجرة وإنما لأجل الحيلة على بيع الثمار قبل بدوِ صلاحها. فتقوا الله، عباد الله، وبرؤوا ذمتكم من هذه الفريضة العظيمة، واحتسبوا الأجر من الله، فإن الزكاة إنما هي غنيمة وليست غرماً، لأن الأعراب كانوا يؤدون الزكاة ويعتبرونها غرماً، وأما أهل الإيمان فيخرجونها ويعتبرونها غنيمة وأجر من الله سبحانه وتعالى، فالمسلم يجب عليه أن يؤدي أوامر الله محتسباً بذلك الأجر والثواب مستسلماً لأمر ربه، ينقاد لأمر ربه، والإسلام إيما أن يكون إسلاماً ضرورياً أو اختيارياً، الإسلام الضروري هو أن تخضع للأقدار الله التي لا حيلة لك في الفكاك منها من المرض والموت والخوف والمصائب هذه تستسلم لها بالصبر والاحتساب وعدم الجزع، وإسلام اختياري وهو الانقياد الأوامر الله ونواهيه عن رغبةٍ ورهبة وخوفٍ ورجاء وطمعٍ في ثواب الله وخوفٍ من عقاب الله. فتقوا الله، عباد الله، وأدوا زكاة أموالكم طيبتاً بها نفوسكم من أجل أن يتقبلها الله منكم ولا تكون من الذين:(لا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ)، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من البيان والذكر الحكيم، أقولٌ قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليماً كثيرا، أما بعد: أيُّها الناس، اتقوا الله تعالى، واعلموا أن من الاستسلام لله، الانقياد الأوامره بأداء الواجبات ترك المحرمات، وأن يكون المسلم عباداً لله، لا عباداً لهواه، وعبداً لشهواته، وعبداً لدنياه، إنما يكون عبداً لله هذا هو المسلم، يدور مع أوامر الله جل وعلا أينما دارت لأنه عبد يؤمر فيمتثل ويطيع لله سبحانه وتعالى، فإن لم يمثل للأوامر الله ويعبد الله صار عبداً للهواء:(أَفَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ)فإذا لم يكن عبداً لله، صار عبداً لهواه (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنْ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)،أو يكون عبداً للدنيا يطلب الدنيا من أيِّ وجه من حلال أو حرام من أي وجه لا يُبالي ولهذا قال صلى الله عليه وسلم:"تعس عبد الخميسه يعني القطيفة تعس عبد الخميلة تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش تعس وانتكس إن أعطي رضي وإن لم يعطى لم يرضى"هذا هو عبد الدنيا رضاه وغضبه للدنيا لا يرضى لله ولا يغضب لله، (فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ)، نسأل الله العافية، أو يكون عبداً لشهواته يتبع ما تشتهيه نفسه ولو أن فيه هلاكه وشقاه والعياذ بالله، فالإنسان عبد لا بد أنه عبد، إما أن يكون عبداً لله، وإما أن يكون عبداً لغير الله، فنظر لنفسك أيها المسلم، من أنت عبدٌ له؟ فتقوا الله عباد الله، وأطيعوا الله فيما أمركم ونهاكم عنه، تكون مسلمين حقا، واعلموا أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هديِّ رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة. وعليكم بالجماعة، فإن يد الله على الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار(إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك نبينا محمد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين، الأئمة المهديين، أبي بكر، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن الصحابة أجمعين، وعن التابِعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين. اللَّهُمَّ أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين عامةً يا رب العالمين، اللَّهُمَّ أدفع عنا الغلا والوبا والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللَّهُمَّ أصلح ولاة أمورنا، وجعلهم هداةً مهتدين غير ضالين ولا مضلين، اللَّهُمَّ أنصر بهم دينك وأعل بهم كلمتك، وخذل بهم أعدائك يا رب العالمين، (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ). عبادَ الله،(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)،(وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ)،فاذكروا اللهَ يذكُرْكم، واشكُروه على نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبرُ، واللهُ يعلمُ ما تصنعون. المصدر : .
|
#7
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم وجاء رمضان وجاءت معه التشكيكات بسم الله الرحمن الرحيم وجاء رمضان وجاءت معه التشكيكات جعل الله سبحانه وتعالى شهر رمضان شهراً للخيرات والبركات والعبادات بأنواع الطاعات، جرت فيه أحداث عظام في تاريخ الإسلام. 1- قال الله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ). 2- فيه ليلة خير من ألف شهر وهي ليلة القدر، قال تعالى: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ). 3- أوجب الله صيامه وسن النبي صلى الله عليه وسلم قيامه قال صلى الله عليه وسلم: "من قام رمضان إيمانًا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه". 4- حصلت فيه وقعة بدر الكبرى يوم الفرقان فرق الله بها بين الحق والباطل. 5- فيه الفتح الأعظم فتح مكة المشرفة. فيجب أن يعرف لهذا الشهر العظيم قدره ويستغل بالطاعات من صيام وقيام وتلاوة قرآن واعتكاف كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يخصه بأنواع الطاعات – إلا أنه في وقتنا الحاضر فرط فيه الكثير من الناس . 1- فطائفة تعد له البرامج الإعلامية التي أكثرها ضياع للوقت من المسلسلات والتمثيليات والمضحكات والمسابقات والترفيهيات. 2- وطائفة تنشغل بأنواع المآكل والمشارب فتجعله شهر أكل وشرب وسهر بدل أن يكون شهر صيام وقيام، يسهرون الليل وينامون النهار ويتركون الصلاة المفروضة في أوقاتها فيضيعونها (أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ). 3- وطائفة تنشغل وتشغل الناس بالتشكيك والجدليات في بداية دخول الشهر وبداية الصوم اليومي ومشروعية صلاة التراويح وعدد ركعاتها متخطين في ذلك الأدلة المحددة لهذه الأمور. 1- فطائفة تشكك في اعتماد رؤية الهلال التي جعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم بداية لدخول الشهر ونهايته حيث قال صلى الله عليه وسلم: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما"، فهناك من يحاول إلغاء العمل بالرؤية والاعتماد على الحساب الفلكي، وهناك من يحاول ربط الرؤية بالحساب الفلكي فإذا لم توافقه فلا عبرة بها عندهم. وفي هذه الأيام نشرت الصحف أنه تستحيل رؤية الهلال ليلة الجمعة، هكذا حكموا على المستقبل الذي لا يعلمه إلا الله وكم مرة قالوا مثل هذا الكلام وحصل خلاف ما يقولون فرؤي الهلال في الليلة التي نفوا رؤيته فيها، وذلك لأن الرؤية في الغالب لا يدخلها شك، فما رأى كمن سمع، (يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ)، والحساب عمل بشري يدخله الخطأ والنقص وعبادتنا كلها مبنية على الرؤية للهلال والرؤية لطلوع الفجر والرؤية لدلوك الشمس، والرؤية لمساواة الظل مع الشخص والرؤية لغروب الشمس والرؤية لمغيب الشفق الأحمر لأوقات الصلوات الخمس. 2- وطائفة تشكك في دخول وقت صلاة الفجر ووقت بداية الصيام اليومي وقد قال الله تعالى في ذلك: (َكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ)، وتبين ذلك يكون بالرؤية البصرية التي لا مجال للتشكيك فيها فإذا خالف الحساب الرؤية فلا اعتبار له. 3- وطائفة تشكك في مشروعية صلاة التراويح وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها بأصحابه ليالي ثم تخلف عنهم مخافة أن تفرض عليهم ولم يمنعهم من صلاتها جماعة وفرادى حتى جمعهم عمر رضي الله عنه في خلافته على إمام واحد لانتفاء المحذور الذي خشيه الرسول صلى الله عليه وسلم في صلاتهم معه. 4- وطائفة تشكك في عدد صلاة التراويح وتريد أن تقصرهم على عدد معين فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "من قام رمضان إيماناً واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه"، ولم يحدد عدد الركعات، وقال صلى الله عليه وسلم: "من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة"، ولم يحدد عددا، ورغب صلى الله عليه وسلم في قيام الليل ولم يحدد عددا والمطلوب إتقان الصلاة لا عدد الركعات. 5- وبعضهم يشكك في صلاة التهجد من آخر الليل في العشر الأواخر، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها، وكان إذا دخل العشر شمر وشد المئزر وأحيا ليله وأيقظ أهله إلى غير ذلك من الأحاديث والأثار الواردة عن السلف في صلاتهم التهجد في العشر الأواخر وإطالتهم فيها – هذا ما أردت بيانه حول هذه المسائل راجيا الله سبحانه أن يرجع هؤلاء إلى الحق والصواب وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه. كتبه صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء المصدر : .
|
#8
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم صلاة التراويح وأحكامها لفضيلة الشيخ العلامة / صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله- الحمد لله رب العالمين ، شرع لعباده في شهر رمضان أنواع الطاعات ، وحثهم على اغتنام الأوقات ، والصلاة والسلام على نبينا محمد أول سابق إلى الخيرات ، وعلى آله وأصحابه ، ومن تبعهم بإحسان ... أما بعد . . اعلموا وفقني الله وإياكم - أن مما شرعه لكم نبي الهدى محمد صلى الله عليه وسلم في هذا الشهر المبارك صلاة التراويح ، وهي سنة مؤكدة ، سميت تراويح - لأن الناس كانوا يستريحون فيها بين كل أربع ركعات لأنهم كانوا يطيلون الصلاة ، وفعلها جماعة في المسجد أفضل ، فقد صلاها النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه في المسجد ليالي ثم تأخر عن الصلاة بهم خوفًا أن تفرض عليهم ، كما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد ذات ليلة ، وصلى بصلاته ناس ثم صلى من القابلة وكثر الناس ، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة فلم يخرج إليهم ، فلما أصبح قال : قد رأيت الذي صنعتم فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم ، وذلك في رمضان وفعلها صحابته من بعده وتلقتها أمته بالقبول ، وقال صلى الله عليه وسلم : من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة ، وقال عليه الصلاة والسلام : من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه . . متفق عليه فهي سنة ثابتة لا ينبغي للمسلم تركها . أما عدد ركعاتها فلم يثبت فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم والأمر في ذلك واسع قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : له أن يصلي عشرين ركعة كما هو المشهور عن مذهب أحمد والشافعي ، وله أن يصلي ستًا وثلاثين كما هو مذهب مالك وله أن يصلي إحدى عشرة ركعة وثلاث عشرة ركعة وكل حسن ، فيكون تكثير الركعات أو تقليلها بحسب طول القيام وقصره . وعمر رضي الله عنه لما جمع الناس على أُبَيٍّ صلّى بهم عشرين ركعة ، والصحابة رضي الله عنهم من يقل ومنهم من يكثر - والحد المحدود لا نص عليه من الشارع صحيح ، وكثير من الأئمة ، أي أئمة المساجد - في التراويح يصلون صلاة لا يعقلونها ولا يطمئنون في الركوع ولا في السجود ، والطمأنينة ركن ، والمطلوب في الصلاة حضور القلب بين يدي الله تعالى واتعاظه بكلام الله إذا يتلى ، وهذا لا يحصل في العجلة المكروهة ، وصلاة عشر ركعات مع طول القراءة والطمأنينة أولى من عشرين ركعة مع العجلة المكروهة . لأن لب الصلاة وروحها هو إقبال القلب على الله عز وجل ، ورب قليل خير من كثير ، وكذلك ترتيل القراءة أفضل من السرعة ، والسرعة المباحة هي التي لا يحصل معه إسقاط شيء من الحروف ، فإن أسقط بعض الحروف لأجل السرعة لم يجز ذلك وينهى عنه ، وأما إذا قرأ قراءة بينة ينتفع بها المصلون خلفه فحسن . وقد ذم الله الذين يقرءون القرآن بلا فهم معناه ، فقال تعالى : (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ) أي تلاوة بلا فهم ، والمراد من إنزال القرآن فهم معانيه والعمل به لا مجرد التلاوة . . انتهى كلامه رحمه الله . وبعض أئمة المساجد لا يصلون التراويح على الوجه المشروع ، لأنهم يسرعون في القراءة سرعة تخل بأداء القرآن على الوجه الصحيح ، ولا يطمئنون في القيام والركوع والسجود . والطمأنينة ركن من أركان الصلاة ، ويأخذون بالعدد الأقل في الركعات ، فيجمعون بين تقليل الركعات وتخفيف الصلاة وإساءة القراءة ، وهذا تلاعب بالعبادة. فيجب عليهم أن يتقوا الله ويحسنوا صلاتهم ، ولا يحرموا أنفسهم ومن خلفهم من أداء التراويح على الوجه المشروع. . وفق الله الجميع لما فيه الصلاح والفلاح . . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه . . المصدر : ابن باز : رمضان ذهب اكثره وبقي أقله ... فاستدرك مابقى من رمضان حتى تختم شهرك بأحسن أعمالك .
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
فتاوى رمضانية لفضيلة الشيخ العلامة / صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله- | ام عادل السلفية | منبر شهر رمضان المبارك | 3 | 15-06-2015 07:38PM |
48 سؤالا في الصيام | ام عادل السلفية | منبر أصول الفقه وقواعده | 2 | 06-05-2015 05:39AM |
فتاوى متعلقة بشهر رمضان | أم الحميراء السلفية | منبر الأسرة والمجتمع السلفي | 5 | 02-08-2011 02:56PM |
[مقال] الأسرة في رمضان | أم سلمة | منبر الأسرة والمجتمع السلفي | 1 | 10-08-2010 12:21PM |
استقبال شهر رمضان وصيامه وقيامه - أهمية تحري هلال رمضان لابن عثيمين -رحمه الله- | أم العبدين الجزائرية | منبر أصول الفقه وقواعده | 0 | 01-07-2010 06:48PM |