|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
إتخاذ الرقية مهنة للكسب محرم، وبيان المحاذير في ذلك للشيخ صالح السحيمي حفظه الله
بسم الله الرحمن الرحيم قال الشيخ صالح بن سعد السحيمي حفظه الله: نُنبِّهُ على مسألة تتعلق بالرقية؛ وهو اتخاذها مهنةً للكسْبِ، والذي اعتقده أن ذلك محرم، وأنَّ ذلك لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لذا فإن فتح عيادات للرُقَى خلاف السنة؛ بل هو من البدع التي أحدثها الناس. نعم، كونكَ ترقي أخاكَ لوجهِ الله؛ لا حَرجَ في ذلك، ولو أهدى إليك، وأدرت أن تطيب خاطره بأخذ الهدية دون مبالغة؛ فلا بأس بذلك. أما اتخاذ ذلك مهنةً، وتُفتح بشكل عيادات ومستشفيات ومهنة يُتكسب من ورائها؛ فإن لذلك محاذيرَ كثيرة. من تلك المحاذير: أنها لم تُفعل في عهد السلف، فإن احتج محتجٌ بحديث أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه- عندما استضافوا قومًا فلم يُضيِّفوهم، ثم لُدِغَ سيدُ ذلكم القوم، فأخذوا يلتمسون راقيًا؛ فقال أبو سعيد والصحابة الذين معه: نعم، نحن نرقيه، قبله قال: والله إني لراقٍ، لكنكم لم تضيفونا فلن نرقيَكُم حتى تجعلوا لنا جُعلاً؛ فجعلوا لهم قطيعًا من الغنم؛ فرقَاهُ بالفاتحة، وأقرَّه النبي صلى الله عليه وسلم؛ بل قال: ((اضربوا لي معكم بسهم)) [1]. هذا الحديث صحيح؛ لكن استدلالهم به غيرُ صحيح؛ لعدة أمور: الأمر الأول: أن لأخذِهمُ الجُعْلَ سببًا، وهو أن هؤلاء بخلاء، فعُقِبُوا بنقيضِ قصْدِهم. وثانيًا: أنهم لم يتخذوا ذلك مهنةً بعد ذلك. وثالثُا: أنه لم يستدل بذلك أحدٌ من الصحابة لفتح العيادات للرقية، ولو كان ذلك مشروعًا لسبقونا إليه، وهم أحرص الناس على نفع الناس وعلى تطبيق السنة. نعم، ترقي أخاك لاسيما إن طلب منك، أو حتى لو لم يطلب منك إن رأيت أنه بحاجة إلى هذا؛ فارقِهِ، ((من استطاع أن ينفع أخاه فلينفعه)). لكن اتخاذها مهنةً، هذا أمر خطير. من المحاذير أيضًا: أن ذلك قد يُفقد الراقي الإخلاص في دعائه أو في رقيته، فتجده يشارطُ مشارطةً؛ بل يضع صندوقًا، أو قد يضع موظفًا لجباية الأموال إلى تلك العيادة! وهذا لم يُعهد عن الصحابة ولا عن التابعين ولا التابعين لهم بإحسان. ومن المحاذير أيضًا -على اتخاذ الرقية مهنةً-: أنه استغل ذلك كثير من المشعوذين والدجالين وأكلة أموال الناس بالباطل، فصاروا يفتحون عيادات للرقية بدعوى أنها رقية شرعية، بينما يملؤنَها بالدجل والخرافات، وربما تستروا بالقرآن، وضحكوا على الناس، ويحصل من جراء ذلك مفاسد لا تُعدُ ولا تُحصَى. من المفاسد أيضًا والمحاذير التي تترتب على اتخاذ الرقية مهنةً: أنه قد أصبح الأمر أمرًا مبتذلاً؛ حتى استغله بعض النساء، وتوسع بعض الرقاة من أجل جلب المال؛ حتى إنه يرقي الناس رقية جماعية! فيمُرُ عليهم وينفثُ نقثةً واحدة، هكذا، يدور عليهم كأنهم قطيع غنم! كأنهم قطيع غنم تمامًا! وهذا في الحقيقة ما عُهِدَ عن السلف أبدًا؛ بل ابتكره الدجَّالون وأكلةُ أموالِ الناس بالباطل. أيضًا من المحاذير: أنه استغله البعض لبيع المياه المرقيِّ فيها، أو المنفوثِ فيها؛ حتى لقد ذُكِرَ عن أحدهم أنه يزعم أنه يرقي في خزان، ويعبأ لهم جوالين! يعني: (يجيب له وايت، وله وايتين ثلاثة) ويعبأ، والجالون بسبعين ريالاً! تصوروا كم في الخزان هذا من جالون، وكم يُدِّرُ عليه من الأموال الباطلة التي يأخذها بغير حقٍ. واتخذ بعضهم طرقًا أخرى، وهي المتاجرة بالزيت، زيت الزيتون، حتى غلُّوهُ على الناس الآن! يعني أصبح فتنة، يجيب له مليون عَبْوَة زيت، ويبيعها بثمنٍ مضاعف بدعوى أنها مقروءٌ فيها. كل هذه المحاذير تُحرِّم اتخاذ الرقية مهنةً، كما دَرَجَ عليه البعض، وقد صرَّح كثيرٌ من مشايخنا بذلك؛ منهم الشيخ: عبد العزيز بن باز –رحمه الله-، ومنهم الشيخ الألباني –رحمه الله-، وعلى كلِ حال الأمر واضح لا يحتاج إلى فتوى، الطريقة التي تُفعل الآن ليست شرعية؛ بل إنني وجدتُ في بعض المحلات التجارية عُلَب، هذه رقية فلان! وهذه رقية فلان! ورقية فلان تُباع بأكثر من ثمن رقية فلان! وهذا والله وتالله وبالله ليس شرعيًا. فإن قال قائل: أليس هذا أولى من أن يذهب إلى المشعوذين؟ أنا ما منعت الرقية يا أخي الكريم! يرقي المسلم أخاه؛ لكن أقول: أن هذا هو الذي جرَّأ المشعوذين أنفسهم، جرأهم على التلاعب، وعلى أكل أموال الناس بالباطل، وهؤلاء الرقاة أخشى أن يتحول أمرهم إلى شعوذة، وإلى دجل، وإلى سفه، وإلى أكل لأموال الناس بالباطل، فلابدَّ من مراعاة هذه الأمور في الرُقَى. وأما مسألة التمائم فنتركها إلى الدرس القادم –إن شاء الله-، والخلاصة أنها جميعًا محرمة؛ لكن هناك تفاصيل معينة سوف نفصلها –إن شاء الله تعالى-، ولقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن جميع التمائم بلا استثناء، فجميع التمائم محرمة؛ حتى الكتابة وشرب الكتابة، وما إلى ذلك، وما أشار إليه المصنِّف مُحرَّم، وسوف نفصله في درسٍ قادمٍ –إن شاء الله تعالى-؛ سوف نفصله يوم الخميس القادم –بإذن الله تبارك وتعالى- وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. ------------- [1] عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ، أَنَّ رَهْطًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، انْطَلَقُوا فِى سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا، فَنَزَلُوا بِحَىٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ؛ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ شَىْءٌ يَنْفَعُ صَاحِبَنَا؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: نَعَمْ، وَاللَّهِ إِنِّى لأَرْقِى، وَلَكِنِ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَأَبَيْتُمْ أَنْ تُضَيِّفُونَا، مَا أَنَا بِرَاقٍ حَتَّى تَجْعَلُوا لِى جُعْلاً. فَجَعَلُوا لَهُ قَطِيعًا مِنَ الشَّاءِ، فَأَتَاهُ فَقَرَأَ عَلَيْهِ أُمَّ الْكِتَابِ وَيَتْفُلُ حَتَّى بَرَأَ كَأَنَّمَا أُنْشِطَ مِنْ عِقَالٍ. قَالَ فَأَوْفَاهُمْ جُعْلَهُمُ الَّذِى صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ؛ فَقَالُوا: اقْتَسِمُوا؛ فَقَالَ الَّذِى رَقَى: لاَ تَفْعَلُوا حَتَّى نَأْتِىَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنَسْتَأْمِرَهُ. فَغَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرُوا لَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مِنْ أَيْنَ عَلِمْتُمْ أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟ أَحْسَنْتُمُ. اقْتَسِمُوا وَاضْرِبُوا لِى مَعَكُمْ بِسَهْمٍ». رواه أبو داواد والترمذي، وصححه الألباني. للاستماع من [هـنـا] |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|