#1
|
|||
|
|||
أقوال السلف في صفة المعية
1 - قول ابن عباس رضي الله عنه
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} قال: "عالم بكم أينما كنتم"[1]. 2 - قول الضحاك بن مزاحم رحمه الله[2] (بعد المائة) عن مقاتل بن حيان عن الضحاك في قوله عز وجل {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ} قال: "هو فوق العرش وعلمه معهم أينما كانوا."[3]. 3 - قول مقاتل بن حيان رحمه الله[4] (قبل 150 هـ) قال في قوله تعالى {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ} قال: "هو على العرش ولا يخل شيء من علمه"[5]. 4 - قول أبي حنيفة رحمه الله (150 هـ) قال نعيم بن حماد: سمعت نوح بن أبي مريم يقول: كنا عند أبي حنيفة رحمه الله أول ما ظهر،(أي أمر الجهم بن صفوان) إذ جاءته امرأة من ترمذ كانت تجالس جهما، فدخلت الكوفة، فأظنني أقل ما رأيت عليها عشرة ألاف من الناس، تدعو إلى رأيها، فقيل لها إن رجلا هاهنا قد نظر في المعقول يقال له أبو حنيفة، فأتته وقالت: أنت الذي تعلم الناس المسائل وقد تركت دينك، أين إلهك الذي تعبده؟ فسكت عنها، ثم مكث سبعة أيام لا يجيبها، ثم خرج إلينا وقد وضعكتابا أن الله في السماء دون الأرض، فقال له رجل: أرأيت قول الله تعالى {وَهُوَ مَعَكُمْ} قال: "هو كما تكتب إلى الرجل إني معك وأنت غائب عنه"[6]. 5 - قول سفيان الثوري رحمه الله (161 هـ) عن معدان، قال سألت سفيان الثوري عن قول الله عز وجل {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} قال: "علمه"[7]. 6 - قول الإمام مالك رحمه الله (179 هـ) قال عبد الله بن أحمد حدثني أبي رحمه الله قال حدثنا سريج بن النعمان أخبرني عبد الله بن نافع قال: كان مالك بن أنس رحمه الله يقول: "من قال القرآن مخلوق يوجع ضرباً ويحبس حتى يموت"، وقال مالك رحمه الله: "الله عز وجل في السماء، وعلمه في كل مكان" وتلا هذه الآية {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ} وعظم عليه الكلام في هذا واستشنعه[8]. 7 - قول نعيم بن حماد الخزاعي[9] رحمه الله (228 هـ) قال أحمد بن منصور الرمادي سمعت نعيم بن حماد الخزاعي في قوله {وَهُوَ مَعَكُمْ}: "أنه لا يخفى عليه خافية بعلمه، ألا ترى قوله {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ} الآية، أراد أنه لا يخفى عليه خافية"[10]. 8 - قول علي بن المديني (234 هـ) سئل عن قوله تعالى {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ} فقال: اقرأ ما قبله {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ}[11]. 9 - قول إسحاق بن راهويه (238 هـ) قال حرب بن إسماعيل: قلت لإسحاق بن راهويه في قول الله {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ} كيف تقول فيه؟ قال: "حيث ما كنت فهو أقرب إليك من حبل الوريد، وهو بائن من خلقه"[12]. 10 - قول الإمام أحمد رحمه الله (241 هـ) قال أبو طالب سألت أحمد بن حنبل عن رجل قال: إن الله معنا، وتلا {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ}. قال: "قد تجهم هذا، يأخذون بآخر الآية، ويدعون أولها هلا قرأت عليه {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ} فالعلم معهم، وقال في سورة (ق) {وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} فعلمه معهم"[13]. قال المروزي: قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل، إن رجلا قال: أقول كما قال الله {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ}، أقول هذا ولا أجاوزه إلى غيره. فقال أبو عبد الله: "هذا كلام الجهمية". قلت: فكيف نقول؟ قال: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ} علمه في كل مكان وعلمه معهم" ثم قال: "أول الآية يدل على أنه علمه"[14]. قال حنبل: قلت لأبي عبد الله ما معنى قوله {وَهُوَ مَعَكُمْ}، و{مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ}؟. قال: "علمه محيط بالكل، وربنا على العرش بلا حد و لا صفة"[15]. قال أحمد بن جعفر الفارسي الإصطخري: قال أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل: "هذه مذاهب أهل العلم وأصحاب الأثر وأهل السنة المتمسكين بعروقها، المعروفين بها المقتدى بهم فيها من لدن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا وأدركت من أدركت من علماء أهل الحجاز والشام وغيرهم عليها، فمن خالف شيئا من هذه المذاهب أو طعن فيها أو عاب قائلها، فهو مبتدع خارج من الجماعة زائل عن منهج السنة وسبيل الحق". ثم ساق الإمام أحمد أقوالهم في العقيدة إلى أن قال: "وخلق سبع سموات بعضها فوق بعض، وسبع أراضين بعضها أسفل من بعض، وبين الأرض العليا والسماء الدنيا مسيرة خمسمائة عام، وبين كل سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة عام، والماء فوق السماء العليا السابعة، وعرش الرحمن عز وجل فوق الماء، والله عز وجل على العرش، والكرسي موضع قدميه، وهو يعلم ما في السموات والأرضين السبع وما بينهما، وما تحت الثرى، وما في قعر البحار، ومنبت كل شعرة وشجرة، وكل زرع وكل نبات، ومسقط كل ورقة، وعددكل كلمة، وعدد الحصى والرمل والتراب، ومثاقيل الجبال، وأعمال العباد وآثارهم وكلامهم وأنفاسهم، ويعلم كل شيء، وهو على العرش فوق السماء السابعة، ودونه حجب من نور ونار وظلمة وما هو أعلم به. فإن احتج مبتدع ومخالف بقول الله عز وجل {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} وبقوله {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} وبقوله {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ} إلى قوله {إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} ونحو هذا من متشابه القرآن فقل: إنما يعني بذلك العلم، لأن الله تعالى على العرش فوق السماء السابعة العليا ويعلم ذلك كله وهو بائن من خلقه لا يخلو من علمه مكان"[16]. 11 - قول عبد الله بن مسلم بن قتيبة[17] رحمه الله (276 هـ) قال الإمام أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة في كتاب "تأويل مختلف الحديث" له: "نحن نقول في قوله {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ} إنه معهم يعلم ما هم عليه، كما تقول للرجل وجّهته إلى بلد شاسع، احذر التقصير فإني معك، تريد أنه لا يخفى عليَّ تقصيرك، وكيف يسوغ لأحد أن يقول: إنه سبحانه بكل مكان على الحلول فيه مع قوله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ومع قوله {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} كيف يصعد إليه شيء هو معه، وكيف تعرج الملائكة إليه وهي معه، ولولا أن هؤلاء رجعوا إلى فطرهم، وما ركبت عليه خِلَقُهم من معرفة الخالق لعلموا أن الله هو العلي وهو الأعلى، وأن الأيدي ترتفع بالدعاء إليه، والأمم كلها عجميها وعربيها، تقول: إن الله في السماء. ما تركت على فطرها"[18]. 12 - قول الإمام الدارمي[19] رحمه الله (280 هـ) قال في كتابه "الرد على الجهمية" باب -استواء الرب تبارك وتعالى على العرش، وارتفاعه إلى السماء وبينونته من الخلق-: "فاحتج بعضهم فيه بكلمة زندقة استوحش من ذكرها وتستر آخر من زندقة صاحبه فقال: قال تعالى {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} قلنا: هذه الآية لنا عليكم لا لكم، إنما يعني أنه حاضر كل نجوى، ومع كل أحد من فوق العرش بعلمه، لأن علمه بهم محيط، وبصره فيهم نافذ، لا يحجبه شيء عن علمه وبصره، ولا يتوارون منه بشيء، وهو بكماله فوق العرش بائن من خلقه {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى}، أقرب إلى أحدهم من فوق العرش من حبل الوريد، قادر على أن يكون له ذلك، لأنه لا يبعد عن شيء ولا يخفى عليه خافية في السموات ولا في الأرض، فهو كذلك رابعهم، وخامسهم، وسادسهم، لا أنه معهم بنفسه في الأرض كما ادعيتم، وكذلك فسرته العلماء..".[20] 13 - قول محمد بن عثمان بن أبي شيبة[21] رحمه الله (297 هـ) وقال محمد بن عثمان بن أبي شيبة، في كتاب "العرش" له: "ذكروا أن الجهمية يقولون: إن ليس بين الله وبين خلقه حجاب، وأنكروا العرش، وأن يكون الله فوقه، وقالوا إنه في كل مكان" وذكر أشياء إلى أن قال: "فسرت العلماء {وَهُوَ مَعَكُمْ} يعني بعلمه، توافرت الأخبار أن الله خلق العرش فاستوى عليه بذاته فهو فوق العرش بذاته، متخلصا من خلقه بائنا منهم"[22]. 14 - قول محمد بن جرير الطبري رحمه الله (310 هـ) قال في تفسير قوله تعالى {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}: "يقول: هو شاهد لكم أيها الناس أينما كنتم، يعلمكم ويعلم أعمالكم ومتقلبكم ومثواكم، وهو على عرشه فوق سبع سمواته"[23]. وقال في تفسير قوله تعالى {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ...} الآية: "وعنى بقوله {هُوَ رَابِعُهُمْ} بمعنى مشاهدهم بعلمه وهو على عرشه"[24]. 15 - قول أبي الحسن الأشعري[25] رحمه الله (324 هـ) قال في "رسالة إلى أهل الثغر" "... وأنه يعلم السر وأخفى من السر، ولا يغيب عنه شيء في السموات والأرض حتى كأنه حاضر مع كل شيء، وقد دل الله عز وجل على ذلك في قوله {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} وفسَّر ذلك أهل العلم بالتأويل أن علمه محيط بهم حيث كانوا"[26]. 16 - قول أبي بكر الآجري[27] رحمه الله (360 هـ) قال الإمام أبو بكر الآجري الحافظ، في كتاب "الشريعة" له: - باب في التحذير من مذهب الحلولية -: "الذي يذهب إليه أهل العلم، أن الله عز وجل على عرشه، فوق سمواته، وعلمه محيط بكل شيء، قد أحاط علمه بجميع ما خلق في السموات العلى، وبجميع ما في سبع أراضين، يرفع إليه أعمال العباد. فإن قال قائل: إيش يكون معنى قوله {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ} الآية التي احتجوا بها؟. قيل له: علمه، والله عز وجل على عرشه، وعلمه محيط بهم، كذا فسره أهل العلم، والآية يدل أولها وآخرها على أنه العلم، وهو على عرشه، فهذا قول المسلمين"[28]. 17 - قول ابن بطة العكبري[29] رحمه الله (387 هـ) قال الإمام الزاهد أبو عبد الله بن بطة العكبري، في كتاب "الإبانة": - باب الإيمان بأن الله على عرشه، بائن من خلقه، وعلمه محيط بخلقه - أجمع المسلمون من الصحابة والتابعين، أن الله على عرشه، فوق سمواته، بائن من خلقه[30]. فأما قوله {وَهُوَ مَعَكُمْ}، فهو كما قالت العلماء: علمه. وأما قوله {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ} معناه: أنه هو الله في السموات، وهو الله في الأرض، وتصديقه في كتاب الله {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ}، واحتج الجهمي بقوله {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ، فقال: إن الله معنا وفينا، وقد فسر العلماء أن ذلك علمه، ثم قال في آخرها {إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}"[31] 18 - قول الثعلبي[32] رحمه الله (427 هـ) قال في قوله {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ}[33]: "في العلم"[34] 19 - قول الإمام أبي عمر الطلمنكي[35] رحمه الله (429 هـ) قال في كتابه "الوصول إلى علم الأصول": "وأجمع المسلمون من أهل السنة على أن معنى {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} ونحو ذلك من القرآن أن ذلك علمه، وأن الله فوق السموات بذاته مستو على عرشه كيف شاء"[36] 20 - قول أبي زكريا يحي بن عمار[37] رحمه الله (442 هـ) قال الإمام أبو زكريا يحي بن عمار السجستاني، في رسالته: "لا نقول كما قال الجهمية، إنه مداخل للأمكنة، وممازج لكل شيء ولا نعلم أين هو؛ بل هو بذاته على العرش، وعلمه محيط بكل شيء، و علمه، وسمعه، وبصره، وقدرته، مدركة لكل شيء، وهو معنى قوله {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} ، وهو بذاته على عرشه كما قال سبحانه وكما قال نبيه صلى الله عليه وسلم"[38]. 21 - قول البيهقي رحمه الله (458 هـ) قال الإمام أبو بكر بن الحسين البيهقي في كتاب "الاعتقاد": "وفي كثير من الآيات دلالة على إبطال قول من زعم من الجهمية أن الله بذاته في كل مكان. وقوله {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} إنما أراد به بعلمه لا بذاته"[39] 22 - قول الإمام ابن عبد البر رحمه الله (463 هـ) قال: "وأما احتجاجهم بقوله عز وجل {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ} الآية، فلا حجة لهم في ظاهر هذه الآية، لأن علماء الصحابة والتابعين الذين حملت عنهم التأويل في القرآن قالوا في تأويل هذه الآية: هو على العرش، وعلمه في كل مكان، وما خالفهم في ذلك أحد يحتج بقوله"[40]. 23 - قول البغوي رحمه الله (510 هـ) قال في قوله {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ} "في العلم"[41]. 24 - قول قوّام السنة أبي القاسم الأصبهاني[42] رحمه الله (535 هـ) قال: "فإن قيل: قد تأولتم قوله عز وجل {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} وحملتموه على العلم. قلنا: ما تأولنا ذلك، وإنما الآية دلت على أن المراد بذلك العلم، لأنه قال في آخرها {نَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}"[43] 25 - قول أبي محمد اليمني[44] رحمه الله (من علماء القرن السادس الهجري) قال رحمه الله:"وربما نقول ثاني اثنين وثالث ثلاثة ورابع أربعة وأكثر من ذلك، بمعنى العلم والحفظ لا بمعنى الشريك لأنه يقول وقوله الحق {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} أي عليم بهم وحفيظ لهم أينما كانوا، لا بمعنى التشريك"[45] 26 - قول ابن كثير رحمه الله (774 هـ) قال في تفسير قوله تعالى {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ...}الآية: "أي مطلع عليهم يسمع كلامهم وسرهم ونجواهم، ورسله أيضاً مع ذلك تكتب ما يتناجون به مع علم الله به وسمعه له كما قال تعالى {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ}. ولهذا حكى غير واحد الإجماع على أن مراد بهذه الآية معية علمه تعالى ولا شك في إرادة ذلك"[46]. 27 - قول الشوكاني رحمه الله (1250هـ) قال في تفسير قوله تعالى {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ}: "أي بقدرته وسلطانه وعلمه"[47]. وقال في تفسير قوله تعالى {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ} الآية: "مستأنفة لتقرير سمو علمه وإحاطته بكل المعلومات... ومعنى {أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} إحاطة علمه بكل تناج يكون منهم في أي مكان من الأمكنة"[48]. قال الشوكاني رحمه الله في شرح حديث "أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني"[49]. قال: "فيه تصريح بأن الله تعالى مع عباده عند ذكرهم له، ومن مقتضى ذلك أن ينظر إليه برحمته، ويمده بتوفيقه وتسديده، فإن قلت: هو مع جميع عباده كما قال سبحانه وتعالى {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ}، وقوله جلّ ذكره {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ} الآية. قلت: هذه معية عامة، وتلك معية خاصة حاصلة للذاكر على الخصوص بعد دخوله مع أهل المعية العامة، وذلك يقتضي مزيد العناية ووفور الاكرام له والتفضل عليه، ومن هذه المعية الخاصة ما ورد في كتابه العزيز من كونه مع الصابرين، وكونه مع الذين اتقوا، وما ورد هذا المورد في الكتاب العزيز أو السنة، فلا منافاة بين إثبات المعية الخاصة وإثبات المعية العامة"[50]. ______________________________________ [1] أورده السيوطي في الدر المنثور 6/171. [2] الضحاك بن مزاحم الهلالي، أبو محمد، أو أبو القاسم، الخراساني، من أئمة المفسرين، صدوق كثير الإرسال، من الخامسة، مات بعد المائة، أخرج له أصحاب السنن الأربعة. التقريب (ص459). [3] ووصله كل من أحمد في السنة (ص71). وعنه أبو داود في المسائل (ص263). وابن أبي حاتم كما في مجموع الفتاوى (5/495). وابن جرير في تفسيره (28/12-13). وعبد الله بن أحمد في السنة 1/304 رقم 592، ورقم 595. والآجري في الشريعة (3/1079، رقم655). وابن بطة في الإبانة (-تتمة الرد على الجهمية-) (3/152-153، برقم109). واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (3/400، برقم670) عن مقاتل. وابن أبي يعلى في الطبقات (1/252). والبيهقي في الأسماء والصفات (2/341-342، رقم909). وأورده ابن عبد البر في التمهيد 7/139. وأورده ابن قدامة في إثبات صفة العلو (ص113). وابن تيمية في شرح حديث النزول (ص126). وأورده الذهبي في العلو (ص98-99) وقال: (أخرجه أبو أحمد العسال، وأبو عبد الله بن بطة، وأبو عمر بن عبد البر بإسناد جيد، ومقاتل ثقة إمام) اهـ، وفي العرش 2/155 رقم 136، 137. وابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (ص131، وص257)، وأورده أيضاً كما في مختصر الصواعق (2/112) وقال: (وصح عن الضحاك). [4] مقاتل بن حيان النبطي، أبو بسطام البلخي الخزاز، مولى بكر بن وائل، صدوق فاضل، أخطأ الأزدي في زعمه أن وكيعاً كذبه، وإنما كذب مقاتل بن سليمان الأزدي، من السادسة، مات قبل الخمسين ومائة بأرض الهند، أخرج له مسلم، والأربعة. تهذيب التهذيب (10/277)، التقريب (968). [5] أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (3/400، برقم670). وأورده الذهبي في العلو (ص102)، وفي الأربعين (ص64، برقم47)، وفي العرش 2/184 رقم 159، 2/191 رقم 165. [6] أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات (2/383). وأورده الذهبي في العلو (ص101)، وفي العرش 2/174 رقم151. وأورده ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (ص137-138)، وإسناده ضعيف جدا لأن نوح ابن أبي مريم كذاب وضاع. [7] أخرجه البخاري في خلق أفعال العباد (ص8). وأخرجه عبد الله بن الإمام أحمد في السنة (1/306-307، ح597). والآجري في الشريعة (3/1078، برقم654). وابن بطة في الإبانة (-تتمة الرد على الجهمية -)، (3/154-155، ح111). واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (3/401، ح672). والبيهقي في الأسماء والصفات (2/341، رقم908). وابن عبد البر في التمهيد (7/139) و(7/142). وابن قدامة في إثبات صفة العلو (ص115-116، برقم94)، و(ص113، برقم89). وأورده الذهبي في العلو (ص103)، وفي الأربعين (ص63-64، برقم46)، وفي سير أعلام النبلاء (7/274)، وفي العرش 2/183 رقم 158. [8] أخرجه أبو داود في مسائل الإمام أحمد (ص263)، ط: دار المعرفة. وأخرجه عبد الله بن الإمام أحمد في السنة (1/106-107، برقم11، و1/280، برقم532). والآجري في الشريعة (3/1076-1077، برقم652-653). وابن بطة في الإبانة (-تتمة الرد على الجهمية-)، (3/153، ح110). وابن منده في التوحيد (3/307، برقم893). واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (3/401). وابن عبد البر في التمهيد (7/138). والقاضي عياض في ترتيب المدارك (2/43). وأورده ابن تيمية في مجموع الفتاوى (5/183)، وفي درء تعارض العقل والنقل (6/262)، وقال: (كل هذه الأسانيد صحيحة). وأورده الذهبي في العلو (ص103)، وفي سير أعلام النبلاء (8/101)، وأورده في الأربعين في صفات رب العالمين (ص59، برقم39) و (ص63، برقم45)، وفي العرش 2/178 رقم 155. وأورده ابن القيم كما في مختصر الصواعق (2/213) وقال: (ذكره الطلمنكي وابن عبد البر وعبد الله بن أحمد وغيرهم). وصححه الألباني في مختصر العلو (ص140). [10] نعيم بن حماد بن معاوية بن الحارث الخزاعي، أبو عبد الله المروزي، نزيل مصر، صدوق يخطىء كثيرًا، فقيه عارف بالفرائض، من العاشرة، مات سنة (228هـ) على الصحيح، أخرج له البخاري مقرونا، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجة. التقريب (1006). [11] أخرجه ابن بطة في الإبانة (تتمة الرد على الجهمية)، (3/146، برقم106). وأورده الذهبي في العلو (ص126)، وفي سير أعلام النبلاء (10/611)، وفي الأربعين في صفات رب العالمين(ص64، برقم48)، وفي العرش 2/238 رقم 208. وأورده ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (ص221). وقال الألباني في مختصر العلو (ص184): (السند صحيح). [12] أورده الذهبي في العلو، انظر المختصر ص 188-189. وأورده ابن القيم في اجتماع الجيوش ص 234. [13] أورده ابن بطة في الإبانة (تتمة الرد على الجهمية)، (3/161، برقم118). أورده الذهبي في سير أعلام النبلاء (11/370)، وفي العرش 2/245 رقم 217. وأورده في العلو (ص131) وعزاه للخلال في السنة. وأورده ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (ص226). وقال الألباني في مختصر العلو (191، ح233): (قلت: وأخرجه الهروي أيضا في ذم الكلام (6/120/1) عن حرب به نحوه). [14] رواه ابن بطة في الإبانة (تتمة الرد على الجهمية)، (3/159-160، برقم116). وأورده بنحوه القاضي في إبطال التأويلات (2/289، برقم286). وأورده الذهبي في العلو (ص130)، وفي الأربعين (ص64-65، برقم49). وأورده ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (ص200-201). [15] رواه ابن بطة في الإبانة (تتمة الرد على الجهمية)، (3/160-161، برقم117). وأورده الذهبي في العلو (ص130). وأورده ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (201). [16] أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (3/402، برقم675). وأورده ابن قدامة في إثبات صفة العلو (ص116، برقم95). وأورده الذهبي في العلو (ص130)، وفي الأربعين في صفات رب العالمين (ص65، برقم 50)، وفي العرش 2/245 رقم 218، 219، 220وأورده ابن تيمية في مجموع الفتاوى (5/496). وأورده ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (200) وعزاه للالكائي. وانظر مختصر الصواعق (2/213)، وقال ابن القيم: (أراد أحمد بنفي الصفة نفي الكيفية والتشبيه، وبنفي الحد حد يدركه العباد ويحدونه). وانظر في مسألة الحد نقض تأسيس الجهمية (2/162). [17] عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، أبو محمد، الإمام الحافظ الأديب، من المصنفين المكثرين، ولد ببغداد سنة (213هـ)، وتوفي بها سنة (276هـ)، من كتبه: المعارف، وأدب الكاتب، وتأويل مختلف الحديث، وغيرها. تاريخ بغداد (10/170)، السير (13/296). [18] انظر كتاب تأويل مختلف الحديث (ص182-183). والعرش للذهبي 2/271 رقم 236. [19] عثمان بن سعيد بن خالد، أبو سعيد، التميمي السجستاني، الدارمي نسبة إلى بني دارم، إمام علامة حافظ، مات سنة (280هـ) وقد جاوز الثمانين. طبقات الحنابلة (1/221)، السير (13/319). [20] الرد على الجهمية ص 268-269 (ضمن عقائد السلف). [21] أبو جعفر، محمد بن عثمان بن محمد بن إبراهيم بن عثمان بن خواستي، العبسي مولاهم، الكوفي، الحافظ، المسند البارع، محـدث الكوفة، جمع وصنف وكان من أوعية العلم، بصيرا بالحديث والرجال، توفي سنة (297هـ). تاريخ بغداد (3/42-47)، سير أعلام النبلاء (14/21). [22] انظر العرش لابن أبي شيبة.ص (276-292) وأورده الذهبي في العرش 2/264 رقم 233. [23] انظر: تفسير الطبري 27/216 [24] انظر: تفسير الطبري 28/12. [25] أبو الحسن، علي بن إسماعيل بن أبي بشر الأشعري، كان في أول أمره معتزلياً، ثم تاب من الإعتزال، وأخذ بقول الكلابية، ثم رجع إلى معتقد أهل السنة في مجمل المسائل، توفي سنة (324هـ). انظر تاريخ بغداد (11/346)، سير أعلام النبلاء (15/85). [26] انظر رسالة إلى أهل الثغر ص 234 [27] محمد بن الحسين بن عبد الله، أبو بكر الآجري، فقيه، شافعي، محدث، بغدادي، توفي سنة (306هـ) وله تصانيف كثيرة منها: أخلاق حملة القرآن، وأخلاق العلماء، وكتاب الشريعة، وغيرها. تاريخ بغداد (2/243)، السير (16/133). [28] انظر الشريعة للآجري (3/1075-1076) وانظر مختصر الصواعق (2/214). وأورده الذهبي في العرش 2/309 رقم 252. [29] عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان العكبري أبو عبد الله، ابن بطة الحنبلي مصنف كتاب الإبانة المشهور، إمام قدوة عابد، فقيه محدث، مات سنة (387هـ) وله أربع وثمانون سنة. طبقات الحنابلة (2/114)، السير (16/529). [30] انظر الإبانة (تتمة الرد على الجهمية)، (3/136)، وانظر مختصر الصواعق (2/214). [31] انظر كتاب الإبانة (تتمة الرد على الجهمية)، (3/143-145)، وأورده الذهبي في العرش 2/325 رقم 259. [32] أحمد بن محمد بن إبراهيم، أبو إسحاق النيسابوري الثعلبي، صاحب التفسير المشهور وعالم بالعربية، حافظ ثقة، مات سنة (427هـ). الأنساب (3/129)، السير (17/435). [33] الآية 7 من سورة المجادلة. [34] أورده الذهبي في كتاب العرش 2/368 برقم 281 وعزاه لتفسير الثعلبي المسمى الكشف والبيان في تفسير القرآن وهو مخطوط [35] أحمد بن محمد بن عبد الله، أبو عمر، المعافري، الأندلسي، الطلمنكي، بحر من بحور العلم، إمام مقرىء، محدث مفسر. مات سنة (429هـ) وقد قارب التسعين. السير (17/566)، طبقات المفسرين للداودي (1/77). [36] انظر: تلبيس الجهمية لابن تيمية 2/38. ودرء تعارض العقل والنقل 6/250-251. والعلو للذهبي 264. وإجتماع الجيوش الإسلامية ص 142.
[37] أبو زكريا، يحي بن عمار، الشيباني، السجستاني، الواعظ، نزيل هراة، كان بارعاً في التفسير والسنة، توفي سنة (422هـ). العبر (3/151)، شذرات الذهب (2/226). [38] أورده ابن تيمية في مجموع الفتاوى (5/191)، وأورده الذهبي في العلو (177-178)، وفي كتاب العرش 2/348 رقم 266. وأورده ابن القيم مختصرا في اجتماع الجيوش الإسلامية (ص279). [39] الإعتقاد للبيهقي (ص112-115). وأورده الذهبي في العلو (ص 184ـ185). وفي العرش 2/355 رقم 271. [40] التمهيد (7/138-139) والذهبي في العرش 2/356 رقم 272. [41] تفسير البغوي (4/307). وأورده الذهبي في العرش" 2/368 رقم 280/5. [42] إسماعيل بن محمد بن الفضل بن علي، القرشي، التيمي، أبو القاسم، الأصبهاني، الملقب بقوّام السنة، من أعلام الحفاظ، كان إماماً في التفسير والحديث واللغة، صاحب كتاب "الحجة في بيان المحجة"، توفي سنة (535 هـ). شذرات الذهب 4/105، الأعلام 1/323. [43] انظر: الحجة في بيان المحجة 2/291. [44] أبومحمد اليمني من علماء القرن السادس الهجري وهو صاحب كتاب عقائد الثلاث وسبعين فرقة لايعرف عنه إلا هذا راجع القسم الدراسي من الكتاب المحقق 1/1-7. [45]عقائد الثلاث وسبعين فرقة 2/523-524. [46] انظر: تفسير ابن كثير 4/322. [47] انظر: فتح القدير 5/166. [48] انظر: فتح القدير 5/187 [49] تقدم تخريجه [50] تحفة الذاكرين ص 11. منقول من رسالة : الآثار المروية في صفة المعية تأليف: د. محمد بن خليفة التميمي ويُنتبه إلى القول بأن لله معية ذاتية تليق به أنه ليس من أقوال السلف وقد أنكره العلماء. |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3) | |
|
|