#1
|
|||
|
|||
شرح مسائل الجاهلية
للشيخ المصلح المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى
للشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ -حفظه الله تعالى- [(07) أشرطة مفرّغة] إن هذه المسائل الجاهلية التي خالفهم رسول الله فيها -كما [سـَ]ترى- هي عزيزة المعاني، وهي مهمة جدا في حياتنا اليوم، بل إنه على الشباب والدعاة إلى الله جل وعلا أن يكون في حلقاتهم وأن يكون في بيان دعوتهم ما يستدلون فيه بكثير من هذه المسائل؛ لأنه إذا بُيِّنت للناس أنّ هذه خصلة من خصال اليهود، خصلة من خصال الجاهلية، بدلائلها وبكلام أهل العلم عليها، ثم بُيِّنت أن هذه دخلت في الأمة، يكون هذا من أنفع أبواب الدعوة، من أنفع طرقها، وهذه هي الطريقة أو هذه من الطرق السلفية المحمودة في الدعوة؛ دعوة الناس، ولهذا الشيخ [محمد بن عبد الوهاب]رحمه الله اعتنى ببيان هذه المسائل؛ لأن الجميع راغب في أن يكون مجانبا لسنن أهل الجاهلية ولطرائقهم ولخصالهم سواءً كانوا يهودا أو نصارى أو مشركين أو مجوس أو... إلى آخره من الملل و النحل. فعنايتكم بهذه المسائل فهما واستنباطا ثم عنايتكم بشرح كيف كان عليه أهل الجاهلية؛ ببيان أصل المسألة، ثم صور دخول هذه الخصلة في هذه الأمة، وأن هذا مصداقا لقول النبي : «لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع» هذا من الأمور التي تعين الداعية على الوصول إلى مبتغاه وتبين الحق للناس. وهي مسائل عظيمة أسأل الله جل وعلا أن ينفعنا دائما فيما بيَّنه إمام هذه الدعوة من المسائل العظيمة التي نحتاج إليها ولا شك في كل وقت في هذا الزمان، ومذاكرتها والتذكير بها ضروري؛ يعني حبذا لو يكون في المجالس أن تؤخذ مسألة، مسألة، من هذه المسائل ويُقرأ شرحُها للألوسي أو لغيره، وينظر فيها ويتأمل لأنها أشد ما تكون الحاجة إليها كما قال في المقدمة، قال: لا غنى للمسلم عن معرفتها. فهــــرس الأشرطــــة الشريط الأول الوجه الأول: مقدمـــــة وصف عام للرسالة. ذكر من شرح هذه الرسالة ومنهم الألوسي. تعريف الجاهليين. معنى الجاهلية وعلى من تطلق في الكتاب والسنة. تقسيم الجاهلية: • الاعتبار الأول: مطلقة ومقيدة. • الاعتبار الثاني: جاهلية في المكان، في الزمان، في الأشخاص. [تخطئة من أطلق لفظ جاهلية القرن العشرين] الأمر الذي جعل الشيخ يجمع هذه المسائل. أهمية معرفة سنن الجاهلية المسألة الأولى: كان أهل الجاهلية يتعبدون بإشراك الصالحين. أصناف الصالحين. طرق إشراك الصالحين ومنها الشفاعة. [تعريف الشرك]، [معنى التسوية] أخذ بهذه المسألة: • أهل الكلام، [لا إله إلا الله]. • طوائف من المبتدعة كالأشاعرة مثلا، [شرح السنوسي لكلمة التوحيد]. • ممن عاصر الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله. عظم هذه المسألة. الفرق بين ترتب أحكام الكفار وأنه من أهل النار واستباحة الدم والمال. منهج الشارح في شرح هذه المسائل. الوجه الثاني من الشريط: المسألة الثانية: التفرق في الدين والدنيا ويرون أنه هو الصواب. حال أهل الجاهلية في تفرقهم في دينهم. الأمر بالاجتماع في الدين، كيف ذلك؟ علاقة الاجتماع في الدين بالاجتماع في الدنيا (اجتماع في الأبدان). [ظهور الأحزاب من تفرق الأبدان] المسألة الثالثة: مخالفة وعدم الانقياد لولي الأمر فضيلة. حال أهل الجاهلية من ناحية معاملة الولاة وكيف انتقل إلى المسلمين ومخالفة الرسول لذلك. حال الجزيرة قبل الدعوة. الأسئلــــة: 1. ما رأيكم فيمن يقول على العالم أن يعلم منهج السلف دون التطرق إلى المناهج الضالة؟ 2. هل الآية ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا﴾[آل عمران:103] في الدين أم الدنيا؟ 3. ذكر أن المسألة الأولى من أجلها شرع الجهاد أرجو التوضيح. 4. بالنسبة لتعليقكم على عدم دقة قول (جاهلية القرن العشرين) ألا تحمل على أن أعظم الناس في جاهلية؟ 5. يصبر على الضرب وأخذ المال، لكن مس العرض هل يصبر عليه؟ 6. اختلاف طبعات مسائل الجاهلية. 7. من قاتل تحت راية كفرية؟ 8. هل كل المسائل التسي ذكرها المؤلف مخرجة من الملة؟ 9. قول من قال أن محمد بن عبد الوهاب خرج عن العثمانيين؟ 10. هل نستطيع أن نقول أن الجاهليين في عهد الرسول كانوا يعلمون أنهم على باطل؟ الشريط الثاني الوجه الأول: المسألة الثامنة: الاستدلال على بطلان الشيء بأنه لم يتبعه إلا الضعفاء. المعنى العام للمسائل التي قبلها. الضعفاء في نظر أهل الجاهلية. صوارف اتباع الحق: • الاستكبار والهوى. • الغنى. • الجاه سواء نسب أو رئاسة أو غيرهما. • العجب بالنفس. [شرح معنى الأرذلون] قاعدة الإيمان اللغوي والشرعي في القرآن بتعديته بالباء واللام. سريان هذه المسألة في قوم نوح. [تعريف أعقل العقلاء] سريان هذه المسألة لأصناف من هذه الأمة: • الصنف الأول: أهل الرئاسة بأنواعها. • الصنف الثاني: قوم العقلانيين الذين درسوا الفلسفة. [معنى كلمة الحشوية] • الصنف الثالث: أهل الأموال. • الصنف الرابع: العصريون الإسلاميون المهتمون بالفكر. • الصنف الخامس: طوائف من الدعاة والدعوات. خلاصة المسألة. المسألة التاسعة: الإقتداء بفسقة العلماء والعباد. اقتداء أهل جاهلية العرب بعلماء النصارى. الوجه الثاني من الشريط: وكذلك إقتداؤهم بعلماء اليهود. سريان هذه المسألة في هذه الأمة. [طائفة تفتي على المذاهب الأربعة] الصنف الثاني فسقة العباد. سريان الإقتداء بفسقة العباد بهذه الأمة. [في الصوفية] خلاصة المسألتين. [نصيحة في إبطال رد المخالف] الأسئلــة: 1. ما سبب اختيار جحر الضب على وجه الخصوص. 2. من يفتي بالشريعة في الفتوى وفي القضاء بالقانون، هل هذا كفر؟ 3. ما معنى فقه الواقع؟ الشريط الثالث الوجه الأول: المسألة العاشرة: الاستدلال على بطلان الدين بقلة أفهام أهله وقلة حظهم. سريان هذه المسألة في قوم نوح. [تصحيح كلمة حفظهم إلى حظهم] أوجه قراءة ﴿بَادِي الرَّأْيِ﴾[هود:27]. تفسير (بَادِي الرَّأْيِ) أختلف فيه على ثلاثة أقوال. سريان هذه المسألة في قريش وقبلهم قوم موسى. سريان الشعبة في هذه الأمة : • الذين يعتزون بالعلوم الخلفية من أصحاب الكلام. • طائفة من غلاة الفقهاء. • من عاصر الشيخ محمد بن عبد الوهاب من العلماء. • الذين ادعوا أن باب الاجتهاد قفل. • من دخلته هذه الشعبة في وقتنا. المسألة الحادية عشرة: الاستدلال بالقياس الفاسد. القياس عند الجاهليين. أنواع القياسات التي استدلوا بها منها: • إبطال النبوة بأن الرسول بشر ووجه الشبه فيه (كفار قريش من قبلهم). • إذا أثبت للولي كرامة صار نبي (المعتزلة وغيرهم). • النبي لا يختصّ بشيء (الصوفية). • كل من اتصف بالإيمان يتبرك بذاته. القياس الصحيح ومقتضاه لعدم إبطال النبوة. مقتضى القياس الصحيح في هذه الأمة. مقصد الشيخ في إيراد المسألة. الوجه الثاني من الشريط: المسألة الثانية عشرة: انكار القياس الصحيح. وقد ذكرها مع المسألة التي قبلها. المسألة الثالثة عشرة: الغلو في العلماء والصالحين. الغلو في العلماء وكان له أنحاء: • اتباع العلماء في التحليل والتحريم. • اعتقاد أن للعلماء تغيير ما في الكتب المنزلة كما حصل لليهود والنصارى. الغلو في الصالحين: • اعتقاد كل ما فعلوه من الصلاح والعبادة. • اعتقاد أن لهم منزلة عند الله في حياتهم ومماتهم كمنزلة المقربين من الملوك منهم. • التبرك بالصالحين عند اليهود والنصارى. سريان هذا الغلو في هذا الغلو في هذه الأمة: • الغلو في العلماء. • قبول أقوال من ينتسب إلى العلم دون حجة. [أصحاب الكلام]، [أصحاب الفقه]، [مثال على ذلك مسألة الشفاعة]، [كلامه على محمد علوي المالكي]. • الغلو في الصالحين. المقصود من المسألة. كتتمة لهذه المسألة التكلم على التعصب والغلو والجفاء. الأسئلــــة: 1. لفظ أهل السنة والجماعة ودعوة الناس إليه وهل يدخل فيه الأشاعرة والماتريدية؟ 2. السائل الذي يخرج من فرْج المرأة ما حكمه؟ 3. محاضرة المنهجية في طلب العلم التي ألقيتها الأسبوع الماضي هل سجلت؟ 4. سؤال عن زبدة التفسير مختصر فتح القدير لمحمد سليمان الأشقر. 5. هل العبارة لا صغيرة مع إصرار ولا كبيرة مع استغفار صحيحة؟ 6. هل يستطيع المسلم فهم العقيدة دون حفظ القرآن ؟ 7. الصلاة خلف المبتدع والقبوري ودرجة حديث «صلوا وراء كل بر وفاجر». 8. ما الفرق بين الفرقة الناجية والطائفة المنصورة؟ 9. عقيدة أهل السنة والجماعة في الحرب بين علي ومعاوية رضي الله عنهم. وهل له علاقة بتقسيم فرقة ناجية وطائفة منصورة. الشريط الرابع الوجه الأول: المسألة الرابعة عشرة: يتبعون الهوى والظن ويعرضون عما جاءت به الرسل [أرجأ الكلام عليها]. المسألة الخامسة عشرة: اعتذارهم بعدم الفهم فأكذبهم الله. فهم الحجة نوعان: • يُفهم معناها (يُقيم الحجة من يُفهمها). • فهم الحجة الفهم الذي يجعله يتبع الحجة. تكذيب الله جل وعلا لهم وتبيين سبب عدم الفقه هو الطبع على القلوب. سريان هذه المسألة في هذه الأمة في قديم زمان هذه الأمة وفي حديثها. • من ناحية الاعتقادات الكفرية وغيرها، [دليل حلول الأعراض لجهم بن صفوان وأنه سبب البلاء العام]. • من ناحية العبادات، [من يمكن أن يقال أنه قامت عليه الحجة]. المسألة السادسة عشرة: اعتياضهم عما آتاهم الله بكتب السحر. أرجح التفاسير في الآية ﴿اتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ﴾[البقرة:102]. أصل هذه المسألة لكل استبدال لما أنزل الله بغيره. سريان هذه المسألة في هذه الأمة: • استبدال الكتاب والسنة بكتب الفلاسفة والمتكلمين. الوجه الثاني من الشريط: • أهل السلوك اعتاضوا عن هدي النبي إلى كتب خاصة في الزهد. [رد على ابن عربي وفصوصه] • ترك كتب أهل السنة لأجل كتب أهل البدع. كلمة على هذه المسائل وأهميتها اليوم. الأسئلـــة: 1. أهل البدع غير المكفرة هل يشهر بهم ويحذّر منهم ومن آرائهم؟ 2. لفهم الحجة هل يكفي ذكر أن هذا شرك أو بدعة أو يجب ذكر الأدلة؟ 3. هل وسائل الدعوة توقيفية أم لا؟ 4. ما معنى قولهم لابد في إقامة الحجة انتفاء الموانع وثبوت الشروط؟ 5. ما معنى قولهم قامت الحجة ببعثة النبي ؟ 6. ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾[الإسراء:15]، ﴿لِئلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾[النساء:165]، يستدل بها بعض الجماعات على إقامة الحجة. 7. الذين خالفوا أئمة الدعوة في فهم الحجة هل يعلمون قول الأئمة في إقامة الحجة؟ الشريط الخامس الوجه الأول: المسألة السابعة عشرة: نسبة باطلهم إلى الأنبياء. تعريف أهل الجاهلية (تذكير). انتساب كفار قريش إلى إبراهيم. نسب السحر إلى سليمان. انتساب النصارى واليهود إلى إبراهيم. سريان هذه المسألة في هذه الأمة. نسبة الباطل إلى النبي على طريقتين: • بأن الأنبياء فعلوه واعتقدوه. • بأن هذا من دين الأنبياء وهو ما وقع في هذه الأمة (استنباطا). سبب تنصيص العلماء على اتباع سلف الأمة. [تشبه بعض القرآن على بعض العلماء وكذلك السنة]. سبب تسميتهم أهل السنة والجماعة. سبب تبيين أهل السنة والجماعة لأصولهم. المسألة الثامنة عشرة: أهل الجاهلية يتناقضون في الانتساب. حقيقة الانتساب. التنبيه على أن الشيخ شرح معنى هذه المسألة في شرح كتاب فضل الإسلام. المسألة التاسعة عشرة: القدح في بعض الصالحين بالقدح فيمن ينتسب إليهم. سريان هذه المسألة على من عادى احمد في العقيدة والسلوك. سريانها على بعض أتباع المذاهب الأربعة (انتقاص الأئمة الأربعة من جراء أتباعهم). تنقص بعض الصالحين كعبد القادر الجيلاني والجنيد. خطأ من: أول ما يقدح في الأولياء، وهذا يؤدي إلى القدح في الدعوة. القدح في الإسلام بفعل المسلمين. المسألة العشرون: الاعتقاد في مخاريق السحرة وإنكار الكرامات. انقسام الخوارق ثلاثة أقسام: • للأنبياء. • للأولياء. • جرت على يد الكفار والفسقة ومن خرج عن منهج الأنبياء. الوجه الثاني من الشريط: [تكملة تبيين تقسيم الخوارق]، [تعريف الولي]. جريان هذه المخاريق على هذه الأمة. الأسئلــة: 1. ما الفرق بين من قال (نحن على طريقة أهل السنة والجماعة) و(نحن على طريقة السلف)؟ 2. هل يحصل كرامة لفاسق وكيف؟ 3. هل المحذر من التقليد مشابهة لأهل الجاهلية؟ 4. ما صحة قول القائل: أساس الإسلام أربعة: عقيدة وشريعة ومنهاج وأخلاق؟ 5. ما هي الأدلة التي تقوم عليها الجماعات الخاصة؟ 6. يقده بعض الطلبة في بعض الجماعات بالنظر لأخطاء أتباعها، هل هذا من الإنصاف؟ 7. يوجد من يقسم المخاريق إلى أربع منها الفِراسة. الشريط السادس الوجه الأول: المسألة الرابعة والعشرون: ترك الدخول في الحق إذا سبق إليه الضعفاء. ذكر سبب نزول الآية ﴿وَلَا تَطْرُدْ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾[الأنعام:52]. سريان هذه المسألة على كفار قريش وكذلك اليهود. سريانها في هذه الأمة. [من أسباب الصدود عن الحق اتباع الناس للصّادّ] ذكر نتيجة مناظرة جرت بينه وبين أحد العلماء. المسألة الخامسة والعشرون: يستدلون على بطلان الحق بسبق الضعفاء. علاقة هذه المسألة بالتي قبلها. المسألة السادسة والعشرون: تحريف كتاب الله من بعد ما عقلوه. سريان هذه الخصلة في اليهود. ذكر مذاهب العلماء في تحريف التوراة والإنجيل: • التحريف من جهة المعنى وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية. • التحريف بزيادة ونقص للألفاظ. • تحريف بالمعنى واللفظ وهو الصحيح فيما يظهر. سريان هذه الخصلة في هذه الأمة من ناحية التأويل ومثاله ما يكثر من تأويل الصفات. [الكلام على ابن العربي في تفسيره للاستواء في عارضة الأحوذي]. الأسئلـــة: 1. الفرق بين المسألة (10) و(25) و(8) ؟ 2. الجني إذا أسلم هل تقبل شهادته؟ 3. أين كلام شيخ الإسلام أن التحريف في الكتب في المعنى دون اللفظ؟ الوجه الثاني من الشريط: 4. بعض طلبة العلم يقول أنا لا أخالط إلا من فيه خير فيترفع على العوام؟ 5. شرح الآية ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي﴾( ) وقول الإمام استووا للمصلين وغير ذلك؟ وفيه كلام على تعدية استوى بـ: إلى وعلى. 6. الكلام على مناهج التوحيد في جامعات السعودية. 7. معاملة العمال الأجانب لمن له سلطة. 8. هل يجوز إدخال مشرك أو كافر إلى جزيرة العرب؟ 9. معاملة الكفار وتحيتهم. الشريط السادس الوجه الأول: المسألة السابعة والعشرون: تصنيف الكتب الباطلة ونسبتها إلى الله. تصنيف الكتب على قسمين: • الزيادة في الكتب المنزلة. • جعل كتب كالشرح للكتب المنزلة. سريان هذه المسألة في اليهود. سريان هذه المسألة في هذه الأمة. • في الروافض والدروز والنصيرية. [سبب كراهة السلف للتصانيف]، [الغاية الحقيقة من التصنيف]. • تصنيف التفاسير عند مختلف الفرق. سريان هذه المسألة في وقتنا الحاضر في أهل الفكر. [الكلام على تفسير الفخر الرازي]. [ذكر منع الشيخ ابن باز لتفاسير الصابوني]. الوجه الثاني من الشريط: المسألة الثامنة والعشرون: لا يقبلون إلا الحق الذي مع طائفتهم. سريان هذه المسألة في اليهود. سريان هذه المسألة في النصارى. [وجود إنجيل فيه بشارة بالنبي محمد لا تعترف به النصارى]. سريان هذه المسألة في هذه الأمة ومنها بعض أتباع المذاهب الأربعة. طريق الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الرد على من يخالفه: • ذكر ما عليه طائفته. • تبيين أن المقصود من كلام العلماء هو إفهام الأدلة. المسألة التاسعة والعشرون: مع ذلك فهم لا يعلمون ما عليه طائفتهم. شرح لطريقة الرد السابقة. المسألة الثلاثون: وهي من العجائب؛ تركوا الاجتماع فعاقبهم الله بفرحهم بما لديهم. ذكر أسباب التفرق: • العلم: ﴿فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾[المائدة:14]. • البغي: ﴿وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ﴾[الشورى:14]. بيان أن فرح كل حزب بما لديه من عقوبة الله له. انتهت الفهرسة بحمد الله جل وعلا بسم الله الرحمن الرحيم [المتن] قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى: هذه أمور خالف فيها رسول الله أهل الجاهلية من الكتابيين والأميين مما لا غنى للمسلم عن معرفتها: فالضدُّ يظهر حسنَه الضدُّ .......................... ........................ وبضدها تتبين الأشياء فأهم ما فيها وأشدها خطرا عدم إيمان القلب بما جاء الرسول ، فإن انضاف إلى ذلك استحسان ما عليه الجاهلية تمت الخسارة، كما قال تعالى ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ﴾[العنكبوت:52] (المسألة الأولى) أنهم يتعبدون بإشراك الصالحين في دعاء الله وعبادته يريدون شفاعتهم عند الله، بظنهم أن الله يحب ذلك، وأنّ الصالحين يحبونهم كما قال تعالى ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ﴾[يونس:18]، وقال تعالى ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾[الزمر:3]. وهذه أعظم مسألة خالفهم فيها رسول الله ، فأتى بالإخلاص، وأخبر أنه دين الله، الذي أرسل به جميع الرسل، وأنه لا يقبل من الأعمال إلا الخالص، وأخبر أنّ من فعل ما استحسنوا فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار. وهذه هي المسألة التي تفرق الناس لأجلها بين مسلم وكافر، وعندها وقعت العداوة ولأجلها شرع الجهاد، كما قال تعالى ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ﴾[الأنفال:39]. [الشرح] بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، حمدا كثيرا طيبا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما إلى يوم الدين. أما بعد: فهذا الكتاب قليل الصفحات، لكنه اشتمل على مسائلَ من أهم المهمّات، بل إنّ هذه الوُريقات في هذه الرسالة هي أصول الدِّين؛ لأنّ النبي إنما بُعث ليخلِّص الناس من جهالة الجاهليين على أنواع مللهم وأصناف نحلهم. فإذن هي خلاصة لما أَمر به اللهُ جل وعلا، وأمر به رسولُه المشركين والكفار أن يتركوه. وهذه الرسالة هي مسائل؛ المسألة منها قد تكون بضعة أسطر، وقد تَقِلُّ إلى كلمتين أو ثلاث. وقد تناولها بالشرح؛ بشرح وجيز يكشف عن مراميها ومعانيها علاّمة العراق الشيخ السّلفي محمود شكري الأَلُوسِي، وهو شرح مطبوع متداول، لكنه في كثير من الأنحاء والمواضع لم يكشف الكشف الذي ينبغي. وهناك من إخواننا من سجَّل رسالة ماجستير في شرح هذه المسائل، ولا شك أنها تحتاج ذلك لعظمها كما سترى، وليس من رأى كمن سمع. سمّاها الشيخ الإمام رحمه الله تعالى ”مسائل الجاهلية التي خالف فيها رسول الله أهل الجاهلية“ وكما ذكر في المقدمة أنّ الجاهليين الذين يريدهم بقوله ”أهل الجاهلية“ هم الأميون يعني مشركي العرب وأصناف أهل الكتاب، وكذلك غيرهم من الصابئة والمجوس وأنواع أهل الملل. والجاهلية راجعة إلى الجهل بالله جل وعلا، وبما يستحقه، وبما يحبه من الدين والطاعة، وهذه الجاهلية هي كل ما كان عليه الناس قبل رسول الله مما خالفوا فيه الدين المشترك للرسل صلوات الله وسلامه عليهم أو ما شرعه من الدين الحق على ألسنة رسله. فيشترك في ذلك ما كان عليه أهل الجاهلية من العرب، وأهل الجاهلية من أهل اليهود، وأهل الجاهلية من النصارى، وأهل الجاهلية من المجوس، وأهل الجاهلية من الصابئة، وهكذا إلى جميع أنواع أهل الملل. الجاهلية غالب إطلاقها في الكتاب والسنة يُعنى بها الحال، وقد تطلق ويُعنى بها صاحب الحال. • فمن الأول؛ وهو أن تطلق ويعنى بها الحال، يعني الصفة التي هي راجعة إلى نفي العلم والإغراق في الجهل بما أنزل الله جل وعلا على رسوله، هذه الجاهلية التي هي الحال والصفة منها قول النبي لأبي ذر حين عيّر رجلا أسود وهو بلال –بالراجح- بأمه، قال عليه الصلاة والسلام «أعَيّرتَهُ بأمّهِ؟ إِنّكَ امرُؤٌ فيكَ جاهِليّة»، وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام «ثنتان من أمتي من أمر الجاهلية»، وكذلك قول عائشة ”كان نكاح الناس في الجاهلية على أربعة أنحاء“ ونحو ذلك من الحاديث التي فيها ذكر الجاهلية، ويدل لذلك قول الله جل وعلا ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾[المائدة:50]، فإنه في هذه النصوص يعنى بالجاهلية الحال والصفة. • وقد يراد بها ذو الحال، فيقال فلان جاهلي، كما يقال امرؤ القيس شاعر جاهلي، يريدون بذلك أنه هو الجاهلي لعيشه في تلك الفترة التي هي الجاهليه المطلقة. والجاهلية تقسم باعتبارات: فتارة تنقسم إلى قسمين: وهي الجاهلية المطلقة. والجاهلية المقيدة. وتارة تقسم إلى ثلاثة أقسام وهي: جاهلية في المكان. جاهلية في الزمان. جاهلية في الأشخاص. فالقسمة الأولى وهي الجاهلية المطلقة والمقيدة: فنعني بالمطلقة: الكاملة من جميع الوجوه بأحد الاعتبارات الثلاث. والمقيدة: يعني المقيدة بوجه من الوجوه، إما مقيدة بمكان، أو بزمان، أو بشخص، أو ببعض الصفات. 1- فالجاهلية في المكان تكون مطلقة ومقيدة: فالمطلقة في بلاد الكفار؛ دار الحرب، بلاد الكفار، هذه يقال لها أمكنة جاهلية، والمكان جاهلي؛ لأجل أنها دار كفار. وقد يكون المكان فيه جاهلية مقيدة ببعض الأمور كما هو في بلاد المسلمين، فإنه لا يزال فيهم بعض خصال الجاهلية فيكون فيهم بعض الجاهلية، تكون مقيدة ببعض الأشياء، أو مقيدة ببعض الأمكنة دون بعض، تقول البلد الفلاني من بلاد المسلمين فيه جاهلية، أو بلد أصبح جاهليا إذا رجع أهله وارتدوا عن الإسلام إلى الشرك. 2- وجاهلية الزمان أيضا مطلقة ومقيدة: فالجاهلية في الزمان المطلقة هي ما كان قبل مبعث رسول الله كانت جاهلية مطلقة في الزمان؛ يعني كل ما كان قبل زمن الرسول -وَحَدُّهُ بعثة النبي - يقال لها جاهلية بإطلاق. والجاهلية المقيدة بالزمان هذه هي التي تكون في بعض ظهور خصال الجاهلية في وقت دون وقت، لكنها جاهلية مقيدة وليست مطلقة؛ يعني مقيدة بوقت ظهرت فيه خصال الجاهلية، فتكون مقيدة بالوقت.... ( ) فلا يصح إطلاق من أطلق (بجاهلية القرن العشرين) أو نحوها من العبارات التي يستعملها من لم يدقق، لأنه بعد بعثة رسول الله انقضت الجاهلية المطلقة، ولا يزال في أمته من ينافح عن هذا الدين ويرفع رايته، فليس ثم جاهلية منسوبة إلى زمنٍ كالقرن العشرين، وإنما تكون منسوبة إلى وقت من الأوقات فيما إذا ظهرت بعض الصفات ثم يجاهدها ويظهر عليها أهل الحق بالإنكار فلا تصبح جاهليةً يعني الزمن. فمثلا تقول القرن العشرين ظهرت فيه أنواع من الجاهليات كثيرة، لكن ما نطلق نقول: جاهلية القرن العشرين. لأن هذا إطلاق للزمن بكامله، والنبي أخبر بأنه لاَ يَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمّتِه «عَلَى الْحَقّ ظَاهِرِينَ لاَ يَضُرّهُمْ من خالفهم ولا مَن خَذَلَهُمْ حَتّى يَأْتِيَ أَمْرُ الله وهم على ذلك» هؤلاء يبينون وينصحون. 3- القسم الثالث جاهلية في الأشخاص وهي أيضا مطلقة ومقيدة: فالمطلقة في الكافر. والمقيدة في شخص دون شخص، أو في شخص في بعض حاله دون بعض، كما قال النبي لأبي ذر «إِنّكَ امرُؤٌ فيكَ جاهِليّة»؛ يعني بعض خصال الجاهلية. هذه التقسيمات التي ذكرها أهل العلم في هذا المقام. وأهل الجاهلية والذي حدا بالشيخ في هذا الأمر العظيم يعني التصدي لجمع هذه المسائل هو ما رواه البخاري وغيره عن النبي ، من حديث ابن عباس عن النبي أنه قال «أبغضُ الرجال إلى الله ثلاثةٌ: مُلحِدٌ في الحرَم, ومُبْتغٍ في الإسلام سنّةَ الجاهلية, ومُطَّلب دم امرئ بغير حقّ ليهريقَ دمَه» فمن طلب وابتغى في الإسلام سنة يعني مسألة من مسائل الجاهلية فهو داخل في قوله( أبغضُ الرجال إلى الله ثلاثةٌ) فمن ابتغى شيئا من أمر الجاهلية وطلبه أو كان فيه ولم يتركه بعد البيان له فهو داخل في هذا الوعيد الذي أخبر به عليه الصلاة والسلام. والجاهليون الذين خالفهم رسول الله ، والذين تذكر هذه المسائل لبيان سننهم وما كانوا عليه، قد يكونون من العرب كما ذكرت أو من أهل الكتاب أو غيرهم كما سيأتي إيضاحه في مواضعه إن شاء الله تعالى. وذكر أهمية معرفة سنن الجاهلية؛ لأنه كما يذكر عن عمر رضي الله عنه بالخبر لم نعرف إسناده ولم نجد له إسنادا أنه قال: إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لم يعرف الجاهلية. فإذا عرف المرء الجاهلية وعرف أنه يجب عليه أن يتباعد عنها كان أحرى له أن يكون على بينة من أمره ولا تدخله سنة من سنن الجاهلية ولا مسألة من مسائل الجاهلية، ولهذا قال الشيخ رحمه الله في هذه الخطبة (لا غنى بالمسلم عن معرفتها) لا غنى بالمسلم عن معرفة هذه الأمور؛ لأنها أمور دخلت على المسلمين وابتغوا سنة الجاهلية عن جهل تارة، وعن علم مع عناد واستكبار تارة أخرى، وكما ذكر من قول الشاعر (وبضدها تتبين الأشياء) وقول الشاعر الآخر قبله (فالضد يظهر حسنَه الضدُّ) وقوله هنا (فالضد يظهر حسنَه الضدُّ) هذا من كلام عجز بيت للمنبجي أحد الشعراء المعروفين يقول في وصف شخص: فالوجه مثل الصبح مبيضُّ والشعر مثل الليل مسودُّ صنفان لما استجمعا حسنا والضد يظهر حسنَه الضدُّ وأما قوله (وبضدها تتبين الأشياء) فهذا من الشعر السائر المعروف لأبي الطيب المتنبي قالك ونذيمهم وبهم عرفنا فضله وبضدها تتبين الأشياء في قصيدة يُثني بها ويمدح بها أبا علي هارون بن عبد العزيز الكاتب أحد المتنسكة الذين مالوا إلى التصوف، وفي بعض الطبعات جُعلت وكأنها بيت واحد فتنبه لذلك. ذكر المسألة الأولى من هذه المسائل ألا وهي أن أهل الجاهلية كانوا يتعبدون بإشراك الصالحين في عبادتهم، في العبادة والدعاء يرجون شفاعتهم لظنهم أن الصالحين يحبون ذلك وأن الله جل وعلا يحب ذلك. وهذه المسألة هي زبدة الرسالة؛ رسالة النبي لأنتها مسألة الإخلاص في الدين، والعبادة فأهل الجاهلية كانوا يتعبدون الله جل وعلا بإشراكهم الصالحين في عبادة الله. والصالحون جمع الصالح. والصالح يراد به العهد وهو ثلاثة أصناف: 1- الأنبياء والرسل. 2- الصالحون من البشر. 3- الملائكة. وهؤلاء قد وقع في إشراكهم بالعبادة طوائف من الأميين مشركي العرب وغيرهم، فتارة يعبدون نبيا، وتارة دعون ويعبدون ملَكا، وتارة يعبدون صالحا ليس بملك ولا بنبي. قال جل وعلا ﴿ أَفَرَأَيْتُمْ اللَّاتَ وَالْعُزَّى(19)وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى ﴾[النجم:19-20]، وقال جل وعلا ﴿وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ءَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾[المائدة:116] ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ( ) لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ﴾[سبإ:40]الآيات، ذكر جل وعلا هذه الأنواع في عدة آيات في القرآن، وهذه الشبهة أو هذا العمل الذي كانوا يعملونه من إشراك الصالحين جاء في هذه الأمة وورثته هذه الأمة من الجاهليين، والجاهليون حين عبدوا الصالحين يعني أنهم توجهوا إليهم، تارة يستغيثون بهم، تارة يذبحون لهم، تارة ينذرون لهم، تارة يستشفعون بهم، تارة يجعلونهم وسائط ونحو ذلك من أفعالهم، وهذه الأعمال حكم عليهم الله جل وعلا أنهم مشركون، وهذه هي –أعني الأفعال- هي عين ما حصل وحدث في هذه الأمة بعد القرون المفضلة. هل كان أهل الجاهلية يعملون تلك الأعمال عن جهل أم عن علم؟ بل كانوا يفعلونها عن علم، وكانوا يعلمون حججا لذلك، ولهذا جادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق، قال جل وعلا عنهم ﴿فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنْ الْعِلْمِ﴾[غافر:83]، فأهل الجاهلية عندهم علوم ولكنها مضادة لعلم الأنبياء، مضادة للعلم الذي أنزله الله جل وعلا، قال جل وعلا (فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنْ الْعِلْمِ)، فعندهم علم ولكنه ليس بنافع، ولهذا من حاجّ أهل التوحيد في الأزمان المتأخرة، فإنما يحاجهم بشبه مثل الشبه التي كانت عند أهل الجاهلية وواجهوا بها رسول الله ، ومن أعظمها ما قال الشيخ رحمه الله تعالى في قوله تعالى ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾[الزمر:3]. من أعظمها مسألة الشفاعة، طلب الزلفى إلى الله جل وعلا بأولئك الصالحين، فتجد أن منهم طائفة يقولون نحن لا نتوجه إلى الأولياء، إلى الصالحين، إلى الأنبياء، لأجل أنهم يستقلون بالنفع أو بدفع الضر، وإنما نتخذهم شفعاء عند الله جل وعلا؛ لأجل ما لهم من المقام الرفيع عند الله جل وعلا وهذا الأصل هو الذي يفعله المتأخرون، المشركون من هذه الأمة حيث إنهم يزعمون أنهم ما اتخذوا أولئك إلا واسطة، ويسمّون تلك الواسطة وذلك العمل يسمونه توسلا، والتوسل شيء واتخاذ الواسطة شيء آخر، عندهم شبه وحجج ولكنها داحضة كما قال الله جل وعلا ﴿وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ﴾[غافر:5]، وهم تارة يعبدون عبادة مستقلة؛ يعني بعضهم يتوجه إلى الأولياء، إلى الصالحين، إلى اللات، إلى العزى، يتوجهون لأجل أنهم عُبَّاد لهم منزلة عند الله، فيصرفون بعض العبادات لهم استقلالا، وتارة يتخذونهم واسطة. فإذن هذه المسألة هي أعظم المسائل التي خالف فيها رسول الله أهل الجاهلية، فإن الله جل وعلا أمره بالإخلاص، وأن يأمر الناس بالإخلاص، فقال جل وعلا آمرا نبيه ﴿قُلْ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي(14)فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ﴾[الزمر:14-15] وقال جل وعلا ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ﴾[البينة:5]، وقال جل وعلا ﴿قُلْ [إِنِّي] ( ) أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ(11)وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ﴾[الزمر:11-12]، وهكذا في آيات كثيرة يأمر الله جل وعلا بإخلاص الدين له، ونبذ الشرك، والتوجه إليه وحده دونما سواه، خالفوا ذلك فأشركوا. ما معنى الشرك؟ أنهم جعلوا لله جل وعلا ندا في العبادة، وهذا هو الشرك الأكبر، والنِدّ هو الشبيه والنظير كما حسان في هجائه، قال: أتهجوه ولستَ له بندٍّ فشركما لخيركما الفداء يعني لست له بمثيل ولا نظير، فمن جعل أحدا مع الله مثيلا ونظيرا لله في العبادة والتوجه فقد سواه بالله جل وعلا، وقد أشرك بذلك الشرك الذي حكم الله جل وعلا به على المشركين بأنهم من أهل النار وأنهم حُرِّمَت عليهم الجنة. قال جل وعلا مخبرا عن احتجاج المشركين وقولهم لآلهتهم في النار، قال جل وعلا في سورة الشعراء ﴿تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ(97)إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾[الشعراء:97-98]، فأخبروا عن أنفسهم أنهم سووا آلهتهم برب العالمين، وهذه التسوية تسوية في محبة العبادة، تسوية في العبادة؛ لأنهم توجهوا إلى الله وتوجهوا إلى غيره، عبدوا الله وعبدوا غيره، صرفوا بعض أنواع العبادة لله وصرفوا بعضا آخرا لغير الله، فهذا معنى التسوية وهو معنى اتخاذ النِّد، أنهم جعلوا لله عبادة وجعلوا لغيره عبادة أيضا، ولهذا استنكف المشركون لما أتى النبي بكلمة التوحيد لا إله إلا الله، ما ذا قالوا؟ ﴿أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾[ص:5]. واليوم إذا رأيت فإنه قد دخل هذا الأمر يعني هذا النوع من الشرك في المسلمين بعد مضي نحوٍ من ثلاثة قرون شيئا فشيئا. وأصل البلاء الذي من أجله دخل هذا النوع من الشرك هو أنه فسرت كلمة التوحيد بأنها دالة على الربوبية، كما عليه أهل الكلام ومن تبعهم، لم يجعلوا كلمة التوحيد دالة على إفراد الله جل وعلا بالعبادة، وإنما جعلوها دالة على إفراد الله جل وعلا بالربوبية، ولهذا تجد في كتب أهل الكلام أنهم قالوا الإله هو القادر على الاختراع، الإله ما عندهم؟ القادر على الاختراع. لا إله إلا الله عند أهل الكلام معناها: لا قادر على الاختراع -يعني على الخلق- إلا الله. وهذا المعنى يقر به أهل الجاهلية ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ﴾[الزخرف:9]، ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾[الزخرف:87]، كانوا يوقنون بأن الله جل وعلا هو القادر على الاختراع وحده وأنّ غيره لا يخلق شيئا، لهذا احتج عليهم ربنا جل وعلا بقوله ﴿أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾[الأعراف:191] لأنهم يقرون بتلك المقدمة. كذلك أخذ هذا المعنى طوائف من المبتدعة من جنس الأشاعرة فقرروه في كتبهم، قرروه في كتبهم، فيقول أحد من متأخريهم وهو السَّنوسي في رسالته التي يسمونها أم البراهين، يقول فيها في معنى كلمة التوحيد يقول: فمعنى لا إله إلا الله لا مستغنيا عما سواه، ولا مفتقرا إليه كل ما عداه إلا الله، فمعنى الإله –هذا كلامه- هوالمستغني عما سواه المفتقر إليه كل ما عداه. لما درس الناس مثل هذه صار توحيد العبادة عندهم ليس هو معنى كلمة التوحيد، انحرف الناس شيئا فشيئا حتى اتخذوا آلهة من دون الله، يظنون أن التعلق بأرواح الموتى وسؤال من له جاه عند الله -على حَسَب ظنهم– سؤاله ليس من الشرك، وهذا أصل البلاء الذي دخل في المسلمين، شيئا فشيئا دخل حتى عُظمت القبور وأُشيدت وعُظم أصحابها، حتى أُعتقد أن لهم بعض خصائص الإلهية، حتى وصل الأمر في عهد الشيخ الإمام محمد رحمه الله تعالى إلى أنهم كانوا يعتقدون فيهم أنهم ينفعون ويضرون استقلالا والعياذ بالله، بل كانوا يشركون بهم في الرخاء وفي الشدة. لهذا قال الشيخ في قواعده الأربع: أن مشركي أهل زماننا أعظم شركا من مشركي العرب ذلك لأن أولئك كانوا يشركون في الرخاء وأما في الشدة فكانوا يوحدون الله ويخلصون الدين له كما قال جل وعلا عنهم ﴿فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوْا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ﴾[العنكبوت:65]. وأما أهل هذا الزمان فإنهم يشركون في السراء وفي الضراء كما قال أحد علماء الدعوة حيث ناقش رجلا في تعلق طائفة من الناس بابن عباس في الطائف، كما كان قبل الدعوة كانوا يتعلقون به ويجعلونه إلها لهم، ويصرفون له حقوق الله جل وعلا، يجعلونه مستغاثا به، مذبوحا له، منذورا له، مدعوا، قال له: إن ابن عباس –يقول هذا أحد علماء الدعوة، يقول للآخر- إنّ أهل الطائف -يعني من كان منهم على هذا الاعتقاد- يتوجهون إلى ابن عباس يعرفون ابن عباس ولا يعرفون الله، فقال الرجل الآخر: معرفتهم بابن عباس تكفي. وهذا أمر قد لا يظهر لكثير من الناشئة في البلاد، لكن من عرف ما عليه الخرافيون في بعض البقاع في هذه البلاد وفي عيرها من بلاد المسلمين، يجد أن هذا الأمر شائع منتشر، بل إنهم يزيدون في أنهم يعتقدون أن بعض الأولياء لهم الضر والنفع الاستقلالي. هذه المسألة ذكرها الشيخ أول مسألة لعظم شأنها، وهي الزبدة لرسالة النبي بإخلاص الدين له، وبتوحيده جل وعلا وعدم الإشراك به، ونبذ الشرك الذي كان يفعله أهل الجاهلية. قال رحمه الله: إن من فعل ذلك فقد أخبر النبي بأن الله حرم عليه الجنة ومأواه النار كما قال جل وعلا مخبرا عن قول عيسى بن مريم عليه السلام ﴿وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ [رَبِّي]( ) وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ﴾[المائدة:72]. إذن هذه المسألة هي أعظم المسائل، إذا كانت هي أعظم المسائل التي خالف فيها رسول الله أهل الجاهلية فكون الدعوة تُجعل مركِّزة عليها معتنية بها أتم العناية يكون ذلك من وِراثة دعوة المصطفي ؛ لأنْ هذه المسألة من أعظم المسائل التي خالف فيها رسول الله أهل الجاهلية، فإذا كانت كذلك فغيرها من المسائل التي خالف فيها رسول الله أهل الجاهلية هي دونها في المرتبة، فعليه يكون ورثة الأنبياء، ورثة النبي ، من ورثوا عنه العلم النافع إنما يدعون أول ما يدعون ويهتمون أكثر ما يهتمون به بهذه المسألة العظيمة وهي أن ينقضوا الناس من النار وأن يجعلوهم ممن يرجى له الجنة، وذلك بنهيهم عن الشرك وبتوضيح مسألة التوحيد أتم إيضاح ومعنى الشهادة لله جل وعلا بالوحدانية وما فيها من النفي والإثبات ومعنى الكفر بالطاغوت ونحو ذلك من أصول التوحيد. إذا كان كذلك، فتعلم أن من توجه في دعوته بغير الاهتمام بهذه المسألة العظيمة فإنما اهتم بأمر لم يكن اهتمام رسول الله به أولا، ولهذا جاء في حديث معاذ أن النبي عليه الصلاة والسلام قال له «إنك تأتي أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه إلى أن يوحدوا الله» كما في صحيح البخاري في كتاب التوحيد، أو في الرواية المشهورة«إلى أن شعادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله» أو«إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله». فهذه المسألة هي أعظم المسائل، وعليها يجب أن تكون الدعوة مركزة مهتما بها؛ لأنها هي التي بها يتفرق الناس إلى مسلم وكافر، وأما غيرها من المسائل فهو دونها بكثير. قال الشيخ رحمه الله: من أجل هذه المسألة تفرق الناس إلى مسلم وكافر وهذا يعني أن من أشرك بالله جل وعلا صالحا أو غير صالح فإنه كافر بالله، كافر، لا نتوان عن إطلاق الشرك عليه، ولا إطلاق الكفر عليه؛ لأنه ما دام أنه مشرك بالله جل وعلا، فعل الشرك، فإنه يطلق عليه أنه مشرك كافر، لكن الشرك الذي يُطلق عليه لا تستباح به أمواله ولا يستباح به دمه، بل ذلك موقوف على البيان، موقوف على الدعوة، لابد من البيان والدعوة قبل الاستباحة، لكن الحكم عليه، يُحكم عليه بأنه مشرك وتُرتَّب عليه أحكام الكفار في الدنيا، ولكن لا يشهد عليه بأحكام الكفار في الآخرة؛ يعني بأنه من أهل النار حتى نعلم أنه رد الحجة الرسالية بعد بيانها له بعد أن أقامها عليه أهل العلم، أو أنه قاتل تحت راية الكفر. هذه هي المسألة الأولى، وطريقتنا في هذا الشرح ذكر إيضاح لهذه المسألة بما يتم معه فهم مرادات المؤلف رحمه الله تعالى، وليست مجال تقرير المسألة بكل ما يتعلق بها من فروع؛ لأن المقام يضيق عن ذلك، وموطن بيان هذه المسائل كتاب التوحيد وغيره من الكتب التي أُلفت في هذا الشأن. ( ) [المتن] (المسألة الثانية) أنهم متفرقون في دينهم كما قال تعالى ﴿كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾( ) وكذلك في دنياهم ويرون أنّ ذلك هو الصواب، فأتى بالاجتماع في الدين بقوله ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾[الشورى:13]، وقال تعالى ﴿الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾[الأنعام:159]، ونهانا عن مشابهتهم بقوله ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ﴾[آل عمران:105]، ونهانا عن التفرق في الدنيا بقوله ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾[آل عمران:103]. [الشرح] هذه المسألة الثانية وَصَفَ فيها أهل الجاهلية بأنهم متفرقون في دينهم ودنياهم، عندهم العزة والكرامة في التفرق؛ لأنه يدل على استقلال كل بما عنده، وأنه لا يتبع أحدا، متفرقون في دينهم، كلٌّ له دين، بعضهم يعبد الملائكة، بعضهم يعبد الصالحين، بعضهم ينكر البعث، بعضهم يجحد الرسالة بعضهم يؤله عيسى، بعضهم يؤَلِّه عزيرا، ونحو ذلك، في دينهم لم يجتمعوا، كذلك في دنياهم، فبين الله جل وعلا أنهم شرع لنا من الدين ما نجتمع بيه في الدنيا، قال جل وعلا ﴿ شَرَعَ لَكُمْ مِن الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾[الشورى:13]، قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في شرح هذه الآية في قاعدة الجماعة والفرقة: إن الأصل الأصيل الذي دعا إليه الأنبياء جميعا وهو الدين المشترك والإيمان المشترك هو الاجتماع على دين حق وعدم التفرق في ذلك. وأكد ذلك جل وعلا بقوله ﴿وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾،( ) فذكر جل وعلا ما وصف به أمر المرسلين بقوله (وَصَّيْنَا) وما أمر به النبي بقوله(وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ)، قال (شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى) فهذه الآية فيها الأمر بالاجتماع، (أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) وإقامة الدين بالاجتماع على التوحيد؛ يعني على ما دعا إليه النبي ، بأن لا يكون في البلاد شرك، وأن لا يُقر الشرك وأن لا يكون هناك ما يحرم الأصل الدين، لأنه إذا تفرق الناس في أصل تفرقوا في الدنيا ولا شك، فأهل الشرك لما تفرقوا في الدين تفرقوا في الدنيا، فالتفرق في الدين يورث التفرق في الدنيا، وكذلك التفرق في الدنيا –يعني بعدم الاجتماع كما سنوضحه – يورث التفرق في الدين، فأمر الله جل وعلا بعدم التفرق في الدين وعدم التفرق في الدنيا؛ يعني بالأمر بالاجتماع والائتلاف في الأبدان والاجتماع في الدين، فهما نوعان من الاجتماع؛ اجتماع في الأديان واجتماع في الأبدان وأحدهما ملازم في الآخر، لهذا قال أهل العلم: الجماعة في قول النبي «الجماعة رحمة والفرقة عذاب» ونحو ذلك من النصوص التي فيها ذكر الجماعة هو ما يكون من مجموع الأمرين، اجتماع في الدين واجتماع في الدنيا، اجتماع في الأبدان واجتماع في الدين، فكما أن النبي خالف أهل الجاهلية في أنهم متفرقون في الدين فأتى بدين واحد يخضع له الجميع، كذلك أمره بالاجتماع في الدنيا وأن يقروا لولاتهم وأن لا يخرجوا عليهم كما سيأتي إيضاحه في المسألة الثالثة. قال جل وعلا ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ﴾[آل عمران:105] أنزلها الله جل وعلا على صحابة النبي مع كون الذين كانوا قبل من اليهود والنصارى افترقوا على أكثر من سبعين فرقة؛ اليهود على إحدى وسبعين فرقة، والنصارى على ثنتين وسبعين فرقة، فنهانا الله جل وعلا عن التفرق في الدين بقوله (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا) يعني أنه جل وعلا أمر بالاجتماع على التوحيد والاعتصام بحبل الله، وأن لا نتفرق في الدين وأن نجتمع على الكلمة العظمى كلمة التوحيد، وأن لا يحدث فيما بيننا حدث مخالف لأصل الإسلام ولا نخالف عما أنزل الله على رسوله. الآية الأخرى في قوله ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾[آل عمران:103] فهذه الآية في الاجتماع في الدنيا، فإن الناس إذا تفرقوا في الدنيا؛ يعني تفرق بعضهم عن بعض بأن أطاع بعضهم طائفة وأطاع الآخرون طائفة أخرى وحصل هذا التفرق في الأبدان في الدنيا نتج عنه جزما التفرق في الدين ويبدأ صغيرا ثم يكون كبيرا، فكلما تفرق الناس في الدين نتج عنه فرقة في الأبدان، وكلما تفرقوا في الأبدان -يعني بأنْ يكون لكل طائفة مطاع لا يقرون بطاعة كبرائهم من ولاة الأمر- فإنهم ينتج عن ذلك تفرقهم في دينهم فأمر الله جل وعلا بقوله (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا)، (لَا تَفَرَّقُوا) في أبدانكم، (لَا تَفَرَّقُوا) عن من ولاه جل وعلا أمركم، لهذا جاء في الحديث -الذي سيأتي إن شاء الله تعالى- أن النبي قال «إنّ اللّهَ يَرْضَىَ لَكُمْ ثَلاَثاً أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً, وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرّقُوا, وأن تُناصِحوا من ولاه الله أمركم» كان أهل الجاهلية يعتزون بالتفرق، ويعتبرون الطاعة مذلة ومهانة كما سيأتي في المسألة الثالثة، وهاتان المسألتان متصلتان ببعض، فإن أهل الجاهلية لمّا لم يطيعوا ولاتهم مع كونهم مشركين تفرقوا في دنياهم لأن إحدى المسألتين متصلة بالأخرى، فأتى الله جل وعلا بالاجتماع في الأمرين، وإنما تتم الشريعة بالأمرين جميعا، اجتماع في الدين بأن لا نتفرق فيه، واجتماع في الدنيا بأن لا يكون في المسلمين أحزاب ﴿كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾( )، ولهذا كلما نشأ في الإسلام ناشئة تُفَرِّقُ عن الجماعة الأولى وعن النهج الأصل، فإن ذلك يعد من التفرق والاختلاف، إذا كان ذلك عن أراء مستقلة وعن دين مستقل في الأصول، وهذا الذي حدث في الأمة فافترقت إلى ثلاث وسبعين فرقة ثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال «هي الجماعة»، يعني التي اجتمعت في دينها واجتمعت في دنياها. [المتن] (المسألة الثالثة) أن مخالفة ولي الأمر وعدم الانقياد له فضيلة، والسمع والطاعة له ذل ومهانة، فخالفهم رسول الله ، وأمر بالصبر على جور الولاة وأمر بالسمع والطاعة لهم والنصيحة، وغلظ في ذلك وأبدى وأعاد. وهذه الثلاث التي فيه جمع بينها فيما ذكر عنه في الصحيحين أنه قال: « إنّ اللّهَ يَرْضَىَ لَكُمْ ثَلاَثاً أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً, وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرّقُوا, وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم» ولم يقع خلل في دين الناس ودنياهم إلا بسب الإخلال بهذه الثلاث أو بعضها. [الشرح] رحمه الله الشيخ رحمة واسعة، لم يقع خلل في دين الناس أو دنياهم إلا بسبب الإخلال في هذه الثلاث أو بعضها، هذه الثالثة أهل الجاهلية كانوا فوضى، لا يقرون بولاية لأحد ولا يرضون ذلك؛ لأنهم يعتقدون أن الطاعة لبشر مثلهم أنها ذل ومهانة، كيف يطيع ويسمع له وهو مثله؟ بما فضل عليه؟ ويعتبرون عدم الطاعة دليل العزة ودليل الكرامة ودليل الرفعة، فخالفهم النبي خالف أهل الجاهلية بأن أمر بطاعة ولاة الأمر يعني المسلمين في غير المعصية، أمر بطاعتهم في المعروف، وأن لا يُخرج عليهم وأن لا يُفَرَّق الناس من حولهم، ولهذا كان أول من خالف هذا الأصل الخوارج حيث إنهم خرجوا عن ولاية وخلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه بآراء اجتهدوا فيها، والنبي أمر بالطاعة قال «أطع», قال «أسمع وأطع وإن أخذ مالك وضرب ظهرك», وقال في الحديث الآخر حينما سأله: أفلا نقاتلهم؟ قال: «لا ما صلوا». «إنه يكون عليكم أمراء تعرفون منهم وتنكرون، فمن أنكر فقد برئ، ولكن من رضي وتابع». قال: أفلا نقاتلهم؟ قال: «لا ما صلوا.» وفي رواية «ما أقاموا فيكم الصلاة.»، وفي حديث آخر قال «إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان.»، فما دام أن الوِلاية يصح عليها اسم الإسلام، ولم تنتقل عنه إلى الكفر ولم يُحكم بردتها، فالطاعة والسمع واجبان، وتجميع الناس حولها ما دام اسم الإسلام باقيا واجب؛ لأنه ما يحصل للناس من الاجتماع ولو كان هناك نقص في بعض أمور الدين فإنه ما يحصل من الاجتماع أضعاف أَضعاف ما يحصل من المصلحة من التفرق، وأنتم إذا نظرتم إلى تاريخ المسلمين، وجدتم أن هذا الأصل حزم في مواضع وكلما ظن الناس أنهم بخروجهم على الوالي المسلم أنه سينتجون خيرا فإنه ترتد عليهم ولا يكون ذلك خير، كما قال عليه الصلاة والسلام «لا يأتيكم زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم» خرجوا على بني أمية ولم يقروا لهم، وقامت دولة بني العباس ومع ذلك لم تكن دولة بني العباس كدولة بني أمية، وهكذا في نزول من الزمان، فأتى النبي بمخالفة المشركين في ذلك، وقد كان الواحد من المشركين ينصح بالاجتماع وينهى عن التفرق فقال أحد منهم: لا يصلح الناس فوض لا صَراط لهم ولا صَراط إذا جُهالهم سادوا كانوا يأمرون بأن يرجعوا إلى كبرائهم، ولكن ما كانوا يطيعون، بل كانت الجزيرة العربية فيها من القيادات والاختلاف قبل مبعث رسول الله ما لا يحصى ولا تغيبن عنكم الحروب الدائرة في الجاهلية وأسباب ذلك. إذن فهذا الأصل من الأصول العظيمة، قال رحمه الله: وأبدى فيه –يعني النبي - أبدى فيه وأعاد وغلظ في ذلك، من التغليظ أنه قال «اسمع وأطع ولو ضرب ظهرك وأخذ مالك» تسمع وتطيع لم؟ لأن أخذ المال وضرب الظهر هذا مفسدته عليك وستلقى ربك أنت وهو ويقتص لك منه، لكنك إذا لم تطع تعدى ذلك إلى الناس فصار الاختلاف وصارت الفرقة ومعها لا يكون الاجتماع في الدين. في هذه الجزيرة قبل دعوة الشيخ رحمه الله تعالى كان الناس متفرقون كل في جهة، كان في شرق الجزيرة العربية كانوا يدينون للولاية العثمانية، وكان في غربها يدينون [للأشراف] وفي وسط الجزيرة يعني في نجد لم تكن تحت ولاية؛ إنما كان لكل بلد أمير ولكل بلد والي يطيعه أصحابه وكان في ذلك من القتال ما تعلمون حتى إنه في يوم واحد في بعض القرى القريبة من الرياض في يوم واحد قُتل أربعة؛ كان أمير فقتله واحد تولى الإمارة، وقتله ثالث وتولى الإمارة، وقتله رابع وتولى الإمارة في يوم واحد، وهي كلها قرى لا تزيد القرية عن مئات إن كثرت. فأنعم الله جل وعلا على هذه البلاد بدعوة التوحيد، واجتمع الناس في دينهم وفي دنياهم ولا شك أن التفرق في دنيا سيورث التفرق في الدين والتفرق في الدين يورث التفرق في الدنيا وإنما يحصل –كما قال الشيخ- يحصل الفساد في الناس من الإخلال في أحد هذه الثلاث أو بها جميعا؛ إذا أشركوا وقع الشرك، إذا لم يجتمعوا في الدين ولم يجتمعوا في الدنيا، إذا لم يطيعوا ولاة أمورهم ولم يناصحوهم فإنه يقع الافتراق في الدين والدنيا، وهذه الثلاث أصول عظيمة، هذه الثلاث كما ذكر جمعها النبي بقوله « إنّ اللّهَ يَرْضَىَ لَكُمْ ثَلاَثاً أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً, وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرّقُوا, وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم» وهي مسائل عظيمة أسأل الله جل وعلا أن ينفعنا دائما فيما بيَّنه إمام هذه الدعوة من المسائل العظيمة التي نحتاج إليها ولا شك في كل وقت في هذا الزمان، ومذاكرتها والتذكير بها ضروري يعني حبذا لو يكون في المجالس أن تؤخذ مسألة، مسألة، من هذه المسائل ويُقرأ شرحها للألوسي أو لغيره، وينظر فيها ويتأمل لأنها أشد ما تكون بحاجة إليها كما قال في المقدمة قال: لا غنى للمسلم عن معرفتها. أسأل الله الكريم بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن ينور قلوبنا جميعا، وأن يجعلنا متبعين لنبينا ، وأن يعلمنا العلم النافع وأن يرزقنا الدعوة إليه والصبر على الأذى فيه، وأسأله جل وعلا أن يجعل آخر أيامنا خيرا من أولها وأن يجعل أيامنا في قرب منه وازدياد وزلفى إليه، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وأسأل الله جل وعلا لي ولكم الثبات إلى الممات والاستعداد ليوم لقاه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. [الأسئلة] 1/ يقول: ما رأيكم فيمن يقول: إن على العالم أن يعلم منهج السلف الصالح دون التطرق إلى الفرق الضالة وأصحاب المناهج الضالة ألا يدخل في مقولة عمر رضي الله عنه تنقض عرى الإسلام عروة عروة؟ والجواب: أن هذا الكلام غير دقيق وليس بصحيح بل هو غلط؛ لأن الرد على المخالف في دين الإسلام، الرد على المخالف من أصول هذا الدين؛ لأن الله جل وعلا هو أول من ردّ، وأعظم من رد على المخالفين لرسول الله ، وهو الذي حاجهم بنفسه جل وعلا، فالرد على المخالفين من أعظم القربات، يقول شيخ الإسلام: وهو من أعظم أنواع الجهاد. وهذا صحيح وقد يفوق جهاد الأعداء الخارجيين؛ يعني أن مجاهدة العدو الداخل أعظم من مجاهدة العدو الخارج؛ لأن العدو الخارج بينةٌ عداوته أما العدو الداخل فهذا قد يخفى، ومن أعظم العداوات أن ينشأ في المسلمين من يدعوهم إلى غير منهج السلف لأن هذا -كالبدع والشركيات والمناهج الضالة من منحرفة كالرافضة والخوارج ونحوها- فإن هذا لا شك أنه الرد على هؤلاء من أعظم القربات، الخرافيين الصوفيين أهل الطرق ونحو ذلك كل هؤلاء الرد عليهم من أفضل القربات وأعظم الطاعات، وهو نوع من الجهاد لا بد منه قال جل وعلا ﴿فَلَا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا﴾[الفرقان:52] ومجاهدهم بالقرآن وبالعلم من أعظم أنواع الجهاد، أما أن يتركوا ويسكت عنهم، فمتى يعرف الحق؟ إذا سكت العالم على بيان ضلال الضالين، متى يعرف الحق؟ لأننا يجب علينا أن نرعى الدين، الدين علينا أهم من الأشخاص فإذا كان الرد على فلان يحمي حمى الدين –هذا المخالف- ولا مفسدة راجحة في الرد؛ من سفك دماء ونحوه، فهذا يتعين الرد، فالرد على المخالفين من أصول الإسلام ولا شك. فقوله أنه عليه أن يبين منهج السلف دون التطرق إلى الفرق الضالة كلام غير دقيق وغير صحيح. أحد الإخوان يطلب أن يفرغ الدرس بعد تسجيله. هذا يكون إن شاء الله تعالى. 2/ يسأل عن آية آل عمران هل هي في الدين أو في الدنيا؟ وهي قوله تعالى ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُو﴾[آل عمران:103]. لا هي في الدنيا، لم؟ لأنه قال ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ﴾[آل عمران:103] ما كان الرجل من الأوس مع الآخر من الخزرج متآلفان متحابان، ما كان يرضى الرجل الذي في المدينة مثلا من الأوس أو الخزرج أن يأتيه واحد من قريش ويسكن مكانه، ما يرضى, لو يأتي ويفعله ربما فعل به وفعل، كان بينهم عداوات ما بينهم تآلف ولا تحاب، فأمر الله جل وعلا بأن نعتصم بحبل الله جميعا ولا نتفرق؛ يعني في الدنيا. 3/ ذُكر في الكتاب أن هذه المسألة -يعني المسالة الأولى- شرع من اجلها الجهاد فأرجو توضيح ذلك. لا شك أن النبي إنما جاهد لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى، وليكون الدين كله لله جل وعلا، كما قال﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ﴾[الأنفال:39] وفي الآية الأخرى ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ﴾[البقرة:193]، يعني جميعا، وقال جل وعلا ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً﴾[البقرة:208]، فالمأمور به العباد أن يخلصوا الدين، إذا ما أخلصوا الدين لله جل وعلا فإنهم يجاهَدون جهاد كفر كما فعل النبي ، من أجل هذه المسألة جُوهد المشركون واُستبيحت دماؤهم وأموالهم، ومن اجلها تفرق الناس بين مسلم وكافر فالدعاء بأي شيء أبيحت؟ لأجل الكفر، دماء المشركين أبيحت لأجل أنهم مشركون لأجل أنهم يشركون مع الله آلهة أخرى، فهذه المسألة هي التي يجاهد من أجلها لأنها أعظم ما يجاهد لأجله. 4/ بالنسبة لقولكم في الجاهلية بالنسبة للزمان المطلق، وتعليقكم على عدم دقة قول بجاهلية القرن العشرين. -أنا ما قلت أن القول غير دقيق أنا قلت أنه غلط من أصله- ألا تحمل على أن معظم الناس اليوم في جاهلية؟ هذا أيضا غلط آخر، الشيخ رحمه الله تعالى، الشيخ محمد في وقته الذي الجاهلية فيه أكثر من هذا الزمان، قال: ولا أقول إن أكثر الناس على الشرك، وأنّ الناس ارتدوا إلا طائفة كذا وكذا. وهذا الذي نعتقده، بخلاف ما ينقل عن الدعوة في بعض الأمصار، أنهم يعتقدون أن من هم خلافهم أنهم مشركون، يقول الشيخ رحمه الله تعالى: فإنني لم أكفر إلا بما أجمع عليه، وأكثر الأمة والحمد لله ليس كذلك. فقوله هنا (ألا تحمل على أن معظم الناس اليوم في جاهلية) هذا كلام ليس بصحيح، قد يكون في بعضهم جاهلية لكن معظم الناس في جاهلية هذا غير دقيق؛ لأن قوله (في جاهلية) يعني جاهلية كاملة؛ يعني الكفر، وهذا غلط؛ لأنه لو قال الأخ: على أن معظم الناس عندهم خصال من الجاهلية لكان صحيحا، أما أن يقال في جاهلية اليوم فهذا تعبير لا يستعمله أهل العلم. 5/ يقال عندما يتعدى الإمام بالضرب وأخذ المال يُصبر عليه كما قال النبي ، ولكن لو مسّ العِرضَ فهل يُصبر عليه أيضا؟ قوله هنا (لو مسَّ العِرض) هذه مجملة تحتاج إلى تفصيل. مسُّ العِرض إذا كان بالتعدي على العرض مباشرة فإنه يُقاتِل المرء دون عِرضه؛ يعني أتى والي من الولاة ودخل يريد أن يأخذ زوجتك أو يتعدى عليها تقاتل دون ذلك، فإن قُتلت دون عرضِك فأنت شهيد. أما مسّ العرض بمعنى أن يكون هناك مثل ما يكون في مثل هذا الزمان الإعلام ونحوه الذي يفسد النساء، ويُفسد الأعراض فهذا لاشك أنه لا يدخل ضمن الأول؛ لأنّ هذا ليس متعينا ولا موجها لواحد بعينه، وإنما عليه أن يتحصّن بالدين، وهذا من جنس الفتن ومن جنس أنواع البلاء والمعاصي التي تنتشر في الناس بأمر الولاة ونحوهم، وهذا لا يخرج به المرء عن الإسلام، فكيف إذن لا يُصبر عليه؟ فإذن العبارات المجملة ينتبه أصحابها. 6/ هذه ملاحظة جيدة: نلاحظ بعض الطبعات فيها زيادة وحذف ونقص. هذا صحيح طبعات الكتاب بعضها يزيد وبعضها ينقص، بعضها فيه اختلاف في بعض الألفاظ بل أن بعض الطبعات في ذكر قريب من مائة مسألة تزيد قليلا، وبعضها فيها مائة وعشرون مسألة أو تزيد، فعليه أن يقبل بين ما نقرأ وما عنده ويضيف. 7/ نرجو توضيح ما إذا كان المصر على كفرٍ من العُبّاد الجاهليين دعاة الصالحين والأولياء، بعد أن بين له الأمر وما هو عليه ثم أقر وأصر على ما هو عليه، أو أنه قاتل تحت راية كفر، هل تنطبق عليه أحكام الكفار في الآخرة أم يبقى كمن لم يبين له؟ الجواب: أن من قاتل تحت راية كفرية معتقدا صحة ما قاتل لأجله ولو لم يصله البيان بمفرده فإنه إذا مات يشهد عليه بالنار، كما فعل الصحابة؛ الصديق ومن معه مع المرتدين لما أسروا من أسروا قال ما تركوهم حتى يشهدوا بأن قتلاهم في النار، وأن قتلى المسلمين في الجنة، فمن قاتل تحت راية كفر غير مكره معتقد صحة ما قاتل له ولو لم يبين له بمفرده فإنه يكون كافرا ظاهرا وباطنا، يُشهد عليه بالنار، أما إذا خرج معهم ولم يقاتل ونحو ذلك فهذا ليس له هذا الحكم. 8/ أيضا هذا سؤال جيد يقول: هل كل المسائل التي ذكرها المؤلف مخرجة من الملة؟ الجواب: لا، هذه المسائل اشتملت على ما هو شرك أكبر، وما هو كفر، وما هو شرك أصغر، وما هو بدعة وما هو محرم. اشتملت على هذه الأنواع سيأتينا إن شاء الله تعالى كل هذه الأنواع، بعضها مثل التقليد في المسألة الرابعة قال: إن دينهم مبني على أمور أعظمها التقليد، التقليد على النحو ذاك محرم، قد يكون شركا أكبر، إذا كان تقليدا في التحليل والتحريم ونحوه. إذن هذه المسائل لا تأخذ المسألة تقول أنها شرك لأنه ذكرها الشيخ في مسائل الجاهلية، لا، هذه خصال كان عليها أهل الجاهلية بعضها يكون شرك وبعضها ليس كذلك. 9/ هذا سؤال الحقيقة كثيرا ما يرد ومع كثرة إيضاحه وبيانه ما زال يورد، فلا أدري سبب إثارته دائما، يقول: مارأيك بمن قال –دائما في الأسئلة تحاولوا أنكم تسألون عن القول لكن بمن قال نتركه- ما رأيك عن قول من قال إن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله خرج على العثمانيين، وكيف نرد عليهم؟ الجواب من جهتين: الجهة الأولى: أنه كما ذكرت لكم نَجْد في وقت الشيخ لم تكن تحت ولاية العثمانيين، بل إن نجدا من سنة 260 هـ وهي لم تخضع لوِلاية، لا ولاية العباسيين لا ولايات أخر، كانت مستقلة، تسلط عليها بعض الخوارج من ذلك الوقت وطائفة من أهل اليمن ونحوها، يعني استقلت لم تدخل تحت طاعة من ذلك الوقت، فكانوا في تفرق فلم يُجبر أهلها ولم يخضعوا لبيعة وإنما كانوا مستقلين، لما ظهرت الدولة العثمانية كانت نجد كل بلد لها أميرها، فما خضعوا تحت الخلافة العثمانية في أول ما قامت لأنه أول ما قامت كانت على إسلام صحيح بعد ذلك انحرفت. هذا لما أتى الشيخ وهم على هذا النحو كل بلد لها أمير، ما يقرون بطاعة لبني عثمان بخلاف الأحساء والمنطقة الشرقية وهؤلاء يقرون للولاية للعثمانيين، والوالي على الأحساء ونحوها تحت ولايته، كذلك [الأشراف] ونحوهم كان عندهم نوع استقلال لكنهم تحت الولاية العامة، أما نجد كانت مستقلة، هذا من جهة. الجهة الثانية: أن في وقت الشيخ رحمه الله تعالى كان العثمانيون يدعون إلى الشرك الأكبر وإلى الطرق الصوفية ويحببون ذلك وينفقون على القبور وعلى عبادتها ينفقون عليها الأموال، فمن هذه الجهة لو كانت نجد داخلة تحت الولاية لما كان لهم طاعة لأنهم دعوا إلى الشرك وأقروه في عهودهم الأخيرة، أما في المائتين سنة الأولى (250 سنة الأولى) كانوا على منهج، يعني كانوا في الجملة جيدين، لكن لما في كان في سنة 1100 تقريبا وما بعدها لما كثر الشرك في المسلمين هم كانوا ممن يؤيدون ذلك تأييدا وينفقون عليه، وقد وجد من أقوال الخلفاء العثمانيين –حسب التسمية الشائعة- ولاة بني عثمان وجد منهم من يكتب أدعية في استغاثة بالرسول أو استغاثة بالأولياء ونحو ذلك. فالجهة الأولى هي المعتمدة التي ذكرتُ لك، والثانية فرع عنه. 10/ هل أن نقول أن أهل الجاهلية الأولين في عهد الرسول كانوا يعلمون أنهم على باطل؟ هذا [ليس] بصحيح كما يقول إمام الدعوة ليس كفر من كفر منهم عن عناد واستكبار بل بعضهم كفر عن تقليد؛ تقليد الأكابر وبعضهم من أجل عدم العلم، قال جل وعلا ﴿ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾[الأنبياء:24]. فلم يكونوا يعلمون أنهم على باطل، ذلك القلة منهم كانوا يعلمون لكنهم كانوا مستكبرين لكن الأكثرون كانوا لا يعلمون بين لهم البيان العام، أزل القرآن، دعا النبي الناس فمن صد فهو كافر مشرك. نختم بهذا ونسأل الله جل وعلا أن ينفعني وإياكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد. ( ) [المتن] (المسألة الثامنة) الاستدلال على بطلان الشيء بأنه لم يتبعه إلا الضعفاء كقوله ﴿قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ﴾[الشعراء:111]، وقوله ﴿أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا﴾[الأنعام:53] فرده الله بقوله ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ﴾[الأنعام:53] (المسألة التاسعة) الإقتداء بفسقة العلماء فأتى بقوله ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾[التوبة:34]، وبقوله ﴿لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ﴾[المائدة:77]. (المسألة العاشرة) الاستدلال على بطلان الدين بقلة أفهام أهله وعدم حفظهم كقوله ﴿بَادِي الرَّأْيِ﴾[هود:27]. [الشرح] بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت وتولنا فيمن توليت. اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأَرِنَا الباطل باطلا ومُنَّ عليما باجتنابه، اللهم هيئ لنا من أمرنا رشدا، نعوذ بك من شرور أنفسنا، نعوذ بك من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا. في المعنى العام للمسائل التي قبلها وذلك أن المسائل التي قبلها كانت في ذكر الاستدلال؛ استدلال المشركين وأهل الجاهلية على ما هم عليه من الباطل بأنواع من الأدلة. فذكر من تلك الأدلة أنهم يستدلون بالأثر على الصواب، وأنّ الشيء يعرف بأنه حق إذا كان أتباعه هم الأكثرين. وذكر من أدلتهم أنهم يحتجون بالأولين والمتقدمين. وذكر من استدلالاتهم أنهم استدلوا بقوم أعطوا قوى، أعطوا أفهاما، وأعطوا علوما، يستدلون بهم وبأحوالهم على بيان صلاح ما هم عليه وبطلان ما جاءت به المرسلون. وهذه المسألة هي تلك المسائل، وهي أنهم يستدلون على بطلان الشيء بأنه لم يتبعه إلا الضعفاء، يستدلون على بطلان الشيء بأنه لم يتبعه إلا الضعفاء، وهذا تنوع من الأدلة التي يستدل بها أهل الجاهلية في الماضي، ويستدل بها كل من كان فيه شعبة من شعب أهل الجاهلية في كل زمان ومكان، يستدلون على بطلان أمر من الأمور بأنه لم يتبعه إلا الضعفاء، وذلك أنه في ظاهر أفهامهم أن أهل الشرف والسيادة وأهل الرفعة والريادة وأهل الوجاهة والمال هم أحرى بأن يكونوا أوصل للحق وأعرف للحق وأحسن استدلالا عليه، فكيف يكون الضعفاء الذين هم أضعف عقولا، وأضعف أفهاما عندهم، كيف يصلون إلى الحق دونهم؟ فاستدلوا بذلك على أن أولئك الضعفاء عقولهم ليست صائبة، وأفهامهم ليست مستنيرة، وأنهم هم أهل الأفهام وأهل العقول، وإذا كان كذلك تم لهم الدليل بأن جاءت به المرسلون إنما اقتنع به الذين ليس لهم عقول صائبة، وليس لهم عقول مستنيرة، وليس لهم أفهام جيدة وقرائح قوية، فاستدل ذلك على بطلانه، إذْ لم يقتنع به أهل الفهم، يقنع به أهل العلو، لم يقتنع به أهل الجاه، أهل المال، الرؤساء، الأشراف، الملأ، ونحو ذلك. وهذا الاستدلال في أصله صحيح شرعا، ولكنهم هم استدلوا به، فخلطوا ولم يزنوه بالميزان الشرعي الصحيح، وكيف ذلك؟ صحيح أن كل من كان أوفر عقلا وأجود ذهنا وأصح قريحة أنه يصل إلى الحق، وأنّ من كان دونه في الفهم، ودونه في العقل، ودونه في إتيان اللب والفهم، هذا يكون أبعد من الذي قبله في الوصول إلى الحق، ولهذا ذكر الله جل وعلا المشركين بأنه أعطاهم ألبابا وأعطاهم عقولا، لكن هذا الأصل لما كان صحيحا كان حال المشركين معه منقلبة ومنعكسة؛ لأنه يثبت بذلك أنّ من استجاب للحق وتبِع المرسلين أنهم هم أهل العقول وهم أهل الألباب وهم أهل الفهم، قال جل وعلا ﴿وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ﴾[العنكبوت:43]، والمشركون لم يعقلوها فثبت أن من عقلها هم العالمون، وإن كانوا عند أولئك أقل فهما، كذلك قال جل وعلا ﴿وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الْأَلْبَابِ﴾( ) فالذين يتذكرون ويتبعون الرسل هم أولوا الألباب وهم أولوا العقول. إذن فهؤلاء المشركون وأولئك المشركون كيف لم يتم لهم هذا الاستدلال، مع أنه في أصله صحيح؟ ذلك أنهم إن ظنوا أنهم هم أهل العقول، وهم أهل الأفهام، وهم أهل الألباب، فذلك قد يكون صحيحا في نفسه لكن العقل يصرفه عن فهم الحجة ويصرفه عن اتباع الحق أنواعا من الصوارف كانت متوافرة في أولئك المشركين، متكاثرة فيهم، ظاهرة بادية في حالهم وشأنهم: وأعظم تلك الصوارف الاستكبار والهوى: ذلك أن الهوى يغطي العقل عن الحق وهم كانوا أهل هوى فالهوى كان صارفا لاستعمال عقولهم فيما كان ينفع ﴿أَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا﴾[الفرقان:43]،﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنْ اللَّهِ﴾[القصص:50]. من الصوارف أيضا التي جعلت عقولهم ضعيفة وأفهامهم كليلة، وهم يضنون أنهم يحسنون صنعا وأنهم هم أولوا الألباب من الصوارف الغنى، و الله جل وعلا بين أن الإنسان يصرفه المال عن رؤية الحق فقال جل وعلا ﴿كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى(6)أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى﴾[العلق:6-7]، فالإنسان إذا رأى نفسه غني، غني وكثر ماله كان ذلك في الأكثرين صارفا لهم عن رؤية الحق وعن اتباع الحق؛ لأن للمال بهرج وله زينة، فيحتاج صاحب المال إلى التجرد العظيم و الإخلاص الأعظم الذي يصرفه عن الركون إلى تلك اللذة وذلك الإغراء حتى يقبل الحق، فكان هذا صارفا لأذهانهم لقبول الحق ومن رؤيتهم الحق حقا، ومن استعمالهم ما أعطاهم الله جل وعلا من الألباب في إبصار الهدى وإتباع المرسلين. من الصوارف أيضا ما هم فيه من الجاه فكانوا أهل جاه، إما في نسب كشرف النسب غير كسبي، وإما في رئاسة وترفع وسؤدد بين الناس، ونحو ذلك من أنواع الجاه، الجاه صاحبه يغطَّى عقله إذا لم يكن مبصرا البصر الشرعي، فلهذا ردوا الحق لأنهم كانوا على جاه امتنعت عقولهم من رؤية الصواب لأجل غطاء الجاه وغطاء السؤدد. ومن الصوارف أيضا العجب بالنفس واعتقاد رفعتها، فإذا اعتقد المرء في نفسه أنه أرفع من غيره فإنه يصده ذلك عن قبول الحق إذا جاء به غيره، ولهذا فإن المشركون قالوا ما قالوا حيث قال طائفة منهم ﴿وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ﴾[الزخرف:31] أرادوا أن تكون الرسالة في العظماء الذي هم أعلى منهم رتبة وشرف حتى لا يكون في صدورهم حرج من أتباعه، ومن لأنواع الصوارف كثيرة. هذه المسألة ذكر فيها إمام الدعوة وحمه الله نوعا من أنواع الصوارف وحجة واستدلالا لهم يستدلون به، ذلك الاستدلال أنهم يستدلون على بطلان الشيء المراد إثبات أنه حق لأنه ما اتبعه إلا الضعفاء، والضعفاء يشمل -يعني هذا الاسم- كل ضعيف مالا وجاها ونسبا وفير ذلك من أنواع الضعف الذي يكون بين الناس. احتجوا بهذا على أنه لو كان الحق لو كان هذا الذي جاء به الرسول حقا لكنا أحرى به ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ﴾[الأحقاف:11]، (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا) يعني عن الذين آمنوا ﴿لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ﴾[الأحقاف:11] فهذا نوع، كذلك ما قص الله جل وعلا في قصة نوح من الآيات التي استدل بها المصنف رحمه الله تعالى حيث قال الملأ من قوم نوح ﴿وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِي الرَّأْيِ﴾[هود:27] هذه الآية في سورة هود، أو الآية التي استدل بها المؤلف ﴿أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ﴾[الشعراء:111] (الْأَرْذَلُونَ) جمع أرذل، أصلها في اللغة لشيء الدون، ذلك أن هذه المادة رَذَلَ أصلها في اللغة لشيء الدون يعني إذا كان شيئان عال ودون، فالدون هو الأرذل من الأمرين؛ يعني أنهم قسموا الناس إلى فريقين: أشراف وسادة وملأ، وآخرون هم الضعفاء وهم الأراذل، وقال جل وعلا في هذه الآية مخبرا عن قيل قوم نوح (أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ)، (أَنُؤْمِنُ لَكَ) يعني أنصدق بما جئت به(وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ)، وفي قراءة أخرى (وأَتْبَاعك الْأَرْذَلُونَ) وهي ليست سبعية؛ يعني كيف يكون الصواب مع أولئك مع أنهم الضعفاء وهم الأرذلون، وقد قال المفسرون أن أكثر أتباع نوح كانوا من أهل الصناعات بعضهم أهل حياكة، وبعضهم أهل نجارة، وبعضهم أهل بيع وشراء، ونحو ذلك، فاستدلوا بنوع المتبعين لنوح عليه السلام استدلوا بذلك على بطلان ما جاء به (أَنُؤْمِنُ لَكَ) الإيمان هاهنا لغوي يعني التصديق. وضابط ذلك: أن الإيمان في القرآن عُدِّي تارة بالباء وعدي تارة باللام. والغالب فيما عدي بالباء أنه الإيمان الشرعي، المعروف تعريفه. وما عدي باللام يراد به المعنى اللغوي، قال جل وعلا ﴿وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا﴾[يوسف:17]، فلما عُدي الإيمان باللام علمنا أنه لغوي، وهو التصديق الجازم الذي لا يخالط صاحبه شك فيما خوطب به، أو في الشيء. هنا (أَنُؤْمِنُ لَكَ) يعني أنصدق لك تصديقا جازما لا امتراء فيه والذين اتبعوك هم الأرذلون (وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ)، فمنعهم هذا النوع من تصديقه ومن اتباعه. ولم يكن هذا في قوم نوح فحسب بل كان هذا في العرب وفي قريش بخاصة، فلما اتبع النبي أولئك الصحب الكرام والصفوة المنتخبون، قال المشركون ﴿أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا﴾[الأنعام:53] كيف يكون؟ هدى الله يهدي به أولئك الذين هم ضعاف، الذين هم موالي، الذين هم صغار السن ونحو ذلك، فأجابهم الله جل وعلا بقوله ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ﴾[الأنعام:53]، الله أعلم حيث يجعل هداه وحيث يجعل توفيقه،فهل أنتم تتحكمون في فعل الله جل وعلا. إذن لو استعملوا عقولهم لوصلوا إلى الصواب، لو لم تكن على قلوبهم أنواع من الغشوات لوصلوا إلى الصواب والحق، ولكن عقولهم لم تكن نافعة ﴿فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون﴾[الأحقاف:26]، فأولئك لم ينفعهم العقل ولم ينفعهم ما أوتوه من الفهم، فكان حقا أن يكون أولئك الأقوام الضعفاء فيهم هم أهل العقل، وهم أهل الفهم، وهم أهل الإدراك لهذا قال بعض السلف: كم من لبيب ولا لب له، وكم من عاقل ولا عقل له. كم من لبيب أعطاه الله جل وعلا لبا يفهم به الأشياء ولكنه في الواقع لا لب له، لم؟ لأنه انصرف عما ينجيه في الآخرة هل يكون من عقل العاقل أن يقتحم الردى ويضع نقسه على دكادك من نار هل هذا من العقل ؟هل هذا من اللب؟ هل يكون العاقل الذي يجحد الحق الذي سيوصله لو اتبعه إلى الجنة ويرضى بزينة الحياة الدنيا القاصرة الفانية الهالكة عن الجنة؟ يرضى بأن يكون من أهل النار أو بأن يتعرض في الآخرة إلى العذاب وهو في الجنة يتبع عرضا زائلا؟ ليس هذا بعاقل ولهذا اعقل العقلاء أكملهم إيمانا، ولو كان في الناس ضعيف العقل، إذا كان أكمل إيمانا، وكمل إيمانه ولو كان في الناس وضيعا لا مال له، فقيرا ليس بذي سؤدد ليس بذي شرف، وليس بذي جاه لكنه هو لو أقسم على الله لأبره، وهو صاحب العقل، وصاحب اللب، فما أحسن قول القائل: كم من ذي لب ولا لب له، وكم من ذي عقل ولا عقل له. هذه المسألة التي هي من صور أهل الجاهلية ومن شعبهم ومن مسائلهم، ومما اختصوا به، هذه المسألة جاءت إلى المسلمين وكانت فيهم لأنها من سنن أهل الجاهلية والنبي قال «لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه» قالوا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال «فمن» وفي رواية أخرى قالوا: يا رسول الله فارس والروم؟ قال «فمن الناس إلا أولئك». فهذه الأمة جاءت فيها هذه الشبهة وذلك الاستدلال، وذلك في أصناف من هذه الأمة: الصنف الأول: هم أهل الرئاسة بأنواع من الرئاسات، وأولئك إذا رأوا المتبعين للهدى وللحق تنقصوهم وتنقصوا عقولهم، وقادهم ذلك التنقص إلى أنّ هذا الذي هم عليه ليس هو الصواب، فإذا رأوا من يتمسك بالسنة احتقروه، واستدلوا بأنه من أهل الفقر والمسكنة، من الموالي، من غير أشراف الناس، على أنه إنما اختار هذا الطريق، وهذا النحو لأجل ضعف عقله وهم أهل العقول الكاملة وهم الكَمَلَة الذين هم عند أنفسهم أصحاب فهْم، فيستدلون بفهْمهم ومعرفتهم وعقولهم على أن هذا ليس هو المراد بالشريعة، وهذا كان في كثيرٍ من أصحاب الرياسات، فكانت تلك الرياسات معطلة لعقولهم عن رؤية الصواب. الصنف الثاني قوم من العقلانيين الذين درسوا الفلسفة، وعرفوا المنطق، وكانت لهم عقول وأفهام وذكاء، لكنهم كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية عنهم: أُوتوا عقولا ولم يؤتوا فهوما، وأوتوا ذكاء ولم يؤتوا ذكاء. أولئك أهل الفلسفة ينظرون إلى من يسمونهم بالحشوية، ينظرون إليهم وما هم عليه بأنهم هم الأراذل هم الضعفاء، الضعفاء في العقل، الضعفاء في الفهم، فيقودهم ذلك لأن أولئك الذين وسموهم بالضعف والرذالة بأن أولئك لم يعتنوا بعقولهم -يعني عقول أولئك الفلاسفة-، لم يعتنوا بمنطق اليونان، لم يعتنوا بالفلسفة، لم يعتنوا بتلك الدلائل التي يسمونها عقلية ليس لهم سعة في العلوم، إنما مدارهم على النقل، ليس عندهم فهم إنما هم ينقلون قال الله وقال رسوله، لم يدخلوا في الفهم بعقولهم، يستدلون بضعفهم عن المشاركة على بطلان هذا النوع، فيقولون: لو كان ذلك صوابا لكان وصل إليه فلاسفة الأمة طالب الحكمة منهم، هؤلاء هم أهل العقول العالية وهم أهل الفهوم السامية، فلا بد أن يكون هناك تقديم لطريقة أولئك على طريقة أولئك الحشوية. هذه كانت في قرون، ثم وصل بطائفة من الفلاسفة الجمع بين الطريقتين، لم يصدعوا بالحق ولم يروه تماما، حيث إنه من اتبع الكتاب والسنة ولم يدخل في ذلك بعقله يعني العقل المعارض للكتاب والسنة، لم يدخل في ذلك بعقله، حاولوا أن يجمعوا بين الطريقتين، كما جمع بينها ابن رشد ونحوه، فحاول أن يجمع بين طريقة المتكلمين الذين يحتقرون الناس ممن عداهم وبين طريقة أهل الأثر في عدة مصنفات لهم، لهذا سموهم الحشوية ما ذا يعنون بكلمة الحشوية؟ يعني أنهم حَشْوِ الوجود، ليسوا هم النخبة، ليسوا هم المتميزين، إنما هم حشوية لا قيمة لهم، كما قال أولئك: إن أتباع الرسل هم الأراذل وهم الضعفاء. كذلك قال من ورِثهم من هذه الأمة إنّ من اتبع الكتاب والسنة واتبع الحديث والأثر وأثبت ما أثبت فيهما إنما هم حشوية يعني حشو في الوجود، حشو في هذه الأمة ليسوا معتبَرين مهما قالوا ومهما فعلوا. أيضا دخلت تلك المسألة في أهل الغِنى من هذه الأمة أهل الأموال، فأهل الأموال من هذه الأمة غرهم غناهم، يعني من غره منهم غناه فكان إذا أتاهم بالحق من ليس بأهل غنى تراه لا يسمع، تراه يجد في نفسه صدودا عنه، إذا جالسه من ليس من أهل المال، وليس من أهل الغنى، وليس من أهل الزينة في لباسه وفي مركبه، وفي بيته ونحو ذلك، تراه لا يعير لقوله اهتماما، وذلك أنه يستدل بضعفه على أن ما جاء به وما قاله ليس بحق، كما قال أولئك. أيضا دخل ذلك في الأمة وهذا يتجلى في هذا العصر بالذات دخل فيمن يسمونهم العصريين من الإسلاميين يعني ممن اهتموا بالفكر، اهتم بالفكر طائفة من أهل هذه الأمة، ورأوا أن عرض الإسلام عن طرق الفكر وعن طريق الجمع بين منتجات الحضارات من الأفكار وما جاء في هذه الشريعة أنه يُخرج للناس ما يقتنعون به، فإذا كان الحق رأواه عند من ليس مفكرا ومن لم يعتنِ بهذه الفكريات احتقروه؛ لأنه عنده ناقص العقل، ناقص الفهم، بليد الذهن، وهذا كثير وتجد أن كثيرين ممن كتبوا الكتابات الإسلامية إذا خاطبهم من يعتني بعلم الكتاب والسنة وبعلم الأثر الذي هو أعلى العلوم وصفوة العلوم وأصوب العلوم، رأيت عندهم في أنفسهم وقد يُظهرون احتقارا له وردا لما جاء به لِمَ؟ لأنه ضعيف عندهم بتلك العلوم الفكرية، ولهذا واجهنا كما واجه ربما كثيرون منكم أنه يعاب على من يكثر النفقة في الكتاب والسنة في هذا العصر، يعاب عليه؛ لأنه ليس عنده علم بهذه الأمور الفكرية الجديدة بأنواع من الفلسفات الفكرية وأنواع من الدراسات الإسلامية الحديثة، يعيبون عليه، وهذا ليس بعيب؛ لأن الله جل وعلا جعل أهل اللب وأهل الفهم إنما هم أهل الإتباع لكتابه ولسنة نبيه . أهل التذكر هم أُلُوا الألباب، فكلما كان الرجل أطوع لله وأتبع لسنة النبي كلما كان هو ذو اللب، وكلما كان هو ذا اللب كان ذا الفهم؛ لأن هذه الأمور لم يطالب بها الشرع، وهذا داء سرى في طوائف في هذه الأمة، وأخشى أن يتسرب إلى هذه البلاد التي هي خلاصة في دعوتها اتباع الكتاب والسنة وما كان عليه السلف الصالح. أيضا دخل في طائفة نختم بها هذه الطوائف دخل في طوائف من الدعاة والدعوات، ذلك أن طوائف من أولئك الذين يعتنون بالدعوة –مشكورين- رأوا أنهم كلما كان عندهم معرفة أعظم بالواقع على اختلاف صنوفه وأحواله من قياسات ومن فكريات، ومن أحوال، ومن تقلبات، ومن دراسات، كلما كانوا أقرب إلى الصواب، ويرون أن من لم يعتني بتلك العلوم من العلماء ومن طلبة العلم أنهم هم أضعف منهم فهما وأقل منهم نظرا وأقل منهم تسديدا وصوابا، وهذا أيضا من آثار أولئك، لأنه فيه اعتناء بفهومهم، واحتقار للآخرين باقتصارهم على النقول على الكتاب والسنة، ليست معرفة تلك الأمور مرذولة ومردودة بل العلم بتلك الأشياء مطلوب شرعا –بحده المطلوب شرعا على ما يقرره أهل العلم-؛ لكن الاستدلال بفهومهم ومعرفتهم لتلك الأمور على أن غيرهم ليس على الصواب لأجل أنه ما فهم تلك الأمور، هذا من جنس احتجاجات الأولين، فيرى أن المفتي إذا لم يكن عالما بالواقع يكون ذاك الذي علم أفهم منه وأرفع، فتكون فتوى العالم مردودة يستدل على بطلانها بقلة فهمه لتلك الأمور، وهذا ليس بأمر مؤصل شرعا، إنما الأمر المؤهل شرعا العمدة هو الدليل، فإذا كان للعالم استدلال وفهم فإنه يكون هو الصواب، إذا كان للعامل اتباع للكتاب والسنة فليس عليه أن يعرف كل ذلك، من علم هذه الأشياء علما صوابا فإنه قد يكون ذلك العلم نافعا وقد يكون ضارا له. المقصود من ذلك أن طائفة في العالم الإسلامي عموما اعتنوا بتلك العلوم، ورأوا أن من لم يعتنِ بها أنه هو الأضعف وهذا من مداخل الشيطان على القلوب؛ لأن هذه الأمة لن يصلحها إلا شيء واحد ألا وهو التربية على كتاب الله وسنة رسول الله والسعي في انجاء الناس في الدار الآخرة، ولا شك أنه بالإجماع أن تلك العلوم ليست منجية لعامة الناس في الدار الآخرة وليست بنافعة في الدار الآخرة؛ لكنها قد تنفع الأمة، فيكون المخاطب بها طائفة قليلة من هذه الأمة، وأما نشرها على العوام فهذا ليس بحد شرعي. إذا كان كذلك، فإن هذه الحجة من أنه من كان أقل فهما في تلك الأمور فيدل على بطلان ما جاء به وعلى بطلان ما قاله هذا من جنس حجج أهل الجاهلية، ودخل هذا في الأمة بنوع من تلبيسات الشيطان على النفوس. إذن فنخلص من هذا إلى أن أهل الجاهلية يستدلون على بطلان الشيء لأنه لم يتبعه إلا الضعفاء، والواجب أن نظر إلى الحق مجردا عن من أتى به، فربما يأتي بالحق شيطان، كما علّم أبى هريرة رضي الله عنه، الشيطان علمه دعاء معروفا لا يزال كل منا يدعو به، وإنما علم أبى هريرة شيطان، كما قال النبي لأبي هريرة بعد أن ذكر له ما قال «صدقك وهو كذوب». فإذن يُنظر إلى الحق وتكون غاية المؤمن طلب الحق، ومن جاء به فهذا لا يهم من جاء به ليس بمقصود، قد يجيء به الصغير، قد يجيء به الضعيف، قد يجيء به المولى، قد يجيء به الرفيع، قد يجيء به من لم يكن عنده جاه، ونحو ذلك. المقصود أن يكون الحق إذا جاء به جاءٍ أن يكون مقبولا دون نظر في حال من جاء به، يعني من حيث رفعته ووضاعته، لكن تارات تلتبس هذه المسألة بما إذا كان الذي يجيء به من أهل البدع، من أهل الأهواء ونحو ذلك، هذا له مقام آخر. هذا ملخص لهذه المسألة وهي كما ترى مسألة مهمة. التاسعة: الإقتداء بفسقة العلماء والعباد. أ |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
سيد قطب هو مصدر تكفير المجتمعات الإسلامية | الشيخ ربيع المدخلي | منبر الجرح والتعديل | 1 | 03-05-2011 01:31AM |
اختيارات الشيخ أحمد النجمي في مسائل الصيام | احمد الشهري | منبر أصول الفقه وقواعده | 1 | 19-10-2007 07:01AM |
لقاء مع الشيخ صالح آل الشيخ متعلق بفتنة التكفير (بخوص التفجيرات الأخيرة ) | ماهر بن ظافر القحطاني | السنن الصحيحة المهجورة | 0 | 23-12-2003 10:20AM |