|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
مناقشةٌ علميّةٌ حول وجوب الاستعاذة لقراءة القرآن و سرّيتها
بسم الله الرّحمن الرّحيم
مناقشةٌ علميّةٌ حول وجوب الاستعاذة لقراءة القرآن و سرّيتها الحمد لله ربّ العالمين ، و الصّلاة و السّلام على رسوله الأمين ، و على آله و صحبه الطّيّبين ، و تابعيهم بإحسانٍ من الأثريّين ؛ إلى يوم الدّين . أمّا بعد : فهذه مناقشةٌ علميّةٌ حول وجوب الاستعاذة لقراءة القرآن و سرّيتها ؛ جرت في منبر ( الفتاوى الشّرعيّة ) ؛ في ( منتديات الآجرّيّ ) ؛ على هذا الرّابط : http://www.ajurry.com/vb/showthread.php?t=1047. فأحببتُ نشرها ؛ تعميمًا للفائدة . ـــــــــــــــــــــ السّؤال : هل يصح أن يفتتح القارئ للقرآن الكريم تلاوته بالاستعاذة ثم البسملة ، سواء أكانت التلاوة من أول السورة أو أثنائها؟ ــــــــــــــــــ الجواب : بسم الله الرّحمن الرّحيم أمّا بعد : فاعلم - بارك الله فيك - أنّه يجب على من تلى القرآن أن يستعيذ بالله من الشّيطان الرّجيم من همزه و نفخه و نفثه ؛ و ذلك لقوله - سبحانه - : (( و إذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشّيطان الرّجيم )) ؛ يعني : إذا أردت أن تقرأ ؛ كما في حديث : (( إذا دخل أحدكم الخلاء فليقل . . . )) ؛ فمعناه : إذا أراد أن يدخل ؛ لا أنّه يستعيذ بالله من الخبث و الخبائث بعد الدّخول . و لكنّ الواجب معرفته أنّ الاستعاذة تكون سرّيّةً ؛ لا جهريّةً . و أنّها لا تُرتّل ؛ لأنّها ليست من القرآن . فأمّا البسملة ؛ فلا تُقرأ إلاّ في أوّل السّورة ؛ عدا براءة ؛ لأنّ القول الصّحيح أنّها ليست آيةً من كلّ سورة ، و لا هي بآيةٍ من سورة الفاتحة ؛ بل هي آيةٌ مستقلّةٌ للفصل بين السّور ؛ فلا تُقرأ إلاّ في أوّل السّورة . و ترتّل ؛ لأنّها قرآن . و لكنّها سرّيّة . و الله أعلم . ـــــــــــــــــــ السّؤال الثّاني : جزاك الله خيرا .. لكن عندي سؤال بارك الله فيك ... يعني قال شيخنا عبدالرحمن العدني حفظه الله في شرحه أصول التفسير للعلامة العثيمين رحمه الله أن الأمر في الآية صرف بحديث جبريل المشهور في نزول الوحي, حيث قال للنبي صلى الله عليه وسلم أقرأ ثم بدأ بالسورة ولم يستعذ النبي صلى الله عليه وسلم ولا طلب جبريل ذلك منه صلى الله عليه وسلم مما دل على عدم وجوبها والجمع مقدم على القول بالنسخ... وما أقول هذا مصادما لكلامك أخانا الفاضل بل مستفهما وكلنا إن شاء الله نريد نتعلم والله المستعان.. ـــــــــــــــــــــ السّؤال الثّالث : بارك الله فيكم ونفع بكم لكن ما الدليل على أن الإستعاذة تكون سرية ؟ ـــــــــــــــــــ الجواب : بسم الله الرّحمن الرّحيم الدّليلُ على وجوبِ الاستعاذةِ لقراءةِ القرآن و سرِّيَّتِها إنّ الحمد لله ؛ نحمده ، و نستعينه ، و نستغفره . و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ، و من سيّئات أعمالنا . من يهده الله فلا مضلّ له . و من يُضلل فلا هادي له . و أشهد أن لا إله إلاّ الله ؛ وحده لا شريك له . و أشهد أنّ محمّدًا عبده و رسوله . أمّا بعد : فإنّ أصدق الحديث كلام الله - سبحانه - ، و خير الهدي هدي محمّدٍ - صلّى الله عليه و على آله و سلّم - ، و شرّ الأمور محدثاتها ، و كلّ محدثةٍ بدعة ، و كلّ بدعةٍ ضلالة ، و كلّ ضلالةٍ في النّار . أمّا بعد : فأقول - مستعينًا بالله العظيم - : أوّلاً : أخرج الطّبريّ - رحمه الله - في أوّل تفسيره عند تفسير الاستعاذة ، و الواحديّ في " أسباب النّزول " حديثَ ابنِ عبّاسٍ - رضي الله عنهما - في أمر جبريلَ للنّبيّ - صلّى الله عليه و على آله و سلّم - عند بدء التّنـزيل بالاستعاذة و البسملة ، ثمّ أقرأه الآيات الخمس الأولى من سورة العلق ؛ فقال الطّبريّ : (( حدثنا أبو كُريب ؛ قال : حدّثنا عثمان بن سَعيد ؛ قال : حدّثنا بشر بن عُمَارة ؛ قال : حدّثنا أبو رَوْق ؛ عن الضّحّاك ؛ عن عبد الله بن عبّاس ؛ قال : أوّلُ ما نزل جبريلُ على محمّدٍ قال : (( يا محمد استعذ ؛ قُل : أستعيذ بالسّميع العليم من الشّيطان الرجيم )) ، ثمّ قال : قل : (( بسم الله الرحمن الرحيم )) ، ثمّ قال: (( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ )) . قال عبد الله : و هي أوّلُ سورةٍ أنزلها الله على محمّدٍ بلسان جبريل )) ا.هـ ثمّ أعاده ابنُ جريرٍ - رحمه الله - مرّتين ؛ بإسناده ، و نحو لفظه . و قال الواحديّ : (( أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم المقريّ ؛ قال : أخبرنا أبو الحسن عليّ بن محمّد الجرجانيّ ؛ قال : أخبرنا أبو بكرٍ محمّد بن عبد الرّحمن الجوهريّ ؛ قال : حدّثنا محمّد بن يحيى بن منده ؛ قال : حدّثنا أبو كُريب ؛ قال : حدثنا عثمان بن سعيد ؛ قال : حدثنا بشر بن عمار [ كذا ( ! ) ؛ و هو تصحيفٌ ؛ صوابه : عُمارة ] ، عن أبي رزق [ كذا ( ! ) ؛ و هو تصحيفٌ ؛ صوابه : رَوْق ] ؛ عن الضّحّاك ؛ عن ابن عبّاسٍ ؛ أنّه قال : أوّلُ ما نزل به جبريلُ على النّبيّ - صلّى الله عليه و سلّم - قال : يا محمّد ! استعذ ، ثمّ قُـل : (( بسم الله الرّحمن الرّحيم )) )) ا.هـ قلت : لولا أنّ في إسناده بشرَ بنَ عُمارةَ الخثعميَّ الكوفيّ ؛ و هو ضعيف ؛ ضعّفه البُخاريّ ، و أبو حاتم ، و النّسائيّ ، و الدّارقطنيّ ، و ابن حبّان ، و العقيليّ ، و السّاجيّ ، و ابنُ حجرٍ ، و غيرهم - يرحمهم الله - ؛ خلافًا لابن عديٍّ الّذي يحتمل استقامة حديثه ؛ و جرحهم أولى ؛ فمنه ما هو مفسّر . و الضّحّاك بن مُزاحمٍ الهلاليّ لم يسمع من ابن عبّاسٍ - رضي الله عنهما - ، و لم يره ، و هو كثير الإرسال ؛ خلافًا لمن أثبت ذلك ( ! ) ؛ كالمُحدّث المِصريّ أحمد بن محمّد ابن شاكر - رحمه الله - في تحقيق " المُسند " . و ممّن قال بعدم رؤية و سماع الضّحّاك من ابن عبّاسٍ - رضي الله عنهما - : مشاش ، و عبد الملك بن ميسرة ، و شعبة ، و ابن حبّان ، و البيهقيّ ، و المزّيّ ، و الألبانيّ ، و غيرهم - يرحمهم ربّهم - . و أقوى من ذلك أنّ الضّحّاك نفسه - رحمه الله - سُئل ؛ فقيل له : سمِعْتَ من ابن عبّاس ؟ قال : لا ؛ فقيل : فهذا الّذي تُحدّثُه ؛ عمّن أخذته ؟ قال : عن ذا ، و عن ذا . فما في الأسانيد من قول الضّحّاك : سمعتُ ابنَ عبّاسٍ ؛ فـ (( وهمٌ من شريكٍ )) ؛ كما قال ابن حبّان - رحمه الله - . فلذلك أعلّ ابنُ كثيرٍ - رحمه الله - الحديثَ بعد نقله عن الطّبريّ بالضّعف و الانقطاع ؛ فقال : (( و هذا الأثر غريبٌ ؛ و إنّما ذكرناه ليُعرف ؛ فإنّ في سنده ضعفًا و انقطاعًا )) ا.هـ ؛ و يعني بالانقطاع الإرسال . و كذلك ضعّفه المّحدّثُ المِصريُّ أحمد ابن شاكرٍ - رحمه الله - في تحقيقه " تفسيرَ الطّبريّ " ؛ بضعفِ بشرٍ - فقط - ( ! ) . قلتُ : فهذا الحديثُ لو صحّ لكان أخصرَ طريقٍ في الإجابة . ثانيًا : قال السّيوطيّ - عفا الله عنّا و عنه - في " الإتقان " بعد ذكره الحديث من عند الطّبريّ ؛ أنّ من ضرورة نزول السّورة نزولَ البسملة معها ؛ قاله في ترجيح أنّ البسملة هي أوّل ما نزل من القرآن ؛ قبل قوله - سبحانه - : (( اقرأ . . . )) . فهذا لو صحّ - أيضًا - لكان فاضًّا للنّزاع ؛ و لكنّه لا يُسلَّم له به ؛ بأن يُقال : أثبت شرعيّة البسملة حينئذٍ حتّى يُسلّم لك قولُك ؛ و لست بفاعلٍ . ثالثًا : القاعدةُ المذكورة من ( تقديم الجمع على القول بالنّسخ ) مشروطةٌ بأشياء ؛ منها : - أن لا يكون الجمع متكلّفًا ذا وجهٍ بعيد ؛ بل الواجب أن يكون وجهُ التّأويل محتملاً . - و أن لا يكون التّعارض بين أمرٍ و فعلٍ متقدّم ؛ و إلاّ ؛ فلقد قال ابن حزمٍ - رحمه الله - في " الإحكام " : (( الأمرُ إذا أتى بعده فعلٌ بخلافه فهو منتقلٌ إلى الإباحة ، و الأمرُ باقٍ على النّدب . . . ، و إنّما هذا فيما تيقّنّا فيه المتقدّم و المتأخّر ، و أمّا ما لم يُعلم أيّ الخبرين كان قبل ؛ فالعمل بذلك الأخذ بالزّائد . . . )) ا.هـ قلت : فكيف إذا عُلم تأخّر الأمر على الفعل ؟ فالأخذ به هو الواجب . و إذا أردت أن تعلم التّعسّف و التّكلّف في حمل الأمر بالاستعاذة على النّدب جمعًا - زعموا - مع فعل جبريل و النّبيّ - صلّى الله عليه و على آله و سلّم - في أوّل التّنـزيل من ترك الاستعاذة ؛ فذلك تراه إن علمتَ أنّ الأصل في العبادات الحظرُ حتّى يأتيَ دليلُ شرعيّتها ؛ فكان بهذا فعلُ جبريلَ و النّبيّ - صلّى عليه و على آله و سلّم - من ترك الاستعاذة و البسملة موافقًا للأصل الّذي هو التّرك ؛ لعدم دليل الشّرعيّة ؛ فكيف يُعتدّ بهذا التّرك المبني على استصحاب براءة الذّمّة لعدم الشّرعيّة - أصلاً - صارفًا للأمر الآتي بالشّرعيّة عن الوجوب إلى النّدب ؟! فهذا هو التّمحّل و التّكلّف و التّعسّف ؛ و ليس إلاّ ذلك !. و كون التّرك الأوّل موافقًا للأصل الّذي هو حظر العبادة حتّى يرد دليل الشّرعيّة يؤيّد قولَنا في نسخ الأمر لهذه الإباحة الّتي يدلّ عليها الفعل الأوّل ؛ و هذا كما قاله الشّوكانيّ - غفر الله لنا و له - في " الإرشاد " أنّ النّسخ يُعرف بأشياء ؛ منها كون الفعل موافقًا للعادة ؛ فالأمر طارئٌ ناسخ . و ليس يمكن للمخالف الخروج عن هذا الإلزام إلاّ بإثبات شرعيّة الاستعاذة عند بدء التّنـزيل . و دون ذلك خرط القتاد - كما يُقال - ؛ فثبت ما بيّنا . و في مسألةٍ قريبةٍ من هذه يقول النّوويّ - عفا اللهُ عنهّا و عنه - في " شرح مسلمٍ " في استدلال من استدلّ بحديث بدء الوحي على عدم كون البسملة آيةً في أوائل السّور - على قوله الّذي يُرجّحه - ؛ لكونها لم تُذكر هنا ؛ قال : (( و أُجيب عنه : أنّ البسملة أُنزلت في وقتٍ آخر ؛ كما نزل باقي السّورة في وقتٍ آخر )) ا.هـ فهذا يُشبه قولَنا ؛ ذلك أنّا نقول : و الاستعاذة ؛ إنّما شُرعت في وقتٍ مُتأخّرٍ . رابعًا : و أنت إذا لم تَصِرْ إلى هذا ، و لم تَقُلْ بهذه القواعد اضْطَرَبَتْ عندك مسائلُ أكثر من أن تُحصر - تقول فيها بالوجوب - ورد فيها دليل شرعيّتها و وجوبِها بعد فعلٍ متقدّمٍ خالٍ منها ؛ لجريانه على الأصل ؛ و هو التّرك لعدم دليل الشّرعيّة . و من أمثلة هذا : أمرُ النّبيّ - صلّى الله عليه و على آله و سلّم - بصيام يوم عاشوراء ؛ بعد هجرته إلى المدينة ، و رؤيتِه تعظيمَ اليهود له ؛ فسأل عن ذلك ؛ فقالوا : (( هذا يومٌ نجّى الله فيه موسى )) ؛ فقال : (( نحن أحقّ بموسى منهم )) ؛ ثمّ أمر بصيامه . فصار صيامُه واجبًا ؛ إلى أن نَسخ وجوبَه صيامُ رمضان ؛ و ظلّ بعد ذلك مستحبًّا . فلو كانت قاعدةُ الجمع المذكورة صحيحةً في ما نحن فيه ؛ لما وجب صيام عاشوراء حين وجب - قبل نسخ وجوبه - ؛ و لقيل : تركُ النّبيّ - صلّى الله عليه و على آله و سلّم - صيامَه طيلة ثلاث عشرة سنةٍ من دعوته في مكّة ؛ لعدم شرعيّته - أصلاً - - حينئذٍ - ؛ صارفٌ للأمر به عن الوجوب إلى النّدب . و لستم قائلين بهذا ؛ فبطُلت قاعدتكم ، و صحّ قولُنا - بحمد الله - . و مثالٌ ثانٍ : وجوب الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام ؛ فلقد كان ترَكَها النّبيّ - صلّى الله عليه و على آله و سلّم - ؛ ثمّ لمّا شُرعت ؛ أمر بها ؛ فوجبت . فهل تُراه يصير حكمُها إلى النّدب دون الوجوب ؛ بالتّرك الأوّل المتقدّم على تشريعها ؟!. و مثالٌ آخر : وجوب التّأذين للصّلاة ؛ فلقد كان يجتمع النّاس لها دونه ؛ ثمّ أجمع رسولُ الله - صلّى الله عليه و على آله و سلّم - أن يضرب بالنّاقوس و هو له كارهٌ ؛ لموافقة النّصارى ؛ فرأى من أصحابه - رضي الله عنهم - من رأى في منامه كلماتِ الأذان ؛ فقال النّبيّ - صلّى الله عليه و على آله و سلّم - أنّها (( رؤيا حقّ )) ؛ ثمّ أمر بلالاً مولى أبي بكرٍ - رضي الله عنهما - ؛ فأذّن . فهل ترى استحباب الأذان دون وجوبه بالتّرك الأوّل المتقدّم على تشريعه ؟!. و غير هذا من أمثلة هذا كثيرٌ وفير . خامسًا : فهذا يبيّن لنا أنّ الواجب المصير إليه في مسألتنا هو الدّليل المتأخّر الآمر بالاستعاذة عند قراءة القرآن ؛ لأنّه أمرٌ ، يحمل زيادةً ، و ما قبله من عمل جبريلَ و النّبيّ - صلّى الله عليه و على آله و سلّم - في تركهما الاستعاذة و البسملة عند أوّل التّنـزيل جارٍ على الأصل و العادة ، و إنّما كان فيه التّرك لعدم دليل الشّرعيّة - أصلاً - . سادسًا : و معنى الأمر بالاستعاذة - في الآية - (( إذا قرأتم القرآن )) ؛ أي : إذا أردتم القراءة ؛ كما في قوله - تعالى - : (( و إذا قمتم إلى الصّلاة فاغسلوا وجوهكم . . . )) الآية ؛ فهذا أمرٌ بالوضوء قبل الصّلاة ؛ لا بعدها ؛ كما ظنّه طائفةٌ من أهل العلم في الأمر بالاستعاذة إذا قرأنا . و مثله - في هذا - حديث : (( إذا توضّأ أحدكم فليستنثر )) . سابعًا : و القول بوجوب الاستعاذة - خلافًا للجمهور القائلين بالاستحباب مخطئين - هو قول : عطاء بن أبي رباح - رحمه الله - ؛ و من نسب إليه القول بالاستحباب - كابن قُدامةَ - فقد غلط . فلقد أخرج عبد الرّزّاق ، و ابنُ المنذر ، و غيرُهما ؛ عن عطاء قولَه : (( الاستعاذة واجبةٌ لكلّ قراءةٍ في الصّلاة و غيرها . . . ؛ من أجل قوله : (( فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشّيطان الرّجيم )) )) ا.هـ و الوجوب هو قول سفيانَ بنِ سعيدٍ الثّوريّ - رحمه الله - - أيضًا - ، و هو إحدى روايتين عن داود بن عليٍّ الأصبهانيّ الظّاهريّ - عفا الله عنّا و عنه - ؛ كما سيأتي عزو العبدريّ الشّافعيّ صاحب كتاب " الكفاية " ذلك إليهما . و به يقول ابنُ حزمٍ - عفا الله عنّا و عنه - في " المحلّى " ؛ حيث قال : (( و فرضٌ على كلّ مُصلٍّ أن يقول إذا قرأ : (( أعوذ بالله من الشّيطان الرّجيم )) ؛ لا بُدّ له من ذلك ؛ لقول الله - تعالى - : (( فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشّيطان الرّجيم )) . . . )) ا.هـ و هو قولُ شيخِنا الإمام الحافظ الفقيه الألبانيّ - رحمه الله - في " صفة الصّلاة - الكبير " ؛ حيث قال : (( . . . وجوب التّعوّذ قبل القراءة في الصّلاة ؛ و يؤيّده عموم قوله - تعالى - : (( فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله )) . و قد ذهب إلى ذلك ابنُ حزمٍ في " المحلّى : 3 / 247 " . قال النّوويّ ( 3 / 326 ) : (( و نقل العبدريُّ عن عطاء و الثّوريّ أنّهما أوجباه ؛ قال : و عن داود روايتان ، و ذهب الجمهور إلى الاستحباب ؛ و استدلّوا بحديث المسيء صلاته . و الله أعلم )) )) ا.هـ و قال - رحمه الله - في " تلخيص صفة الصّلاة " : (( ثُمّ يستعيذُ بالله - تعالى - وجوبًا ؛ و يأثم بتركه )) ا.هـ و قال أخونا الشّيخ محمّد بن عمر بازمول - وفّقه الله - في ( الشّريط السّادس ) من " شرح صفة الصّلاة " لشيخنا - رحمه الله - : (( من الواجب على المسلم إذا ما أراد قراءة القرآن أن يبدأ بالاستعاذة ؛ امتثالاً لما جاء في القرآن الكريم من أمره - سبحانه - بأن يبدأ ؛ (( و إذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشّيطان الرّجيم )) )) ا.هـ هذا ؛ و لقد زعم الطّبريّ - رحمه الله - و غيرُه الإجماعَ ( ! ) على استحباب الاستعاذة دون الوجوب ؛ و هذا منقوضٌ بما نقلناه لك من قول عطاء و سفيانَ و داودَ في إحدى الرّوايتين عنه - رحمهم الله - و غيرهم بالوجوب . و عبارة الطّبريّ - رحمه الله - في ذلك في تفسير آية الأمر بالاستعاذة لقراءة القرآن ؛ من ( سورة النّحل ) هكذا : (( و ليس قوله (( فاستعذ بالله من الشّيطان الرّجيم )) بالأمر اللاّزم ؛ و إنّما هو إعلامٌ و ندبٌ ؛ و ذلك أنّه لا خلافَ بين الجميع أنّ من قرأ القُرآنَ و لم يستعذ بالله من الشّيطان الرّجيم قبل قراءته أو بعدها ؛ أنّه لم يُضيّع فرضًا واجبًا . . . )) ا.هـ و أنا إنّما نقلتُ عبارتَه لنُكتةٍ لطيفةٍ ؛ عِمادُها أن يُعلمَ أنّ ادّعاءه - رحمه الله - الإجماعَ ( ! ) هذا مبنيٌّ على عدم علمِه بالمخالف ؛ فإنّه قال : (( لا خلاف بين الجميع . . . )) ؛ و ليس مبنيًّا على مذهبه في الإجماع الّذي لا يعتبر قول الواحد و الاثنين خارمًا للإجماع ( ! ) ؛ بمعنى أنّه يكون مطّلعًا على هؤلاء المخالفين ؛ و لكن لا يرفع بخلافهم رأسًا ( ! ) . حيث يقول ابنُ كثيرٍ - رحمه الله - في " تفسيره : 2 / 190 " : (( من قاعدة ابن جريرٍ أنّه لا يعتبر قولَ الواحدِ و لا الاثنين مخالفًا لقول الجمهور ؛ فيعُدّه إجماعًا ؛ فليُعلَمْ هذا )) ا.هـ و نحنُ و إن كنّا نخالفه في قاعدته ( ! ) الغالطة هذه ؛ لانبنائها على التّحكّم ، و عدم الدّليل . فأمّا عدم الدّليل ؛ فظاهرٌ ؛ إذ الإجماع هو قول الجميع ؛ لا الأكثر فحسب . و أمّا التّحكّم ؛ ففي استثنائه قول الواحد و الاثنين ؛ فلله درّه ( ! ) ؛ ما بال الثّلاثة ؟. فالأربعة ؟. فبان تحكّمه - غفر الله له - . المهمّ - هنا - أنّ ادّعاءه الإجماع لم تكن عبارتُه فيه مُطلقةً حتّى يُتوهّم وقوفُه على المخالفين دون اعتدادٍ بخلافهم ( ! ) ؛ بل عبارتُه دالّةٌ على عدم معرفة مخالفٍ - أصلاً - ؛ فالله يغفر له و يرحمه . فبان بهذا غلطه في مذهبه في الإجماع ، و في قوله به - هنا - ، و غلط مقلّديه فيه ؛ كابن كثيرٍ - رحمه الله - في تفسير الآية ؛ حيث قال : (( و هذا أمرُ ندبٍ ؛ ليس بواجب ؛ حكى الإجماع على ذلك أبو جعفر ابنُ جريرٍ و غيرُه من الأئمّة )) ا.هـ و هذا و مثلُه من ادّعاء إجماعاتٍ غيرِ ثابتةٍ ؛ يُقوّي لديكَ قولَ مَنْ قَالَ مِنْ مُحقِّقِيْ العُلماء و الأئمّة ؛ أنّ الإجماع لا يثبتُ إلاّ أن يكون على معلومٍ من الدّين بالضّرورة ، و أنّه لا يكون مضطّردًا إلاّ أن يكون في عصر الصّحابة - رضي الله عنهم - . ثامنًا : و اعلم أنّ من القائلين بالوجوب من يحتجّ له بمداومة النّبيّ - صلّى الله عليه و على آله و سلّم - على الاستعاذة كما في حديث جُبير بن مُطعمٍ - رضي الله عنه - ، و غيره ، و في " صحيح البخاريّ " من حديث مالكٍ ابن الحُويرث - رضي الله عنه - مرفوعًا : (( صلّوا كما رأيتموني أصلّي )) ؛ و الأمر للوجوب . و يستدلّون - أيضًا - بكون الأمر في الآية (( بالدّعاء أن يُعيذنا الله من كيد الشّيطان ؛ فهذا أمرٌ مُتيقَّنٌ أنّه فرضٌ ؛ لأنّ اجتنابَ الشّيطان و الفرارَ منه و طلبَ النّجاة منه لا يختلف اثنان في أنّه فرض )) . قاله ابن حزمٍ - عفا الله عنّا و عنه - . تاسعًا : و لا بُدّ قبل الانتهاء من جواب هذه المسألة من شرح حجّة الجمهور على الاستحباب ؛ و من ثمّ نقضها . ذلك أنّه سبق النّقلُ عن النّوويّ - عفا الله عنّا و عنه - في كلام شيخنا - رحمه الله - في " صفة الصّلاة - الكبير " . و أنا معيده - هنا - ؛ لأنّي وجدت في النّسخة الّتي رجعتُ إليها اختلافًا في اللّفظ يسيرًا لا يُغيّر المعنى . ذلك أنّه قال - غفر الله لنا و له - : (( و أمّا حُكمه فمستحبٌّ ؛ ليس بواجب ؛ هذا مذهبُنا و مذهب الجمهور ، و نقل العبدريُّ عن عطاء ، و الثّوريّ أنّهما أوجباه . قال : و عن داود روايتان ؛إحداهما : وجوبه قبل القراءة ؛ و دليله ظاهر الآية ، و دليلُنا حديث ( المسيء صلاته ) . والله أعلم )) ا.هـ فأقول : إنّ طريقة من يستدلّ على عدم وجوب الشّيء غير المذكور في حديث المسيء صلاته بزعم حصره واجبات الصّلاة كلّها يشرحها ابن دقيق العيد - عفا الله عنّا و عنه - في " إحكام الأحكام " ؛ قائلاً : (( أمّا عدم وجوب غيره ؛ فليس ذلك بمجرّد كون الأصل عدم الوجوب ؛ بل الأمرُ زائدٌ على ذلك ؛ و هو أنّ الموضع موضع تعليمٍ و بيانٍ للجاهل ، و تعريفٍ لواجبات الصّلاة ؛ و ذلك يقتضي انحصار الواجبات فيما ذُكِر ، و يُقوِّي مرتبة الحصر أنّه - صلّى الله عليه و على آله و سلّم - ذكر ما تعلّقت به الإساءة من هذا المُصلِّي و ما لم تتعلّق به إساءتُه من واجبات الصّلاة ؛ و هذا يدُلُّ على أنّه لم يقتصر على ما وقعت فيه الإساءة فقط )) ا.هـ لولا أنّ هذه طريقةٌ ضعيفةٌ في الاستدلال ؛ فلذلك كرّ عليها ابن دقيق العيد نفسه ؛ فقال : (( و عندنا أنّه إذا استُدِلّ على عدم وجوب شيءٍ بعدم ذكره في الحديث ، و جاءت صيغةُ الأمرِ به في حديثٍ آخر ؛ فالمُقدّم صيغة الأمر به ؛ و إن كان يُمكن أن يُقال : الحديث دليلٌ على عدم الوجوب ، و يُحمل صيغة الأمر على النّدب . لكن عندنا أنّ ذلك أقوى ؛ لأنّ عدم الوجوب مُتوقّفٌ على مقدّمةٍ أُخرى ؛ و هو أنّ عدم الذّكر في الرّواية يدلُّ على عدم الذّكر في نفس الأمر ؛ و هذه غير المقدّمة الّتي قرّرناها ؛ لأنّ المراد ثمّةَ أنّ عدمَ الذّكرِ في نفس الأمرِ من الرّسول - صلّى الله عليه و على آله و سلّم - يدلُّ على عدم الوجوب ؛ فإنّه موضعُ بيان ؛ و عدم الذّكر في نفس الأمر غيرُ عدم الذّكر في الرّواية . و عدم الذّكر في الرّواية إنّما يدلُّ على عدم الذّكرِ في نفس الأمرِ بطريق أن يُقال : لو كان ؛ لذُكر ، أو : بأنّ الأصل عدمه . و هذه المُقدّمةُ أضعفُ من دلالة الأمرِ على الوجوب . و أيضًا ؛ فالحديث الّذي فيه الأمرُ إثباتٌ لزيادةٍ ؛ فيُعْمَل بها . و هذا البحثُ كُلّه بناءًا على إعمال صيغة الأمرِ في الوجوب الّذي هو ظاهرٌ فيها ، و المُخالف يُخرجها عن حقيقتها بدليل عدم الذّكر ؛ فيحتاج النّاظرُ المُحقِّقُ إلى الموازنةِ بين الظّنّ المُستفاد من عدمِ الذّكرِ في الرّواية ، و بين الظّنّ المُستفاد من كون الصّيغة للوجوب ؛ و الثّاني عندنا أرجح )) ا.هـ و قال ابن القيّم - رحمه الله و رحم شيخه - في " تهذيب السّنن " : (( و أمّا كون النّبيّ - صلّى الله عليه و على آله و سلّم - لم يُعلّمه المسيءَ في صلاته ؛ فما أكثرَ ما يُحتجّ بهذه الحُجّة على عدمِ واجباتٍ في الصّلاةِ ؛ و لا تدلُّ ؛ لأنّ المُسيء صلاته لم يُسيء في كلِّ جُزءٍ من الصّلاة ، . . . ، و أيضًا ؛ فلو قُدِّرُ أنّه أساء فيه ؛ لكان غاية ما يدلُّ عليه تركُ التّعليم استصحاب براءة الذّمّة ؛ فكيف يُقدّمُ على الأدلّة النّاقلة لحُكم الاستصحاب ؟! )) ا.هـ قلت : و هذا هو عين ما نحن فيه ؛ إذ ترك التّعوّذ في أوّل التّنزيل مُنَزَّلٌ على (( استصحاب براءة الذّمّة ؛ فكيف يُقدّمُ على الأدلّة النّاقلة لحُكم الاستصحاب ؟! )) . و لُنَعُدْ إلى ما كنّا فيه من نقض حُجّة من يستدلّ على عدم وجوب ما لم يُذكر في حديث المسيء صلاته ؛ فنقول : لقد فصّل ابن القيّم - رحمه الله - الجواب على حُجّة القوم في " جلاء الأفهام " ؛ فقال : (( جوابه من وجوهٍ : أحدها : أنّ حديث المُسيء هذا قد جعله المُتأخّرون مُستندًا لهم في نفي كلِّ ما ينفون وجوبه ، و حمّلوه فوقَ طاقته ، و بالغوا في نفي ما اختُلفَ في وجوبه ؛ فمن نفى وجوب الفاتحة احتجّ به ، و من نفى وجوب التّسليم احتجّ به ، و من نفى وجوب الصّلاة على النّبيّ - صلّى الله عليه و على آله و سلّم - احتجّ به ، و من نفى وجوب أذكار الرّكوع و السّجود و ركني الاعتدال احتجّ به ، و من نفى وجوبَ تكبيرات الانتقالات احتجّ به . كُلُّ هذا تساهلٌ و استرسالٌ في الاستدلال ؛ و إلاّ ؛ فعند التّحقيق لا يُنفى وجوب شيءٍ من ذلك ؛ بل غايته أن يكونُ قد سُكتَ عن وجوبه و نفيه( ) ؛ فإيجابه بالأدلّة المُوجبةِ له [ لا ] يكون مُعارضًا به . فإن قيل : سكوته عن الأمرِ بغير ما أمره به يدلُّ على أنّه ليس بواجب ؛ لأنّه مقام بيان ؛ و تأخير البيان عن وقت الحاجة غير جائز . قيل : هذا لا يمكن أحدٌ أن يستدلّ به على هذا الوجه ؛ فإنّه يلزمه أن يقول : لا يجبُ التّشهّدُ ، و لا الجُلوسُ له ، و لا قراءة الفاتحة ، و لا كلُّ شيءٍ لم يذكره في الحديث( ) ، و طردُ هذا أنّه لا يجبُ عليه استقبال القبلة ، و لا الصّلاة في الوقت ؛ لأنّه لم يأمرهُ بهما( ) ؛ و هذا لا يقوله أحد . فإن قُلتم : إنّما علّمه ما أساء فيه ، و هو لمْ يُسئ في ذلك ؛ قيل لكم : فاقنعوا بهذا الجواب من منازعيكم في كلّ ما نفيتم وجوبه بحديث المسيء هذا . الثّاني : ما أمرَ به النّبيّ - صلّى الله عليه و على آله و سلّم - من أجزاء الصّلاةِ دليلٌ ظاهرٌ في الوجوب ، و تركُ أمرِه للمسيء يحتملُ أمورًا : منها : أنّه لم يُسئ فيه . و منها : أنّه وجب بعد ذلك( ) . و منها : أنّه علّمه معظم الأركان و أهمّها ، و أحال بقيّة تعليمه على مُشاهدته - صلّى الله عليه و على آله و سلّم - في صلاته ، أو على تعليم بعض الصّحابة له ؛ فإنّه - صلّى الله عليه و على آله و سلّم - كان يأمرهم بتعليم بعضهم بعضًا ؛ فكان من المُستقرّ عندهم أنّه دلّهم في تعليم الجاهل و إرشاد الضّالّ . و أيّ محذورٍ في أن يكون النّبيّ - صلّى الله عليه و على آله و سلّم - علّمه البعض و علّمه أصحابه البعض الآخر ؟. و إذا احتُمِلَ هذا ؛ لم يكن هذا المُشتبِهَ المُجمَلَ مُعارضًا لأدلّة وجوب الصّلاة على النّبيّ - صلّى الله عليه و على آله و سلّم - و لا غيرها من واجبات الصّلاة ؛ فضلاً عن أن يُقدّمَ عليها . فالواجبُ تقديمُ الصّريحِ المُحكمِ على المُشتبِهِ المُجمل ، و الله أعلم )) ا.هـ و قال الشَّوكانيُّ - عفا اللهُ عنّا و عنه - في " شرح المُنتقى " : (( و إذا جاءت صيغةُ أمرٍ قاضيةٌ بوجوب زائدٍ على ما في هذا الحديث . . . ؛ و إن كانت متأخّرةً عنه ؛ فهو غيرُ صالحٍ لصرفِها ؛ لأنّ الواجباتِ الشّرعيّةَ ما زالت تتجدّدُ وقتًا فوقتًا( ) ؛ و إلاّ لزمَ قصرُ الواجباتِ الشّرعيّة على الخمس المذكورة في حديث ضمام بن ثعلبة ؛ لأنّ النّبيّ - صلّى الله عليه و على آله و سلّم - اقتصرَ عليها في مقامِ التّعليمِ و السّؤالِ عن جميعِ الواجبات . و اللاّزمُ باطل ؛ فالملزومُ مثله )) ا.هـ عاشرًا : و أمّا الدّليل على سرّيّة الاستعاذة ؛ فحديث أنسٍ - رضي الله عنه - ؛ أنّ النّبيّ - صلّى الله عليه و على آله و سلّم - ، و أبا بكرٍ ، و عمر كانوا يفتتحون بـ (( الحمد لله ربّ العالمين )) )) . و ليس معنى هذا عدمُ الاستعاذة و البسملة - كما قد يُفهم - ؛ إذ الاستعاذة ثابتةٌ من حديثِ جُبيرٍ ، و أبي سعيدٍ ، و غيرهما - رضي الله عنهما - ، و البسملة ثابتةٌ من حديث ابن عبّاسٍ - رضي الله عنهما - ، و غيره . و لكنّ المعنى : أنّ أوّل ما كانوا يجهرون به هو القراءة ؛ دون الاستفتاح ، و الاستعاذة ، و البسملة . و قد ورد في بعض روايات حديث أنسٍ - رضي الله عنه - ما هو صريحٌ في الإسرار بالبسملة ، و نفي الجهر ؛ فهذا هو المعنى . و وجهٌ آخر أن يُقال أنّ الجهر بالاستعاذة لم يرد عن رسول الله - صلّى الله عليه و على آله و سلّم - ، و لا عن أصحابه الكرام - رضي الله عنهم - ؛ فيكون الجهرُ بدعةً ؛ إذ الأصل في العبادات الحظرُ ؛ حتّى يردَ دليلُ المشروعيّة ؛ و ليس بواردٍ - هنا - ؛ فالحظر هو الحكم . و من البعيد - جدًّا - أن يكون النّبيّ - صلّى الله عليه و على آله و سلّم - ، أو أحدُ أصحابه - رضي الله عنهم - جَهَرَ بالاستعاذة ؛ و لم يُنقل إلينا ذلك ؛ مع كثرة ما كانوا عليه من الصّلاة و القراءة . فثبت المُراد . و يُروى الإسرارُ عن عمر ، و ابن مسعودٍ - رضي الله عنهما - ، و إبراهيم النّخعيّ - رحمه الله - . هذا ؛ و نقل ابن قُدامةَ - رحمه الله - في " المغني " الإجماعَ على سرّيّة الاستعاذة ؛ فقال : (( لا أعلم فيه خلافًا )) . لولا أنّه يُنتقدُ عليه ما قاله الشّافعيّ - رحمه الله - في " الإملاء " أنّه يرى الجهر ، و يُجيزُ الإسرار ، و في " الأمّ " يُخيّر بينهما . و الله - تعالى - أعلم . و أسأله - سبحانه - أن يغفر لي ، و لوالديّ ، و لذرّيّتي ، و مشايخي ، و المؤمنين و المؤمنات . و الحمد لله ربّ العالمين . و كتب : ــــــــــــــــ أفقر عبد الله إليه أبو عبد الرّحمن الأثريّ معــاذ بن يوســف الشّــمّريّ - غفر الله له و لوالديه - ؛ في : الأردنّ - إربد - حرسها الله - ؛ في : 26 - ربيع الثّاني - 1428 هـ . ــــــــــــــ السّؤال الرّابع : و من البعيد - جدًّا - أن يكون النّبيّ - صلّى الله عليه و على آله و سلّم - ، أو أحدُ أصحابه - رضي الله عنهم - جَهَرَ بالاستعاذة ؛ و لم يُنقل إلينا ذلك ؛ مع كثرة ما كانوا عليه من الصّلاة و القراءة . فثبت المُراد . هل يستفاد من قولكم ان الحكم يشمل القراءة خارج الصلاة اي عند قراءة القران؟ وجزاكم الله خيرا ــــــــــــــ الجواب : نعم ! هذا الحكم عامٌّ في الصّلاة و غيرها ؛ لعموم الدّليل . و الله أعلم . ـــــــــــــــــــ انتهت المناقشة . و الحمد لله ربّ العالمين
__________________
أبو عبد الرّحمن الأثريّ
- كان الله له - |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
أصول في التفسير ((الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين)) رحمه الله | ابو رقية عاصم السلفي | منبر القرآن العظيم وعلومه | 5 | 20-08-2007 08:29PM |
أصول في التفسير (للشيخ/محمد بن صالح العثيمين رحمه الله) | طارق بن حسن | منبر القرآن العظيم وعلومه | 1 | 13-12-2006 12:12AM |
أحاديث ضعيفة في فضائل القرآن (تحقيق العلامة المحدث الفقيه ناصر الألباني ) | ماهر بن ظافر القحطاني | الأحاديث الضعيفة والموضوعة | 1 | 12-01-2005 10:51PM |
حجية خبر الآحاد في العقائد والأحكام (الحلقة الثانية) | الشيخ ربيع المدخلي | السنن الصحيحة المهجورة | 0 | 12-05-2004 06:34PM |