|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | التقييم: | انواع عرض الموضوع |
#11
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [98] : عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال : " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " . موضوع الحديث : أهمية فاتحة الكتاب في الصلاة وبطلان صلاة من لم يقرأ بها . المفردات : لا صلاة : لا نافية للجنس ، والنفي هنا يتوجه على الصلاة الشرعية المعتد بها التي يترتب على فعلها حصول الثواب وانتفاء العقاب ، والمعنى لا صلاة صحيحة ، ومن موصولة في محل جر باللام والباء زائدة للتأكيد ، والله أعلم . المعنى الإجمالي : فاتحة الكتاب سورة عظيمة تتضمن الثناء على الله بما هو أهله من الكمالات ، ثم إفراده بالعبادة لأنه لا يستحق العبادة شرعاً وعقلاً إلا صاحب هذه الكمالات ، التي نقص فيها بوجه من الوجوه ، ثم إقرار العبد بالعجز والقصور عن الاستقلال بمصالح نفسه وذلك بطلبه العون من الله بارئه وخالقه والمتصرف فيه ثم سؤاله الهداية إلى الطريق المستقيم طريق المنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وأن يجنبه الطرق المنحرفة المعوجة ، وهذه الصفة بارزة في العقيدة النصرانية والوثنية الضالة ، أو ناشئاً عن العناد والمكابرة مع معرفة الحق ، وهذا الصفة بارزة في اليهود ، ومن هدي إلى الطريق المستقيم فقد أصاب الخير كله لأنها هي الطريق الجامعة لخيري الدنيا والآخرة ولما كانت كذلك أمر الشارع بقراءتها في كل صلاة ، ونَزل الصلاة التي لا يقرأ فيها بفاتحة الكتابة منـزلة العدم فقال : " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " . والله أعلم . فقه الحديث : في الحديث دليل لما ذهب إليه الجمهور من فرضية قراءة فاتحة الكتاب على كل مصل سواء كان إماماً أو مأموماً أو منفرداً ، إلا أن الحنابلة والمالكية خصوا الفرضية بالسرية في حق المأموم ، وما لم يسمع فيها قراءة الإمام من الجهرية . وذهبت الحنفية فيما نقل عنهم إلى عدم الوجوب ، مستدلين بقوله سبحانه وتعالى : _ فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ _ (المزمل: من الآية20) . لكن رد ذلك الحافظ في "الفتح" ورجح أنهم يقولون بالوجوب ، ولكن لا يقولون بالشرطية ، وتبعه على ذلك الشوكاني ، أما الذين قالوا بعدم وجوبها على المأموم في الجهرية المسموعة كالحنابلة والمالكية أو في الجميع كالحنفية ، فاستدلوا بحديث : "من صلى خلف إمام فقراءة الإمام له قراءة". إلا أنه حديث ضعيف ضعفه الحافظ في الفتح وحكى تضعيفه عن الحفاظ وقال في التلخيص . فائدة : حديث " من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة " مشهور من حديث جابر وله طرق عن جماعة من الصحابة كلها معلولة . قلت : وعلى هذا فإنه لا ينتهض للاستدلال به ، واستدلوا أيضاً بقوله سبحانه : _ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا _ (الأعراف:204) . ولا حجة لهم في الآية ؛ لأن الأمر بالإنصات عام مخصوص بالأحاديث الدالة على وجوب قراءة فاتحة الكتاب من غير فرق بين إمام ومأموم ، كهذا الحديث ، وعلى وجوبها على المأموم نصاً كحديث ابن حبان في صحيحه ، أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة ، حدثنا محمد بن يحيى الذهلي ، حدثنا وهب بن جرير ، حدثنا شعبة ، عن العلا بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ : " لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب " . قلت : وإن كنت خلف الإمام ؟ ، قال : فأخذ بيدي وقال : " اقرأ بها في نفسك " قال الزيلعي في نصب الراية : ورواه ابن خزيمة في صحيحة كما تراه . قاله النووي في "الخلاصة" . قلت : أخرجه ابن خزيمة برقم (490) كما تراه هنا سنداً ومتناً وزاد في آخره : " يا فارسي " ، وأخرجه برقم (489) من طريق يعقوب الدروقي حدثنا ابن علية ، عن ابن جريج ، أخبرني العلاء بن عبد الرحمن ، أن أبا السائب أخبره سمع أبا هريرة يقول : قال رسول الله ﷺ : " من صلى صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج غير تمام " . فقلت : يا أبا هريرة إني أكون أحياناً وراء الإمام ، قال : فغمز ذراعي وقال : يا فارسي اقرأ بها في نفسك . وأخرجه مسلم من طريق إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، أخبرنا سفيان بن عيينة عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ولفظه قريب من لفظ الحديث الماضي وزاد في آخره : فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول : قال الله تعالى : " قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل ..." الحديث ، وهذه الأحاديث كلها صحاح ، رجالها كلهم أئمة مخرج لهم في الصحيحين وغيرهما ، ولذلك فهي حجة على من خالفها . ومن أدلة وجوب قراءة فاتحة الكتاب على المأموم في الجهرية والسرية على السواء حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : صلى رسول ﷺ الصبح فثقلت عليه القراءة ، فلما انصرف قال : "إني أراكم تقرؤون وراء إمامكم" ، قلنا : يا رسول الله ، إي والله ، قال : " لا تفعلوا إلا بأم القرآن ، فإنه لا صلاة لمن لا يقرأ بها " ، وفي لفظ : " فلا تقرؤوا بشيء من القرآن إذا جهرت به إلا بأم القرآن " . أخرجه أبو داود والنسائي والدارقطني وقال : رجاله كلهم ثقات . ورواه البخاري في جزء القراءة ، وصححه وأخرجه ابن حبان ، والحاكم ، والبيهقي من طريق ابن إسحاق قال : حدثني مكحول ، عن محمود بن الربيع ، عن عبادة وتابعه زيد بن واقد عن مكحول . وبهذا يتبين أنه لا حجة فيه لمن قال بعدم الوجوب على المأموم وعلى فرض أن قوله : " فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله. ﷺ " محفوظاً عن الصحابي ، فإنه يحمل على الانتهاء عما عدا فاتحة الكتاب فلا يخالف المحفوظ . والله أعلم . ثانياً : اختلف القائلون بوجوبها ، هل تجب في كل ركعة من الصلاة أو في أكثرها أو في ركعة واحدة منها ؟ ، فذهب الشافعية والحنابلة إلى الأول وهي رواية عن مالك وذهب أبو حنيفة وزيد بن علي والناصر إلى قراءتها في الأوليين فقط مع الاختلاف السابق عن أبي حنيفة في تعيين الفاتحة ، وذهب الحسن البصري وهو رواية عن مالك وبه قال داود الظاهري وإسحاق إلى وجوبها في ركعة واحدة ، والمذهب الأول أرجح لقوله ﷺ من حديث المسيء : " ثم افعل ذلك في صلاتك كلها " وفي رواية لأحمد وابن حبان والبيهقي : " ثم افعل ذلك في كل ركعة " بعد أن أمره بالقراءة ولحديث أبي سعيد : أمرنا رسول الله ﷺ أن نقرأ بفاتحة الكتاب في كل ركعة ، عزاه الحافظ في التلخيص إلى ابن الجوزي في التحقيق ، قال : فقال روى أصحابنا من حديث عبادة وأبي سعيد قالا فذكره ، قال : وما عرفت هذا الحديث . اهـ. قال : وفي سنن ابن ماجة معناه ، وهو ضعيف الإسناد . قلت : يستأنس به وإن كان ضعيفاً مع الرواية السابقة " وافعل ذلك في صلاتك كلها " ، ومع حديث أبي قتادة الذي سيأتي بعد هذا أن النبي ﷺ كان يقرأ في الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين ، وفي الأخريين بفاتحة الكتاب ، فإذا ضممنا هذا إلى قوله ﷺ " صلوا كما رأيتموني أصلي " تكونت منها حجة على وجوب قراءة فاتحة الكتاب في كل ركعة . والله أعلم . ثالثاً : اختلفوا في المسبوق إذا لحق الإمام راكعاًَ هل يعتد بالركعة ويعفى عنه من القراءة أم لا ؟ . فذهب الجمهور إلى أنه يعتد بها مستدلين بحديث أبي بكرة عند الشيخين أنه دخل المسجد والنبي ﷺ راكع فركع قبل أن يصل إلى الصف ، فقال النبي ﷺ : " زادك الله حرصاً ولا تعد ". وهو صحيح غير صريح في الاعتداد إذْ لم يذكر أنه أنه اعتد بتلك الركعة ، واستدلوا أيضاً بما رواه الدارقطني من حديث أبي هريرة مرفوعاً من أدرك الركوع من الركعة الأخيرة من صلاته يوم الجمعة فليضف إليها أخرى ، وفي سنده ياسين بن معاذ وهو متروك ، وأخرجه الدارقطني بلفظ آخر من طريق فيها سليمان بن داود الحراني وهو متروك أيضاً ، ومن طريق آخر فيها صالح بن أبي الأخضر وهو ضعيف ، ذكر ذلك الشوكاني في نيل الأوطار ، وقال ورد حديث من أدرك ركعة من صلاة الجمعة بألفاظ لا تخلو طرقها من مقال حتى قال ابن أبي حاتم في العلل عن أبيه لا أصل لهذا الحديث ، إنما المتن من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدركها ، وكذا قال الدارقطني والعقيلي ، وأخرجه ابن خزيمة عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدركها قبل أن يقيم الإمام صلبه ﷺ . اهـ. قلت : أخرجه البيهقي بهذا اللفظ ، وقال بعد إخراجه : قال أبو حمد : هذه الزيادة قبل أن يقيم الإمام صلبه يقولها يحيى بن حميد عن قرة وهو مصري ، قال أبو أحمد : سمعت ابن حماد يقول : قال البخاري : يحيى بن حميد عن قرة عن ابن شهاب سمع من ابن وهب مصري لا يتابع في حديثه(_) . واحتجوا أيضاً بما رواه أبو داود والبيهقي عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ : " إذا جئتم ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوا شيئاً ومن أدرك الركوع فقد أدرك الركعة " ، وفي سنده يحيى بن أبي سليمان المدني وهو منكر الحديث قاله البخاري(_) . فقد ترى أن هذه الأحاديث ليس فيها دليل لمن قال بالاعتداد ، أما حديث أبي بكرة فلاحتماله ، ومع الاحتمال يسقط الاستدلال كما يقولون ، وأما سائر الأحاديث فلعدم انتهاض شيء منها للاحتجاج والأصل وجوب قراءة الفاتحة والقيام بقدر قراءتها ، ولا يسقطان إلا بدليل صحيح ، وإلى ذلك ذهب البخاري في جزء القراءة وإليه ذهب الشوكاني وحكاه عن ابن خزيمة وابن السبكي من محدثي الشافعية ، وحكاه البخاري في جزئه عن كل من يرى وجوب قراءة فاتحة الكتاب في كل ركعة من الصحابة . تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحيى النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [2] [ المجلد الثاني ] http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam2.pdf |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
شرح احاديث عمدة الاحكام لفضيلة الشيخ العلامه احمد بن يحيى النجمي -رحمه الله- | ام عادل السلفية | الأحاديث الصحيحة فقهها وشرحها | 75 | 28-07-2015 09:53PM |
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي | ام عادل السلفية | مكتبة معرفة السنن والآثار العلمية | 1 | 14-02-2015 01:42AM |
بشرى ...حمل التعليقات على عمدة الأحكام للسعدي.pdf | أبو عبد الودود سعيد الجزائري | مكتبة معرفة السنن والآثار العلمية | 1 | 22-05-2011 12:55PM |
«عقيدة أهل السنة والاثر في المهدي المنتظر» للشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله | طارق بن حسن | منبر التوحيد وبيان ما يضاده من الشرك | 3 | 16-09-2010 06:54AM |
ردع الشيخ المحدث مقبل الوادعي لجناية علي رضا على كتب العلل واستخفافه ببعض المتقدمين | ماهر بن ظافر القحطاني | منبر الجرح والتعديل | 0 | 05-05-2005 01:07AM |