#1
|
|||
|
|||
عبادة تحري ليلة القدر وقيامها
الحمد لله على نعمه الباطنة والظاهرة، شرع لعباده ما يصلحهم ويسعدهم في الدنيا والآخرة، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه نجوم الهدى الزاهرة، ومن اتبع هديه وتمسك بسنته الطاهرة.
أما بعد: أولا: قال الله تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ)[1] ثانيا: وعن ابي هريرة " رضي الله عنه " أيضاً قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"[2]. ثالثا: وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتحرى ليلة القدر ويأمر أصحابه بتحريها، وكان يوقظ أهله في ليالي العشر رجاء أن يدركوا ليلة القدر . وفي المسند عن عبادة مرفوعا : (من قامها ابتغاءها ثم وقعت له غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر) . رابعا: وعن عائشة قالت: يا رسول الله إن وافقت ليلة القدر ما أقول؟ قال: (قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني) [3]. خامسا: وورد عن بعض السلف من الصحابة والتابعين والاغتسال والتطيب في ليالي العشر تحرياً لليلة القدر التي شرفها الله ورفع قدرها. فيا من أضاع عمره في لا شيء، استدرك ما فاتك في ليلة القدر، فإنها تحسب من العمر، العمل فيها خير من العمل في ألف شهر سواها، من حُرِم خيرها فقد حُرم. وهي في العشر الأواخر من رمضان، وهي في الوتر من لياليه الآخرة، وأرجى الليالي سبع وعشرين، لما روى مسلم عن أبي بن كعب رضي الله عنه: (والله إني لأعلم أي ليلة هي، هي الليلة التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها، وهي ليلة سبع وعشرين). وكان أُبي يحلف على ذلك ويقول: (بالآية والعلامة التي أخبرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن الشمس تطلع صبيحتها لا شعاع لها). وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه، والحمد لله رب العالمين. فتاوى وأقول العلماء في ليلة القدر أولا: شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-: 1- وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: عن ليلة القدر، وهو مُعْتَقل بالقلعة – قلعة الجبل – سنة ست وسبعمائة ؟ فأجاب: الحمد لله ليلة القدر في العَشْر الأواخر من شهر رمضان هكذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "هِي في العَشْر الأَوَاخِر مِن رَمَضَان"، وتكون في الوِتْر منها لكن الوتر يكون باعتبار الماضي، فَتُطْلَب ليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين، وليلة خمس وعشرين، وليلة سبع وعشرين، وليلة تسع وعشرين ويكون باعتبار ما بقي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : "لِتَاسِعَةٍ تَبْقَى، لِسَابِعَةٍ تَبْقَى لِخَامِسَةٍ تَبْقَى، لِثَالِثةٍ تَبْقَى"، فعلى هذا إذا كان الشهر ثلاثين يكون ذلك ليال الاشفاع . وتكون الاثنين وعشرين تاسعة تبقى، وليلة أربع وعشرين سابعة تبقى . وهكذا فسَّره أبو سعيد الخدري في الحديث الصَّحيح وهكذا اقام النبي صلى الله عليه وسلم في الشهر وإن كان الشهر تسعاً وعشرين، كان التَّاريخ بالباقي . كالتاريخ الماضي . وإذا كان الأمر هكذا فينبغي أن يتحرَّاها المؤمن في العَشْر الأواخر جميعه . كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : "تَحَرًُّوها في العَشْر الأَوَاخِر" . وتكون في السَّبْع الأَوَاخِر أكثر . وأكثر ما تكون ليلة سَبْع وعشرين كما كان أبي بن كعب يَحْلف: أنَّها سَبْع وعشرين . فقيل له : بأي شيء علمت ذلك ؟ فقال بالآية التي أخبرنا رسول الله ؛ أخْبَرَنا أَنَّ الشَّمْس تَطْلُع صُبْحة صَبْيحَتها كالطِّشت، لا شُعَاع لها ؛ فهذه العلامة التي رَوَاها أبي بن كعب عن النَّبي صلى الله عليه وسلم من أشهر العلامات في الحديث، وقد رُوي في علاماتها : "أنَّها ليلة بلجة منيرة" وهي سَاكِنة لا قَوية الحر، ولا قوية البَرد وقد يكشفها الله لبعض الناس في المنَام، أو اليقظة . فيرى أنوارها، أو يَرَى من يَقول له هذه ليلة القدر، وقد يفتح على قلبه من المُشَاهدة ما يتبين به الأمر . والله تعالى أعلم . 2- وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: عن "ليلة القدر"، و "ليلة الإسراء" بالنَّبي صلى الله عليه وسلم أَيُّهما أفضل ؟ فأجاب: بأنَّ ليلة الإسراء أفضل في حَقِّ النبي -صلى الله عليه وسلم- وليلة القدر أفضل بالنسبة إلى الأمة، فحظ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- الذي اختص به ليلة المعراج منها أكمل من حَظِّه من ليلة القَدْر؛ وحظّ الأُمَّة من لَيْلة القَدْر أَكمل من حَظِّهم من ليلة المِعراج . وإن كان لهم فيها أعظم حظ . لكن الفَضْل والشَّرف والرُّتبة العليا إنما حَصَلت فيها، لمن أسري به صلى الله عليه وسلم. 3- وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: عن عشر ذي الحجة، والعشر الأواخر من رمضان، أيُّهما أفضل ؟ فأجاب: أَيَّام عَشْر ذِي الحجة أَفْضَل من أَيَّام العشر من رمضان، والَّليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من لَيالي عشر ذي الحجة . وأما ليالي عشر رمضان فهي ليالي الإحياء، التي كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم يُحْيِيها كُلّها-، وفيها ليلة خير من ألف شهر . فمن أجاب بغير هذا التَّفْصِيل، لم يُمْكنه أن يُدْلي بحجة صحيحة. (من كتاب فتاوى رمضان) 1- سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: كيف يكون إحياء ليلة القدر؛ أفي الصلاة أم بقراءة القرآن والسيرة النبوية والوعظ والإرشاد والاحتفال لذلك في المسجد ؟ فأجابت: أولاً: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يجتهد في العشر الأواخر من رمضان ما لا يجتهد في غيرها بالصلاة والقراءة والدعاء، فروى البخاري ومسلم عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "كَانَ إِذَا دَخَل العَشْر الأَوَاخِر أَحْيَا الَّليل وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ وَشَدَّ المِئْزَر" . ولأحمد ومسلم : "كان يَجْتَهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها" . ثانياً: حثَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- على قيام ليلة القدر إيماناً واحتساباً، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْر إِيماناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّم مِن ذَنْبَه"، رواه الجماعة إلا ابن ماجه، وهذا الحديث يدل على مشروعية إحيائها بالقيام. ثالثاً: من أفضل الأدعية التي تقال في ليلة القدر ما علمه النبي صلى الله عليه وسلم عائشة -رضي الله عنها-، فروى التِّرمذي وصَحَّحَهُ عن عائشة -رضي الله عنها- قالت، قُلت: يَا رَسُول الله، أرأيت إن علمت أي لَيْلة ليلة القَدْر ما أقول فيها ؟ قال : "قولي : اللَّهُمَّ إنَّكَ عَفُوُّ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي" . رابعاً: أما تخصيص ليلة من رمضان بأنها ليلة القدر فهذا يحتاج إلى دليل يعينها دون غيرها، ولكن أوتار العشر الأواخر أَحْرَى من غيرها والليلة السَّابعة والعشرون هي أ حرى الليالي بليلة القدر ؛ لما جاء في ذلك من الأحاديث الدَّالة على ما ذكرنا . خامساً: وأما البدع فغير جائزة لا في رمضان ولا في غيره، فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : "مَنْ أَحْدَثَ فِي أمْرِنَا هّذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُو رَدُّ" ؛ وفي رواية : "مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْه أَمْرُنَا فَهُو رَدُّ"، فما يفعل في بعض ليالي رمضان من الاحتفالات لا نعلم له أصْلاً، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها . وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم عضو الرئيس عبدالله بن قعود رحمه الله عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله. (من كتاب فتاوى رمضان)
__________________
قال سهل بن عبدالله التستري:
عليكم بالأثر والسنة ،فإني أخاف أنه سيأتي عن قليل زمان إذا ذكر إنسان النبي صلى الله عليه وسلم والاقتداء به في جميع أحواله ذموه ونفروا عنه وتبرؤوا منه ،وأذلوه وأهانوه. |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
|
|