#1
|
|||
|
|||
لماذا العقيدة أولاً ؟؟
بسم الله الرحمن الرحيم لماذا العقيدة أولاً؟ من سلسلة العقيدة أولاً للشيخ صالح بن عبد الواحد طه ( أبو إسلام ) إن الحمد لله , نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له . وأشهد أن لا آله إلا الله وحدة لا شريك له . أما بعد :عباد الله ! العقيدة أولا لو كانوا يعلمون في الجمعة الماضية بدأنا الحديث عن العقيدة, وفرض سؤال نفسه علينا, وهو : لماذا العقيدة أولاً....؟ وكان جوابنا عليه أن قلنا : لأنها هي أساس الدين, والأساس إن كان قوياً فالبناء يكون قوياً ثابتاً إلى يوم القيامة, وإن كان ضعيفاً هشاً فهو سرعان ما يزول, وقلنا: العقيدة أولاً; لأن الأقوال والأعمال التي يتقرب بها العبد إلى ربه- جلَّ وعلا- لا تقبل إلا بالعقيدة الصحيحة. قال- تعالى- عن أصحاب العقيدة الصحيحة : { أُوْلَـٰٓٮِٕكَ ٱلَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنۡہُمۡ أَحۡسَنَ مَا عَمِلُواْ وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّـَٔاتِہِمۡ فِىٓ أَصۡحَـٰبِ ٱلۡجَنَّةِۖ وَعۡدَ ٱلصِّدۡقِ ٱلَّذِى كَانُواْ يُوعَدُونَ (١٦) } [ الأحقاف(16)]. وقال تعالى : عن أصحاب العقيدة الفاسدة: { وَقَدِمۡنَآ إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنۡ عَمَلٍ۬ فَجَعَلۡنَـٰهُ هَبَآءً۬ مَّنثُورًا (٢٣) } [الفرقان:23]. وقلنا- أيضاً- : العقيدة أولاً; لأنها ضرورية للإنسان ضرورة الماء والهواء, فكما أنه لا يمكنه أن يعيش بدون الماء والهواء; فكذلك لا يمكنه أن يعيش بدون العقيدة الصحيحة! ولو عاش بعقيدة فاسدة فهو معذب ضائع تائه, ينتقل من كاهن إلى كاهن, ومن عراف إلى عراف, ومن مشعوذ إلى مشعوذ!!.... يتحطم في الدنيا , يتمنى الموت والفناء!! إخوة الإسلام ! وفي هذا اليوم نُكمل الإجابة عن هذا السؤال ( لماذا العقيدة أولاً ؟) , فنقول : لأنها هي التي تربي الرجال, والرجال الذين تربوا على العقيدة الصحيحة هم الذين يثبتون عند الامتحان والابتلاء, والإنسان في هذه الدنيا خُلِقَ للامتحان والابتلاء , إياك أن تظن – يا عبد الله- أنك خلقت في هذه الدنيا لتلعب وتلهو!!إنما خلقت للامتحان والابتلاء; قال تعالى : { إِنَّا خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ مِن نُّطۡفَةٍ أَمۡشَاجٍ۬ نَّبۡتَلِيهِ فَجَعَلۡنَـٰهُ سَمِيعَۢا بَصِيرًا (٢) } [ الإنسان(2)] . ولابتلاءُ سنّة من سنن الله في عباده , ولا يكون بالضرَّاء فحسب, بل يكون بالسراءَّ والضراءَّ , وبالشر والخير, وبالحسنات والسيئات , وبالفقر والغنى , وبالمرض والصحة, فأنت في هذه الدنيا تتقلب دائماً في ابتلاء بعد ابتلاء, وامتحان بعد امتحان . قال تعالى : { كُلُّ نَفۡسٍ۬ ذَآٮِٕقَةُ ٱلۡمَوۡتِۗ وَنَبۡلُوكُم بِٱلشَّرِّ وَٱلۡخَيۡرِ فِتۡنَةً۬ۖ وَإِلَيۡنَا تُرۡجَعُونَ (٣٥)} [ الأنبياء(35)] . قال ابن كثير-رحمه الله- في تفسير هذه الآية : ( أي : نختبركم بالمصائب تارة وبالنعم تارة أخرى ; لننظر من يكفر ومن يشكر, ومن يصبر ومن يقنط). قال تعالى : { وَقَطَّعۡنَـٰهُمۡ فِى ٱلۡأَرۡضِ أُمَمً۬اۖ مِّنۡهُمُ ٱلصَّـٰلِحُونَ وَمِنۡہُمۡ دُونَ ذَٲلِكَۖ وَبَلَوۡنَـٰهُم بِٱلۡحَسَنَـٰتِ وَٱلسَّيِّـَٔاتِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ (١٦٨)} [ الأعراف(168)] . والحسنات: هي كل ما تحبه النفس من حظ الدنيا الفانية , والسيئات: هي كل ما تكرهُهُ النفس من حظوظ الدنيا ; قال تعالى : { فَأَمَّا ٱلۡإِنسَـٰنُ إِذَا مَا ٱبۡتَلَٮٰهُ رَبُّهُ ۥ فَأَكۡرَمَهُ ۥ وَنَعَّمَهُ ۥ فَيَقُولُ رَبِّىٓ أَكۡرَمَنِ (١٥) وَأَمَّآ إِذَا مَا ٱبۡتَلَٮٰهُ فَقَدَرَ عَلَيۡهِ رِزۡقَهُ ۥ فَيَقُولُ رَبِّىٓ أَهَـٰنَنِ (١٦)كَلَّاۖ } [ الفجر( 15-16) ] . يقول الله – عز وجل- : { كَلَّاۖ } : إنما هو الابتلاء بالسراء والضراء, بالحسنات والسيئات , بالصحة والمرض. والابتلاء – يا عباد الله – لا بد منه , ولا ينجو من الابتلاء أحدا ! إنه سنّةُ الله في خلقه ليميز الخبيث من الطيب , ليعلم الصادق من الكاذب. قال تعالى : { أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتۡرَكُوٓاْ أَن يَقُولُوٓاْ ءَامَنَّا وَهُمۡ لَا يُفۡتَنُونَ (٢) وَلَقَدۡ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۖ فَلَيَعۡلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱلۡكَـٰذِبِينَ (٣)} [ العنكبوت (2-3) ] . عباد الله ! من الذي ينجح في لامتحان ؟إنه صاحب العقيدة الصحيحة فقط, ولا ينجح أحد إلا هو. قال -عليه الصلاة والسلام - : "عجبا لأمر المؤمن إن أمره له كله خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له " رواه مسلم . صاحب العقيدة الصحيحة إذا أصابته سرّاء شَكَرَ, فبعقيدته الصحيحة يعلم أنها من الله , كما اخبر – سبحانه- بقوله :{ وَمَا بِكُم مِّن نِّعۡمَةٍ۬ فَمِنَ ٱللَّهِۖ} [ النحل (53)] . فشكَرَ لأن الله –عز وجل- قال : { وَإِذۡ تَأَذَّنَ رَبُّكُمۡ لَٮِٕن شَڪَرۡتُمۡ لَأَزِيدَنَّكُمۡۖ وَلَٮِٕن ڪَفَرۡتُمۡ إِنَّ عَذَابِى لَشَدِيدٌ۬ (٧)} [ إبراهيم (7)], وإذا أصابته ضَراءُ صبر لأنه يعلم قوله تعالى : { وَإِن يَمۡسَسۡكَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ۬ فَلَا ڪَاشِفَ لَهُ ۥۤ إِلَّا هُوَۖ وَإِن يَمۡسَسۡكَ بِخَيۡرٍ۬ فَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَىۡءٍ۬ قَدِيرٌ۬ (١٧) } [ الأنعام (17)]. أمة الإسلام ! وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف لهذا الضر إلا هو – سبحانه في علاه-, إذن إذا نزلت بك نعمة فاشكر, لتنجح في الامتحان , وإذا نزلت بك مصيبة فاصبر, لتنجح في الامتحان. ولذلك -يا عباد الله - : رسولنا الكريم يربي أصحابه وأمته على العقيدة الصحيحة , لماذا ؟ لأنه بالعقيدة يثبت الإنسان عند الابتلاء, فيفوز بالرضوان , وينتصر على الأعداء , يقول خبَّاب بن الأرَتّ- رضي الله عنه- : قال شكونا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة في ظل الكعبة, فقلنا : ألا تستنصر لنا ؟! ألا تدعو الله؟! فقال:" قد كان فيمن قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض, فيجعل فيها , ثم يؤتى بالمنشار, فيوضع على رأسه, فيجعل نصفين, ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظامه, ما يصده ذلك عن دينه !والله ليتمن الله هذا الأمر, حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون!َ . رواه البخاري الجبال تتزحزح والعقيدة في قلبه ثابتة لا تتزحزح . : مربياً خبَّابَ بن الأرَتِّ وأصحابه والأمَةَ :" ما يصده ذلك يقول عن دينه, ولكنكم تستعجلون " . يا أمة الإسلام : ولكنكم تستعجلون! يا شباب الإسلام ! ولكنكم تستعجلون ! كفانا عاطفة! كفانا تهوُّراً! لستم أكرم من خبَّاب على رسول الله ! فلم يقل له – صلى الله عليه وسلم- : سأصنع لك حزباً, أو سأصنع لك جماعة, وسأنتقم من الكفار الذين يعذبونك!! لا... ربَّاه على العقيدة وربّى الأمة على العقيدة, وبين لهم أن النصر من عند الله , ولا يكون أبداً إلا بالعقيدة الصحيحة . " ولكنكم تستعجلون "! فبالاستعجال أكلوا الثمار وهي غير ناضجة, وبالاستعجال امتلأت السجون بشباب المسلمين! إن دلّ هذا على شيء فإنما يدل على جهل في التفكير , وعلى عاطفة غير مقيدة بالكتاب والسنّة ! هذا بلالٌ الذي تربَّى على العقيدة الصحيحة , يُلقى على وجهه في الصحراء في جو مكة الذي تعرفون, ناراً ملتهبة , ويوضع على ظهره, ويسحب عليه, وتوضع الصخور الثقيلة على صدره, ويُطلبُ منه أن يتزحزحَ وأن يرتد عن دين محمدٍ فيقول: أَحَدٌ أَحَدٌ , وهذا عمار بن ياسر وأبوه وأمه يعذبون في الله عذاباً شديداً, ومع ذلك يمر المصطفى- صلى الله عليه وسلم- الرحيم بأمته ويراهم وهم يعذبون, فيقول: " صبراً آل ياسر , إن موعدكم الجنة", لمَ قال لهم ذلك؟! لأنه يعلم – صلى الله عليه وسلم- إن الابتلاء يصنع الرجال, والرجال لا يثبتون إلا بالعقيدة الصحيحة . إخوة الإسلام ! تعالوا بنا نشهد مشهداً واحداً لأبطال الإسلام الرعيل الأول الذين تربوا على العقيدة الصحيحة لنعلم جميعاً – يا أمة الإسلام- أنها العقيدة أولا لو كانوا يعلمون . في يوم الأحزاب , ما أدراك ما يوم الأحزاب! يوم شديد! يوم عصيب! زاغت فيه الأبصار , وبلغت فيه القلوب الحناجر! وزلزلوا زلزالاً شديداً حتى قال الرسول والذين آمنوا معه : متى نصر الله؟! يقول الله -عز وجل- في وصف هذا اليوم : { يَـٰٓأَيُّہَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ إِذۡ جَآءَتۡكُمۡ جُنُودٌ۬ فَأَرۡسَلۡنَا عَلَيۡہِمۡ رِيحً۬ا وَجُنُودً۬ا لَّمۡ تَرَوۡهَاۚ وَڪَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرًا (٩) إِذۡ جَآءُوكُم مِّن فَوۡقِكُمۡ وَمِنۡ أَسۡفَلَ مِنكُمۡ وَإِذۡ زَاغَتِ ٱلۡأَبۡصَـٰرُ وَبَلَغَتِ ٱلۡقُلُوبُ ٱلۡحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَا۟ (١٠) هُنَالِكَ ٱبۡتُلِىَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَزُلۡزِلُواْ زِلۡزَالاً۬ شَدِيدً۬ا (١١) } [ الأحزاب (9-11)] . فتعالوا بنا – يا عباد الله – وانظروا إلى أصحاب العقيدة الفاسدة ماذا قالوا, وكيف كانوا في هذا الامتحان؟! يقول ربنا في وصفهم : { وَلَمَّا رَءَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلۡأَحۡزَابَ قَالُواْ هَـٰذَا مَا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ ۥ وَصَدَقَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ ۥۚ وَمَا زَادَهُمۡ إِلَّآ إِيمَـٰنً۬ا وَتَسۡلِيمً۬ا (٢٢)} [ الأحزاب (22) ] , قالوا : هذا ما وعدنا الله ورسوله, لِمَ؟ لأنهم يعتقدون أنهم ملاقوا الله, لأنهم يعتقدون أن النصر من عند الله, لأنهم يعتقدون أن الغلبة ليست بالكثرة, وإنما الغلبة بإذن الله . قال تعالى: { مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ رِجَالٌ۬ صَدَقُواْ مَا عَـٰهَدُواْ ٱللَّهَ عَلَيۡهِۖ فَمِنۡهُم مَّن قَضَىٰ نَحۡبَهُ ۥ وَمِنۡہُم مَّن يَنتَظِرُۖ وَمَا بَدَّلُواْ تَبۡدِيلاً۬ (٢٣)} [ الأحزاب(23)]. انظروا – يا عباد الله- إلى الفريق الآخر إلى أصحاب العقيدة الفاسدة في يوم الأحزاب سقطوا من اللحظة الأولى كما قال – تعالى - : { أَلَا فِي الفِتنَةِ سَقَطُوا } ماذا قال هؤلاء ؟ يقول رب العزة في وصف هؤلاء: { وَإِذۡ يَقُولُ ٱلۡمُنَـٰفِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِى قُلُوبِہِم مَّرَضٌ۬ مَّا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ ۥۤ إِلَّا غُرُورً۬ا (١٢) وَإِذۡ قَالَت طَّآٮِٕفَةٌ۬ مِّنۡہُمۡ يَـٰٓأَهۡلَ يَثۡرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمۡ فَٱرۡجِعُواْۚ وَيَسۡتَـٔۡذِنُ فَرِيقٌ۬ مِّنۡہُمُ ٱلنَّبِىَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوۡرَةٌ۬ وَمَا هِىَ بِعَوۡرَةٍۖ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارً۬ا (١٣)} [ الأحزاب ( 12-13)]. عقيدة فاسدة , جعلتهم يسقطون في الامتحان من أول وهلة, وفي هؤلاء يقول ربنا – جل وعلا- : { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ فَإِذَآ أُوذِىَ فِى ٱللَّهِ جَعَلَ فِتۡنَةَ ٱلنَّاسِ كَعَذَابِ ٱللَّهِ وَلَٮِٕن جَآءَ نَصۡرٌ۬ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا ڪُنَّا مَعَكُمۡۚ أَوَلَيۡسَ ٱللَّهُ بِأَعۡلَمَ بِمَا فِى صُدُورِ ٱلۡعَـٰلَمِينَ (١٠)} [ العنكبوت (10) ]. مرضى القلوب , يَّدعون الإيمان وما هم بمؤمنين! يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم! { يُخَـٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَمَا يَخۡدَعُونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمۡ وَمَا يَشۡعُرُونَ (٩)} [ البقرة (9)]. قال تعالى- في أمثال هؤلاء - : { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَعۡبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرۡفٍ۬ۖ فَإِنۡ أَصَابَهُ ۥ خَيۡرٌ ٱطۡمَأَنَّ بِهِۦۖ وَإِنۡ أَصَابَتۡهُ فِتۡنَةٌ ٱنقَلَبَ عَلَىٰ وَجۡهِهِۦ خَسِرَ ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأَخِرَةَۚ ذَٲلِكَ هُوَ ٱلۡخُسۡرَانُ ٱلۡمُبِينُ (١١)} [ الحج(11)] . عباد الله ! انظروا إلى نتيجة المعركة يوم الأحزاب! لمن كان النصر؟ لأصحاب العقيدة الصحيحة , قال تعالى: { وَرَدَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِغَيۡظِهِمۡ لَمۡ يَنَالُواْ خَيۡرً۬اۚ وَكَفَى ٱللَّهُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱلۡقِتَالَۚ وَكَانَ ٱللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزً۬ا (٢٥)} [ الأحزاب (25)] . هل انتصروا بقوة السلاح ؟! هل انتصروا بقوة العضلات؟! هل انتصروا بالكثرة؟! إنما العقيدة الصحيحة التي اجتمعوا وتربوا عليها. عباد الله ! المؤمن في هذه الدنيا مُعَرضٌ دائماً لنزول المصائب على رأسه في كل لحظة , وليس ذلك بغضاً من الله له, ولا كراهية من الله له! إنما هي محبة الله لعبده المؤمن, قال – صلى الله عليه وسلم- : " إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة " [ السلسلة الصحيحة ( 1220)] . ويقول – صلى الله عليه وسلم- : " إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط" [ "صحيح ابن ماجه " (403)] . ويقول – صلى الله عليه وسلم- : " ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة" [ "صحيح الترمذي"(1957)]. الذين لا يصبرون على البلاء ! الذين يركضون إلى المشعوذين! أنسيتم حتى المرأة التي كانت تُصرع, فجاءت إلى النبي – صلى الله عليه وسلم- تقول : يا رسول الله إني أصرعُ وإني أتكشَّفُ, فادعُ الله – تعالى- لي, قال :" إن شئت صبرت ولك الجنة, وإن شئت دعوت الله تعالى أن يعافيك ", فقالت : أصبر, ولكني أتكشف, فأدع الله أن لا أتكشف, فدعا لها ؟! [ متفق عليه]. امة الإسلام! الذي يصرع يقول : إني مسحور! الفتاة التي لا يأتيها زوج تقول : إني مسحورة! والشاب الذي لا يجد عملاً يقول: أني مسحور! والتاجر الذي يأتي آخر النهار ولا يبيع يقول : إني مسحور! عقيدة فاسدة!! أين الصبر والأخذ بالأسباب ؟!!! لا يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة حتى يلقى الله وما عليه خطيئة . والمؤمن صاحب العقيدة الصحيحة هو الذي إذا نزل به البلاء حمد الله واسترجع, أي : قال إنا لله وإنا إليه راجعون , العقيدة الصحيحة تجعلك إذا نزل بك البلاء في نفسك من مرض أو في مالك, تقول: إنا لله وإنا إليه راجعون . هي العقيدة, ( إنا لله): أي تعترف أنك لله عبد, ( وإنا إليه راجعون) أي : تعتقد أنك راجع إلى الله . { وَلِلَّهِ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَٲتِ وَمَا فِى ٱلۡأَرۡضِ لِيَجۡزِىَ ٱلَّذِينَ أَسَـٰٓـُٔواْ بِمَا عَمِلُواْ وَيَجۡزِىَ ٱلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ بِٱلۡحُسۡنَى (٣١)} [ النجم (31)]. قال تعالى: { وَلَنَبۡلُوَنَّكُم بِشَىۡءٍ۬ مِّنَ ٱلۡخَوۡفِ وَٱلۡجُوعِ وَنَقۡصٍ۬ مِّنَ ٱلۡأَمۡوَٲلِ وَٱلۡأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَٲتِۗ وَبَشِّرِ ٱلصَّـٰبِرِينَ (١٥٥) ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَـٰبَتۡهُم مُّصِيبَةٌ۬ قَالُوٓاْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيۡهِ رَٲجِعُونَ (١٥٦) أُوْلَـٰٓٮِٕكَ عَلَيۡہِمۡ صَلَوَٲتٌ۬ مِّن رَّبِّهِمۡ وَرَحۡمَةٌ۬ۖ وَأُوْلَـٰٓٮِٕكَ هُمُ ٱلۡمُهۡتَدُونَ (١٥٧) } [ البقرة (155-157)]. وبشر الصابرين أصحاب العقيدة الصحيحة الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا : إنا لله وإنا إليه راجعون. وبالمثال يتضح البيان ليتبين لكم أن العقيدة تُثَبّت عند الصدمة الأولى , فالصدمات كثيرة ولكن هذه مصيبة ٌ عظيمةٌ ما أصابنا الله بمثلها أتدرون ما هي؟! هي موت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- , مصيبة كبيرة أصابت المسلمين , ولكن انظروا إلى العقيدة, ماذا تفعل بأصحابها إذا نزلت بهم المصائب ؟! فإنّ أصحاب المصطفى – صلى الله عليه وسلم- كانوا رجالاً يحبون الرسول- صلى الله عليه وسلم – حباً عظيماً أكثر من أنفسهم وأموالهم والناس أجمعين , فلما مات الرسول – صلى الله عليه وسلم- وانتشر الخبر تأثّروا , فهذا صحابي جليل يقول : لا, ما مات رسول الله! وآخر يقول: مات( صلى الله عليه وسلم) ! وهذا ثالثٌ وقع على الأرض ! موقف شديد ما تعرضت الأمة لمثله, انظروا إلى العقيدة, من الذي يستطيع أن يتكلم في هذا الموقف؟ والله نحن لا نقدرُ, ولكن انظروا إلى الرجال الذين تربوا على العقيدة , كيف يأخذون بزمام الأمور؟ وكيف يتلقون الصدمة ؟ بـ ( إنّا لله وإنا إليه راجعون) .فهذا أبو بكر يقف خطيباً في الناس فيقول : من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات, ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت. إنها العقيدة حتى في الشدة, ثم تلا عليهم قوله تعالى -وكأنهم أول مرة يسمعونه-: { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ۬ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِ ٱلرُّسُلُۚ أَفَإِيْن مَّاتَ أَوۡ قُتِلَ ٱنقَلَبۡتُمۡ عَلَىٰٓ أَعۡقَـٰبِكُمۡۚ وَمَن يَنقَلِبۡ عَلَىٰ عَقِبَيۡهِ فَلَن يَضُرَّ ٱللَّهَ شَيۡـًٔ۬اۗ وَسَيَجۡزِى ٱللَّهُ ٱلشَّـٰڪِرِينَ (١٤٤)} [ آل عمران (1449] . كانوا يُقِرّون أنه ميت وأنهم ميتون, ولكنها الصدمة وعند الصدمة يثبت أصحاب العقيدة . موقف آخر لفاطمة – رضي الله عنها- لما مات رسول الله – صلى الله عليه وسلم- فقالت : " يا أبتاه أجاب ربا دعاه يا أبتاه جنة الفردوس مأواه يا أبتاه إلى جبريل ننعاه . فلما دفن قالت فاطمة: أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب ؟" [ رواه البخاري] . إنها العقيدة أولاً لو كانوا يعلمون. اللهم يا ذا الجلال والإكرام رد المسلمين إلى عقيدتهم الصحيحة رداً جميلاً. |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
|
|