|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | التقييم: | انواع عرض الموضوع |
#106
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله- [164] الحديث العاشر: عن أبى موسى -عبدالله بن قيس-الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ برئ من الصالقة والحالقة والشاقة . موضوع الحديث: النهي عن هذه الأمور والبراءة من فاعليها المفردات الصالقة:بالصاد ويقال بالسين من الصلق وهو رفع الصوت رفعاً يكون فيه إزعاج هذا هو ما يظهر لي لأن الصلق هو الإحراق بالنار أو بماء حار ولهذا قال تعالى (فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ …) [الأحزاب : 19 ] بمعنى أنهم تكلموا فيكم كلاماً موجعاً لاذعاً والحالقة: هي التي تحلق رأسها عند المصيبة والشاقة :هي التي تشق ثوبها عند المصيبة أيضًا . وقد كانت هذه الأمور مفعولة في الجاهلية ولما جاء الإسلام نهى عنها وحذر منها . قوله برئ :من البراءة والتبري هوأن يقصد به التبري إلى الله عز وجل من فعل من برئ منه كما قال عن نبي الله إبراهيم أنه قال لقومه ( إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ …) [الممتحنة : 4 ] والقصد من التبري عدم الموافقة وإظهار الغضب من المتبرئ منه المعنى الإجمالي تبرأ النبي ﷺ ممن تسخط المصيبة .مصيبة الموت وعمل فيها شيئاً من هذه الأمور التي هي الصلق بالصوت وحلق الشعر وشق الثوب . فقه الحديث يؤخذ من هذا الحديث تحريم هذه الأمور التي هي الصلق والحلق والشق تسخطاً للمصيبة التي وقعت بقدر الله عز وجل والمطلوب من المؤمن الرضا بالقدر فإن لم يكن رضا فليكن صبراً والرضا مرتبة أعلى من الصبر لأن الصبر سكوت مع لوعة وحرق من المصيبة . أما الرضا فهو بخلاف ذلك بحيث يرى أنه لو خير بين الثواب وبين إرجاع ما فقد منه لاختار الثواب على ذلك فهو أي الرضا درجة عالية والصبر على الابتلاء فيه أجر عظيم فكيف بالرضا وقد جاء في الحديث قوله ﷺ ( إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط) . علماً بأن التسخط لا يرد من المصيبة شيئاً . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
#107
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله- [165] الحديث الحادي عشر: عن عائشة رضي الله عنها قالت لما اشتكى النبي ﷺ ذكر بعض نسائه كنيسة رأينها بأرض الحبشة يقال لها ماريه وكانت أم سلمة وأم حبيبة رضي الله عنهما أتتا أرض الحبشة فذكرتا من حسنها وتصاوير فيها فرفع رأسه ﷺ وقال (( أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً ثم صوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله )). موضوع الحديث: تحريم البناء على القبور والإخبار بأن الذين يفعلون ذلك هم شرار الخلق عند الله تعالى المفردات الكنيسة:هي معبد النصارى جمعها كنائس رأينها:فيه التعبير بالجمع عن المثنى وهذا موجود في اللغة. بأرض الحبشة :أي بلادهم يقال لها ماريه أي تسمى بهذا الاسم وكانت أم سلمة وأم حبيبة أتتا أرض الحبشة أما أم سلمة فقد تقدمت ترجمتها في الجزء الأول وأما أم حبيبة فهي بنت أبي سفيان بن حرب هاجرت مع زوجها عبيدالله بن جحش إلى الحبشة فتنصر زوجها ومات نصرانياً ثم أرسل النبي ﷺ عمرو بن أمية الضمري بكتاب إلى جعفر بن أبى طالب وإلى النجاشي يخطبها ووكل جعفر في قبول النكاح عنه وعقد بها ابن عمها سعيد بن العاص ثم نقلت إليه بعد أن امهرها عنه النجاشي قولها أتتا أرض الحبشة :هي في هجرتهن مع أزواجهن فذكرتا من حسنها:أي جمال ظاهرها وكثرة التصاوير فيها فرفع رأسه : أي النبي ﷺ وقال أولئك أي بالخطاب للمؤنث إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً ثم صوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله المعنى الإجمالي لم يشغل النبي ﷺ ما هو فيه من المرض عن النصح والتوجيه ورد الباطل وذم أهله بما يستحقونه من الذم والإخبار بما لهم عند الله تعالى من سوء العاقبة وشر المنقلب فقد سمع زوجتيه أم سلمة بنت أبي أمية المخزومية وأم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس الأموية العبشمية حين ذكرتا كنيسة رأينها بأرض الحبشة وأطرتا في ذكر حسنها وتصاوير فيها فرفع رأسه مخبراً ًبأن ذلك الحسن المظهري يصحبه القبح المخبري وذلك أن أولئك القوم كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً ولكون ذلك بدعة ومن ذرائع الشرك بالله فقد ذم النبي ﷺ ذلك العمل وذم أصحابه لكونهم يصورون فيه تلك الصور ليعبدوها وينسون خالقهم ورازقهم الذي أحياهم وسيميتهم ويبعثهم ويجازيهم بأعمالهم لذلك فهم شرار الخلق عند الله تعالى جزاءً لهم على سوء صنيعهم وقبح عملهم .وبالله التوفيق. فقه الحديث أولاً:يؤخذ من الحديث تحريم البناء على القبور وقد ورد في ذلك نهي عن النبي ﷺ حيث نهى عن البناء على القبر والكتابة عليه وأن يزاد فيه على ترابه وأن يرفع أكثر من شبر وأن يجصص فعن جابر رضي الله عنه قال( نهى ﷺ أن تجصص القبور وأن يكتب عليها وأن يبنى عليها وأن توطأ ) وفي لفظ للنسائي( نهى أن يبنى على القبر أو يزاد عليه أو يجصص زاد سليمان بن موسى أو يكتب عليه ) ووردت أحاديث بلعن من يتخذ عليها المساجد والسرج فروى الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال( لعن رسول الله ﷺ زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج ) . وهذه الأمور تعد من البدع العظيمة المفضية إلى الشرك بالله لأنهم إذا بنوا على القبر اتخذوه مزاراً وزاروه وطلبوا من صاحبه الحوائج من جلب المنافع ودفع المضار. ثانياً :يؤخذ من الحديث تحريم بناء المساجد على القبور والمراد بالمساجد المعابد ولهذا عبر الشارع ﷺ عن ذلك بقوله (أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً ثم صوروا فيه تلك الصور أولئك شرا ر الخلق عند الله) وكما في الحديث الآتي لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد . ثالثاً: يؤخذ منه أن هذا العمل من أفظع الأعمال وأقبحها وأن الذين يعملون أو يسكتون عمن يفعله سكوت الراضي لا يصلحون أن يسموا دعاة ولا يجوز أن يتخذوا أئمة بل من فعل ذلك فهو من شرار الخلق وإن زعم أنه يتبنى دعوةً إلى الله فأي دعوة لا تنبني على التوحيد فهي دعوة باطلة وصاحبها صاحب ضلال ومن هنا تعلم أن المنهج الإخواني والمنهج التبليغي منهجين خاطئين يشتملان على ضلال فحسن البناء حاضر في مشهد السيدة زينب وكان يرى من يتطوفون بالقبور ولم يعرف أنه نهى عن ذلك في موقف من مواقفه ولا خطبة من خطبه بل وقع الشرك منه حين قال هذا الحبيب مع الأحباب قد حضرا وسامح الكل فيما قد مضى وجرى أي أن رسول الله ﷺ حضر معهم حفل المولد وسامحهم وغفر ذنوبهم وهذا شرك أكبر. أما جماعة التبليغ فمسجدهم الذي انطلقت منه دعوتهم فيه خمسة قبور ومؤسس ذلك المنهج محمد إلياس كان قبورياً وكان يجاور عند القبور يلتمس بركتها والله الشاهد أني لا أريد الوقوع في عرض أحد ولا الكلام في أحد إلا أن يكون في ذلك مصلحة للدين ونصح للمسلمين ولم يلجئني على الكلام في هؤلاء إلا بيان الحق لمن يعتقدون فيهم الإمامة والصلاح رابعاً:يؤخذ منه أيضاً بطلان الصلاة في المسجد الذي بني على قبر كما سيأتي في الحديث بعد هذا . خامساً:يؤخذ منه تحريم الصور وذلك يؤخذ من قوله بنوا على قبره مسجداً ثم صوروا فيه تلك الصور . وقد اختلف أهل العلم في جواز تصوير ما لا ظل له بعد اتفاقهم على تحريم الصور التي لها ظل فذهب قوم إلى تحريم ذلك مطلقاً وذهب قوم إلى جوازه مطلقاً وذهب قوم إلى أن التحريم يتعلق بما إذا كانت الصورة باقية الهيئة قائمة الشكل وإن قطع الرأس أو تفرقت الأجزاء جاز ذلك قال وهذا هو الأصح حكى ذلك الصنعاني عن الحافظ ابن حجر . والقول الرابع إن كان فيما يمتهن جاز وإن كان معلقأ حرم . أهـ . قلت : هناك فرق بين التصوير الذي هو الفعل وبين الاستعمال فأما التصوير فيحرم كله على القول الأصح إلا فيما يعمله الآدمي كالسيوف والخناجر والبيوت والسيارات وكل ما يعمله بنوا آدم من الآلات وغيرها . وقد اختلف السلف فيما لا روح فيه من المخلوقات كالشجر وما أشبه ذلك فذهب قوم إلى جواز تصوير الشجر وغيره مما لا روح فيه وممن قال ذلك ابن عباس فقد ورد أنه استفتاه شخص وقال إنه لا يعيش إلا من التصوير فقال له إن كنت فاعلاً ولابد فعليك بهذا الشجر وما لا روح فيه ورد هذا القول بأنه اجتهاد من ابن عباس وأن الحديث النبوي يدل على منعه كما جاء في الحديث القدسي (ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا ذرة أو ليخلقوا حبة أو شعيرة) فأشار في الذرة إلى ما فيه روح وأشار بالشعيرة إلى ما لا روح فيه . قالوا ونحن لا نصدق بأن الشجر لا روح فيه بل الشجر فيه روح بحسبه وله حياة بحسبه وقد قال الله تعالى (وَآيَةٌ لَهُمْ الأَْرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ) [يس : 33] وهذا قول مجاهد وهو الحق الذي تؤيده الأدلة أن الفعل أي فعل التصوير لا يجوز مطلقاً إلا فيما يعمله بنوا آدم كالأبنية وآلات المراكب المحدثة كالسيارات والطائرات وآلات الحرب المحدثة كالدبابات والمصفحات وما أشبه ذلك وما لم يكن من عمل ابن آدم فلا يجوز تصويره حتى ولو كان مما لا روح فيه وقد أخبر الله عز وجل عن الجماد بأنه يسبح فقال ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لاَ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ) [الإسراء : 44 ] وقال في سورة البقرة ( وَإِنَّ مِنْ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) [البقرة 74 ] فأخبر أن بعض الحجارة تهبط من خشية الله وذلك دليل على ما فيها من الإحساس الذي خلقه الله عز وجل فيها. أما الاستعمال فهو أيضاً فيه تفصيل فقد نهى النبي ﷺ عن الصور وأمر بطمسها وإزالتها وأخذ على بعض أصحابه ألا يجد صورة إلا طمسها ولا قبراً مشرفاً إلا سواه ففي صحيح مسلم عن أبي الهياج الأسدي قال :قال لي علي ابن أبي طالب رضي الله عنه ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله ﷺ أن لا تدع تمثالاً إلا طمسته ولا قبراً مشرفاً إلا سويته ) وفي لفظ آخر(ولا صورة إلا طمستها) (وجذب قرام عائشة التي كانت قد سترت به سهوتها وفيه صورة ) وهذا يدل على أن الصور التي ليس فيها ظل أنها محرمة أيضاً لأن الصور التي في القرام إنما كانت منقوشة نقشاً وقد استثنى منه جواز الاستعمال ما كان في ثوب يمتهن كالأزر الذي تستر به العورة والصورة إذا كانت في الوسادة أو الفراش فإنها تمتهن وتداس لذلك جاز استعمالها من أجل أنها تهان كذلك أيضاً يستثنى ما قطع رأسه وقطعت أجزاؤه فإنه يجوز استعماله كما دل على ذلك حديث الترمذي ( أن جبريل وعد رسول الله _ أن يأتيه ثم لم يأت وبعد ذلك جاء إليه وأخبره بأنه جاء ومنعه من الدخول أن في البيت كلباً وأن فيه صوراً فأمر بالكلب فأخرج أو قال له فأمر بالكلب فيخرج وأمر بالصور فتقطع رؤوسها حتى تكون كالشجر ) . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf التصفية والتربية TarbiaTasfia@ . |
#108
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [166] الحديث الثاني عشر : عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله ﷺ في مرضه الذي لم يقم منه :- (( لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد )). قالت :ولولا ذلك لأبرز قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً موضوع الحديث: تحريم بناء المساجد على القبور المفردات قوله في مرضه الذي لم يقم منه : المقصود به المرض الذي توفي فيه ﷺ لعن الله اليهود والنصارى: اللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله أو الدعاء على اليهود والنصارى بأن يبعدهم الله ويطردهم من رحمته فهو إما إخبار عن طرد الله إياهم من رحمته وإما دعاء عليهم بذلك . قوله اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد:هذه الجملة تعليل للعن الذي سبقه أي لأنهم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد أي جعلوها معابد يتعبدون فيها .قالت ولولا ذلك أبرز قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً الرواية الصحيحة خٌشي بضم الخاء وكسر الشين المعجمة أي خشيت عائشة رضي الله عنها وخشي الصحابة أن يتخذ مسجداً فكان ذلك مانعاً لهم من إبرازه . فقه الحديث أولاً:يؤخذ من هذا الحديث تحريم بناء المساجد على القبور سواء كانت تلك القبور قبور أنبياء أو غيرهم ويستفاد التحريم من لعن النبي ﷺ لمن يفعلون ذلك لأن عملهم هذا ذريعة إلى الشرك بالله فلذلك كانوا ملعونين بفعل هذه الذريعة. ثانياً: قرر أهل العلم أن المسجد إذا أحدث على القبر وجب هدم المسجد وإذا جعل القبر في المسجد وجب إخراج رفات القبر من المسجد ثالثاً:بناء المساجد على القبور بدعة محرمة وليست شركاً بذاتها ولكن لكونه يكون ذريعة إلى الشرك فلذلك حرم من أجل ما يتوصل به إليه رابعاً: يؤخذ منه تحريم الصلاة في المسجد الذي بني على القبر أو جٌعل فيه قبر وهذا يؤدي إلى بطلان الصلاة في ذلك المسجد سواء كان القبر سابقاً على المسجد أو وضع فيه بعد بناءه وسواء كان القبر في قبلة المسجد أو في غيرها ولعل هذا الحكم هو الأحوط . وذهب بعض أهل العلم إلى أن المحرم الذي يؤدي إلى بطلان الصلاة هو ما إذا كان القبر في قبلة المسجد وإلى هذا مال بعض أهل العلم ولكن الأحوط القول بالبطلان سواء كان القبر في قبلة المسجد أو غيرها لقوله ﷺ (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) خامساً:الأمر المنهي عنه هو الصلاة ذات الركوع والسجود أما صلاة الجنائز فليست مقصودة ولا يمنع منها على القول الصحيح بدليل أن النبي ﷺ صلى على المرأة التي كانت تقم المسجد وصلى على قبر أم سعد ابن عبادة وهذا يدل على أن صلاة الجنازة ليست داخلة في النهي لأنها ليس فيها ركوع ولا سجود ومن هنا نعلم خطأ من أدخل صلاة الجنازة في النهي وهو ما يظهر من كلام ابن دقيق العيد رحمه الله سادساً:لعن النبي ﷺ لليهود والنصارى بسبب اتخاذهم لقبور أنبيائهم مساجد وذلك لما يؤدي إليه من الشرك الأكبر فكم قد رأى الناس من قبور أنشئت عليها مساجد أو أدخلت في المساجد بعد ما بنيت فصار الناس يتطوفون بها ويصلون إليها ويسألون أصحابها ما لا يسأل إلا من الله عز وجل. سابعاً:لا فرق بين قبر النبي ﷺ وقبر غيره فلقد اهتم النبي ﷺ بهذا الأمر وخاف أن يتخذ قبره عيداً وقال اللهم لا تجعل قبري عيداً اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد خوفاً من أن تقع أمته في الشرك الذي حذر الله منه وأرسل الرسل للتحذير منه . ثامناً:لقد استجاب الله دعاء نبيه ﷺ فألهم القائمين على بناء المسجد في عهد الوليد بن عبد الملك أن يبنوا على قبره وقبري صاحبيه مثلثاً يمنع من استقباله وجعله مسجداً لذلك يقول ابن القيم فـأجـاب رب العالمين دعـاءه وأحـاطه بثـلاثـة جــدران تاسعاً:أما إدخال قبر النبي ﷺ وصاحبيه المسجد فهذا حصل في عهد الوليد بن عبد الملك وغضب منه خيار التابعين ومنهم سعيد بن المسيب وغيره ولم يكن برضى أهل العلم هذا التصرف إلا أنه لم يكن أحد يستقبل الحجر فلما صارت التوسعة في عهد الأتراك جٌعل ما وراء الحجر داخلاً في المسجد ولكنه بعيد عن القبور جداً وأما إنشاء القبة التي فوق القبر فقد أنشئت في القرن السابع وكذلك أيضاً أنها لم تكن برضا أهل العلم وإنما كانت من فعل قوم بعيدين عن العلم وبعيدين عن الحق والعقيدة الصحيحة وقد حصل ما حصل ومنذ دخلت الدولة السعودية في عهد الملك عبد العزيز وبالأحرى استولت على الحرمين وهي دائبة والحمد لله في نشر عقيدة التوحيد ومنع المتمسحين والمتبركين . وقد تبين من هذا العرض أنه لا حجة لأحد في كون القبور أدخلت في جانب المسجد فقد علم أنها لم تكن عن مشورة من أهل العلم وإنما كانت من تصرفات أقوام إلتزامهم بالعقيدة ضعيف وبالله التوفيــق. -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
#109
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله- [167] الحديث الثالث عشر: عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال : (( ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية )). موضوع الحديث: تحريم هذه الأفعال عند نزول مصيبة الموت المفردات ضرب الخدود:المقصود منه الذي يحصل عندما يموت الميت فإن كثيراً من النساء يضربن خدودهن ويخمشن وجوههن ويشققن جيوبهن قوله وشق الجيوب :الجيب هو الفتحة التي يدخل منها الرأس فإذا وقعت المصيبة فإن بعض النساء تشق ثوبها حتى تخرج منه وتحثي على رأسها التراب وتصيح وتولول قوله ودعا بدعوى الجاهلية: هو ما كان أهل الجاهلية يفعلونه من قولهم واجبلاه وا ناصراه واسنداه وما أشبه ذلك. المعنى الإجمالي تبرأ النبي ﷺ ممن ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية لأن ذلك تسخط لقضاء الله وقدره فقال ليس منا من ضرب الخدود .............ألخ فقه الحديث أولاً:يؤخذ من هذا الحديث تحريم هذه الخصال التي ذكرت في الحديث من ضرب الخدود وشق الجيوب ونتف الشعور وحثي التراب على الرأس وما إلى ذلك من الأمور التي تنبئٌ عن التسخط بالقدر فالإسلام حرم النياحة وحرم ما شاكلها من هذه الأمور التي تنبئٌ عن التسخط وعدم الرضا بالمقدور بل وعدم الصبر على قضاء الله وقدره . ثانياً: هذه الأعمال من الكبائر هي والنياحة وقد جاء في الحديث الذي رواه مسلم (النائحة إذا لم تتب تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب ) . ثالثاً: إنما حرمت هذه الأمور لأنها تسخط لقدر الله عز وجل وعدم رضي به والواجب على المسلم أن يرضى بقدر الله عز وجل وقد قال( ﷺ لابنته حينما أرسلت إليه تدعوه وتخبره أن صبياً لها أو ابناً لها في الموت فقال الرسول ﷺ ارجع إليها فأخبرها أن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى فمرها فلتصبر ولتحتسب ) فأمره لها وأمره للمرأة التي مر بها وهي تبكي على القبر فقال لها يا هذه اتق الله واصبري فقالت إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي فلما قيل لها إنه رسول الله ﷺ ذهبت إلى بيته لتعتذر فلم تجد عند بيته بوابين فقالت يا رسول الله إني لم أعرفك فقال إنما الصبر عند الصدمة الأولى هو أمر لجميع أمته . وجاء في الحديث أن الملائكة تؤمن على ما يقوله أهل الميت عند الموت أي من خير أو شر وعلى هذا فالأولى بالإنسان الرضا فإن لم يكن الرضا فالصبر فالصابر موعود بالأجر والعوض من المصيبة أما المتسخط والداعي بدعوى الجاهلية فإنه لا يرد من قدر الله شيئاً فإن قدر الله نافذ على رغم أنفه وعلى ذلك فهو يحرم من أجر المصيبة الموعودة للصابرين. وفي الحديث ( قال إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته قبضتم ولد عبدي فيقولون نعم فيقول قبضتم ثمرة فؤاده فيقولون نعم فيقول ماذا قال عبدي فيقولون حمدك واسترجع فيقول الله ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد) فهذا ثواب الصابرين وذاك عقاب المتسخطين وعلى العبد المسلم أن يسأل الله عز وجل التوفيق لما فيه الخير والسداد وألا يفوت على نفسه ثواب المصيبة بعد أن أصيب بها فيجمع على نفسه مصيبتين. -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf التصفية والتربية TarbiaTasfia@ . |
#110
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [168] الحديث الرابع عشر: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول ﷺ (( من شهد الجنازة حتى يصلي عليها فله قيراط ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان )) قيل : وما القيراطان ؟ قال : (( مثل الجبلين العظيمين )) . ولمسلم (( أصغرهما مثل أحد )). موضوع الحديث : فضل اتباع الجنازة المفردات من شهد الجنازة:أي حضرها والجنازة هي جثة الميت المنقولة إلى القبر وقد تقدم ذلك في أول كتاب الجنائز. قوله حتى تدفن : الدفن يكون بتسوية التراب عليها . القيراطان : جزءان من الأجر الله أعلم بهما لكن ورد في الحديث أنهما مثل الجبلين العظيمين وهذا يدل على أن أمور الآخرة في الثواب والعقاب فوق ما يتصور الإنسان من أمور الدنيا ومثل ذلك قوله ﷺ : ( لو يعلم المار بين يدي المصلي ما ذا عليه لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يديه) وذكر في بعض الروايات أربعين خريفاً . المعنى الإجمالي المعنى الإجمالي في هذا الحديث الترغيب في متابعة الجنازة أي جنازة المسلم حتى يصلى عليها وحتى تدفن لما فيه من الأجر العظيم . فقه الحديث أولاً:يؤخذ من هذا الحديث أن من تبع الجنازة حتى يصلي عليها فله قيراط واحد ومن تبعها حتى تدفن فله قيراطان وهما جزءان من الأجر وقد مثل بالجبلين العظيمين . ثانياً: أن هذا الأجر حاصل لمن تبع الجنازة إيماناً واحتساباً ليس إلا أما من تبعها مجاملة لأهلها فهذا لا يدرى هل يحصل له الأجر أم لا ؟ . ثالثاً: المعروف الآن أن الناس يحشدون في جنائز الأشراف والكبراء دون غيرهم من الفقراء وخاملي الذكر وهذا أمر لا ينبغي بل ينبغي أن يكون اتباع الجنازة مقصود به الاحتساب وحصول الأجر الموعود ونعوذ بالله من نزغات الشيطان ونزوات الإنسان ونسأل الله أن تكون أعمالنا خالصة لوجهه مقصوداً بها ما عنده وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
#111
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - كتــاب الــزكـــاة تعريف الزكاة هي الحق المفروض في المال المعين من الشارع الواجب إعطاءه عند تعلق الوجوب ومعناها يأخذ شيئين : النماء الذي هو الزيادة والطهرة التي هي التطهير من دنس المعاصي والله سبحانه وتعالى يقول (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) [التوبة : 103 ] ويقـول( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا) )[ الشمس : 9 ] أي طهرها من المعاصي (وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) [الشمس : 10 ] أي دنّسها بها . فالزكاة بمعنى النماء قد اعترض عليه بقول القائل إني حينما يكون عندي ألف ريال (1000) ريال فأتصدق منها بخمسة وعشرين ريال (25) ريال فإنها تكون قد نقصت فكيف يقال أنها بمعنى النماء وأقول إن إخبار الشارع ﷺ بأمر لا يتخلف إلا عند تخلف سببه أو وجود مانع من موانعه ولا شك أن الصدقة سبب في زيادة المال إذا كانت على الوجه المطلوب شرعاً فالله سبحانه وتعالى قد أمرنا بالإنفاق إنفاقاً باعتدال ونهانا عن التبذير فإن نحن أنفقنا على الوجه المشروع قاصدين بذلك وجه الله عز وجل فإننا قد عملنا السبب الذي به يزيد المال حساً ومعنى وإن نحن منعنا ذلك فإنا قد عملنا السبب الذي يوجب التلف ونقص المال وصدق رسول الله ﷺ إذ يقول ( ثلاثة أقسم عليهن وأحدثكم حديثاً فاحفظوه قال ما نقص مال عبد من صدقة ولا ظلم عبد مظلمة فصبر عليها إلا زاده الله عزا … ) فأخبر النبي ﷺ أن المال المتصدق منه يجعل الله فيه البركة فينمو ويزيد وأن المال الذي لا تؤدى زكاته يوجب الله فيه المحق ويسلط عليه الآفات ويسلط على صاحبه المصائب التي تجتاح ماله نسأل الله العفو والعافية . هذا في الزيادة الدنيوية أما في الزيادة الأخروية فهي قد أخبر عنها الشارع أيضاً بقوله ﷺ (من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب فإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبه كما يربي أحدكم فلوّه حتى تكون مثل الجبل ) هذا لفظ البخاري رقم 1410 وقد تبين من هذا أن معنى النماء الذي دل عليه اسم الزكاة حاصل فيها إذا كان صاحبها قد أنفق على الوجه المشروع مبتغياً بذلك وجه الله تعالى . أما كونها طهرة فهو يلاحظ من جهتين من جهة تطهيرها للمال الباقي بعد الزكاة يبقى حلالاً طيباً نقياً ومن ناحية أخرى فهي تطهر معطيها تطهره من رذيلة البخل التي ذم الله بها أقواماً وتجعله في صفوف الباذلين المتصدقين لله رب العالمين وقد اتضح ما يتعلق بهذا الاسم من المعاني والحمد لله وضوحاً بدون تعقيد . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf التصفية والتربية TarbiaTasfia@ . |
#112
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [169] الحديث الأول : عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول ﷺ لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن : (( إنك ستأتي قوماً أهل كتاب فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فإن هم أطاعوا لك بذلك فاخبرهم : أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أطاعوا لك بذلك فاخبرهم : أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب )). موضوع الحديث : أصول الدعوة وبيان البدأ بالأهم فالمهم المفردات قوله لمعاذ بن جبل : أقول معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الأنصاري الخزرجي أبو عبد الرحمن مشهور من أعيان الصحابة شهد بدراً وما بعدها وكان إليه المنتهى في الأحكام والقرآن مات بالشام سنة ثماني عشرة تقريب ترجمة 6771 قوله حين بعثه إلى اليمن : اختلف في وقت بعثه إلى اليمن ولعله بعد الفتح وقال بعض أهل العلم هو بعد غزوة تبوك وقيل بعد حجة الوداع والصحيح أنه قبل ذلك . إنك ستأتي قوماً أهل كتاب : إخبار النبي ﷺ لمعاذ بهذا من أجل أن يأخذ أهبته لمناظرتهم . قال فإذا جئتهم فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله : هذا يدل على أن هاتين الشهادتين هي أول ما يدعى إليه فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم إلى أن قال فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم أموالهم . الكرائم : جمع كريمه وهي الطيبة المحبوبة من المال ذات اللبن من الماشية . قوله واتق دعوة المظلوم : أي اجتنب أسبابها في ترك الظلم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب . المعنى الإجمالي أرسل النبي ﷺ معاذ بن جبل إلى جهة من اليمن وهي جهة خولان وصنعاء وتعز إلى عدن كما أرسل أبا موسى على الناحية الغربية المحاذية للبحر وقد أوصى معاذ بن جبل بأن يستعد لدعوه أهل الكتاب فإن دعوتهم تحتاج إلى استعداد وأمره أن يبدأ بالشهادتين ثم الصلاة ثم الزكاة ونهاه عن أخذ كرائم الأموال لأن أخذها نوع من الظلم والمظلوم له عند الله دعوة مستجابة وأن دعوته تخرق الحجب لذلك فإنها ينبغي أن تتقى وبالله التوفيق . فقه الحديث أولاً :يؤخذ منه عناية الإمام بالدعوة إلى الله تعالى وإرسال الدعاة ولا يختص ذلك بإلإرسال إلى القوم الكفار بل يجب إرسال الدعاة إلى المجتمعات التي يكثر فيها الجهل والظلم وعدم التقيد بالأحكام الإسلامية حتى ولو كانوا مسلمين في الاسم والهوية . ثانياً: وصية الإمام لمن أرسله للدعوة إلى الله وأن ينبهه لما يجب الاستعداد له لقوله ( إنك ستأتي قوماً أهل كتاب ) ثالثاً:الوصية بتقديم الأهم على المهم وهذا عام في الدعوة بأن يقدم فيها الأهم وهي العقائد التي لا يصح إسلام العبد إلا بها كتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات وتعريف ما يناقض الشهادتين . رابعاً :أن أهم شيء ينبغي أن يدعى إليه هو شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وهذه الشهادة لا تقبل من قائلها إلا أن يكفر بما يعبد من دون الله من الطواغيت فإن قالها وهو يعبد مع الله غيره لم تنفعه ولو قالها في اليوم مائة ألف مرة خامساً:لا بد أن يعرف الداعي معنى لا إله إلا الله وهو النفي والإثبات ويعلمها المدعوين ليمتثلوها ظاهراً وباطناً والله سبحانه وتعالى يقول ( إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [الزخرف : 86 ] ومن العلم بمعناها معرفة شروطها السبعة التي ذكرها أهل العلم . سادساً: مقتضى شهادة أن محمداً رسول الله الإذعان لأمره ونهيه وتصديق خبره والإيمان بما أخبر عنه من المغيبات الماضية والآتية وإنها حق وصدق ليست ألغازاً ولا تورية ولا أموراً وهمية وأن يبتعد المكلف عن التأويلات التي يرد بها خبر الرسول _ والله سبحانه وتعالى يقول (…. وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) [النساء : 135] سابعاً : يؤخذ من قوله فإن هم أطاعوا لك بذلك أنه لا يدعى للصلاة إلا من أذعن للشهادتين وقام بما تقتضيه كل واحدة منهما . ثامناً :يؤخذ منه فرضية الصلوات الخمس في كل يوم وليلة . تاسعاً : يؤخذ من حصرها بخمس أنه ليس هناك فرض في الصلاة غيرها أما أن يكون هناك واجب من الصلوات فالظاهر أنها لا تنفيه والفرق بين الفرض والواجب أن الفرض هو ما لا يتم الإسلام إلا بفعله والواجب ما يأثم تاركه وإسلامه باق على حاله أي أن تركه لا يناقض الإسلام مثل الوتر عند الحنفية وتحية المسجد عند قوم وهو الصحيح للأمر بها وقت المنع . وصلاة العيدين عند من يرى أنها فرض كفاية عاشراً: أنه يجب على من أذعن للصلوات الخمس أن يأتي بها على ما شرعها الله من وقت وأعداد ركعات وتكبير وهيئات وتقدم شروط كالطهارة من الحدث الأكبر والأصغر ومن النجاسات وطهارة البقعة والثوب . الحادي عشر :قد صح أن ترك الصلاة كفر من حديث أنس وبريدة وصح عن عبدالله بن شقيق ( أن أصحاب النبي ﷺ كانوا لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة ) وعلى هذا فإن من ترك الصلاة بالكلية كفر كفراً مخرجاً من الملة يستتاب فإن تاب وإلا قتل ولا يعاد إذا مرض ولا تتبع جنازته إذا مات ولا يدفن في مقابر المسلمين ولا يرثه وارثه المصلي ولا يرث هو من مورثه المصلي . الثاني عشر: يؤخذ من قوله فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم إن الزكاة لا يدعى إليها ولا تطلب إلا ممّن أذعن للصلاة وعمل بها وقد جاءت النصوص في كتاب الله وسنة رسوله ﷺ مرتبة للزكاة على الصلاة كقوله تعالى (وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) [البينة : 5] الثالث عشر:إن الزكاة مبينة بينتها السنة وهي في 1- النقدين وما عمل منهما كالحلي بواقع ربع العشر ويلحق بذلك عروض التجارة 2- وفي ما أخرجت الأرض من الثمار المقتاتة المدخرة بواقع العشر إذا سقيت بماء السماء وبواقع نصف العشر إذا سقيت بالآلات 3- زكاة بهيمة الأنعام وهي مبينة في كتب الفقه وسيأتي بيان بعضها. فهذه ثلاثة أشياء تجب فيها الزكاة . الرابع عشر: إن الصدقة المعينة من الشارع تؤخذ من الأغنياء وترد على الفقراء . الخامس عشر: كل من أخذت منه الزكاة فهو غني فلا يعطى منها وهذا قول جمهور العلماء لظاهـر الأدلة ومنها هذا الحديث ( تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم) وقال قوم إن ذلك لا يمنع من إعطاء الزكاة لمن يكون ما عنده لا يفي بحاجته وهو ما يسمى بالمسكين الذي ليس عنده غناً يغنيه ولا يفطن له فيتصدق عليه ولعل هذا الأخير هو الأرجح . وذلك يكون بالنظر إلى حال من وجبت عليه زكاة قليلة وكان ماله المزكى لا يفي بحاجته والله أعلم . السادس عشر :هل الضمير في أغنيائهم وفقرائهم يعود على كل جماعة بعينها أو يعود على عموم المسلمين فمن قال أن الضمير يعود على عموم المسلمين أجاز نقل الزكاة ومن قال أن الضمير يعود على أهل بلدة بعينها منع من نقل الزكاة إلا بعد استغناء فقراء ذلك البلد . السابع عشر:يؤخذ من قوله فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم أموالهم إن كريمة المال ممنوعة في الصدقة إلا أن يشاء المتصدق المعطي . وكريمة المال هي التي يحرزها صاحب المال وينظر إليها نظرة إعجاب وهي الفاخرة من ماله كالحلوبة والحامل والربى وهي المرباة وفحل الغنم وما أشبه ذلك . الثامن عشر:إذا كان أخذ الكرائم في الزكاة محرم فإن في ذلك دليل على بطلان ما يزعمه أهل الإشتركية من أخذ بعض الأموال الزائدة عن حاجة صاحبها والله سبحانه وتعالى يقول (وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِْثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [البقرة : 188 ] والنبي ﷺ قال في خطبته في حجة الوداع (... إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا….. التاسع عشر: يؤخذ منه أن الزكاة مصرفها هو بيت مال المسلمين وقابضها ومتوليها والناظر فيها هو إمام المسلمين فلا يجوز أن توزع من دون إذنه فمن فعل ذلك ضمن أي بأن يضمنها لبيت مال المسلمين إلا الزكاة السرية أي زكاة المال السري وهي النقود التي لا يعلمها أحد ولكن إذا كانت مودعة في البنوك أو الشركات التجارية فإن الزكاة فيها تلزم لبيت مال المسلمين لأنها خرجت من السر إلى العلن فكانت كسائر الزكوات . العشرون :يؤخذ من قوله واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب يؤخذ من هذا النص أن الظلم موجب لاستجابة دعوة صاحبه ولو كان فاجراً أو كافراً وقد جاء في الحديث أن دعوة المظلوم تخرق الحجب فينبغي للمسلم أن يتجنبها وأن لا يكون متسبباً في دعوة المظلوم عليه لأنه إذا فعل ذلك فقد أساء إلى نفسه واستوجب غضب ربه وفي الحديث ( الظلم ظلمات يوم القيامة ) وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
#113
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [170] الحديث الثاني من أحاديث الزكاة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال : رسول ﷺ ( ليس فيما دون خمس أواق صدقة ولا فيما دون خمس ذود صدقة ولا فيما دون خمسة أوسق صدقة ). موضوع الحديث : بيان أنصبة ما ذكر فيه وأنه لا زكاة فيما دونها . المفردات الأواق :جمع أوقية يقال أوقية بضم الهمزة وكسر القاف وتشديد الياء آخرها تاء مربوطة وكثير من الناس ينطقها بدون همزة وبالأخص العامية وجمع الاوقية أواقي كسرية وسراري وتجمع أيضاً على وقايا والأوقية اسم لعدد من الدراهم وهي أربعون درهماً فالخمس الأواق مائتي درهم وقد كانت الدراهم في عهد النبي ﷺ نوعان بغلية وطبرية فالبغلية نسبة إلى ملك يقال له رأس البغل وهي السود وكل درهم منها ثمانية دوانق والطبرية نسبة إلى طبرية الشام والدرهم منها أربعة دوانق فلما كان عهد عبد الملك جمع العلماء وضرب دراهم إسلامية كل منها ستة دوانق وقد نوزع في هذا بأن النبي ﷺ لم يحل على مجهول ومضمون كلام القائل أن الشارع أحال على مجهول وهو خطأ قلت : الصحيح أن النبي ﷺ أحال على كل شئ بحسبه فالدراهم البغلية تزكى بحسبها لكن يبقى النصاب متردداً بين درهم ثمانية دوانق ودرهم أربعة فإن قلنا بالحيطة للفقراء جعلنا النصاب في مائتي درهم طبرية وإن قلنا بالحيطة لأصحاب الأموال جعلنا النصاب معتبراً بالدراهم البغلية لكن لما جاء عبد الملك وضرب الدراهم الإسلامية المتوسطة اعتبرت هي المقصودة بالنصاب فيكون النصاب مائتي درهم وباعتبار أن كل عشرة دراهم سبعة مثاقيل فيكون نصاب الفضة مائة وأربعون مثقالاً أما بالنسبة للجرامات فإن المائتي درهم خمسمائة وخمسة وتسعون جراماً (595) جرام والتحقيق بالدقة أن المائتي درهم تكون بالجرامات خمسمائة جرام وأربعة وتسعون جراماً (594) جراماً أي ستمائة جرام تنقص ستة جرامات . قوله ذود : الذود اسم للواحدة من الإبل إذا كانت فوق ثلاث ودون عشر ويقال أنه لا واحداً له من لفظه أما الخمسة أوسق فهي جمع وسق والوسق ستون صاعاً نبوياً فالخمسة الأوسق ثلاثمائة صاع بالصاع النبوي والصاع النبوي أربعة أمداد والمد ما أقله رجل متوسط بكفيه . قلت : لعل هذا التعريف بالمد أعتبر في ذلك الزمان فلعل المتوسط الحجم من الرجال في ذلك الزمن يساوي الكبير الجسم في هذا الزمن ولأهل العلم كلام في مقدار المد لعله أدق لا نطيل فيه فليرجع إليه في كتاب الإيضاح والتبيان بمعرفة المكيال والميزان لابن الرفعة وتحقيق محمد الخاروق دكتور في جامعة أم القرى والثلاثمائة الصاع النبوي تعدل خمسة وسبعون صاعاً بالصاع المعروف في منطقتنا منطقة جازان وبالله التوفيق . المعنى الإجمالي أخبر النبي ﷺ أمته في هذا الحديث حديث أبي سعيد أنه لا زكاة في ما دون خمس ذود من الإبل ولا زكاة فيما دون خمس أواق من الورق أي الفضة ولا زكاة فيما دون خمسة أوسق من الحبوب وهذه رحمة من الله بعباده يجب أن يعرفوا مقدار ما للشرع من حكم فيكون ذلك سبباً لزيادة الإيمان وبالله التوفيق . فقه الحديث أولاً: أنه لا زكاة فيما دون ما ذكر من الإبل والورق والحبوب واختلف أهل العلم فيما إذا كان النقص يسيراً هل يجبر وتجب الزكاة فذهب مالك إلى أن النقص البسيط لا يعتبر مانعاًَ من وجوب الزكاة وذهب البعض الآخر إلى أن النقص يمنع الوجوب سواء كان قليلاً أو كثيراً . ثانياً: علم من قوله ( ليس فيما دون خمس أواق صدقة ) أن الصدقة في الفضة وعروض التجارة تجب في مائتي درهم فما فوقها بشرط أن يحول عليها الحول فلا تنقص في مدة الحول عن النصاب فإن نقصت في أثناء الحول ثم جبرت في آخره لم تجب الزكاة في ذلك وإنما تعتبر من الوقت الذي جبرت فيه فيبدأ الحول من حين حصل الجبر . ثالثاً : نصاب الورق مائتي درهم أما الزكاة التي تجب في المائتين فهي ربع العشر أي في كل مائتين خمسة دراهم وما زاد فهو بحسابه والمائتي درهم هي خمسون ريالاً بالريال السعودي لأن الريال السعودي أربعة دراهم رابعاً : لم يذكر في هذا الحديث نصاب الذهب وقد قال بعض أهل العلم أن نصاب الذهب ليس فيه حديث صحيح وممن قال هذا ابن عبد البر وتبعه في ذلك جماعة من أهل العلم إلا أن ابن عبد البر نفسه قد نقل الإجماع على أن نصاب الذهب عشرون مثقالاً إلا ما روي عن الحسن البصري والزهري أنه أربعون مثقالاً وهو قول شاذ لا يعتد به وقد أخرج أبو داود صحيفة عمرو بن حزم من طريق حفيده أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وفيها بيان أنصبة الزكاة وبين فيها نصاب الذهب بإسناد لا مطعن فيه وأقره المنذري قلت : تتعاضد الأحاديث الواردة في ذلك على شئ من الضعف بها مع الإجماع الحاصل على أن نصاب الذهب عشرون مثقالاً وقد بين في كتاب الإيضاح والتبيان أن المثقال زنته بالدقة أربعة جرامات وثلاثة وعشرون بالمائة من الجرام . خامساً : وقد جبر ذلك بزيادة اثنين في المائة فصار المثقال أربعة جرامات وربع وعلى هذا فيكون نصاب الذهب خمسة وثمانون جراماً بضرب أربعة وربع في عشرين مثقال وإذا قلنا بالدقة فإنه ينقص أربعين بالمائة من الخامس والثمانين وذلك اعتباراً بالذهب الخالص أما إذا كان الذهب مخلوطاً بشيء كعيار واحد وعشرين الذي يكون الخلط فيه بنسبة الثمن فإن النصاب فيه يكون ستة وتسعين جراماً تقريباً أما إذا كان الذهب من عيار ثمانية عشر فيزاد ربع الكمية ، وربعها واحد وعشرون جراماً وخمسة عشر بالمائة من الجرام الثاني والعشرون يضاف على أربعة وثمانين وستين بالمائة يكون بالدقة مائة وخمسة جرامات وخمسة وسبعين بالمائة فيقال عيار واحد وعشرين نصابه ستة وتسعون جراماً من الذهب المخلط وعيار ثمانية عشر نصابه مائة وستة جرامات من الذهب المخلط فإنه حينئذ بهذه المقادير يكون في كل منهما الذهب الصافي خمسة وثمانون جراماً وذلك هو النصاب الذي تجب فيه الزكاة بشرط أن لا ينقص أثناء الحول وبالله التوفيق. فائدة : اختلف أهل العلم في الحلي الملبوس سواء كان من الذهب أو الفضة هل تجب فيه الزكاة أم لا فذهب الجمهور من الصحابة فمن بعدهم إلى أن الذهب الملبوس لا زكاة فيه قياساً على البقر العوامل وإلى ذلك ذهب الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وذهب قوم إلى وجوب الزكاة في الحلي سواء كان ملبوساً أو غير ملبوس منهم جماعة من الصحابة وإلى ذلك ذهب أبو حنيفة وبعض أهل العلم في زماننا هذا منهم الشيخ عبد العزيز بن باز وابن عثيمين وهذا هو القول الصحيح فيما أرى وأدين الله به لأنه قد صحت به ثلاثة أحاديث أحدها حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما في المرأة اليمنية التي أتت إلى النبي ﷺ ( وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب فقال أتؤدين زكاة هذا قالت لا قال أيسرك أن يسورك الله عز وجل بهما يوم القيامة سوارين من نار قال فخلعتهما فألقتهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت هما لله ولرسوله ﷺ وقد صح في ذلك حديثان آخران حديث عن أم سلمة وحديث عن عائشة رضي الله عنهما وكل هذه الأحاديث تفيد وجوب الزكاة في الحلي الملبوس سواءً كان ذهباً أو فضة وقد صححها الألباني في صحيح سنن أبي داود باب الكنز ما هو وزكاة الحلي رقم ( 1382و1383 و1384 ) . أما الاستدلال بالآية الكريمة ( أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ ) [الزخرف : 18 ] على عدم وجوب الزكاة في الحلي الملبوس فهو استدلال في غير محله إذ أن الامتنان بذلك لا يمنع وجوب الزكاة في الحلي والله تعالى أعلم . قوله : (ولا فيما دون خمس ذود صدقة ) تفيد هذه الجملة أن أقل نصاب من الإبل تجب فيه الصدقة هو خمس من الإبل وما دونها فليس فيه شئ فإذا بلغت خمساً ففيها شاة إلى تسع فإذا بلغت عشراً ففيها شاتان فإذا بلغت خمس عشرة ففيها ثلاث شياه فإذا بلغت عشرين ففيها أربع شياه فإذا بلغت خمساً وعشرين ففيها بنت مخاض أي ما أكملت سنة وطعنت في الثانية ( أو ابن لبون ) إلى خمس وثلاثين فإذا بلغت ستاً وثلاثين ففيها بنت لبون وهي ما أكملت سنتان وطعنت في الثالثة إلى خمس وأربعين فإذا بلغت ستاً وأربعين ففيها حقة طروقة الجمل وهي ما أكملت ثلاث سنين وطعنت في الرابعة إلى أن تبلغ ستين ، فإذا بلغت إحدى وستين ففيها جذعة وهي ما أكملت أربع سنين وطعنت في الخامسة إلى أن تبلغ خمساً وسبعين ، فإذا بلغت ستاً وسبعين ففيها بنتا لبون إلى أن تبلغ تسعين ، فإذا بلغت إحدى وتسعين ففيها حقتان ، (إلى مائة وعشرين فإذا زادت ففي كل اربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة ) . قوله : ( ولا فيما دون خمسة أوسق صدقة ) تقدم توضيح الوسق لغة ومقداره ، والخمسة الأوسق هي ثلاثمائة صاع نبوي ، وخمسة وسبعون بالمكيال المحلي الذي يمثل الصاع منه أربعة آصع بالصاع النبوي ، وقد اختلف أهل العلم فيما إذا كانت الحبوب دون خمسة أوسق بشيء قليل هل يجبر هذا القليل وتجب الزكاة هذا محل نظر وخلاف بين أهل العلم والأظهر أن الزكاة لا تجب إلا إذا بلغت الحبوب هذه الكمية ثم أن الواجب هو العشر فيما سقت السماء ، ونصف العشر فيما سقي بمؤنة كالنضح على الإبل سابقاً وكالآبار الارتوازية التي تروى منها الأراضي الزراعية بواسطة الضخ بالمكائن ، ثم اختلفوا في الأنواع التي تجب فيها الزكاة فذهب الجمهور إلى أن الزكاة تجب في كل مدخر ومقتات من الحبوب كالبر والشعير والتمر والزبيب وهذه الأربعة الأنواع هي المذكورة في الأحاديث وما عدا ذلك من الحبوب المدخرة والمقتاتة كالأرز والذرة والدخن والكناب وما أشبه ذلك فإن كان مدخراً ولم يكن مقتاتاً إلا في حالة الضرورة كالقطنيات فهذه فيها خلاف ضعيف وقد ذهبت الظاهرية إلى أن الزكاة لا تجب إلا في الأربعة المذكورة في الحديث وهي البر والشعير والتمر والزبيب وفي مقابل ذلك ذهب أبو حنيفة إلى وجوب الزكاة في كل ما يقصد من زراعته نماء الأرض من الثمار والرياحين والخضراوات إلا الحطب والقصب والحشيش والشجر الذي ليس له ثمر وذهبت الهادوية إلى وجوب الزكاة في الخضراوات والقصب وكل ما أخرجت الأرض إلا أنهم خالفوا أبا حنيفة فاعتبروا الأوسق فيما يكال عملا بحديث أبي سعيد رضي الله عنه واعتبروا نصاب الورق في الخضراوات وما أشبهها فجعلوا الزكاة فيما لم يكن معتبراً بالقيمة فإذا بلغت قيمته مائتي درهم وجبت فيه الزكاة والذي يظهر لي أن مذهب الجمهور هو الصحيح وهو أن الزكاة واجبة في كل ثمر يقتات ويدخر وما عدا ذلك فقد ورد فيه العفو من الشارع ﷺ وفي ذلك حديث رواه الإمام أحمد في مسنده عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
#114
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [171] الحديث الثالث: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: (( ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة )) . وفي لفظ (( إلا زكاة الفطر في الرقيق )). موضوع الحديث : عدم وجوب الزكاة في العبيد والخيل أي في أعيانهم بخلاف ما إذا كان شئ من ذلك للتجارة . المفردات ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة :أي ليس فيها زكاة والمقصود بالصدقة هنا الزكاة المفروضة . قوله إلا زكاة الفطر في الرقيق : وهم العبيد المعنى الإجمالي شرع الله يسر وقد نفى الله عز وجل الحرج فيه كما قال تعالى (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا …)الآية [الحج : 78 ] . ومن عدم الحرج في الإسلام أن الله سبحانه وتعالى عفا عن الزكاة فيما يحتاجه العبد من الضروريات كالعبد المستخدم في الخدمة لسيده والفرس المركوب والبقر العوامل ومنيحة البيت والمرباة للأكل كل هذه معفو عنها فلا تجب فيها الزكاة اللهم إلا ما اشترى عرضاً للتجارة وكان المقصود منه استحصال الربح فيه وبالله التوفيق . فقه الحديث قال ابن دقيق العيد الجمهور على عدم وجوب الزكاة في عين الخيل واحترزنا بقولنا في عين الخيل عن وجوبها في قيمتها إذا كانت للتجارة . قوله الجمهور على عدم وجوب الزكاة في عين الخيل يفهم من هذا أن هناك خلاف في وجوبها في عين الخيل والخلاف لأبي حنيفة كما ذكره في قوله وأوجب أبو حنيفة في الخيل الزكاة وحاصل مذهبه أنه إذا اجتمع الذكور والإناث وجبت الزكاة فيها عنده قولاً واحداً وإن انفردت الذكور أو الإناث فعنه في ذلك روايتان من حيث أن النماء بالنسل لا يحصل إلا باجتماع الذكور والإناث وإذا وجبت فهو مخير بين أن يخرج عن كل فرس دينار أو يقوم يعني يُثَمّن الخيل ويخرج عن كل مائتي درهم خمسة دراهم . قلت : قول أبي حنيفة هذا مصادم للنص الشرعي في عدم وجوب الزكاة في الخيل إذا كانت للقنية كما أنه قد عفا عما دون أربعين من الغنم وعما دون خمس من الإبل وعما دون عشرين من البقر وعفا عن العوامل وهي البقر التي يحرث عليها فكذلك عفا الشارع عن الخيل فإذا كان النبي ﷺ يقول ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة فكيف يقال أن عليه في فرسه صدقة ولعل أبا حنيفة كان معذوراً لعدم بلوغ الحديث إليه أو لأنه فهم من الحديث أن العفو عما كان مركوباً لصاحبه من الخيل وما كان مستخدماً لسيده من العبيد ولكن قول النبي ﷺ مقدم على كل رأي . قول الشارح رحمه الله تعالى واحترزنا بقولنا لعين الخيل عن وجوبها في قيمتها إذا كانت للتجارة ثم قال وقد استدل الظاهرية بهذا الحديث على عدم وجوب زكاة التجارة وقيل أنه قول للشافعي في القديم من حيث الحديث يقتضي عدم الزكاة الخيل والعبيد مطلقاً ويجيب الجمهور عن استدلاله بوجهين . قلت : المقصود من هذا أن الجمهور يجيبون عن استدلال الظاهرية في هذا الحديث على عدم وجوب زكاة العروض بوجهين ثم قال أحدهما القول بالموجب وأن زكاة التجارة متعلقها القيمة لا العين فالحديث يدل على عدم التعلق بالعين . قلت : يعني أن الشارع عفا عن الزكاة في عين الخيل إذا كانت للقنية فإن اشتريت الخيل أو العبيد للتجارة بأن كان المقصود بها البيع لتحصيل الربح فإن الزكاة تكون متعلقة بالقيمة لا بالعين فإن نوى المشتري للخيل التجارة ثم بعد ذلك حول نيته إلى القنية سقطت الزكاة لتحول النية عنها . قال والثاني أن الحديث عام في العبيد والخيل فإذا أقام الدليل على عدم وجوب زكاة التجارة كان هذا الدليل أخص من ذلك العام من كل وجه فيقدم عليه إن لم يكن فيه عموم من وجه إلى آخره وأقول : إن قول المؤلف هذا يقصد به أن الدليل الخاص على عدم وجوب الزكاة في التجارة مقدم على الدليل العام وهو كذلك وإذا نظرنا في الأدلة على وجوب الزكاة في التجارة نجد أن فيها ما هو مفهوم ومنها ما هو منطوق فمن المفهوم قول الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنْ الأَْرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ) [البقرة : 267 ] قال مجاهد نزلت في التجارة . قلت : الكسب يعم التجارة وغيرها فلو كسب الإنسان مالاً من أجره أو تجارة أو حرث أو غير ذلك ثم بقي عنده حولاً وكان المال يبلغ نصاباً وجبت فيه الزكاة وعلى هذا فإن الآية عامة في الكسب إلا أن تفسير مجاهد يجعل الكسب في التجارة داخل في عمومها . ثانياً :الأدلة الصريحة منها ما هو ضعيف ومنها ما هو مقارب فالحديث الذي رواه الحاكم أن النبي ﷺ قال : (في الإبل صدقتها وفي البقر صدقتها وفي الغنم صدقتها وفي البز صدقته ) والبز بالباء والزاي المعجمة ما يبيعه البزازون كذا ضبطه الدارقطني والبيهقي . قال ابن عبد البر وروي والبر بضم الباء والراء المهملة وفي البر صدقته وعلى هذا فالدليل لا يكون صالحاً للاستدلال على عروض التجارة إلا إذا كان الراجح هو اللفظ الأول . وفي سنن أبى داود عن سمرة أن النبي ﷺ (كان يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نعد للبيع ) إلا أن الحديث ضعيف ضعفه الألباني وغيره وهناك حديث عن عبدالله بن عمر وعائشة وهو ضعيف أيضاً. وأخرج الشافعي وأحمد وعبد الرزاق والدارقطني عن أبي عمرو بن حماس عن أبيه أنه قال ( كنت أبيع الأدم فمر بي عمر بن الخطاب فقال لي أدّ صدقة مالك فقلت يا أمير المؤمنين إنما هو في الأدم قال قوّمه وأخرج صدقته ). قلت : حديث حماس أخرجه أبو عبيد بن القاسم بن سلاّم في كتاب الأموال ( أن عمر قوّم بضاعته التي كانت معه فجاءت قيمتها عشرون ديناراّ فأخذ منه نصف دينار صدقة عنها ) وهذا الأثر صحيح وروى البيهقي عن ابن عمر قال ( ليس في العروض زكاة إلا ما كان للتجارة ) قال ابن المنذر الإجماع قائم على وجوب الزكاة في مال التجارة وممن قال بوجوبها الفقهاء السبعة قال لكن لا يكفر جاحدها للاختلاف فيها . قلت : إثباته للاختلاف دال على عدم صحة الإجماع إلا أن يقال أن الخلاف للظاهرية ولم يعتد ابن المنذر بقولهم فالله تعالى أعلم والمهم أن جماهير أهل العلم أطبقوا على وجوب الزكاة في عروض التجارة وإن كانت الأحاديث المرفوعة التي تدل على وجوبها فيها لا تخلوا من مقال واحتمال مع قلتها ولكن هناك آثار صحيحة تسندها مع مفهوم الآية ولذلك فإن ما ذهب إليه الجماهير هو الحق إن شاء الله ويبقى معنا الكلام على وجوب زكاة الفطر في الرقيق كما في الرواية الثانية وقد حقق الصنعاني في العدة أن هذه الرواية ليست في الصحيحين وإنما هي من إفراد مسلم والجمهور على أن زكاة الفطر المتعلقة بأعيان العبيد متجهة على أسيادهم الذين يستغلونهم في الخدمة . وقال قوم أن الزكاة عليهم أي على العبيد وعلى السيد إن لم يؤد الزكاة عن عبيده بأن يمكنهم من الكسب من أجل أدائها وحكي هذا القول عن مالك قال الصنعاني وحكاه القاضي عن أبي ثور قلت : القول بوجوبها على الأسياد هذا هو القول الصحيح كما أنه يجب على صاحب البيت ومعيل العائلة زكاة الفطر عن نسائه وأولاده كما جاء في الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما قال ( فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة ). وقد تبين أن وجوب الزكاة أي زكاة الفطر التي تتعلق بأعيان العبيد أنها على أسيادهم وبالله التوفيق -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf التصفية والتربية TarbiaTasfia@ . |
#115
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله- [172] الحديث الرابع : عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: ((العجماء جبار والبئر جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس )). موضوع الحديث : إسقاط المؤاخذة بما جنته العجماء من بعضها على بعض وكذلك لو سقطت بئر على حافرها أو بانيها وكذلك لو سقط المعدن على من يشتغل فيه فإنها كلها لا دية فيها ولا جناية مأخوذة على صاحبها . المفردات العجماء : هي الدابة المستعملة من ذوات الأربع التي أباح الله لحمها ولبنها أو أباح ركوبها والحمل عليها قوله جبار : أي هدر لا شئ فيما جنته . والبئر : هي التي تحفر لأخذ الماء منها وهي جبار لو سقطت على حافرها أو بانيها أو سقط فيها أحد فإنه لا دية فيها ولا جناية إلا أن يكون الحافر متسبباً لذلك وكذلك المعدن إذا سقط على من يشتغل فيه الركاز :هو المال المركوز في الأرض من دفن الجاهلية . قوله في الركاز الخمس :أي إذا وجد ذلك في الأرض ليست لأحد ولا عليها ملك . المعنى الإجمالي شرع الله عز وجل أن ما جرحته العجماء التي لا سيطرة عليها لأحد وما حصل في البئر من شئ من غير سبب أو المعدن بغير سبب مالكه فإنه عفو من الله عز وجل لا شئ فيه ولا ضمان وأنه إذا وجد مال مدفون في الأرض من دفن الجاهلية فإن فيه الخمس وهذه الأحكام شرعها الله عز وجل لما فيها من المصلحة والعدل . فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن ما جرحته العجماء من بعضها على بعض فإنه يعتبر هدراً لأنه ليس لصاحبها سيطرة عليها وهل هذا خاص بجنايتها على الأبدان فقط أو عام بجنايتها على الأبدان والأموال ثانياً : هل يقيد ذلك بما جرح قال الصنعاني أقول لفظ الجرح ليس في الرواية التي ساقها المصنف وإنما هو ثابت في بعض ألفاظ الصحيحين وفي بعضه العجماء جبار جرحها وفي لفظ البخاري جبار قال عياض والنووي وآخرون ليس ذكر الجرح في هذه الرواية قيداً وإنما المراد إتلافها بأي وجه كان سواء حصل بجرح أو غيره . ثالثاً:قال ابن دقيق العيد وأما جناياتها على الأموال فقد فصل في المزارع بين الليل والنهار وأوجب على المالك ضمان ما أتلفته بالليل دون النهار وفي حديث عن النبي ﷺ يقتضي ذلك قلت : قول الله تعالى (وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا …. ) الآية [الأنبياء : 78-79] ذكر المفسرون أن النفش هو إفساد الماشية للزرع ليلاً وقد ورد في حديث عن النبي ﷺ أنه أمر على أهل المزارع بحفظها في النهار وعلى أهل المواشي بحفظها بالليل) وهذا الحديث يوافق ما ذكر في الآية على تفسير النفش بأنه إفساد الماشية للمزارع في الليل وعلى هذا فيكون على صاحب الماشية ضمان ما أفسدته ماشيته بالليل دون النهار وفي المسألة خلاف فيما يجب على أهل المزارع حفظه وهو ما كان في فلاةٍ من العادة أن ترسل فيه المواشي بدون راعي أما إذا كانت المزارع منتشرة وكثيرة فعلى صاحب الماشية حفظها وأن يرسلها مع راع يحفظها ويكون مسؤولاً عنها هذا هو الأقرب والله تعالى أعلم. وقد قال النبي ﷺ ( كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ) أما القصة المشار إليها في الآية فخلاصتها أن رجلاً له عنب أو بستان من عنب والآخر له غنم فذهب الغنم ودخل في بستان العنب فأفسده فتحاكما إلى داود ثم مرّا على سليمان فحكم سليمان أن يأخذ صاحب الغنم البستان ويسقيه ويقوم عليه حتى يعود كما كان ويأخذ صاحب البستان الغنم ليأخذ ما يجئ منه حتى يعود البستان كما كان ويعيد كل منهما ما عنده من حق إلى صاحبه وهو يؤيد ما جاء في حديث البراء أن النبي ﷺ ( قَالَ كَانَتْ لَهُ نَاقَةٌ ضَارِيَةٌ فَدَخَلَتْ حَائِطًا فَأَفْسَدَتْ فِيهِ فَكُلِّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِيهَا فَقَضَى أَنَّ حِفْظَ الْحَوَائِطِ بِالنَّهَارِ عَلَى أَهْلِهَا وَأَنَّ حِفْظَ الْمَاشِيَةِ بِاللَّيْلِ عَلَى أَهْلِهَا وَأَنَّ عَلَى أَهْلِ الْمَاشِيَةِ مَا أَصَابَتْ مَاشِيَتُهُمْ بِاللَّيْلِ ) . المسألة الثانية : قوله والبئر جبار أي أن البئر إذا سقطت على حافرها أو على بانيها وإن كان مستأجراً فإن ما حصل فيها لا يضمنه صاحبها إلا أن يكون متسبباً بحفرها في طريق الناس ولم يجعل عليها علامات تمنع من السقوط فيها . المسألة الثالثة : والمعدن جبار المعدن هو ما خلقه الله في الأرض من الخامات النافعة كالذهب والفضة وغير ذلك فإذا سقط على الذي يشتغل فيه فإن ذلك لا ضمان فيه لقوله ﷺ والمعدن جبار وفي هذا الحديث وهذه الفقرة بالذات ردّ على ما قرر في نظام الشركات أن من أصيب وهو يعمل في شركة بأي حادث فيها ترتب عليها إزهاق نفسه أو قطع عضو من أعضائه أن الشركة تكون ضامنة لذلك بالدية فما دونها وهذا الحديث يدل على بطلان هذا النظام والله تعالى أعلم. قوله وفي الركاز الخمس تقدم أن الركاز هو المال الذي يوجد مدفوناً في الأرض من ضرب الجاهلية فمن وجده فعليه فيه الخمس والباقي يكون ملكاً له أما إذا وجد مال من ضرب الإسلام ولا يعرف الذي دفنه فهو يعتبر لقطة والله سبحانه وتعالى يرزق من يشاء وهل يعرف بهذه اللقطة لمدة سنة الظاهر أنه كذلك أما إن كانت في دار معروف صاحبها وقد مات أو انتقل فهي تعاد إلى ورثته إذا علم أنه كان صاحب مال والمسألة فيها تفصيل عند الفقهاء هذه خلاصته وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
#116
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [173] الحديث الخامس: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بعث رسول ﷺ عمر رضي الله عنه على الصدقة فقيل : منع ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس عم رسول الله ﷺ فقال رسول الله ﷺ : (( ما ينقم ابن جميل إلا أن كان فقيراً فأغناه الله وأما خالد : فإنكم تظلمون خالداً فقد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله وأما العباس : فهي عليّ ومثلها )) ثم قال: (( يا عمر أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه ؟ )). موضوع الحديث : بعث الجابي على الصدقة المفردات ابن جميل : ذكر ابن الأمير في التعليقات المسمى على العدة عن ابن منده أنه قال لا يعرف اسمه وذكره ابن الجوزي فيمن لا يعرف إلا بالنسبة إلى أبيه فقط قال واتفقوا أنه من الأنصار قوله خالد بن الوليد : أي المخزومي الصحابي الجليل صاحب الجهاد العظيم والفتوحات الكثيرة. أما العباس : فهو عم الرسول ﷺ وكما جاء في الحديث أما علمت يا عمر أن عم الرجل صنو أبيه . قوله ما ينقم : كأن معنى الكلام أنه ليس له شئ ينقمه إلا أنه كان فقيراً فأغناه الله وهذه نعمة من حقها أن تشكر إذاً فلا شئ ينقمه ابن جميل ولكن المنع كان يدل على أنه كان منافقاً ولكن يقال أنه تاب وحسنت توبته . قوله احتبس : أي أوقف أدراعه وأعتاده في سبيل الله جعلها وقفاً على المجاهدين . قوله أما العباس فهي عليّ ومثلها : أي أنها دين على النبي ﷺ باعتبار أن النبي ﷺ احتاج مالاً فأخذ من العباس زكاة عامين مقدماً . قوله أما شعرت : أما علمت وعرفت أن عم الرجل صنو أبيه . الصنو : هو الأخ تشبيهاً بالنخلة التي يكون أصلها واحد ويتفرع منها جذعان قال الله عز وجل (… صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ .. )الآية[الرعد : 4 ] المعنى الإجمالي أرسل النبي ﷺ عمر بن الخطاب متصدقاً أي قابضاً للصدقة فلما رجع إلى النبي ﷺ أخبره بأن ابن جميل منع زكاته وكذلك خالد بن الوليد والعباس بن عبد المطلب لذلك فقد أنكر النبي ﷺ على ابن جميل صنيعه وذمه بذلك فقال ما ينقم ابن جميل إلا أن كان فقيراً فأغناه الله وقد اعتذر لخالد بأنه لا يصدر منه المنع طالما وهو قد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله ومن يفعل المندوب طلباً للأجر والثواب لا يمكن أن يمنع الواجب ويحتمل أن يكون خالد ليس له شئ يؤدي زكاته رضي الله عنه ثم اعتذر للعباس بأنه قد أخذها منه صلوات الله وسلامه عليه . فقه الحديث أولاً: قول ابن دقيق العيد في بعث عمر على الصدقة هل هي الواجبة أو المندوبة واستظهر ابن دقيق العيد رحمه الله أنها الواجبة قلت: وهو الحق لأن ذم ابن جميل على المنع يدل على أنها الصدقة الواجبة فلو كانت الصدقة المندوبة ما ترتب على ذلك ذم لابن جميل وبالله التوفيق . كذلك من المعروف أن بعث الجابي إنما يكون في الصدقة المفروضة دون الصدقة التطوعية . ثانياً : يؤخذ من قوله وأما خالد فإنكم تظلمون خالداً الدفاع عمن عرف بالخير إذا ادعي عليه بأنه منع واجباً . ثالثاً :قوله وقد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله في ذلك كلام كثير حول احتباس الأدراع والأعتاد هل هي جعلت في مقابل الصدقة أو جعلت قيمتها وكل هذا في نظري غير وجيه والحق فيما أرى هو ما ذكر سابقاً وهو أن خالد بن الوليد أوقف دروعه وعتاده على المجاهدين في سبيل الله تقرباً إلى الله وطلباً للمثوبة عنده ومن يفعل ذلك لا يمنع الواجب . رابعاً : في قوله احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله دليل لمن قال بتحبيس المنقول أي بإيقافه وجعله وقفاً في ما ينتفع به قال الأمير الصنعاني في العدة قوله واختلف الفقهاء في ذلك أي في تحبيس المنقولات ووقفها فقال مالك لا يصح وقف المنقول مطلقاً وقال أبو حنيفة لا يصح وقف الحيوان وعنه ولا وقف الكتب وقال بصحة ذلك الشافعية وغيرهم قال المحقق قلت : وهي رواية عن الإمام أحمد أختارها جمع من أصحابه وهي المذهب قال الصنعاني قالوا لإجماع المسلمين على صحة وقف الحصر والمصابيح في المساجد من غير نكير أهـ . قال ابن الأمير قلت ولا يخفى عدم نهوضه دليلاً فإنه لا نكير في أنه مختلف فيه فلا دلالة على رضا الساكت حتى يكون إجماعاً سكوتياً لكن الدليل حديث الباب وقوله ﷺ فإنه قد احتبس أدراعه وأعتاده أهـ . قلت : وما احتج به القائل من عدم الإنكار لعله ينتهض دليلاً مع وجود الدليل الذي يؤيده وكأنهم اتفقوا على العمل بذلك في كل زمان ومكان لم ينكره أحد من العلماء لوجود الدليل عليه من إقرار المعصوم ﷺ لفعل خالد والظاهر أن خالداً لم يفعله إلا بعد استشارة الرسول ﷺ واستفتائه ومن ذلك إيقاف الكتب والمصاحف وآلات النعش وما أشبه ذلك مما اعتاد الناس أن يعملوه والأصل فيه إقرار النبي ﷺ على تحبيس المنقول وإذا كان أهل الجاهلية كان الأغنياء منهم يستعدون بمثل ذلك للحاجة كما دل عليه استعارة النبي ﷺ من صفوان بن أمية لامة الحرب من الدروع والسيوف فإن أهل الإسلام قد جعلوا ذلك تعبدا لله سبحانه وتعالى بإجازة من الشارع بذلك وإقراراً لهم عليه والله تعالى أعلم . خامساً : يؤخذ من قوله في سبيل الله أن عملهم هذا كان عدةً للمجاهدين في سبيل الله الذين يجاهدون لإعلاء كلمة الله ويؤخذ من هذا أنه لا يجوز الوقف ولا الحبس في نصرة حزب أو قبيلة أو شخص وإن فعل فهو لا يكون في سبيل الله ولا يعد من العمل الصالح لأن فيه تفريق للأمة التي أمرها الله أن تكون واحدة والله تعالى يقول (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُْخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِين ) [الحجرات : 9] ومن هذا نقول أن قتال أهل البغي والمحاربين يعد من الجهاد في سبيل الله والله تعالى أعلم . سادساً : يؤخذ من قوله وأما العباس فهي عليّ ومثلها أن هذه العبارة يتردد معناها بين شيئين إما أن يكون النبي ﷺ تحملها عن عمه ويظهر لي أن هذا بعيد فإذا كان العباس عنده مال يوجب الزكاة فلا يمكن أن يتحملها النبي ﷺ عنه ويتركه لا يؤدي زكاته فإن ذلك قد يعتبر إعانة على ترك الأداء مع وجود ما يوجب المقتضي للواجب وهو وجود النصاب عنده والشارع يعود الناس ويحملهم على أداء الواجبات بطيب نفس . والاحتمال الثاني أن النبي ﷺ قد أخذها أي أخذ الزكاة مقدماً لعامين من العباس وهذا هو اللائق الذي يتعين توجيهاً لهذه العبارة وإن كانت الأحاديث الواردة في ذلك فيها ضعف فمنها ما أخرجه الترمذي من حديث علي بلفظ ( هي عندي قرض لأني استسلفت منه صدقة عامين ) قال الحافظ ابن حجر في إسناده مقال ومثله عند الدار قطني إلا أن فيه ضعف والحاصل أن روايات أنه ﷺ تقدم منه زكاة عامين ضعيف أهـ . قلت : وإن كانت هذه الروايات ضعيفة ضعفاً مقارباً إلا أن هذا هو الأنسب والأليق فالنبي ﷺ كان يحتاج المال في تجهيز الغزاة وفي إجازة الوفود فلعله قد احتاج مالاً فاستسلفها من العباس وهذا هو أحسن ما يحمل عليه الحديث فيما أرى . سابعاً : يؤخذ من قوله أما علمت يا عمر أن عم الرجل صنو أبيه يؤخذ من هذا فضيلة للعباس في كونه عم النبي ﷺ وهذا القول كأنه صدر من النبي ﷺ درءاً للقالة في العباس بأنه منع لا سيما وهو عم النبي ﷺ وكونه ممن تبعه وآمن به فله فضل الإيمان وفضل القرابة وبذلك لا ينبغي القول فيه بأنه منع وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf التصفية والتربية TarbiaTasfia@ . |
#117
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [174] الحديث السادس: عن عبدالله بن زيد بن عاصم رضي الله عنه قال لما أفاء الله على رسوله يوم حنين قسم في الناس وفي المؤلفة قلوبهم ولم يعط الأنصار شيئاً فكأنهم وجدوا في أنفسهم إذ لم يصبهم ما أصاب الناس فخطبهم فقال : (( يا معشر الأنصار ألم أجدكم ضلالاً فهداكم الله بي ؟ وكنتم متفرقين فألفكم الله بي ؟ وعالة فأغناكم الله بي ؟ ))- كلما قال شيئاً قالوا: الله ورسوله أمّن قال : (( ما يمنعكم أن تجيبوا رسول الله ؟ )) قالوا :الله ورسوله أمّن قال : (( لو شئتم لقلتم : جئتنا كذا وكذا ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير وتذهبون برسول الله إلى رحالكم ؟ لولا الهجرة لكنت امرءاً من الأنصار ولو سلك الناس وادياً أو شعباً لسلكت وادي الأنصار وشعبها الأنصار شعار والناس دثار إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحـوض )). موضوع الحديث : إعطاء المؤلفة قلوبهم من الغنائم المفردات قال لما أفاء الله على رسوله :الفيء لغة الرجوع من فاء بمعنى رجع والفئ اسم لما يؤخذ من أموال الكفار بدون قتال وهنا المقصود به الغنيمة ففيه تسامح بالتسمية . يوم حنين :أي يوم غزوة حنين . قوله وفي المؤلفة قلوبهم : بمعنى أنه أعطاهم مع أن الأصل أنهم ليس لهم شئ في الغنيمة وإنما وهبهم رسول الله ﷺ ما وهبهم تأليفاً لأن لهم نفوذ فيمن ورائهم . قوله وجدوا في أنفسهم : قال الصنعاني أقول من الموجدة وهي الغضب . قوله إذ لم يصبهم ما أصاب الناس : أي لكونهم لم يعطوا شيئاً خلاف القسمة التي أصابت المجاهدين منهم فخطبهم فقال يا معشر الأنصار ألم أجدكم ضلالاً من الوجود قوله ضلالا: أي كنتم على باطل تعبدون غير الله وتمنعون الحقوق ويقتل بعضكم بعضاً ليغنم ماله لا تعرفون شيئاً من الدين الذي أتيتكم به . فهداكم الله بي :أي بسببي . وكنتم متفرقين : من التفرق وهو الاختلاف وقد كان الأنصار بينهم عداوة يقتل الأوسي الخزرجي والعكس فألفكم الله بي :أي جمعكم على يدي وبسببي . عالة فقراء فأغناكم الله بي : أي بما أعطاكم من الغنائم التي أصبتموها على يدي . الله ورسوله أمّن :أي أكثر مناً . قوله لو شئتم لقلتم جئنا كذا وكذا :ما كنى عنه هنا قد صرح به في رواية أخرى أتيتنا مخذولا فنصرناك ومكذباً فصدقناك ومطروداً فآويناك . ألا ترضون : أداة عرض أن يذهب الناس بالشاة والبعير إلى رحالهم وتذهبون برسول الله ﷺ إلى رحالكم . الرحال : محل الإقامة ومعنى ذلك أن الذي تأخذونه أفضل مما أخذوه . الوادي : هو مجتمع السيول والشعب كذلك لكن الشعب أصغر من الوادي . الأنصار شعار : الشعار هو الثوب الذي يلي الجسد . الدثار : الذي يكون من أعلى . قوله ستجدون بعدي أثرة : أي استأثاراً بالمال عنكم فاصبروا حتى تلقوني على الحوض . المعنى الإجمالي لما فتح الله على نبيه محمد ﷺ من الغنائم الكثيرة في موقعة حنين وبعد أن ترك حصار الطائف عاد إليها أي إلى الغنائم وكان أكثرها من المواشي إذ اجتمع أكثر من أربعين ألفاً من الإبل ومائة وعشرين من الغنم فأعطى النبي ﷺ أقواماً حديثوا عهد بالإسلام ليتألفهم فأنكر ذلك بعض الأنصار أما خيارهم فإنهم يعلمون أن تصرف رسول الله ﷺ تصرف بحق فلما بلغته مقالتهم حيث قال بعض سفهائهم يعطي رسول الله ﷺ الغنائم لأقوام تقطر سيوفنا من دمائهم ويدعنا فأمر النبي ﷺ بجمعهم له في قبة فاجتمعوا فقال ما مقالة بلغتني عنكم .. ألخ ما ذكر . فعاتبهم معاتبة خفيفة واعترف لهم بما قدموه من نصرة له وللإسلام الذي جاء به فطابت نفوسهم وعرفوا بذلك عظيم ما ذخر الله لهم من صحبة رسوله ورجوعهم به إلى رحالهم بالإضافة إلى ما ادخره الله لهم في الدار الأخرى على ما قدموه وبذلوه فأمرهم ﷺ بالصبر على ما سيلقونه بعده من الأثرة فصلوات الله وسلامه على نبيه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم القيامة. فقه الحديث أولاً: يؤخذ من هذا الحديث تسمية الغنيمة فيئاً . ثانياً : يؤخذ منه إعطاء المؤلفة قلوبهم . ثالثاً : أن التأليف يعطى فيه ضعاف الإيمان من أجل أن يكونوا قوة للإسلام . رابعاً : يؤخذ من هذا الحديث أن أصحاب الإيمان القوي العميق يوكلون إلى إيمانهم باعتبار أنهم لا يهتمون لأمر الدنيا . خامساً : إنما فعل الصحابة ذلك لأنهم يعرفون أن رسول الله ﷺ معصوم من الخطأ وأنه لا يتصرف إلا بما فيه مصلحة الحق ونصرته . سادساً: فيه معاتبة النبي ﷺ للأنصار على ما بلغه عنهم من القالة فيشرع فيه العتاب بمن وثقت من إيمانه وصدق نيته . سابعاً : فيه اعتراف النبي ﷺ فيما للأنصار من فضل في نصرتهم له . ثامناً : يؤخذ من قول الأنصار الله ورسوله أمّن أن المنة لله ثم لرسوله عليهم . تاسعاً : يؤخذ من قوله ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير وتذهبون برسول الله ﷺ إلى رحالكم فيه دلاله على ضآلة ما أخذ الناس وعظيم ما أخذوا . عاشراً: لقد أكد النبي ﷺ ما سبق بقوله لو سلك الناس وادياً أو شعباً لسلكت وادي الأنصار وشعبها . الحادي عشر : يؤخذ من قوله الأنصار شعار والناس دثار أن النبي ﷺ أعتبرهم خاصة دون الناس . الثاني عشر : قوله إنكم ستلقون بعدي أثرة أي استأثاراً بالمال دونكم فاصبروا أمرهم بالصبر الثالث عشر : يؤخذ من ذلك أيضاً تحريم الخروج على الولاة وإن جاروا واستأثروا بالمال دون غيرهم لقوله ستلقون من بعدي أثرة فاصبروا ولم يقل فثوروا . الرابع عشر : قوله اصبروا حتى تلقوني على الحوض هذا وعد من الله ورسوله ﷺ للأنصار أنه سيثيبهم على نصرتهم لرسول الله ﷺ ونشرهم لدينه وإعلائهم لكلمته وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
#118
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - باب صدقة الفطر صدقة الفطر وزكاة الفطر كلاهما جاء به الحديث الصحيح هكذا قال الصنعاني رحمه الله في العدة وأقول : إن كلا اللفظين يطلق على هذا الواجب إلا أن لفظ صدقة أعم من زكاة لأن الزكاة إنما يراد بها المفروض والصدقة تشمل المفروض وغير المفروض وإضافتها إلى الفطر من إظافة الشيء إلى سببه وذلك أن هذه الصدقة أوجبها الله شكراً على إتمام الصوم وجبراً لما فيه من النقص إن كان وإغناءً للفقراء عن العمل في يوم العيد أو التجول من أجل الحصول على قوت اليوم وبالله التوفيق. [175] الحديث الأول: عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال فرض رسول الله ﷺ صدقة الفطر- أو قال : رمضان - على الذكر والأنثى والحر والمملوك : صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير قال : فعدل الناس به نصف صاع من بر على الصغير والكبير . وفي لفظ أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة . موضوع الحديث : زكاة الفطر المفردات الزكاة : تطلق ويراد بها الواجب المالي سواء تعلق بالأنصبة أو تعلق بالفطر وهل المراد بها الطهرة أو يراد بها النماء فقد ورد اللفظ في المعنيين فمن النماء قولهم زكى الحب إذا بلغ غايته ومن الطهرة قوله تعالى (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) [الشمس : 9-10] قوله فرض : هل المراد بالفرض القطع أو المراد به التقدير وكلاهما قد ورد لكن اشتهار اللفظ في القطع الذي هو الوجوب أكثر . قوله صدقة الفطر : أي التي تجب به والمراد به الفطر من رمضان أي نهايته . قوله على الذكر والأنثى والحر والمملوك :أي على كل واحد منهم صاعاً من الأجناس المذكورة من تمر أو من شعير وقد ورد لفظ الزبيب والبر والأقط أي من كل منها صاع ومن هنا لبيان الجنس . قال فعدل الناس به نصف صاع من بر :أي جعلوه عدل صاع أي نضيره إذا كان نصف صاع من البر فإنه يعدل صاعاً من غيره . قوله تؤدى : أي تعطى قبل خروج الناس إلى الصلاة المعنى الإجمالي ما أعظم شرع الله وما أبلغ حكمته في شرعه فقد جعل في يوم عيد الفطر صدقة الفطر حقاً واجباً على الأغنياء يدفعونه إلى الفقراء ليستغنوا به في يومهم ذلك وليكون دليلا على البذل والمواساة في حق أغنياء المسلمين ففرض زكاة الفطر وجعل هذا الفرض متجهاً على رئيس الأسرة وكافل العائلة يقوم به عمن تحت يده من النساء والأطفال والمماليك وبالله التوفيق . فقه الحديث أولاً : حكم هذه الصدقة استدل الجمهور بقول الصحابي فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر على أن هذه الزكاة فرض واجب على من وجدها مع قوت يومه بل قد حكى ابن المنذر وغيره الإجماع على وجوبها قال الصنعاني لكن الحنفية يقولون بالوجوب دون الفرض على قاعدتهم من التفرقة بين الفرض والواجب قال وفي نقل الإجماع في ذلك نظر لأن إبراهيم بن عليّة وأبا بكر ابن كيسان الأصم قالا إن وجوبها نسخ واستدلوا على ذلك بحديث قيس بن سعد بن عبادة قال : ( أمرنا رسول الله ﷺ بصدقة الفطر قبل أن تنـزل الزكاة فلما نزلت الزكاة لم يأمرنا ولم ينهنا ونحن نفعله ) . وتعقب بأن في إسناده راوياً مجهولاً وقد وضعه الألباني في الصحيحة ولم يقل صحيح . قلت : أولا: أن هذا الحديث لا يعتمد عليه لضعفه ، ثانياً :لأنه تعارضه أحاديث صحيحة تدل على استمرار الفرضية وعمل الصحابة بها ومن بعدهم إلى يومنا هذا . ثالثاً: أن قولهم بعدم الوجوب لا يكون خارقاً للإجماع لعدم الدليل الذي يستند إليه والإجماع لا بد أن يكون مستنداً إلى دليل رابعاً: أن الإجماع مستند إلى أدلة صحيحة وصريحة . أما قول الحنفية بالوجوب وأنه دون الفرض في قاعدتهم في التفرقة بين الفرض والواجب وأقول إن قول الحنفية هذا لا يدل على عدم الوجوب بل يدل على عدم الفرضية وإذاً فإنها واجب يأثم تاركه ولا يقاتل عليه ومن قال بخلاف ذلك فقد شذ والشاذ لا حكم له . ثانياً : يؤخذ من هذا الحديث وما في معناه أن هذه الصدقة تتعلق بالفطر وهل تجب بغروب الشمس من آخر يوم من رمضان أو بطلوع الفجر أو بطلوع الشمس من يوم العيد وكل من هذه الأقوال قد قيل وأقواها أن الوجوب يتعلق بمن هو عليه بغروب الشمس من آخر يوم من رمضان لأنه هو الفطر الحقيقي فلا واجب ينتظر بعده وأنها تؤدى في ليلة العيد ويومه قبل الخروج إلى الصلاة وأحسن وقتها وأفضله ما بين صلاة الصبح من يوم العيد والخروج إلى الصلاة وقد ورد في ذلك حديث حسنه الألباني ثالثاً :اختلف في جواز تقديمها ووجوب قضاءها بعد الصلاة إن فرط حتى صلى الإمام والكلام في جواز التقديم يتوقف على صحة الحديث الوارد فيه وكذلك أداؤها بعد الصلاة هل تكون قضاءً أو صدقة من الصدقات . رابعاً :قوله صاعاً من تمر ...إلخ هذا هو المقرر في الشرع أنه صاع من الأجناس المذكورة والكلام في هذه المسألة يتعلق بأمرين هل يجوز أن تعطى من غير الأجناس المذكورة إذا كان ذلك الجنس مقتاتاً للناس وهل يجوز أن يعطى من البر نصف صاع بدلاً عن الصاع فأما كونه يتوقف على الأجناس المذكورة فالظاهر أن تلك الأجناس هي التي كانت معروفة في المدينة إلا أن لفظ الطعام يشمل كل مقتات وهذا هو الظاهر لقوله في بعض الألفاظ أو صاعاً من طعام وإن كان الطعام في الغالب يطلق على البر إلا أنه يشمل ما كان مقتاتا في غير الضرورة كالأرز والذرة والدخن وما أشبه ذلك . أما كون البر نصف صاع منه يعدل صاعاً من غيره فهذا سيأتي في الحديث الثاني والقول بأنه يخرج من غالب قوت البلد هذا هو الحق فيما أرى . خامساً :الصاع أربعة أمداد والمد رطل وثلث بالبغدادي وخالف في ذلك أبو حنيفة وجعل الصاع ثمانية أرطال واستدل مالك بنقل الخلف عن السلف في المدينة وهو استدلال صحيح قوي في مثل هذا ولما ناظر مالك بن أنس إمام دار الهجرة أبا يوسف صاحب أبي حنيفة بحضرة الرشيد في المسألة رجع أبو يوسف إلى قوله وذلك أن مالكاً قال لمن حضره من أهل المدينة قم يا فلان فأت بصاع جدك وقم يا فلان فأت بصاع جدتك حتى اجتمع عنده آصع فحزرت تلك الآصع فوجد كل واحد منها خمسة أرطال وثلث وكل واحد من هؤلاء قال حدثني أبي عن جدي أنه أدى إلى النبي ﷺ بهذا الصاع وذلك يقول حدثني أبي عن جدتي وهكذا . قال المحقق وهذه القصة تؤيد رأي من يرى أن بلاغات مالك موصولة وهو الصحيح . سادساً : اختلف أهل العلم في الأقط هل هو واجب كالذي ذكر معه من الحبوب المقتاتة أو الثمار ذلك لأن الأقط هو لبن مجفف يكون قطعاً بعد الصنعة لم يخرج دهنه وكون هذا يكون عند أهل البادية فهو أرفق بهم وهل يجزئ عمن أداه من الحواضر هنا حصل خلاف بين أهل العلم فمنهم من رآه مجزئاً بذكره في الحديث ومنهم من علق أجزاؤه على عدم وجود غيره ولعل هذا هو الأقرب والله أعلم . سابعاً : في قوله على الذكر والأنثى والحر والمملوك والصغير والكبير من المسلمين دلالة على عموم هذا الواجب حتى على من ولد قبل خروج الناس إلى المصلى من يوم العيد أما من ولد بعد ذلك فلم يلحقه الوجوب في الظاهر واختلف أهل العلم في إخراجها عن الحمل فأثر عن عثمان بن عفان فعله والظاهر أنه اجتهاد منه فيكون مباحاً لمن أراد ذلك لا واجباً . ثامناً: اختلف في المملوك هل الوجوب متجه عليه أو على سيده فذهب الجمهور إلى أن الوجوب متجه على سيده وذهب داود الظاهري إلى أن الوجوب متجه عليه ويمكنه سيده من الكسب لذلك . تاسعاً: يؤخذ من قوله من المسلمين أن العبيد الكفار لا تجب الفطرة عنهم وإنما تجب عن المسلمين وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf . |
#119
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [176] الحديث الثاني : عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : كنا نعطيها في زمن النبي ﷺ صاعاً من طعام أو صاعاً من شعير أو صاعاً من أقط أو صاعاً من زبيب فلما جاء معاوية وجاءت السمراء قال : أرى مداً من هذه يعدل مدين قال أبو سعيد : أما أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه على عهد رسول الله ﷺ . موضوع الحديث : زكاة الفطر وأن نصف صاع من البر يعدل صاعاً من غيره المفردات تقدم الكلام على حديث ابن عمر وفيه شرح كثير من مفردات هذا الحديث . قوله وجاءت السمراء : هي نوع من البر (الحنطة) وإنما رأى معاوية هذا الرأي لأن هذا النوع من الحنطة يربو ويزيد إذا طحن . المد : هو ربع صاع بالآصع النبوية . المعنى الإجمالي يخبر أبو سعيد الخدري رضي الله عنه بأنهم كانوا يعطونها في زمن النبي ﷺ صاعاً من جميع الأجناس وأنه في زمن معاوية جاء معاوية إلى المدينة حاجاً أو معتمراً وقال أرى إن نصف صاع من السمراء يعدل صاعاً من غيرها فأخذ الناس به أما أبو سعيد فقد استمر على ما كان يخرجه في زمن النبي ﷺ . فقه الحديث تقدم الكلام على حكم زكاة الفطر ومقدارها وعلى من تجب ومتى تجب وهنا سأبين ما جاء عن معاوية في جعله نصف صاع من بر يعدل صاعاً من غيره فـأقــول: أولاً: اختلف أهل العلم في هذه المسألة فقال أبو حنيفة نصف صاع من البر يعدل صاعاً من غيره وذهب الجمهور إلى أن الواجب أداء صاع من كل جنس من الأجناس المذكورة في هذا الحديث وغيرها مما لم يذكر وهذا هو القول الحق إن شاء الله وذلك لأن جعل نصف الصاع من البر يعدل صاعاً من غيره هو رأي لمعاوية رضي الله عنه خالفه في ذلك أبو سعيد الخدري وهو صحابي جليل أقدم صحبة من معاوية وأكثر ملازمة للنبي ﷺ منه . ثانياً :إذا تعارض قول الصحابي مع قول صحابي آخر ففي هذه الحالة يقدم أقربها إلى الحق وأشبهها بالصواب وأحسنها ملائمة للأدلة التوقيفية هذا بقطع النظر عن كون أحد القولين يعارض نصاً صريحاً عن المعصوم ﷺ إذا علمنا هذا فإن رأي معاوية عارض الدليل الشرعي عن الحبيب المصطفى ﷺ وبهذا يجب علينا أن نقدم النص الصريح على رأي الصحابي لا سيما وقد نصص فيه على الطعام وقد كانت لفظة الطعام تستعمل في البر عند الإطلاق أما المعنى اللغوي فإن الطعام يطلق على كل ما أقتاته الناس وعلى هذا فيشمل الأطعمة المقتاتة التي لم تذكر هنا كما قد سبق ترجيحه في الحديث الأول ويدخل فيها البر دخولاً أولياً لأنه أفضل الأقوات وأحسنها بالإضافة إلى أن الله تعالى خاطبنا باتباع رسوله ﷺ دون سواه وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ] [ المجلد الثالث ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf التصفية والتربية TarbiaTasfia@ . |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
انواع عرض الموضوع | تقييم هذا الموضوع |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام ((المجلد الثاني)) | ام عادل السلفية | الأحاديث الصحيحة فقهها وشرحها | 51 | 28-07-2015 09:57PM |
شرح احاديث عمدة الاحكام لفضيلة الشيخ العلامه احمد بن يحيى النجمي -رحمه الله- | ام عادل السلفية | الأحاديث الصحيحة فقهها وشرحها | 75 | 28-07-2015 09:53PM |
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي | ام عادل السلفية | مكتبة معرفة السنن والآثار العلمية | 1 | 14-02-2015 01:42AM |
بشرى ...حمل التعليقات على عمدة الأحكام للسعدي.pdf | أبو عبد الودود سعيد الجزائري | مكتبة معرفة السنن والآثار العلمية | 1 | 22-05-2011 12:55PM |
ردع الشيخ المحدث مقبل الوادعي لجناية علي رضا على كتب العلل واستخفافه ببعض المتقدمين | ماهر بن ظافر القحطاني | منبر الجرح والتعديل | 0 | 05-05-2005 01:07AM |