|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
سلسلة من الفتاوى للشيخ الالباني رحمه الله في المنهج
س)- ورد أن الله سبحانه وتعالى يبعث على رأس كل قرن هجري مجدداً لهذه الأمة، فهل هذا صحيح أولاً؟ وإن كان صحيحاً فما نوع التجديد الذي يتم على يد هذا المجدد؟
الحديث صحيح، والتجديد أنواع، هذا هو الصحيح في تفسير الحديث، فالإسلام يحتاج إلى تجديد كلما مضى عليه مدة من الزمن -طويلة أو قصيرة- وتجديد الإسلام يكون من نواحٍ متعددة، أهمها: تجديد مفاهيمه الصحيحة، حيث ينحرف المسلمون مع الزمن عن فهم الإسلام -كتاباً وسنةً- فهماً صحيحاً، فأعظم تجديد هو هذا التجديد، الذي يأتي إلى المسلمين بالمفاهيم الصحيحة التي كان عليها سلفنا الصالح لنصوص الكتاب والسنة. ومن هذا التجديد الأهم: أن يصفي السنة مما دخل فيها مما ليس منها، ثم هو يدعو المسلمين إلى الاعتماد على هذه السنة الصحيحة مع القرآن، ومع ذاك البيان الصحيح لكل منهما، الذي كان عليه سلفنا الصالح، هذا تجديد وهو أهم تجديد، ولا تقوم قائمة المسلمين، وقائمة الحركات الإسلامية، والدعوات الإسلامية كلها، والأحزاب الإسلامية كلها؛ إلا إذا بنيت على هذا التجديد الأصيل؛ وهو: تجديد السنة بتمييز ما ليس منها وطرحه جانباً، وتجديد المفاهيم الصحيحة لنصوص الكتاب والسنة، بدعوة المسلمين إلى المفاهيم التي كان عليها سلفنا الصالح. لكن هذا في الواقع لا يكفي، فلا بد من تجديد -مثلاً- لعلوم أخرى يتطلب تطور الحياة العلمية والاجتماعية أن يتوجه بعض الناس إلى تجديدها، ونضرب على ذلك مثلاً.. علم اللغة، فهذا العلم لا بد من التجديد فيه، وتقريبه إلى الناس، وحتى إلى العربأنفسهم الذين ابتعدوا قليلاً أو كثيراً عن لغتهم، بسبب العُجمة التي تسربت إليهم، فلا بد إذاً من تجديد هذا العلم، وكذلك يقال: لا بد من تجديد النواحي التربوية والنفسية، وتوجيه المسلمين إلى ما يوافق الكتاب والسنة من هذه النواحي كلها، ولا شك أن فرداً بل جماعة لا تستطيع أن تقوم بكل هذه الجهود وهذه التجديدات، ولذلك ذكر بعض العلماء -كمثال لأنواع التجديد- من المجددين: صلاح الدين الأيوبي ؛ مع أن الرجل لم يكن مشهوراً بالعلم، ولكن لما جدد الحياة الإسلامية؛ بأن حضهم على الجهاد، وحملهم على مقاتلة الأعداء، وإخراجهم من البلاد بعد أن احتلوها سنين طويلة؛ فاعتبروه من جملة المجددين، فإذاً: لا يحصر التجديد في ناحية دون أخرى، فما دام أن الحياة تتجدد فلا بد للعلوم من أن تتجدد، وأن تمشي هذه العلوم وفق الكتاب والسنة الصحيحة، وعلى المفهوم الذي كان عليه سلفنا الصالح رضي الله عنهم. دروس ومحاضرات مفرغة من تسجيلات الشبكة الإسلامية . س)- ما أسباب تسلط الذل على المسلمين؟ روى الإمام أبو داود في سننه، والإمام أحمد في مسنده وغيرهما بإسنادين يقوي أحدهما الآخر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد في سبيل الله؛ سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم). في هذا الحديث الصحيح بيان للعلاج والدواء لهذا الذي حل بالمسلمين من الذل الذي سيطر عليهم أجمعين، إلا أفراداً قليلين منهم لا يزالون يتمسكون بالعروة الوثقى لا انفصام لها. لقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث المرض الذي إذا حل بالمسلمين أذلهم الله، ثم وصف لهم الدواء والخلاص من هذا الداء، فقد قال عليه الصلاة والسلام في مطلع هذا الحديث: (إذا تبايعتم بالعينة) بيع العينة لا نريد الكلام عنه إلا بإيجاز، هو: بيع من البيوع الربوية التي ابتلي بها كثير من الناس في العصر الحاضر، وهو إنما ذكره الرسول صلوات الله وسلامه عليه على سبيل التمثيل وليس على سبيل التحديد، مما يقع فيه المسلمون فيستحقون به وبسببه أن يذلهم الله تبارك وتعالى، ذكر بعض الأمثلة في نص هذا الحديث: أولها: بيع العينة، ثم ثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك فقال: (وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع) وهذا كناية عن تكالب المسلمين على جمع الدنيا وعلى الاهتمام بزخارفها، ذلك الذي يصرفهم عن القيام بكثير من الواجبات الشرعية، وضرب على ذلك مثلاً واحداً أيضاً، فقال عليه الصلاة والسلام في تمام الحديث: (وتركتم الجهاد في سبيل الله). (إذا تبايعتم بالعينة) أي: تعاملتم بالمعاملات المحرمة ومنها العينة.. (وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع) أي: انصرفتم عن القيام بواجباتكم الدينية إلى الاهتمام بالأمور الدنيوية، وكسب المال بأي طريق كان، وأدى ذلك بكم إلى ترك الجهاد في سبيل الله.. ماذا يكون عقاب هذه الأمة حينما تقع في هذه الأمورالتي لم يشرع ربنا عز وجل شيئاً منها؟ قال عليه الصلاة والسلام من باب التحذير: (سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم)، وهذا الذل المسلط على المسلمين أمرٌ لا يخفى على كل ذي عقل، وهنا يحتاج الأمر إلى كثير من البيان، وحسبنا تذكيراً ما أصاب المسلمين في احتلال اليهود لفلسطين فضلاً عن البلاد الشامية الأخرى التي لا تزال الفتن فيها تترى، ولا يزال الحكام غير المسلمين أو الحكام المسلمون جغرافيون يعيثون فيها فساداً، كل ذلك ذلٌ سلطه الله تبارك وتعالى على المسلمين، وليس ذلك ظلم منه، وحاشاه! فإن ربنا عز وجل لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون، ربنا عز وجل يقول: (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ) [النساء:160] فالله عز وجل لما سلط الذل علينا فبظلمٍ منا، فهو ظلم واضح في كثير من الأمور، وقد ضرب الرسول عليه السلام لنا هذه الأمثلة الثلاثة: التبايع بما حرم الله.. التكالب على حطام الدنيا.. ترك الجهاد في سبيل الله. فكانت النتيجة أن يسلط الله علينا ذلك الذل المخيم بصورة مجسدة مجسمة في بلادنا العزيزة فلسطين. دروس ومحاضرات مفرغة من تسجيلات الشبكة الإسلامية . س)- إذا كان هذا الذل فما الخلاص منه؟ وما النجاة منه؟ يقول الرسول عليه الصلاة والسلام الذي وصفه ربنا في القرآن بحق حين قال : (بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) [التوبة:128] قال عليه السلام في تمام الحديث: (سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم)، فهذا هو العلاج، قد وصفه الرسول عليه السلام واضحاً مبيناً في خاتمة هذا الحديث حيث قال: حتى ترجعوا إلى دينكم). وحينما أروي لكم هذا الحديث وأعلق بعض هذه التعليقات عليه لا آتيكم بشيء جديد؛ لأن المسلمين جميعاً على ما بينهم من اختلافات في العقائد وفي الفروع كما يقولون، كلهم مجمعون على أن سبب الذل الذي حل بالمسلمين إنما هو تركهم لدينهم، وكلهم يقولون: إن العلاج هو الرجوع إلى الدين، هذا كله أمر معروف لديهم أجمعين. لكن الشيء الذي أريد أن نذكِّر به، وقد يكون أمراً جديداً بالنسبة لبعض الناس، ولكنه هو الحق مثلما أنكم تنطقون، هذا الشيء هو: لِمَ وصف الرسول صلى الله عليه وسلم الدواء لهؤلاء المسلمين المستذلين بسبب ما ارتكبوا من مخالفات لدينهم، وصف لهم الدواء بأن يرجعوا إلى دينهم؟ فما هو هذا الدين -هنا بيت القصيد في كلمتي هذه- ما هو هذا الدين الذي هو علاج المسلمين بنص هذا الحديث، والمسلمون -كما ذكرنا- كلهم يقولون: على المسلمين أن يعملوا بدينهم، لكن ما هو هذا الدين؟ إن الشيء المؤسف أن هذا الدين الإسلامي قد أخذ مفاهيم عديدة جداً في مسألة التاريخ الطويل من بعد السلف الصالح رضي الله عنهم، ليس فقط في الأمور الفقهية التي يصفونها بأنها فرعية؛ بل حتى في المسائل الاعتقادية، وكلنا يعلم حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أخبرنا بافتراق المسلمين إلىثلاثٍ وسبعين فرقة، حين قال: (تفرقت اليهود إلى إحدى وسبعين فرقة، وتفرقت النصارى إلى اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي إلى ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، قالوا: من هم يا رسول الله؟ قال: هم الجماعة) هذه هي الرواية الصحيحة، وهناك رواية أخرى في سندها شيء من الضعف، ولكن يوجد ما يشهد لها، ألا وهي قوله عليه السلام : (هي ما أنا عليه وأصحابي). وفي الواقع هذه الرواية ليس فيها شيءٌ جديد بالنسبة للرواية الأولى إلا التوضيح والترتيب، فالرسول صلوات الله وسلامه عليه حين قال في وصف الفرقة الناجية : (هي الجماعة) فسرها في الرواية الأخرى بأنها هي التي تكون على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه. إذاً: فالرسول عليه السلام يخبرنا في هذا الحديث أن المسلمين سيتفرقون إلى ثلاث وسبعين فرقة، وهذه الفرق كلها ضالة إلا فرقة واحدة، صفتها: ما كان عليه الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه، نحن اليوم نعيش في خضم هذا الاختلاف الكثير والكثير جداً، الذي ورثناه طيلة هذه السنين الطويلة المديدة، وكل من هذه الفرق ليس فيها طائفة تتبرأ من الإسلام، ليس فيها طائفة تقول: ديننا غير الإسلام، كلهم يقولون: ديننا الإسلام، ومع ذلك -أيضاً- يقولون كلهم: علاج المسلمين هو تمسكهم بالدين. إذاً: هذا الدين الذي تفرق فيه المسلمون إلى ثلاث وسبعين فرقة -أي: تفرقوا في فهمه هذا التفرق الشديد- إذا كان الرسول صلوات الله وسلامه عليه قد جعل العلاج إنما هو بالرجوع إلى هذا الدين، فبأي مفهوم ينبغي أن يفهم هذا الدين حتى يكون هو العلاج كما قال عليه الصلاة والسلام : (سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم)؟ لا نذهب بكم بعيداً في ضرب الأمثلة، فها نحن في المثال الأول الذي نصبه الرسول عليه الصلاة والسلام أول هذا الحديث، حيث قال: (إذا تبايعتم بالعينة)، بيع العينة المذاهب اليوم مختلفة فيه، فمنهم من يبيحه، ومنهم من يحرمه، والرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث يجعل من أسباب مرض المسلمين واستحقاقهم الذل أنهم يتبايعون بالعينة، فإذاً بأي منهج وبأي مفهوم للدين يجب أن نفهم هذا الدين حتى يكون عبادة وسبباً لخلاصنا من هذا الذل الذي سيطر علينا؟ إن بيع العينة الذي ذكره الرسول عليه السلام في شرح هذا الحديث قد استباحه بعض المسلمين، ولا أعني الجهلة والعامة، وإنما أعني الخاصة وبعض المؤلفين والمصنفين من القدامى والمحدَثين، ذكروا أن بيع العينة بيع حلال، وهو داخل في عموم قوله تعالى : ( وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا) [البقرة:275] لكن هذا الحديث يبين لنا أن بيع العينة ليس مشروعاً بل هو محرم، ولذلك جعله سبباً من أسباب استحقاق المسلمين للذل. إذاً: معنى هذا الحديث أنه لا يجوز بيع العينة، فإذا أردنا أن نرجع إلى ديننا ليعزنا ربنا عز وجل، ويرفع الذل الذي سيطر علينا، فنبيح بيع العينة أم نحرمه؟ لابد أن نحرمه، وهذا التحريم جاء في حديث، لكن تحليله جاء في بعض الروايات وبعض الأقوال. إذاً: حينما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث: (حتى ترجعوا إلى دينكم)، إنما يعني الدين المذكور في القرآن والمفصل في حديث الرسولعليه الصلاة والسلام، الدين كما قال عز وجل : ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ) [آل عمران:19]، وقال: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) [المائدة:3] وقال: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) [آل عمران:85] إلى آخر الآيات. إذاً: الدين الذي هو العلاج هو الاستسلام، لكن الإسلام قد فهم على وجوه شتى في الأصول -في العقائد- فضلاً عن الفروع. دروس ومحاضرات مفرغة من تسجيلات الشبكة الإسلامية . س)- هناك شخص يقول: أنا عقيدتي سلفية، وهو يدعو إلى طائفة فيها بعض الشبهات والإهمال للسنة، فما رأيكم في هذا الشخص؟ في الواقع أنني أستغربته جداً؛ لأنني لم أتصور وجوده في واقع حياتنا اليوم، أن تتصور رجلاً سلفياً عقيدةً ومذهباً، ثم هو يدعو إلى مذهب آخر، كيف تتصور ذلك؟ السائل: هذا الرجل يرى أن الجماعة التي يدعو إليها تنتمي إلى الإسلام ظاهراً، ولكن فيها شيء من إهمال السنة، وفيها بعض التشويش، وهو إنما يدعو مع هذه الجماعة؛ لأن لها مكانة في الدولة، فيستطيع من خلال انضمامه إلى هذه الجماعة أن يدعو إلى الله بقوة دون أي خوف، وعقيدته كما هي سلفية، وإنما ينتمي ظاهراً إلى هذه الدعوة. الشيخ: الآن ظهرت المسألة، بينما من قبل كان فيها شيء من الغموض، الآن نورد سؤالاً توضيحياً: هل هذا السلفي حينما يدعو إلى تلك الجماعة في تلك الجماعة ما يخالف السلفية في اعتقادهم؟ السائل: الجماعة فيها بعض الشبهات. الشيخ: أنا لا أتكلم في الشبهات، أنا قلت: في تلك الجماعة التي يدعو هذا السلفي إليها، أيعتقد أن في تلك الدعوة ما يخالف دعوته؟ أي: الدعوة السلفية. السائل: نعم. الشيخ: إن كان الأمر كذلك فهذا ليس سلفياً؛ لأن السلفية مثل الإيمان قابلة للزيادة والنقصان؛ لأنه كما شرحنا آنفاً أن السلفية فهم الكتاب والسنة فهماً صحيحاً على منهج السلف الصالح، لكن لا نفهم هل هو شيء محدود لا يقبل الزيادة والنقصان؟ لا. ثم بعد أن يفهم المسلم الدعوة الصحيحة للدعوة السلفية فهماً صحيحاً بقدر الإمكان، هل يطبقه كل سلفي مائة في المائة أم بنسبة متفاوتة؟ بنسبة متفاوتة، فإذا كان هناك رجل سلفي ثم هو يدعو إلى جماعة أخرى، في أفكارها وفي دعوتها ما يخالف الدعوة السلفية، فهو كالذي يجمع بين نقيضين في أمرٍ واحد، لكن هذا ينكر عليه؛ لأني أعتقد أن هذا السلفي لا يعلم أن في تلك الجماعة ما يخالف الدعوة السلفية، فإذا علم وبين له، ففي اعتقادي أنه بعد ذلك لا يستطيع أن يتبنى تلك الدعوة إطلاقاً، كل ما يمكن أن يفعله أن يخالفهم، وأن يعاشرهم ويبث الدعوة السلفية بينهم، لا أن يتبنى هو دعوتهم، ويلتزمها كما يلتزم الدعوة السلفية. خلاصة القول: لا يمكن الجمع بين الدعوة السلفية وغيرها من الدعوات بالكلية؛ لأن في تلك الدعوات أشياء تخالف الدعوة السلفية قطعاً. دروس ومحاضرات مفرغة من تسجيلات الشبكة الإسلامية . س)- هل يشترط النصيحة قبل التحذير؟ يتفرَّع عن هذا قول بعضهم أو اشتراط بعضهم بمعنى أصّح أنه في حالة الردود لابد قبل أن يُطبع الرّد إيصال نسخة إلى المردود عليه حتى ينظر فيها ، ويقول إن هذا من منهج السلف ؟ هذا ليس شرطاً ، لكن إن تيسّر وكان يُرجى من هذا الأسلوب التقارب بدون تشهير القضية بين الناس فهذا لا شك أنه أمر جيّد ، أما أولاً أن نجعله شرطاً ، وثانياً أن نجعله شرطاً عاماً فهذا ليس من الحكمة في شيء إطلاقاً ، والناس كما تعلمون جميعاً معادن كمعادن الذهب والفضَّة ، فمن عرفت منه أنه معنا على الخط وعلى المنهج وأنه يتقبّل النصيحة فكتبت إليه دون أن تُشهّر بخطئه على الأقل في وجهة نظرك أنت فهذا جيّد ، لكن هذا ليس شرطاً ، وحتى ولو كان شرطاً ليس أمراً مستطاعاً ، من أين تحصل على عنوانه ؟! ، وعلى مراسلته ؟! ، ثم هل يأتيك الجواب منه أو لا يأتيك ؟! ، هذه أمور ظنية تماماً ... هذا الشرط تحقيقه صعب جداً ولذلك المسألة لا تُأخذ شرطاًشريط . انتهى كلام الالباني من شريط الموازنة في النقد من سلسلة الهدى والنور رقم 638. س)- ما حكم الاصطلاح في العلوم الشرعية؟ الاصطلاح في العلوم الشرعية لا بأس منه؛ لأن الغرض تيسير والفهم على الناس، ولكن ينبغي أن يراعى فيه ألا يؤدي إلى مخالفة شرعية .. أُوْرِدُ مثالاً من الأمثلة العصرية: لا بأس أن نسمي معاني بأسماء جديدة، لكن بشرط ألا تغير حقائق شرعية، فإذا لم يتوفر هذا الشرط فلا يصح ذاك الاصطلاح أو تلك التسمية. مثلاً: لا يصح أن نسمي ما حرم الله عز وجل من الملاهي وآلات الطرب بفنون جميلة؛ وذلك لما في هذه التسمية من تلطيف لمثل هذه المعاصي، وإيهام الناس بأنه لا شيء فيها لأنها من الفنون الجميلة، لكن لو أطلقنا هذا الاسم على رسوم ونقوش زاهية براقة جميلة، ليس فيها صور حيوانات محرمة في الإسلام، فلا بأس من هذه التسمية، هذا مثال من واقعنا في العصر الحاضر، والأمثلة في ذلك كثيرة؛ كتسمية الربا المحرم بالفائدة .. أي فائدة يجنيها الإنسان من وراء التعامل بالربا؟ فنحن لا يجوز أن نتجاوب مع هذه التسمية ومع هذا الاصطلاح، لا لكونه حادثاً، فلكل قوم أن يصطلحوا على ما يشاءون، وإنما لأن الاصطلاح يؤدي إلى مخالفة الشرع، فإن الشرع يطلق على من يتعاطى الربا بأنه يحارب الله ورسوله، ونحن نسمي هذا فائدة! هذا كله من وساوس الشيطان على بني الإنسان، لصرفه عن أوامر الله وإيقاعه فيما حرم الله. دروس ومحاضرات مفرغة من تسجيلات الشبكة الإسلامية . س)- هل من الشذوذ أن يختار المسلم قولا من أقوال الخلاف لدليل كان الجمهور على خلافه؟ ليس من الشذوذ في شيء أن يختار المسلم قولا من أقوال الخلاف لدليل بدا له ولو كان الجمهور على خلافه خلافا لمن وهم فإنه ليس في الكتاب ولا في السنة دليل على أن كل ما عليه الجمهور أصح مما عليه مخالفوهم عند فقدان الدليل نعم إذا اتفق المسلمون على شيء دون خلاف يعرف بينهم فمن الواجب اتباعه لقوله تعالى (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا)النساء115 ، وأما عند الاختلاف فالواجب الرجوع إلى الكتاب والسنة فمن تبين له الحق اتبعه. دروس ومحاضرات مفرغة من تسجيلات الشبكة الإسلامية . س)- ما حكم الإسلام في سب الأئمة والعلماء أحياءً وأمواتاً؟ قال عليه الصلاة والسلام: (لا تسبوا الأموات فقد أفضوا إلى ما قدموا)، أي: لا يجوز سب المسلم حتى لو كان مطعوناً في إسلامه؛ لأنه ليس هناك فائدة من هذا الطعن بعد أن انتقل إلى حكم الله عز وجل، فالأولى ألا يجوز سب المسلمين الصالحين، ثم أولى وأولى ألا يجوز سب الأئمة؛ لأنهم يجمعون إلى صلاحهم العلم وخدمة الدين، ونقل الأحاديث، والتوضيح، وتفصيل أحكام الشريعة، وغير ذلك مما هو معروف، وأنا أستغرب مثل هذا السؤال؛ لأننا لا نعتقد أن في المسلمين ولو في الدرجة السفلى من الإسلام من يسب علماء الإسلام! السائل: أحياناً يبين الإنسان خطأ العالم، لكن بعض العلماء قد يفهمونه سباً، وهذا ليس من السب في شيء. الشيخ: إن كان هذا هو المقصود فبئس ما قصد؛ لأن تخطئة الإنسان لآخر هذا أمر واجب في الإسلام، والتخطئة لا تعني نقداً ولا طعناً، فضلاً عن أن تعني شتماً وسباً، وإنما بيان الحق؛ ولذلك قال عليه السلام في الحديث الصحيح في صحيح البخاري : (إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد)، من الذي يخطر في باله أن الرسول قد يقول عن قاضٍ أو حاكمٍ ما: أنه أخطأ أنه ينال منه ويسبه ويجعل له أجراً واحداً؟ كذلك في قصة رواها البخاري -أيضاً- في تأويل رؤيا فسرها أبو بكر بين يدي الرسول عليه السلام، فقال له عليه السلام: (أصبت بعضاً وأخطأت بعضاً) فهل يخطر في بال الإنسان أن يقول: بأن الرسول سب صاحبه في الغار أبا بكر الصديق، حينما قال له: أخطأت بعضاً؟ لكن هذا من تأخر المسلمين في ثقافتهم الإسلامية، وابتعادهم عن اللغة الشرعية، والحقيقة أن المتأخرين حتى من الفقهاء، أو لعل الأصح أن نقول: المتفقهين يتحاشون مثل هذه العبارة؛ لأنهم هم أنفسهم قد انقلبت عليهم هذه الحقيقة، فهم قد يتصورون والعامة تبعاً لهم في ذلك، أنه إذا قيل: أخطأ فلان، فهذا طعن ولمز في هذا المخطئ، والأمر -كما سمعتم- ليس كذلك، وهذا أمر لا يحتاج إلى كبير بيان، فحسبنا هذا القدر. دروس ومحاضرات مفرغة من تسجيلات الشبكة الإسلامية . |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|