|
#1
|
|||
|
|||
الفتوى واحكامها
بسم الله الرحمن الرحيم
الفتوى واحكامها اولا : من آداب المفتي والمستفتي لفضيلة الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. الموضوع موضوع مهم جدًا وهو موضوع الفتوى من حيث حاجة الناس إليها ومن حيث نشر العلم الذي أنزله الله سبحانه وتعالى، والناس بحاجة إليه، والله جل وعلا تولى الفتوى بنفسه، قال جل وعلا: (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ) [سورة النساء: 176] وقال سبحانه: (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ) [سورة المائدة: 127]، وكذلك تولاها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان الناس يسألونه وهو يفتيهم بما أنزل الله إليه، وكذلك يتولاها بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، العلماء، فإن العلماء ورثة الأنبياء، فهم يتولون الفتوى بعده، بحاجة الناس إلى ذلك، فالفتوى ضرورية للمسلمين. ويجب على الجاهل أن يستفتي، قال تعالى: (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) [سورة النحل: 43]، ويجب على العالم أن يفتي السائل، لئلا يكون كاتمًا للعلم، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ*إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)، فلا يجوز لمن أعطاه الله العلم وسأله الناس أن يكتم العلم، فيكون من هذا الصنف الذين توعدهم الله سبحانه وتعالى، ولا يجوز له أن يفتي بغير ما يعلم فإذا سئل عن شيء وليس عنده علم، لأن الإنسان بشر ليس محيطًا بكل شيء فيتوقف، إلى أن يتبين له الجواب الصحيح، بعد التأمل ومراجعة الكتاب والسنة أو مشاورة أهل العلم، فلا يستعجل ويفتي عن كل سؤال وهو لا يعلم جوابه من الكتاب والسنة لأن هذا من القول على الله بغير علم، قال تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ) إلى قوله في آخر الآية: (وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ). العلم ما حرمه الله أشد التحريم جعله أشد من الشرك، (وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ)، قال تعالى: (وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ*مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ). الذي ليس عنده علم يتوقف حتى يفتح الله. سئل الإمام مالك (رحمه الله) إمام دار الهجرة عن أربعين مسألة جاء بها رجل قادم عليه مسافر إليه يسأله عنها فأجاب عن ست مسائل وقال عن البقية لا أدري، مالك قال لا أدري قال الرجل جئتك من كذا وكذا وتقول لا أدري قال نعم اركب راحلتك وارجه وقل للناس سألت مالكًا وقال لا أدري. والنبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سئل عن شيء لم ينزل عليه فيه وحي يتوقف، حتى ينزل الوحي، ولهذا قال الله جل وعلا في عدد آيات يستفتونك يستفتونك يستفتونك فيتوقف صلى الله عليه وسلم عن الإجابة حتى ينزل عليه الوحي من الله جل وعلا. وليس في هذا غضاضة على الإنسان أن يقول لا أدري وأن يقول للسائل انتظر أو راجعني يتأمل في المسألة ليس هذا نقص في حقه بل هذا كمال، إنما النقص لو أجاب بغير علم والقول على الله بغير علم. وكذلك لا يفتي السائل بغير الحق وهو يعلم الحق من أجل هوى أو التماس رغبة السائل أو من أجل طمع دنيوي فلا يجيب السائل بغير العلم الصحيح الذي يعلمه، قال سبحانه وتعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ*أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ). لا يجوز للعالم أن يفتي بغير الحق من أجل إرضاء السائل أو من أجل إرضاء غيره أو من أجل طمع دنيوي يأخذه على فتواه بغير الحق هذا من تبديل أحكام الله سبحانه وتعالى، فالأمر خطير جدًّا. كما أنه يجب على العالم إذا سئل أن يقتصر على موضع السؤال فيجيب السؤال ولا يجيب عن شيء لم يُسأل عنه إلا إذا كان السائل يحتاج إلى هذا، إذا لاحظ على السائل أنه بحاجة إلى زيادة يزيد، لما سئل صلى الله عليه وسلم عن ماء البحر يجوز التطهر قال: "نعم هو الطهور ماءه الحل ميتته"، فزاده على سؤاله قال: "الحل ميتته"، وهو لم يسأل عن الميتة ميتة البحر، لكن لما رأى أنه يجهل أن ماء البحر طهور لما كان يجهل هذا فلأن يخفى عليه حل ميتة البحر وهي السمك من باب أولى فأجابه بزيادة لأنه بحاجة إليها. كذلك يوسف عليه السلام لما دخل السجن ورأى عليه السجناء ملامح الخير وملامح العلم، سألوه عن رؤيا رؤوها (وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانَ قَالَ أَحَدُهُمَآ إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) فلم يبادر بالإجابة حتى دعاهم على التوحيد (قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ) (إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ*وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللَّهِ مِن شَيْءٍ ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ) ثم أجابهم: (يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ) إلى آخره، فلما رآهم بحاجة إلى التوحيد وهم يجهلون العقيدة الصحيحة هم ما سألوه العقيدة ولكن رآهم بحاجة إلى هذا والعقيدة هي الأساس فدعاهم إلى التوحيد أولًا، وبينه لهم , وانه ملة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ثم أجابهم على سؤالهم. فالعالم إذا رأى من السائل حاجة إلى المزيد على ما سأل عنه فإنه يزيد، أما إذا لم يكن هناك حاجة فإنه يقتصر على موضع السؤال، (هذا من آداب المفتي). أما آداب المستفتي فإنه يسأل بتلطف يسأل العالم بتلطف والتماس ولا يسأله بأسلوب لا يناسب العالم بل يدعو له ويسأله برفق ويسأله بتلطف ويختصر السؤال أيضا ما يطول السؤال بل يختصر السؤال، فهذا من آداب المستفتي أن يتأدب مع المفتي بالفعل وبالقول، لأنه جاء محتاجا إلى هذا العالم فلا يليق به أن يترفع عليه أو أن يعنفه بأسلوب لا يناسب، والعالم له حق وله منزل، فيتلطف معه بالأسلوب المناسب، ويسأله برفق وإظهار للحاجة. أما الذي يسأل العلماء لا لحاجة وإنما ليظهر نفسه أو ليظهر للناس عجز هذا العالم تعجيزه أو يسأله بأسلوب ولا يناسب منزلة العالم، فهذا منهي عنه، فعلى السائل أن يتلطف في سؤاله. وكذلك لا يسأل العالم في وقت هو مشغول البال يسأل العالم وهو مشغول البال فليسأله في وقت يكون العالم على استعداد لاستقبال الأسئلة أو السؤال ثم يسأله، لا يسأله وهو غضبان أو يسأله وهو مشغول البال، أو يسأله في وقت ضيق لا يتمكن من إجابته، لا يحرجه وإنما يختار الوقت المناسب. كذلك من آداب المستفتي أن يقتصر على عالم واحد يسأل من يثق بدينه وعلمه ويقتصر على سؤاله وعلى جوابه ولا يذهب على فلان وفلان وفلان مثل ما يفعل بعض الناس، فبعض الناس يسأل العالم فإذا أجابه راح يسأل الثاني راح يسأل الثالث، لأنه إما أنه يريد أن تتضارب أقوال العلماء وينشر هذا في الناس، وإما أنه يريد أن يأتي الجواب على رغبته، فإذا أجابه العالم على غير رغبته راح يسأل غيره لعله راح يسهله ويجد له طريق سهل بزعمه فهذا لا يجوز، إذا أردت أن تسأل فاسأل من تثق بعلمه ودينه واقتصر عليه وعلى جوابه، هذا من آداب المستفتي، كذلك من آداب المستفتي أيضا ألا يسأل من غير حاجة من غير إشكال كما ذكرنا بل يسأل إلى احتاج إلى ذلك، قال تعالى: (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ). ثم على المفتي أن يفتي لما يراه موافقاً للدليل، موافقاً للكتاب والسنة، ولا يختلف جوابه بهذا عن ذاك وإنما يكون جوابه على موجب الكتاب والسنة، لا يتلمس للناس الرخص، ويفتح لهم الأبواب، وإن كان ذلك مخالفاً للأدلة يأخذ من أقوال العلماء ما يناسب لهوى الناس، بل يأخذ ما يوافق الدليل من الكتاب والسنة، هذا الواجب على المفتي. وكذلك من آداب الفتوى بين السائل والمجيب، أن المسئول ينصح للسائل ينصح له ويفتيه بما يبرأ ذمته، يفتي السائل بما يبرأ ذمة المفتي ويبرأ ذمة السائل، ما يبرأ الذمة لأن السائل في ذمة المسئول، فيختار له ما يبرأ الذمة من الفتوى التي تكون مطابقة للكتاب والسنة، حتى ولو ثقلت على المستفتي أو يرى أنه ما يرى أنها شديدة ويروح يلتمس من هو أسهل له حتى يوافق هواه، فلا العالم يلتمس للمستفتي ما يصلح له ولو كان مخالفاً للدليل ولا المستفتي يأخذ من أقوال أهل العلم ما يوافق هواه ورغبته ولو كان مخالفاً للدليل، نحن مرتبطون بالكتاب والسنة، مكلفون بالعمل بالكتاب والسنة، ولا تبرأ الذمة بأن تسأل أهل الهوى أو من دينهم تسأل من دينهم فيه تساهل هذا ليس من النصيحة، بل تسأل من تثق بعلمه وبدينه وتعمل بفتواه، وهذا تبرأ به الذمة، أما من يسأل فإذا ما وافق الجواب رغبته راح يلتمس فتاوى أخرى توافق رغبته، فهذا متبع لهواه هذا لا يطلب الحق ولكن يطلب ما يوافق لهواه نسأل الله العافية، وهذا هو الواقع الآن في باب الفتاوى التي تكاثرت اتجاهاتها وتكاثرت مصادرها وتكاثر المفتون بغير علم، تكاثر المفتون بغير علم المتخرصون والمتطفلون من خلال الفضائيات ومن خلال البرامج، برامج الإذاعة والتلفاز، كل يفتي الآن ولا يتحرجون وفي أشد المسائل يفتون في أعمق المسائل المشكلة التي يتوقف عندها كبار العلماء، هذا المتعالم أو الجاهل تجشمها على طول ويفتي بها ولا يخاف الله سبحانه وتعالى، هذه مسألة خطيرة ومسألة فيها خطر عظيم على المفتي وعلى المستفتي وعلى المجتمع، فالعلم أمانة، لا يجوز التلاعب بها. فعلى المسلم أنه يتحرز غاية التحرز في أسئلته مع العلماء، وأن يقف مع الفتوى الصادرة من العالم التقي ويعمل بها وتبرأ ذمته بذلك لأنه فعل ما يستطيع، وعمل بقوله تعالى: (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) قوله: (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ): أي أهل العلم دل على أنه لا يُسأل غير أهل العلم، ودل قوله (إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ): دل على أنه الذي عنده علم لا يسأل يعمل بعلمه لا يسأل وإنما الذي يسأل هو الذي ليس عنده علم (إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ). والمفتون على درجات ما هم على حد سواء فالذي عنده تمكن من استنباط الأحكام من الكتاب والسنة عنده تمكن تتوفر فيه شروط المجتهد فهذا لا يفتي بالأقوال وإنما بما يظهر له هو من الكتاب والسنة لا يسعه أن يفتي بقول فلان وقول فلان، وعنده إمكانية أن يصل إلى الحق بنفسه من الكتاب والسنة تتوفر فيه شروط الاجتهاد وهذا إنما يكون للأئمة الكبار، كالأئمة الأربعة الإمام مالك والإمام أبي حنيفة والإمام مالك والإمام الشافعي والإمام أحمد فهؤلاء عندهم شروط الاجتهاد متوفرة فيهم التي ذكرها العلماء، وهذا يسمي بالمجتهد الذي بلغ رتبة الاجتهاد فلا يقلد غيره. وهناك من هو دون ذلك من العلماء ليس عنده شروط الاجتهاد التي عند الإمام أحمد أو مالك أو الشافعي أو أبي حنيفة أو غيرهم من الأئمة الكبار، ليست عنده شروط الاجتهاد، وإنما عنده معرفة بأقوال أهل العلم عنده معرفة وإحاطة وإدراك لأقوال أهل العلم الذين سبقوه، فهذا يختار من الأقوال ما يوافق الدليل، وهذا ما يسمى بالترجيح، يفتي بالراجح من أقوال أهل العلم، ولا يفتي بالمرجوح أو يفتي بالقول الذي لا يعلم دليله أو مستنده، بل يفتي بالقول الراجح بالدليل، هذا أقل مرتبة من المجتهد المطلق، وهذا يسمونه مجتهد المذهب، يأخذ من أقوال إمامه أو من أقوال بقية الأئمة مما يوافق الدليل من الكتاب والسنة. أما من لا يعرف إلا أقوال العلماء ولا يعرف الأدلة وإنما يقرأ قال فلان قال فلان وهو ما يدري هذا لا يجوز له أن يفتي لأنه ربما يفتي بقول مرجوح أو يفتي بفتوى لا توافق السؤال، من أهم شيء في حق المفتي أن يطابق الجواب على السؤال، يقولون المفتي مثل الطبيب يصرف من الدواء ما يوافق المرض، ولا يصرف للمريض دواءً لا يناسب المرض، هذا يزيده مرضاً فالفتوى بمنزلة الدواء، ولا يصرفها إلا طبيب مختص، يعرف موقع السؤال ويطابق الجواب عليه، هذا هو المفتي الذي يتصدر للفتوى. ثم أيضاً كان السلف الصالح على جلالة قدرهم وسعة علمهم كانوا لا يتبادرون إلى الفتوى، يسندوها إلى غيرهم يتدافعونها، فإذا سُئل قال اذهب إلى فلان، إذا كان في من هو أعلم منه فإنه يقول اذهب إلى فلان، كانوا يتدافعون الفتوى، خوفاً من إثمها ويحيلونها إلى من هو أعلم منهم في بلدهم في زمانهم يحيلون الفتوى عليه، هكذا كان السلف الصالح من الصحابة والتابعين والأئمة من بعدهم، ما دام أن هناك من هو أعلم من المسئول فإنه يحيله عليه، وذلك لخطورة الفتوى ولا يتجرؤون عليها. أما في وقتنا الحاضر، فكثير من الناس يتدافعون على الفتوى، ولا يفكر الواحد، بل ربما يجيب على أسئلة لم يُسأل عنها، ليري الناس أنه عالم وهذا يدل على قلة الخوف من الله سبحانه وتعالى، يتهافتون على الفتوى ولا يقدرون خطورتها وموقفهم من الله سبحانه وتعالى يوم القيامة لا يقدرون هذا. بينما السلف كانوا يتدافعون الفتوى ويحيلونها إلى من هو أكبر منهم خوفاً من الوقوع في الخطأ الذي يضر المفتي ويضر المستفتي، فكانوا لا يفتون إلا عند الضرورة إذا كان لا بد من الفتوى أفتوا على حسب ما يتوصلون إليه بعد الاجتهاد وبعد التأمل مع الخوف من الله سبحانه وتعالى، فنحن إذا قارنا حالتنا الآن وجدنا من يتهافتون على الفتوى تهافت الفراش على النار، في الجرائد والصحف والمجلات في الإذاعة والتلفاز في الفضائيات، وما أكثرهم الآن وهذه علامة شر، وليست علامة خير. وعلى المستفتي الذي يخاف الله ويريد أن يبرأ ذمته ألا يستمع إلى هذه الفتاوى المتناقضة المتعارضة التي لم تصدر عن أهل للفتوى، صدرت عن إنسان متعالم أو إنسان مبتدئ في طلب العلم أو إنسان لم يتأصل في العلم ولم يأخذ العلم عن العلماء الثقات، وما أكثرهم في هذا الزمان، فعلينا أن نحذر من هذه الأمور الصعبة وهذا يدل على قلة العلم وقلة التقوى في قلوب كثير من الناس، لا من المستفتين ولا من المفتين. قلنا المستفتي لا يسأل كل أحد ولا يأخذ بقول كل أحد ولا يأخذ بكل ما سمع، بل عليه أن يبرأ ذمته وألا يسأل إلا أهل العلم والتقوى، لا يسأل كل من تنصب للفتوى نصب نفسه هو، هو نصب نفسه للفتوى وجعل يفتي عن كل سؤال ما سمعنا عن واحد منهم توقف، بل كل سؤال يرد عليه يجاوب عليه في الحال بعد، ما يتأمل ويراجع في الحال يجاوب عليه، مسائل لو سُئل عنها الإمام أحمد أو الأئمة الكبار لتوقفوا فيها وتأملوا، وهذا على طول يفتي فيها، فالأمر خطير يأيها الإخوة الأمر خطير جداً وهذا دين، قال بعض السلف إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم، لا تأخذه من كل أحد لا تأخذه إلا عن أهله الموثوقين، إذا كنت تريد براءة ذمتك، أما إذا كنت تريد أن تجعل هذا المفتي وقاية لك، ما يقيك يوم القيامة ولا ينفعك، بعض الناس يقول ما دام أنه أفتى بها فلان أن بذمته يتحملها، لا ما هو كذلك، من هو فلان هذا؟ هل يتحمله وما هو يتحمل، أنت اللي متحمل ما هو هو، نعم هو متحمل لأنه تسرع وأجاب بغير علم لكن أنت متحمل لأنك وضعت السؤال في غير أهله. فعلينا على السائل وعلى المجيب أن يتقي الله سبحانه وتعالى وهذا دين أنت إذا أردت أن تشتري سلعة إذا أردت أن تشتري سيارة أو تشتري بيتاً أو بضاعة وأنت ما عندك خبرة يمكن تذهب وتسأل أهل الخبرة فاسأل أهل الخبرة شاور واسأل أهل الخبرة وأهل الصنف خوفاً من أن تخطئ وأن تخسر هذا في أمور الدنيا، لماذا في أمور الدين ما تسأل أهل الخبرة وأهل التقوى وأهل العلم، لماذا تتحرز لدنياك ولا تتحرز لدينك، فأمر الفتوى أمر مهم جداً ومرقاً صعب لا يرقاه إلا من عنده علم وعنده تقاً وورع. السلف مع علمهم ومع تقواهم وخوفهم من الله ما يحرصون على الفتوى كما ذكرنا، إنما يفتون عند الضرورة، إذا كان ولا بد ولا يقول هذا هو الحق، بل يقول هذا اجتهادي ورأيي إن يكن صواباً فمن الله وإن يكن خطئاً فهو مني ومن الشيطان، لا يبرأ نفسه ويكن على حذر مما أفتى به، ولكن الإنسان إذا بذل وسعه ونصح لله ورسوله فإنه لا يؤاخذ على ما قد يحصل من الخطأ، قال صلى الله عليه وسلم: "إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد وأخطأ فله أجر واحد". لأنه بذل ما يستطيع وأفتى عند الحاجة والضرورة مع تحرجه ومع خوفه من الله سبحانه وتعالى، والله جل وعلا لا يكلف نفساً إلا وسعها، وهو بذل ما يستطيع وعنده علم وعنده معرفة، قد يخطئ وهو عالم، المعصوم هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي عصمه الله بالوحي، أما غير الرسول فهو يخطئ ولو كان عالم ولكنه لا يؤاخذ على خطأه إذا بذل جهده واستفرغ وسعه لا يؤاخذ على خطأه بل يغفر له هذا في العالم المتأهل، فكيف بالمتعلم والمتعالم والجاهل والمستعجل الذين يخوضون في العلم ويتخوضون فيه بغير أهلية فيهلكون أنفسهم ويهلكون غيرهم، يجب أن نتذكر هذا دائماً وأبداً، وأن نعلم أن الفتوى مسئولية أمام الله سبحانه وتعالى. كذلك الأمور الكبار وهذا أمر مهم الأمور الكبار كمسائل الطلاق ومسائل النكاح الأمور الكبار هذه تحال على الجهات المختصة على القضاة في المحاكم على رئاسة الإفتاء لأنها مكلفة بهذا ولا تدخل فيها أنت لأن فيه من طلبة العلم والصغار من يفتي بالطلاق، فالطلاق خطير جداً فهذه أمور ما هي لكل أحد هذه تحال إلى الجهات المختصة من المحاكم الشرعية أو من الإفتاء هم الذين يتولونها، فهناك إجراءات لمثل هذه الأمور الكبار إجراءات في المحاكم إجراءات في الإفتاء تسجل هذه الأسئلة وتراجع وتدخل في وقتنا الحاضر في الكمبيوتر تضبط الأمور، ما هي بس سؤال وجواب وراح، لا تراجع عند الحاجة لأن بعض الناس يحتاج يجيب اليوم بسؤال وتجيبه،ثم من الغد يقلب السؤال يغير السؤال لأجل يتغير الجواب على حسب رغبته، إذا حصل هذا ما يتمكن لأنه مسجل كلامه ومسجل جوابه، ولا حصل إنه يتحيل، لذلك المسائل الكبار كأمور النكاح وأمور الطلاق وأمور الرضاع والمحرمات في النكاح أمور الربا والعياذ بالله، هذه لازم أنها تحال إلى الجهات المختصة، التي عندها إمكانيات واستعداد وضبط للأمور ومنع للمتلاعبين والمتحيلين، فيجب أن نعلم هذا، وأنت في عافية لا تدخل في أمور صعبة وأنت لست من أهلها أو لم توكل إليك، العلماء الكبار كانوا لا يفتون وفي البلد قاضي يعرضون المسائل للقاضي لا يفتون وفي البلد المفتي الذي عين للفتوى، يحيلونها عليه وإن كان عندهم علم، لكن لا يتدخلون فيما ليس هو من اختصاصهم فتضطرب الأمور تتضارب الأقوال والفتاوى، فلا بد من ضبط هذه الأمور، والفتوى أمرها مهم جداً، عكس من يتساهلون فيها ويدخلون فيها ويظنون أنها كلام يطير وينتهي، لا هذا محفوظ عليك مسجل عليك يوم القيامة لماذا قلت كذا؟ لماذا أفتيت بكذا؟ ستُحاسب عن هذا يوم القيامة، فعلينا أن نقدر هذه الأمور حق قدرها نعظم الفتوى لأنها قول على الله وقول على رسوله صلى الله عليه وسلم، ما هو بكلامك أنت هذا أنت تنسبه إلى الله، تقول إن الله أحل كذا أو حرم كذا، إذا قلت هذا حلال وهذا حرم، من هو الذي يحلل ويحرم؟ الله جل وعلا، فأنت تنسب إلى الله أنه أحل كذا وحرم كذا، وأنت ليس عندك علم ولا تأكد من هذا الأمر، فتُحرج نفسك يوم القيامة، فعلينا أن نخاف من هذه المواقف الصعبة، والذي ليس من اختصاصه شيء يحيله على أهل الاختصاص ويسلم منه. مثلاً لو أن مريضاً أراد العلاج وين يروح؟ يروح للأطباء المختصين ولا يروح لكل واحد ويجري له عملية وهو ما يدري ولا يعرف يشق بطنه أو يقطع عضو من أعضائه وهو جاهل بالطب، هذا ما يجوز ولا أحد يقدم على هذا إلا من ليس عنده عقل، هذا في أمور الطب، فكيف بأمور الشرع فكيف بأمور الدين، إنك تكل دينك إلى من ليس أهلاً للدخول فيه، عليك أن تحفظ نفسك وأن ترد الموارد الصحيحة العذبة إذا احتجت إلى ذلك، ولا ترد إلى كل ماء كدر أو ماء ملح أو ماء ضار، لا ترد إلى على الموارد العذبة الصحيحة وهم أهل العلم وأهل الفتوى وأهل النصح لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. نسأل الله أن يوفق الجميع لصالح القول والعمل. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. من محاضرة : (من آداب المفتي والمستفتي) http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2030 التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 13-01-2015 الساعة 11:31PM |
#2
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
(من اداب المفتي والمستفتي ) فقرة الاسئلة جزاكم الله خيرًا ونسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفع بما قلتم. السؤال: سماحة شيخنا هناك أنواع من الفتاوى نسمعها في بعض وسائل الإسلام ونقرأها منها أن بعضهم انتهج نهجًا في الفتاوى فأصبح يقول إذا نظرت في أحوال الناس وما يفعلون فغن كانوا قد وقعوا في أمور وجمهور أهل العلم يحرمه وجمهور الناس يقعون فيه، يقول فإني لا أفتيهم بما قال الجمهور لكن أبحث لهم عمن ترخص في هذا من باب تحبيبهم بالدين وتقريبهم إليه وأفتيهم بالجواز. الجواب: هذا هو الذي أشرنا إليه أنت حينما تسأل تستبرأ لدينك ما تريد المخرج فقط وتلتمس الأسهل وإنما تريد الذي يبرأ ذمتك أمام الله سبحانه وتعالى يوم القيامة، فلا يجوز للمفتي أن يتلمس للناس الرخص وإنما يفتيهم بمقتضى ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما سار عليه كبار الأئمة إن كان يعرف هذا إما إن كان لا يعرف هذا يتوقف ويحيل المسألة إلى غيره، أما من يجيب كل سائل يجيب على كل سؤال هذا بلا شك أنه سيقع في الأخطاء الكثيرة لأنه لم يتحرز ولم يتوقف عن شيء وما هو بعالم بكل شيء ما يجهل أكثر مما يعلم إن كان عنده علم فما يجهله أكثر مما يعلمه، قال تعالى: (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) [سورة يوسف: 76]، وقال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً) [سورة طـه: 114]، ما كلفك الله تجاوب على سؤال ما عندك دليل على جوابه من الكتاب والسنة ما كلفك الله بهذا، والسائل تحيله إلى أهل العلم تحيل السائل إلى أهل العلم يتولوا جوابه وأنت تسلم ويسلم السائل أيضًا هذا من النصيحة للسائل، أما إنك تفتيه بدون تثبت فهذا من الغش، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "من غشنا فليس منا"، هذا من الغش له، وأنت تظن أنك تنفعه وأن تخرجه من الأزمة، أنت ورطته في الأزمة وزدته أزمة على أزمة. السؤال : جزاكم الله خيرًا سماحة شيخنا هناك من إذا استفتي وهذا كذلك موجود في بعض وسائل الإعلام في مسألة من المسائل تجده يقول قال أبو حنيفة وقال مالك والشافعي وأحمد كذا ثم يترك المستفتي دون أن يبين له ما ترجح لديه، فماذا يفعل هذا المستفتي؟ الجواب : هذا ما فعل شيئًَا زاد المستفي حيرة ما فعل شيئًا وما حل المشكلة، المستفتي بإمكانه يأخذ كتاب الخلاف ويقرأ قال فلان كذا وقال فلان كذا وقال فلان كذا ولكن ما يدري أيها الصواب، فأنت ما جئت به بشيء زدت أن فلان يقول كذا وفلان يقول كذا وفلان يقول كذا معناها أنك تركته في متاهة أحدهم يقول الطريق من هنا وأحدهم يقول الطريق من هنا وأحدهم من هناك، لا هذا ما يجوز ولا يصلح أبدًا ما يجوز الكلام هذا لأنك ما تعرف الجواب فإنك تتوقف ما تورط نفسك ولا تورط السائل ولا تورط المستمع المستع لك، المشكلة الآن يا إخوان أن هؤلاء الذين يفتون ما هم مثل أول الخطأ يصير بينه وبين السائل ولا يدري أحد المصيبة الآن أنها على رؤوس الأشهاد ويسمعه العالم ويراه العالم كله فيهلك أممًا من الناس على الذي ينصح لنفسه ويتقي الله أنه يتجنب هذه الأمور التي ما كلفه الله بها. السؤال: جزاكم الله خيرًا كذلك مما عم في كثير من وسائل الإعلام أن كل مسألة خلافية يُسأل عنها نجد أن بعض المفتين يقول أن هذه خلافية والأمر فيها واسع؟ الجواب: هو ما سألك عن الخلافية هو سألك ماذا يفعل هو، لو هو يبي الخلاف راح للكتاب المغني ولا الكتب الموسوعات ويقرأ الأقوال هو سألك يبي حاجته هو فقط فإن كنت تحسن الجواب الذي يخلصه من المشكلة ويبرأ ذمته ما يخلصه من المشكلة فقط ولا يبرأ ذمته الذي يخلصه ويبرأ ذمتك ويبرأ ذمته فأجبه وإلا قل لا أدري اذهب إلى غيري أو انتظر حتى أبحث وأتأكد وأستشير أهل العلم، أما أنك على طول المسألة فيها أقوال وأي قول تأخذ به فأنت مصيب فهذا خطأ كبير وأنت ما أجبته وإنما زدته حيرة واضطرابًا. السؤال : جزاكم الله خيرًا كذلك مما ظهر في السنوات الأخيرة ما يسمى بفقه الأقليات فيقولون ما يفتى به هنا في المملكة مثلاً أو في أي دولة إسلامية لا ينبغي أن يطبق على المسلمين الذين يسكنون في أوربا فأولئك لهم فقههم الخاص. الجواب: المسلمون في كل مكان هنا أو هناك يرجعون إلى الكتاب والسنة وإلى أهل العلم، ما هو بالأقليات لها فقه وأحكام وغيرهم من المسلمين لهم أحكام، لا بل الأحكام واحدة، والمرجع واحد وهو الكتاب والسنة فلا يقسم المسلمون إلى أقليات لها فقه خاص وغير الأقليات لها فقه آخر، من قال هذا؟ هذا لا يقوله إلا الجهال. السؤال: جزاكم الله خيرًا فضيلة شيخنا مقولة لا إنكار في مسائل الخلاف ما الضابط في هذه المسائل الخلافية التي لا إنكار فيها؟ الجواب: هذه المسائل الفقهية التي اجتهد فيها المجتهدون أهل الاجتهاد وأهل العلم اجتهدوا فيها وكل قال بما توصل إليه فهمه وإدراكه ولم يظهر خطأه، أقوال كلها مستنبطة من دليل ولم يظهر رجحان هذا على هذا ولا خطأ هذا وصواب هذا هذه هي التي لا إنكار فيها المسائل التي لم يتبين فيها رجحان قول على قول أو يتبين فيها خطأ قول وصواب قول هذه هي التي لا إنكار فيها، أما المسائل التي فيها رجحان بعض الأقوال بالدليل أو ظهر فيها خطأ بعض الأقوال وإصابة بعضها -لا- هذه فيها إنكار ننكر على من أخطأ في الدليل على من خالف الراجح من الأقوال، ولكن هذا ما كله يتكلم فيه، ما يتكلم فيه إلا أهل العلم وأهل البصيرة الذين يعرفون الخلاف السائغ والخلاف الغير سائغ. السؤال: جزاكم الله خيرًا سماحة شيخنا حديث وابصة بن معبد رضي الله عنه عندما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: "استفتي قلبك وإن أفتاك المفتون"، ما معنى استفتي قلبك؟ الجواب: الاطمئنان تأخذ الذي يطمئن إليه قلبك هذا قلب المسلم المؤمن الذي يطمئن إليه قلب المسلم المؤمن يأخذ، وأما ما دام قلبك في قلق وفي حيرة فإنك لا تأخذ لهذا القول، لأن قلبك ما هو مرتاح من هذا القول فلا تأخذ به، فقلب المسلم المؤمن هو الميزان عند الإشكال، ما هو المدار على الفتوى قال فلان وقال فلان المدار على ما ترتاح إليه في نفسك وهذا خاص بالمؤمنين لأن الله جعل في قلوب المؤمنين ميزة تمييز قال تعالى: (يِاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً) [سورة الأنفال: 29]، تمرق في قلبك بين الحق والباطل. السؤال: جزاكم الله خيرًا، كذلك يتردد في كثير من وسائل الإعلام في هذه السنوات قول: تغير الفتوى بتغير الزمان وهل هناك فرق بين تغير الفتوى وتغير الحكم؟ الجواب: الحكم لا يتغير حكم الله هو هو في كل زمان، إنما الذي يتغير اجتهاد المجتهد، قد يكون قال أمس قولاً حسب ما ظهر له ثم تبين له بعد ذلك الدليل وتبين له علمًا أكثر مما سبق فهذا ينتقل من قوله السابق إلى قوله الجديد الذي يرى أنه أصواب وأقرب إلى الحق، أما الحكم الشرعي فهو لا يتغير إنما الذي يتغير اجتهاد المجتهد، قد يكون ظهر لك اليوم شيء لكن فيما بعد ظهر لك خلافه فلا تبقى على الرأي الأول وأنت ترى أنه بعيد عن الدليل وأنه مخالف للدليل انتقل إلى الدليل الذي تبين لك، وعمر رضي الله عنه لما كتب إلى أبي موسى قال: لا يمنعك قضاء قضيته ثم رأيت خلافه أن تقبل الحق فإن الحق قديم لا يبطل شيء. فإذا تبين للقاضي تبين للمفتي أن الصواب كذا وكذا فإنه ينتقل من قوله الأول ومن قضائه الأول إلى القول الذي تجدد له والعلم يزيد والأمور تتبين وتتكشف شيئًا فشيئًا ما تجمد على قول قلته وخلاص بل راجع الدليل في كل وصت، ما تقول هذه أفتيت بها أمس أو العام وأنا بعد على فتواى، لا، لازم كل ما تُسأل عن المسألة جدد الاجتهاد لعل تبين لك خلاف ما سبق. السؤال : جزاكم الله خيرًا، وهذا يسأل يقول إذا صعب علي الوصول إلى أحد هيئة كبار العلماء فهل يجوز لي أن استفتي احد طلبة العلم في مسجدنا؟ الجواب : الوصول إلى العلماء ليس صعبًا والحمد لله المحكمة قريبة منك الإفتاء قريب منك بالاتصال بالتليفون تتصل بالتليفون وتسأل المشايخ الذين في الإفتاء حتى ولو سافرت وسائل النقل الآن سريعة ومريحة، فالحمد لله الآن تسهلت الاتصالات. هذا في المسائل المهمة أما في المسائل الخفيفة والمسائل اليسيرة وعندك طالب علم متفقه ومعروف بالدين لا باس أنك تسأله تسأل عن مثلاً خطأ حصل في الوضوء خطأ حصل في الصلاة لأنه ما يقبل التأخير الصلاة لا تقبل أنك تأخر السؤال وما دام عندك طالب علم متمكن الحمد لله تسأله؟. السؤال : جزاكم الله خيرًا، كذلك بعض أئمة المساجد جزاهم الله خيرًا يجتهدون فيقرأون على الناس بعض كتب الفتاوى كفتاوى هيئة كبار العلماء وغيرهم فبعض الناس يعترض ويقول هذه الفتاوى ذكرت في مواضع معينة ولأشخاص معينين وقد لا تناسب أن تذكر لعموم الناس في المسجد، فما توجيه سيادتكم؟ الجواب: نعم هذه ملاحظة صحيحة أنه ما يختار من الفتاوى إلا ما يصلح لعموم الناس وعموم الحاضرين أما الفتاوى الخاصة بالأشخاص أو بالأحوال الخاصة فلا تقرأ على العموم، فالذي يقرا جزاه الله خير يختار الفتاوى التي يحتاجها الناس في صلاتهم في طهارتهم في عباداتهم في معاملاتهم يحتاجها الناس كلها لا بأس طيب هذا، أما الفتاوى الخاصة بأمور ووقائع خاصة وبأشخاص مخصوصين فلا، لا تقرأ على الناس. السؤال: أحسن الله إليكم هذا سائل يقول: روي عن الإمام ابن المبارك والإمام أحمد أنهما قالا إذا اختلفنا في مسألة فنردها إلى أهل الثغور لأن الله تعالى يقول: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا) [سورة العنكبوت: 69]. لا أعرف هذا ما رأيته، يردونه إلى الكتاب والسنة ما يردونه إلى أهل الثغور. جزاكم الله خيرًا ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يعلي قدركم وأن ينفع بكم إنه ولي ذلك والقادر عليه. فقرة الاسئلة من محاضرة : (من اداب المفتي والمستفتي ) لفضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2030 التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 14-01-2015 الساعة 01:41AM |
#3
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الفتوى واحكامها ثانيا: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) لفضيلة الشيخ العلامه صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- الخطبة الأولى الحمد لله رب العالمين أمرنا بإتباع كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فقال سبحانه وتعالى: (اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ)، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته وألهيته وأسماءه وصفاته وسبحان الله عما يشركون، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الصادق المأمون صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين قضوا بالحق وبه يعدلون وسلم تسليما كثيرا، أما بعد أيُّها الناس، اتقوا الله سبحانه وتعالى، تمسكوا بدينكم وسيروا على منهاج ربكم لأجل أن تصلوا إليه وإلى جنته جنات النعيم وذلك بإتباع كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإذا أشكل عليكم شيء من أمور عباداتكم أو معاملاتكم أو سائر أمور دينكم فردوه إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وستجدون فيهما البيان الشافي قال تعالى: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)، فمن كان يحسن الرد إلى كتاب الله وإلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وهم الراسخون في العلم فإن عليه أن يأخذ الحكم من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإن كان عاميا ليس عنده علم فعليه أن يسأل أهل العلم من يثق بدينه وعلمه قال تعالى: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) هكذا أمرنا ربنا سبحانه وتعالى علماء وأعوام، أمرنا سبحانه بإتباع كتابه وسنة رسوله وأخذ الهدى منهما لا من الأهواء والرغبات ولا من أقول الناس والاختلافات فهذا ضمان للحق والصواب. فالله جل وعلا أنعم علينا بكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وبوجود العلماء الراسخين في العلم في كل زمان ومكان فعلينا أن نرجع إليهم في مشكلاتنا ومهماتنا، فما كان من الأمور يتعلق بالعامة فإنه يرجع فيه إلى جهات الفتوى المعتمدة من دور الإفتاء والمجامع الفقهية ولا يتدخلون فيه في مجالسهم قال الله جل وعلا: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً)، وأما إن كانت المسألة تتعلق بالأفراد فإنها ترد إلى أهل العلم فيرجع العامي إلى من يثق بعمله ويثق بدينه فيسأله عما أشكل عليه ولا يذهب إلى غيره ويكثر من الأسئلة لئلا يتحير؛ بل عليه أن يسأل من يثق بعلمه ودينه ويمشي على ما وجهه إليه. وليعلم كل من يفتي فإنه مسئول أمام الله عز وجل عما يقول، فإن الذي يفتي يخبر عن حكم الله سبحانه وتعالى فلابد أن يكون عنده علم ونية صالحة ولا يتخرص في ذلك أو يأتي بشيء من عنده واستحسانه فإن هذا من القول على الله بغير علم، والقول على الله يغير علم أشد من الشرك قال سبحانه وتعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) فجعل القول على الله بغير علم فوق الشرك، والشرك إنما هو قول على الله بغير علم. فعلى المسلم أن يعرف هذا قال سبحانه وتعالى: (وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمْ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ* مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ). فالفتوى أمرها خطير ولهذا كان السلف يقولون: أجرأكم على الفتوى أجرأكم على النار، وكانوا يتدافعون الفتوى مع غزارة علمهم يتدافعون الفتوى كل يحولها إلى الأخر لعلمهم بخطرها، والآن كثير من المتعالمين أو من المبتدئين في طلب العلم يتبادلون إلى الفتوى ويتسابقون إليها دون خوف من الله سبحانه وتعالى، وهذا من التدخل فيما لا يعنيهم: "فمِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ" كما في الحديث، فالخطر في هذا شديد والخطب في هذا جسيم، هذه أمور الدين أمور الحلال والحرام فليتحفظ فيها غاية التحفظ، والمستفتي إنما يكون في ذمة المفتي يتحمله المفتي، فعلى المفتي أن يتأهب لذلك ولا يظن أنها مسألة تذهب وتنتهي بل هو مسئول عنها أمام الله سبحانه وتعالى لأنك تقول هذا حلال وهذا حرام، والقول بالتحليل والتحريم حق لله سبحانه وتعالى، فإن كان عندك بيان من الله ودليل من كتابه وسنة رسوله واحتاج الأمر أو اضطر الأمر إلى الفتوى فإنك تقول ما يحضرك وما تعلمه ولا حرج عليك ولا غضاضة عليم أن تقول لا أعلم إذا سألك سأل وأنت لا تدري عن الجواب لا غضاضة عليك ولا نقص في حقك إذا قلت لا أعلم، فهذا من الفضائل إذا قلت لا اعلم هذا من الفضائل. وأيضا إذا لم يحضرك الجواب فبالإمكان أن تؤجل الجواب وتراجع أهل العلم وتراجع مصادر العلم ثم بعد ذلك تفتي بما يظهر لك فهذا هو طريق النجاة للمفتي وللمستفتي، وكان السلف رحمهم الله كما ذكرنا يتدافعون الفتوى مع غزارة علمهم لكن كل يريد أن لا يتحملها وأن يحيلها إلى غيره وأن يحيلها إلا من هو أفضل منه، ثم هذا من الآداب أنك لا تفتي وفي من هو أعلم منك هذا من الآداب أن لا تفتي وهناك من هو أعلم منك والله جل وعلا يقول: (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ). فالواجب التنبه لهذه الأمور لأننا في زمان كما تعلمون كثرة الأقوال والفتاوى وكثر المفتون فأصبح الناس في حيرة واضطراب بهذا الأمر فلا يقول كذا وفلان يقول كذا فهذا نتيجة للتسرع إلى الفتوى نتيجة إلى الدخول فيما لا يعينه الأمر يحصل هذا ثم أيضا نسمع من يقول صلاة الجماعة فيها خلاف، حجاب المرأة فيها خلاف كل مسألة يقولون فيها خلاف نعم فيها خلاف ولكن خلاف نرجع إلى الدليل: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ)، فمن كان على الدليل أخذنا بقوله، ومن كان مخالفا للدليل تركنا قوله، لأن الحكم لله سبحانه وتعالى، هو الذي يحكم بين عباده في الدنيا والآخرة. فعلينا أن تصور هذا وأن نعرف هذا وأن لا نخاطر بأمور ديننا وأمور معاملاتنا فنعرضها على من هب ودب، فالفتوى كما ذكرنا على نوعين: تكون عامة للناس يحتاجه المجتمع فهذه ترجع إلى الجهات التي أسندت إليها الفتوى وإلى المجامع الفقهية لتدارسها وإصدار الحكم فيها. وأما المسائل الفردية فهذه يرجع إلى من يجده المستفتي علما وعملا وتقوى لله ويسأله عما أشكل عليه، وعلى هؤلاء الذين تساهلوا في الفتوى وخاضوا فيها بغير علم بناءا على مطالعاتهم أو على ما يرونه في وسائل التواصل الانترنت أو من المواقع فيقلون المسألة الفلانية حكمها كذا وكذا بناءا على ما رأوا وسمعوا من غير انضباط ومن غير مصدر غير موثوق والأمر أمر دين، كيف نفرط في ديننا؟ أنت حينما تريد أن تقدم على معاملة أو على زواج أو على أمر هام يختص بك، هل تستشير كل أحد أو تستشير أهل الرأي والإدراك؟ لابد أنك تستشير من عنده خبرة وعنده إدراك في الأمور لأجل أن ينضبط أمرك، تكن على بصيرة وعلى بينة ولا تسأل من هب ودب، فأمور الدين أولا أن يحتاط لها وأن يرجع إلى أهل العلم وأهل البصيرة. الله جل وعلا ما ترك لنا حجة ولا تركنا هملا؛ بل أرسل لنا رسولا وأنزل علينا كتابا، وأمر العلماء أن يبينون للناس ولا يكتمونه: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ)، (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللاَّعِنُونَ* إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ). فالأمر خطير يا عباد الله، والواضع كما ترون فوضى في أمور الدين والفتوى، فمن الذين يفتون من يتتبع الرخص التي قالها العلماء، رخص من أقوال العلماء ويأخذ من يوافق هواه أو هوى المستفتي فهذا حرام، هذا من اتباع الهوى: (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنْ اللَّهِ). فعليك أو يتلمس ما يرضي الناس ويرضي المستفتي لئلا يقول الناس أنه متشدد أنه متحجر أنه ... أنه، فعليه أن يذكر ما بينه وبين الله ولا ينظر إلى ما يقوله الناس، عليه أن يبرأ ذمته وأن يتقي الله في نفسه وفي من يستفتيه وفي مجتمعه هكذا كان السلف الصالح رحمهم الله، فلنسر على طريقتهم حتى نحوذ حذوهم ونلحق بهم إن شاء الله تعالى، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمْ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ* مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)، بارك الله ولكم في القرآن العظيم ونفعنا بما فيه من البيان والذكر الحكيم، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية: الحمد لله على فضله وإحسانه، وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليماً كثيرا، أما بعد: أيها الناس، اتقوا الله تعالى، واعلموا أننا في زمان قل فيه العلماء وكثر فيه الدخلاء على العمل، وكثر فيه المتعالمون، كثر فيه من يتسابقون إلى الفتوى من غير خوف من الله سبحانه وتعالى، كثر المتساهلون في دينهم فعلينا أن نمسك بديننا ولا نضعه في مواضع الخطر؛ بل نتمسك به ولا نضعه في مواضع الخطر، لا نقول هذا في ذمة فلان وهذا في ذمة هو في ذمتك أنت ما هو في ذمة فلان، نعم فلان يأثم إذا أفتى بغير علم يأثم؛ ولكن أنت المسئول الأول عن نفسك. فاتقوا الله عباد الله، في هذا الأمر الخطير لدينكم ودنياكم يقولون صلاة الجماعة فيها خلاف صلوا في بيوتكم هل هذا يبرأ ذمتك، صلاة الجماعة وإن كان فيها خلاف العبرة بالدليل والدليل مع من يرى وجوب صلاة الجماعة في المساجد قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ عَلَى هذه الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بها فإنِهِنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ سُنَنَ الْهُدَى وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّى هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ" يا أخي كيف تترك سنة نبيك وتأخذ بقول فلان، تترك قول الرسول وتأخذ بقول فلان تقول المسألة فيها خلاف "وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلاَّ مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ" رواه مسلم وغيره. فعلينا أن ننظر في ما يُبرأ ذمتنا عند الله سبحانه وتعالى لأننا موقوفون بين يديه ومجزيون بأعمالنا، والدنيا زائلة ولا يبقى منها إلى العمل سيئا كان أو صلاحا. فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أنَّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهديَّ هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور مُحدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بالجماعة، فإنَّ يد الله على الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار. ثم اعلموا أن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه وملائكته قال سبحانه وتعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك نبيَّنا محمد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين، الأئمةِ المهديين، أبي بكرَ، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن الصحابةِ أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين. اللَّهُمَّ أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، وجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين، اللَّهُمَّ أحفظ علينا أمننا وإيماننا واستقرارنا في أوطاننا وأصلح سلطاننا وأصلح ولاة أمورنا، اللَّهُمَّ أمنا في دورنا وأصلح ولاة أمورنا وأصلح ولاة أمور المسلمين في كل مكان وأخرجهم من هذا الضيق والشدة بفرج عاجل قريب، ثم نحمدك اللَّهُمَّ على ما أنزلته علينا من الغيث المبارك، ونسألك أن تجعله مباركا وان تنزل معه البركة والخير يا رب العالمين، (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ). عبادَ الله،(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ)، فذكروا الله يذكركم، واشكُروه على نعمه يزِدْكم، ولذِكْرُ الله أكبرَ، والله يعلمُ ما تصنعون. المصدر: خطبة الجمعة 19-01-1435هـ للقراءة من هنا : http://www.alfawzan.af.org.sa/node/15047 للاستماع من هنا : http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...-01-1435_0.mp3 التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 13-01-2015 الساعة 11:34PM |
#4
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
ثالثا: الفتوى و أحكامها لفضيلة الشيخ العلامه صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله- http://www.subulsalam.com/site/audio.../divers/77.mp3 التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 13-01-2015 الساعة 11:36PM |
#5
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الفتوى واحكامها رابعا الفتوى وعمن تؤخذ لفضيلة الشيخ العلامه صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- http://www.subulsalam.com/site/audio.../divers/78.mp3 التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 13-01-2015 الساعة 11:37PM |
#6
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الفتوى واحكامها خامسا: مسؤولية الفتوى وآداب المفتي و المستفتي لفضيلة الشيخ العلامه صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله- http://www.subulsalam.com/site/audio...-18-1-1435.mp3 التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 13-01-2015 الساعة 11:38PM |
#7
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الفتوى واحكامها سادسا: التثبت في أخذ الفتوى من أهلها نال بعض العلمانيين من الدعاة ومن بعض طلبة العلم وتكلموا في مسائل لفضيلة الشيخ العلامه عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله- الشريعة وهم ليسوا من أهلها وقد انتشر هذا الأمر بين عامة المسلمين فاختلط عليهم الأمر ونريد من سماحتكم تبيين ما في هذه القضية والله يرعاكم. يجب على المسلم أن يحتاط لدينه وأن لا يأخذ الفتوى ممن هب ودب لا مكتوبة ولا مذاعة، ولا من أي طريق لا يتثبت منه سواء كان القائل علمانيا أو غير علماني، لا بد من التثبت في الفتوى؛ لأنه ليس كل من أفتى يكون أهلا للفتوى فلا بد من التثبت. والمقصود أن المؤمن يحتاط لدينه فلا يعجل في الأمور ولا يأخذ الفتوى من غير أهلها بل يتثبت حتى يقف على الصواب، ويسأل أهل العلم المعروفين بالاستقامة وفضل العلم حتى يحتاط لدينه، قال تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ[1] وأهل الذكر هم أهل العلم بالكتاب والسنة فلا يسأل من يتهم في دينه أو لا يعرف علمه أو يعرف بأنه منحرف عن جادة أهل السنة. المصدر : http://www.binbaz.org.sa/mat/245 التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 13-01-2015 الساعة 11:40PM |
#8
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الفتوى واحكامها سابعا: موقف السلف الصالح من الإفتاء لفضيلة الشيخ العلامه محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- السؤال: أمين، بارك الله فيكم، أيضاً فضيلة الشيخ ما موقع السلف الصالح رضوان الله عليهم من الإفتاء؟ الجواب الشيخ:: كان موقف السلف الصالح من الإفتاء هو الحذر الشديد حتى إنهم ليتدافعونها بينهم فيقول الواحد منهم اذهب إلى فلان، اذهب إلى غيري وما أشبه ذلك، لكن على من علم من نفسه أنه أهل للفتيا عرف حكم المسألة التي استفتي فيها أن يفتي لا سيما في هذا الزمن الذي لو ترك الفتوى لذهب الناس يستفتون جهالاً يضلون الناس بغير علم، فمن علم من نفسه أنه أهل للفتوى وعلم حكم المسألة التي استفتي فيها فليفتي، لأن لكل مقامٍ مقالاً وزمن السلف الصالح العلماء فيه كثيرون والورعون فيه كثيرون فإذا تنزه الإنسان عنها وحولها إلى غيره وجد من يقوم بها على الوجه الأكمل، لكن في عهدنا الآن قد لا يكون الأمر كما كان عليه السلف الصالح. المصدر : http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_4854.shtml |
#9
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الفتوى واحكامها ثامنا: التصدي للفتوى بغير علم لفضيلة الشيخ العلامه محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- السؤال: عبدالله محمد القصيم يقول بعض النص يتصدون للفتوى وليس عندهم علم شرعي يؤهلهم لذلك فما نصيحتكم لمثل هؤلاء جزاكم الله خيرا. الجواب الشيخ: نصيحتي لهؤلاء أن يقروا قول الله تعالى (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) وقول الله تعالى (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا) وقوله تعالى (ومن أظلم ممن افتري على الله الكذب ليضل الناس بغير علم أن الله لا يهدي القوم الظالمين) فكل إنسان يفتي بغير علم فإنه ظالم لنفسه وظالم لإخوانه ولا يوفق للصواب لأن الله قال (إن الله لا يهدي القوم الظالمين) فعلى هؤلاء أن يتقوا الله في أنفسهم وأن يتقو الله في إخوانهم وأن لا يتعجلو أن كان الله أراد بهم خيرا ألهمهم رشدهم ورزقهم والعلم وصاروا أئمة يقتدى بهم في الفتوى فلينتظروا وليصبروا أما بالنسبة للمستفتين فإننا نحذرهم من الاستفتاء لأمثال هؤلاء ونقول العلماء الموثوق بعلمهم وأماناتهم والحمد لله موجودون إما في البلاد نفسها وإما في بلد أخر يمكنهم الاتصال عليهم بالهاتف ويحصل المقصود إن شاء الله. المصدر : http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_8547.shtml |
#10
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الفتوى واحكامها تاسعا: شروط نقل الفتوى ممن أفتى في مسألة شرعية للآخرين لفضيلة الشيخ العلامه صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله- السؤال : هل هناك شروط لنقل الفتوى ممن أفتى في مسألة شرعية ونقلها للأخرين ؟ الجواب : أول شيء يحال السائل للعلماء ، ولا ينتظر من ينقل له الفتوى ، بل يذهب هو للعلماء أو يتصل بهم ، يسألهم (فاسالوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) ، لأن النقل يدخله ما يدخله من الخطأ ومن عدم التأكد ، أو تكون الفتوى في غير هذه الحالة تنزَّل في غير حالتها ، فلا تنقل الفتوى إلا عند الحاجة إذا لم يوجد من يفتي ولا يمكن الإتصال بأهل العلم فإنك تذكر للمحتاج إني سمعت أو قرأت لفلان فتوى في كذا إذا كانت تنطبق على حالة هذا الشخص وأيضاً لابد أن يكون هذا المفتي من يوثق بعلمه ودينه . المصدر: http://www.alfawzan.af.org.sa/node/13750 التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 14-01-2015 الساعة 01:34AM |
#11
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الفتوى وما دار حولها لفضيلة الشيخ العلامة / صالح بن فوزان الفوزان - حفظه الله ورعاه- يحتاج المسلمون إلى من يبين لهم أمور عقيدتهم وعباداتهم ومعاملاتهم وأنكحتهم وهذا ما يسمى بالفتوى وهي بيان الحكم الشريعي بدليله من الكتاب والسنة كما يحتاجون إلى من يفصل بينهم في خصوماتهم ومنازعاتهم وهذا ما يسمى بالقضاء ولا يقوم بهذين العبئين العظيمين إلا من عنده مؤهلات علمية وعنده تقوى وخوف من الله وتذكر المقام بين يديه. لأن المفتي والقاضي كل منهما مخبر عن الله أنه أحل كذا وحرم كذا وأن الحق مع أحد الخصمين دون الآخر ولهذا عظم الله من شأن هذين المنصبين الإفتاء والقضاء وحذر من اقتحامهما بدون علم وبصيرة وبدون عدل وإنصاف (وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمْ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ* مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)وقال لنبيه (وَأَنْ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ) قال تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ) (فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ) (فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ)وأمر الجهال أن يسألوا أهل العلم فقال سبحانه: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)، فالجاهل لا يجوز له أن يسأل الجاهل أو المتعالم. ولا يجوز لغير العالم أن يجيب السائل ويفتي بغير علم . كما يجب على العالم أن يفتي بالحق الموافق للدليل ولا يفتي بما يوافق أهواء الناس ويرضيهم مع مخالفة الدليل ويفتح لهم الرخص المخالفة للدليل. وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم المفتي والمستفتي من القول على الله بغير علم حينما أخبر أنه عند فقد العلماء يتخذ الناس رءوساً جهالا فيفتون بغير علم فيضلون ويصلون والمفتي المؤهل على قسمين: القسم الأول: المجتهد المطلق الذي يقدر على أخذ الحكم من الكتاب والسنة مباشرة وهذا له شروط يجب أن تتوفر فيه ذكرها العلماء في أصول الفقه، ولا يتمثل هذا إلا في الأئمة الأربعة وأمثالهم ممن توفرت فيهم شروط الاجتهاد. والقسم الثاني: مجتهد المذهب الذي يستطيع معرفة الراجح من المرجوح والقول الصحيح من غيره من مذهبه وغير مذهبه فيفتي بما ترجح لديه من أقوال العلماء، مما يبرئ ذمته وذمة السائل. وأما من ليست عنده أهلية الترجيح وإنما عنده اطلاع على الأقوال أو مطالعة في الكتب أو نظر فيما يسجل في الكمبيوتر من الأقوال الفقهية وليس عنده أهلية في معرفة الراجح بالدليل من تلك الأقوال فلا يجوز له أن يفتي الناس لئلا يضل ويضل. وكان الناس في هذه البلاد على منهج سليم في أمر الفتوى حيث يرجعون إلى العلماء المؤهلين والمعتمدين للإفتاء على وجه منضبط وكانت الأمور تسير على خير وجه بحيث لا يتدخل أحد في غير اختصاصه بل كل يقف عند حده. ولكن في الوقت الأخير حصلت تجاوزات في هذا الأمر فصار كل يفتي ولو لم تسند إليه الفتوى أو لم يكن عنده أهلية للفتوى ومما زاد الأمر خطورة تدخل بعض الصحف في الكلام في الأحكام الشرعية والتطاول على أهل العلم ورجال الحسبة مما أربك الناس وأحرج صدور الغيورين حتى إن بعض الصحفيين إذا لم توافق الفتوى هواه يصفها بالشذوذ ولو كانت حقاً ويصف من أفتى بها بالمتشدد أو التكفيري. وإذا وافقت الفتوى هواه روج لها ومدحها ولو كانت فتوى خاطئة والمفتي ليس أهلاً، وتجاوز الأمر هذا إلى شئون القضاء وشئون الحسبة وتفاقم الأمر حتى بلغ منتهاه وتجاوز حده. فلما رأى ولي الأمر خادم الحرمين الشريفين حفظه الله خطورة ذلك على الدين وعلى المسلمين أصدر قراره الحازم والحاسم بحماية الفتوى وحماية أعراض أهل العلم وحماية الحسبة. ولجم العابثين غيرة على الدين وعلى البلاد والعباد. فأعاد حفظه الله ووفقه لنصرة الحق الأمر إلى نصابه، وأوقف العابثين عند حدهم قياماً بما أوجبه الله عليه من حماية الدين وحماية العقيدة وحماية الأعراض وحفاظاً على هيبة العلماء ومكانتهم . وهذا أمر يشكر له ونسأل الله أن يسدده ويعينه وينصره. كما نسأله سبحانه أن يعيد المخطئين إلى رشدهم ويثبت أهل الحق ، كما نسأله سبحانه أن ينصر دينه ويعلي كلمته ويهدي ضال المسلمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه . كتبه: صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء http://www.af.org.sa/en/node/1973 التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 24-01-2015 الساعة 04:04AM |
#12
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
حكم الافتاء عن طريق الاستماع عن العلماء العلامة الفقيه / صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله تعالى- رابط الاستماع الى الفتوى : http://t.co/T7qz1fdDzz" |
#13
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الرجوع إلى أهل العلم وسؤالهم فيما أشكل على الناس الحمد لله (الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً)، وأشهدٌ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،إقراراً به وتوحيدا،وأشهدٌ أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليماً مزيدا أما بعد: أيُّها الناس، اتقوا الله تعالى، واعلموا أن الله سبحانه وتعالى (أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى) أي بدين الإسلام (أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى) أي بالعلم النافع (وَدِينِ الْحَقِّ)وهو دين الإسلام وأمره أن يتبين للناس ما نزل إليهم، فكان المسلمون يرجعون إليه فيما أشكل عليهم من أمور دينهم وأمور دنياهم، ويسألونه فيفتيهم ويبين لهم الحق وإذا لم يكن عنده جواب عن بعض الأسئلة فإنه ينتظر ويؤخر الإجابة حتى ينزل عليه الوحيٌ من ربه سبحانه وتعالى، ثم من بعد وفاته صلى الله عليه وسلم كان أصاحبه ويتولون، كان العلماء من أصحابه يتولون الفتاوى ويرجع الناس إليهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:"وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم"، فكان الناس يرجعون إلى علماء الصحابة فيما أشكل عليهم فيسألونهم فيفتونهم بما فتح الله عليهم من العلم، وإذا أشكل شيء فإن الصحابة يتشاورن فيه ويتراجعون فيما بينهم، وإذا لم يتبين للمسئول جواب السائل فإنه يحله إلى غيره إلى من هو أعلم منه بل كانوا لا يحرصون على الفتاوى وإنما عندما الحاجة، وإذا لم يوجد من يتولاها فإنهم رضي الله عنهم يفتون السائلين بما فتح الله عليهم من الفقه في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن الفتاوى معناها بيان الحكم الشرعي من الكتاب والسنة الحكم الذي أنزله الله، وليست الفتاوى بالرأي من عند المسئول أو التفكير بل هي حكم شرعي يؤخذ من كتاب الله ومن سنة رسول الله، والمفتي يقول أن الله أحل لك هذا أو حرم عليك كذا فيقول عن الله سبحانه وتعالى فإن كان مصيباً في فتواه فله الأجر العظيم، وإن كان مخطئاً من غير قصد وعنده علم لكنه أخطأ العالم يخطأ أحيانا فإن الله يؤجره على اجتهاده، ولكن لا يؤخذ الخطأ بل لابد من الرجوع إلى الصواب هذا في العلماء قال الله جل وعلا:(أسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) فأمر الجهال أن يسألوا أهل العلم، وأوجب على العلماء أن يبينوا للسائلين ما أشكل عليهم من الأحكام الشرعية فيرجع إلى أهل العلم، وأهل العلم هم الفقهاء في دين الله الذين يخشون الله عز وجل ويتقونه في أنفسهم وفي السائلين، فيجيبون بما يبرئ الذمة، ذمة المسئول، وذمة السائل هكذا كانوا من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ثم من بعد الصحابة صار الناس يرجعون إلى العلماء من سائر العصور كل أهل عصر وأهل مصر يرجعون إلى علماءهم فيسألونهم عما أشكل عليهم، وكانت هذه البلاد التي نعيش فيها كانت على هذا المنهج السليم يتولى الإفتاء فيها العلماء الذين يخشون الله سبحانه وتعالى خصوصاً العلماء الذين أسندت إليهم الفتاوى وأمر الناس أن يرجعوا إليهم فكانوا لا يتعدونهم وكانوا يأخذونهم بفتاواهم، وكانت هذه البلاد ولله الحمد، على منهج سليم هو منهج سلف هذه الأمة، فاسأل لا يبقى في جهالته والعالم لا يبخل بعلمه، بل السائل يسأل أهل العلم وأهل الخشية والتقوى وأهل العلم يفتونه بالحق سواً وافق هواه ورغبته أو لم يوافقها، والواجب على المسلم أن يقبل الحق سواً كان له أو عليه سواً كان يوافق هواه أو لا يوافق هواه فإن الخير فيما اختاره الله له (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ) فالسأل يجب عليه أن يتقي الله ولا يذهب إلى الجهال والمتعالمين، والذين أهل الفوضى ويتجنب العلماء وسؤال العلماء لأنه يخشى أن العلماء يفتونه بما لا يوافق هواه ورغبته، فيذهب إلى ما هب ودب ويسأل ولا يقتصر على واحد ولا على عشرة ولا، بل يسأل حتى يجد من يوافقه هواه لأنه لا يخشى الله عز وجل، وإنما يريد هواه حصلت الفوضى في هذا الزمان في شأن الفتوى، وتدخل فيها من ليس من أهلها وسؤال من ليس عنده علم تصدر للفتوى من لا يخاف الله، تصدر للفتوى من ليس عنده علم، إما جاهل مركب وإما متعالم يدعي العلم وهو ليس بعالم لم يأخذ العلم عن العلماء وإنما أخذه من فكره وأخذه من الكتب الذي عنده وهو لا يدري هل هي حق أو خطأ، لأنه لا يخاف الله عز وجل ولا يتصور الوقوف بين يدي الله عز وجل لأن الله قال:( وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمْ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ* مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)، (قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَاماً وَحَلالاً قُلْ أَاللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ* وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)، فالواجب على هؤلاء على السائلين والمسئولين أن يتقوا الله سبحانه وتعالى والإنسان في عافية لا غضات عليه إذا قال أذهب إلى ما هو أعلى مني أذهب إلى الجهات المختصة في الفتوى، ولا يتدخل فيما ليس من شأنك، ولا يورط نفسه، كذلك يجب عليه أن يقول لا أعلم إذا لم يتبين له الجواب يقول لا أعلم حتى ولو كان من أهل العلم، لأن العالم لا يحيط بكل شيء فكيف بالجاهل والمتعالم فإذا لم يتبين له جواب السؤال فإنه يقول: له لا أدري أذهب إلى ما هو أعلم مني، جاء رجل إلى الإمام مالك بن أنس رحمه الله أحد الأئمة الأربعة الكبار الذين تشد إليهم الرحال لطلب العلم جاءه رجل فسأله عن أربعين مسألة، فأجاب الإمام مالك رحمه الله عن أربع مسائل منها، وقال: عن البقية لا أدري، قال: له الرجل أتيتك من بعيد وأكللت راحلتي وتقول لا أدري، قال: أركب راحلتك وذهب إلى البلد التي جاءت منها وقل سألت مالكاً فقال لا أدري، يا سبحان الله الإمام مالك يقول لا أدري وهذا الجاهل وهذا المتعالم لا يترك شيئاً إلا ويوجب فيه ويحمل ذمته ويهلك الناس، جاء في الحديث أنه إذا لم يبقى عالم في آخر الزمان إذا مات العلماء ولم يبقى عالم اتخذوا الناس رؤوساً جهالاً فأتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا ضلوا في أنفسهم عن الحق وأضلوا غيرهم (لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ)، فالواجب على هؤلاء أن يعرفوا قدر أنفسهم، وأن يخافوا الله عز وجل، وأن يكفوا عن الخوض فيما لا يعلمون، فإن هذا أبرى لذمتهم ولذمم الناس ولا يهلكوا أنفسهم ويهلوا غيرهم في هذا التخبط وهذه الفوضى حتى رخصة الفتوى على الناس، الفتوى الآن رخصة على الناس ورخصة أقوال أهل العلم على الناس لأنهم رأوا فيها فوضى ورأوا فيها ما يعجب له العقلاء من التناقض ومن التضارب ومن القول على الله بغير علم، فالواجب على هؤلاء أن يتقوا الله، ولهذا لما رأى ولي أمر المسلمين خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، لما رأى هذه الفوضى في الفتوى، ورأى الفساد الذي نشأ عن ذلك ورأى الاضطراب، ورأى الخوض في أعراض العلماء يتهكمون بالعلماء الذي يفتون بغير ما يوافق أهوائهم لا ينظرون إلى أنه حق أو غير حق وإنما ينظرون إلى أهواءهم فإذا أفتى العالم بما لا يوافق أهواءهم أخذوا يتكلمون في حقه ويحقرونه ويصفونه بالتشدد ويصفونه بالتكفير وغير ذلك من الألقاب، وإذا جاءت الفتوى من جاهل ومن متعالم لكنها توافق أهواءهم أشادوا بها ومدحوها ورفعوا هذا الجاهل وجعلوه عالماً وفاهماً وجعلوه متفتحاً وعارفاً بالأمور وهكذا حتى نشأ ما تعلمون، فلما رأى خادم الحرمين وفقه الله للصواب وأعانه على الحق، لما رأى هذه الفوضى خشي على المسلمين خشي على العباد وعلى البلاد من العقوبة وأن تقع فيما وقعت فيه بنو إسرائيل من الفوضى وحصل لهم الهلاك بسبب ذلك، أصدر قراراً حكيماً بمنع هؤلاء ولجم هؤلاء عن التدخل فيما ليس من شؤونهم وأمر أن يرجع إلى الجهات المختصة في الفتوى، أمر أن يرجع في الأسئلة إلى جهات الإفتاء المعتمدين لأجل ضبط الأمور، ولأجل حماية البلاد من الفوضى، ولأجل حماية أعراض العلماء من الكلام فيهم، ولأجل ردع السفهاء والمتطاولين بألسنتهم على أهل العلم وعلى الأحكام الشرعية، لقد تناولوا الأحكام الشرعية كثير من الصحفيين نصبوا أنفسهم علماء ومفتين فتدخلوا في الأحكام الشرعية يتكلمون فيها بغير علم ويلكنها وينشرونها في صحفهم وجرائدهم حتى أربكوا الناس وحتى أوقعوا الناس في الفوضى والبلبلة، فلا حول ولا قوة إلا بالله العظيم. يا عباد الله، الناس يرجعون إلى الأطباء المختصين في علاج الأمراض وفي إجراء العمليات ولا يرجعون إلى كل متطبب أو كل مدعي للعلاج، إنما يسألون عن أحذق الناس في الطب ويسألون عن الأطباء المعتبرين فيراجعونهم، ويجرون الجراحات عندهم ولا يرجعون إلى كل من هب ودب ودعا أمر الطب هذا في أمور الأبدان وفي أمور الدنيا، فكيف أمور الدين؟ يرجع فيها إلى أهل الفوضى وإلى أهل الجهالة وأهل الأهواء وأهل النزعات والنزغات، فلا حول ولا قوة إلا بالله. فتقوا الله، عباد الله، في أمور دينكم أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من البيان والذكر الحكيم، أقولٌ قول هذا واستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم. الرجوع إلى أهل العلم وسؤالهم فيما أشكل على الناس من الخطب المنبرية لفضيلة الشيخ العلامة / صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- http://www.alfawzan.af.org.sa/node/13037 |
#14
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الفتوى وما دار حولها لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان -حفظه الله ورعاه- يحتاج المسلمون إلى من يبين لهم أمور عقيدتهم وعباداتهم ومعاملاتهم وأنكحتهم وهذا ما يسمى بالفتوى وهي بيان الحكم الشريعي بدليله من الكتاب والسنة كما يحتاجون إلى من يفصل بينهم في خصوماتهم ومنازعاتهم وهذا ما يسمى بالقضاء ولا يقوم بهذين العبئين العظيمين إلا من عنده مؤهلات علمية وعنده تقوى وخوف من الله وتذكر المقام بين يديه. لأن المفتي والقاضي كل منهما مخبر عن الله أنه أحل كذا وحرم كذا وأن الحق مع أحد الخصمين دون الآخر ولهذا عظم الله من شأن هذين المنصبين الإفتاء والقضاء وحذر من اقتحامهما بدون علم وبصيرة وبدون عدل وإنصاف (وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمْ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ* مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) وقال لنبيه (وَأَنْ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ) قال تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ) (فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ) (فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ) وأمر الجهال أن يسألوا أهل العلم فقال سبحانه: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)، فالجاهل لا يجوز له أن يسأل الجاهل أو المتعالم. ولا يجوز لغير العالم أن يجيب السائل ويفتي بغير علم . كما يجب على العالم أن يفتي بالحق الموافق للدليل ولا يفتي بما يوافق أهواء الناس ويرضيهم مع مخالفة الدليل ويفتح لهم الرخص المخالفة للدليل. وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم المفتي والمستفتي من القول على الله بغير علم حينما أخبر أنه عند فقد العلماء يتخذ الناس رءوساً جهالا فيفتون بغير علم فيضلون ويصلون والمفتي المؤهل على قسمين: القسم الأول: المجتهد المطلق الذي يقدر على أخذ الحكم من الكتاب والسنة مباشرة وهذا له شروط يجب أن تتوفر فيه ذكرها العلماء في أصول الفقه، ولا يتمثل هذا إلا في الأئمة العربية وأمثالهم ممن توفرت فيهم شروط الاجتهاد. والقسم الثاني: مجتهد المذهب الذي يستطيع معرفة الراجح من المرجوح والقول الصحيح من غيره من مذهبه وغير مذهبه فيفتي بما ترجح لديه من أقوال العلماء، مما يبرئ ذمته وذمة السائل. وأما من ليست عنده أهلية الترجيح وإنما عنده اطلاع على الأقوال أو مطالعة في الكتب أو نظر فيما يسجل في الكمبيوتر من الأقوال الفقهية وليس عنده أهلية في معرفة الراجح بالدليل من تلك الأقوال فلا يجوز له أن يفتي الناس لئلا يضل ويضل. وكان الناس في هذه البلاد على منهج سليم في أمر الفتوى حيث يرجعون إلى العلماء المؤهلين والمعتمدين للإفتاء على وجه منضبط وكانت الأمور تسير على خير وجه بحيث لا يتدخل أحد في غير اختصاصه بل كل يقف عند حده. ولكن في الوقت الأخير حصلت تجاوزات في هذا الأمر فصار كل يفتي ولو لم تسند إليه الفتوى أو لم يكن عنده أهلية للفتوى ومما زاد الأمر خطورة تدخل بعض الصحف في الكلام في الأحكام الشرعية والتطاول على أهل العلم ورجال الحسبة مما أربك الناس وأحرج صدور الغيورين حتى إن بعض الصحفيين إذا لم توافق الفتوى هواه يصفها بالشذوذ ولو كانت حقاً ويصف من أفتى بها بالمتشدد أو التكفيري. وإذا وافقت الفتوى هواه روج لها ومدحها ولو كانت فتوى خاطئة والمفتي ليس أهلاً، وتجاوز الأمر هذا إلى شئون القضاء وشئون الحسبة وتفاقم الأمر حتى بلغ منتهاه وتجاوز حده. فلما رأى ولي الأمر خادم الحرمين الشريفين حفظه الله خطورة ذلك على الدين وعلى المسلمين أصدر قراره الحازم والحاسم بحماية الفتوى وحماية أعراض أهل العلم وحماية الحسبة. ولجم العابثين غيرة على الدين وعلى البلاد والعباد. فأعاد حفظه الله ووفقه لنصرة الحق الأمر إلى نصابه، وأوقف العابثين عند حدهم قياماً بما أوجبه الله عليه من حماية الدين وحماية العقيدة وحماية الأعراض وحفاظاً على هيبة العلماء ومكانتهم . وهذا أمر يشكر له ونسأل الله أن يسدده ويعينه وينصره. كما نسأله سبحانه أن يعيد المخطئين إلى رشدهم ويثبت أهل الحق ، كما نسأله سبحانه أن ينصر دينه ويعلي كلمته ويهدي ضال المسلمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه . كتبه: صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء http://www.alfawzan.af.org.sa/node/12982 |
#15
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
حكم التهاون بالفتوى لفضيلة الشيخ العلامة / صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان -حفظه الله ورعاه- السؤال: عن تهاون الناس اليوم في وقتنا الحاضر بالفتوى فنراهم يتسارعون إلى الفُتوى ما هو التوجيه من فضيلتكم؟ الجواب: كما ذكرنا يحرم على الإنسان أن يقول على الله بغير علم والقول على الله بغير علم أعظم من الشرك قال -جل وعلا- (وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) فيحرم أن يقول على الله بغير علم ولا يُفتي عليهِ أن يُحيل السائلين إلى العلماء ولا يُفتيهم ولا ينقل إليهم فتوى، قد لا يعرفها أو لا يدري ما مُناسبتُها. المصدر : http://www.alfawzan.af.org.sa/node/15501 |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
فتاوى المرأة في الحج | ام عادل السلفية | منبر الأشهر الحرم والحج والعمرة | 8 | 22-10-2014 11:36AM |
[فتوى] فتاوى الشيخ الدكتور / صالح بن فوزان الفوزان - حفظه الله - في الحج وضرورة الإستعداد له | ام عادل السلفية | منبر الأشهر الحرم والحج والعمرة | 1 | 12-10-2014 04:34AM |
فتاوى العلماء في الحج وضرورة الاستعداد له | ام عادل السلفية | منبر الأشهر الحرم والحج والعمرة | 1 | 11-10-2014 03:45AM |
الحج وضرورة الاستعداد له فتاوى لمعالي الشيخ صالح بن محمد اللحيدان | أبو عبد الرحمن محمد السلفي | منبر أصول الفقه وقواعده | 0 | 07-11-2010 11:11AM |
[خطبة] بهجة القلوب بالقرار الملكي الخاص بقضية الفتوى | الغريبة | منبر الأسرة والمجتمع السلفي | 0 | 28-08-2010 05:39AM |