|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
بعض القواعد والفوائد السلفية من رسالة لعلي الزرويلي في ذمّ البدعة وأهلها(ت:719هـ)
بعض القواعد والفوائد السلفية
من رسالة لعلي الزرويلي في ذمّ البدعة وأهلها (ت:719هـ) جمعها خالد بن ضحوي الظفيري في 13/ذي القعدة/1424هـ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، أما بعد: فهذه بعض الفوائد والقواعد المنتقاة من رسالة للقاضي أبي الحسن علي بن محمد بن عبدالحق الزرويلي المعروف بالصغير، وهو قاض معمّر من كبار المفتين في المغرب، ومن علماء أهل السنة والجماعة، وقد ولاه السلطان أبو الربيع القضاء بفاس، وكان يدرس بجامع الأجدع فيها، وله مؤلفات في الفقه والاعتقاد منها هذه الرسالة "رسالة في ذم البدعة وأهلها"، وقد عاش أكثر من مائة عام، وتوفي سنة 719هـ. ومضمون رسالته: التحذير من الابتداع في الدين، وموقف السلف من البدع والمبتدعة، غير أن غالب رسالته في ذم المتصوفة ممن كانوا في عصره والتحذير من بدعهم كالتتوييب والموائد والأذكار الجماعية والتحلييق وغير ذلك، والرد على شبههم، والرسالة في جملتها جيدة، لو أنه اجتهد في انتقاء الصحيح من الحديث، وعلى رسالته بعض الملاحظات بينها محقق الرسالة وهو الدكتور عواد المعتق خلال تحقيقاته على الرسالة، ومما امتازت به هذه الرسالة الآثار العقدية عن الصحابة والتابعين التي طرز بها رسالته، وكذلك بعض القواعد والتأصيلات النفيسة التي قررها خلال كتابته. ولي مع هذه الرسالة وقفة في بيان بعض القواعد والفوائد المستنبطة من خلال قراءتي لتلك الرسالة، وإلا فالفوائد كثيرة، فيرجع إلى الرسالة من أراد الاستزادة. وهذه الرسالة مطبوعة ضمن "مجلة البحوث الإسلامية" العدد (67) في الصفحات (191-256)، بتحقيق المعتق كما أسلفت. فأسأل الله تعالى أن ينفع بها ويثبتنا على السنة إن ربي لسميع الدعاء. بيان بعض القواعد والفوائد المستنبطة من الرسالة. (1) تعريف البدعة. قال -رحمه الله- (ص:195): ((اعلم أن البدعة: ما خرج عن الكتاب والسنة والإجماع)). (2) خطورة البدعة . قال رحمه الله (ص:195): ((البدعة فتنة وبلاء عظيم على هذه الأمّة)). وقال رحمه الله (ص:255): ((والبدعة ضلالة قديمة وشجرة تعرقت وتفرعت، وانتشرت في البلاد كما انتشر الكفر، فلا تزول إلى يوم القيامة، إلا من وفقه الله يقتدي بالسنة وأهلها)). (3) طريقة المبتدعة الطعن على العلماء وتشييخ أهل البدع ودعاة الضلال والتعصب لهم. قال بعد أن بين بعض البدع التي كان يسير عليها أهل عصره (ص:197): ((وزعموا أنهم أظهروا الدين بذلك وأحيوه، وألقوا عندهم أن العلماء قطعوا طريق الله وحذروهم منهم، فاعتقد بعضهم عداوتهم فافترقوا بكثرة أشياخهم على طوائف شتى كل طائفة تحيد إلى شيخها وتطعن في الطائفة الأخرى وشيخها، فتوارثت لأجل ذلك المشاحنة والمباغضة بين الأشياخ حتى يود كل واحد منهم لو شرب دم الآخر بسبب حطام الدنيا، فباعوا الآخرة بالدنيا، فأضلوا من مخلوقات الله كثيراً، فأفسدوا بذلك دينهم وإيمانهم)). (4) البدعة أخطر وأكبر ذنباً من المعصية ووجه ذلك. قال رحمه الله (ص:219): ((فإن قيل: ولأي شيء تنكرون في رد العصاة للتوبة والطريق إلى الله؟ فالجواب: أن نقول: إنما ردوهم من المعصية إلى البدعة، وقطعوهم عن طريق الله تعالى، وقد اتفق العلماء أن العاصي أحسن حالاً من المبتدع؛ لأنّ العاصي يزعم أنّه عاصٍ، ويقول: نتوب ونرجع إلى الله تعالى. وأما المبتدع: فيزعم أنه على الحق حتى يموت على بدعته، ومن مات مبتدعاً، وجد قبره حفرة من حفر النار)). وقال رحمه الله (ص:255): ((وترك السنّة أعظم وزراً من كل معصية، لا من الزنى ولا من شرب الخمر ولا من قتل النفس، عصمنا الله وإياكم منها بمنه وكرمه. قال الفقيه العالم الصالح الزاهد الورع أبو عبدالله محمد الفشتالي رحمه الله تعالى: "ضرر هذه المعاصي إنما هو في الفروع التي هي أعمال الجوارح الظاهرة، وضرر هذه البدع إنما هو في الأصول التي هي العقائد الباطنة، إذا انقطع الأصل ذهب الفرع والأصل، وإذا انقطع الفرع وبقي الأصل يرجى أن يحيى الفرع ولم تبطل بالكلية منفعة الأصل")). (5) الرقص والوجد والاهتزاز والصياح عند الموعظة من سنة السامري وعبدة العجل. قال رحمه الله (ص:221-222): ((فإن قيل: فالشطح والاهتزاز مما يحرك الخشوع ويهيج الوجد، فلم أنكرتموه؟ فالجواب: أن نقول الرقص والتواجد أول من أحدثه أصحاب السامري لما اتخذوا لهم عجلاً جسداً له خوار ظلوا يرقصون حوله ويغنون، وهو دين الكفار، وعباد العجل، وقد تقدم في حديث العرباض بن سارية أنه قال: وعظنا رسول الله موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، ولم يقل صرخنا ولا زعقنا، ولا ضربنا على رؤوسنا، ولا ضربنا على صدورنا، ولا رقصنا كما يفعل كثير من الجهال يصرخون عند الموعظة ويزعقون ويتناعقون. وهذا كله من الشيطان لعنه الله يلعب بهم، وهذا كلّه بدعة وضلالة)). (6) طريقة معرفة البدعة أن تنظر هل فعلها الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام أم لا؟. قال رحمه الله (ص:222-223) بعد أن ذكر ما تقدم في الفائدة السابقة: ((يقال لمن فعل هذا: أكان النبي صلى الله عليه وسلم أصدق الناس موعظة، وأنصح الناس لأمته، وأرق الناس قلباً، وأصحابه أرق الناس قلوباً، وخير الناس ممن جاء بعدهم، ولا يشك عاقل في هذا، فما صرخوا عند موعظة ولا زعقوا ولا رقصوا، ولو كان هذا صحيحاً لكانوا أحق الناس بهذا أن يفعلوه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم لكنه بدعة وباطل ومنكر بيّن)). (7) البدعة من أسباب سوء الخاتمة. قال رحمه الله (ص:225): ((إن المبتدع الذي يموت على بدعته يبتليه الله بسوء الخاتمة... وقال أبو حامد: الأسباب التي تورث سوء الخاتمة، فذكر منها: البدعة، وذكر أبو الليث ذلك أيضاً)). (8) زيارة أهل البدع محرمة، لأن فيها تشجيع لهم. قال رحمه الله (ص:227): ((وكذلك الزيارة جائزة بين أهل السنة، ولها فضل عظيم، وأما بين أهل البدعة فهي حرام؛ لأن ذلك يهيج بدعتهم وضلالتهم)). (9) حال من يبتدع بدعة وينسبها للدين كالذي يدعي نقص الرسالة وخيانة الرسول صلى الله عليه وسلم. قال رحمه الله (ص:227-228): ((ويقال للمبتدع الذي أحدث ما ليس عليه الأمة مثل ما ذكرنا من التحريم في اللقمة والاجتماع للتوبة وغير ذلك، فيقال له: هذا دين أو ليس بدين؟ فإن قال: دين فقد كفر بالله ورسوله؛ لأنه كذب الله عز وجل في كتابه، إذ قال عز وجل: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)، وجعل الرسول عليه الصلاة والسلام خائناً في رسالته إذ يقول فعله ولسان مقاله هذا من الدين لم يكمل ولم يأت به الرسول، ولو لم يقله بلسانه قاله بفعله ولسان حاله)). (10) وجوب هجر أهل البدع غضباً لله وخوفاً من الشبه. قال رحمه الله (ص:232): ((فإن قيل: لأي شيء أنكرتم السلام على المبتدعة، ومخالطتهم ومحبتهم والجلوس معهم، وهل في ذلك إثم أم لا؟ فالجواب: أن نقول إنما أنكرنا ذلك لما تقدم –وذكر حديثاً ضعيفاً ثم قال- وقال الفضيل: ((من جالس صاحب بدعة أورثه الله العمى)) أي عمى القلب عن الطاعة والهدى. وقال : ((من أحب صاحب بدعة أحبط الله عمله، وأخرج نور الإسلام من قلبه))، بل يهجرون زجراً وردعاً وغضباً لله تعالى، ولأنه لا يؤمن على مخالطهم أن يلقوا عليه شبهة فتتمكن من قلبه، لذلك قال بعضهم: لا تمكن زائغ القلب من دينك)). (11) لا تغتر بنفسك فتجلس مع أهل البدع وتسكت عن باطلهم فتهلك. قال رحمه الله (ص:233): ((وإن قال قائل: عرفت بدعتهم ولا تغتر نفسي بغرورهم، بل نأكل معهم ونأخذ من أموالهم وأسكت عن حالهم، وندعهم في أهوائهم، وأي شيء علي في ذلك واستسخاري بهم؟ فالجواب: إن هذا المسكين غرّه سراب الطمع، ووقع في مهوات لا قعر لها، فأهلكته شهوته مع الهالكين وخسر مع الخاسرين ... وأي شيء أعظم من المداهنة على عرض الدنيا، وكذلك الجاه عندهم به يهلك، وفي فتاوى بعض الفاسيين: أن من جلس معهم أو مشى معهم أو تكلم معهم أو أكل معهم أو حضر مجلسهم فقد نقض الإسلام عروة عروة. قال: وكان أهل السنة وأهل الشرع والورع إذا نظروا إليهم يَثِبُون منهم كما يثب البعير إذا انحل عقاله)). (12) لا غيبة لأهل البدع، والمحذّر منهم ومن بدعهم مأجور. قال رحمه الله (ص:237-238): ((فإن قيل: قد نهي عن الغيبة، ولِمَ تغتابوهم؟ فالجواب: أن نقول لا غيبة فيهم إذا ذكروا في حال بدعتهم وزيغهم، بل الخائض فيهم مأجور، ليقع الحذر منهم ومن مذهبهم الفاسد... . وإنما الغيبة إذا ذكروا بشيء من أبدانهم، وأما بدعتهم فلا)). (13) من علامة صدق محبة الرسول صلى الله عليه وسلم اتباع سنته وترك الابتداع. قال رحمه الله (ص:238): ((فإن قيل: هؤلاء القوم يحبون نبيهم، ويصلون عليه ويرجون شفاعته ولهم نية خالصة في عبادتهم وأفعالهم لله تعالى. فالجواب: أن نقول ما قال الحسن: ((لا يغرنكم قول من يقول المرء مع من أحب))، فإنك لا تلحق الأبرار إلا أن تعمل بعملهم واتباع سنتهم، فإن اليهود أحبوا موسى عليه الصلاة والسلام، وليسوا معه إذ لم يتبعوه وأهل البدع يحبون أنبيائهم وليسوا معهم إذ لم يتبعوهم بل كذبوا. ولقد أحسن من قال: من يدّع حب المرء ولم يكــن بسنته متمسكاً فهو كــاذب علامة صدق المرء في الحب أن يرى على منهج كانت عليه الحبايب)) أقول: والمقصود بذلك من يدعي حبهم ويزعم أنه يحشر معهم وهو على غير سبيلهم ومخالف لسنتهم. (14) الرأس في الضلالة إن مات تلحقه ذنوب أتباعه. قال رحمه الله (ص:242): ((وأما الشيخ في البدائع المذكورة فهو ضال مضل وغوايته أشد على الناس من أبليس اللعين؛ لأن إبليس يخدع الناس بالوسوسة، وهذا الشيخ المبتدع يخدعهم بالمشاهدة، وكل من مات ماتت ذنوبه، إلا الشيخ المبتدع الذي يدعو الناس إلى البدعة؛ فإنه وإن مات لم تمت ذنوبه)). (15) من هم العلماء حقاً الذين يستحقون الاقتداء. قال رحمه الله (ص:250): ((فإن قيل: قد قلتم إنه لا يقتدى إلا بالعلماء في الدين، وهؤلاء شيوخنا علماء. فالجواب: أن نقول إن العقلاء ينظرون للأشياء، ويميزون بين الأموات والأحياء، فما كل سحاب أبرق وأمطر، ولا كل عود أورق وأثمر، ولا كل مستدير هلال، ولا كل أخضر حلال، إنما يقتدى بالفقيه العالم المدرس العامل بالكتاب والسنة، العارف بهذه الآداب في الملبس والمسكن والقوت، المؤثر للعزلة والخمول، الذي يعرض عن الهوى والفضول، ويواظب على الذكر والصلاة، ويكثر الصمت ويقلل الكلام، ويكتفي بما وجد، ويقلل المنام، ويوصي بالمعروف، ويحفظ الحدود، قليل الطمع، شديد الورع، لا يفرح بالدنيا إذا أقبلت، ولا يحزن عنها إذا أدبرت، همه وهمته في آخرته، يكره ظهور حسناته، كما يكره ظهور سيئاته، يكره الجاه، ويحب في الله ويبغض في الله مشهور في العلم، يستفاد منه كل خير)). (16) كثرة وسمعة السالكين ليست دليلاً على الحق. قال رحمه الله (ص:252-254): ((فإن قيل: هذا الطريق مسلوك وعليه خلق كثير فاتبعناه، وما أحدثنا نحن شيئاً فيكون جميع هؤلاء مع كثرتهم وفيهم العلماء وصلحاء وقوّام الليل وصوام النهار وحجاج لبيت الله الحرام، وغزاة في سبيل الله وفعاّل المعروف، ووجوه البر، والدنيا عامرة بالفقهاء والسلاطين والخدام والحكام ولم ينهوا عن ذلك لو كان ذلك باطلاً. فالجواب: أن نقول قولك: وجدنا الطريق مسلوكاً واتبعناه، فهذا الجواب قديم أصله من الكفار لما عُرض عليهم الإسلام، قال الله تعالى حكاية عنهم: (إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون)، ولا شك أن السنة في البدائع كالإسلام في الأديان.... وأما قولك: ما أحدثنا نحن شيئاً. فجوابه: أنه أحدثه بدعي عدو لدين الله واتبعته أنت. وأما الاستدلال بكثرة القوم الضالين فلا يغتر به عاقل؛ لأنّ أهل الكفر أكثر من أهل الإيمان والإسلام بأضعاف مضاعفة)) ثم ذكر حديث بعث النار وفيه: "أخرج من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار". والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
__________________
ماهر بن ظافر القحطاني المشرف العام على مجلة معرفة السنن و الآثار maher.alqahtany@gmail.com
|
#2
|
|||
|
|||
جزاكم الله خيرا
__________________
استخدم زر التحكم لتعديل توقيعك |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|