|
#1
|
|||
|
|||
من وصايا ابن مسعود -رضي الله عنه-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فهذه فوائد منتقاة من وصايا ابن مسعود –رضي الله عنه- وهي في الأصل مختصرةٌ من محاضرة ألقاها الشيخ صالح آل الشيخ –حفظه الله- نفعنا الله وإياكم بها..آمين. قال رضي الله عنه لهم قال: "لو تعلمون ذنوبي ما وطئ عقبي اثنان، ولحثيتم التراب على رأسي، ولوددت أن الله غفر لي ذنبا من ذنوبي، وأني دعيت عبد الله بن روثة". أخرجه الحاكم وغيره. مقام الشهرة مقام مزلة عظمة، ولهذا ابن مسعود أوصى وصية على نفسه يبين فيها حاله،ويبين فيها ما يجب أن يكون عليه كل من كان له تبع، فيقول: لو تعلمون ذنوبي ما وطئ عقبي اثنان ولحثيتم التراب على رأسي. لابد فيمن كان على شهرة، أو كان ممن ينظر إليه الناس أن يحتقر نفسه دائما بينهم، ويظهر ذلك لا ليرتفع بينهم، ولكن ليرتفع عند الله جل وعلا، ومدار ذلك الإخلاص، فإن من الناس من ربما يزدري نفسه أمام الناس ليظهر بينهم، وهذا من الشيطان، ومنهم من يزدري نفسه من الناس والله جل وعلا مطلع على قلبه أنه صادق في ذلك، يخشى لقاء الله جل وعلا، يخشى يوم يوفى ما في الصدور يوم يطلع على ما في القلوب، ولا تخفى على الله خافية، ولا يكتمون الله حديثا. قال رضي الله عنه قال: "إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه, وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا- أي بيده- فذبه عنه". قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن الصالحين يجتنبون كبائر الذنوب مثل الزنا أو شرب الخمر والسرقة؛ ولكنهم يقعون في ذنوب اللسان والقلب. يتعاظم بقلبه يتجبر يتكبر، يمرّ به أحد فيستصغر ذاك ويعظّم نفسه، ولو علم الحقيقة لربما كان ذلك الذي ازدراه أعظم عند الله جل وعلا منه، فالمرء ينبغي أن يكون حسيبا على نفسه، يجلس الناس مجالس طويلة يغتابون فيها. والغيبة درجات، وأعظمها أن يغتاب من له الحق عليه من أهل العلم ومن الوالدين ونحو ذلك، فإن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته، والله المستعان. هذه ذنوب فتأمل هذه الكلمة، ولا تغتر بأنك صاحب طاعة، وتنظر إلى نفسك وأنك وأنك لا تحس بالذنوب التي تغشاها وأنت لا تشعر، لقصور علمك، أما الرجل إذا علم، أما المسلم أو المسلمة إذا علمت أمر الله فإنه سيكون في القلب الخشية ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾[فاطر:28]، فإذا أذنب ذنبا كان القلب وجلا خائفا، لا يدري ما الله جل وعلا يصنع فيما فعل من الذنب، الذي قد يكون ذنبا لسانيا، وقد يكون ذنبا قلبيا، وقد يكون أذنب ذنبا من ذنوب الجوارح. إذا هذه الوصية مدارها أن تعظِّم أمر ذنبك، ولا تخفف أمر الذنب، فإذا عظمته، وكأنك قاعد تحت جبل تخشى أن يقع عليك، فإنك ستسعى إلى طلب المغفرة، ستسعى إلى التوبة، ستسعى إلى مفارقة الذنوب وان تُلِظَّ بالله جل وعلا إن يعفو عنك ويتسامح، وهذه عبادات تلو العبادات. وقال ابن أم عبد –عبد الله بن مسعود- لأصحابه: إنكم في زمان: كثير علماؤه قليل خطباؤه، وسيأتي بعدكم زمان: قليل علماؤه كثير خطباؤه. ابن مسعود هو العالم الداعي المربي، قال هذه الكلمة ليحذِّر الناس عن الابتعاد عن طريق أهل العلم وإتيان طريق الخطباء؛ لأن في زمنه العلماء كثير ولكن الخطباء قليل، وأما في الزمن الذي يكون بعد زمنه (سيأتيكم زمان قليل علماؤه كثير خطباؤه)، وقد قال عليه الصلاة والسلام «خيركم قريني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم» فذكر ثلاثة قرون وقال«لا يأتيكم زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم»، وثبت عنه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ ليلة عرج به إلى السماء رأى أقواما من أمته تُقرض شفاههم ويعذبون، ففزع عليه الصلاة والسلام وقال لجبريل: «يا جبريل من هؤلاء؟» قال: «هؤلاء خطباء أمتك الذين يقولون ما لا يفعلون». ولهذا تجد أن أثر الكلام اليوم، أثر الكلام في النفوس لم؟ لأنه كما قيل إذا صدر الكلام من موفق مخلص دخل القلوب بإذن الله، وأما إذا صار رياء وسمعه فإنه للذة لا يجاوز الآذان، يستلذ كلام طيب جميل ما شاء الله، وعجيب، ولكن هل أثَّر في حياة الناس؟ هل أثر؟ دخل في القلوب؟ ما دخل ولا أثر. كثير اليوم نحضر في خطب الجمعة، ويأتي أمر ونهي وتذكير عظيم؛ لكن هل فزع الناس من هذا التذكير؟ هل قبلوا؟ القليل من يقبل، الأكثرون لا يقبلون، ومن أسباب ذلك أشياء راجعة إلى الخطيب، ومنها أسباب راجعة إلى المستمع. فما المخرج؟ وصية ابن مسعود وعهده أن تهتم بالعلماء، وأن تذر الخطباء؛ يعني أن التوجيه والعهد والوصية والعلم تأخذها من أهل العلم؛ لكن الخطباء هؤلاء كثير ولكنهم غير العلماء، العالم موصوف بالعلم والخطيب موصوف بالخطابة، ولما غاير بين الخطباء والعلماء دلنا على أنه يريد العلماء غير الخطباء. |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|