|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | التقييم: | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ المجلد الرابع ]
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله- [كتاب البيوع] مقدمة عن البيع لما كان العبد لا يستغني عّما في يد صاحبه وصاحبه لا يستغني عمّا في يده شرع الله سبحانه وتعالى التوصل إلى ما في يد الغير بطريقة البيع التي هي المعاوضة لكي يتوصل كل واحد من المتبايعين إلى حاجته بطريقة مشروعه يأخذ كل منهما العوض عمّا يبيعه ويبذل العوض فيما يشتريه ولما كان البيع يتضمن أنواعاً من البيوع جعل الله عز وجل لتلك البيوع أحكاماً حتى لا يصل الضرر من الفرد إلى المجتمع أو من المجتمع إلى الفرد وقد قرر الشارع ﷺ أحكام الخيار والسلف والهبة وغير ذلك فأباح أشياء من البيع لما فيها من المصلحة ومنع أشياء لما يعلم فيها من المضرة إما على الفرد وإما على المجتمع وإما عليهما معاً ولله في ذلك الحكمة البالغة فما شرع ففيه ضمان المصلحة وما لم يشرعه أو نهى عنه فإنما ذلك لدفع مضرة حقيقية أو متوقعة والله تعالى يقول ( وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ) [البقرة: 275 ] . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf التصفية والتربية TarbiaTasfia@ . |
#2
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [251]الحديث الأول: عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله ﷺ أنه قال إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا وكانا جميعاً أو يخير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع . وفي معناه حديث حكيم بن حزام وهو الحديث الثاني قال : قال رسول الله ﷺ البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو قال حتى يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما . موضوع الحديث : خيار المجلس المفردات إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار : إذا حرف شرط غير جازم وجملة تبايع الرجلان فعل الشرط وقوله فكل واحد منهما بالخيار : جواب الشرط وجزاءه وجملة ما لم يتفرقا تحديد لزمن الخيار بالتفرق قوله وكانا جميعاً : تأكيد لمفاد ما لم يتفرقا والواو واو الحال والجملة حالية قوله أو يخير أحدهما الآخر : هذا يشمل أمرين أحدهما أن يكون بينهما خيار ممتد إلى ما وراء المجلس كثلاثة أيام أو ما أشبه ذلك والثاني أن يشترط أحدهما على الآخر قطع خيار المجلس بأن يقول اختر إمضاء البيع أو رده فإذا حصل ذلك انقطع الخيار . قوله فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع : أي فقد وجب البيع على ما اتفقا عليه . المعنى الإجمالي شرع الله على لسان رسوله ﷺ وشرعه حق ولا يشرع إلا لمصلحة أنه إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا لأنه إذا اختار أحدهما ترك البيع جاز له الرد والترك رضي صاحبه أو لم يرض أو يخير أحدهما الآخر بأن يقول له اختر إمضاء البيع أو رده ولا خيار لك بعد الاختيار أو يشرط أحدهما امتداد الخيار إلى اليوم واليومين والثلاثة وهذا يسمى خيار الشرط وفي حديث حكيم بن حزام فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما أي أن البركة ملازمة للصدق وبيان العيوب والمحق والخسارة ملازمة للكذب والكتمان وبالله التوفيق . فقه الحديث أولاً :يؤخذ من حديثي عبدالله بن عمر وحكيم بن حزام مشروعية خيار المجلس وهو أنه يجوز الخيار ما داما في المجلس لم يتفرقا عنه فإذا اختار أحدهما رد البيع جاز له ذلك رضي صاحبه أو لم يرض وقد قال بما اقتضاه الحديث الشافعي وأحمد وأصحاب الحديث وقال مالك وأبو حنيفة بعدم خيار المجلس رغم أن مالكاً هو أحد رواة الحديث وقد ذهب ابن حبيب من أصحاب مالك إلى إثبات خيار المجلس والذين نفوه اعتذروا عن عدم القول بالحديث بأعذار ملخصها ما يأتي :- الوجه الأول من الاعتذارات أن مالكاً روى هذا الحديث ولم يقل به وما دام راويه لم يقل به فإن ذلك يكون عذراً لغيره عن الأخذ به ويجاب عن هذا العذر بجوابين : الجواب الأول أن العبرة بما رواه الراوي لا بما رأى فالأخذ بالحديث متعين على من صح عنده وإذا كان الراوي لم يقل به فإن ذلك لا يكون عذراً لغيره عن عدم الأخذ بالحديث المذكور والجواب الثاني أن هذا الحديث قد روي من عدة طرق فروي من غير طريق مالك فإذا كان مالك قد ترك القول بالحديث وتعذر الأخذ به من طريق مالك فإنه لا عذر لأحد عن الأخذ بالحديث من الطرق الأخرى التي جاءت من غير طريق مالك . الوجه الثاني من الاعتذارات أن هذا خبر واحد فيما تعم به البلوى وخبر الواحد فيما تعم به البلوى يجعل ذلك الخبر غير مقبول ويجاب عن هذا الوجه بأن البيع مما تعم به البلوى هو كذلك لكن الفسخ ليس مما تعم به البلوى بل هو يكون نادراً وعلى هذا فإن هذا العذر غير صحيح ولا مقبول . الوجه الثالث من الاعتذارات أن هذا حديث مخالف للقياس الجلي والأصول القياسية والجواب عن هذا أن القياس إنما يصار إليه عند عدم النص وليس أن تترك النصوص من أجل القياس فأين القياس من قول من لا ينطق عن الهوى ، إن هذا كمن يساوي بين الثرى والثريا . الوجه الرابع أن هذا الحديث معارض لإجماع أهل المدينة وعملهم وما كان كذلك يقدم عليه العمل يعني وهذا الحديث يقدم عليه عمل أهل المدينة ، والجواب عن هذا إن عمل أهل المدينة بل وعمل غيرهم إذا خالف النص حكم عليه بالبطلان ووجب الأخذ بالنص وأخيراً لا أدري كيف حال من يجعل هذه الاعتذارات الملتوية ليصرف بها طلاب العلم عن الأخذ بالنص النبوي الصحيح المعقول العلة وإن خيار المجلس حكم شرعي في منتهى اللياقة والوضوح فإن البيع قد يكون فيه أحد المتبايعين مندفعاً فيعقد الصفقة على ما فيه غبن عليه فإذا فكر أحد المتبايعين ورأى أن من صلاحه عدم المضي في البيع وأراد فسخه جاز له ذلك ما دام في المجلس وهذا هو مقتضى هذا الحديث الذي في خيار المجلس أما إن سكت حتى يتم التفرق وليس بينهما خيار فإنه لا يجوز له الرد ما لم يكن هناك خيار مشروط وهذا في منتهى الحكمة واللياقة ومن رد هذا الحكم ليبرر رأي شيخه أو إمامه الذي لم ير القول بهذا الحديث وقد يكون لذلك الإمام أو الشيخ عذر في عدم الأخذ بالحديث لكن ليس للتابع عذر في ترك الحديث بعد أن تبينت له صحته من أجل أن إمامه لم يقل به وإنه ليخاف على مثل هذا من الزيغ نعوذ بالله من ذلك والله سبحانه وتعالى يقول (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ) [ الأحزاب : 36 ] والله سبحانه وتعالى يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) [ الأنفال : [24،25 ] إلى غير ذلك من النصوص التي توجب طاعة الرسول ﷺ وتحذر من مخالفة أمره كما قال تعالى (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) [ النور : 63 ] وأخيراً للإطالة في هذا الموضوع مواضع غير هذا ولكن هذا من باب التنبيه على من يريدون بشتى الوسائل رد الحديث النبوي من أجل موافقة رأي إمامهم نسأل الله ألا يزيغ قلوبنا . ثانياً:قوله أو يخير أحدهما الآخر يدخل تحته أمران : الأمر الأول أن يشترط أحدهما الخيار ممتداً إلى ما بعد المجلس كخيار ثلاثة أيام أو يوم أو ساعات أو ما أشبه ذلك وهذا يقال له خيار الشرط والدليل عليه حديث حبان ابن منقذ ( أنه كان يبايع فيغلب في البيوع فقال له النبي ﷺ ( إِذَا أَنْتَ بَايَعْتَ فَقُلْ لا خِلابَةَ ثُمَّ أَنْتَ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ ابْتَعْتَهَا بِالْخِيَارِ ثَلاثَ لَيَالٍ فَإِنْ رَضِيتَ فَأَمْسِكْ وَإِنْ سَخِطْتَ فَارْدُدْهَا عَلَى صَاحِبِهَا) فهذا يقال له خيار الشرط وقد رأى بعض الفقهاء أن خيار الشرط يجوز ولو كان لسنة أو سنتين . الأمر الثاني أن يخير أحدهما الآخر بأن يختار عدم استمرار الخيار إلى نهاية المجلس بل يختار قطعه ويستدل لهذا القول بقوله ( أو يخير أحدهما الآخر ) فإن اتفقا على ذلك انقطع بينهما الخيار . ثالثاً: هناك خيارات لم تذكر كخيار العيب وقد عدّ الفقهاء الخيارات إلى ثمانية . رابعاً: يؤخذ من قوله ( حتى يتفرقا ) أن التفرق يعد منهياً لخيار المجلس ما لم يكن بقصد إنهائه لقوله ﷺ (وَلا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَ صَاحِبَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ ) وهل الفراق الذي يحصل من أحد المتبايعين بقصد عدم الإقالة هل يعد قاطعاً لخيار المجلس ما دام وهو معصية لله أم لا ؟ هذا محل نظر وخلاف بين العلماء . خامساً: يؤخذ من قوله (فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما ) وفي رواية ( فَعَسَى أَنْ يَرْبَحَا رِبْحًا وَيُمْحَقَا بَرَكَةَ بَيْعِهِمَا) يؤخذ من ذلك أن البركة في البيع مترتبة على الصدق والبيان وأن المحق فيه والخسران مترتب على الكذب والكتمان . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf . |
#3
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - باب ما نهي عنه من البيوع [252]الحديث الأول : عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله _ نهى عن المنابذة وهي طرح الرجل ثوبه بالبيع إلى الرجل قبل أن يقلبه أو ينظر إليه ، ونهى عن الملامسة والملامسة لمس الثوب ولا ينظر إليه . موضوع الحديث : البيوع المنهي عنها لما فيها من الغرر المفردات المنابذة : صيغة مفاعلة وهو أن ينبذ كل منهما إلى الآخر فالبائع ينبذ الثوب والمشتري ينبذ الثمن ولا خيار بينهما ولا نظر ولا تقليب قوله قبل أن يقلبه أو ينظر إليه بأن يكون البيع مشروطاً فيه عدم التقليب والنظر في حال المبايعة فمتى نبذ البائع إلى المشتري لزم البيع ولا خيار والملامسة مفاعلة من اللمس بأن يقول لمسك للثوب بيعاً بدون خيار المعنى الإجمالي ما أعظم الشرع الإسلامي وما أعدله إذ أنه منع الغرر وما يكون فيه ظلم من أحد المتبايعين للآخر وإذا شرط البيع بالنبذ أو اللمس بدون تقليب ولا خيار فإن ذلك من الغرر الذي يمنعه الإسلام ويحاربه ويبطل كل صفقة يكون فيها ذلك . فقه الحديث أولاً: قال ابن دقيق العيد رحمه الله اتفق الناس على منع هذين البيعين واختلفوا في تفسير الملامسة إلى آخره وأقول إن البيعين المشار إليهما هما بيع الملامسة والمنابذة لما فيهما من الغرر والضرر إما على المتبايعين معاً وإما على أحدهما ثانياً: لا بد من معرفة هذين البيعين اللذين اتفق العلماء على منعهما فالأول منهما الملامسة وهو بأن يقول إذا لمست هذا الثوب فهو عليك بكذا ولا خيار لك بعد اللمس . قال ابن دقيق العيد هي أن يجعل اللمس بيعاً بأن يقول إذا لمست ثوبي فهو مبيع منك بكذا وكذا ((وهو)) باطل للتعليق بالصيغة وعدوله عن الصيغة الموضوعة للبيع شرعاً أهـ قلت: ليست العلة هي وضع صيغة بدلاً عن صيغة ولكن كون الصيغة المنهي عنها متضمنة للغرر مشروط فيها عدم التقليب والنظر وقد تكون السلعة معيبة فيكون البيع شبيهاً بالقمار والميسر الذي نهى الله عنه لما فيه من المخاطرة والغش من المسلم للمسلم وهذه هي العلة ثالثاً: قال وقيل تفسيرها أن يبيعه على أنه إذا لمس فقد وجب البيع وانقطع الخيار وهو أيضاً فاسد من الشرط الفاسد أهـ وأقول إن هذه المسألة وإن اختلفت عن سابقتها في اللفظ لكن المآل واحد وهو عدم تمكين المشتري من النظر للسلعة ومعرفة صلاحها أو كونها معيبة وهذا أيضاً يتضمن الغرر رابعاً: وفسره الشافعي رحمه الله بأن يأتي بثوب مطوي أو في ظلمة فيلمسه الراغب فيقول صاحب الثوب بعتك كذا بشرط أن يقوم لمسك مقام النظر وهذا فاسد إن أبطلنا بيع الغائب وأقول في هذه التفسيرات الثلاثة يتردد الأمر في كون البائع شرط على المشتري أن يكون اللمس بيعاً بدون تقليب ولا نظر ولا خيار للمشتري إذا وجد العيب بعد النظر وقد خرج على التفسير الأول أنه من صور المعاطاة وعلى التفسير الثاني أنه من بيع الغائب وأقول إن المعاطاة جائزة في الأمور المحقرة التي يكون الغبن فيها خفيفاً أو ما يكون معلوم غالباً كأن تعطي للبائع ريالاً أو خمسة ريالات وتقول أعطني خبزاً أما الأمور الخطيرة التي يكون الغبن فيها شديداً وله وقع على نفس من وقع عليه فإنه لا تجوز فيه المعاطاة و الدليل على ذلك آية الدين وما تدل عليه من الاهتمام بالحقوق وأدائها على الوجه الأكمل حيث أمر بكتابتها إذا كانت ديناً وقال تعالى ( ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلا تَرْتَابُوا إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ ) [ البقرة : 282 ] وإن التغرير بالمشتري وأخذ حقه فيما يكون فيه غبن عليه إضرار به والله تعالى يقول (وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [ البقرة : 82 ] إذاً فالبيع الذي يكون فيه خطر لا بد فيه من الرؤية والتقليب والنظر أما قول وهذا فاسد إن أبطلنا بيع الغائب . فأقول إن بيع الغائب إن كان منضبطاً بوصف يميزه عن غيره فإنه جائز إن شاء الله وهو من يسر الشريعة وفي زمننا هذا قد أصبحت السلع لها علامات تميزيها كل شيء له علامة محددة وما كان كذلك فإنه يجوز فيه بيع الغائب هذا وبالله التوفيق أما المنابذة فمعناها أن يقول أحدهما أنبذ إليّ الثمن وأنبذ إليك السلعة أي ولا خيار للمشتري إذا وجد في السلعة عيباً والقول في المنابذة كالقول في الملامسة وما نهى عنها إلا لأنها متضمنة للغرر وجالبة للضرر ومثل ذلك لا يجوز في الشريعة وقد قال الرسول ﷺ (الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ وَلا يُسْلِمُهُ ) وفي الحديث (لا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ ) -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf التصفية والتربية TarbiaTasfia@ . |
#4
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [253]الحديث الثاني : عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال ( لا تلقوا الركبان ولا يبع بعضكم على بيع بعض ولا تناجشوا ولا يبع حاضر لباد ولا تصرّوا الغنم ومن ابتاعها فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها إن رضيها أمسكها وإن سخطها ردها وصاعاً من تمر ). وفي لفظ ( هو بالخيار ثلاثاً ) موضوع الحديث: النهي عن بيوع قد تكون المصلحة فيها تارة للفرد وتارة للجماعة والمقصود منها حماية الحقوق من الظلم والغرر المفردات لا تلقوا الركبان : التلقي هو الخروج إلى خارج السوق ليشتري بأرخص بعد أن علم أسعار السوق الركبان : جمع راكب وهو خرج مخرج الغالب إذ أن تلقي المشاة ليس بجائز قوله ولا يبع بعضكم على بيع بعض :فسره بعضهم بالسوم وفسره بعضهم بأنه ما يكون في مدة الخيار قوله ولا تناجشوا : النجش هو الاستثارة يقال نجش الصيد إذا أثاره والمراد بالنجش أن يدفع فيها ثمناً عالياً لا ليشتريها ولكن ليوقع الآخر فيها قوله ولا يبع حاضر لباد : الحاضر هو صاحب الحضر وهو الساكن في المدينة والباد هو الساكن في البادية قوله ولا تصرّوا الغنم : الصرّ هو حبس اللبن في الماشية ذات اللبن لترد إلى السوق على هيئة يُظن فيها أنها صاحبة لبن كثير قوله وهو بخير النظرين : أي نظر الرد ونظر الإمساك يختار أيهما أراد إذا رأى فيه المصلحة . قوله بعد أن يحلبها : المراد استمرار الحلب وهل يكون مستمراً كعادته أم لا ؟ قوله إن رضيها أمسكها : هذا تفسير للنظرين وإن سخطها ردها وصاعاً من تمر هذا أيضاً للتفسير وفي لفظ هو بالخيار ثلاثاً : أي ثلاثة أيام . المعنى الإجمالي إن الشارع الحكيم ﷺ يحرص دائماً على جلب المصالح ودفع الضرر سواء كان ذلك للفرد أو للجماعة وقد نهى ﷺ عن هذه البيوع لما فيها من الضرر ولما في تركها والعمل بما يجوز من جلب المصالح رعاية للحقوق فصلوات الله وسلامه عليه . فقه الحديث أولاً: الكلام على الفقرة الأولى وهو النهي عن تلقي الركبان من ثلاثة وجوه من حيث حكم الفعل المنهي عنه ومن حيث صحة البيع أو فساده ومن حيث إثبات الخيار أو عدم إثباته ، الوجه الأول وهو من حيث الحكم فإن من تلقى الركبان عالماً بالتحريم قاصداً لذلك فإن فعله حرام لأنه مخالفة صريحة للنهي وهذا هو الأظهر أما إن خرج لحاجة من غير قصد التلقي أو كان بيته على الطريق فإن هذا لا يدخل في التحريم ولا يكون فاعله آثماً فيما يظهر الوجه الثاني وهو صحة البيع أو فساده قال وهو عند الشافعي صحيح وإن كان آثماً وعند غيره من العلماء يبطل ومستنده أن النهي للفساد ومستند الشافعي أن النهي لا يرجع إلى نفس العقد ولا يخل هذا الفعل بشيء من أركانه وشرائطه وإنما هو لأجل الإضرار بالركبان . وأقول : إن القول بصحة البيع هو الأظهر إذ لو لم يكن البيع صحيحاً لما جعل النبي ﷺ له الخيار في قوله ( فصاحب السلعة بالخيار ) فلما جعل النبي ﷺ له الخيار دل على أن البيع صحيح لأنه إذا استمر على البيع وأنفذه وكان البيع غير صحيح فإن مقتضى ذلك أنه نفذ بيعاً باطلاً . والوجه الثالث : إثبات الخيار بحيث لا ضرر بالركبان بحيث يكونون عالمين بالسعر فلا خيار وأقول : إن إثبات الخيار في بعض الروايات وهي رواية صحيحة يجب على المكلف والفقيه المصير إليها ومن قال لا خيار فإنه قد خالف ما قرره الشارع ﷺ وهذا التقرير إذا تأملناه هو في غاية المصلحة وذلك يدور على وجود الغرر والضرر فإن وجد الغرر والضرر الذي هو علة للنهي فذاك هو الموجب للخيار وإن لم يوجد غرر ولا ضرر فالقول الصحيح عدم وجود الخيار ولهذا قال الفقهاء الحكم يدور مع علته . ثانياً :أما قوله ولا يبع بعضكم على بيع بعض فهذا سلك فيه الفقهاء مسلكان ، المسلك الأول تفسيره بالسوم وأنه إذا سام رجل من المسلمين سلعة فإنه لا يجوز للآخر أن يسوم على سومه حتى يشتري أو يترك وهذا قول مالك أي أن مجرد السوم يمنع السوم من الآخر مثال ذلك أن يأتي رجل فيسوم سلعة ويأتي آخر والأول قبله يسوم فيقول هذا أنا أسوم بكذا زيادة على سوم الأول هذا ممنوع عند مالك وأصحابه . أما المسلك الثاني فهو مسلك الشافعية والحنابلة وهو أن السوم على السوم جائز ما لم يُقبل من كان قد سام أولاً وإنما النهي في هذا الحديث أن يكون البيع قد وقع فيقول للمشتري في مدة الخيار رد هذا وأنا أبيع منك بأقل أو العكس فهذا هو الممنوع بموجب هذه الفقرة . وخصص من ذلك من منع السوم على السوم وهم المالكية خصصوا بيع من يزيد لقول النبي ﷺ في قصة صاحب الحلس والقدح وأن النبي ﷺ (قَالَ مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ قَالَ رَجُلٌ أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ قَالَ مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا قَالَ رَجُلٌ أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ ) فأجازوا السوم على السوم في بيع من يزيد ومنعوه في غيره ويمكن أن يرجح قول الشافعية والحنابلة قياساً على الخطبة على الخطبة فإن النبي ﷺ في هذا الحديث قَالَ ( ولا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ ) وعندما قالت له فاطمة بنت قيس أنه خطبها معاوية وأبو جهم وأسامة قال النبي ﷺ (أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لا مَالَ لَهُ ) فلم يمنع النبي ﷺ الخطبة على الخطبة في هذا الحديث لأن الخطاب لم يقبل أحد منهم ثم قال لها ( انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ ) وقد قال الفقهاء إن الخطبة على الخطبة تجوز إذا كان الخاطب الأول لم يُقبل أما إن قبل فإنه لا يجوز ذلك وربما يقال أن قياس البيع عليه وجيه . وبالله التوفيق . ثالثاً :قوله ولا تناجشوا النجش كما تقدم معناه استثارة رغبة المشتري بحيث أنه يدفع في تلك السلعة ثمناً قد يكون خيالياً ليوهم الآخرين بأن السلعة جيدة وتستحق هذا الثمن وهو لا يريد شراءها وفي هذه الحالة إن كان بمواطئة فإن الناجش والبائع كلاهما عاص واقع في الإثم لكن إذا لم يكن بمواطئة وحصل الفعل من الناجش قاصداً لمنفعة البائع فالإثم خاص به وهل يصح البيع أو يبطل هذا محل خلاف ونظر وقد نقل الصنعاني عن ابن المنذر أن طائفة من أهل الحديث قالوا بفساد ذلك البيع وهو قول أهل الظاهر ورواية عن مالك وهو المشهور عند الحنابلة إذا كان بمواطئة البائع أو صنيعه أهـ وكأن المذهب الثاني هو ثبوت الخيار وإذا قلنا بثبوت الخيار فإن البيع صحيح والخيار لمن حصل عليه الغبن لذلك فقد نقل الصنعاني أيضاً أنه هو المشهور عن المالكية وهو وجه للشافعية قياساً على المصراة أهـ . قلت إن هذا القول وجيه وقد تلخص لنا مما سبق أن النجش معصية وأن فاعله آثم وأن الخيار ثابت لمن اغتر بفعل الناجش ووقع في الغبن من أجله. رابعاً :قوله ولا يبع حاضر لباد هذه المسألة حملها بعضهم على الكراهة وحملها آخرون على التحريم إذا أدّى ذلك إلى الإضرار بأهل البلد المجلوب إليهم وكأنهم قصدوا بأن هذا نوع من الاحتكار لأن النبي ﷺ قال( لا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقِ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ ) فهو يدور بين شيئين الشيء الأول الاحتكار وإنما يكون الاحتكار في السلع الضرورية التي يحتاج الناس إليها ضرورة كالطعام ولذلك فقد اشترطوا في التحريم شروطاً : أولها :أن تكون السلعة من الضروريات . والثاني :أن يعرض الحضري على البدوي . والثالث: أن يلحق أهل البلد ضرر بذلك فإن كانت السلعة من غير الضروريات أو عرض البدوي على الحضري أو كانت السلعة موجودة لا ضرر على أهل البلد من حبسها فحينئذ لا تحريم . الشيء الثاني :أن يكون النهي محمولاً على الكراهة فقط فإنه حينئذ يقال بأنه لا داعي لهذه الشروط . خامساً :قوله ولا تصروا الغنم قال ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى فيه مسائل الأولى الصحيح في ضبط هذه اللفظة ضم التاء وفتح الصاد وتشديد الراء المهملة المضمومة على وزن تُزكوا مأخوذة من صَرَ يُصَرَّ ومعنى اللفظة يرجع إلى الجمع تقول صريت الماء في الحوض وصريته بالتخفيف والتشديد إذا جمعته أهـ . قلت : إن ما رجحه ابن دقيق العيد في هذه اللفظة يظهر أنه مرجوح وليس براجح وأن الصحيح في هذه اللفظة أنها بفتح تاء المضارعة وضم الصاد والراء والمقصود ربط أخلاف الماشية ليجتمع فيها اللبن هذا هو القول الصحيح إن شاء الله وإن كان من حيث المعنى وهو الجمع لا يبعد عن المعنى الأول . ثانياً :وينبني على هذا أن التصرية حرام لهذا قال ابن دقيق العيد رحمه الله ( لا خلاف أن التصرية حرام للغش والخديعة التي فيها للمشتري والنهي يدل عليه مع علم تحريم الخديعة قطعاً من الشرع ) أهـ قلت إن إجماع أهل العلم على تحريم التصرية انتهاء إلى نهي النبي ﷺ وعملاً به هذا هو الحق لكن حصره بالغش والخديعة فيه نظر بل ولكونه إيذاءٌ للحيوان فالدابة المصراة تتأذى بالصَّر كما يتأذى من ربط ومنع إخراج بوله إذاً فالعلة ليست محصورة في الغش والخديعة فقط بل ولكونه إيذاء للحيوان بمنع ما ينبغي إخراجه منه ومنع ابن المصراة من رضاعها حتى يخفف عنها الأذى أو يذهبه فتبين أن التحريم من جهتين وإن كان مقصود الشرع الأكبر هو الضرر المتعدي إلى الغير والعمل بالخداع والشرع يمنع الخداع . ثالثاً: يؤخذ من قوله ومن ابتاعها فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها يؤخذ من هذا أن النبي ﷺ جعل الخيار للمشتري بعد أن يحلبها ومعلوم أن المصراة في أول حلبة بعد البيع يكون لبنها كثيراً فإذا حلبها في المرة الثانية يجد أن اللبن نقص لذلك فإن النبي ﷺ جعل الخيار لمدة ثلاثة أيام بحيث يستقر اللبن على وضعه الأول سواء كان كثيراً أو قليلاً أو متوسطاً ثم هو بعد ذلك بالخيار . رابعاً :قوله إن رضيها أمسكها أي رضي لبنها أمسكها عنده وترك الرد وإن سخطها ردها وصاعاً من تمر فجعل النبي ﷺ له الخيار في ذلك . خامساً : في قوله وإن سخطها ردها وصاعاً من تمر الصاع من التمر أو من الطعام قد جعله الشارع ﷺ في مقابل اللبن الذي جاءت به من عند صاحبها . سادساً : لما كان اللبن يختلف فقد يكون قليلاً وقد يكون كثيراً حكم النبي ﷺ فيه بحكم قاطع فجعل فيه صاعاً من تمر أو صاعاً من طعام سابعاً :أبى ذلك بعض أهل المذاهب وجعل المردود هو القيمة والقائل بذلك هو أبو حنيفة وروي عن مالك قول بترك العمل بهذا الحديث والقول الأول أصح . وأخيراً إني لآسف أن يرد بعض الفقهاء حديث النبي ﷺ أو يعترض عليه بقواعد قعدها من ليس بمعصوم فيجعل تلك القواعد أصلاً والحديث فرع بل يقول إن الحديث مضنون فهل هذا هو التأدب مع النبي ﷺ الذي يليق به صلوات الله وسلامه عليه كلا فنسأل الله أن يهدي المسلمين للعمل بطاعة ربهم وإجلال وإكرام واحترام سنة النبي ﷺ وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf . |
#5
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [254]الحديث الثالث : عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ نهى عن بيع حبل الحبلة . وكان بيعاً يتبايعه أهل الجاهلية وكان يبتاع الجزور إلى أن تنتج الناقة ثم تنتج التي في بطنها قيل إنه كان يبيع الشارف - وهي الكبيرة المسنة - بنتاج الجنين الذي في بطن ناقته موضوع الحديث: النهي عن بيع الغرر المفردات حبل الحبلة : أي حمل الحمل الموجود بأن يبيع الناقة الكبيرة المسنة بحمل ما في بطن ناقته وقد ذكر الأمير الصنعاني أن الحبل اسم لحمل الإناث من بني آدم ونقل عن ابن الأنباري اتفاق أهل اللغة على أن الحبل يختص بالآدميات أما غير الآدميات فيقال حمل ولا يقال حبل المعنى الإجمالي أن النبي ﷺ نهى عن بيع حبل الحبلة وكان أهل الجاهلية يتبايعونه فنهى عنه ومنعه تحريماً للغرر لأنه يتضمن التغرير على المشتري فإن ذلك الحمل الذي بيع حمله قد يتم وقد لا يتم والآخر مثله وقد يكون ذكراً أو أنثى وقد تلد وقد تموت قبل ذلك . فقه الحديث أولاً : يؤخذ من هذا الحديث تحريم هذا البيع لما يحتوي عليه من الغرر الذي يتنافى مع الشريعة الإسلامية والله سبحانه وتعالى قد حرم الخداع لما ينتج عنه من الضرر وفي الحديث ( لا ضرر ولا ضرار ) ثانياً :إن هذا ليس من أخلاقيات الإسلام بل هو من صفة أهل النفاق والخداع والريبة ثالثاً: وجوده في هذا الحديث يدل على صحة هذه التسمية إلا أن ما قاله أهل اللغة دال على أن تسمية الحبل في الحيوانات تسمية غير مشهورة والمشهور فيها ذكر الحمل لا ذكر الحبل ملحوظة : قوله حبل الحبلة المقصود به حمل الحمل الذي في بطن ناقته مثال ذلك أن يكون لأحد المتبايعين شارف هزيلة فاشتراها آخر منه وكانت له ناقة حامل فقال لصاحب الشارف بعني شارفك هذه بما تلده ما في بطن ناقتي هذه بمعنى أن ينتظر إلى أن تنتج ناقة المشتري ثم تحمل فتنتج فيكون نتاج الحمل الموجود هو المبيع وفي هذا من الغرر أن ذلك الحمل قد يبقى وقد تخرجه الناقة ثم إذا بقي هل سيكون ذكراً أو أنثى فإن ولد ذكراً انتفى احتمال الولادة الأخرى وإن ولد أنثى كان احتمال الولادة الأخرى ممكن لكن هل تلك الناقة ستحمل أو لا تحمل فإن حملت كان ذلك الحمل هو المبيع لكن هل سيخرج تاماً أو ناقصاً معيباً أو سليماً فمن أجل هذه الاحتمالات نهى الشارع عن مثل هذا البيع لأنه بيع معلوم بمجهول . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf التصفية والتربية TarbiaTasfia@ . |
#6
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [255]الحديث الرابع : عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها نهى البائع والمشتري . وفي معناه حديث أنس بن مالك رضي الله عنه وهو الحديث الخامس أن رسول الله ﷺ نهى عن بيع الثمار حتى تزهى قيل وما تزهى ؟ قال حتى تحمر قال : أرأيت إن منع الله الثمرة بم يستحل أحدكم مال أخيه . موضوع الحديثين : في بيع الثمار قبل بدو صلاحها المفردات قوله نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها :أي حتى يظهر فيها الصلاح فيبدو هنا بمعنى يظهر قوله نهى البائع والمشتري : يعني أن النهي عام لهما قوله وفي حديث أنس حتى تزهى قد فسر كلمة تزهى بأخذ الألوان الأخيرة التي تكون نهائية ويتبين بها صلاح الثمرة فمثلاً يسود العنب الأسود ويبيض الأبيض منه والثمرة التي تكون نهايتها بالاحمرار إذا أخذت اللون الأحمر دل هذا على الصلاح المعنى الإجمالي نهى النبي ﷺ عن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها لأنه في هذه الحالة يكون من بيع المعدوم فقه الحديثين أولاً: يؤخذ من الحديثين تحريم بيع الثمرة قبل بدو صلاحها لأن النهي من أجل دفع الضرر عن المشتري فكان النهي مفيداً للتحريم ثانياً :هل يجوز بيع الزرع قبل بدو صلاحه من أجل الحصول على الثمرة الجواب لا يجوز كما قد تقدم لكن أجاز أهل العلم أو بعضهم أن يبيعه بشرط القطع ثالثاً: إن باع منه زرعاً بشرط القطع ثم أبقاه المشتري حتى ظهرت الثمرة فإن البيع يكون باطلاً على القول الصحيح في هذه الحالة رابعاً:إن باع بعد بدو الصلاح ثم أصيب المبيع بجائحة فهل يكون من مال المشتري أو من مال البائع ظاهر حديث ( بم يستحل أحدكم مال أخيه ) وحديث أن النبي ﷺ ( أمر بوضع الجوائح ) أنه لا يجوز للبائع أكل الثمن بل يجب عليه رده للمشتري وإلى ذلك ذهب الحنابلة والذي ظهر لي بعد البحث في هذا الموضوع على أن المشتري إن كان باع بعد بدو الصلاح فقد باع بيعاً يحل له وأخذ ثمناً يحل له أخذه وأكله فكيف يأمر النبي ﷺ بوضع الجوائح أمراً إلزامياً وعلى هذا فإن الأوامر في هذين الحديثين تدل على أن النبي ﷺ أمر بهذا أمر إرشاد لا إيجاب وقد ورد حديث في كتاب الأم للشافعي أن امرأة جاءت إلى النبي ﷺ وشكت إليه بأن ابنها اشترى ثمرة ثم أصيبت بجائحة وأن ابنها ذهب يستوضع الرجل فأبى أن يضع له وحلف فقال النبي ﷺ آلاء ألا يفعل خيراً ) وبهذا تجتمع الأدلة . خامساً :يؤخذ من قوله أرأيت إن منع الله الثمرة بم يأخذ أحدكم مال أخيه هذه الجملة تدل على أن الأمر بوضع الجوائح يكون إلزامياً فيما إذا كان البيع قبل بدو الصلاح وقبل ظهور الثمرة ولهذا قال أرأيت إن منع الله الثمرة أي منعها من الخروج أو منعها من أن تكون صالحة ولم يقل أخذ الله الثمر فلو كان المقصود فيما إذا كان البيع بعد بدو الصلاح لكان الكلام هنا أرأيت إن أخذ الله الثمرة فلما جاء بهذه الصيغة أرأيت إن منع الله الثمرة دل على أن المأمور بوضعها هو ما إذا كان البيع قبل بدو الصلاح أو كمال الصلاح أما إذا كان بعد بدو الصلاح فإن البائع باع شيئاً يحل له وأخذ ثمناً يحل له فكيف نقول في قوله (أرأيت إن منع الله الثمرة بم يستحل أحدكم مال أخيه ) و القول بأن الأمر بوضع الجوائح إذا كان البيع بعد بدو الصلاح أمر إرشاد لا إلزام وندب لا وجوب أما إذا كان قبل بدو الصلاح فإن الأمر حينئذ أمر وجوب وإلزام وبهذا تجتمع الأدلة . سادساً :أن كلام الشارع ﷺ منزه عن التعارض والتضاد فلا يمكن أن يبيح الشارع ﷺ شيئاً ثم يحرمه فلما أباح للبائع بعد بدو الصلاح أباح له البيع وأباح للمشتري الشراء وبناءً على ذلك حل الثمن للبائع فإن حصلت الجائحة بعد البيع الذي أباحه الشارع ﷺ وتخلى البائع عن الثمرة واستلام المشتري لها فإن قدر الله بجائحة كجراد أو سيل أو آفة أخذت الثمرة فإنه في هذه الحالة تكون الثمرة في ضمان المشتري وحوزته وملكه فلذلك لا يجوز أن نقول أنه يجب عليه أن يرد الثمن بعد أن أباحه له الشارع ﷺ وأنه يكون حرام عليه لو لم يرده لأن ذلك مستلزم لوقوع التناقض في كلام الشارع ووقوع التناقض في كلام الشارع ﷺ ممتنع قطعاً لهذا يتبين أن الجائحة إذا كانت في البيع الذي حصل بعد بدو الصلاح وقبض المشتري وتخلي البائع أن ذلك لا يمكن أن يتنزل عليه الحديث ولكن يتنـزل على ما إذا كان البيع قد وقع فيه خلل أو نَقَصَ فيه شرط من هذه الشروط فإن لم يكن كذلك فالأمر بوضع الجوائح أمر إرشاد لا إلزام وبالله التوفيق -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf . |
#7
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [256]الحديث السادس : عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال نهى رسول الله ﷺ أن تتلقى الركبان وأن يبيع حاضر لباد قال فقلت لابن عباس ما قوله حاضر لباد ؟ قال لا يكون له سمساراً . موضوع الحديث: النهي عن تلقي الركبان وأن يبيع حاضر لباد المفردات تلقى الركبان :أي بأن تخرج من السوق لشراء السلع التي يقدمون بها قبل أن يعلمو ا سعر السوق قوله وأن يبيع حاضر لباد : الحاضر هو الساكن في المدينة والبادي هو الساكن في البدو ومعنى سمساراً : السمسار هو الذي يكون وسيطاً في البيع بين البائع والمشتري ويسمى دلالاً المعنى الإجمالي من حكمة الله عز وجل في شرعه أنه تارة يحمي مصلحة صاحب السلعة وتارة يحمي مصلحة المستهلك وقد جمع في هذا الحديث بين الأمرين فالنهي عن تلقي الركبان حماية لمصلحة أصحاب السلع والنهي عن بيع الحاضر للباد حماية لمصلحة المستهلك وبهذا يوافق هذا الحديث قول النبي ﷺ في الحديث الآخر (دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض ) . فقه الحديث أولاً: قد تقدم الكلام عن تلقي الركبان من حيث الحكم وأنه للتحريم . ثانياً: يؤخذ منه صحة البيع أو عدم صحته وقد سبق أن رجحنا صحة البيع وجعل الخيار للبائع إذا ورد السوق لما في ذلك من الغرر مع إثم المتلقي . ثالثاً: قوله وأن يبيع حاضر لباد وقد فسره ابن عباس بقوله لا يكون له سمساراً وذلك فيما إذا جاء الحاضر إلى هذا البدوي فقال له دع السلعة عندي وأنا أبيعها لك مقطعة لأن في هذا إضرار بالمستهلكين وفيه نوع من الاحتكار لكن إذا جاء البدوي وباع لنفسه بما يسره الله له من ثمن فإن ذلك يكون في مصلحة المستهلك فلله ما أعظم شرعنا ولا غرابة فهو منزل من عند الله ومبلغه رسول الله ﷺ الذي قال الله في حقه ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى ) [ النجم : 3،4 ] -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf التصفية والتربية TarbiaTasfia@ . |
#8
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [257]الحديث السابع : عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال نهى رسول الله ﷺ عن المزابنة أن يبيع ثمر حائطه إن كان نخلاً بتمر كيلاً وإن كان كرماً أن يبيعه بزبيب كيلاً أو كان زرعاً أن يبيعه بكيل طعام . نهى عن ذلك كله . موضوع الحديث: النهي عن بيع الأخضر بيابس من جنسه لأن الأخضر غير معلوم فلذلك منع لكون أحدهما معلوم والآخر مجهول المفردات المزابنة : مأخوذة من الزبن وهو الدفع فكأن كل واحد منهما يريد أن يدفع صاحبه عن حقه وقد فسرت المزابنة وضربت لها الأمثلة بما لا يدع مجالاً للشك أو الريبة والجهل المعنى الإجمالي نهى الشارع ﷺ عن المزابنة التي هي بيع ثمر أخضر بشيء من جنسه يابساً لأن الأخضر غير معلوم المقدار وفي مثل هذا يحرم البيع إلا بالتساوي فكان هذا هو علة النهي فقه الحديث أولاً: يؤخذ من هذا الحديث تحريم المزابنة التي هي بيع ثمر أخضر بيابس من جنسه وإن اختلفت الأنواع والجنس ما شمل أنواعاً والنوع ما شمل أشخاصاً وقد قال النبي ﷺ للرجل الذي استعمله على خيبر حين باع صاعاً بصاعين أي صاعاً من الجيد بصاعين من الدون (بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا ) فبيع الجنس بجنسه لا يجوز إلا متساوياً ويحرم إذا كان متفاضلاً ولو علم التفاضل وكانت الأنواع مختلفة في الجودة والنهي هنا أي في المزابنة النهي عن البيع فيها لأنه بيع معلوم بمجهول والجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل ثانياً: أنه يستفاد من هذا النهي تحريم هذا البيع فلا يجوز بيع الثمر على النخل بتمر يابس ولا بيع الثمر في الكرم بزبيب يابس ولا بيع الثمر بالزرع بطعام يابس والعلة في ذلك كما تقدم عدم العلم بالتساوي وعدم العلم بالتساوي أي الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل ولا يستثنى من هذا الحكم إلا العرايا بشروطها -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf . |
#9
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [258]الحديث الثامن : عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال نهى النبي ﷺ عن المخابرة والمحاقلة وعن المزابنة وعن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها وألا تباع إلا بالدينار والدراهم إلا العرايا . المحاقلة بيع الحنطة في سنبلها بحنطة . موضوع الحديث : النهي عن المخابرة وما في معناها من بيع الزرع بعد بدو صلاحه بطعام أو تمر أو زبيب من جنس المبيع المفردات المخابرة : مأخوذة من الأرض الخبار وهي المحروثة التي تحرث لتزرع ومقصود بها هنا تأجير الأرض بشيء من الثمرة وسيأتي بحث هذه المسألة في باب المساقاة والمزارعة قوله والمحاقلة : المقصود بها بيع الحقل الذي قد بدا صلاحه بجنسه من الحب اليابس أما المزابنة فقد تقدم شرحها قوله وعن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها : قد تقدم الكلام فيه قوله إلا العرايا : سيأتي تعريف العرايا وبحثه وفقهه المعنى الإجمالي نهى النبي ﷺ عن شيء من البيوع التي تتعلق بالثمار لما فيها من الضرر على جانب واحد أو على الجانبين والشارع أعلم بالمصلحة وأعرف بالمضرة فقه الحديث أولاً: المخابرة فيها خلاف سيأتي بحثه في حديث رافع بن خديج كنا نكري الأرض على الماذيانات وأقبال الجداول … الحديث ثانياً: قوله والمحاقلة يؤخذ منه تحريم بيع الحقل وهو الزرع الذي عليه سنابله بطعام من جنسه يابساً والعلة في تحريمه الجهل بالتساوي بين ما يكون على رؤوس الشجر وبين الطعام اليابس والجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل ولا يجوز بيع مجهول بشيء من جنسه فلو أن لك قطعة من الأرض قد بدا صلاحها واشتد حبها فجاءك رجل وقال أنا أشتري منك هذه القطعة بما فيها من حب وقصب بمائتي صاع مكيلة فإن هذا لا يجوز ولو بعت منه تلك القطعة بشيء من النقود اتفقتم عليها فإن ذلك جائز ولهذا قال وأن لا تباع إلا بالدينار والدراهم إلا العرايا ثالثاً: قوله وعن المزابنة قد تقدم الكلام عليها رابعاً: قوله وعن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها قد تقدم بحث هذا الموضوع خامساً: قوله وألا تباع إلا بالدينار والدراهم أي أنه لا يباع ثمر أخضر على رؤوس الشجر بمكيل من جنسه كما تقدم . سادساً: قوله إلا العرايا استثنى بيع العرايا بخرصها وسيأتي بحث هذه المسألة سابعاً : قوله المحاقلة بيع الحنطة في سنبلها بحنطة هذا تفسير لكلمة المحاقلة . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf . |
#10
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - الحديث التاسع: عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ نهى عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن . موضوع الحديث : النهي عن ثمن هذه الثلاث لما فيها من الخبث والضرر على المسلمين باستعمال أعواض الجاهلية فيها المفردات مهر البغي : هو أجرها على استعمال بضعها حراماً وسمي ذلك مهراً تشبيهاً له بمهر النكاح بجامع أن كل واحد منهما أجراً قوله البغي : البغي هي الزانية سميت بذلك لأن البغاء يزيدها رغبة والعياذ بالله فيما هي فيه إما رغبة في الأجر أو رغبة في المتعة الجنسية أو كلاهما ومن رغب في الشيء بغاه قوله وحلوان الكاهن : الحلوان هو ما يعطاه الكاهن أجراً على كهانته ولعله سمي حلواناً لأنه يأخذه بدون مشقة والكاهن هو الذي يخبر عن المغيبات وخبره يكون فيه نوع من الإشارة لأن الشيطان الذي يسترق السمع إنما يعطي إشارات لكونه لا يستطيع استيعاب الخبر ولهذا فإن النبي ﷺ لما قال لابن صياد ( إني قد خبأت لك خبيئاً قال ابن صياد هو الدخ فقال إخسأ فلن تعدو قدرك ) . وكان النبي ﷺ قد خبأ له سورة الدخان والكاهن يشمل من يدعي معرفة المغيبات ويشمل المنجم ومن يسمى بالعراف وهي مهنة تنبني على الدجل والتضليل لابتزاز الأموال . المعنى الإجمالي نهى النبي ﷺ عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن ونهيه عن هذه الثلاثة الأشياء لأنها خبيثة وشيوعها بين المسلمين خبث وأمر يرفضه الإسلام ويأباه وتـتـنـزه عنه المجتمعات الإسلامية لما فيه من الضرر والمخالفة للدين . فقه الحديث أولاً: يؤخذ من الحديث تحريم ثمن الكلب لأن الكلب نجس وثمنه خبيث وهو في الكلب العادي اتفاق بين العلماء على تحريمه ثم إنهم اختلفوا في الكلب المعلم هل يجوز بيعه أم لا ؟ فالجمهور على عدم جواز بيعه لأن الحديث الوارد في ذلك ضعيف جداً لأنه من رواية أبي المهزم بتشديد الزاي المكسورة التميمي البصري اسمه يزيد وقيل عبدالرحمن بن سفيان متروك من الثالثة روى له أبو داود والترمذي وابن ماجه ت 8463 والحديث هو ما ورد في النهي عن ثمن الكلب وزاد فيه إلا كلب صيد ) إلا أن هذه الزيادة ضعيفة لضعف راويها وقد ذكروا أن الاستثناء ثابت في القنية وليس في البيع لحديث ( من اقتنى كلباً إلا كلب صيد أو ماشية نقص من أجره كل يوم قيراطان ) فالصحيح أن استثناء كلب الصيد إنما هو في الاقتناء لا في البيع . ثانياً: يؤخذ من قوله ومهر البغي تحريم مهر البغي أي أجرة زناها وقد كان أهل الجاهلية يشترون الجواري ليؤجروهن للبغاء فلما أراد من أراد في أول الإسلام ذلك أنزل الله عز وجل ( وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) الآية [ النور ال: 33] ويظهر أن خبث مهر البغي وحلوان الكاهن كان معروفا حتى عند أهل الجاهلية فلقد ورد أن قريشاً لما عزموا على بناء الكعبة قالوا فيما بينهم لا تدخلوا فيها مالاً من ربا ولا مهر بغي ولا حلوان كاهن ثالثاً: قوله وحلوان الكاهن يؤخذ منه تحريم ما يأخذه الكاهن على كهانته وأنه شيء خبيث وقبيح لا يجوز أكله وقد ورد أن عائشة رضي الله عنها قالت ( كان لأبي بكر غلام يخرج له الخراج وكان أبو بكر يأكل من خراجه فجاء يوماً بشيء فأكل منه أبو بكر فقال له الغلام أتدري ما هذا فقال أبو بكر وما هو قال كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية وما أُحسِن الكهانة إلا أني خدعته فلقيني فأعطاني بذلك فهذا الذي أكلت منه فأدخل أبو بكر يده في حلقه فقاء كل شيء في بطنه) . وإن الكهانة عندما تشيع في المجتمعات الإسلامية شيوعها خطر على المسلمين وضرر عليهم لما يترتب على ذلك من الإضرار بالآخرين ولقد بلغنا من ذلك شيئاً كثيراً لا يستطاع وصفه في هذه العجالة فقد يصاب الإنسان بسحر يجعل حياته بؤساً وجحيماً يتمنى أن لو نزل عليه الموت ولم يقع في تلك الورطة التي حصلت له وإنا لله وإنا إليه راجعون . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf التصفية والتربية TarbiaTasfia@ . |
#11
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [260]الحديث العاشر: عن رافع بن خديج رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال ثمن الكلب خبيث ومهر البغي خبيث وكسب الحجام خبيث . موضوع الحديث: النهي عن ثمن الكلب ومهر البغي وكسب الحجام وهل الوصف بالخبث دليل على التحريم في كل الثلاث هذا محل نظر كما سياتي المفردات ثمن الكلب : قيمته التي يباع بها ومهر البغي : هي أجرة زناها وكسب الحجام هي أجرته على حجامته وإطلاق وصف الخبيث على الجميع دال على أن هذه المكاسب مكاسب غير جائزة المعنى الإجمالي الشرع الإسلامي نقي في عقائده وعباداته ومعاملاته فالعقيدة لا بد أن تكون توقيفية أي مبنية على ما جاء في الشرع ومقصوداً بها وجه الله والمعاملات لابد أن تكون نقية من الغش والخداع والغدر ومن كل ما يتصف بالقبح والخبث لذلك فإن أحكام الشرع الإسلامي لا يوجد لها مثيل قط في هذا الكون إلا ما كان من الشرائع المتقدمة على أن شريعة محمد ﷺ أعلاها وأزكاها وصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم . فقه الحديث أولاً: يؤخذ من قوله ثمن الكلب خبيث أن الكلب لا يجوز بيعه ولا شرائه حتى ولو كان معلماً وما ورد في البيع بقوله ( إلا كلب صيد ) فإن هذا الاستثناء حكم عليه بالوهم أي على راويه بالوهم فإن الاستثناء ثابت في الإقتناء لا في البيع على القول الصحيح . ثانياً : وصف ثمن الكلب بالخبث يدل على تحريمه لأن الخبيث يقابل الطيب والله سبحانه وتعالى يقول (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّبًا وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) [ البقرة : 168 ] وإذا علم تحريمه فإنه يكون محرماً بيعه وأخذه فيحرم على المشتري بذله وعلى البائع أخذه . ثالثاً :يؤخذ من قوله ومهر البغي خبيث وقد علم أن مهر البغي هو أجرة زناها ووصفه بالخبث دال على تحريمه لأنه جاء من طريق محرم ولقد تطابقت الشرائع على تحريم الزنا بل وحتى بعض أهل الجاهليات يعرفون ذلك ويتحاشونه ويحتقرونه كما قد سبقت الإشارة إليه . رابعاً :جاء وصف كسب الحجام بالخبث والخبث غالباً يدل على التحريم فما اتصف بالخبث فهو محرم لكن ورد في هذه المسألة بالذات ما يدل على عدم التحريم وهو أن النبي ﷺ أعطى الحجام أجرته وهو دال على أن وصف الخبث في كسب الحجام يدل على الكراهة فقط لا على التحريم وإذا أخرجنا كسب الحجام من التحريم لأن وصف الخبث لم يبق على ظاهره بل عارضه ما صرفه عن التحريم إلى الكراهة فإذا قلنا بهذا في كسب الحجام فلا يجوز أن نقول فيه ما نقوله فيما سواه مما لم يعارضه شيء وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf . |
#12
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - باب بيع العرايا وغير ذلك [261]الحديث الأول : عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ رخص لصاحب العرية أن يبيعها بخرصها . ولمسلم بخرصها تمراً يأكلونها رطباً . موضوع الحديث : جواز بيع الرطب على رؤوس النخل وهو مخصوص من بيع المزابنة المنهي عنها للعلل التي ستأتي المفردات العرية : هي النخلة أو النخلات تمنح من صاحب البستان للفقير لكي يتفكه بها عند حصول الفاكهة وسميت عرية لأنها عريت عن البستان أي انفردت عنه . بخرصها :الخرص هو التقدير بأن تقدر الثمرة على رؤوس النخل بما يساوي ذلك تمراً إذا يبس قوله يأكلونها رطباً : هذا بيان للعلة التي من أجلها أبيح بيع العرايا المعنى الإجمالي لما كان بيع المزابنة وهو بيع التمر على رؤوس الشجر بشيء من جنسه يابساً لما كان ذلك محرماً أباح الله عز وجل على لسان رسوله ﷺ بيع العرايا للعلل التي ستأتي فقه الحديث أولاً: يؤخذ من الحديث جواز بيع العرايا بشروطها وهي : الشرط الأول: لوجود العلة المبيحة لذلك والعلة إما أن تكون لحاجة المعار أو تكون لحاجة المعير فأما حاجة المعار فهو أن يكون الفقير له حاجة على التفكه بالرطب مع سائر الناس ويعطيه جاره الغني نخلة أو نخلات بشرط ألا يتجاوز خرصها خمسة أوسق أو أن يكون دون خمسة أوسق ثم يتأذى المانح من دخول أولاد الممنوح فإذا تأذى المانح من الدخول في بستانه خوفاً من التخريب فيه جاز عند ذلك أن يبيع الممنوح ثمر الذي منحه بخرصه تمراً الحالة الثانية : أن يكون الممنوح يرى أن الرطب لا ينفع لأن الرطب سريع الهضم فإذا أكله العيال أفنوه بسرعة فهو يريد تمراً يابساً لأن ذلك يكون نافعاً في النفقة لوقت أطول الحالة الثالثة : أن يكون المشتري للرطب على رؤوس النخل غني ولكن ليس عنده نخل وعنده تمر من نفقة أهله وليست عنده نقود يشتري بها ويريد أن يشتري لعياله نخلة أو نخلتين يأخذونها بالتدريج رطباً يتفكهون بها مع الناس فيشتريها بخرصها تمراً . الشرط الثاني : أن تكون النخلات المبيعة لا يتجاوز خرصها خمسة أوسق أو لا يصل إليها . الشرط الثالث: أن لا يجد المشتري نقوداً يشتري بها فإن وجد نقوداً لم يجز هذا البيع في حقه الشرط الرابع :أن يبيعها بخرصها تمراً ويكون الخرص من قبل أهل النخل المتخصصين فيه الشرط الخامس: وجوب التقابض في المجلس ولا يجوز أن يتفرقا وبينهما شيء وإلا كان ربا نسيئة إذا علم هذا فإنه متى توفرت هذه الشروط جاز بيع العرايا وإن نقص منها شيء بطل البيع . أما بيع الرطب برطب كلاهما على الأرض أو على رؤوس الشجر فإن هذا لا يجوز على القول الصحيح فإن كان كلاهما موجودين على الأرض جاز بيع أحدهما بالآخر كيلاً بكيل أو وزناً بوزن يداً بيد كما هو معلوم في سائر المكيلات أو الموزونات سواء كانا من نوع واحد أو من أنواع مختلفة وإن كانا من نوعين مختلفين فإما أن يتراضيا على بيع الجيد بالرديء وزناً بوزن وكيلاً بكيل وإلا فليبع صاحب الرديء رطبه ويشتري منالجيد كما قال النبي ﷺ للرجل الذي استعمله على خيبر ( بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا) ثانياً : أما بيع اليابس بالأخضر أي الرطب بالتمر فهو لا يجوز بحال إلا بالشروط المذكورة للعلل المذكورة وبدون ذلك يكون من بيع المزابنة المحرم . ثالثاً : وقد اختلف أهل العلم هل يقاس على العرايا غيرها من الأجناس التي يحتاج الناس فيها إلى التفكه عند مجيء ثمرتها فأجاز ذلك قوم للعلة في العنب والزبيب خاصة وبعضهم قال إذا وجدت العلة جاز مطلقاً ومنع البعض الآخر قائلين أنه من المعلوم أن الرخص تكون خاصة بما هي فيه ولا يقاس عليها غيرها وبالله التوفيق -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf . |
#13
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [262]الحديث الثاني : عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ رخص في بيع العرايا في خمسة أوسق أو دون خمسة أوسق . قد تقدم شرحه في الحديث الأول ( حديث زيد بن ثابت ) [263]الحديث الثالث : عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال ( من باع نخلاً قد أبرت فثمرها للبائع إلا أن يشترط المبتاع ) ولمسلم ( ومن ابتاع عبداً فماله للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع ) موضوع الحديث : أن ثمرة النخل المؤبر إذا بيع تكون للبائع والعكس بالعكس وكذلك إذا بيع العبد فماله لبائعه إلا أن يشترط المبتاع . المفردات نخلاً قد أبرت : من التأبير وهو اللقاح وذلك بأن يشقق طلع الأنثى ويَذُرُّ عليه من طلع الذكر قوله إلا أن يشترط المبتاع : إلا أداة استثناء و ما بعدها مستثنى أي ما اشترط المشتري أن تكون الثمرة له وإن أبرت وجب العمل على الشرط متى تراضيا عليه والمراد بالمبتاع المشتري قوله ومن ابتاع عبداً : أي اشتراه فماله للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع المعنى الإجمالي للشريعة الإسلامية محاسن عظيمة لأنها شريعة كاملة ترعى الحقوق وتعطي كل صاحب حق حقه وقد روعي في هذا الحديث حق التأبير للبائع وألحق به الثمرة لكونه قد باشر سببها وهو التأبير إلا أنه متى اشترط المبتاع أن تكون الثمرة له وإن كانت النخل قد أبرت وقبل البائع ذلك فهما على ما اشترطا وكذلك من ابتاع عبداً فإن ماله لبائعه إلا أن يشترط المبتاع . فقه الحديث أولاً: يؤخذ من هذا الحديث أنه يجوز البيع بعد التأبير وقبله ثانياً : أن من باع نخلاً قد أبرت أي قد عمل لها التلقيح الذي يفعله أهل النخل فإن ثمرها للبائع ثالثاً : يؤخذ من الاستثناء أنه إذا اشترط المبتاع في البيع بعد التأبير أن تكون الثمرة له وقبل البائع ذلك فإنهما على ما تشارطا عليه رابعاً : يؤخذ من هذا الحديث أيضاً أنه يقاس البذر على التأبير فإذا باع أرضاً قد بذرها فإن ثمرها للبائع إلا أن يشترطه المشتري خامساً :إذا كانت هذه الأرض مما يحصد مرات فإنه يكون للبائع الحصدة الأولى وهي التي تسمى الجادّة في جهتنا أما الخلف وهي الجزة الثانية فهي تكون للمشتري لكيلا يشغل ملكه بما هو لغيره وقتاً أطول سادساً : ويقاس على هذا أن الجارية إذا بيعت وهي حامل فإن الحمل للبائع إلا أن يشترط المبتاع أي المشتري أن يكون ذلك له . سابعاً : يرى بعض أهل العلم أنه إذا بيع العبد أو بيعت الجارية فإنه يلحق به ثياب المهنة دون ثياب الزينة أما ثياب الزينة فهي للبائع إلا أن يشترطها المبتاع ثامناً : يؤخذ من رواية مسلم أن من ابتاع عبداً له مال فماله لبائعه إلا أن يشترط المبتاع ويقبل البائع ذلك تاسعاً : أخذ مالك من هذا الحديث أن العبد يملك والظاهر أن العبد لا يملك إلا ما ملّكه له سيده عاشراً : ذكر ابن الأمير الصنعاني أن الطحاوي احتج بحديث الباب على جواز بيع الثمرة قبل بدو صلاحها وتعقبه البيهقي أنه يستدل بالشيء على ما ورد فيه حتى إذا جاء ما ورد فيه استدل بغيره عليه كذلك فيستدل بجواز بيع الثمرة قبل بدو صلاحها بحديث التأبير ولا يعمل بحديث التأبير وتعقبه العيني وأقول :إن الاستدلال بحديث التأبير على جواز بيع الثمرة قبل بدو صلاحها استدلال باطل لأن الشارع نهى عن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها نهياً خاصاً أما إلحاق النخل المؤبر بالمشتري وجعل ثمره من حقوق البائع إلا أن يشترط المبتاع فهذا له شأن آخر وقياس ذلك عليه لا يجوز لأمور الأمر الأول : أن الفارق بين بيع الثمرة قبل بدو صلاحها وإلحاق ثمر النخل المؤبر بالبائع فارق كبير فبيع الثمرة مقصود به الثمرة عينها أما إلحاق ثمر النخل المؤبر والزرع المبذور بالزارع والمؤبر فهو إلحاق له بأصل الملك . الأمر الثاني : أن المالك باشر هذا السبب في وقت ما كان ملكه له فلحوقه له بسبب الملك الأول . الأمر الثالث : أن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها مقصود لذاته كما سبق وليس له ما يلتحق به أما إلحاق ثمر النخل المؤبر بالبائع فهو إلحاق له بالملك الأصلي والسبب المباح وقد قال أصحاب أصول الفقه يجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالاً فتبين أن الفارق بين المسألتين فارق عظيم ومن ألحق إحداهما بالأخرى فإنه قد أخطأ وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf . |
#14
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي - رحمه الله - [264]الحديث الرابع : عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال ( من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه ) وفي لفظ (حتى يقبضه ) وعن ابن عباس مثله موضوع الحديث : النهي عن بيع الطعام قبل قبضه المفردات حتى يستوفيه وفي لفظ حتى يقبضه : الاستيفاء هو القبض وقد يقال أن الاستيفاء فيما كان مكيلاً أو موزوناً أو مذروعاً أو معدوداً والقبض فيما يكون بخلاف ذلك بأن ينقله من مكانه إلى مكان آخر المعنى الإجمالي نهى الشارع عن بيع الطعام قبل قبضه واستيفائه حسماً للخلافات التي ربما تحصل بين الناس بسبب البيع قبل القبض وخروجاً من شبهة الربا . فقه الحديث أولاً : فرق مالك بين ما إذا كان في المبيع حق التوفية على ما دل عليه الحديث ولا يختص ذلك عند الشافعي بالطعام بل جميع المبيعات لا يجوز بيعها قبل قبضها عنده سواء كان عقاراً أو غيره وأبو حنيفة يجيز بيع العقار قبل القبض ويمنع غيره وأقول الخلاف بين مالك والشافعي أن مالكاً اعتبر الاستيفاء كافٍ والشافعي قال لا بد من الاستيفاء والقبض معاً والحق أنه إذا كان الاستيفاء قبضاً فإنه يجوز فيه البيع مثال ذلك فيما إذا كان الكيل في أوعية المشتري فإنه في هذه الحالة يعد استيفاءً وقبضاً وقول الشافعي أنه لا يختص بالمكيلات والموزونات بل هو سار في كل شيء ولو كان عقاراً وهو القول الصحيح الذي يؤيده الدليل ولكن القبض في كل شيء بحسبه فقبض العقارات بقبض صك المبايعة ومفاتيح الدار ووضع اليد عليها بعد رفع يد البائع عنها والمكيلات يكون قبضها بكيلها وقد جاء في الحديث الذي رواه جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ الصَّاعَانِ صَاعُ الْبَائِعِ وَصَاعُ الْمُشْتَرِي ) أما الأشياء المعدودة كالكراتين والأكياس وما يباع معدوداً كالبطيخ والحبحب وما إلى ذلك فقبضه يكون بعده للمشتري وأخذ المشتري له بعد العد ، يعد قبضاً ويخرج عن ذلك شيئان 1- إذا كان الموهوب أو المباع قابضاً للهبة من قبل البيع أو قبل الهبة فإنه حينئذ لا يحتاج إلى قبض آخر مثال ذلك ما ورد عن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي سَفَرٍ فَكُنْتُ عَلَى بَكْرٍ صَعْبٍ لِعُمَرَ فَكَانَ يَغْلِبُنِي فَيَتَقَدَّمُ أَمَامَ الْقَوْمِ فَيَزْجُرُهُ عُمَرُ وَيَرُدُّهُ ثُمَّ يَتَقَدَّمُ فَيَزْجُرُهُ عُمَرُ وَيَرُدُّهُ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِعُمَرَ بِعْنِيهِ قَالَ هُوَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ بِعْنِيهِ فَبَاعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ _ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ تَصْنَعُ بِهِ مَا شِئْتَ ) 2- كذلك لو اشترى عبداً ثم اعتقه قبل أن يقبضه فإن الشرع يبيح هذا العتق ويعتبره واقعاً لأن العتق يرغب فيه الشرع ويجوز إخراج العبد عن ملك سيده بالعتق حتى ولو لم يكن قبضه قبض غيره كما أنه ينفذ العتق ولو كان بصفة هزلية ويوجب سريان العتق إذا كان المعتق قد اعتق شقصاً له من ذلك العبد فإنه يجعل العتق سارياً في جميع الرقبة على حساب المعتق إن كان غنياً وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf التصفية والتربية TarbiaTasfia@ . |
#15
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي -رحمه الله - [265]الحديث الخامس : عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله ﷺ يقول عام الفتح ( إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميته والخنزير والأصنام فقيل يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فإنه يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس فقال لا هو حرام ثم قال رسول الله ﷺ عند ذلك قاتل الله اليهود إن الله لما حرم عليهم شحومها جملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه ) . قال جملوه أذابوه موضوع الحديث : تحريم بيع ما حرم أكله أو شربه لنجاسته وتحريم بيع الأصنام على هيئتها المفردات الخمر : ما خامر العقل أي غطاه حتى لا يعرف شاربه المشرق من المغرب والميتة هي : ما ماتت من الحيوانات حتف أنفها أي بدون ذكاة أما الخنزير : فهو حيوان خبيث حرم الله أكله لما ينشأ عنه من الخلائق السيئة أما الأصنام : فهي التماثيل من الخشب أو الحجارة أو غيرهما وهي التي تمثل على شكل الآلهة التي يعبدونها قوله أرأيت شحوم الميتة : استفهام عن الحكم بعد التعليل قوله فإنه يطلى بها السفن: هذا تعليل يقصد منه هل يكون مؤثراً في الحكم تأثير إباحة قوله ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس : هاتان الجملتان معطوفتان على الجملة التي قبلها قوله فقال لا : الضمير في قال يعود على رسول الله _ ولا نهي أو نفي للحكم المتوهم وقوله هو حرام : هذه الجملة تأكيد لما تفيده لا ثم قال رسول الله ﷺ عند ذلك قاتل الله اليهود : هذا دعاء عليهم إن الله لما حرم عليهم شحومها أي شحوم بهيمة الأنعام وذلك أن الله عز وجل حرم الشحوم على بني إسرائيل جملوه : أي أذابوه قوله ثم باعوه فأكلوا ثمنه : أي آل بهم الأمر إلى أنهم أكلوا ثمن ما حرم عليهم المعنى الإجمالي سئل رسول الله ﷺ حين قال إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام فسألوه عن المنافع غير الأكل فقال لا هو حرام ثم قال قاتل الله اليهود عندما حرم الله عليهم الشحوم عملوا الحيلة لبيع ما أذابوه منها فذموا على استعمالهم تلك الحيلة ليأكلوا بها ما حرم الله عز وجل . فقه الحديث أولاً: يؤخذ من هذا الحديث تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير لما فيهما من الضرر والمعصية لله تعالى ثانياً : يؤخذ منه أنه لا يجوز بيع الأصنام بحالتها الراهنة أي وهي باقية على شكلها ثالثاً: لما كانت الأصنام من مواد طاهرة وإنما حرمت لما طرأ عليها من جعلها تماثيل لمعبودات الوثنيين فإنه لو كانت الأصنام من الخشب فكسرت وبيعت حطباً فإنه في هذه الحالة يجوز بيعها لأنها قد تحولت عما كانت عليه وهذا حكي فيه الاتفاق رابعاً : الميتة نجسة بصريح الآية واتفاق العلماء والخنزير حرام بالإجماع للنص عليه لكن هل حرمت الخمر لنجاستها أو لما ينشأ عن شربها من ضياع العقل وتسكيره حتى يعود صاحبه لا عقل له فلما كان الخمر متردد تحريمه بين هاتين العلتين اختلف فيه أهل العلم هل هو نجس وهل أن التحريم تلازمه النجاسة فذهب قوم إلى أن التحريم تلازمه النجاسة وذهب قوم إلى أنه لا تلازمه النجاسة واستدلوا بأنه قد يكون التخدير أو التسكير طبيعة في شيء من النباتات كالحشيش والهيروين وغيرهما وإذا كان الأمر كذلك فإن التحريم لما يترتب على شربه أو أكله وليس للنجاسة بل إن الشجر الذي تؤخذ منه هذه المادة طاهر باتفاق ومثل ذلك أيضاً الحَشَر الذي يستعمل في الشيشة فإن شجره طاهر أيضاً باتفاق لهذا فقد تبين بأن التحريم لا تلازمه النجاسة بل قد يكون الشيء محرماً أكله أو شربه وهو طاهر في نفسه وإنما حرم أكله وشربه لما يترتب عليه من تخدير العقل وتسكيره خامساً: لما حرمت الخمر وأمر النبي ﷺ بإراقتها وكان فيها مال أيتام فأريق ذلك المال وكان بعد الإراقة التي ساحت في شوارع المدينة لا بد أن يطأ فيها الناس فلما لم ينههم النبي ﷺ عن الوطأ فيها وهي مراقة ولم يأمر من وطأ فيها أن يغسل ما أصابه منها دل هذا على أنها طاهرة وليست بنجسة . سادساً: لما سأل الصحابة رسول الله ﷺ عن الانتفاع بهذه الأشياء التي هي الخمر والميتة فسألوه عن الميتة لأنه تطلى بها السفن وتدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس فسألوه عن ذلك ملتمسين الحكم لعله أن تكون هذه المنافع التي هي غير الأكل والشرب مؤثرة في جواز استعمالها قال النبي ﷺ لا وأكد ذلك بقوله هو حرام سابعاً : هل يؤخذ من هذا أن من ماتت له بهيمة فاستعمل شحومها للاستصباح أو لطلي السفن هل يكون ذلك مباحاً هذا محل نظر فإن وجد الإجماع وصح على جواز ذلك إذا لم يكن فيه بيع دل على أن التحريم إنما هو من أجل ما يؤول إليه من البيع وعلى هذا فيمكن أن نقول أن النبي ﷺ لما ذكر اليهود عند ذلك وذمهم بجمل الشحوم وبيعها وأكل ثمنها كان ذلك دال على أن التحريم إنما هو للبيع وأكل الثمن وليس لمطلق الانتفاع ثامناً : ولقد أباح النبي ﷺ أخذ جلد الميتة ودبغه والانتفاع به وقال إنما حرم أكلها فدل ذلك على أن التحريم إنما هو للبيع الذي يؤدي إلى أكل الثمن حين قال ﷺ ( قاتل الله اليهود إن الله لما حرم عليهم الشحوم جملوه ثم باعوه وأكلوا ثمنه . تاسعاً : يؤخذ من هذا الحديث أيضاً تحريم الذرائع التي توصل إلى الحرام كما حصل لليهود وبالله التوفيق . -------- تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ. تَأْلِيف فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة أَحْمَدُ بن يحي النجميَ تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 4 ] [ المجلد الرابع ] رابط تحميل الكتاب : http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam4.pdf . |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
[متجدد] تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ المجلد الثالث ] | ام عادل السلفية | الأحاديث الصحيحة فقهها وشرحها | 118 | 29-10-2015 04:32PM |
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام ((المجلد الثاني)) | ام عادل السلفية | الأحاديث الصحيحة فقهها وشرحها | 51 | 28-07-2015 09:57PM |
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام بشرح أحاديث عمدة الأحكام للعلامة : احمد النجمي | ام عادل السلفية | مكتبة معرفة السنن والآثار العلمية | 1 | 14-02-2015 01:42AM |
بشرى ...حمل التعليقات على عمدة الأحكام للسعدي.pdf | أبو عبد الودود سعيد الجزائري | مكتبة معرفة السنن والآثار العلمية | 1 | 22-05-2011 12:55PM |
ردع الشيخ المحدث مقبل الوادعي لجناية علي رضا على كتب العلل واستخفافه ببعض المتقدمين | ماهر بن ظافر القحطاني | منبر الجرح والتعديل | 0 | 05-05-2005 01:07AM |