|
#1
|
|||
|
|||
لا تبع عزَّ التقوى بذل المعاصي
بسم الله الرحمن الرحيم لا تبع عزَّ التقوى بذل المعاصي بالله عليك يا مرفوع القدر بالتقوى، لا تبع عزها بذل المعاصي! وصابر عطش الهوى في هجير(1)المشتهى وإن أمض(2) وأرمض(3)، فإن بلغت النهاية من الصبر، فاحتكم وقل، فهو مقام "من لو أقسم على الله لأبره". تالله لولا صبر عمر، ما انبسطت يده بضرب الأرض بالدرة(4). ولولا جد أنس بن النضر في ترك هواه، وقد سمعت من آثار عزمته: "لئن أشهدني الله مشهدًا؛ ليرين الله ما أَصْنَعُ" فأقبل يوم أُحُدٍ يقاتل حتى قتل، فلم يعرف إلا ببنانه(5)، فلولا هذا العزم، ما كان انبساط وجهه(6) يوم حلف: والله، لا تكسر سن الربيع(7 ). بالله عليك، تذوق حلاوة كف الكف عن المنهيِّ؛ فإنها شجرة تثمر عز الدنيا وشرف الآخرة، ومتى اشتد عطشك إلى ما تهوى، فابسط أنامل الرجاء إلى من عنده الري الكامل وقل: قد عيل صبر(8) الطبع في سنيه العجاف(9)، فعجل لي العام الذي فيه أغاث وأعصر. بالله عليك، تفكر فيمن قطع أكثر العمر في التقوى والطاعة، ثم عرضت له فتنة في الوقت الأخير، كيف نطح مركبه الجرف(10) فغرق وقت الصعود! أف والله للدنيا -لا بل للجنة- إن أوجب نيلها إعراض الحبيب! إنما نسب العامي باسمه واسم أبيه، أما ذوو الأقدار، فالألقاب قبل الأنساب قل لي: من أنت؟ وما عملك؟ وإلى أي مقام ارتفع قدرك؟ يا من لا يصبر لحظة عما يشتهي! بالله عليك، أتدري من الرجل؟! الرجل -والله- من إذا خلا بما يحب من المحرم، وقدر عليه، وتقلقل عطشًا إليه، نظر إلى نظر الحق إليه، فاستحى من إجالة همة فيما يكرهه، فذهب العطش. كأنك لا تترك لنا إلا ما لا تشتهي، أو ما لا تصدق الشهوة فيه، أو ما لا تقدر عليه!! كذا والله عادتك! إذا تصدقت، أعطيت كسرة لا تصلح لك، أو في جماعة يمدحونك. هيهات! والله، لا نلت ولا يتنا حتى تكون معاملتك لنا خالصةً، تبذل أطايبك، وتترك مشتهياتك، وتصبر على مكروهاتك، عِلْمًا منك -إن كنت معاملًا- بأنك أجير، وما غربت الشمس (أي لم ينته يوم العمل لتستحق الأجر) فإن كنت محبًّا، رأيت ذلك قليلًا في جنب رضا حبيبك عنك. وما كلامنا مع الثالث( العاصي). ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1 الهجير: شدة الحر وهو هنا شدة الشهوة. 2 أمض: آلم. 3 أرمض: أحرق لشدة حرّه. 4 الدرة: سوط أو عصا لينة للتأديب. 5 رواه البخاري "4048"، ومسلم "1903" عن أنس بن مالك رضي الله عنه و "البنان" طرف الأصبع. 6 في الأصل: وجه. 7 عن أنس بن مالك: أن الربيع بنت النضر كسرت ثنية جارية، فطلبوا الأرش وطلبوا العفو، فأبوا، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأمرهم بالقصاص، فقال أنس بن النضر: أتكسر ثنية الربيع يا رسول الله؟ لا والذي بعثك بالحق، لا تكسر ثنيتها، فقال: "يا أنس كتاب الله القصاص" فرضي القوم وقبلوا الأرش، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره" رواه البخاري "2703"، ومسلم "1675". 8 عيل الصبر: فُقد. 9 العجاف: الهزلي. 10 الجرف: الساحل الصخري. * * * * ــــــــــــــــــــــــــــــــــ المصدر: صيد الخاطر(1ـ154)
|
#2
|
||||
|
||||
جزاك الله خيرا على الدرر الثمينة و جعلها في موازين حسناتك.
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
[جمع] الجمع الثمين لكلام أهل العلم في المصرّين على المعاصي والمدمنين | أبو عبد الودود عيسى البيضاوي | منبر التوحيد وبيان ما يضاده من الشرك | 0 | 13-09-2011 09:33PM |
[تسجيل] جواب على من يُنكر عليه في قوله (( التقوى ها هنا ))!! :: الشيخ ماهر القحطاني حفظه الله | أبو أحمد زياد الأردني | الأحاديث الصحيحة فقهها وشرحها | 0 | 15-06-2011 07:10AM |
هل ارتكاب المعاصي يؤثر على شهادة التوحيد؟الشيخ ابن باز رحمه الله | أبو عبد الرحمن محمد السلفي | منبر التوحيد وبيان ما يضاده من الشرك | 1 | 17-09-2010 08:57PM |
[خطبة] منهج الإسلام في الوقاية من المعاصي والجرائم - خطبة لسماحة المفتي عبد العزيز آ | أبو محمد أحمد بوشيحه | منبر الرقائق والترغيب والترهيب | 0 | 01-08-2010 04:14PM |
[خطبة] منهج الإسلام في الوقاية من المعاصي والجرائم - خطبة لسماحة المفتي عبد العزيز آل | أبو محمد أحمد بوشيحه | منبر الرقائق والترغيب والترهيب | 0 | 10-05-2010 06:00PM |