|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | التقييم: | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
الملخص في شرح كتاب التوحيد لفضيلة الشيخ الدكتور / صالح بن فوزان الفوزان - حفظه الله -
بسم الله الرحمن الرحيم
الملخص في شرح كتاب التوحيد لفضيلة الشيخ الدكتور / صالح بن فوزان الفوزان - حفظه الله - الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده، وبعد: فهذا شرح موجز على كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله-، كتبته على الطريقة المدرسية الحديثة، ليكون أقرب إلى أفهام المبتدئين. وأرجو الله أن ينفع به، ويكون إسهاماً في نشر العلم وتصحيح العقيدة، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه. صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان. الملخص في شرح كتاب التوحيد لفضيلة الشيخ الدكتور / صالح بن فوزان الفوزان - حفظه الله - رابط تحميل الكتاب: http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf قراءة صوتية لمتن كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب التميمي - رحمه الله تعالى - http://subulsalam.com/site/audios/Mo...wheed_lite.mp3 |
#2
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الملخص في شرح كتاب التوحيد ص -5- بسم الله الرحمن الرحيملفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- كتاب التوحيد المقدمة الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده، وبعدُ: فهذا شرح موجز على كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله-، كتبته على الطريقة المدرسية الحديثة، ليكون أقرب إلى أفهام المبتدئين. وأرجو الله أن ينفع به، ويكون إسهاماً في نشر العلم وتصحيح العقيدة، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه. صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان. ص -7- نبذة موجزة عن حياة المؤلف نسبه: هو الشيخ محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي، من آل مشرفٍ من قبيلة بني تميم المشهورة، وإمام الدعوة السلفية في نجد وغيرها. نشأته وعلمه: ولد في بلدة العيينة قرب مدينة الرياض سنة 1115هـ، وحفظ القرآن الكريم وهو صغير، وتتلمذ على والده قاضي العيينة في وقته، وعلى غيره من مشاهير علماء نجد، والمدينة، والأحساء، والبصرة، فأدرك علماً غزيراً أهَّله للقيام بدعوته المباركة، في وقت انتشرت فيه البدع والخرافات، والتبرك بالقبور والأشجار والأحجار، فقام –رحمه الله- بالدعوة إلى تصحيح العقيدة وإخلاص العبادة لله وحده، وألَّف عدة كتب من أشهرها هذا الكتاب: (كتاب التوحيد)، فقد لقي قبولاً عظيماً لدى العلماء والمتعلمين، واعتنوا به دراسةً وشرحاً؛ فهو كتابٌ بديع الوضع عظيم الفائدة، نفع الله به خلقاً كثيراً. وقد بقي الشيخ طيلة حياته معلماً؛ وداعياً إلى الله تعالى، آمراً بالمعروف، وناهياً عن المنكر، إلى أن توفي في الدرعية قرب مدينة الرياض سنة 1206هـ، وقد تخرج على يده عدد كبير من العلماء وأئمة الدعوة. أجزل الله له الأجر والثواب، وجعل الجنة مثواه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه. ص -9- كتاب التوحيد وقول الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]. موضوع هذا الكتاب: بيان التوحيد الذي أوجبه الله على عباده، وخلَقهم لأجله وبيان ما ينافيه من الشرك الأكبر، أو ينافي كماله الواجب أو المستحب من الشرك الأصغر والبدع. ومعنى كتاب: مصدر كَتَبَ بمعنى جمع، والكتابة بالقلم جمع الحروف والكلمات. والتوحيد: مصدرُ وحّده، أي جعله واحداً –والمراد به هنا: إفراد الله بالعبادة. وخلقت: الخلق هو إبداع الشيء من غير أصل ولا احتذاء. ليعبدون: العبادة في اللغة: التذلّل والخضوع. وشرعاً: اسمٌ جامعٌ لما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة. والمعنى الإجمالي للآية: أن الله –تعالى- أخبر أنه ما خلق الإنس والجن إلا لعبادته، فهي بيانٌ للحكمة في خلقهم، فلم يرد منهم ما تريده السادة من عبيدها من الإعانة لهم بالرزق والإطعام، وإنما أراد المصلحة لهم. ومناسبة الآية للباب: أنها تدل على وجوب التوحيد، الذي هو ص -10- إفراد الله بالعبادة. لأنه ما خلق الجن والإنس إلا لأجل ذلك. ما يستفاد من الآية: 1- وجوب إفراد الله بالعبادة على جميع الثّقلين؛ الجن والإنس. 2- بيان الحكمة من خلق الجن والإنس. 3- أن الخالق هو الذي يستحق العبادة دون غيره ممن لا يخلُق، ففي هذا ردٌّ على عُبّاد الأصنام. 4- بيان غنى الله سبحانه وتعالى عن خلقه وحاجة الخلق إليه، لأنه هو الخالق، وهم مخلوقون. 5- إثبات الحكمة في أفعال الله سبحانه. [النحل: 36]. بعثْنا: أرسلنا. كل أمّة: كل طائفةٍ وقرنٍ وجيلٍ من الناس. رسولاً: الرسول: من أُوحي إليه بشرعٍ، وأُمر بتبليغه. اعبدوا الله: أفردوه بالعبادة. واجتنبوا: اتركوا، وفارقوا. الطاغوت: مشتقٌّ من الطغيان، وهو مجاوزة الحد، فكل ما عُبد من دون الله – وهو راض بالعبادة - فهو طاغوت. المعنى الإجمالي للآية: أن الله سبحانه يخبر أنه أرسل في كل طائفة وقرن من الناس رسولاً، يدعوهم إلى عبادة الله وحده، وترك عبادة ما سواه، فلم يزل يُرسل الرسل إلى الناس بذلك منذ حدث الشرك في بني آدم في عهد نوح إلى أن ختمهم بمحمد - صلى الله عليه وسلم -. مناسبة الآية للباب: أن الدعوة إلى التوحيد والنهيَ عن الشرك هي مهمة جميع الرسل وأتباعهم. ما يُستفاد من الآية: 1- أن الحكمة من إرسال الرسل هي الدعوة إلى التوحيد والنهي عن الشرك. 2- أن دين الأنبياء واحد، وهو إخلاص العبادة لله وترك الشرك وإن ص -12- اختلفت شرائعهم. 1- أن الرسالة عمّت كل الأمم، وقامت الحجة على كل العباد. 2- عظم شأن التوحيد، وأنه واجبٌ على جميع الأمم. 3- في الآية ما في (لا إله إلا الله) من النفي والإثبات، فدلت على أنه لا يستقيم التوحيد إلا بهما جميعاً، وأن النفي المحض ليس بتوحيد، والإثبات المحض ليس بتوحيد. ص -13- وقوله: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء: 23] الآية(1). قضى: أمر ووصّى, والمراد بالقضاء هنا القضاء الشرعيّ الدينيّ، لا القضاء القدريّ الكونيّ. ربك: الرب هو المالك المتصرف، الذي ربى جميع العالمين بنعمته. ألا تعبدوا إلا إياه: أي أن تعبدوه ولا تعبدوا غيره. وبالوالدين إحساناً: أي وقضى أن تحسنوا بالوالدين إحساناً، كما قضى أن تعبدوه، ولا تعبدوا غيره. المعنى الإجمالي للآية: الإخبار أن الله –سبحانه وتعالى- أمر ووصّى على ألسُن رسله أن يُعبد وحده دون ما سواه، وأن يحسن الولد إلى والديه إحساناً بالقول والفعل، ولا يسيء إليهما؛ لأنهما اللذان قاما بتربيته في حال صِغره وضعفه، حتى قوِي واشتد. مناسبة الآية للباب: أن التوحيد هو آكد الحقوق وأوجب الواجبات؛ لأن الله بدأ به في الآية، ولا يبتدأ إلا بالأهم فالأهم. (1) فعن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر" ثلاثاً. قالوا: بلى يا رسول الله، قال: "الإشراك بالله وعقوق الوالدين" وجلس وكان متكئاً، فقال: "ألا وقول الزور" قال: فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت. أخرجه البخاري برقم (2654) ومسلم برقم (87). ص -14- ما يستفاد من الآية: 1- أن التوحيد هو أول ما أمر الله به من الواجبات، وهو أول الحقوق الواجبة على العبد. 2- ما في كلمة (لا إله إلا الله) من النفي والإثبات، ففيها دليلٌ على أن التوحيد لا يقوم إلا على النفي والإثبات: (نفي العبادة عما سوى الله وإثباتها لله)، كما سبق. 3- عظمة حق الوالدين حيث عطف حقهما على حقه، وجاء في المرتبة الثانية. 4- وجوب الإحسان إلى الوالدين بجميع أنواع الإحسان، لأنه لم يخص نوعاً دون نوع. 5- تحريم عقوق الوالدين. ص -15- وقوله: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا...} الآية [النساء: 36]. لا تشركوا: اتركوا الشرك، وهو تسوية غير الله بالله فيما هو من خصائص الله. شيئاً: نكرةٌ في سياق النهي، فتعم الشرك: كبيرَه وصغيره. المعنى الإجمالي للآية: يأمر الله –سبحانه- عباده بعبادته وحده لا شريك له، وينهاهم عن الشرك، ولم يخصّ نوعاً من أنواع العبادة، لا دعاءً ولا صلاةً ولا غيرهما، ليعمّ الأمر جميع أنواع العبادة، ولم يخص نوعاً من أنواع الشرك، ليعم النهي جميع أنواع الشرك. مناسبة الآية للباب: أنها ابتدأت الأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك، ففيها تفسير التوحيد بأنه عبادة الله وحده وترك الشرك. ما يستفاد من الآية: 1- وجوب إفراد الله بالعبادة، لأن الله أمر بذلك أولاً، فهو آكد الواجبات. 2- تحريم الشرك، لأن الله نهى عنه، فهو أشد المحرمات. 3- أن اجتناب الشرك شرطٌ في صحة العبادة، لأن الله قرن الأمر بالعبادة بالنهي عن الشرك. 4- أن الشرك حرامٌ قليله وكثيره، كبيره وصغيره، لأن كلمة شيئاً نكرةٌ في سياق النهي، فتعم كل ذلك. 5- أنه لا يجوز أن يشرك مع الله أحدٌ في عبادته، لا ملكٌ ولا نبيٌ ولا صالحٌ من الأولياء ولا صنمٌ؛ لأن كلمة (شيئاً) عامة. ص -16- وقوله: {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا} الآيات [الأنعام: 151، 153](1). تعالوا: هلمّوا وأقبلوا. أتل: أقصص عليكم وأُخبركم. حرّم: الحرام الممنوع منه، وهو ما يُعاقب فاعله ويثاب تاركه. الآيات: أي إلى آخر الآيات الثلاث من سورة الأنعام. من قوله: {قُلْ تَعَالَوْا} إلى قوله في ختام الآية الثالثة: {ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}. المعنى الإجمالي للآية: يأمر الله نبيه أن يقول لهؤلاء المشركين الذين عبدوا غير الله، وحرّموا ما رزقهم الله، وقتلوا أولادهم تقرُّباً للأصنام، فعلوا ذلك بآرائهم وتسويل الشيطان لهم: هلمّوا أقصّ عليكم ما حرّم خالقكم ومالككم تحريماً حقاً لا تخرّصاً وظناً، بل بوحي منه، وأمرٍ من عنده، وذلك فيما وصاكم به في هذه الوصايا العشر، التي هي: (1) فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "من يبايعني على هؤلاء الآيات" ثم قرأ: {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} حتى ختم الآيات الثلاث "فمن وفى فأجره على الله، ومن انتقص شيئاً أدركه الله بها في الدنيا كانت عقوبته، ومن أخر إلى الآخرة كان أمره إلى الله، إن شاء عذبه وإن شاء عفا غفر له". أخرجه الحاكم في المستدرك (2/318) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وأصل الحديث متفق عليه بدون ذكر الآيات، فقد أخرجه البخاري برقم (8) ومسلم برقم (1709). ص -17- أولاً: وصاكم ألا تشركوا به شيئاً، وهذا نهيٌ عن الشرك عموماً، فشمل كل مشرك به من أنواع المعبودات من دون الله، وكل مشرك فيه من أنواع العبادة. ثانياً: ووصاكم أن تحسنوا بالوالدين إحساناً، ببرهما وحفظهما وصيانتهما وطاعتهما في غير معصية الله، وترك الترفّع عليهما. ثالثاً: وصاكم أن لا تقتلوا أولادكم من إملاق، أي لا تئدوا بناتكم، ولا تقتلوا أبناءكم خشية الفقر، فإن رازقكم ورازقهم، فلستم ترزقونهم، بل ولا ترزقون أنفسكم. رابعاً: ووصاكم أن لا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، أي المعاصي الظاهرة والخفية. خامساً: ووصاكم أن لا تقتلوا النفس التي حرم الله قتلها، وهي النفس المؤمنة والمعاهدة إلا بالحق، الذي يبيح قتلها من قصاص أو زناً بعد إحصان أو ردة بعد إسلام. سادساً: ووصاكم أن لا تقربوا مال اليتيم –وهو الطفل الذي مات أبوه- إلا بالتي هي أحسن من تصريفه بما يحفظه، وينَمِّيه له حتى تدفعوه إليه حين يبلغ أشدّه، أي: الرشد وزوال السّفَه مع البلوغ. سابعاً: {وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} أي: أقيموا العدل في الأخذ والإعطاء حسب استطاعتكم. ثامناً: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى}. أمر بالعدل في القول على القريب والبعيد بعد الأمر بالعدل في الفعل. تاسعاً: {وَبِعَهْدِ اللّهِ} أي: وصيته التي وصاكم بها {أَوْفُواْ}، ص -18- أي انقادوا لذلك بأن تطيعوه فيما أمر به ونهى عنه، وتعملوا بكتابه وسنة نبيه. عاشراً: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ}. أي: الذي أوصيتكم به في هاتين الآيتين من ترك المنهيات، وأعظمها الشرك. وفعل الواجبات، وأعظمها التوحيد، هو الصراط المستقيم. {فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ} البدع والشبهات. {فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ}. تميل وتشتت بكم عن دينه. مناسبة الآيات للباب: أن الله –سبحانه ذكر فيها جُمَلاً من المحرّمات ابتدأها بالنهي عن الشرك، والنهي عنه يستدعي الأمر بالتوحيد بالاقتضاء، فدل ذلك على أن التوحيد أوجب الواجبات، وأن الشرك أعظمُ المحرمات. ما يستفاد من الآيات:1 - أن الشرك أعظم المحرمات، وأن التوحيد أوجب الواجبات. 2- عظم حق الوالدين. 3- تحريم قتل النفس بغير حق، لا سيما إذا كان المقتول من ذوي القربى. 4- تحريم أكل مال اليتيم، ومشروعية العمل على إصلاحه. 5- وجوب العدل في الأقوال والأفعال على القريب والبعيد. 6- وجوب الوفاء بالعهد. 7- وجوب اتباع دين الإسلام وترك ما عداه. 8- أن التحليل والتحريم حقٌّ لله. الله عليه وسلم- التي عليها خاتَمُه فليقرأ قوله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} إلى قوله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ}(1)(2) الآية [الأنعام: 151- 153]. ابن مسعود: هو عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذَلي، صحابي جليل من السابقين الأولين، من كبار علماء الصحابة، لازم النبي –صلى الله عليه وسلم-، وتوفي سنة 32هـ. وصية: هي الأمر المؤكد المقرر. خاتمه: الخاتم بفتح التاء وكسرها: حلقةٌ ذات فص من غيرها، وختمتُ على الكتاب بمعنى طبَعت. المعنى الإجمالي للأثر: يذكر ابن مسعود –رضي الله عنه-: أن (1) أخرجه الترمذي برقم (3080) والطبراني في معجمه الأوسط برقم (1208) وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب. (2) وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: خط لنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- خطاً، ثم خط عن يمينه وعن شماله خطوطاً، ثم قال: "هذا سبيل الله، وهذه السبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه، {وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ}. أخرجه أحمد في المسند (1/435، 465) وابن حبان في صحيحه (1/105) برقم (6، 7) والحاكم (2/318)، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (7/22): رواه أحمد والبزار، وفيه عاصم ابن بهدلة وهو ثقة، وفيه ضعف. ص -20- الرسول –صلى الله عليه وسلم- لو وصى لم يوص إلا بما وصى به الله تعالى، فإن الله قد وصى بما في هذه الآيات، لأنه سبحانه قد ختم كل آية منها بقوله: {ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ}، وإنما قال ابن مسعود ذلك لمَّا قال ابن عباس رضي الله عنهما: إن الرزية كل الرزية ما حال بيننا وبين أن يكتب لنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وصيته، فذكّرهم ابن مسعود –رضي الله عنه- أن عندهم من القرآن ما يكفيهم، فإن النبي –صلى الله عليه وسلم- لو وصّى لم يوص إلا بما في كتاب الله. مناسبة هذا الأثر للباب: بيان أن ما ذُكر في هذه الآيات كما هو وصية الله فهو وصية رسوله –صلى الله عليه وسلم-، لأن الرسول –صلى الله عليه وسلم- يوصي بما أوصى الله به. ما يستفاد من قول ابن مسعود: 1- أهمية هذه الوصايا العشر. 2- أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- يوصي بما أوصى به الله، فكل وصية لله فهي وصية لرسوله –صلى الله عليه وسلم-. 3- عمق علم الصحابة، ودقة فهمهم لكتاب الله. ص -21- وعن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- قال: كنت رديف النبي - صلى الله عليه وسلم- على حمار فقال لي: "يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله؟" قلت: الله ورسوله أعلم. قال: "حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً" قلت: يا رسول الله أفلا أبشر الناس؟ قال: "لا تبشرهم فيتكلوا" أخرجاه في الصحيحين(1). معاذ: هو معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن كعب بن عمرو الخزرجي الأنصاري صحابيٌّ جليل مشهور من أعيان الصحابة، وكان متبحراً في العلم والأحكام والقرآن، شهد غزوة بدر وما بعدها واستخلفه النبي –صلى الله عليه وسلم- على أهل مكة يوم الفتح يعلمهم دينهم ثم بعثه إلى اليمن قاضياً ومعلماً مات بالشام سنة 18هـ وله 38 عاماً. رديف: الرديف هو الذي تحمله خلفك على ظهر الدابة. أتدري؟: هل تعرف؟ حق الله: ما يستحقه ويجعله متحتماً على العباد. حق العباد على الله: ما كتبه على نفسه تفضلاً منه وإحساناً. أبشر الناس: أخبرهم بذلك ليُسروا به. (1) أخرجه البخاري برقم (2856) ومسلم برقم (30). وفي رواية: "وأخبر بها معاذ عند موته تأثماً" عند البخاري برقم (128) ومسلم رقم (32). وجاء في فتح المجيد (ص289) قال الوزير أبو المظفر: لم يكن يكتمها إلا عن جاهل يحمله جهله على سوء الأدب بترك الخدمة في الطاعة ص -22- يتّكلوا: يعتمدوا على ذلك فيتركوا التنافس في الأعمال الصالحة. المعنى الإجمالي للحديث: أن النبي –صلى الله عليه وسلم- أرد أن يبين وجوب التوحيد على العباد وفضله، فألقى ذلك بصيغة الاستفهام، ليكون أوقع في النفس وأبلغ في فهم المتعلم، فلما بيّن لمعاذ فضل التوحيد، استأذنه معاذ أن يخبر بذلك الناس ليستبشروا، فمنعه النبي –صلى الله عليه وسلم- من ذلك خوفاً من أن يعتمد الناس على ذلك فيقلِّلوا من الأعمال الصالحة. مناسبة الحديث للباب: أن فيه تفسير التوحيد بأنه عبادة الله وحده لا شريك له. ما يستفاد من الحديث: 1- تواضع النبي –صلى الله عليه وسلم- حيث ركب الحمار وأردف عليه. خلافَ ما عليه أهل الكبر. 2- جواز الإرداف على الدابة إذا كانت تطيق ذلك. 3- التعليم بطريقة السؤال والجواب. 4- أن من سُئل عما لا يعلم فينبغي له أن يقول: الله أعلم. 5- معرفة حق الله على العباد وهو أن يعبدوه وحده لا شريك له. 6- أن من لم يتجنب الشرك لم يكن آتياً بعبادة الله حقيقة ولو عبده في الصورة. 7- فضل التوحيد وفضل من تمسك به. 8- تفسير التوحيد وأنه عبادة الله وحده وترك الشرك. 9- استحباب بشارة المسلم بما يسره. 10- جواز كتمان العلم للمصلحة. 11- تأدب المتعلم مع معلمه. المصدر: http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf |
#3
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الملخص في شرح كتاب التوحيد لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- ص -23- باب فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب وقول الله تعالى:{الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ}(1) [الأنعام: 82]. مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: لما بين في الباب الأول وجوبَ التوحيد ومعناه، بين في هذا الباب فضل التوحيد وآثاره الحميدة، ونتائجه الجميلة التي منها تكفير الذنوب، لأجل الحث عليه والترغيب فيه. بابٌ: هو لغةً: المدخل، واصطلاحاً: اسمٌ لجملة من العلم تحته فصول ومسائل غالباً. يكفر: التكفير في اللغة: الستر والتغطية. وشرعاً: محو الذنب حتى يصير بمنزلة المعدوم من الذنوب: (مِن) بيانية وليست للتبعيض، والذنوب: جمع (1) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لما نزلت: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ} قلنا: يا رسول الله: أينا لم يظلم نفسه؟ قال: "ليس كما تقولون: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ} بشرك، أولم تسمعوا إلى قول لقمان لابنه: {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}. أخرجه البخاري برقم (3360) ومسلم برقم (124). ص -24- ذنب وهو ما تقبح عاقبته. آمنوا:صدقوا بقلوبهم ونطقوا بألسنتهم، وعملوا بجوارحهم، ورأسُ ذلك التوحيد. يلبسوا إيمانهم: يخلِطوا توحيدهم. بظلم: بشرك –والظلم وضع الشيء في غير موضعه- سُمّي الشرك ظلماً لأنه وضعٌ للعبادة في غير موضعها وصرفٌ لها لغير مستحقها. الأمن: طمأنينة النفس وزوال الخوف. مهتدون: أي موفقون للسير على الصراط المستقيم ثابتون عليه المعنى الإجمالي للآية: يخبر سبحانه أن الذين أخلصوا العبادة لله وحده لم يخلطوا توحيدهم بشرك هم الآمنون من المخاوف والمكاره يوم القيامة، المهتدون للسير على الصراط المستقيم في الدنيا. مناسبة الآية للباب: أنها دلت على فضل التوحيد وتكفيره للذنوب. ما يستفاد من الآية: 1- فضل التوحيد وثمرته في الدنيا والآخرة. 2- أن الشرك ظلمٌ مبطلٌ للإيمان بالله إن كان أكبَر، أو منقِص له إن كان أصغر. 3- أن الشرك لا يُغفر. 4- أن الشرك يسبب الخوف في الدنيا والآخرة. ص -25- عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل". أخرجاه(1). عبادة بن الصامت: هو عبادة بن الصامت بن قيس الأنصاريّ الخزرجيّ أحد النقباء بدريٌّ مشهور توفي سنة 34هـ وله 72 سنة. شهد أن لا إله إلا الله: تكلّم بهذه الكلمة عارفاً لمعناها عاملاً بمقتضاها ظاهراً وباطناً. لا إله إلا الله: لا معبود بحق إلا الله. وحده: حالٌ مؤكّد للإثبات. لا شريك له: تأكيد للنفي. وأن محمداً: أي وشهد أن محمداً. عبده: مملوكه وعابده. ورسوله: مرسله بشريعته. وأن عيسى: أي وشهد أن عيسى ابن مريم. عبد الله ورسوله: خلافاً لما يعتقده النصارى أنه الله أو ابن الله أو (1) أخرجه البخاري برقم (3435) ومسلم برقم (28) والترمذي برقم (2640 وأحمد في مسنده (5/314). ص -26- ثالث ثلاثة. وكلمته: أي أنه خلَقه بكلمةٍ وهي قولُه: (كن). ألقاها إلى مريم: أرسل بها جبريل إليها فنفخ فيها من روحه المخلوقة بإذن الله عز وجل. وروحٌ: أي أن عيسى عليه السلام روحٌ من الأرواح التي خلقها الله تعالى. منه: أي منه خلقاً وإيجاداً كقوله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ} [الجاثية: 13]. والجنة حق والنار حق: أي شهد أن الجنة والنار اللتين أخبر الله عنهما في كتابه ثابتتان لا شك فيهما. أدخله الله الجنة:جواب الشرط السابق من قوله: من شهد... الخ. على ما كان من العمل: يحتمل معنيين: الأول: أدخله الله الجنة وإن كان مقصِّراً وله ذنوب؛ لأن الموحِّد لا بد له من دخول الجنة. الثاني: أدخله الله الجنة وتكون منزلته فيها على حسب عمله. أخرجاه: أي روى هذا الحديث البخاري ومسلم في صحيحيهما اللذين هما أصح الكتب بعد القرآن. المعنى الإجمالي للحديث: أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- يخبرنا مبيناً لنا فضل التوحيد وشرفه: أن من نطق بالشهادتين عارفاً لمعناهما عاملاً بمقتضاهما ظاهراً وباطناً وتجنب الإفراط والتفريط في حق النبيين الكريمين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام – فأقرّ لهما بالرسالة ص -27- وعبوديتهما لله وأنه ليس لهما شيءٌ من خصائص الربوبية –وأيقن بالجنة والنار أن مآله إلى الجنة وإن صدر منه معاصٍ دون الشرك. مناسبة الحديث للباب: أن فيه بياناً لفضل التوحيد، وأنه سبب لدخول الجنة وتكفير الذنوب. ما يستفاد من الحديث: 1- فضل التوحيد وأن الله يكفر به الذنوب. 2- سعة فضل الله وإحسانه سبحانه وتعالى. 3- وجوب تجنب الإفراط والتفريط في حق الأنبياء والصالحين، فلا نجحد فضلهم ولا نغلو فيهم فنصرف لهم شيئاً من العبادة، كما يفعل بعض الجهال والضلال. 4- أن عقيدة التوحيد تخالف جميع الملل الكفرية من اليهود والنصارى والوثنيين والدهريين. 5- أن عصاة الموحدين لا يخلَّدون في النار. ص -28- ولهما في حديث عتبان: "فإن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله"(1). عتبان: هو عتبان بن مالك بن عمرو بن العجلان الأنصاري من بني سالم بن عوف صحابي مشهور مات في خلافة معاوية. ولهما: أي روى البخاري ومسلم في صحيحيهما هذا الحديث بكماله، وهذا طرف منه. حرم على النار: التحريم: المنع أي منعَ النارَ أن تمسّه. يبتغي بذلك وجه الله: أي مخلصاً من قلبه ومات على ذلك، ولم يقلْها نفاقاً. المعنى الإجمالي للحديث: أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- يخبر خبراً مؤكداً أن من تلفظ بكلمة "لا إله إلا الله" قاصداً ما تدل عليه من الإخلاص ونفي الشرك عاملاً بذلك ظاهراً وباطناً ومات على تلك الحال لم تمسه النار يوم القيامة. مناسبة الحديث للباب: أن فيه دلالة واضحة على فضل التوحيد وأنه يوجب لمن مات عليه النجاة من النار وتكفير السيئات. (1) أخرجه البخاري برقم "425" ومسلم برقم "33" وأحمد في مسنده "4/44"، "449/5". ص -29- ما يستفاد من الحديث: 1- فضل التوحيد وأنه ينقذ من النار ويكفر الخطايا. 2- أنه لا يكفي في الإيمان النطق من غير اعتقاد القلب كحال المنافقين. 3- أنه لا يكفي في الإيمان الاعتقاد من غير نطق. كحال الجاحدين. 4- تحريم النار على أهل التوحيد الكامل. 5- أن العمل لا ينفع إلا إذا كان خالصاً لوجه الله وصواباً على سنة رسول الله –صلى الله عليه وسلم-. 6- أن من قال لا إله إلا الله وهو يدعو غير الله لم تنفعه كحال عباد القبور اليوم يقولون لا إله إلا الله وهم يدعون الموتى ويتقربون إليهم. 7- إثبات الوجه لله تعالى على ما يليق بجلاله وعظمته. ص -30- وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "قال موسى: يا رب علِّمني شيئاً أذكرك وأدعوك به، قال: قل يا موسى: لا إله إلا الله. قال: يا رب كل عبادك يقولون هذا. قال: يا موسى لو أن السماوات السبع وعامرَهن غيري والأرَضين السبع في كِفَّة، ولا إله الله في كفة مالت بهن لا إله الله" رواه ابن حبان والحاكم وصححه(1). أبو سعيد الخدري: هو أبو سعيد الخدري سعد بن مالك بن سنان الخزرجيّ الأنصاريّ الخدريّ نسبة إلى بني خدرة، صحابي جليل وابن صحابي روى عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أحاديث كثيرة مات سنة 74هـ. موسى: هو موسى بن عمران رسول الله إلى بني إسرائيل وكليم الرحمن. أذكرك: أثني عليك وأحمدك به. وأدعوك به: أتوسل به إليك إذا دعوتك. يقولون هذا: أي هذه الكلمة. وعامرُهن غيري: من فيهن من العمار غير الله. في كفة: أي لو وُضعت هذه المخلوقات في كفة من كفّتي الميزان ووُضعت هذه الكلمة في الكِفة الأخرى. (1) أخرجه ابن حبان برقم (2324)، والحاكم في المستدرك (1/528) والنسائي في عمل اليوم والليلة برقم (834، 1141) وصححه ابن حبان والحاكم ووافقه الذهبي. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/82): رواه أبو يعلى ورجاله وُثِّقوا وفيهم ضعف. ص -31- مالت بهن: رَجَحَت عليهن. المعنى الإجمالي للحديث: أن موسى عليه الصلاة والسلام طلب من ربه عز وجل أن يعلمه ذِكراً يثني عليه به ويتوسل إليه به، فأرشده الله أن يقول: لا إله إلا الله فأدرك موسى أن هذه الكلمة كثيرٌ ذكرها على ألسنة الخلق، وهو إنما يريد أن يخصه بذكر يمتاز به عن غيره، فبين الله عظم فضل هذا الذكر الذي أرشده إليه، وأنه لا شيء يعادله في الفضل. مناسبة الحديث للباب: أن فيه بيانَ فضل كلمة التوحيد، وأنه لا شيء يعادلها في الفضيلة. ما يستفاد من الحديث: 1- عظم فضل لا إله إلا الله، لما تتضمنه من التوحيد والإخلاص. 2- فضل موسى عليه السلام وحرصه على التقرّب إلى الله. 3- أن العبادة لا تكون إلا بما شرعه الله وليس للإنسان أن يبتدع فيها من عند نفسه، لأن موسى طلب من ربه أن يعلمه ما يذكره به. 4- أن ما اشتدت الحاجة والضرورة إليه كان أكثر وجوداً، فإنَّ لا إله إلا الله لمَّا كان العالَم مضطراً إليها كانت أكثر الأذكار وجوداً وأيسرها حصولاً. 5- أن الله فوق السماوات لقوله: "وعامرهن غيري". 6- أنه لا بد في الذكر بهذه الكلمة من التلفظ بها كلها، ولا يقتصر على لفظ الجلالة (الله) كما يفعله بعض الجهّال. 7- إثبات ميزان الأعمال وأنه حق. 8- أن الأنبياء يحتاجون إلى التنبيه على فضل لا إله إلا الله. 9- أن الأرَضين سبعٌ كالسماوات. ص -32- وللترمذي وحسنه عن أنس -رضي الله عنه- سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: "قال الله تعالى؛ يا ابن آدم، لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة"(1). أنس: هو أنس بن مالك بن النضر الأنصاري الخزرجيّ خادم رسول الله، صلى الله عليه وسلم خدمه عشر سنين، وقال النبي –صلى الله عليه وسلم-: "اللهم أكثِر ما له وولده وأدخله الجنة" مات سنة 92هـ وقيل سنة 93هـ وقد جاوز المائة. وللترمذي وحسّنه: أي وروى الترمذي في سننه الحديث المذكور، وحسّن إسناده. قُراب: بضم القاف وقيل بكسرها، والضم أشهر: وهو ملؤها أو ما يقارب ملأها. ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً: أي ثم مُتَّ حال كونك سالماً من الشرك، وهذا شرط في الوعد بحصول المغفرة. مغفرة: الغفر: الستر، وشرعاً: تجاوز الله عن خطايا وذنوب عباده. 1- المعنى الإجمالي للحديث: يخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل أنه (1) أخرجه الترمذي برقم (3534) والدارمي برقم (2791) وأحمد (5/172) وحسنه الترمذي. ص -33- يخاطب عباده ويبين لهم سعة فضله، ورحمته، وأنه يغفر الذنوب مهما كثُرت ما دامت دون الشرك، وهذا الحديث مثل قوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [النساء: 48]. مناسبة الحديث للباب: أن فيه دليلاً على كثرة ثواب التوحيد، وأنه يكفر الذنوب مهما كثُرت. ما يستفاد من الحديث: 1- فضل التوحيد وكثرة ثوابه. 2- سعة فضل الله وجوده ورحمته وعفوه. 3- الرد على الخوارج الذين يكفرون مرتكب الكبيرة التي هي دون الشرك. 4- إثبات الكلام لله عز وجل على ما يليق بجلاله. 5- إثبات البعث والحساب والجزاء. المصدر : http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 10-01-2015 الساعة 02:49PM |
#4
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الملخص في شرح كتاب التوحيد لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- ص -34- باب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب وقول الله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [النحل: 120]. وقال: {وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ} [المؤمنون: 59]. مناسبة الباب لكتاب التوحيد: إن المصنف رحمه الله لمَّا ذكر التوحيد وفضلَه ناسب أن يذكر بيان تحقيقه، لأنه لا يحصل كمالُ فضله إلا بكمال تحقيقه. حقق التوحيد: أي خلَّصه وصفَّاه من شوائب الشرك والبدع والمعاصي. بغير حساب: أي لا محاسبة عليه. أمة: أي قدوة، وإماماً معلماً للخير. قانتاً: القنوت دوام الطاعة. حنيفاً: الحنيف المقبل على الله المعرض عن كل ما سواه. ولم يك: أصلُها يكن حُذفت النون تخفيفاً. من المشركين: أي قد فارق المشركين بالقلب واللسان والبدن، وأنكر ما كانوا عليه. والذين هم بربهم لا يشركون: لا يعبدون معه غيره. ص -35- المعنى الإجمالي للآية الأولى: أن الله سبحانه وتعالى يصف خليله إبراهيم عليه السلام بأربع صفات: الصفة الأولى: أنه كان قدوة في الخير لتكميله مقام الصبر واليقين، واللذين بهما تُنال الإمامة في الدين. الصفة الثانية: أنه كان خاشعاً مطيعاً مداوماً على عبادة الله تعالى. الصفة الثالثة: أنه كان معرضاً عن الشرك مقبلاً على الله تعالى. الصفة الرابعة: بُعده علن الشرك وفارقته للمشركين. مناسبة الآية الأولى للباب: أنه وصف خليله بهذه الصفات، التي هي الغاية في تحقيق التوحيد، وقد أُمرنا بالاقتداء به في قوله: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ} [الممتحنة: 4]. مناسبة الآية الثانية للباب: أن الله تعالى وصف المؤمنين السابقين إلى الجنات بصفاتٍ أعظمُها الثناء عليهم بأنهم بربِّهم لا يشركون شيئاً من الشرك لا خفياً ولا جلياً، ومن كان كذلك فقد بلغ من تحقيق التوحيد النهاية ودخل الجنة بلا حساب ولا عذاب. ما يستفاد من الآيتين: 1- فضيلة أبيان إبراهيم عليه الصلاة والسلام. 2- الاقتداء به في هذه الصفات العظيمة. 3- بيان الصفات التي يتم بها تحقيق التوحيد. 4- وجوب الابتعاد عن الشرك والمشركين والبراءة من المشركين. 5- وصف المؤمنين بتحقيق التوحيد. ص -36- عن حصين بن عبد الرحمن قال: كنت عند سعيد بن جبير فقال: أيكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة؟ فقلت: أنا. ثم قلت: أما إني لم أكن في صلاة ولكني لُدِغت. قال: فما صنعت؟ قلت: ارتقيت. قال: فما حملك على ذلك؟ قلت: حديث حدثناه الشعبي. قال: وما حدثكم؟ قلت: حدثنا عن بريدة بن الحصيب أنه قال: "لا رقية إلا من عين أو حمة". قال: قد أحسن من انتهى إلى ما سمع.ولكن حدثنا ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "عرضت علي الأمم فرأيت النبي ومعه الرهط والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد إذ رفع لي سواد عظيم فظننت أنهم أمتي، فقيل لي هذا موسى وقومُه، فنظرت فإذا سواد عظيم فقيل لي: هذه أمتك ومعهم سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب". ثم نهض فدخل منزله فخاض الناس في أولئك فقال بعضهم: فلعلهم الذين صحبوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، وقال بعضهم: فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام فلم يشركوا بالله شيئاً وذكروا أشياء، فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه فأخبروه فقال: "هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون" فقام عُكَّاشة بن مِحْصَن فقال: ادع الله أن يجعلني منهم، قال: "أنت منهم" ثم قام رجل آخر فقال: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: ص -37- "سبقك بها عكاشة"(1). تراجم الرجال الواردة أسماءهم في الحديث: حصين: هو حصين بن عبد الرحمن السلمي الحارثيّ من تابعي التابعين مات سنة 136هـ وله 93 سنة. سعيد بن جبير: هو الإمام الفقيه من أجلة أصحاب ابن عباس قتله الحجاج سنة 95 ولم يُكمل الخمسين. الشعبي: اسمه عامر بن شراحيل الهمداني ولد في خلافة عمر، وهو من ثقات التابعين مات سنة 103هـ. بُرَيدة: بضم أوله وفتح ثانيه، ابن الحصيب بن الحارث الأسلمي صحابي شهير، مات سنة 63هـ. ابن عباس: هو الصحابي الجليل عبد الله بن عباس بن عبد المطلب. ابن عم النبي –صلى الله عليه وسلم- دعا له النبي –صلى الله عليه وسلم- فقال: "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل" فكان كذلك ومات بالطائف سنة 68هـ. عُكَّاشة: هو عكاشة بن محصن بن حرثان الأسدي كان من السابقين إلى الإسلام، هاجر وشهد بدراً وقاتل فيها، واستشهد في قتال الردة مع خالد بن الوليد سنة 12هـ. الكوكب: النجم. انقضَّ: أي سقط منه الشهاب. (1) أخرجه البخاري برقم (3410): ومسلم برقم (220) والترمذي برقم (2448) والدارمي برقم (2810) وأحمد (1/271). ص -38- البارحة: هي أقرب ليلة مضت. يقال قبل الزوال رأيت الليلة، وبعد الزوال رأيت البارحة. لُدغْت: أي لدغته عقرب –واللدغ: اللسع- أي أصابته بسمها. ارتقيت: طلبت من يرقيني، والرقية: قراءة القرآن والأدعية والشرعية على المصاب بمرض ونحوه. ما حملك على ذلك؟: ما حُجَّتك على جواز ذلك؟ لا رقية إلَّا من عين: العين: إصابة العائن غيرَه بعينه. أو حُمَة: الحمة: سم العقرب وشبهها. من انتهى إلى ما سمع: أي أخذ بما بلغه من العلم بخلاف من يعمل على جهل أو لا يعمل بما يعلم. عرضت علي الأمم: قيل كان ذلك ليلة الإسراء، أي أراه الله مثالَها إذا جاءت يوم القيامة. الرهط: الجماعة دون العشرة. ليس معه أحد: أي لم يتبعه من قومه أحد. سواد عظيم: أشخاص كثيرة. فظننت أنهم أمتي: أي لكثرتهم وبعده عنهم فلا يميز أعيانهم. موسى: أي: موسى بن عمران كليم الرحمن. وقومه: أي أتباعه على دينه من بني إسرائيل. بلا حساب ولا عذاب: أي: لا يحاسبون ولا يعذبون قبل دخولهم الجنة لتحقيقهم التوحيد. ثم نهض: أي قام. فخاض الناس في أولئك: أي تباحث الحاضرون واختلفوا في ص -39- هؤلاء السبعين بأي عمل نالوا هذه الدرجة؟ فإنهم لم ينالوها إلا بعمل فما هو؟ فأخبروه: أي ذكروا للنبي –صلى الله عليه وسلم- اختلافهم في المراد بهؤلاء السبعين. لا يسترقون: لا يطلبون من يرقيهم استغناء عن الناس. ولا يكتوون: لا يسألون غيرهم أن يكويهم بالنار. ولا يتطيرون: لا يتشاءمون بالطيور ونحوها. وعلى ربهم يتوكلون: يعتمدون في جميع أمورهم عليه لا على غيره ويفوّضون أمورهم إليه. سبقك بها عكّاشة: أي إلى إحراز هذه الصفات أو سبقك بالسؤال. المعنى الإجمالي للحديث: يصف لنا حصين بن عبد الرحمن حواراً دار في مجلس سعيد بن جبير بمناسبة انقضاض كوكب في الليل، فأخبرهم حصينٌ أنه شاهد انقضاضه لأنه لم يكن حينذاك نائماً، إلا أنه خاف أن يظن الحاضرون أنه ما رأى النجم إلا لأنه يصلي، فأراد أن يدفع عن نفسه إيهام تعبّدٍ لم يفعله كعادة السلف في حرصهم على الإخلاص، فأخبر بالسبب الحقيقي ليقَظَته وأنه بسبب إصابة حصلت له، فانتقل البحث إلى السؤال عما صنع حيال تلك الإصابة، فأخبر أنه عالجها بالرقية، فسأله سعيدٌ عن دليله الشرعي على ما صنع، فذكر له الحديث الوارد عن الرسول –صلى الله عليه وسلم- في جواز الرقية، فصوَّبه في عمله بالدليل. ثم ذكر له حالةً أحسن مما فعل، وهي الترقي إلى كمال التوحيد بترك الأمور المكروهة مع الحاجة إليها، توكلاً على الله كحالة السبعين –صلى الله عليه وسلم- بأنهم يتركون الرقية والكي تحقيقاً للتوحيد، ويأخذون بالسبب الأقوى وهو التوكل على الله، ولم يسألوا أحداً غيرَه شيئاً من الرقية فما فوقها. مناسبة الحديث للباب: أن فيه شيئاً من بيان معنى حقيقة التوحيد وثواب ذلك عند الله تعالى. ما يستفاد من الحديث: 1- فضيلة السلف، وأن ما يرونه من الآيات السماوية لا يعدّونه عادة، بل يعلمون أنه آية من آيات الله. 2- حرص السلف على الإخلاص وشدة ابتعادهم عن الرياء. 3- طلب الحجة على صحة المذهب وعناية السلف بالدليل. 4- مشروعية الوقوف عند الدليل والعمل بالعلم، وأن من عمِل بما بلغه فقد أحسن. 5- تبليغ العلم بتلطف وحكمة. 6- إباحة الرقية. 7- إرشاد من أخذ بشيء مشروع إلى ما هو أفضل منه. 8- فضيلة نبينا محمد –صلى الله عليه وسلم- حيث عُرضت عليه الأمم. 9- أن الأنبياء متفاوتون في عدد أتباعهم. 10- الرد على من احتج بالأكثر، وزعم أن الحق محصورٌ فيهم. 11- أن الواجب اتباع الحق وإن قلّ أهله. 12- فضيلة موسى عليه السلام وقومه. 13- فضيلة هذه الأمة وأنهم أكثر الأمم اتباعاً لنبيهم –صلى الله عليه وسلم-. 2- إباحة المناظرة في العلم والمباحثة في نصوص الشرع للاستفادة وإظهار الحق. 3- عمق علم السلف لمعرفتهم أن المذكورين في الحديث لم ينالوا هذه المنزلة إلا بعمل. 4- حرص السلف على الخير والمنافسة على الأعمال الصالحة. 5- أن ترك الرقية والكي من تحقيق التوحيد. 6- طلب الدعاء من الفاضل في حياته. 7- علَم من أعلام نبوته –صلى الله عليه وسلم- حيث أخبر أن عكاشة من السبعين الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب فقُتل شهيداً في حروب الردة رضي الله عنه. 8- فضيلة عكاشة بن محصن رضي الله عنه. 9- استعمال المعاريض وحسن خلقه –صلى الله عليه وسلم- حيث لم يقل –للرجل الآخر- لست منهم. 10- سد الذرائع لئلا يقوم من ليس أهلاً فيُردُّ، والله أعلم. المصدر : http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 10-01-2015 الساعة 02:50PM |
#5
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الملخص في شرح كتاب التوحيد لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- ص -42- باب الخوف من الشرك وقول الله عز وجل: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [النساء: 48، 116]. وقال الخليل عليه السلام: {واجنبني وبني أن نعبد الأصنام} [إبراهيم: 35]. مناسبة الباب لكتاب التوحيد: أن المصنف رحمه الله لما ذكر التوحيد وفضله وتحقيقه ناسب أن يذكر الخوف من ضده وهو الشرك، ليحذَره المؤمن ويخافه على نفسه. الخوف: توقع مكروه، وهو ضد الأمن. الشرك: صرف شيء من العبادة لغير الله. لا يغفر أن يشرك به: أي لا يعفو عن عبد ليقيَه وهو يعبد غيرَه. ويغفر ما دون ذلك: أي يغفر ما دون الشرك من الذنوب. لمن يشاء: أي لمن يشاء المغفرة له من عباده حسب فضله، وحكمته. الخليل: الذي بلغ أعلى درجات المحبة، والمراد به إبراهيم عليه السلام الذي اتخذه الله خليلاً. اجنبني وبنيَّ: اجعلني وإياهم في جانب وحيِّز بعيد عن ذلك. ص -43- الأصنام: جمع صنم وهم ما كان منحوتاً على صورة البشر أو صورة أي حيوان. المعنى الإجمالي للآية الأولى: أن الله سبحانه يخبر خبراً مؤكداً أنه لا يغفر لعبد لقيَه وهو مشرك به ليحذّرنا من الشرك، وأنه يغفر ما دون الشرك من الذنوب لمن يشاء أن يغفر له تفضلاً وإحساناً؛ لئلا نقنط من رحمة الله. المعنى الإجمالي للآية الثانية: أن إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام يدعو ربه عز وجل أن يجعله هو بنيه في جانب بعيد عن عبادة الأصنام وأن يباعد بينه وبينها، لأن الفتنة بها عظيمة ولا يأمن الوقوعَ فيها. مناسبة الآيتين للباب: أن الآية الأولى تدل على أن الشرك أعظم الذنوب، لأن من مات عليه لا يُغفر له، وهذا يوجب للعبد شدة الخوف من هذا الذنب الذي هذا شأنه، والآية الثانية تدل على أن إبراهيم خاف الشرك على نفسه ودعا الله أن يعافيه منه، فما الظن بغيره، فالآيتان تدلان على وجوب الخوف من الشرك. ما يستفاد من الآيتين:1 - أن الشرك أعظم الذنوب، لأن الله تعالى أخبر أنه لا يغفره لمن لم يتب منه. 2- أن ما عدا الشرك من الذنوب إذا لم يتب منه داخل تحت المشيئة –إن شاء غفره بلا توبة، وإن شاء عذب به- ففي هذا دليل على خطورة الشرك. 3- الخوف من الشرك، فإن إبراهيم عليه السلام –وهو إمام الحنفاء ص -44- والذي كسّر الأصنام بيده –خافه على نفسه فكيف بمن دونه. 1- مشروعية الدعاء لدفع البلاء، وأنه لا غنى للإنسان عن ربه. 2- مشروعية دعاء الإنساء لنفسه ولذريته. 3- الرد على الجهال الذين يقولون: لا يقع الشرك في هذه الأمة فأمِنوا منه فوقعوا فيه. ص -45- وفي الحديث: "أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر" فسئل عنه فقال: "الرياء"(1). وفي الحديث: أي الحديث الذي رواه الإمام أحمد والطبراني وابن أبي الدنيا والبيهقي. أخوف ما أخاف عليكم: أي أشد خوفاً أخافه عليكم. الرياء: إظهار العبادة لقصد رؤية الناس لها فيحمدونه عليها. المعنى الإجمالي للحديث: لكمال شفقته –صلى الله عليه وسلم- ورحمته بأمته ونصحه لهم بحيث لم يترك خيراً إلا دلهم عليه ولا شراً إلا حذّرهم منه، ومن الشر الذي حذّر منه الظهور بمظهر العبادة لقصد تحصيل ثناء الناس لأنه شركٌ في العبادة –وهو وإن كان شكاً أصغرَ فخطره عظيم، لأنه يحبط العمل الذي قارنه- ولما كانت النفوس مجبولة على محبة الرئاسة والمنزلة في قلوب الخلق إلا من سلَّم الله كان هذا أخوف ما يُخاف على الصالحين –لقوة الداعي إليه- بخلاف الداعي إلى الشرك الأكبر، فإنه إما معدوم في قلوب المؤمنين الكاملين، وإما ضعيف. مناسبة الحديث للباب: أن فيه الخوف من الشرك الأصغر كما أن في الآيتين قبله الخوف من الشرك الأكبر، والباب شاملٌ للنوعين. (1) أخرجه أحمد في مسنده (5/428، 429). والطبراني في معجمه الكبير (4/253 رقم 4301). ص -46- ما يستفاد من الحديث: 1- شدة الخوف من الوقوع في الشرك الأصغر، وذلك من وجهين: الأول: أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- تخوَّف من وقوعه تخوفاً شديداً. الثاني: أنه –صلى الله عليه وسلم- تخوَّف من وقوعه في الصالحين الكاملين فمن دونهم من باب أولى. 2- شدة شفقته –صلى الله عليه وسلم- على أمته وحرصه على هدايتهم ونصحه لهم. 3- أن الشرك ينقسم إلى أكبر وأصغر –فالأكبر هو أن يسوِّي غير الله بالله فيما هو من خصائص الله، والأصغر هو ما أتى في النصوص أنه شرك ولم يصل إلى حد الأكبر- والفرق بينهما: أ-أن الأكبر يحبط جميع الأعمال، والأصغر يحبط العمل الذي قارنة. ب- أن الأكبر يخلد صاحبه في النار، والأصغر لا يوجب الخلود في النار. ج- أن الأكبر ينقل عن الملة، والأصغر لا ينقل عن الملة. ص -47- وعن ابن مسعود –رضي الله عنه- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "من مات وهو يدعو لله نداً دخل النار" رواه البخاري(1). يدعو: الدعاء هنا هو السؤال يقال دعاه إذا سأله أو استغاث به. نداً: الند المثل والشبيه. المعنى الإجمالي للحديث: يخبر الرسول –صلى الله عليه وسلم- أن من جعل لله شبيهاً ومثيلاً في العبادة يدعوه ويسأله ويستغيث به نبياً كان هذا الند أو غيره واستمر على ذلك إلى الممات أي لم يتب منه قبل الممات، فإن مصيره إلى النار لأنه مشرك واتخاذ الند على نوعين: الأول: أن يجعل لله شريكاً في أنواع العبادة أو بعضها فهذا شرك أكبر، صاحبه مخلد في النار. الثاني: ما كان من الشرك الأصغر كقول الرجل: (ما شاء الله وشئت ولولا الله وأنت) ونحو ذلك مما فيه العطف بالواو على لفظ الجلالة. وكيسير الرياء، وهذا لا يوجب التخليد في النار وإن دخلها. مناسبة الحديث للباب: أن فيه التخويف من الشرك ببيان عاقبة المشرك ومصيره. (1) أخرجه البخاري برقم (4497) وفيه: وقلت أنا: من مات وهو لا يدعو لله نداً دخل الجنة. وأخرجه مسلم برقم (92) بلفظ: "من مات يشرك بالله شيئاً دخل النار" وقلت أنا: ومن مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة. ص -48- ما يستفاد من الحديث: 1- التخويف من الشرك والحث على التوبة منه قبل الموت. 2- أن كل من دعا مع الله نبياً أو ولياً –حياً أو ميتاً- أو حجراً أو شجراً فقد جعل نداً لله. 3- أن الشرك لا يُغفر إلا بالتوبة. ص -49- ولمسلم عن جابر -رضي الله عنه-: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "من لقي الله وهو لا يشرك به شيئاً دخل الجنة ومن لقيه يشرك به شيئاً دخل النار"(1). جابر: هو جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري السلمي صحابي جليل مكثر ابن صحابي مات بالمدينة بعد السبعين وله أربع وتسعون سنة. من لقي الله: من مات. لا يشرك به: لم يتخذ معه شريكاً في الإلهية ولا في الربوبية. شيئاً: أي شركاً قليلاً أو كثيراً. المعنى الإجمالي للحديث: أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- يخبرنا أن من مات على التوحيد فدخوله الجنة مقطوع به، فإن كان صاحب كبيرة ومات مصراً عليها فهو تحت مشيئة الله، فإن عفا الله عنه دخلها أولاً، وإلا عُذب في النار ثم أخرج منها وأُدخل في الجنة. وأن من مات على الشرك الأكبر لا يدخل الجنة ولا يناله من الله رحمة ويخلد في النار، وإن كان شركاً أصغر دخل النار –إن لم يكن معه حسنات راجحة- لكن لا يخلد فيها. مناسبة الحديث للباب: أن فيه التغليظ في النهي عن الشرك مما يوجب شدة الخوف منه. (1) أخرجه مسلم برقم (93)، وأحمد في المسند (3/345). 1- وجوب الخوف من الشرك، لأن النجاة من النار مشروطة بالسلامة من الشرك. 2- أنه ليس العبرة بكثرة العمل، وإنما العبرة بالسلامة من الشرك. 3- بيان معنى لا إله إلا الله وأنه ترك الشرك وإفراد الله بالعبادة. 4- قرب الجنة والنار من العبد وأنه ليس بينه وبينهما إلا الموت. 5- فضيلة من سلم من الشرك. المصدر : http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 10-01-2015 الساعة 02:51PM |
#6
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الملخص في شرح كتاب التوحيد لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- ص -51- باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله الله وقوله الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: 108]. مناسبة الباب لكتاب التوحيد: أن المصنِّف رحمه الله لما ذكر في الأبواب السابقة التوحيدَ وفضله وما يوجب الخوف من ضده ذكر في هذا الباب أنه لا ينبغي لمن عرف ذلك أن يقتصر على نفسه بل يجب عليه أن يدعو إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة كما هو سبيل المرسَلين وأتباعهم. الدعاء: أي دعوة الناس. إلى شهادة أن لا إله إلا الله: أي إلى توحيد الله والإيمان به وبما جاءت به رسُلُه مما هو مدلول هذه الشهادة. قل: الخطاب للرسول –صلى الله عليه وسلم-. هذه: أي الدعوة التي أدعو إليها والطريقة التي أنا عليها. سبيلي: طريقتي ودعوتي. أدعو إلى الله: إلى توحيد الله لا إلى حظ من حظوظ الدنيا ولا إلى رئاسة ولا إلى حزبية. على بصيرة: على علم بذلك وبرهان عقلي وشرعي، والبصيرة ص -52- المعرفة التي يميز بها بين الحق والباطل. ومن اتبعني: أي آمن بي وصدَّقني: يحتمل أنه عطف على الضمير المرفوع في (أدعو) فيكون المعنى: أنا أدعو إلى الله على بصيرة ومن اتبعني كذلك يدعو إلى الله على بصيرة: ويحتمل أن يكون عطفاً على الضمير المنفصل (أنا) فيكون المعنى: أنا وأتباعي على بصيرة. والتحقيق: أن العطف يتضمن المعنيين فأتباعه هم أهل البصيرة الداعون إلى الله. وسبحان الله: وأنزه الله وأقدِّسه عن أن يكون له شريك، في ملكه أو معبودٌ بحق سواه. المعنى الإجمالي للآية: يأمر الله رسولَه أن يخبر الناس عن طريقته وسنته أنها الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله على علم ويقين وبرهان، وكل من اتبعه يدعو إلى ما يدعو إليه على علم ويقين وبرهان، وأنه هو وأتباعُه ينزهون الله عن الشريك له في ملكه وعن الشريك له في عبادته ويتبرأ ممن أشرك به وإن كان أقرب قريب. مناسبة الآية للباب: أن الله ذكر فيها طريقة الرسول وأتباعه هي الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله على علم بما يدعون إليه. ففيها وجوب الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله الذي هو موضوع الباب. ما يستفاد من الآية: 1- أن الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله هي طريقة الرسول وأتباعه. 2- أنه يجب على الداعية أن يكون عالماً بما يدعو إليه عالماً بما ينهى عنه. 3- التنبيه على الإخلاص في الدعوة بأن لا يكون للداعية مقصد سوى ص -53- وجه الله لا يقصد بذلك تحصيل مال أو رئاسة أو مدح من الناس أو دعوة إلى حزب أو مذهب. 1- أن البصيرة فريضةٌ لأن اتباعه –صلى الله عليه وسلم- واجبٌ ولا يتحقق اتباعُه إلا بالبصيرة وهي العلم واليقين. 2- حسن التوحيد لأنه تنزيه لله تعالى. 3- قبحُ الشرك لأنه مسبةٌ لله تعالى. 4- وجوب ابتعاد المسلم عن المشركين لا يصير منهم في شيء فلا يكفي أنه لا يشرك. ص -54- عن ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لما بعث معاذاً إلى اليمن قال له: "إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله" وفي رواية: "إلى أن يوحدوا الله.فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة. فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تُؤخذ من أغنيائهم فتُرد على فقرائهم. فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب" أخرجاه(1). بعث معاذاً: وجَّهه وأرسله. إلى اليمن: إلى الإقليم المعروف جنوب الجزيرة العربية داعياً إلى الله ووالياً وقاضياً وذلك في سنة عشرٍ من الهجرة. أهل الكتاب: هم اليهود والنصارى لأنهم كانوا في اليمن أكثر من مشركي العرب أو أغلب. شهادة: يجوز فيها الرفع على أنه اسم يكن مؤخَّراً وأول خبرها مقدمٌ ويجوز العكس. وفي رواية: أي في رواية أخرى في صحيح البخاري. أطاعوك لذلك: أي شهدوا وانقادوا لدعوتك وكفروا بما يُعبد من (1) أخرجه البخاري برقم (1395)، ومسلم برقم (19) والترمذي برقم (625)، وأبو داود برقم (1584) وأحمد في مسنده (1/233). ص -55- دون الله. افترض عليهم: أوجب عليهم. أطاعوك لذلك: آمنوا بفرضيَّتها وأقاموها. إياك: كلمة تحذير. وكرائم: منصوبٌ على التحذير جمع كريمة، وهي خيار المال ونفائسه. اتق دعوة المظلوم: احذرها واجعل بينك وبينها وقاية بفعل العدل وترك الظلم. فإنه: أي الحال والشأن. ليس بينها وبين الله حجاب: أي لا تحجب عن الله بل ترفع إليه فيقبلها. أخرجاه: أي أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين. المعنى الإجمالي للحديث: أن النبي –صلى الله عليه وسلم- لما وجه معاذ بن جبل رضي الله عنه إلى إقليم اليمن داعياً إلى الله ومعلماً رسم له الخطة التي يسير عليها في دعوته، فبين له أنه سيواجه قوماً أهل علم وجدَل من اليهود والنصارى، ليكون على أهبةٍ لمناظرتهم ورد شبههم، ثم ليبدأ في دعوته بالأهم فالأهم فيدعو الناس إلى إصلاح العقيدة أولاً لأنها الأساس، فإذا انقادوا لذلك أمرهم بإقام الصلاة لأنها أعظم الواجبات بعد التوحيد، فإذا أقاموها أمر أغنياءهم بدفع زكاة أموالهم إلى فقرائهم مواساة لهم وشكراً لله، ثم حذّره من أخذ جيد المال لأن الواجب الوسط، ثم حثّه على العدل وترك الظلم لئلا يدعو عليه المظلوم ودعوتُه ص -56- مستجابة. مناسبة الحديث للباب: أن أول ما يُدعى إليه شهادة أن لا إله إلا الله، وفيه إرسال الدعاة لذلك. ما يستفاد من الحديث: 1- مشروعية إرسال الدعاة إلى الله. 2- أن شهادة أن لا إله إلا الله أول واجب وهي أول ما يدعى إليه الناس. 3- أن معنى شهادة أن لا إله إلا الله توحيدُ الله بالعبادة وترك عبادة ما سواه. 4- أنه لا يحكم بإسلام الكافر إلا بالنطق بالشهادتين. 5- أن الإنسان قد يكون قارئاً وهو لا يعرف معنى لا إله إلا الله، أو يعرفه ولا يعمل به كحال أهل الكتاب. 6- أن مخاطبة العالم ليست كمخاطبة الجاهل: "إنك تأتي قوماً أهل كتاب". 7- التنبيه على أنه ينبغي للإنسان خصوصاً الداعية أن يكون على بصيرة من دينه، ليتخلص من شبهات المشبِّهين وذلك بطلب العلم. 8- أن الصلاة أعظم الواجبات بعد الشهادتين. 9- أن الزكاة أوجب الأركان بعد الصلاة. 10- بيان مصرفٍ من مصارف الزكاة وهم الفقراء وجواز الاقتصار عليه. 11- أنه لا يجوز أخذ الزكاة من جيد المال إلا برضا صاحبه. 12- التحذير من الظلم، وأن دعوة المظلوم مستجابة ولو كان عاصياً. ص -57- ولهما عن سهل بن سعد -رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال يوم خيبر: "لأعطين الراية غداً رجلاً يحب اللهَ ورسولَه ويحبه اللهُ ورسولُه، يفتح الله على يديه"، فبات الناس يدُوكُون ليلتهم أيهم يُعطاها، فلما أصبحوا غدوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم- كلُّهم يرجو أن يعطاها. فقال: "أين علي بن أبي طالب؟" فقيل: هو يشتكي عينيه، فأرسلوا إليه فأُتي به فبصق في عينيه ودعا له، فبرأ كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية وقال: "انفُذ على رِسْلِك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حُمْر النَّعم"(1). يدوكون أي: يخوضون. سهل بن سعد: هو سهل بن سعد بن مالك بن خالد الأنصاري الخزرجي الساعدي صحابي شهير مات سنة 88هـ، وقد جاوز المائة. ولهما: أي البخاري ومسلم في صحيحيهما. يوم خيبر: أي يوم حصار خيبر سنة 7هـ. الراية: علم الجيش الذي يرجعون إليه عند الكر والفر. يفتح الله على يديه: إخبارٌ على وجه البشارة بحصول الفتح. (1) أخرجه البخاري برقم (2942)، ومسلم برقم (2406). ص -58- ليلتَهم: منصوب على الظرفية. أيُّهم: برفع (أي) على البناء لإضافتها وحذف صدرِ صلتها. علي بن أبي طالب: هو ابن عم رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وزوج ابنته فاطمة والخليفة الرابع من أسبق السابقين إلى الإسلام وأحد العشرة المبشرين بالجنة رضي الله عنهم أجمعين قتل سنة 40هـ. يشتكي عينيه: أي تؤلمانه من الرمد. فبَرَأ: بفتح الباء على وزن ضَرَبَ، ويجوز كسرها على وزن علِم، أي عوفي عافية كاملة. أعطاه الراية: دفعها إليه. انفُذْ: أي امض لوجهِك. على رسْلِك: على رِفْقِك من غير عجَلة. بساحتهم: بفناء أرضهم وما قرُب من حصونهم. إلى الإسلام: وهو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والخلوص من الشرك وأهله. وأخبرهم... إلخ: أي أنهم إن أجابوك إلى الإسلام الذي هو التوحيد، فأخبرهم بما يجب عليهم بعد ذلك من حق الله في الإسلام من الصلاة والزكاة والصيام والحج وغير ذلك. لأن يهدي الله: في تأويل مصدر مبتدأ خبرُه (خير). حمُر النَّعم: أي الإبل الحمر، وهي أنفس أموال العرب. المعنى الإجمالي للحديث: أن النبي –صلى الله عليه وسلم- بشّر الصحابة بانتصار المسلمين على اليهود من الغد على يد رجل له فضيلةٌ عظيمة وموالاة لله ولرسوله فاستشرف الصحابة لذلك، كلٌّ يود أن يكون هو ذلك الرجل ص -59- من حرصهم على الخير، فلما ذهبوا على الموعد طلب النبي –صلى الله عليه وسلم- علياً وصادف أنه لم يحضر لِما أصابه من مرض عينيه، ثم حضر فتفل النبي –صلى الله عليه وسلم- فيهما من ريقه المبارك فزال ما يحس به من الألم زوالاً كاملاً وسلَّمه قيادة الجيش، وأمره بالمضي على وجهه برفق حتى يقرب من حصن العدو فيطلب منهم الدخول في الإسلام، فإن أجابوا أخبرهم بما يجب على المسلم من فرائض، ثم بين –صلى الله عليه وسلم- لعلي فضل الدعوة إلى الله وأن الداعية إذا حصل على يديه هداية رجل واحد فذلك خير له من أنفس الأموال الدنيوية، فكيف إذا حصل على يديه هداية أكثر من ذلك. مناسبة الحديث للباب: أن فيه مشروعية الدعوة إلى الإسلام الذي هو معنى شهادة أن لا إله إلا الله، وبيان فضل الدعوة إلى ذلك. ما يستفاد من الحديث: 1- فضيلةٌ ظاهرة لعلي بن أبي طالب –رضي الله عنه-، وشهادةٌ من الرسول –صلى الله عليه وسلم- له بموالاته لله ولرسوله وإيمانه ظاهراً وباطناً. 2- إثبات أن الله يحب أولياءه محبة تليق بجلاله كسائر صفاته المقدسة الكريمة. 3- حرص الصحابة على الخير وتسابقهم إلى الأعمال الصالحة رضي الله عنهم. 4- مشروعية الأدب عند القتال وترك الطيش والأصوات المزعجة التي لا حاجة إليها. 5- أمر الإمام عماله بالرفق واللين من غير ضعف ولا انتقاص عزيمة. 6- وجوب الدعوة إلى الإسلام لا سيما قبل قتال الكفار. 7- أن من امتنع من قبول الدعوة من الكفار وجب قتاله. ص -60- 8- أن الدعوة تكون بالتدريج فيطلب من الكافر أولاً الدخول في الإسلام بالنطق بالشهادتين، ثم يُؤمر بفرائض الإسلام بعد ذلك. 9- فضل الدعوة إلى الإسلام وما فيها من الخير للمدعو والداعي، فالمدعو قد يهتدي والداعي يُثاب ثواباً عظيماً، والله أعلم. 10- دليلٌ من أدلة نبوة الرسول –صلى الله عليه وسلم- وذلك ببشارته بالفتح قبل وقوعه وبراءة الألم بريقه. 11- الإيمان بالقضاء والقدر، لحصول الراية لمن لم يسْع إليها ومنْعها ممن سعى إليها. 12- أنه لا يكفي التسمي بالإسلام بل لا بد من معرفة واجباته والقيام بها. المصدر : http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 10-01-2015 الساعة 03:13PM |
#7
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الملخص في شرح كتاب التوحيد لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- ص -61- باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله وقول الله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} [الإسراء: 57]. مناسبة الباب لكتاب التوحيد: لما ذكر المصنف رحمه الله في الأبواب السابقة التوحيد وفضائله والدعوة إليه والخوف من ضده الذي هو الشرك، بين رحمه الله في هذا الباب معناه؛ لأن بعض الناس يخطئ في فهم معناه فيظن أن معناه الإقرار بتوحيد الربوبية فقط، وهذا ليس هو المراد بالتوحيد وإنما المراد به ما دلت عليه النصوص التي ساق المصنف رحمه الله طرفاً منها في هذا الباب من أنه إفراد الله بالعبادة والخلوص من الشرك. وعطَف شهادة أن لا إله إلا الله على التوحيد ليبين أن معناهما واحدٌ لا اختلاف فيه. يدعون: أي يدعونهم من دون الله وهم الملائكة والأنبياء والصالحين وغيرهم فالضمير الفاعل يدْعون راجعٌ إلى الكفار. يبتغون: أي يطلبون والضمير الفاعل فيه راجعٌ إلى المدعوين من الملائكة ونحوهم. ص -62- الوسيلة: ما يتقرب به إلى الله، فمعنى توسل إلى الله عمل عملاً يقربه إليه. ويرجون رحمته: أي لا يرجون أحداً سواه. ويخافون عذابه: أي: لا يخافون أحداً سواه. المعنى الإجمالي للآية: أن الله سبحانه وتعالى يخبر أن هؤلاء الذين يدعوهم المشركون من دون الله من الملائكة والأنبياء والصالحين يبادرون إلى طلب القربة إلى الله فيرجون رحمته ويخافون عذابه، فإذا كانوا كذلك كانوا جملة من العبيد فكيف يُدعون مع الله تعالى، وهم مشغولون بأنفسهم يدعون الله ويتوسلون إليه بعبادته. مناسبة الآية للباب: أنها تدل على أن معنى التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله هو ترك ما عليه المشركون من دعوة الصالحين والاستشفاع بهم إلى الله في كشف الضر أو تحويله؛ لأن ذلك هو الشرك الأكبر. ما يستفاد من الآية: 1- الرد على الذين يدعون الأولياء والصالحين في كشف الضر أو جلب النفع بأن هؤلاء المدعوين لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاًَ فكيف يملكون ذلك لغيرهم. 2- بيان شدة خوف الأنبياء والصالحين من الله وبيان رجائهم لرحمته. ص -63- وقوله: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ، إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ} [الزخرف: 26، 27]. براءٌ مما تعبدون: أي بريءٌ من جميع معبوداتكم. إلا الذي فطرني: أي خلقني وهو الله فهو معبودي وحده. المعنى الإجمالي للآية: أنه يخبر سبحانه عن عبده ورسوله وخليله أنه تبرَّأ من كل ما يعبد أبوه وقومه، ولم يستثن إلا الذي خلقه وهو الله، فهو يعبده وحده لا شريك له. مناسبة الآية للباب: أنها دلَّت على أن معنى التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله هو البراءة من الشرك وإفراد الله بالعبادة. فإن لا إله إلا الله تشتمل على النفي الذي عبَّر عنه الخليل بقوله: {إِنَّنِي بَرَاء}، والإثبات الذي عبَّر عنه بقوله: {إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي}. ما يستفاد من الآية: 1- أن معنى لا إله إلا الله توحيدُ الله بإخلاص العبادة له والبراءة من عبادة كل ما سواه. 2- إظهار البراءة من دين المشركين. 3- مشروعية التبري من أعداء الله ولو كانوا أقرب الناس. ص -64- وقوله تعالى: {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة: 31](1). اتخذوا: أي جعل اليهود النصارى. أحبارهم: أي علماءهم. ورهبانهم: أي عبّادهم. أرباباً: أي مشرِّعين لهم يحلِّلون ويحرِّمون؛ لأن التشريع من خصائص الرب فمن أطاع مخلوقاً فيه فقد اتخذه رباً. والمسيح ابن مريم: أي واتخذوا عيسى عليه السلام رباً بعبادتهم له. سبحانه عما يشركون: أي تنزه الله تعالى وتقدّس عن الشركاء والنُّظراء. المعنى الإجمالي للآية: يخبر الله سبحانه عن اليهود والنصارى (1) فقد فسَّر هذه الآية رسول الله –صلى الله عليه وسلم- لعدي بن حاتم عندما دخل على رسول الله –صلى الله عليه وسلم فسمعه يقرأ هذه الآية، فقال عدي: إنهم لم يعبدوهم؟! فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم: "بلى إنهم حرّموا عليهم الحلال وحلّلوا لهم الحرام فاتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم". أخرجه الترمذي برقم (3094) وهو حديث حسن. وابن أبي شيبة في مصنفه (7/167 رقم 34925). ص -65- أنهم استنصحوا الرجال من العلماء والعباد فأطاعوهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحله، فنزَّلوهم بذلك منزلة الرب الذي من خصائصه التحليل والتحريم، كما عبد النصارى عيسى وزعموا أنه ابنُ الله، فنبذوا كتاب الله الذي أمرهم فيه بطاعته وحده وعبادته وحده –وهذا إخبار منه سبحانه يتضمن إنكار ما فعلوه- ولذلك نزَّه نفسه عما يتضمنه هذا الفعل من الشرك به. مناسبة الآية للباب: أنها دلت على أن من معنى التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله إفرادَ الله بالطاعة في تحليل ما أحل وتحريم ما حرم، وأن من اتخذ شخصاً من دون الله يحلل ما أحل ويحرم ما حرَّم فهو مشرك. ما يستفاد من الآية: 1- أن معنى التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله طاعةَ الله في التحليل والتحريم. 2- أن من أطاع مخلوقاً في تحليل الحرام وتحريم الحلال فقد اتخذه شريكاً لله. 3- الرد على النصارى في اعتقادهم في المسيح عليه السلام وبيانُ أنه عبدُ الله. 4- تنزيه الله عن الشرك. ص -66- وقوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ} [البقرة: 165]. من الناس: فريقٌ من الناس. من دون الله: أي غير الله. أنداداً: أي أمثالاً ونظراء. يحبونهم: المحبة إرادة ما تراه أو تظنه خيراً والرغبة فيه. كحب الله: أي يسوونهم به في المحبة المقتضية للذل للمحبوب والخضوع له. ولو يرى: لو يعلم. إذ يرون العذاب: وقت ما يعايِنونه. أن القوة لله: لأن القدرة والغلبة له وحده. المعنى الإجمالي للآية: ذكر الله سبحانه وتعالى حال المشركين به في الدنيا ومآلهم في الآخرة حيث جعلوا لله أمثالاً ونظراءَ ساوُوهم به المحبة، ثم ذكر حال المؤمنين الموحديث أنهم يحبون الله حباً يفوق حب أصحاب الأنداد لأندادهم أو يفوق حب أصحاب الأنداد لله، لأن حب المؤمنين لله خالص، وحب أصحاب الأنداد لله مشترك، ثم توعّد هؤلاء المشركين به بأنهم لو علموا ما يعايِنون يوم القيامة وما يحل بهم من الأمر الفظيع والعذاب الشديد على شركهم وتفرُّد الله سبحانه بالقدرة والغلبة ص -67- دون أندادهم لانتهوا عما هم فيه من الضلال، لكنهم لم يتصوروا ذلك ويؤمنوا به. مناسبة الآية للباب: أنها من النصوص المبينة لتفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله. حيث دلّت على أن من اتخذ نِداً مع الله يحبه كمحبة الله فقد أشرك، فعُلم أن معنى التوحيد أن يُفرد الرب بهذه المحبة التي تستلزم إخلاص العبادة له وحده والذل والخضوع له وحده. ما يستفاد من الآية: 1- أن من معنى التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله إفرادُ الله تعالى بالمحبة المقتضية للذل والخضوع. 2- أن المشركين يحبون الله حباً عظيماً ولم يدخلهم ذلك في الإسلام، لأنهم أشركوا معه غيره فيها. 3- أن الشرك ظلم. 4- الوعيد للمشركين يوم القيامة. ص -68- وفي الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من قال لا إله إلا الله وكَفَر بما يُعبد من دون الله حرُم ماله ودمه وحسابُه على الله عز وجل"(1) وشرحُ هذه الترجمة ما بعدَها من الأبواب. في الصحيح: أي صحيح مسلم. حرم ماله ودمه: أي مُنع أخذ ماله وقتله بناء على ما ظهر منه. وحسابه على الله: أي الله تعالى هو الذي يتولى حسابَ من تلفَّظ بهذه الكلمة، فيجازيه على حسب نيته واعتقاده. الترجمة: ترجمة الكتاب والباب فاتحتُه. والمراد بها هنا قولُه: باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله. المعنى الإجمالي للحديث: يبين –صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث أنه لا يحرُم قتلُ الإنسان وأخذُ ماله إلا بمجموع أمرين: الأول: قول لا إله إلا الله. الثاني: الكفر بما يُعبد من دون الله. فإذا وُجد هذان الأمران وجب الكفُّ عنه ظاهراً وتفويضُ باطنه إلى الله، فإن كان صادقاً في قلبه جازاه بجنات النعيم، وإن كان منافقاً عذّبه العذاب الأليم، وأما في الدنيا فالحكم على الظاهر. مناسبة الحديث للباب: أنه من أعظم ما يبين معنى لا إله إلا الله: (1) أخرجه مسلم برقم (23)، وأحمد في المسند (3/472). ص -69- وأنه الكفر بما يُعبد من دون الله. ما يستفاد من الحديث: 1- أن معنى: لا إله إلا الله هو الكفر بما يعبد من دون الله من الأصنام والقبور وغيرها. 2- أن مجرد التلفظ بلا إله إلا الله مع عدم الكفر بما يُعبد من دون الله لا يحرِّم الدم والمال ولو عرَف معناها وعمل به. ما لم يضف إلى ذلك الكفر بما يعبد من دون الله. 3- أن من أتى بالتوحيد والتزم شرائعه ظاهراً وجب الكف عنه حتى يتبين منه ما يخالف ذلك. 4- وجوب الكف عن الكافر إذا دخل شرائعه ظاهرا وجب الكف عنه حتى يتبين منه ما يخالف ذلك. 5- أن الإنسان قد يقول: لا إله إلا الله ولا يكفر بما يُعبد من دونه. 6- أن الحكم في الدنيا على الظاهر، وأما في الآخرة فعلى النيات والمقاصد. 7- حرمة مال المسلم ودمه إلا بحق. ومعنى قول المصنف: "وشرح هذه الترجمة ما بعدها من الأبواب": أن ما يأتي بعد هذا الباب من الأبواب في ما يبين التوحيد ويوضح معنى "لا إله إلا الله" وبيان أشياء كثيرة من الشرك الأصغر والأكبر وما يوصل إلى ذلك من الغلو والبدع مما يجب تركه من مضمون لا إله إلا الله. المصدر : http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 10-01-2015 الساعة 03:17PM |
#8
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم الملخص في شرح كتاب التوحيد لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- ص -70- باب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه وقول الله تعالى: {قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} [الزمر: 38]. مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: أنه يتضمن ذكر شيء مما يضاد التوحيد، وهو التماس رفع الضر أو دفعه من غير الله للتحذير منه، فإن التوحيد يُعرف بضده. من الشرك: من تبعيضية: أي من الشرك الأكبر إن اعتقد أن هذه الأشياء تنفع أو تضر بذاتها، أو من الشرك الأصغر إن اعتقد أنها سببٌ للنفع والضر. الحلقة: كل شيء مستدير. ونحوهما: من كل ما يُلبس أو يُعلَّق لهذا الغرض. رفع البلاء: إزالته بعد نزوله. ودفعه: منعه قبل نزوله. أفرأيتم: أخبروني. ما تدعون: تسألونه جلب الخير ودفع الضر. من دون الله: غيره من الأنداد والآلهة. ص -71- بضر: بمرضٍ أو فقرٍ أو بلاءٍ أو شدة. هل هن كاشفات ضُره: أي لا تقدر على ذلك. برحمة: أي: بصحة وعافية وخير وكشف بلاء. حسبي الله: أي الله كافيني وكافي من توكل عليه. المعنى الإجمالي للآية: يأمر الله نبيه محمداً – صلى الله عليه وسلم- أن يسأل المشركين سؤالَ إنكار عن أصنامهم التي يعبدونها مع الله هل تقدرُ على النفع والضر؟ فلا بد أن يعترفوا بعجزِها عن ذلك، فإذا كان كذلك بطلت عبادتُها من دون الله. مناسبة الآية للباب: أن فيها دليلاً على بطلان الشرك. ولبس الحلقة والخيط من ذلك، لا يكشف الضر ولا يمنع منه. ما يستفاد من الآية: 1- بطلان الشرك لأن كل ما يعبد من دون الله، لا يملك ضراً ولا نفعاً لعابده. 2- التحذير من لبس الحلقة والخيط وغيرها لجلب النفع أو دفع الضر، لأنه شرك من جنس ما يراد من الأصنام. 3- مشروعية مناظرة المشركين لإبطال الشرك. 4- وجوب الاعتماد على الله وحده وتفويض الأمور كلها إليه. ص -72- عن عمران بن حصين: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلاً في يده حلقة من صُفْر، فقال: "ما هذه؟" قال: مِن الواهِنة. فقال: "انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهْناً، فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبداً""1" رواه أحمد بسند لا بأس به. عمران: هو عمران بن حصين بن عبيد بن خلف الخزاعي، صحابيٌ ابن صحابي، أسلم عام خيبر ومات سنة 52هـ بالبصرة. ما هذه؟ استفهام إنكار. الواهنة: نوعٌ من المرض يصيب اليد. انزعها: اطرحها والنزعُ هو الجذب بقوة. وهناً: ضعفاً. ما أفلحت: الفلاح هو الفوز والظفر والسعادة. المعنى الإجمالي للحديث: يذكر لنا عمران بن حصين رضي الله عنهما موقفاً من مواقف رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في محاربة الشرك وتخليص الناس منه، ذلك الموقفُ: أنه أبصر رجلاً لابساً حلقة مصنوعة من الصفر، فسأله عن الحامل له على لبسها؟ فأجاب الرجل أنه لبسها لتعصِمه من الألم، فأمر بالمبادرة بطرحها، وأخبره أنها لا تنفعه بل تضره، وأنها "1" أخرجه أحمد في المسند "4/445" وابن حبان كما في الموارد برقم "1410، 1411"، وابن ماجه برقم "3531"، والحاكم في المستدرك "4/216"، وصححه ووافقه الذهبي. ص -73- تزيد الداء الذي لبست من أجله، وأعظم من ذلك لو استمرت عليه إلى الوفاة حُرم الفلاح في الآخرة أيضاً. مناسبة الحديث للباب: أنه يدل على المنع من لبس الحلقة لدفع البلاء؛ لأن ذلك من الشرك المنافي للفلاح. ما يستفاد من الحديث: 1- أن لبس الحلقة وغيرها للاعتصام بها من الأمراض من الشرك. 2- النهي عن التداوي بالحرام. 3- إنكار المنكر وتعليم الجاهل. 4- ضرر الشرك في الدنيا والآخرة. 5- استفصال المفتي واعتبار المقاصد. 6- أن الشرك الأصغر أكبر الكبائر. 7- أن الشرك لا يُعذر فيه بالجهل. 8- التغليظ في الإنكار على من فعل شيئاً من الشرك؛ لأجل التنفير منه. ص -74- وله عن عقبة بن عامر مرفوعاً: "من تعلَّقَ تميمةً فلا أتمَّ الله له. ومن تعلق وَدْعَة فلا وَدَعَ الله له""1" وفي رواية: "من تعلق تميمة فقد أشرك""2". عقبة بن عامر: هو عقبة بن عامر الجهني صحابي مشهور، وكان فقيهاً فاضلاً وَلِيَ إمارة مصر لمعاوية ثلاث سنين، ومات قريباً من الستين. وله: أي وروى الإمام أحمد. تعلَّق تميمة: أي علَّقها عليه أو على غيره معتقداً بها. والتميمة خرزات كانت العرب تعلقها على أولادهم يتَّقون بها العين. فلا أتم الله له: دعاءٌ عليه بأن لا يتم الله أموره. ودعة: الودعة شيءٌ يخرج من البحر يشبه الصدف يتقون به العين. فلا ودَع الله له: أي لا جعله في دعة وسكون. أو لا خفَّف الله عنه ما يخافه. وفي رواية: أي وروى الإمام أحمد من حديث آخر. المعنى الإجمالي للحديثين: أن النبي –صلى الله عليه وسلم- يدعو على من استعمل التمائم يعتقد فيها دفع الضرر بأن يعكس الله قصده ولا يتم له أموره، كما "1" أخرجه أحمد في المسند "4/154" وابن حبان كما في الموارد برقم "1413"، والحاكم في المستدرك "4/417". "2" أخرجها أحمد في مسنده "4/156" والحاكم "4/417". ص -75- أنه – صلى الله عليه وسلم- يدعو على من استعمل الودع لنفس القصد السابق أن لا يتركه الله في راحة واطمئنان، بل يحرك عليه كل مؤذٍ –وهذا الدعاء يقصد منه التحذير من الفعل- كما أنه يخبر –صلى الله عليه وسلم- في الحديث الثاني أن هذا العمل شرك بالله. مناسبة الحديثين للباب: أن فيهما دلالة على تحريم تعليق التمائم والودَع واعتباره شركاً؛ لما يقوم بقلب المعلِّق لها من الاعتماد على غير الله. ما يستفاد من الحديثين: 1- تعليق التمائم والودع من الشرك. 2- أن من اعتمد على غير الله عامله الله بنقيض قصدِه. 3- الدعاء على من علَّق التمائم والودَع بما يفوت عليه مقصوده ويعكس عليه مراده ص -76- ولابن أبي حاتم عن حذيفة: "أنه رأى رجلاً في يده خيطٌ من الحمَّى فقطعَه، وتلا قوله: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ} [يوسف: 106]. ولابن أبي حاتم: أي وروى ابن أبي حاتم – صاحب كتاب الجرح والتعديل. عن حذيفة: هو ابن اليمان العبسي حليف الأنصار صحابي جليل من السابقين الأولين، مات سنة 36هـ رضي الله عنه. من الحُمَّى: أي للوقاية من الحمى فلا تصيبه بزعمه. وتلا: أي قرأ الآية مستدلاً بها على إنكار ما رأى. معنى الأثر إجمالاً: أن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أبصر رجلاً قد ربط في عضده خيطاً يتقي به مرض الحمى فأزاله عنه منكِراً فعله هذا، واستدل بالآية التي أخبر الله فيها أن المشركين يجمعون بين الإقرار بتوحيد الربوبية والشرك في العبادة. مناسبة الأثر للباب: أن فيه اعتبار لبس الخيط –لدفع المرض- شركاً يجب إنكاره. ما يستفاد من الأثر: 1- إنكار لبس الخيط لرفع البلاء أو دفعه، وأنه شرك. 2- وجوب إزالة المنكر لمن يقدر على إزالته. 3- صحة الاستدلال بما نزل في الشرك الأكبر على الشرك الأصغر لشموله له. 4- أن المشركين يقرون بتوحيد الربوبية ومع هذا هم مشركون، لأنهم لم يخلصوا في العبادة. المصدر : http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 10-01-2015 الساعة 03:18PM |
#9
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الملخص في شرح كتاب التوحيد لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- ص -77- باب ما جاء في الرقي والتمائم في الصحيح عن أبي بَشِير الأنصاري رضي الله عنه أنه كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في بعض أسفاره فأرسل رسولاً: "أن لا يَبْقَيَنَّ في رقبةِ بعيرٍ قِلادةٌ من وَتَر أو قلادةٌ إلا قُطِعَتْ""1". مناسبة الباب لكتاب التوحيد: أنه استمرارٌ في ذكر الأشياء التي تخل بعقيدة التوحيد من الرقى والتمائم الشركية. ما جاء في الرقى والتمائم: أي: من النهي عما لا يجوز منها. في الصحيح: أي في الصحيحين. عن أبي بشير: هو صحابيٌّ شهد غزوة الخندق، ومات بعد الستين. قلادةٌ: ما يعلَّق في رقبة البعير وغيره. وترٍ: واحد أوتار القوس. أو قلادةٌ: شكٌّ من الراوي هل القلادة بقيدة بكونها من وتر أو مطلقة من الوتر وغيره. المعنى الإجمالي للحديث: أن النبي – صلى الله عليه وسلم- بعث في بعض أسفاره "1" أخرجه البخاري برقم "3005" ومسلم برقم "2115" وأبو داود برقم "2552". ص -78- من ينادي في الناس بإزالة القلائد التي في رقاب الإبل التي يُراد بها دفع العين ودفع الآفات، لأن ذلك من الشرك الذي تجب إزالته. مناسبة الحديث للباب: من حيثُ إنه يدل على أن تقليد الإبل ونحوِها الأوتارَ وما في معناها لدفع الآفات حرامٌ وشرك، لأنه من تعليق التمائم المحرمة. ما يستفاد من الحديث: 1- أن تعليق الأوتار – لدفع الآفات- في حكم التمائم في التحريم. 2- إزالة المنكر. 3- تبليغ الناس ما يصون عقيدتهم. ص -79- وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الرُّقى والتمائم والتِّوَلة شرك" رواه أحمد وأبو داود"1". سيأتي شرح المفردات في كلام المصنف رحمه الله. المعنى الإجمالي للحديث: أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- يخبر أن استعمال هذه الأشياء لقصد دفع المضار وجلب المصالح من عند غير الله شركٌ بالله لأنه لا يملك دفع الضر وجلب الخير إلا الله سبحانه، وهذا الخبر معناه النهيُ عن هذا الفعل. مناسبة الحديث للباب: أن فيه بيانَ أن استعمال هذه الأشياء المذكورة شركٌ يخل بالتوحيد. ما يستفاد من الحديث: 1- الحث على صيانة العقيدة عما يخل بها وإن كان يتعاطاه كثيرٌ من الناس. 2- تحريم استعمال هذه الأشياء المذكورة فيه. 3- أن هذه الثلاث المذكورة شركٌ من غير استثناء. "1" أخرجه أحمد "1/381"، وأبو داود برقم "3883" وابن ماجه برقم "3530"، والحاكم في المستدرك "4/418"، وصححه ووافقه الذهبي. ص -80- التمائم: شيء يُعلَّق على الأولاد من العين. لكن إذا كان المعلَّق من القرآن فرخَّص فيه بعضُ السلف وبعضهم لم يرخِّص فيه، ويجعله من المنهي عنه، منهم ابن مسعود رضي الله عنه. والرُّقى"1": هي التي تسمى العزائم. وخَصَّ منه الدليلُ ما خلا من الشرك. فقد رخص فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- من العين والحُمَة"2". والتِّوَلة: شيء يصنعونه يزعمون أنه يُحبِّب المرأة إلى زوجها، والرجلَ إلى امرأته. يعلق على الأولاد: أي بأعناق الصبيان. من العين؛ أي لدفع الإصابة بالعين. العزائم: جمع عزيمة، قيل هي آياتٌ من القرآن تقرأُ على ذوي العاهات أو تقرأُ في ماءٍ ويُسقاه المريض. أو تكتب في صحن ونحوه وتمحى الكتابة بماء ونحوه ويسقاه المريض. وخص منه: أي أخرج من عمومه. الدليل: وهو قوله –صلى الله عليه وسلم-: "لا رقية إلا من عين أو حُمَة" كما سبق في باب: "من حقق التوحيد". ما خلا من الشرك: أي الاستعانة بغير الله بأن كانت بأسماء الله وصفاته وآياته والمأثورُ عن النبي – صلى الله عليه وسلم-. "1" سبق بيان معناها في باب "من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب". "2" سبق بيان معناها في باب "من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب". ص -81- وحاصل ما ذكره المصنف رحمه الله في حكم هذه الأشياء المذكورة ما يلي: 1- أن الرقية تنقسم إلى قسمين: قسم مشروع وقسم ممنوع: فالمشروع ما خلا من الشرك، والممنوع ما كان فيه شرك. 2- أن التمائم تنقسم إلى قسمين: قسم ممنوع بالإجماع: وهو ما كان يشتمل على شرك، وقسم مختلف فيه وهو ما كان من القرآن. قيل: إنه جائز، وقيل: إنه ممنوع، والصحيح أنه ممنوع سداً للذريعة وصيانة للقرآن. 3- التولة ممنوعة من غير خلافٍ، لأنها نوع من السحر. ص -82- وعن عبد الله بن عُكيم مرفوعاً: "من تعلق شيئاً وُكِل إليه". رواه أحمد والترمذي"1". عبد الله بن عُكيم: ويكنى أبا معبد الجهني الكوفي أدرك زمن النبي –صلى الله عليه وسلم- ولا يُعرف أنه سمع منه. مرفوعاً: أي إلى النبي –صلى الله عليه وسلم-. من تعلق شيئاً: أي التفت قلبُه إلى شيءٍ يعتقد أنه ينفعه أو يدفع عنه. وُكِل إليه: أي وكله الله إلى ذلك الشيء الذي تعلَّقَه من دونه وخذله. المعنى الإجمالي للحديث: هذا حديثٌ وجيز اللفظ عظيم الفائدة يخبر فيه النبي –صلى الله عليه وسلم- أن من التفت بقلبه أو فعله أو بهما جميعاً إلى شيء يرجو منه النفع أو دفع الضر وكله الله إلى ذلك الشيء الذي تعلَّقه، فمن تعلَّق بالله كفاه ويسَّر له كل عسير، ومن تعلق بغيره وكله الله إلى ذلك الغير وخذله. مناسبة الحديث للباب: أن فيه النهي والتحذير من التعلُّق على غير الله في جلب المنافع ودفع المضار. ما يستفاد من الحديث: 1- النهي عن التعلق بغير الله. "1" أخرجه أحمد في المسند "4/211" والترمذي برقم "2073". ص -83- 2- وجوب التعلق بالله في جميع الأمور. 3- بيان مضرة الشرك وسوء عاقبته. 4- أن الجزاء من جنس العمل. 5- أن نتيجة العمل ترجع إلى العامل خيراً أو شراً. ص -84- وروى الإمام أحمد عن رُويفِع –رضي الله عنه- قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا رويفع، لعل الحياة تطول بك فأخبر الناس أن من عقد لحيته أو تقلَّد وتراً أو استنجى برجيعِ دابةٍ أو عظمٍ فإن محمداً بريء منه""1". رُوَيفِع: هو: رويفع بن ثابت بن السكن بن عدي بن الحارث من بني مالك بن النجار الأنصاري وَلِيَ برقة وطرابلس فافتتح إفريقية سنة 47 وتوفي ببرقة سنة 56هـ. عقد لحيته: قيل: معناه ما يفعلونه في الحروب من فتلِها وعقدها تكبُّراً. وقيل: معناه معالجة الشعر؛ ليتعقَّد ويتجعَّد على وجه التأنُّث والتنعم. وقيل: المراد عقدُها في الصلاة أو كفها. تقلد وتراً: جعله قلادة في عنقه أو عنق دابته من أجل الوقاية من العين. استنجى: أي أزال النجوَ –وهو العذرة- عن المخرج. برجيع دابة: الرجيع: الروث. سُمِّي رجيعاً لأنه رجع عن حالته الأولى بعد أن كان علَفاً. بريءٌ منه: هذا وعيد شديد في حق من فعل ذلك. المعنى الإجمالي للحديث: يخبر –صلى الله عليه وسلم- أن هذا الصحابي سيطول عمرُه حتى يدرك أناساً يخالفون هديه –صلى الله عليه وسلم- في اللحى الذي هو توفيرُها "1" أخرجه أحمد "4/108، 109"، وأبو داود برقم "36". ص -85- وإكرامُها إلى العبث بها على وجهٍ يتشبهون فيه بالأعاجم أو بأهل الترف والميوعة. أو يُخلُّون بعقيدة التوحيد باستعمال الوسائل الشركية فيلبسون القلائد أو يُلبسونها دوابَّهم يستدفعون بها المحذور. أو يرتكبون ما نهى عنه نبيهم من الاستجمار بروث الدواب والعظام. فأوصى النبي –صلى الله عليه وسلم- صاحبه أن يبلغ الأمة أن نبيها يتبرأ ممن يفعل شيئاً من ذلك. مناسبة الحديث للباب: أن فيه النهي عن تقليد الأوتار لدفع المحذورات وأنه شرك؛ لأنه لا يقدر على ذلك إلا الله. ما يستفاد من الحديث: 1- عَلَم من أعلام النبوة، فإن رويفعاً طالت حياته إلى سنة 56هـ. 2- وجوب إخبار الناس بما أُمِروا به ونُهوا عنه مما يجب فعله أو تركه. 3- مشروعية إكرام اللحية وإعفائها وتحريم العبث بها بحلق أو قص أو عقد أو تجعيد أو غير ذلك. 4- تحريم اتخاذ القلادة لدفع المحذور، وأنه شرك. 5- تحريم الاستنجاء بالروث والعظم. 6- أن هذه الجرائم المذكورة من الكبائر. ص -86- وعن سعيد بن جبير قال: "من قطع تميمة من إنسان كان كعِدل رقبة". رواه وكيع. وله عن إبراهيم: كانوا يكرهون التمائم كلها من القرآن وغير القرآن. وكيع: هو: وكيع بن الجراح ثقة إمامٌ صاحب تصانيفَ مات سنة 197هـ. إبراهيم: هو الإمام إبراهيم النخعي ثقة من كبار الفقهاء مات سنة 96هـ. كعدل رقبة: أي كان له مثل ثواب من أعتق رقبة. وله: أي وروى وكيع أيضا. وكانوا: أي أصحاب عبد الله بن مسعود وهم منا سادات التابعين. معنى الأثرين إجمالاً: الإخبار أن من أزال عن إنسان ما يعلِّقه على نفسه لدفع الآفات فله من الثواب مثل ثواب من أعتق رقبة من الرق؛ لأن هذا الإنسان صار بتعليق التمائم مستعبداً للشيطان فإذا قطعها عنه أزال عنه رِقَّ الشيطان. ويحكي إبراهيم النخعي عن بعض سادات التابعين أنهم يعمِّمون المنع من تعليق التمائم ولو كانت مكتوباً فيها قرآنٌ فقط سداً للذريعة. مناسبة الأثرين للباب ظاهرة: فإن فيهما حكاية المنع من تعليق التمائم مطلقاً عن هؤلاء الأجلاء من سادات التابعين. ما يستفاد من الأثرين: ص -87- 1- فضل قطع التمائم؛ لأن ذلك من إزالة المنكر وتخليص الناس من الشرك. 2- تحريم تعليق التمائم مطلقاً ولو كانت من القرآن عند جماعة من التابعين. 3- حرص السلف على صيانة العقيدة عن الخرافات. المصدر : http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 10-01-2015 الساعة 03:19PM |
#10
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الملخص في شرح كتاب التوحيد لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- ص -88- باب من تبرك بشجرة أو حجر ونحوهما وقول الله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى، وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى، أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى، تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى، إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى} [النجم: 19-23]. مناسبة الباب لكتاب التوحيد: أنه استمرارٌ في ذكر الشركيات المنافية للتوحيد، أو كماله. تبرك: التبرك: طلب البركة ورجاؤها واعتقادُها. ونحوهما: ما أشبههما من بقعة أو مغارة أو قبر أو مشهد أو أثر. أفرأيتم: أخبِروني عن هذه الأصنام هل نفعت أو ضرَّت. اللات: قُرِئَ بتخفيف التاء وقُرِئَ بتشديدها فعلى القراءة الأولى هي: اسم صخرةٍ بيضاء منقوشة عليها بيتٌ بالطائف وعلى القراءة الثانية: هي اسم فاعلٍ من لتَّ. لرجل كان يلِتُّ السويق للحاج"1" فمات فعكفوا على قبره. العُزَّى: شجرةُ سمرٍ قد بني حولها وجعل لها أستارٌ بين مكة "1" أخرجه البخاري عن ابن عباس برقم "4859". ص -89- والطائف. مناة: صنمٌ بالمشلل بين مكة والمدينة. الثالثة الأخرى: ذمٌّ لها بالتأخر. أي المتأخرة الوضيعة المقدار. ألكم الذكر: تجعلون لكم ما تحبُّون وهو الذكر. وله الأنثى: تجعلون له الإناث حيثُ تقولون: الملائكة بنات الله. ضِيزى: جورٌ وباطل. أسماء: مجرّد تسمية. سمَّيتموها: من تلقاء أنفسكم. من سلطان: أي من حجة وبرهان على ألوهيتها. إن يتبعون: ما يتبعون أي: ليس لهم مستند. إلا الظن: أي حسن ظنِّهم بآبائهم. وما تهوى الأنفس: حظوظ أنفسِهم في الرئاسة. الهدى: إرسالُ الرسل بالحجة الواضحة والحق المنير. المعنى الإجماليّ للآيات: يحاجُّ تعالى المشركين في عبادتهم ما لا يعقِل من هذه الأوثان الثلاثة ماذا أجدتهم، ويوبخهم على جَورهم في القسمة حيث نزَّهوا أنفسهم عن الإناث وجعلوها لله. ثم يطالبهم بالبرهان على صحة عبادة هذه الأصنام ويبين أن الظن ورغبة النفوس لا يكونان حجةً على هذا المطلب. وإنما الحجة في ذلك ما جاءت به الرسلُ من البراهين الواضحة والحججِ القاطعة على وجوب عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام. مناسبة الآيات للباب: أن فيها تحريم التبرك بالأشجار والأحجار واعتباره شركاً، فإن عُبَّاد هذه الأصنام المذكورة إنما كانوا يعتقدون ص -90- حصول البركة منها بتعظيمها ودعائها. فالتبرك بالقبور كالتبرك باللات. وبالأشجار والأحجار كالتبرك بالعزى ومناة. ما يستفاد من الآيات: 1- أن التبرك بالأشجار والأحجار شرك. 2- مشروعية مجادلة المشركين لإبطال الشرك وتقرير التوحيد. 3- أن الحكم لا يثبُت إلا بدليل مما أنزل الله لا مجرد الظن وهوى النفس. 4- أن الله قد أقام الحجة بما أرسل من الرسل وأنزل من الكتب. ص -91- عن أبي واقد الليثي قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إلى حُنَين ونحن حُدَثاء عهد بكفر وللمشركين سِدْرة يعكُفون عندها ويَنُوطُون بها أسلحتهم يقال لها: ذات أنواط. فمررنا بسِدْرة فقلنا يا رسول الله، اجعل لنا ذاتَ أنواط كما لهم ذاتُ أنواط فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "الله أكبر -إنها السُّنَن- قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: {اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} [الأعراف: 138] لتركبُن سَنَنَ من كان قبلكم""1" رواه الترمذي وصححه. أبو واقد الليثيّ: هو الحارث بن عوفٍ صحابيٌّ مشهور مات سنة 68هـ وله 85 سنة. حُنَيْن: وادٍ يقع شرقي مكة بينه وبينها بضعةُ عشر ميلاً، قاتل فيه رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قبيلة هوازِن. حُدَثاءُ عهدٍ بكُفْرٍ: قريبٌ عهدنا بالكفر. يعكِفون: يقيمون عندها ويعظِّمونها ويتبركون بها. ينوطون أسلحتهم: يعلِّقونها عليها للبركة. أنواط: جمع نَوْطٍ: وهو مصدرٌ سُمِّي به المنوطُ، سمِّيت بذلك لكثرة ما يناط بها من السلاح لأجل التبرك. "1" أخرجه الترمذي برقم "2181" وأحمد في المسند "5/218" وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.. ص -92- اجعل لنا ذات أنواط: سألوه أن يجعل لهم مثلها. الله أكبر: أجلُّ وأعظم صيغة تعجب. السُّنن: بضمِّ السين: الطرق أي سلكتم كما سلك من قبلكم الطرق المذمومة. إسرائيل: هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليهم الصلاة والسلام. سُنن من كان قبلكم: بضم السين طرُقهم ويجوز فتح السين بمعنى طريقِهم. المعنى الإجمالي للحديث: يخبر أبو واقد عن واقعةٍ فيها عجبٌ وموعظة وهي أنهم غزوا مع رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قبيلة هوازن وكان دخولهم في الإسلام قريباً فخفي عليهم أمر الشرك. فلما رأوا ما يصنع المشركون من التبرك بالشجرة طلبوا من الرسول –صلى الله عليه وسلم- أن يجعل لهم شجرة مثلَها. فكبَّر النبي –صلى الله عليه وسلم- استنكاراً وتعظيماً لله وتعجُّباً من هذه المقالة. وأخبر أن هذه المقالة تشبه مقالة قوم موسى له لما رأوا من يعبد الأصنام: {اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} وأن هذا جريانٌ على طريقتهم. ثم أخبر –صلى الله عليه وسلم- أن هذه الأمة ستتبع طريقة اليهود والنصارى وتسلك مناهجَهم وتفعل أفعالهم وهو خبرٌ معناه الذم والتحذير من هذا الفعل. مناسبة الحديث للباب: أن فيه دليلاً على أن التبرك بالأشجار وغيرها شركٌ وتأليه مع الله. ما يستفاد من الحديث: 1- أن التبرك بالأشجار شركٌ ومثلها الأحجار وغيرها. 2- أن المنتقل من الباطل الذي اعتاده لا يُؤمن أن يكون في قلبِه بقيةٌ من ص -93- تلك العادة. 1- أن سبب عبادة الأصنام هو تعظيمُها والعكوفُ عندها والتبرك بها. 2- أن الإنسان قد يستحسن شيئاً يظنه يقربه إلى الله وهو يبعده عنه. 3- أنه ينبغي للمسلم أن يسبح ويكبر إذا سمع ما لا ينبغي أن يقال في الدين وعند التعجب. 4- الإخبار عن وقوع الشرك في هذه الأمة وقد وقع. 5- عَلَم من أعلام نبوته –صلى الله عليه وسلم- حيثُ وقع الشرك في هذه الأمة كما أخبر –صلى الله عليه وسلم-. 6- النهيُ عن التشبه بأهل الجاهلية واليهود والنصارى، إلا ما دلّ الدليل على أنه من ديننا. 7- أن الاعتبار في الأحكام بالمعاني لا بالأسماء، لأن النبي –صلى الله عليه وسلم- جعل طلبتهم كطلبة بني إسرائيل ولم يلتفت إلى كونهم سمُّوها ذات أنواط. المصدر : http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 10-01-2015 الساعة 03:21PM |
#11
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الملخص في شرح كتاب التوحيد لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- ص -94- باب ما جاء في الذبح لغير الله وقول الله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 162، 163]. مناسبة الباب لكتاب التوحيد: أن فيه بياناً لنوع من أنواع الشرك المضاد للتوحيد. ما جاء في الذبح لغير الله: أي من الوعيد وفي بيان حكمه. نُسُكي: ذبحي. محياي: ما آتيه في حياتي. مماتي: ما أموت عليه من الإيمان والعمل الصالح. وبذلك أُمرت: أي أمرني ربي بالإخلاص في العبادة. أول المسلمين: أي أول من يمتثل من هذه الأمة. المعنى الإجمالي للآية: يأمر الله نبيه أن يقول للمشركين الذين يعبدون غير الله ويذبحون لغيره: إني أخلص لله صلاتي وذبحي وما أحيا وما أموت عليه من الإيمان والعمل الصالح، أصرف كل ذلك له وحدَه لا أشرك به أحداً عكْس ما أنتم عليه من الشرك به. مناسبة الآية للباب: أنها تدل على أن الذبح لغير الله شرك. ص -95- ما يستفاد من الآية: 1- أن الذبح لغير الله شركٌ أكبر لأنه قرَنه بالصلاة، فكما أن من صلى لغير الله فقد أشرك فكذلك من ذبح لغيره فقد أشرك. 2- أن الصلاة والذبح من أعظم العبادات. 3- وجوب الإخلاص لله في جميع العبادات. 4- أن العبادات توقيفية –أي متوقفة على أمر الشارع- لقوله: {وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ}. ص -96- وقوله: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2]. فصلِّ لربك: أي لا لغيره. وانحر: أي اذبح. المعنى الإجمالي للآية: يأمر الله نبيه –صلى الله عليه وسلم- أن يخلص له في صلاته وذبيحته مخالفاً للمشركين الذين يعبدون غيرَ الله وينحرون للأوثان. مناسبة الآية للباب: أن الذبح عبادة يجب إخلاصها لله، وصرفها لغيره شرك أكبر. ما يستفاد من الآية: 1- أن الذبح لغير الله شرك أكبر؛ لأنه عبادة، وصرف العبادة لغير الله شركٌ أكبر. 2- أن الصلاة والذبحَ من أعظم العبادات. 3- أن الصلاة والذبح لله من أعظم مظاهر شكر النعم، فإنه أتى بالفاء الدالة على السبب؛ لأن فعل ذلك سببٌ للقيام بشكر ما أعطاه من الكوثر. ص -97- عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: حدثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بأربع كلمات: "لعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من لعن والديه، ولعن الله من آوى مُحْدِثاً، ولعن الله من غير منار الأرض""1" رواه مسلم. لعنَ الله: اللعنة من الله: الطرد والإبعاد، ومن المخلوقين السبُّ والدعاء. ذبح لغير الله: من الأصنام أو الأولياء والصالحين أو الجن أو غير ذلك. لعن والديه: المراد بهما أبوه وأمه وإن علوا، سواءٌ باشر لعنهما أو تسبب فيه بأن يلعن والدَي شخصٍ فيرد عليه بالمثل. آوى: أي ضمَّ وحمى. محدِثاً: بكسر الدال الجاني، وبفتحها هو الأمر المبتدع في الدين، وإيواؤه الرضا به. غيّر منار الأرض: منارُ الأرض هي المراسيم التي تفرِّق بين ملكك وملك جارك، وتغييرها يكون بتقديمها أو تأخيرها. المعنى الإجمالي للحديث: يحذِّر –صلى الله عليه وسلم- أمته من أربع جرائم، فيخبر أن الله تعالى يطرد من رحمته من ارتكب واحدةً منها: الأولى: التقرب بالذبح إلى غير الله، لأنه صرفٌ للعبادة إلى غير "1" أخرجه مسلم برقم "1978". ص -98- مستحقِّها. الثانية: من دعا على والديه باللعنة أو سبَّهما أو تسبب في ذلك بأن يصدرَ منه ذلك في حق أبوي شخص فيردُّ عليه ذلك الشخص بالمثل. الثالثة: من حمى جانياً مستحقاً للحد الشرعي فمنعه من أن يقام عليه الحد، أو رضي ببدعة في الدين وأقرّها. الرابعة: من تصرّف في مراسيم الأرض التي تفرز الحقوق فقدّمها أو أخرها عن مكانها، فينشأ عن ذلك اقتطاع شيءٍ من أرض غيره ظلماً. مناسبة الحديث للباب: أن فيه دليلاً على غلظ تحريم الذبح لغير الله حيث إن فاعله أو من يستحق لعنة الله. ما يستفاد من الحديث:1- أن الذبح لغير الله محرمٌ شديد التحريم وشركٌ في مقدمة الكبائر. 2- أن الذبح عبادةٌ يجب صرفها لله وحده. 3- تحريم لعن الوالدين وسبِّهما مباشرة أو تسبباً. 4- تحريم مناصرة المجرمين وحمايتهم من تطبيق الحد الشرعي عليهم وتحريم الرضا بالبدع. 5- تحريم التصرف في حدود الأرض بتقديم أو تأخير. 6- جواز لعن أنواع الفُساق لأجل الزجر عن المعاصي. ص -99- وعن طارق بن شهاب: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "دخل الجنة رجل في ذباب، ودخل النار رجل في ذباب" قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال: "مر رجلان على قوم لهم صنم لا يجاوزه أحد حتى يقرِّب له شيئاً. قالوا لأحدهما: قَرِّب . قال: ليس عندي شيء أُقرِّب. قالوا: قرب ولو ذباباً. فقرَّب ذباباً فخلّوا سبيله فدخل النار، وقالوا للآخر: قرب. قال: ما كنت لأقرب لأحد شيئاً دون الله عز وجل فضربوا عنقه فدخل الجنة""1". رواه أحمد. طارق بن شهاب: هو طارق بن شهاب البجلي الأحمسي رأى النبي –صلى الله عليه وسلم- ولم يسمع منه. فحديثه مرسل، صحابيٌّ. مات طارقٌ سنة 83هـ رضي الله عنه. في ذباب: أي بسبب ذباب. صنمٌ: ما كان منحوتاً على صورة. لا يجاوزه: لا يمرُّ به ولا يتعداه. يقرِّب: يذبح. المعنى الإجمالي للحديث: يخبر النبي –صلى الله عليه وسلم- عن خطورة الشرك "1" أخرجه أحمد في كتاب الزهد "ص22" وأبو نعيم في الحلية "1/203" وابن أبي شيبة في المصنف "6/477 رقم 33028" موقوفاً على سلمان الفارسي رضي الله عنه. ص -100- وشناعته فيحّث أصحابه ويبدأ حديثه ببداية تجعل النفوس تستغرب وتتطلع إلى سياق الحديث "دخل الجنة رجل في ذباب ودخل النار رجل في ذباب" شيء يسير سبّب أمراً خطيراً، وأوجب السؤال عن تفصيله، وهنا يفصل فيقول: إن رجلين –يظهر أنهما من بني إسرائيل- أرادا العبور عن مكان يحل في ساحته صنم يفرض على من أراد تجاوزه أن يذبح له تقرباً إليه وتعظيماً له، فطلب عبّاد ذلك الصنم من الرجلين التمشي على هذا النظام الشركي، فأما أحدهما فاعتذر بالعدم فقنعوا منه بأيسر شيء، لأن مقصودهم حصول الموافقة على الشرك، فذبح للصنم ذباباً فتركوه يمرّ فدخل بسبب فعله هذا نار جهنم؛ لأنه فعل الشرك ووافقهم عليه وطلبوا من الآخر أن يقرّب للصنم فاعتذر بأن هذا شرك ولا يمكن أن يفعله فقتلوه فدخل الجنة؛ لامتناعه من الشرك. مناسبة الحديث للباب: أنه دل على أن الذبح عبادة، وأن صرفه لغير الله شرك. ما يستفاد من الحديث: 1- بيان خطورة الشرك ولو في شيء قليل. 2- أن الشرك يوجب دخول النار، وأن التوحيد يوجب دخول الجنة. 3- أن الإنسان قد يقع في الشرك وهو لا يدري أنه الشرك الذي يوجب النار. 4- التحذير من الذنوب وإن كانت صغيرة في الحسبان. 5- أن هذا الرجل دخل النار بسببٍ لم يقصدْه ابتداءً وإنما فعله تخلُّصاً من شر أهل الصنم. 6- أن المسلم إذا فعل الشرك أبطل إسلامه ودخل النار؛ لأن هذا ص -101- الرجل كان مسلماً وإلا لم يقل: "دخل النار في ذباب". 7- أن المعتبر عمل القلب وإن صغر عمل الجوارح وقل. 8- أن الذبح عبادة وصرفه لغير الله شركٌ أكبر. 9- فضل التوحيد وعظيم ثمرته. 10- فضيلة الصبر على الحق. المصدر : http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 10-01-2015 الساعة 03:23PM |
#12
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم الملخص في شرح كتاب التوحيد لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- ص -102- باب لا يذبح لله بمكان يذبح فيه لغير الله وقول الله تعالى: {لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108]. مناسبة الباب لكتاب التوحيد: أنه تابعٌ للباب الذي قبله؛ لأن الذي قبله فيه بيان حكم الذبح لغير الله، وهذا الباب فيه منع الوسيلة الموصلة إلى ذلك ومنع التشبه بأهله. يذبح فيه لغير الله: أي أُعد لذلك وقصد لأجله. لا تقم فيه؛ أي لا تصلّ في مسجد الضرار. لمسجد أسس: بني. على التقوى: على طاعة الله ورسوله. المطهرين: الذين يتطهرون من الأنجاس الحسية والمعنوية. المعنى الإجمالي للآية: ينهى الله سبحانه رسوله –صلى الله عليه وسلم- عن الصلاة في مسجد الضرار الذي بناه المنافقون مضارة لمسجد قباء وكفراً بالله ورسوله وطلبوا من الرسول –صلى الله عليه وسلم- أن يصلي فيه؛ ليتخذوا من ذلك حجة يبررون بها عملهم ويسترون بها باطلهم فوعدهم –صلى الله عليه وسلم- أن يفعل ما طلبوا ولم يعلم قصدهم السيء، فنهاه الله عن ذلك وحثه على الصلاة في مسجد قباء الذي بُني على طاعة الله ورسوله أو في مسجده –صلى الله عليه وسلم- على ص -103- اختلافٍ بين المفسرين في ذلك، ثم أثنى على أهل ذلك المسجد بتطهّرهم من الشرك والنجاسات، والله يحب مَن هذه صفته. مناسبة الآية للباب: هي قياس الأمكنة المعدة للذبح لغير الله على المسجد الذي أُعد لمعصية الله في منع عبادة الله فيه، فكما أن هذا المسجد لا تجوز الصلاة فيه لله، فكذلك هذا الموضع الذي أُعد للذبح فيه لغير الله لا يجوز الذبح فيه له سبحانه. ما يستفاد من الآيات: 1- منع الذبح لله في المواضع المعدة للذبح لغيره، قياساً على منع الصلاة في المسجد المؤسس على معصية الله. 2- استحباب الصلاة مع الجماعة الصالحين المتنزهين عن ملابسة القاذورات. 3- إثبات المحبة لله على الوجه اللائق به سبحانه كسائر صفاته. 4- الحث على إسباغ الوضوء والتطهر من النجاسات. 5- أن النية تؤثر في البقاع. 6- مشروعية سد الذرائع المفضية إلى الشرك. ص -104- عن ثابت بن الضحاك قال: نذر رجل أن ينحر إبلاً بِبُوانة فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال: "هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟" قالوا: لا. قال: "فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟" قالوا: لا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "أوف بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم""1" رواه أبو داود وإسنادها على شرطهما. ثابت بن الضحاك: هو ثابت بن الضحاك بن خليفة بن ثعلبة بن عديّ الأشهليّ الخزرجيّ الأنصاريّ صحابيّ مشهورٌ مات سنة 64هـ. نذر: النذر لغة الإيجاب، وشرعاً هو أن يلزم الإنسان نفسه بشيء من العبادات لم يكن لازما ً عليه شرعاً. بوانة: هضبةٌ من وراء ينبع. وثن: الوثن: كل ما عُبد من دون الله من قبر وغيره. عيد: العيد: اسمٌ لما يعود من الاجتماع على وجهٍ معتادٍ. على شرطهما: أي ينطبق عليه شرط البخاري ومسلم الذي هو اتصال السند بالعدول الضابطين من غير شذوذ ولا علة. المعنى الإجمالي للحديث: يذكر الراوي أن رجلاً التزم لربه أن ينحر إبلاً في موضع معين على وجه الطاعة والقربة، وجاء ليسأل النبي –صلى الله عليه وسلم- عن التنفيذ فاستفصل النبي –صلى الله عليه وسلم- عن ذلك المكان هل سبق أن وُجد فيه "1" أخرجه أبو داود برقم "3313". ص -105- شيءٌ من معبودات المشركين أو سبق أن المشركين يعظمونه ويجتمعون فيه فلما علم –صلى الله عليه وسلم- بخلوّ هذا المكان من تلك المحاذير أفتى بتنفيذ النذر، ثم بين –صلى الله عليه وسلم- النذر الذي لا يجوز الوفاء به، وهو ما كان المنذور فيه معصية لله أو لا يدخل تحت ملك الناذر. مناسبة الحديث للباب: أن فيه المنع من الذبح لله في المكان الذي كان فيه وثنٌ من أوثان الجاهلية أو فيه عيدٌ من أعيادهم –ولو بعد زواله-. ما يستفاد من الحديث: 1- المنع من الوفاء بالنذر إذا كان في المكان الذي عُين له وثنٌ ولو بعد زواله. 2- المنع من الوفاء بالنذر بمكان عيدِ الجاهلية ولو بعد زواله. 3- استفصال المفتي من المستفتي قبل الفتوى. 4- سد الذريعة المفضية إلى الشرك. 5- ترك مشابهة المشركين في عبادتهم وأعيادهم وإن كان لا يُقصد ذلك. 6- أن الذبح لله في المكان الذي يذبح فيه المشركون أو يتخذونه محلاً لعيدهم معصية. 7- أن نذر المعصية لا يجوز الوفاء به. 8- أن النذر الذي لا يملكه الناذِر – كأن قال: لله عليَّ أن أعتق عبد فلان. لا وفاء له. 9- وجوب الوفاء بالنذر الخالي من المعصية الداخل تحت ملك الناذر. 10- أن النذر عبادة لا يجوز صرفه لغير الله. المصدر : http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 10-01-2015 الساعة 03:24PM |
#13
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الملخص في شرح كتاب التوحيد لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- ص -106- باب من الشرك النذر لغير الله وقول الله تعالى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} [الإنسان: 7]. وقوله تعالى: {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللّهَ يَعْلَمُهُ} [البقرة: 270]. مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: أن المصنف رحمه الله بين فيه نوعاً من أنواع الشرك المنافي للتوحيد، وهو النذر لغير الله؛ ليُحذر ويُجتنب. من الشرك: أي الأكبر. النذر لغير الله: لأنه عبادة. وصرف العبادة لغير الله شرك. والنذر: مصدر نذر ينذُر أوجب على نفسه شيئاً لم يكن واجباً عليه شرعاً تعظيماً للمنذور له. وأصله في اللغة والإيجاب. يوفون بالنذر: يتممون ما أوجبوا على أنفسهم من الطاعات لله. ما: شرطيةٌ، ويجوز أن تكون موصولة. أنفقتم من نفقة: يشمل كل صدقة مقبولة وغير مقبولة. أو نذرتم من نذر: يشمل كل نذر مقبول وغير مقبول. فإن الله يعلمه: أي فيجازيكم عليه، ففيه معنى الوعد والوعيد. المعنى الإجمالي للآيتين: أن الله يمدح الذين يتعبدون له بما أوجبوه على أنفسهم من الطاعات. كما أنه يخبر سبحانه أنه يعلم كل ص -107- صدقة تصدقنا بها وكل عبادة التزمناها له أو لغيره وسيجازي كلاً على حسب نيته وقصده. مناسبة الآيتين للباب: أنهما لا يدلان على أن النذر عبادةٌ حيث مدح الموفين به، وهو لا يمدح إلا على فعل مأمور أو ترك محظور، كما أنه أخبر أنه يعلم ما يصدر منا من نفقات ونذور، وسيجازينا على ذلك، فدلَّ ذلك على أن النذر عبادةٌ وما كان عبادةً فصرفُه لغير الله شرك. ما يستفاد من الآيتين: 1- أن النذر عبادة فيكون صرفه لغير الله شركاً أكبر. 2- إثبات علم الله تعالى – بكل شيء. 3- إثبات الجزاء على الأعمال. 4- الحث على الوفاء بالنذر. ص -108- وفي الصحيح عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه""1". عائشة: هي أم المؤمنين زوج النبي –صلى الله عليه وسلم- وبنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، وهي أفقه النساء مطلقاً، وأفضل أزواج النبي –صلى الله عليه وسلم- ما عدا خديجة، ففي تفضيلها عليها خلافٌ، توفيت سنة 57هـ. في الصحيح: أي صحيح البخاري. فليطعه: أي ليفعل ما نذره من طاعته. فلا يعصه: أي فلا يفعل ما نذره من المعصية. المعنى الإجمالي للحديث: أن النبي –صلى الله عليه وسلم- يأمر من صدر منه نذرُ طاعةٍ أن يوفي بنذره: كمن نذر صلاةً أو صدقة أو غير ذلك، وينهى من صدر منه نذر معصية عن تنفيذ نذره: كمن نذر الذبح لغير الله أو الصلاة عند القبور أو السفر لزيارتها أو غير ذلك من المعاصي. مناسبة الحديث للباب: أنه دل على أن النذر يكون طاعةً ويكون معصيةً، فدلّ على أنه عبادة؛ فمن نذر لغير الله فقد أشرك به في عبادته. ما يستفاد من الحديث: 1- أن النذر عبادة، فصرفه لغير الله شرك. 2- وجوب الوفاء بنذر الطاعة. 3- تحريم الوفاء بنذر المعصية. "1" أخرجه البخاري برقم "6696" وأبو داود برقم "3289" والترمذي برقم "1526" وابن ماجه برقم "2126"، وأحمد في مسنده "6/36، 41". المصدر : http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 10-01-2015 الساعة 03:25PM |
#14
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الملخص في شرح كتاب التوحيد لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- ص -109- باب من الشرك الاستعاذة بغير الله وقوله تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} [الجن: 6]. مناسبة الباب لكتاب التوحيد: أن فيه بيانَ نوعٍ من أنواع الشرك المنافي للتوحيد، وهو الاستعاذة بغير الله ليُحذر ويُجتنب. الاستعاذة: لغة: الالتجاء والاعتصام والتحرّز. وحقيقتها: الهرب من شيء تخافه إلى من يعصمك منه. يعوذون: بأن يقولَ أحدهم إذا أمسى بوادٍ وخاف من الجن: أعوذ بسيِّد هذا الوادي من سفهاء قومه. رهقاً: خوفاً أو إثماً. المعنى الإجمالي للآية: أن الله سبحانه يخبر أن بعض الإنس يلجئون إلى بعض الجن لتأمنهم مما يخافون، وأن الملتجأ بهم زادوا الملتجئين خوفاً بدل أن يؤمنوهم، وهذا معاملةٌ لهم بنقيض قصدهم وعقوبة من الله لهم. مناسبة الآية للباب: أن الله حكى عن مؤمني الجن أنهم لما تبين لهم دين الرسول –صلى الله عليه وسلم- وآمنوا به ذكروا أشياءً من الشرك كانت تجري من الإنس في الجاهلية من جملة الاستعاذة بغير الله، وذلك من باب ص -110- الاستنكار لها. ما يستفاد من الآية: 1- أن الاستعاذة بغير الله شرك، لأن مؤمني الجن قالوا: {وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} [الجن: 2]. ثم ذكروا بعد ذلك على وجه الاستنكار {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ} [الجن: 6]. 2- عموم رسالة محمد –صلى الله عليه وسلم- للثقلين. 3- أن الاستعاذة بغير الله تورث الخوف والضعف. 4- يفهم من الآية أن الاستعاذة بالله تورث قوة وأمناً. ص -111- وعن خولة بنت حكيم قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: "من نزل منزلاً فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرحل من منزله ذلك""1" رواه مسلم. خولة بنت حكيم: هي بنت حكيم بن أمية السلمية كانت زوجةً لعثمان بن مظعون رضي الله عنه وكانت صالحة فاضلة. بكلمات الله: المراد بها هنا القرآن. التامات: الكاملات التي لا يلحقُها نقصٌ ولا عيبٌ. من شر ما خلق: أي من كل شر في أي مخلوق قام به الشر من حيوان أو غيره. المعنى الإجمالي للحديث: يرشد النبي –صلى الله عليه وسلم- أمته إلى الاستعاذة النافعة التي يندفع بها كل محذور يخافه الإنسان عندما ينزل بقعة من الأرض بأن يستعيذ بكلام الله الشافي الكافي الكامل من كلِّ عيبٍ ونقصٍ، ليأمن في منزله ذلك ما دام مقيماً فيه من كل غائلة سوء. مناسبة الحديث للباب: أن فيه إرشاداً إلى الاستعاذة النافعة المشروعة بدلاً من الاستعاذة الشركية التي كان يستعملها المشركون. "1" أخرجه مسلم برقم "2708"، والترمذي برقم "3433"، وابن ماجه برقم "3547"، وأحمد في مسنده "6/377، 409". ص -112- ما يستفاد من الحديث: 1- بيان أن الاستعاذة عبادة. 2- أن الاستعاذة المشروعة هي ما كانت بالله أو بأسماء الله وصفاته. 3- أن كلام الله غيرُ مخلوق؛ لأن الله شرع الاستعاذة به، والاستعاذة بالمخلوق شركٌ كما سبق، فدلّ على أنه غير مخلوق. 4- فضيلةُ هذا الدعاء مع اختصاره. 5- أن نواصي المخلوقات بيد الله. المصدر : http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 10-01-2015 الساعة 03:28PM |
#15
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
الملخص في شرح كتاب التوحيد لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- ص -113- باب من الشرك أن يستغيث بغير الله أو يدعو غيره وقول الله تعالى: {وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ} [يونس: 106]. مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: أنه ذكر فيه نوعاً من أنواع الشرك المنافي للتوحيد وهو أن يستغيث بغير الله أو يدعو غيرَه. أن يستغيث: الاستغاثة طلبُ الغوث وهو إزالة الشدة. أو يدعو: الفرق بين الاستغاثة والدعاء: أن الاستغاثة لا تكون إلا من المكروب. وأما الدعاء فيكون من المكروب وغيره. ما لا ينفعك: إن عبدته. ولا يضرك: إن لم تعبده. فإن فعلت: أي دعوت من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك. من الظالمين: من المشركين، فإن الشرك أعظم الظلم. المعنى الإجمالي للآية: ينهى الله نبيه أن يدعو أحداً من سائر المخلوقين العاجزين عن إيصال النفع ودفع الضر، ثم يبين له حكمه لو فُرض أن دعا غير الله بأنه يكون حينئذ من المشركين، وهذا النهي عام لجميع الأمة. مناسبة الآية للباب: أن فيها النهي عن دعاء غير الله وأنه شركٌ ينافي التوحيد. ص -114- ما يستفاد من الآية: 1- أن دعاء غير الله شركٌ أكبر. 2- أن أصلح الناس لو دعا غير الله صار من الظالمين أي المشركين فكيف بغيره. 3- بيان عجزِ آلهة المشركين وبطلان عبادتها. ص -115- وقوله: {وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [يونس: 107]. وإن يمسسك: أي إن يصِبْك. بضر: بفقر أو مرض أو غير ذلك من أنواع الضر. فلا كاشف: لا رافع. فلا راد: لا دافع. المعنى الإجمالي للآية: يخبر تعالى أنه المتفرد بالملك والقهر والعطاء والمنع والضر والنفع دون ما سواه، فيلزم من ذلك أن يكون هو المدعو وحده المعبود وحده دون غيره ممن لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً فضلاً عن أن يملكهما لغيره. مناسبة الآية للباب: أن فيها بيانَ استحقاق الله للعبادة بالدعاء ونحوه، وأن دعاء غيره شركٌ لأنه لا ينفع ولا يضر. ما يستفاد من الآية: 1- وجوب إفراد الله تعالى بتوحيد الألوهية لتفرده بتوحيد الربوبية. 2- بطلان دعاء غير الله لعجزه عن نفع من دعاه ودفع الضر عنه. 3- إثبات المشيئة لله سبحانه. 4- إثبات صفتي المغفرة والرحمة لله سبحانه على ما يليق بجلاله. ص -116- وقوله: {فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [العنكبوت: 17]. ابتغوا: اطلبوا. واعبدوه: أخلصوا له العبادة. وهو من عطف العام على الخاص، فإن ابتغاء الرزق عند الله من العبادة. واشكروا له: اعترفوا بنعمته. وافعلوا ما يجب من طاعته واتركوا معصيته. إليه: لا إلى غيره. ترجعون: يوم القيامة فيجازي كل عامل بعمله. المعنى الإجمالي للآية: يأمر الله سبحانه بطلب الرزق منه وحده لا من الأصنام والأوثان، وإفرادِه بالعبادة والاعتراف بنعمه التي أسداها على عباده وصرْفِها في طاعته والابتعاد عن معصيته ثم يخبر أن المصير إليه فيجازي كل عاملٍ بعمله فيجب على العبد أن يحسب لذلك حسابَه. مناسبة الآية للباب: أن فيها وجوب إفراد الله بالدعاء والعبادة والرد على المشركين الذين يعبدون غيره. ما يستفاد من الآية: 1- وجوب دعاء الله وحده وطلب الرزق منه. 2- وجوب إفراد الله بجميع أنواع العبادة. 3- وجوب شكر الله على نعمه. 4- إثبات البعث والجزاء. 5- أنه لا تنافي بين طلب الرزق والاكتساب وعبادة الله وأن الإسلام فيه خير الدين والدنيا. ص -117- وقوله: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ 5 وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاء وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} [الأحقاف: 5، 6]. من أضل: أي لا أحد أشد ضلالاً. من دون الله: غير الله. لا يستجيب له: لا يقدر على إجابته بإعطائه ما طلب منه. وهم: أي المدعوون. عن دعائهم: أي دعاء من دعاهم من المشركين. غافلون: لا يشعرون بدعاء من دعاهم؛ لأنهم إما أموات أو جمادٌ أو ملائكةٌ مشغولون بما خُلقوا له. وإذا حُشر الناس: جُمعوا يوم القيامة. كانوا: أي الآلهة التي يدعونها من دون الله. لهم أعداء: أي يتبرؤون ممن دعاهم ويعادونهم. كافرين: جاحدين لعبادة من عبدهم. المعنى الإجمالي للآيتين: أن الله تعالى حكم بأنه لا أضل ممن دعا غير الله من المخلوقين ممن لا يقدر على إجابة دعوته في الدنيا، ولا يشعر بدعاء من دعاه وإذا قامت القيامة وجُمع الناس عادى من دعاه وتبرأ منه، فليس هذا المشركُ إلا في نكد في الدارين، لا يحصل على إجابةٍ في الدنيا وتجحد عبادته في الآخرة أحوج ما يكون إليها. مناسبة الآيتين للباب: أن فيهما الحكمَ على من دعا غيرَ الله بأنه ص -118- وقوله: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ 5 وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاء وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} [الأحقاف: 5، 6]. من أضل: أي لا أحد أشد ضلالاً. من دون الله: غير الله. لا يستجيب له: لا يقدر على إجابته بإعطائه ما طلب منه. وهم: أي المدعوون. عن دعائهم: أي دعاء من دعاهم من المشركين. غافلون: لا يشعرون بدعاء من دعاهم؛ لأنهم إما أموات أو جمادٌ أو ملائكةٌ مشغولون بما خُلقوا له. وإذا حُشر الناس: جُمعوا يوم القيامة. كانوا: أي الآلهة التي يدعونها من دون الله. لهم أعداء: أي يتبرؤون ممن دعاهم ويعادونهم. كافرين: جاحدين لعبادة من عبدهم. المعنى الإجمالي للآيتين: أن الله تعالى حكم بأنه لا أضل ممن دعا غير الله من المخلوقين ممن لا يقدر على إجابة دعوته في الدنيا، ولا يشعر بدعاء من دعاه وإذا قامت القيامة وجُمع الناس عادى من دعاه وتبرأ منه، فليس هذا المشركُ إلا في نكد في الدارين، لا يحصل على إجابةٍ في الدنيا وتجحد عبادته في الآخرة أحوج ما يكون إليها. مناسبة الآيتين للباب: أن فيهما الحكمَ على من دعا غيرَ الله بأنه ص -119- وقوله تعالى: {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ} [النمل: 62]. أمّن: أي من هو؟ المضطر: المكروب الذي مسّه الضر. خلفاء الأرض: الإضافة بمعنى في أي يخلف كلُّ قرنٍ القرنَ الذي قبله في الأرض. أإله مع الله: أي سواه يفعل هذه الأشياء بكُم وينعم عليكم هذه النعم. قليلاً ما تذكَّرون: أي تذكرون تذكراً قليلاً في عظمة الله ونعمه عليكم، فلذلك أشركتم به غيره في عبادته. المعنى الإجمالي للآية: يحتج تعالى على المشركين في اتخاذهم الشفعاء من دونه بما قد علموه وأقروا به من إجابة الله لهم عندما يدعونه في حال الشدة وكشفه السوء النازل بهم وجعْلِهم خلفاء في الأرض بعد أمواتهم، فإذا كانت آلهتهم لا تفعل شيئاً من هذه الأمور فكيف بمن يعبدونها مع الله. ولكنهم لا يتذكرون نعم الله عليهم إلا تذكراً قليلاً لا يورث خشية الله ولذلك وقعوا في الشرك. مناسبة الآية للباب: أن فيها بطلان الاستغاثة بغير الله، لأنه لا يجيب المضطر ويكشف السوء النازل ويحيي ويميت سواه. ص -120- ما يستفاد من الآية: 1- بطلان الاستغاثة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله. 2- أن المشركين مقرّون بتوحيد الربوبية ولم يُدخلهم ذلك في الإسلام. 3- الاستدلال على توحيد الإلهية بتوحيد الربوبية. 4- الاحتجاج على المشركين بما أقرّوا به على ما جحدوه. ص -121- وروي الطبراني بإسناده: أنه كان في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم- منافقٌ يؤذي المؤمنين. فقال بعضهم: قوموا بنا نستغيث برسول الله - صلى الله عليه وسلم- من هذا المنافق. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "إنه لا يستغاث بي، وإنما يستغاث بالله""1". الطبراني: هو الحافظ الإمام: سليمان بن أحمد صاحب المعاجم الثلاثة. بإسناده: إلى عبادة بن الصامت رضي الله عنه. منافقٌ: هو عبد الله بن أُبي بن سلول رأس المنافقين. والنفاق هنا: إظهار الإسلام وإخفاء الكفر. نستغيث برسول الله: نطلب منه كفَّ هذا المنافق عن الأذى. إنه لا يستغاث بي: كره –صلى الله عليه وسلم- أن يستعمل هذا اللفظ في حقِّه تأدباً مع الله. المعنى الإجمالي للحديث: لما قوِيَ الإسلام كان هناك صنفٌ من الكفار رأوا الدخولَ في الإسلام ظاهراً والبقاء على الكفر باطناً سُمُّوا بالمنافقين، وكان يصدر منهم من الأقوال والأفعال ما يضايق المسلمين ومن ذلك ما حصل من هذا الرجل حتى طلب بعض الصحابة من النبي "1" أخرجه الطبراني. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد "10/159": رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير ابن لهيعة وهو حسن الحديث. ص -122- صلى الله عليه وسلم- كفه وزجره. والنبي –صلى الله عليه وسلم- يقدر على ذلك، لكن لما كانت الصيغة التي تقدَّموا بها إليه فيها إساءة أدب مع الله تعالى –ما ينبغي أن تقال- استنكرها النبي –صلى الله عليه وسلم- تعليماً للصحابة وسداً لذريعة الشرك وحمايةً للتوحيد. مناسبة الحديث للباب: إن فيه إنكارَ النبي –صلى الله عليه وسلم- الاستغاثة بغير الله. ما يستفاد من الحديث: 1- أنه لا يستغاث بالنبي –صلى الله عليه وسلم-، وغيرُه من باب أولى. 2- الإرشاد إلى حسن اللفظ وحماية التوحيد. 3- سدّ الطرق المفضية إلى الشرك. 4- مشروعية الصبر على الأذى في الله. 5- ذمّ النفاق. 6- تحريم أذية المؤمنين؛ لأنها من فعل المنافقين. المصدر : http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 10-01-2015 الساعة 03:30PM |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
[جمع] الجمع الثمين لكلام أهل العلم في المصرّين على المعاصي والمدمنين | أبو عبد الودود عيسى البيضاوي | منبر التوحيد وبيان ما يضاده من الشرك | 0 | 13-09-2011 09:33PM |
أقوال العلماء السلفيين في حكم من حكَّم القوانين | أبو حمزة مأمون | منبر التحذير من الخروج والتطرف والارهاب | 0 | 10-06-2010 01:51AM |
(الشيخ ربيع بين ثناء العلماء ووقاحة السفهاء) | أبوعبيدة الهواري الشرقاوي | منبر الجرح والتعديل | 0 | 21-12-2008 12:07AM |
مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد | أبو عبد الرحمن السلفي1 | منبر التوحيد وبيان ما يضاده من الشرك | 4 | 08-11-2007 12:07PM |
صحيح المقال في مسألة شد الرحال (رد على عطية سالم ) | ماهر بن ظافر القحطاني | منبر البدع المشتهرة | 0 | 12-09-2004 12:02PM |