|
#1
|
|||
|
|||
أحكام صيام التطوع لجمع من كبار العلماء
بسم الله الرحمن الرحيم
في بيان صيام التطوع لفضيلة الشيخ الدكتور / صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ... وبعد : - اعلموا أن مما يستحب صومه شهر الله المحرم ، وصومه أفضل الصيام بعد شهر رمضان ، وهو أول شهور العام ، وسمي شهر المحرم لكونه من الأشهر الحرم تنويهًا بفضله وتأكيدًا لتحريمه ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم رواه مسلم أي أفضل شهر يصام كاملاً بعد رمضان شهر الله المحرم ، وإضافته إلى الله تعالى إضافة تشريف وتفخيم وتعظيم ، وأفضله وآكده اليوم العاشر منه . ثم التاسع لقوله صلى الله عليه وسلم : لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع والعاشر ويسمى العاشر عاشوراء وقد استحب جمهور العلماء الجمع بينهما في الصوم لأنه صلى الله عليه وسلم صام العاشر ونوى صيام التاسع ، وقد ورد في فضل صوم عاشوراء أنه كفارة سنة ، فقد روى مسلم في صيام يوم عاشوراء : إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والمراد تكفير الذنوب الصغائر ، أما الذنوب الكبائر فإنها لا تكفر إلا بالتوبة ، ويستحب صيام تسع ذي الحجة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلي من هذه الأيام العشر ، وآكدها يوم عرفة لغير الحجاج لحديث : صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده ومن أراد الزيادة من صوم التطوع على هذه الأيام المعينة فالأفضل له أن يصوم يومًا ويفطر يومًا لأنه صلى الله عليه وسلم أمر عبد الله بن عمرو بذلك وقال هو أفضل الصيام ، وهو صيام داود عليه السلام ولا يزيد على ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك ، وقال : لا صام من صام الأبد - ولما بلغه أن من أصحابه من قال : أنا أصوم ولا أفطر قال عليه الصلاة والسلام : أنا أصوم وأفطر ومن رغب عن سنتي فليس مني ، وذلك للرفق بأمته والشفقة عليهم ، ولحثهم على ما يطيقونه ويداومون عليه ، ولمنعهم من التعمق والإكثار من العبادات . لأن ذلك يسبب الملل ويسبب تركها أو ترك بعضها ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : عليكم من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا ، وأحب الأعمال ما داوم عليه صاحبه ، وصيامُ يومٍ وفطرُ يومٍ إنما يستحب لمن لا يلحقه ضعف بدنه بسببه فيعجز عما هو أفضل من الصيام من القيام بحقوق الله وحقوق عباده اللازمة ، فإن كان كذلك فترك هذا الصيام أفضل ، لأن المطلوب دائمًا الاعتدال والاتزان وعدم العناية بجانب من الدين وإهمال الجانب الآخر ، والإنسان عليه حقوق في هذه الحياة والتزامات تحتاج إلى قوة البدن لتحملها ، فإذا كان الإكثار من الصيام يؤثر على أداء هذه الحقوق ويضعف الشخص عن القيام بها فإنه إذًا غير مطلوب . ولهذا لما كان صوم يوم عرفة في حق الحاج يضعفه عن العبادة المطلوبة في هذا اليوم بخصوصه من الدعاء والتضرع نهي عن صومه كما روى أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا : نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة . وقد أفطر صلى الله عليه وسلم في هذا اليوم ، وأخبر ابن عمر أنه حج مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم مع أبي بكر ثم عمر ثم عثمان فلم يصمه أحد منهم ، وقد علل الشيخ تقي الدين النهي عن صوم عرفة للحاج بأنه يوم عيد ، ويشهد له الحديث الذي رواه الخمسة : يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب وذكر لله . والحمد لله رب العالمين ... وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه . المصدر : http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2502 التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 22-10-2014 الساعة 11:51PM |
#2
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
صيام يوم عاشوراء لفضيلة الشيخ الدكتور / صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله- تحديد يوم عاشوراء السؤال: أحسن الله إليكم صاحب الفضيلة، يقول: يحصل شك واضطراب عند الناس في إثبات يوم عاشوراء، والسؤال: هل من حرج على من صام اليوم التاسع والعاشر والحادي عشر ليدرك بالتأكيد يوم عاشوراء ثم هل ينال بذلك فضل صيام ثلاثة أيام من كل شهر؟ رابط الاستماع إلى الفتوى : http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...files/2187.mp3 صيام يوم عاشوراء عند عدم معرفة رؤية الهلال السؤال فضيلة الشيخ وفقكم الله، صيام يوم عاشوراء هل يكون على التقويم أم على الرؤية؟ نص السؤال فضيلة الشيخ وفقكم الله، صيام يوم عاشوراء هل يكون على التقويم أم على الرؤية؟ رابط الاستماع إلى الفتوى : http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...files/6682.mp3 الأفضل في صيام عاشوراء السؤال: ما هو الأفضل في صيام عاشوراء ثلاثة أيام أو يوما قبله فقط؟ الجواب : الأفضل ثلاثة أيام ويليه صيام يومين يوماً قبله ويوماً بعده. رابط الاستماع إلى الفتوى : http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/default/files/123456.mp3 , التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 23-10-2014 الساعة 12:15AM |
#3
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
شهر محرم وصيام عاشوراء للعلامة / عبد العزيز بن عبد الله بن باز - يرحمه الله- الحث على صيام عاشوراء والاحتياط له http://www.binbaz.org.sa/mat/8433 فضل صيام شهر محرم وصيام عاشوراء http://www.binbaz.org.sa/mat/13761 صوم التاسع مع العاشر افضل من صوم الحادي عشر مع العاشر http://www.binbaz.org.sa/mat/617 حكم تحري ليلة عاشوراء http://www.binbaz.org.sa/mat/615 حكم ترك صيام يوم عاشوراء نسيانا http://www.binbaz.org.sa/mat/13711 حكم صيام يوم عاشوراء إذا صادف يوم السبت http://www.binbaz.org.sa/mat/13750 حكم تقديم صيام النفل على القضاء http://www.binbaz.org.sa/mat/13637 حكم الاعتماد على التقويم في صيام عاشوراء http://www.binbaz.org.sa/mat/616 الترغيب في صوم عاشوراء http://www.binbaz.org.sa/mat/8432 |
#4
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
نجاة موسى عليه السلام وقومه و فضل صيام عاشوراء للعلامه / محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- http://www.ibnothaimeen.com/all/khot...icle_216.shtml . |
#5
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
أحكام الصيام فضيلة الشيخ الدكتور / صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- في بيان فضائل الصيام http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2476 في بيان فوائد الصيام http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2477 بيان مفسدات الصيام http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2485 في بيان آداب الصيام http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2482 في بيان الأحكام المتعلقة بقضاء الصوم http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2493 في بيان الأيام التي يحرم صومها http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2503 في بيان ما يحرم صومه من الأيام http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2504 في بيان صيام التطوع (1) http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2501 في بيان صيام التطوع (2) http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2502 في بيان مسائل يحتاج إلى معرفتها الصائم http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2495 في بيان مسائل يحتاج إليها الصائم http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2496 فيما يكره للصائم http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2488 ما يحرم ويكره في حق الصائم http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2483 مفسدات الصوم (1) http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2484 مفسدات الصوم (2) http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2486 في بيان أحكام القضاء http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2494 حكم النية في الصيام http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2481 أسأل الله ان ينفع بها الجميع.. . . التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 23-10-2014 الساعة 12:17AM |
#6
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
أحكام صيام التطوع جمع أقوال كبار العلماء الأفاضل . اولاً : العلامة / عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله تعالى - حكم صيام يوم الإثنين و الخميس http://www.binbaz.org.sa/mat/13764 حكم صيام الإثنين و الخميس http://www.ibnbaz.org.sa/mat/13742 هل يجوز صيام الأيام البيض متفرقة http://www.binbaz.org.sa/mat/13702 هل صيام ثلاثة أيام من أول الشهر تعدل صيام الأيام البيض http://www.binbaz.org.sa/mat/13704 ماحكم صيام يوم السبت منفردا ً http://www.binbaz.org.sa/mat/20385 حكم إفراد يوم الجمعة بصيام http://www.binbaz.org.sa/mat/628 حكم صيام الجمعة فقط قضاء http://www.binbaz.org.sa/mat/13530 حكم صيام التطوع لمن عليه قضاء http://www.binbaz.org.sa/mat/612 ثانيًا : العلامة / محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله تعالى - أيهما أفضل صيام التطوع وهو ستة أيام من شوال أو صيام يومي الإثنين والخميس أو ثلاثة أيام من كل شهر أو صيام عشرة من ذي الحجة ويوم عرفة أو تاسوعة أو عاشوراء أفيدونا جزاكم الله خيراً؟ http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_2182.shtml هل يجوز لي أن أصوم يوم الرابع عشر والخامس عشر وهي الأيام البيض وأيضاً إذا طهرت في اليوم الرابع عشر هل يجوز لي صيام يوم الخامس عشر فقط من هذه الأيام أم الواجب في صيام هذه الأيام أن تكون متتالية؟ http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_1170.shtml فتاوى الصيام (١) http://www.ibnothaimeen.com/all/book...le_18158.shtml فتاوى الصيام (٢) http://www.ibnothaimeen.com/all/book...le_18009.shtml باب صوم التطوع http://www.ibnothaimeen.com/all/book...le_18079.shtml أسأل الله أن ينفع بها الجميع . التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 23-10-2014 الساعة 02:13PM |
#7
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
بَابُ صَوْمِ التَّطوُّعِ لفضيلة الشيخ العلامه / محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- الترجمة «صوم التطوع» مع أن المؤلف ذكر في هذا الباب صوم التطوع، والصوم المحرم، والصوم المكروه، وحكم الخروج من الواجب، وليلة القدر، فذكر عدة أشياء، فيقال: إن هذا من باب الاكتفاء بالبعض عن الكل، وليس بلازم أن تكون الترجمة شاملة لجميع الموضوع. قوله: «باب صوم التطوع» «صوم» مضاف، و«التطوع» مضاف إليه، والإضافة هنا لبيان النوع، وذلك أن الصيام نوعان: فريضة وتطوع وكلاهما بالمعنى العام يسمى تطوعاً، فإن التطوع: فعل الطاعة، لكنه يطلق غالباً عند الفقهاء على الطاعة التي ليست بواجبة، ولا مشاحة في الاصطلاح، فإذا كان الفقهاء ـ رحمهم الله ـ جعلوا التطوع في مقابل الواجب فهذا اصطلاح ليس فيه محظور شرعي، إذاً فصوم التطوع هو الصوم الذي ليس بواجب. واعلم أن من رحمة الله وحكمته أن جعل للفرائض ما يماثلها من التطوع؛ وذلك من أجل ترقيع الخلل الذي يحصل في الفريضة من وجه، ومن أجل زيادة الأجر والثواب للعاملين من وجه آخر؛ لأنه لولا مشروعية هذه التطوعات لكان القيام بها بدعة وضلالة، وقد جاء في الحديث أن التطوع تكمل به الفرائض يوم القيامة[(442)]. واعلم أن الصوم من أفضل الأعمال الصالحة، حتى ثبت في الحديث القدسي أن الله ـ عزّ وجل ـ يقول: «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به» [(443)] فالعبادات ثوابها الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، إلا الصوم فإن الله هو الذي يجزي به، ومعنى ذلك أن ثوابه عظيم جداً، قال أهل العلم: لأنه يجتمع في الصوم أنواع الصبر الثلاثة وهي الصبر على طاعة الله، وعن معصية الله، وعلى أقداره، فهو صبر على طاعة الله لأن الإنسان يصبر على هذه الطاعة ويفعلها، وعن معصيته لأنه يتجنب ما يحرم على الصائم، وعلى أقدار الله لأن الصائم يصيبه ألم بالعطش والجوع والكسل وضعف النفس، فلهذا كان الصوم من أعلى أنواع الصبر؛ لأنه جامع بين الأنواع الثلاثة، وقد قال الله تعالى: {{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}} [الزمر: 10] . ثم إن صوم التطوع سرده المؤلف سرداً عاماً بدون تفصيل، ولكنه ينقسم في الواقع إلى قسمين: تطوع مطلق وتطوع مقيد. والمقيد أوكد من التطوع المطلق، كالصلاة أيضاً، فإن التطوع المقيد منها أفضل من التطوع المطلق. يُسَنُّ صِيَامُ أيَّامِ البِيضِ ............ قوله: «يسن صيام أيام البيض» لو عبر المؤلف بتعبير أعم فقال: يسن صيام ثلاثة أيام من كل شهر والأفضل أن تكون في أيام البيض لكان أحسن. وقوله: «يسن» المسنون في اصطلاح الأصوليين ما أثيب فاعله امتثالاً ولم يعاقب تاركه، وهو درجات ومراتب من حيث الأفضلية وكثرة الثواب كالواجب لكن الواجب أحب إلى الله ـ تعالى ـ لما ثبت في الحديث الصحيح القدسي أن الله قال: «ما تقرب إليّ عبدي بشيءٍ أحب إلي مما افترضت عليه» [(444)]. وقوله: أيام البيض هي اليوم الثالث عشر من الشهر، والرابع عشر، والخامس عشر، ودليل مسنونيتها أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أمر بصيامها[(445)]. وسميت بيضاً لابيضاض لياليها بنور القمر، ولهذا قيل أيام البيض، أي أيام الليالي البيض، فالوصف لليالي؛ لأنها بنور القمر صارت بيضاء وذكر أهل العلم بالطب أن فيها فائدة جسمية في هذه الأيام الثلاثة؛ لأنه وقت فوران الدم وزيادته، إذ إن الدم بإذن الله مقرون بالقمر، وإذا صام فإنه يخف عليه ضغط كثرة الدم فهذه فائدة طبية، لكن كما قلنا كثيراً بأن الفوائد الجسمية ينبغي أن يجعلها في ثاني الأمر بالنسبة للعبادات، حتى يكون الإنسان متعبداً الله لا للمصلحة الجسمية أو الدنيوية، ولكن من أجل التقرب إلى الله بالعبادات. وهذه الثلاثة تغني عن صيام ثلاثة أيام من كل شهر، التي قال فيها النبي صلّى الله عليه وسلّم: «صيام ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله» [(446)]؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها، فثلاثة أيام بثلاثين حسنة عن شهر، وكذلك الشهر الثاني والثالث، فيكون كأنما صام السنة كلها، وكان النبي صلّى الله عليه وسلّم يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، تقول عائشة: «لا يبالي هل صامها من أول الشهر أو وسطه أو آخره» [(447)] وأمر بها النبي صلّى الله عليه وسلّم ثلاثة من أصحابه، أبو هريرة وأبو الدرداء وأبو ذر[(448)]، فعندنا أمران: الأمر الأول: استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر، سواء أكانت في أول الشهر، أم في وسطه، أم في آخره، وسواء أكانت متتابعة أم متفرقة. الأمر الثاني: أنه ينبغي أن يكون الصيام في أيام البيض الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، فتعيينها في أيام البيض تعيين أفضلية كتعين الصلاة في أول وقتها، أي: أنَّ أفضل وقت للأيام الثلاثة هو أيام البيض، ولكن من صام الأيام الثلاثة في غير أيام البيض حصل على الأجر، وهو أجر صيام ثلاثة أيام من كل شهر، لا صيام أيام البيض، وحصل له صيام الدهر. وَالاثْنَيْنِ والخَمِيسِ،............ قوله: «والاثنين والخميس» أي ويسن صيام الاثنين والخميس. وصوم الاثنين أوكد من الخميس، فيسن للإنسان أن يصوم يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع. وقد علل النبي صلّى الله عليه وسلّم ذلك: «بأنهما يومان تعرض فيهما الأعمال على الله ـ عزّ وجل ـ، قال: فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم» [(449)]، وهذا الحديث اختلف المحدثون فيه فمنهم من ضعفه وقال: لا تقوم به حجة، ومنهم من قال: إنه صحيح كابن خزيمة، ومنهم من سكت عنه فلم يحكم له باضطراب ولا تصحيح، وعلى كل حال فإن الفقهاء اعتبروه واستشهدوا به، واستدلوا به. وسئل عن صوم يوم الاثنين فقال: «ذاك يوم ولدت فيه، ويعثت فيه أو أنزل علي فيه» [(450)] فبين الرسول صلّى الله عليه وسلّم أن صيام يوم الاثنين مطلوب، وعلى هذا فيسن صيام يومين من كل أسبوع، هما يوم الاثنين والخميس. وأما صيام يوم الثلاثاء والأربعاء فليس بسنة على التعيين، وإلا فهو سنة مطلقة، يسن للإنسان أن يكثر من الصيام، لكن لا نقول يسن أن تصوم يوم الثلاثاء، ولا يسن أن تصوم يوم الأربعاء، ولا يكره ذلك. وأما الجمعة فلا يسن صوم يومها، ويكره أن يفرد صومه، والدليل على ذلك: 1 ـ قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لا تصوموا يوم الجمعة إلا أن تصوموا يوماً قبله أو يوماً بعده» [(451)]. 2 ـ قوله صلّى الله عليه وسلّم لإحدى أمهات المؤمنين وكانت صامت يوم جمعة: «أصمت أمس؟ قالت: لا، قال: أتصومين غداً؟ قالت: لا، قال: فأفطري» [(452)] فدل ذلك على أن يوم الجمعة لا يفرد بصوم، بل قد ورد النهي عن ذلك. 3 ـ قوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا تخصوا يوم الجمعة بصيام، ولا ليلتها بقيام» [(453)]. وأما السبت فقيل: إنه كالأربعاء والثلاثاء يباح صومه. وقيل: إنه لا يجوز إلا في الفريضة. وقيل: إنه يجوز لكن بدون إفراد. والصحيح أنه يجوز بدون إفراد، أي: إذا صمت معه الأحد، أو صمت معه الجمعة، فلا بأس، والدليل على ذلك قوله صلّى الله عليه وسلّم لزوجته «أتصومين غداً؟» أي: السبت. وأما الحديث الذي رواه أبو داود: «لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، ولو لم يجد أحدكم إلا لحاء شجر» [(454)] يعني فليأكله، فهذا الحديث مختلف فيه هل هو صحيح أو ضعيف؟ وهل هو منسوخ أو غير منسوخ[(455)]؟ وهل هو شاذ أو غير شاذ؟ وهل المراد بذلك إفراده دون جَمْعِهِ إلى الجمعة أو الأحد؟ وسبق بيان القول الصحيح أن المكروه إفراده، لكن إن أفرده لسبب فلا كراهة، مثل أن يصادف يوم عرفة أو يوم عاشوراء، إذا لم نقل بكراهة إفراد يوم عاشوراء. وأما الأحد: فبعض العلماء استحب أن يصومه الإنسان. وكرهه بعض العلماء. أما من استحبه فقال: إنه يوم عيد للنصارى، ويوم العيد يكون يوم أكل وسرور وفرح، فالأفضل مخالفتهم، وصيام هذا اليوم فيه مخالفة لهم. وأما من كره صومه فقال: إن الصوم نوع تعظيم للزمن، وإذا كان يوم الأحد يوم عيد للكفار فصومه نوع تعظيم له، ولا يجوز أن يُعظم ما يعظمه الكفار على أنه شعيرة من شعائرهم. والخلاصة أن الثلاثاء والأربعاء حكم صومهما الجواز، لا يسن إفرادهما ولا يكره، والجمعة والسبت والأحد يكره إفرادها، وإفراد الجمعة أشد كراهة لثبوت الأحاديث في النهي عن ذلك بدون نزاع، وأما ضمها إلى ما بعدها فلا بأس، وأما الاثنين والخميس فصومهما سنة. وَسِتٍ مِنْ شَوَّالٍ،.......... قوله: «وست من شوال» أي ويسن صوم ست من شوال؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال فكأنما صام الدهر كله» [(456)] فيسن للإنسان أن يصوم ستة أيام من شوال. فائدة: قوله صلّى الله عليه وسلّم: «وأتبعه ستاً من شوال» والمعروف أن تذكير العدد يدل على تأنيث المعدود، والذي يصام اليوم لا الليل فلم لم يقل ستة؟ الجواب: أن الحكم في كون العدد يذكر مع المؤنث، ويؤنث مع المذكر، إذا ذُكِرَ المعدود فتقول ستة رجال وست نساء، قال تعالى: {{سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ}} [الحاقة: 7] . أما إذا حذف المعدود فإنه يجوز التأنيث والتذكير فتقول صمت ستاً من شوال وصمت ستة من شوال، ومنه قوله تعالى: {{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}} [البقرة: 234] والمراد عشرة أيام لكنه ذكَّرها؛ لأن المعدود لم يُذْكَرْ، والظاهر أن الأفصح التذكير؛ لأن هذا هو الذي جاء بلفظ الحديث وهو أيضاً أخف على اللسان، وهذه القاعدة ما لم يحصل اشتباه، فإن حصل فإنه يجب أن يراعي الأصل، أي: لو كان اللفظ يحتمل أن يراد به المذكر أو أن يراد به المؤنث والحكم يختلف، فإن الواجب الرجوع إلى الأصل، كالقاعدة العامة في جميع ما يجوز في النحو يقيدونها بما لم يُخْشَ اللبس، فإن خيف اللبس وجب إرجاع كل شيء إلى أصله. قال الفقهاء ـ رحمهم الله ـ: والأفضل أن تكون هذه الست بعد يوم العيد مباشرة؛ لما في ذلك من السبق إلى الخيرات. والأفضل أن تكون متتابعة؛ لأن ذلك أسهل غالباً؛ ولأن فيه سبقاً لفعل هذا الأمر المشروع. فعليه يسن أن يصومها في اليوم الثاني من شوال ويتابعها حتى تنتهي، وهي ستنتهي في اليوم الثامن، من شهر شوال، وهذا اليوم الثامن يسميه العامة عيد الأبرار، أي: الذين صاموا ستة أيام من شوال. ولكن هذا بدعة فهذا اليوم ليس عيداً للأبرار، ولا للفجار. ثم إن مقتضى قولهم، أن من لم يصم ستة أيام من شوال ليس من الأبرار، وهذا خطأ، فالإنسان إذا أدى فرضه فهذا بَرُّ بلا شك، وإن كان بعض البر أكمل من بعض. ثم إن السنة أن يصومها بعد انتهاء قضاء رمضان لا قبله، فلو كان عليه قضاء ثم صام الستة قبل القضاء فإنه لا يحصل على ثوابها؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من صام رمضان» ومن بقي عليه شيء منه فإنه لا يصح أن يقال إنه صام رمضان؛ بل صام بعضه، وليست هذه المسألة مبنيّة على الخلاف في صوم التطوع قبل القضاء؛ لأن هذا التطوع أعني صوم الست قيده النبي صلّى الله عليه وسلّم بقيد وهو أن يكون بعد رمضان، وقد توهم بعض الناس فظن أنه مبني على الخلاف في صحة صوم التطوع قبل قضاء رمضان، وقد تقدم ذكر الخلاف في ذلك، وبينا أن الراجح جواز التطوع وصحته، ما لم يضق الوقت عن القضاء. تنبيه: لو أخر صيام الست من شوال عن أول الشهر ولم يبادر بها، فإنه يجوز لقوله صلّى الله عليه وسلّم «ثم أتبعه ستاً من شوال» فظاهره أنه ما دامت الست في شوال، ولو تأخرت عن بداية الشهر فلا حرج، لكن المبادرة وتتابعها أفضل من التأخير والتفريق، لما فيه من الإسراع إلى فعل الخير، ويستثنى من قول المؤلف «ستاً من شوال» يستثنى يوم العيد لأنه لا يجوز صومه. مسألة: لو لم يتمكن من صيام الأيام الستة في شوال لعذر كمرض أو قضاء رمضان كاملاً حتى خرج شوال، فهل يقضيها ويكتب له أجرها أو يقال هي سنة فات محلها فلا تقضى؟ الجواب: يقضيها ويكتب له أجرها كالفرض إذا أخره عن وقته لعذر، وكالراتبة إذا أخرها لعذر حتى خرج وقتها، فإنه يقضيها كما جاءت به السنة. فائدة: كره بعض العلماء صيام الأيام الستة كل عام مخافة أن يظن العامة أن صيامها فرض، وهذا أصل ضعيف غير مستقيم لأنه لو قيل به لزم كراهة الرواتب التابعة للمكتوبات، أن تصلى كل يوم وهذا اللازم باطل وبطلان اللازم يدل على بطلان الملزوم والمحذور الذي يخشى منه يزول بالبيان. وَشَهْرِ المُحَرَّمِ،........... قوله: «وشهر المحرم» أي: يسن صوم شهر المحرم، وهو الذي يلي شهر ذي الحجة، وهو الذي جعله الخليفة الراشد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أول شهور السنة، وصومه أفضل الصيام بعد رمضان، كما قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم» [(457)]. واختلف العلماء ـ رحمهم الله ـ أيهما أفضل صوم شهر المحرم، أم صوم شهر شعبان؟ فقال بعض العلماء: شهر شعبان أفضل؛ لأن النبي كان يصومه، إلا قليلاً منه ولم يحفظ عنه أنه كان يصوم شهر المحرم؛ لكنه حث على صيامه بقوله: «إنه أفضل الصيام بعد رمضان» . قالوا: ولأن صوم شعبان ينزل منزلة الراتبة قبل الفريضة وصوم المحرم ينزل منزلة النفل المطلق، ومنزلة الراتبة أفضل من منزلة النفل المطلق، وعلى كل فهذان الشهران يسن صومهما، إلا أن شعبان لا يكمله. وآكَدُهُ العَاشِرُ، ثُمَّ التَّاسِعُ، وَتِسْعِ ذِي الحِجَّةِ .......... قوله: «وآكده العاشر ثم التاسع» يعني آكد صوم شهر المحرم العاشر ثم التاسع؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «سئل عن صوم يوم عاشوراء؟ فقال: أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله» [(458)] فهو آكد من بقية الأيام من الشهر. ثم يليه التاسع لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «لئن بقيت، أو لئن عشت إلى قابل لأصومن التاسع» [(459)] يعني مع العاشر. وهل يكره إفراد العاشر؟ قال بعض العلماء: إنه يكره، لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «صوموا يوماً قبله أو يوماً بعده خالفوا اليهود» [(460)]. وقال بعض العلماء: إنه لا يكره، ولكن يفوت بإفراده أجر مخالفة اليهود. والراجح أنه لا يكره إفراد عاشوراء. فإن قال قائل: ما السبب في كون يوم العاشر آكد أيام محرم؟ فالجواب أن السبب في ذلك أنه اليوم الذي نجى الله فيه موسى وقومه، وأهلك فرعون وقومه كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، وفي هذا الحديث دليل على أن التوقيت كان في الأمم السابقة بالأهلة، وليس بالشهور الأفرنجية، لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم أخبر بأن اليوم العاشر من محرم هو اليوم الذي أهلك الله فيه فرعون وقومه ونجى موسى وقومه[(461)]. قوله: «وتسع ذي الحجة» أي ويسن صوم تسع ذي الحجة. وتسع ذي الحجة تبدأ من أول أيام ذي الحجة، وتنتهي باليوم التاسع، وهو يوم عرفة، والحجة بكسر الحاء أفصح من فتحها وعكسها القعدة. ودليل استحبابها قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر» [(462)] والصوم من العمل الصالح. وقد ورد حديثان متعارضان في هذه الأيام، أحدهما أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم لم يكن يصوم هذه الأيام التسعة[(463)]، والثاني أنه كان يصومها[(464)]، وقد قال الإمام أحمد رحمه الله في التعارض بين هذين الحديثين: إن المثبت مقدم على النافي، ورجح بعض العلماء النفي؛ لأن حديثه أصح من حديث الإثبات، لكن الإمام أحمد جعلهما ثابتين كليهما، وقال: إن المثبت مقدم على النافي، ونحن نقول: إذا تعارضا تساقطا بدون تقديم أحدهما على الآخر فعندنا الحديث الصحيح العام «ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه العشر» [(465)] فالعمل الصالح في أيام عشر ذي الحجة ومن ذلك الصوم أحب إلى الله من العمل الصالح في العشر الأواخر من رمضان، ومع ذلك فالأيام العشر من ذي الحجة، الناس في غفلة عنها، تَمُرُّ والناس على عاداتهم لا تجد زيادة في قراءة القرآن، ولا العبادات الأخرى بل حتى التكبير بعضهم يشح به. وآكَدُهُ يَوْمُ عَرَفَةَ لِغَيْرِ حَاجٍّ بِهَا،............. قوله: «وآكده يوم عرفة» أي: آكد تسع ذي الحجة، صيام يوم عرفة لغير حاج بها، ويوم عرفة هو اليوم التاسع، وإنما كان آكد أيام العشر؛ لأن النبي (ص) «سئل عن صوم يوم عرفة فقال صلّى الله عليه وسلّم: «أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده» [(466)] وعلى هذا فصوم يوم عرفة أفضل من صوم عاشوراء؛ لأن صوم عاشوراء قال فيه الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله» فقط. قوله: «لغير حاج بها» الباء بمعنى في، وقوله «لغير حاج بها» اشترط المؤلف شرطين: الأول: لغير حاج، الثاني: بها، أي: في عرفه، فظاهره أنه لو كان الحاج في غير عرفة، مثل أن يصادفه يوم عرفة في الطريق، ولم يصل إلى عرفة إلا في الليل، فظاهر كلام المؤلف أن صوم هذا اليوم مشروع، وظاهره أيضاً أنه لو كان الإنسان بعرفة لكنه لم يحج مثل العمال وشبههم فإنه يصوم، فالحاج في عرفة لا يصوم وليس مشروعاً له الصوم لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة» [(467)] وهذا الحديث في صحته نظر، لكن يؤيده أن الناس شَكُّوا في صومه صلّى الله عليه وسلّم يوم عرفة، فأرسل إليه بقدح من لبن فشربه ضحى يوم عرفة والناس ينظرون إليه[(468)]، ليتبين لهم أنه لم يصم؛ ولأن هذا اليوم يوم دعاء وعمل، ولا سيما أن أفضل زمن الدعاء هو آخر هذا اليوم، فإذا صام الإنسان فسوف يأتيه آخر اليوم وهو في كسل وتعب، لا سيما في أيام الصيف وطول النهار وشدة الحر، فإنه يتعب وتزول الفائدة العظيمة الحاصلة بهذا اليوم، والصوم يدرك في وقت آخر؛ ولهذا فالصواب أن صوم يوم عرفة للحاج مكروه، وأما لغير الحاج فهو سنة مؤكدة. وَأَفْضَلُهُ صَوْمُ يَوْمٍ وَفِطْرُ يَوْمٍ............. قوله: «وأفضله صوم يوم وفطر يوم» أي: أفضل صوم التطوع صوم يوم، وفطر يوم. فإذا قال قائل: لماذا لم يفعله الرسول صلّى الله عليه وسلّم، والرسول ينشر الأفضل وهو أخشانا لله وأتقانا له؟ قلنا: لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم يشتغل بعبادات أخرى أجل من الصيام، من الدعوة إلى الله، والأعمال الأخرى الوظيفية التي تستدعي أن يفعلها، ولهذا ثبت عنه فضل الأذان، وأن المؤذنين أطول الناس أعناقاً يوم القيامة[(469)]، ومع ذلك لم يباشره؛ لأنه مشغول بعبادات أخرى جليلة لا يتمكن من مراقبة الشمس في طلوعها، وزوالها وما أشبه ذلك، وقال في الرجل الذي دخل وصلى وحده: من يتصدق على هذا؟ فقام بعض أصحابه فصلى معه [(470)]، فلا يقول قائل: لماذا لم يقم هو لأنها صدقة، وهو أسبق الناس إلى الخير؟ فالجواب لأنه مشتغل بما هو أهم، من تعليم الناس، والتحدث إليهم وتأليفهم وما أشبه ذلك، المهم أنه لا يُظن أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم إذا ندب إلى فعل شيء وبين أنه أفضل ولم يفعله هو، فهو قصور منه ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ، ولكن اشتغاله بما هو أولى وأهم، ولهذا لما سئل عن صوم يوم وإفطار يومين؟ قال: «ليت أنا نقوى على ذلك» [(471)]، يعني أنه ما يقوى على ذلك مع أعماله الأخرى الجليلة التي لا يقوم بها غيره. وعلى هذا إذا جاءنا طالب علم، وقال: إنني إذا صمت قصرت عن طلب العلم وصار عندي خورٌ وضعف وتعب، وإذا لم أصم نشطت على العلم، فهل الأفضل في أن أصوم يوماً وأفطر يوماً؛ لأنه أفضل الصيام، أو أن أقوم بطلب العلم؛ نقول: الأفضل أن تقوم بطلب العلم. وإذا جاءنا رجل عابد ليس له شغل، لا قيام على عائلة، ولا طلب علم، وقال: ما الأفضل لي، أن أصوم يوماً وأفطر يوماً، أو لا أصوم؟ نقول: الأفضل أن تصوم يوماً وتفطر يوماً، فالمهم أن التفاضل في العبادات وتمييز بعضها عن بعض وتفضيل بعضها على بعض، أمر ينبغي التفطن له؛ لأن بعض الناس قد يلازم طاعة معينة ويترك طاعات أهم منها وأنفع، وقد جاء وفد إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فجلس يتحدث إليهم وترك راتبة الظهر ولم يصلها إلا بعد العصر[(472)]، فعلى هذا ينبغي للإنسان أن يعادل بين نوافل العبادات وإذا ترك شيئاً لما هو أهم منه، فلا يقال إنه تركه، بل فعل ما هو خير منه، فلا يعد ذلك قصوراً. ودليل ذلك أن عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ قال: «لأصومن النهار، ولا أفطر، ولأقومن الليل ولا أنام، فبلغ ذلك النبي صلّى الله عليه وسلّم فسأله: «أنت الذي قلت كذا؟ قال: نعم، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم: صم كذا، صم كذا، قال: إني أطيق أكثر من ذلك، حتى قال له: صم يوماً وأفطر يوماً فذلك أفضل الصيام، وهو صيام داود، وقال له في القيام: نم نصف الليل، وقم ثلث الليل، ونم سدس الليل، فذلك أفضل القيام وهو قيام داود» [(473)]؛ لأن هذا الصيام يعطي النفس بعض الحرية، والبدن بعض القوة؛ لأنه يصوم يوماً ويفطر يوماً، وكذلك القيام إذا نام نصف الليل، ثم قام ثلثه، ثم نام سدسه، فإن تعبه في قيام الثلث سوف يزول بنومه السدس، فيقوم في أول النهار نشيطاً. ولكن هذا، أي: صوم يوم وفطر يوم، مشروط بما إذا لم يضيع ما أوجب الله عليه، فإن ضيع ما أوجب الله عليه كان هذا منهياً عنه؛ لأنه لا يمكن أن تضاع فريضة من أجل نافلة، فلو فرض أن هذا الرجل إذا صام يوماً وأفطر يوماً، تخلف عن الجماعة في المسجد، لأنه يتعب في آخر النهار، ولا يستطيع أن يصل إلى المسجد، فنقول له: لا تفعل؛ لأن إضاعة الواجب أعظم من إضاعة المستحب، فهذا مستحب لا تأثم بتركه فاتركه. كذلك لو انشغل بذلك عن مؤونة أهله، أي: انقطع عن البيع والشراء والعمل الذي يحتاجه لمؤونة أهله، فإننا نقول له: لا تفعل؛ لأن القيام بالواجب أهم من القيام بالتطوع، وكذلك لو أدى هذا الصيام إلى عدم القيام بواجب الوظيفة كان منهياً عنه. وقد التزم عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ بذلك حتى كبر فتمنى أنه قبل رخصة النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يصوم من كل شهر ثلاثة أيام، حتى اجتهد ـ رضي الله عنه ـ فصار يصوم خمسة عشر يوماً متتابعة، ويفطر خمسة عشر يوماً متتابعة، ويرى أن هذا بدل عن صيام يوم وإفطار يوم. ونأخذ من هذا فائدة، وهي أن الإنسان ينبغي ألا يقيس نفسه في مستقبله على حاضره، فقد يكون الإنسان في أول العبادة نشيطاً يرى أنه قادر، ثم بعد ذلك يلحقه الملل، أو يلحقهُ ضعف وتعب، ثم يندم، لهذا ينبغي للإنسان أن يكون عمله قصداً، ولهذا قال النبي صلّى الله عليه وسلّم مرشداً أمته: «اكلفوا من العمل ما تطيقون» [(474)] أي: لا تكلفوا أنفسكم وقال: «استعينوا بالغدوة والروحة، وشيء من الدلجة والقصد القصد تبلغوا» [(475)]، وقال «إن المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى» [(476)] والمنبت هو الذي يسير ليلاً ونهاراً، فالإنسان ينبغي له أن يقدر المستقبل، لا يقول أنا الآن نشيط سأحفظ القرآن والسنة، وزاد المستقنع وألفية ابن مالك كلها في أيام قليلة، فهذا لا يمكن، فأعط نفسك حقها، وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل» [(477)] وكثير من الناس يكون عنده رغبة إما في العبادة، أو طلب العلم أو غير ذلك، ثم بعد هذا يكسل، فالذي ينبغي للإنسان، أن ينظر للمستقبل، كما ينظر للحاضر. وفي حديث عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنه ـ دليل على أن صوم يوم الجمعة أو السبت إذا صادف يوماً غير مقصود به التخصيص فلا بأس به، لأنه إذا صام يوماً، وأفطر يوماً فسوف يصادف الجمعة والسبت، وبذلك يتبين أن صومهما ليس بحرام، وإلا لقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: صم يوماً، وأفطر يوماً، ما لم تصادف الجمعة والسبت. وَيُكْرَهُ إِفرَادُ رَجَبٍ، والجُمُعَةِ، وَالسَّبْتِ، والشَّكِ............ قوله: «ويكره إفراد رجب» يعني بالصوم. عللوا هذا بأنه من شعائر الجاهلية، وأن أهل الجاهلية هم الذين يعظمون هذا الشهر، أما السنة فلم يرد في تعظيمه شيء، ولهذا قالوا: إن كل ما يروى في فضل صومه، أو الصلاة فيه من الأحاديث فكذب باتفاق أهل العلم بالحديث، وقد ألف ابن حجر ـ رحمه الله ـ رسالة صغيرة في هذا وهي «تبيين العجب فيما ورد في فضل رجب». ويؤخذ من قوله: «إفراد رجب» أنه لو صامه مع غيره، فلا يكره؛ لأنه إذا صام معه غيره لم يكن الصيام من أجل تخصيص رجب، فلو صام شعبان ورجباً فلا بأس، ولو صام جمادى الآخرة ورجباً فلا بأس. قوله: «والجمعة» أي يكره إفراد الجمعة والدليل أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا تصوموا يوم الجمعة إلا أن تصوموا يوماً قبله أو يوماً بعده» [(478)] وقال: «لا تخصوا يوم الجمعة بصيام ولا ليلتها بقيام» [(479)] وقال لإحدى أمهات المؤمنين، وقد وجدها صائمة يوم الجمعة: «أصمت أمس؟ قالت: لا، قال: أتصومين غداً؟ قالت: لا، قال: فأفطري» [(480)] فإن صامها مع غيرها فلا يكره، فلو صام الخميس والجمعة فلا بأس، أو الجمعة والسبت فلا بأس. وإن صامها وحدها لا للتخصيص، لكن لأنه وقت فراغه كرجل عامل يعمل كل أيام الأسبوع، وليس له فراغ إلا يوم الجمعة، فهل يكره؟ الجواب: عندي فيه تردد، فإن نظرنا إلى ما رواه مسلم: «لا تخصوا يوم الجمعة بصيام» قلنا: لا بأس؛ لأن هذا لم يخصه، وإن نظرنا إلى حديث «أصمت أمس؟ قالت: لا، قال: أتصومين غداً؟ قالت: لا، قال: فأفطري» فإن هذا قد يؤخذ منه أنه يكره إفرادها، وإن كان في الأيام الأخرى لا يستطيع، وقد لا يؤخذ منه، فيقال: إن قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «أصمت أمس؟ أو أتصومين غداً؟» يدل على أنها قادرة على الصوم. فالحاصل أنه إذا أفرد يوم الجمعة بصوم لا لقصد الجمعة، ولكن لأنه اليوم الذي يحصل فيه الفراغ، فالظاهر إن شاء الله أنه لا يكره، وأنه لا بأس بذلك. قوله: «والسبت» أي: يكره إفراده، لحديث «لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم» [(481)] فيحمل إن صح على النهي عن إفراده، وأما جمعه، مع الجمعة، فلا بأس؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم لجويرية: «أتصومين غداً؟» فدل هذا على أن صومه مع الجمعة لا بأس به، وهذه المسألة قد يلغز بها فيقال: يومان إن أفرد أحدهما بالصوم كره، وإن اجتمعا فلا كراهة؟ مع أن الذي يتبادر أن المكروه إذا ضم إلى مكروه ازدادت الكراهة، لكن هذا إذا ضم المكروه إلى مكروه زالت الكراهة، فيجاب أن الكراهة هي الإفراد، فإذا صام الجميع فلا كراهة، فإن قيل حديث النهي عن صوم السبت عام ليس فيه تفصيل، فالجواب أنه إذا ورد ما يخصص العام وجب العمل به، وقد ورد ما يدل على جواز صومه مع الجمعة وهذا تخصيص. قوله: «والشك» أي: يكره صوم يوم الشك، ويوم الشك هو ليلة الثلاثين من شعبان، إذا كان في السماء ما يمنع رؤية الهلال كغيم وقتر. وقيل: هو يوم الثلاثين من شعبان، إذا كانت السماء صحواً. والأول أرجح؛ لأنه إذا كانت السماء صحواً وتراءى الناس الهلال ولم يروه لم يبق عندهم شك أنه لم يهل، والشك يكون إذا كان هناك ما يمنع رؤية الهلال، ولكن لما كان فقهاؤنا ـ رحمهم الله ـ يرون أنه إذا كان ليلة الثلاثين، وحال ما يمنع رؤيته من غيم أو قتر يجب صومه، حملوا الشك على ما إذا كانت السماء صحواً، وهذه آفة يلجأ إليها بعض العلماء، وسبب هذه الآفة أن الإنسان يعتقد قبل أن يستدل، وهذا خطأ، والواجب أن تجعل اعتقادك تابعاً للدليل، فتستدل أولاً، ثم تحكم ثانياً. فالأرجح أن يوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان، إذا كان في السماء ما يمنع رؤية الهلال، وأما إذا كانت السماء صحواً فلا شكَّ. وهل صومه مكروه كما قال المؤلف أو محرم؟ الجواب: في هذا خلاف بين العلماء: القول الأول: أنه محرم. القول الثاني: أنه مكروه. والصحيح أن صومه محرم إذا قصد به الاحتياط لرمضان ودليل ذلك: 1 ـ قول عمار بن ياسر رضي الله عنهما: «من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلّى الله عليه وسلّم» [(482)]. 2 ـ قوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه» [(483)]. 3 ـ ولأنه نوع من التعدي لحدود الله، فإن الله يقول في كتابه: {{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}} [البقرة: 185] ، ورسوله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إذا رأيتموه فصوموا فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين» [(484)]. وَيَحْرُمُ صَوْمُ العِيدَيْنِ وَلَوْ فِي فَرْضٍ، وَصِيَامُ أيَّامِ التَّشْرِيقِ، إلاَّ عَنْ دَمِ مُتْعَةٍ وَقِرَانٍ. قوله: «ويحرم صوم العيدين» هما يوم عيد الفطر ويوم عيد الأضحى، والدليل على ذلك: 1 ـ أن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «نهى عن صوم يومي العيدين، عيد الفطر، وعيد الأضحى» [(485)]، وخطب عمر ـ رضي الله عنه ـ في ذلك على المنبر وقال: «هذان يومان نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن صومهما يوم النحر ويوم الفطر» [(486)]، والحكمة في ذلك، أما يوم الفطر فلأنه يوم الفطر من رمضان ولا يتميز تحديد رمضان إلا بفطر يوم العيد، وأما الأضحى فلأنه يوم النحر، ولو صام الناس فيه لعدلوا فيه عما يحبه الله ـ عزّ وجل ـ مما أمر به في قوله: {{فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}} [الحج: 28] وكيف يأكل منها من كان صائماً؟! 2 ـ أن العلماء ـ رحمهم الله ـ أجمعوا على أن صومهما محرم، فلا يجوز لإنسان أن يصوم يوم العيدين. ولكن لو أن العيد كان عندنا هنا، وكان في شرق آسيا مثلاً ليس يوم العيد، فهل يحرم عليهم الصوم؟ الجواب: نقول على مذهب من يرى أنه إذا ثبتت الرؤية في مكان من الأرض بطريق شرعي، فهي للجميع يكون صوم الذين في شرق آسيا حراماً؛ لأن هذا اليوم يوم عيد لهم، وإذا قلنا إن كل قوم لهم رؤيتهم وهم لم يروه ونحن رأيناه، فإنه لا يحرم عليهم، ويحرم علينا نحن. قوله: «ولو في فرض» أي: ولو كان في فرض، فإنه يحرم أن يصوم يومي العيدين، فلو كان على الإنسان قضاء من رمضان، وقال: أحب أن أبدأ بالقضاء من أول يوم من شوال، قلنا: هذا حرام، ولو أنه نذر أن يصوم يوم الاثنين فصادف يوم العيد، فإنه حرام عليه. قوله: «وصيام أيام التشريق إلا عن دم متعة وقران» أي: يحرم، لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال فيها: «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عزّ وجل» [(487)] وهذا يدل على أن هذه الأيام لا تصلح أن تكون أيام إمساك، إنما هي أيام أكل وشرب وذكر لله، وأيام التشريق ثلاثة بعد يوم النحر هي الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، وهذه الأيام تسمى أيام التشريق؛ لأن الناس كانوا يشرقون فيها اللحم، أي: يقددونه، ثم ينشرونه في الشمس من أجل أن ييبس حتى لا يتعفن، ويفسد. وقوله: «إلا عن دم متعة وقران» أي: فيجوز صيامها فإذا حج الإنسان وكان متمتعاً، والمتمتع هو الذي يأتي بالعمرة أولاً في أشهر الحج، ثم يحل، ويأتي بالحج في عامه بعد ذلك، فعليه الهدي، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع، والقارن كالمتمتع، وهو الذي يحرم بالعمرة والحج جميعاً، فيقول: لبيك عمرة وحجاً، أو يحرم بالعمرة أولاً، ثم يدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافها، فعليه الهدي، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع من الحج. ودم المتعة والقران إذا لم يجدهما الحاج، فإنه يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع، وتبتدئ هذه الأيام الثلاثة في حين الإحرام بالعمرة، ولو كان قبل شهر ذي الحجة، فإذا كان متمتعاً وأحرم بالعمرة في آخر ذي القعدة، وهو يعلم أنه لن يجد الهدي، لأنه ليس معه دراهم، فله أن يصوم. فإن قيل: كيف يصوم في العمرة والآية الكريمة يقول الله فيها {{ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ}} [البقرة: 196] ؟ فالجواب، قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «دخلت العمرة في الحج» [(488)]. وينتهي صوم الثلاثة بآخر يوم من أيام التشريق، وعلى هذا فإذا لم يصم قبل ذلك، فإنه يصوم الأيام الثلاثة الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر. ودليل ذلك حديث عائشة وابن عمر رضي الله عنهم أنهما قالا: «لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي» [(489)] وقول الصحابي لم يرخص، أو رخص لنا، أو ما أشبه ذلك يعتبر مرفوعاً حكماً. مسألة: اختلف الفقهاء في حكم صوم أعياد الكفار. فقيل: بالكراهة؛ لأن ذلك يعطي الكفار قوة؛ حيث يقولون: هؤلاء المسلمون يعظمون أعيادنا! وقيل: بعدم الكراهة؛ لأن الصوم ضد الفطر، وفي الفطر فرح وسرور، فكأنه يقول للكفار: أنتم تبتهجون بهذا اليوم، ونحن نقابلكم بالصوم والإمساك. والأولى أن يقال بالكراهة، وألا نهتم بأعياد الكفار، إلا على سبيل التحذير منها. قوله: «ومن دخل في فرض موسع حرم قطعه» . الواجبات ثلاثة أقسام: موسعة، ومضيقة من أصل المشروعية، ومضيقة تضييقاً طارئاً، مثال التضييق الطارئ لو لم يبق على طلوع الشمس إلا مقدار ما يصلي صلاة الفجر، فيكون الوقت مضيقاً فإذا شرع في صلاة الفجر فلا يجوز قطعها. كذلك قضاء رمضان موسع فإذا لم يبق بينه وبين رمضان إلا مقدار الأيام التي عليه صار مضيقاً. وَمَنْ دَخَلَ فِي فَرْضٍ مُوَسَّعٍ حَرُمَ قَطْعُهُ. وَلاَ يَلْزَمُ فِي النَّفلِ، وَلاَ قَضَاءُ فَاسِدِهِ....... وقوله: «ومن دخل في فرض موسع حرم قطعه» أي: من شرع في فرض موسع، فإنه يحرم عليه قطعه، ويلزمه إتمامه إلا لعذر شرعي. مثال ذلك: لما أذن لصلاة الظهر قام يصلي الظهر، ثم أراد أن يقطع الصلاة، ويصلي فيما بعد؛ فإنه لا يحل له ذلك، مع أن الوقت موسع إلى العصر؛ لأنه واجب شرع فيه، وشروعه فيه يشبه النذر، فيلزمه أن يتم. ومن دخل في فرض مضيق حرم قطعه من باب أولى، فلو دخل في الصلاة، ولم يبق في الوقت إلا مقدار ركعات الصلاة حرم عليه القطع من باب أولى؛ لأنه إذا حرم القطع في الموسع ففي المضيق من باب أولى. لكن يستثنى ما إذا كان لضرورة، مثل أن يشرع الإنسان في الصلاة، ثم يضطر إلى قطعها لإطفاء حريق، أو إنقاذ غريق، أو ما أشبه ذلك ففي هذه الحال له أن يقطع الصلاة. وهل يجوز أن يقطع الفرض ليأتي بما هو أكمل، مثل: أن يشرع في الفريضة منفرداً، ثم يحس بجماعة دخلوا ليصلوا جماعة فيقطعها من أجل أن يدخل في الجماعة؟ الجواب: نعم، له ذلك؛ لأن هذا الرجل لم يعمد إلى معصية الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم بقطع الفريضة، ولكنه قطعها ليأتي بها على وجه أكمل فهو لمصلحة الصلاة في الواقع، فلهذا قال العلماء في مثل هذه الحال له أن يقطعها لما هو أفضل. وربما يستدل لذلك بقصة الرجل الذي أتى النبي صلّى الله عليه وسلّم في مكة وقال: يا رسول الله «إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي ركعتين في بيت المقدس، قال: صلِّ هاهنا، فأعاد عليه مرتين أو ثلاثاً، فقال: شأنك» [(490)]، فأذن له بالصلاة في مكة؛ لأنها أفضل، وإن كان ذهابه لبيت المقدس فيه نوع من المشقة والتعب، ولكن تَقَصُّد التعبِ في العبادة ليس بمشروع لقوله تعالى: {{مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ}} [النساء: 147] ، لكن إذا كانت العبادة لا تأتي إلا بالتعب كانت أفضل، وهذه مسألة ينبغي للإنسان أن ينتبه لها، وهي هل تقصد التعب في العبادة أفضل أم الراحة؟ الجواب الراحة أفضل، لكن لو كانت العبادة لا تأتي إلا بالتعب والمشقة كان القيام بها مع التعب والمشقة أعظم أجراً؛ ولهذا قال النبي صلّى الله عليه وسلّم فيما يرفع الله به الدرجات ويكفر به الخطايا: «إسباغ الوضوء على المكاره» [(491)]، ولكن لا نقول للإنسان إذا كان يمكنك أن تسخن الماء، فالأفضل أن تذهب إلى الماء البارد ولا تسخنه لا نقول هذا، ما دام الله يسر عليك، فيسر على نفسك. قوله: «ولا يلزم في النفل» أي: لا يلزم الإتمام في النفل؛ ودليل ذلك: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم دخل على أهله ذات يوم فقال: «هل عندكم شيء؟ قالوا: نعم عندنا حيس، قال: أرينيه ـ يقوله لعائشة ـ فلقد أصبحت صائماً، فأرته إياه فأكل»[(492)] وقال: «إنما مثل الصوم أو قال صوم النفل كمثل الصدقة يخرجها الرجل من ماله فإن شاء أمضاها وإن شاء ردها» [(493)] وهذا الصوم نفل، فقطعه النبي صلّى الله عليه وسلّم وأكل، فدل هذا على أن النفل أمره واسع للإنسان أن يقطعه، ولكن العلماء يقولون: لا ينبغي أن يقطعه إلا لغرض صحيح. ومنه إذا دعيت إلى وليمة وأنت صائم فإنك تدعو ولا تأكل لكن إن جبرت قلب صاحبك فإنك تأكل، ومعنى ذلك أنك ألغيت الصوم لكن خروجك من الصوم هنا لغرض صحيح، وهو جبر قلب أخيك المسلم. ولو أن رجلاً واعد جماعة في مسجد، ثم حضر إلى المسجد فإذا هم لم يحضروا فقام يصلي نفلاً فحضروا فله أن يقطع النفل، ومثله رجل عيَّن دراهم معينة لفلان الفقير، يريد أن يتصدق بها عليه، فيجوز أن يعدل عن ذلك ما دام أنه لم يقبضها الفقير فهي ملكه، إن شاء أمضاها وإن شاء لم يمضها. وبهذا نعرف خطأ ما يفعله بعض العامة، يكون قد اعتاد أن يؤدي فطرته لشخص معين، فيحجزها له حتى إنه في بعض الأحيان يفوت وقت الدفع وهو حاجزها له، فنقول: حتى لو نويتها لفلان فإذا جاء وقت الدفع فعليك أن تدفعها إلى غيره. واستدلوا لقولهم بالآتي: 1 ـ بعموم قوله تعالى: {{وَلاَ تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}} [محمد: 33] . 2 ـ أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال لعبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ: «لا تكن مثل فلان كان يقوم من الليل فترك قيام الليل» [(494)] فإذا كان النبي صلّى الله عليه وسلّم انتقده لترك قيام الليل، فكيف بمن تلبس بالنافلة فإنّ انتقاده إذا تركها من باب أولى؟ ولهذا نقول للإنسان إذا شرع في النافلة: لا تقطعها إلا لغرض صحيح. وهل من الغرض الصحيح إذا دخل في صلاة النافلة، فنادته أمه أن يرد عليها، فيقطع الصلاة؟ الجواب: فيه تفصيل: إذا كانت الأم إذا علمت أنه في صلاة فلا ترضى أن يقطعها، بل تحب أن يمضي في صلاته، فهنا لا يقطعها؛ لأنه لو قطع الصلاة، وقال لأمه: أنا قطعت الصلاة من أجلك، قالت: لِمَ قطعتها؟ أما إذا كانت ممن لا يعذر في مثل هذه الحال؛ لأن بعض النساء، لا يعذرن في مثل هذه الحال، ففي هذه الحال نقول: اقطعها. أما لو ناداه الرسول صلّى الله عليه وسلّم وهذه المسألة لا ترد الآن، لكن فرضها نظرياً وعلمياً، فيجب عليه أن يقطع الصلاة لقول الله سبحانه وتعالى: {{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}} [الأنفال: 24] . ولكن لو قال قائل: إن الآية فيها {{إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}} فلا بد أن نعلم أنه دعانا لشيء ينفعنا؟ فالجواب: أن هذا القيد ليس قيد احتراز، ولكنه قيد لبيان الواقع، فإن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا يدعونا إلا لما فيه حياتنا، ومثل هذا القيد أعني القيد الذي لبيان الواقع، يكون كالتعليل للحكم فكأنه قال هنا؛ لأنه لا يدعوكم إلا لما يحييكم. قوله: «ولا قضاء فاسده» أي: لو فسد النفل فإنه لا يلزمه القضاء، مثال ذلك: رجل صام تطوعاً ثم أفسد الصوم بأكل، أو بشرب، أو جماع، أو غير ذلك، فإنه لا يلزمه القضاء، لأنه لو وجب القضاء لوجب الإتمام، فإذا كان لا يجب الإتمام؛ فإنه لا يجب القضاء من باب أولى. وإن شرع في صوم منذور، فهل يجوز قطعه؟ الجواب: لا؛ لأنه واجب، فإن قطعه لزمه القضاء. إِلاَّ الحَجَّ وَتُرْجَى لَيْلَةُ القَدْرِ فِي العَشْرِ الأواخِرِ مِنْ رَمَضان وأوتاره آكد. وَلَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ أبلَغُ ويَدْعُوا فِيها بِمَا وَرَدْ. قوله: «إلا الحج» أي: إلا الحج فإنه يلزمه إتمامه، ولو كان نفلاً، ويجب قضاء فاسده، ولو كان نفلاً لقوله تعالى: {{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالَعُمْرَةَ لِلَّهِ}} [البقرة: 196] وهذه الآية نزلت قبل فرض الحج؛ لأنها نزلت في السنة السادسة في الحديبية، والحج إنما فرض في السنة التاسعة أو العاشرة، ومع هذا أمر الله بإتمامهما مع أنهما نفل لم يفرضا بعد، ودلت السنة على وجوب قضائه. والحكمة من ذلك أن الحج والعمرة لا يحصلان إلا بمشقة، ولا سيما فيما سبق من الزمن، ولا ينبغي للإنسان بعد هذه المشقة أن يفسدهما؛ لأن في ذلك خسارة كبيرة، بخلاف الصلاة، أو الصوم، أو ما أشبه ذلك. وقوله: «إلا الحج» لم يذكر المؤلف العمرة، فهل هذا من باب الاكتفاء، أو هناك قول آخر بأن العمرة لا يلزم إتمامها. الجواب: الظاهر أنه من باب الاكتفاء، والعمرة تسمى حجاً أصغر كما في حديث عمرو بن حزم المشهور المرسل الذي تلقته الأمة بالقبول وفيه: «العمرة الحج الأصغر» [(495)] وعليه فالعمرة مثل الحج إذا شرع في نفلها لزمه الإتمام، وإن أفسده لزمه القضاء. مسألة إذا فسد الحج وهو نفل، فهل يلزمه أن يقضيه؟ الجواب: نعم؛ لأن قوله: «إلا الحج» مستثنى من قوله: «ولا يلزم في النفل ولا قضاء فاسده إلا الحج» وعلى هذا فلو أن الرجل أحرم بالعمرة، وفي أثناء العمرة جامع زوجته فإنه يلزمه المضي في هذه العمرة، ثم القضاء؛ لأنه أفسدها بالجماع، فإن فعل محظوراً فهل تفسد العمرة؟ الجواب: لا؛ لأنه لا يُفسد العمرة ولا الحج من المحظورات، إلا الجماع قبل التحلل الأوّل، وهذا والذي قبله مما يخالف فيه الحج والعمرة بقية العبادات. قوله: «وترجى ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان» البحث في ليلة القدر ليس هذا محله فيما يبدو لنا، ومحله إما الاعتكاف، وإما صلاة التطوع. أما الاعتكاف فلأن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يعتكف إلا رجاء إصابة ليلة القدر. وأما صلاة التطوع فلأن ليلة القدر يشرع إحياؤها، ولا مناسبة بين ليلة القدر وبين صوم التطوع فيما نرى، ولكنهم ـ رحمهم الله ـ لما أتموا ذكر الصيام وما يتعلق به ذكروا ليلة القدر. وليلة القدر اختلف العلماء في تعيينها على أكثر من أربعين قولاً، ذكرها الحافظ ابن حجر في شرح البخاري. وفي ليلة القدر مباحث: المبحث الأول: هل هي باقية أو رفعت؟ الجواب: الصحيح بلا شك أنها باقية، وما ورد في الحديث أنها رفعت، فالمراد رفع علم عينها في تلك السنة؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم رآها ثم خرج ليخبر بها أصحابه فتلاحى رجلان فرفعت[(496)]، هكذا جاء الحديث. المبحث الثاني: هل هي في رمضان، أو غيره؟ الجواب: لا شك أنها في رمضان وذلك لأدلة منها: أولاً: قوله تعالى: {{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}} [البقرة: 185] ، فالقرآن أنزل في شهر رمضان، وقد قال الله ـ تعالى ـ {{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ *}} [القدر] ، فإذا ضممت هذه الآية إلى تلك تعين أن تكون ليلة القدر في رمضان، لأنها لو كانت في غير رمضان ما صح أن يقال: {{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}}. وهذا دليل مركب، والدليل المركب لا يتم الاستدلال به إلا بضم كل دليل إلى الآخر، والأدلة المركبة لها أمثلة منها هذا المثال. ومنها أقل مدة الحمل الذي إذا ولد عاش حياً، هي ستة أشهر، علمنا ذلك من قوله تعالى: {{وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا}} [الأحقاف: 15] وقال في آية أخرى {{وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ}} [لقمان: 14] فإذا أسقطنا العامين من ثلاثين شهراً بقي ستة أشهر فتكون مدة الحمل. المبحث الثالث: في أي ليلة من رمضان تكون ليلة القدر. الجواب: القرآن لا بيان فيه؛ في تعيينها، لكن ثبتت الأحاديث أنها في العشر الأواخر من رمضان، فإن الرسول صلّى الله عليه وسلّم «اعتكف العشر الأولى من رمضان، يريد ليلة القدر، ثم اعتكف العشر الأوسط، ثم قيل: إنها في العشر الأواخر، وأريها صلّى الله عليه وسلّم، وأنه يسجد في صبيحتها في ماء وطين، وفي ليلة إحدى وعشرين من رمضان، وكان معتكفاً صلّى الله عليه وسلّم فأمطرت السماء فوكف المسجد ـ أي: سال الماء من سقفه ـ وكان سقف مسجد النبي صلّى الله عليه وسلّم من جريد النخل فصلى الفجر صلّى الله عليه وسلّم بأصحابه، ثم سجد على الأرض، قال أبو سعيد: فسجد في ماء وطين حتى رأيت أثر الماء والطين على جبهته» [(497)] فتبيَّن بهذا أنها كانت في ذلك العام ليلة إحدى وعشرين. وأري جماعة من أصحابه ليلة القدر في السبع الأواخر فقال صلّى الله عليه وسلّم: «أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر» أي اتفقت «فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر» ، وعلى هذا فالسبع الأواخر أرجى العشر الأواخر، إن لم يكن المراد بقوله صلّى الله عليه وسلّم: «أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر» [(498)] أي في تلك السنة، فهذا محتمل؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يعتكف العشر الأواخر كلها إلى أن مات، فيحتمل أن يكون معنى قوله «أرى رؤياكم قد تواطأت» أي: في تلك السنة بعينها، لم تكن ليلة القدر إلا في السبع الأواخر، وليس المعنى في كل رمضانٍ مستقبلٍ تكون في السبع الأواخر، بل تبقى في العشر الأواخر كلها. المبحث الرابع: هل ليلة القدر في ليلة واحدة كل عام أو تنتقل؟ في هذا خلاف بين العلماء. والصحيح أنها تتنقّل فتكون عاماً ليلة إحدى وعشرين، وعاماً ليلة تسع وعشرين، وعاماً ليلة خمس وعشرين، وعاماً ليلة أربع وعشرين، وهكذا؛ لأنه لا يمكن جمع الأحاديث الواردة إلا على هذا القول، لكن أرجى الليالي ليلة سبع وعشرين، ولا تتعين فيها كما يظنه بعض الناس، فيبني على ظنه هذا، أن يجتهد فيها كثيراً ويفتر فيما سواها من الليالي. والحكمة من كونها تتنقل أنها لو كانت في ليلة معينة، لكان الكسول لا يقوم إلا تلك الليلة، لكن إذا كانت متنقلة، وصار كل ليلة يحتمل أن تكون هي ليلة القدر صار الإنسان يقوم كل العشر، ومن الحكمة في ذلك أن فيه اختباراً للنشيط في طلبها من الكسلان. المبحث الخامس: في سبب تسميتها ليلة القدر. فقيل: لأنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة، فيكتب فيها ما سيجري في ذلك العام، وهذا من حكمة الله ـعزّ وجل ـ، وبيان إتقان صنعه، وخلقه فهناك: كتابة أولى وهذه قبل خلق السموات والأرض، بخمسين ألف سنة في اللوح المحفوظ، وهذه كتابة لا تتغير ولا تتبدل لقول الله تعالى: {{يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ *}} [الرعد] أي: أصله الذي هو مرجع كل ما يكتب. الكتابة الثانية عُمُرية، فيكتب على الجنين عمله، ومآله، ورزقه، وهو في بطن أمه، كما ثبت هذا في الحديث الصحيح حديث ابن مسعود المتفق عليه[(499)]. الكتابة الثالثة، الكتابة السنوية، وهي التي تكون ليلة القدر، ودليل هذا قوله تعالى: {{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ *فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ *}} [الدخان] يفرق، أي: يفصل ويبين كل أمر حكيم، وأمر الله كله حكيم. وقيل: سميت ليلة القدر، من القدر وهو الشرف، كما تقول: فلان ذو قدر عظيم، أي: ذو شرف؛ لقوله تعالى: {{وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ *لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ *}} [القدر] . وقيل: لأن للقيام فيها قدراً عظيماً، لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» [(500)] وهذا لا يحصل في قيام ليلة سوى ليلة القدر، فلو أن الإنسان قام ليلة الاثنين والخميس أو غيرهما، في أي شهر لم يحصل له هذا الأجر. المبحث السادس: ورد أن من قام ليلة القدر غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر، لكن قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: كل حديث ورد فيه «وما تأخر» غير صحيح؛ لأن هذا من خصائص النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ حتى أهل بدرٍ ما قيل لهم ذلك؛ بل قيل: «اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم» [(501)]؛ لأنهم فعلوا هذه الحسنة العظيمة في هذه الغزوة، فصارت هذه الحسنة العظيمة كفارة لما بعدها، وما قاله ـ رحمه الله ـ صحيح. قوله: «وأوتاره آكد» أي: أوتار العشر آكد؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم «التمسوها في كل وتر» [(502)] فما هي أوتاره؟ الجواب: إحدى وعشرون، ثلاث وعشرون، خمس وعشرون، سبع وعشرون، تسع وعشرون، هذه خمس ليال هي أرجاها، وليس معناه أنها لا تكون إلا في الأوتار، بل تكون في الأوتار وغير الأوتار. تنبيه: هنا مسألة يفعلها كثير من الناس، يظنون أن للعمرة في ليلة القدر مزية، فيعتمرون في تلك الليلة، ونحن نقول: تخصيص تلك الليلة بالعمرة بدعة؛ لأنه تخصيص لعبادة في زمن لم يخصصه الشارع بها، والذي حث عليه النبي صلّى الله عليه وسلّم ليلة القدر هو القيام الذي قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم فيه: «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» [(503)] ولم يرغب في العمرة تلك الليلة، بل رغب فيها في الشهر فقال: «عمرة في رمضان تعدل حجاً» [(504)] فتخصيص العمرة بليلة القدر، أو تخصيص ليلة القدر بعمرة هذا من البدع. ولما كانت بدعة صار يلحق المعتمرين فيها من المشقة الشيء العظيم، حتى إن بعضهم إذا رأى المشقة في الطواف، أو في السعي انصرف إلى أهله، وكثيراً ما نُسْأَلُ عن هذا، شخص جاء يعتمر ليلة السابع والعشرين، فلما رأى الزحام تحلل، فانظر كيف يؤدي الجهل بصاحبه إلى هذا العمل المحرم، وهو التحلل من العمرة بغير سبب شرعي. إذاً ينبغي لطلبة العلم، بل يجب عليهم أن يبينوا هذه المسألة للناس. أما إكمال هذه العمرة فواجب؛ لأنه لما شرع فيها صارت واجبة، كالنذر أصله مكروه ويجب الوفاء به إذا التزمه، ولا يحل له أن يحل منها، وإنما البدعة هي تخصيص العمرة بتلك الليلة. قوله: «وليلة سبع وعشرين أبلغ» أي: أبلغ الأوتار وأرجاها أن تكون ليلة القدر، لكنها لا تتعين في ليلة السابع والعشرين. فإن قال قائل: هل ينال الإنسان أجرها، وإن لم يعلم بها؟ فالجواب: نعم، ولا شك، وأما قول بعض العلماء إنه لا ينال أجرها إلا من شعر بها فقول ضعيف جداً؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً» [(505)] ولم يقل عالماً بها، ولو كان العلم بها شرطاً في حصول هذا الثواب لبينه الرسول صلّى الله عليه وسلّم. المبحث السابع: في علامات ليلة القدر. ليلة القدر لها علامات مقارنة وعلامات لاحقة. أما علاماتها المقارنة فهي: 1 ـ قوة الإضاءة والنور في تلك الليلة، وهذه العلامة في الوقت الحاضر لا يحس بها إلا من كان في البر بعيداً عن الأنوار. 2 ـ الطمأنينة، أي: طمأنينة القلب، وانشراح الصدر من المؤمن، فإنه يجد راحة وطمأنينة، وانشراح صدر في تلك الليلة، أكثر مما يجده في بقية الليالي. 3 ـ قال بعض أهل العلم: إن الرياح تكون فيها ساكنة، أي: لا يأتي فيها عواصف أو قواصف، بل يكون الجو مناسباً[(506)]. 4 ـ أن الله يُري الإنسانَ الليلةَ في المنام، كما حصل ذلك لبعض الصحابة. 5 ـ أن الإنسان يجد في القيام لذة ونشاطاً، أكثر مما في غيرها من الليالي. أما العلامات اللاحقة: فمنها: أن الشمس تطلع في صبيحتها ليس لها شعاع صافية، ليست كعادتها في بقية الأيام[(507)]. وأما ما يذكر أنه يقل فيها نباح الكلاب، أو يعدم بالكلية، فهذا لا يستقيم، ففي بعض الأحيان ينتبه الإنسان لجميع الليالي العشر، فيجد أن الكلاب تنبح ولا تسكت، فإن قال قائل ما الفائدة من العلامات اللاحقة؟ فالجواب: استبشار المجتهد في تلك الليلة وقوة إيمانه وتصديقه، وأنه يعظم رجاؤه فيما فعل في تلك الليلة. قوله: «ويدعو فيها بما ورد» أي: يستحب أن يدعو فيها بما ورد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ومنه: «اللهم إنك عفو تحبّ العفو فاعف عني» لحديث عائشة أنها قالت: أرأيت يا رسول الله إن وافقت ليلة القدر، فما أقول فيها؟ قال: «قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني» [(508)] فهذا من الدعاء المأثور، وكذلك الأدعية الكثيرة الواردة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولا يمنع من الزيادة على ما ورد فالله ـ عزّ وجل ـ قال: {{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ أَلْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ *}} [الأعراف: 55] وأطلق، والنبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «ليسأل أحدكم ربه حاجته حتى شراك نعله» [(509)] والناس لهم طلبات مختلفة متنوعة فهذا مثلاً يريد عافية من سقم، وهذا يريد غنى من فقر، وهذا يريد النكاح من إعدام، وهذا يريد الولد، وهذا يريد علماً، وهذا يريد مالاً، فالناس يختلفون. وليعلم أن الأدعية الواردة خير وأكمل وأفضل من الأدعية المسجوعة، التي يسجعها بعض الناس، وتجده يطيل، ويذكر سطراً أو سطرين في دعاء بشيء واحد ليستقيم السجع، لكن الدعاء الذي جاء في القرآن أو في السنة، خير بكثير مما صنع مسجوعاً، كما يوجد في بعض المنشورات. المصدر : http://www.ibnothaimeen.com/all/books/article_18079.shtml |
#8
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
في بيان صوم التطوع لفضيلة الشيخ العلامة / صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- الحمد لله رب العالمين ، شرع لعباده ما يتقربون به إليه من الطاعات ، والصلاة والسلام على نبينا محمد أول سابق إلى الخيرات ، وعلى آله وأصحابه ، ذوي المناقب والكرامات ... وبعد : - اعلموا أن الله سبحانه جعل إلى العبادات الواجبة عبادات مستحبة من جنسها كالصلاة المفروضة والصلاة النافلة . والصدقة المفروضة ، والصدقة المستحبة ، والصوم المفروض والصوم المستحب ، والحج الواجب والحج المستحب وهكذا ، والحكمة والله أعلم - طلب الإكثار من الطاعة ، وجبر ما يحصل في العبادة المفروضة من نقص فإن النوافل تكمل بها الفرائض يوم القيامة إذا لم يكن العبد قد أتمها . والصيام من أحب العبادات إلى الله عز وجل وقد اختصه لنفسه من بين سائر الأعمال . فقال سبحانه : الصوم لي وأنا أجز به وهو لا ينحصر تضعيفه ، وهو من الصبر ، والصبر ثوابه الجنة ، وله من الفضائل والمثوبة ما لا يحصيه إلا الله ووجه إضافته إلى الله . قيل لأنه سر بين العبد وبين ربه لا يطلع عليه سواه ، فلا يكون العبد صائمًا حقيقة إلا وهو مخلص لله في الطاعة ، وقيل لأنه لا يدخله الرياء ، وقيل لأن جميع العبادات عبد بها المشركون آلهتهم إلا الصوم ، فلذلك قال الله تعالى : إلا الصوم فإنه لي وقيل لأنه لا يظهر على اللسان ولا يفعل فتكتبه الحفظة إنما هو نية في القلب . وقد شرع التنفل به . فيستحب صيام ثلاثة أيام من كل شهر لما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن عمرو : صم من الشهر ثلاثة أيام ، فإن الحسنة بعشرة أمثالها وذلك مثل صيام الدهر . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : مراده أن من فعل هذا حصل له أجر صيام الدهر بتضعيف الأجر ، والأفضل أن يجعل هذه الثلاثة أيام البيض ، الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من الشهر . سمي بذلك لأن لياليها كلها مقمرة ، لما روى أبو ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : إذا صمت من الشهر ثلاثة أيام فصم ثلاثة عشر ، وأربعة عشر ، وخمسة عشر رواه الترمذي وحسنه ورواه غيره من طرق متعددة . ويسن صوم يوم الاثنين والخميس من كل أسبوع لقوله صلى الله عليه وسلم : هما يومان تعرض فيهما الأعمال على رب العالمين ، وأحب أن يعرض عملي وأنا صائم رواه أحمد والنسائي . وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصومهما فسئل عن ذلك فقال إن أعمال الناس تعرض يوم الاثنين والخميس ، ويستحب صيام ستة أيام من شهر شوال الحديث من صام رمضان وأتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر أخرجه مسلم . وقوله صلى الله عليه وسلم : كأنما صام الدهر لأن الحسنة بعشر أمثالها . فرمضان بعشرة أشهر ، وستة أيام عن شهرين فهذه اثنا عشر شهرًا في الأجر والثواب وهي سنة كاملة ، ويستحب أن يصومها بعد العيد مباشرة وأن تكون متتابعة ويكفي أن يصومها في أول الشهر أو وسطه أو آخره ، وأن يصومها متتابعة أو متفرقة ، لكن المبادرة بها بعد العيد وتتابعها أفضل ، لأن ذلك مبادرة إلى الخير ، وكره بعض العلماء صيام الست من شوال ، قال النووي رحمه الله : وكرهه مالك وغيره وعللوه بأنه ربما ظن وجوبها وهو باطل لأنه في مقابلة السنة الصحيحة الصريحة ، ولا تترك السنة لترك بعض الناس أو أكثرهم أو كلهم لها ويلزم ذلك في سائر أنواع الصوم وغيره المرغب فيه ولا قائل به ... انتهى . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه ... . المصدر: http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2501 |
#9
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
في بيان صيام التطوع لفضيلة الشيخ العلامة / صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- اعلموا أن مما يستحب صومه شهر الله المحرم ، وصومه أفضل الصيام بعد شهر رمضان ، وهو أول شهور العام ، وسمي شهر المحرم لكونه من الأشهر الحرم تنويهًا بفضله وتأكيدًا لتحريمه ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم رواه مسلم أي أفضل شهر يصام كاملاً بعد رمضان شهر الله المحرم ، وإضافته إلى الله تعالى إضافة تشريف وتفخيم وتعظيم ، وأفضله وآكده اليوم العاشر منه . ثم التاسع لقوله صلى الله عليه وسلم : لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع والعاشر ويسمى العاشر عاشوراء وقد استحب جمهور العلماء الجمع بينهما في الصوم لأنه صلى الله عليه وسلم صام العاشر ونوى صيام التاسع ، وقد ورد في فضل صوم عاشوراء أنه كفارة سنة ، فقد روى مسلم في صيام يوم عاشوراء : إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والمراد تكفير الذنوب الصغائر ، أما الذنوب الكبائر فإنها لا تكفر إلا بالتوبة ، ويستحب صيام تسع ذي الحجة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلي من هذه الأيام العشر ، وآكدها يوم عرفة لغير الحجاج لحديث : صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده ومن أراد الزيادة من صوم التطوع على هذه الأيام المعينة فالأفضل له أن يصوم يومًا ويفطر يومًا لأنه صلى الله عليه وسلم أمر عبد الله بن عمرو بذلك وقال هو أفضل الصيام ، وهو صيام داود عليه السلام ولا يزيد على ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك ، وقال : لا صام من صام الأبد - ولما بلغه أن من أصحابه من قال : أنا أصوم ولا أفطر قال عليه الصلاة والسلام : أنا أصوم وأفطر ومن رغب عن سنتي فليس مني ، وذلك للرفق بأمته والشفقة عليهم ، ولحثهم على ما يطيقونه ويداومون عليه ، ولمنعهم من التعمق والإكثار من العبادات . لأن ذلك يسبب الملل ويسبب تركها أو ترك بعضها ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : عليكم من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا ، وأحب الأعمال ما داوم عليه صاحبه ، وصيامُ يومٍ وفطرُ يومٍ إنما يستحب لمن لا يلحقه ضعف بدنه بسببه فيعجز عما هو أفضل من الصيام من القيام بحقوق الله وحقوق عباده اللازمة ، فإن كان كذلك فترك هذا الصيام أفضل ، لأن المطلوب دائمًا الاعتدال والاتزان وعدم العناية بجانب من الدين وإهمال الجانب الآخر ، والإنسان عليه حقوق في هذه الحياة والتزامات تحتاج إلى قوة البدن لتحملها ، فإذا كان الإكثار من الصيام يؤثر على أداء هذه الحقوق ويضعف الشخص عن القيام بها فإنه إذًا غير مطلوب . ولهذا لما كان صوم يوم عرفة في حق الحاج يضعفه عن العبادة المطلوبة في هذا اليوم بخصوصه من الدعاء والتضرع نهي عن صومه كما روى أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا : نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة . وقد أفطر صلى الله عليه وسلم في هذا اليوم ، وأخبر ابن عمر أنه حج مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم مع أبي بكر ثم عمر ثم عثمان فلم يصمه أحد منهم ، وقد علل الشيخ تقي الدين النهي عن صوم عرفة للحاج بأنه يوم عيد ، ويشهد له الحديث الذي رواه الخمسة : يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب وذكر لله . والحمد لله رب العالمين ... وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه . المصدر / http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2502 |
#10
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
في بيان الأيام التي يحرم صومها لفضيلة الشيخ الدكتور العلامة / صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- الحمد لله رب العالمين ، على فضله وإحسانه ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وأصحابه أجمعين ... . وبعد : - اعلموا أنه يجب علينا معرفة الأيام التي يحرم أو يكره صومها ليعرفها المسلم فلا يصومها ولا يغتر بمن يصومها من الجهال أو المبتدعة ، فيكره إفراد شهر رجب بالصوم لأن فيه إحياء لشعار الجاهلية الذين يعظمونه ، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يضرب أكف الذين يصومونه حتى يضعوها في الطعام ويقول كلوا فإنما هو شهر كانت تعظمه الجاهلية ، وكان ابن عمر إذا رأى الناس وما يعدونه لرجب كرهه ، وقال صوموا منه وأفطروا ، يقول : كلوا إنما هو شهر كانت تعظمه الجاهلية . قال شيخ الإسلام ابن تيمية ، وكل حديث يروى في فضل صومه أو الصلاة فيه فكذب باتفاق أهل العلم بالحديث ، وقال : من صامه يعتقد أنه أفضل من غيره من الأشهر أثم وعزر ، وقال أيضًا : وكراهية إفراد رجب وكذا الجمعة بصوم سدا لذريعة اتخاذ شرع لم يأذن به الله من تخصيص زمان أو مكان بما لم يخصه الله به ، كما وقع من أهل الكتاب ، وسمي رجب من الترجيب وهو التعظيم لأن العرب كانت تعظمه في الجاهلية ولا تستحل فيه القتال ، ويقال له رجب مضر لأنهم كانوا أشد تعظيمًا له وهو الشهر الفرد من الأشهر الحرام ... انتهى . فإن صام شهر رجب مع غيره فلا بأس ، إنما الممنوع إفراده بالصوم ، ومما يكره إفراده بالصوم يوم الجمعة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : لا تصوموا يوم الجمعة إلا وقبله يوم أو بعده يوم متفق عليه وروى مسلم : لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي . ولا تخصوا يوم الجمعة بصوم من بين الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم فإذا دخل صوم يوم الجمعة مع أيام غيره في الصيام أو صادف يوم عرفة أو يوم عاشوراء فصامه أو صامه عن يوم قضاء فلا بأس لأنه لم يقصده . قال العلماء : والحكمة في النهي عن صومه أنه يوم دعاء وذكر وعبادة فاستحب الفطر فيه ليكون أعون عليها . ولأنه عيد الأسبوع ، ويكره إفراد يوم السبت بالصوم ، لحديث : لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم رواه أحمد والترمذي وحسنه قيل الحكمة في النهي عن صومه : لأن اليهود كانت تعظمه وتخصه بالإمساك وترك العمل فيه فيصير صومه تشبهًا بهم ، فإن صامه مع غيره أو صامه عن قضاء أو نذر لم يكره ، ويكره صوم يوم عيد المشركين كيوم النيروز والمهرجان وكل يوم يفردونه بالتعظيم لما في ذلك من موافقتهم والتشبه بهم في تعظيم هذه الأيام . قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ليس للمسلمين أن يتشبهوا في شيء مما يختص بأعيادهم لا من طعام ولا لباس ولا اغتسال ولا إيقاد نيران ولا تبطيل عادة من معيشة أو عبادة أو غير ذلك - إلى أن قال وبالجملة : ليس للمسلمين أن يخصوا أعيادهم بشيء من شعائرهم بل يكون يوم عيدهم عند المسلمين كسائر الأيام . ويكره إفراد يوم الشك بصوم تطوع ، وهو يوم الثلاثين من شهر شعبان إذا لم ير الهلال . لقول عمار : من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم رواه أبو داود والترمذي وصححه البخاري تعليقًا أي من صام اليوم الذي يشك فيه هل هو من شعبان أو من رمضان . قال الشيخ تقي الدين رحمه الله : وأصول الشريعة أدل على هذا القول منها على غيره . فإن المشكوك فيه وجوبه لا يجب فعله ولا يستحب ، بل يستحب تركه احتياطًا ، وإن وافق عادة أو كان موصولاً بصيام يوم قبله لم يكره . . والحمد لله رب العالمين ... وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه . . المصدر / http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2503 |
#11
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
في بيان ما يحرم صومه من الأيام لفضيلة الشيخ العلامة / صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله ورعاه- الحمد لله على نعمه الظاهرة والباطنة . لا نحصي ثناء عليه ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه ... . وبعد : - اعلموا أنه يحرم صوم يومي العيدين بالإجماع ، عيد الفطر وعيد الأضحى ، لحديث أبي سعيد المتفق عليه نهي عن صيام يومين ، يوم الفطر ويوم النحر . وفي لفظ البخاري : لا صوم في يومين وفي الصحيحين : أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه صلى العيد ثم انصرف فخطب الناس فقال إن هذين يومان نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامهما يوم فطركم من صيامكم ، واليوم الآخر تأكلون فيه من نسككم . والحكمة من ذلك والله أعلم ، أن الصوم حرم في عيد الفطر لئلا يكون ذريعة إلى الزيادة في الواجب كما فعلت النصارى ، ولأجل تمييز وقت العبادة عن غيره ، ولهذا يستحب تعجيل الفطر وتأخير السحور حتى لا يزاد على الواجب . وفي عيد النحر حرم الصوم لأجل أن يأكل من النسك المتقرب بذبحه ، فلو شرع صومه لم يكن لمشروعية الذبح فيه معنى ، كما دل على ذلك قوله : تأكل فيه من نسككم . ولما في صوم يوم العيدين من الإعراض عن ضيافة الله تعالى لعباده ، ويحرم صوم أيام التشريق ، لقوله صلى الله عليه وسلم : أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل رواه مسلم ، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم من ينادي أيام منى بأنها أيام أكل وشرب ولا صوم فيها رواه أحمد ، وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم خمسة أيام من السنة : يوم الفطر ويوم النحر وثلاثة أيام التشريق رواه الدارقطني وغيره ، وسميت أيام منى بأيام التشريق ، لتشريق لحوم الأضاحي فيها وهو تقديدها ونشرها في الشمس ، وتسمى بالأيام المعدودات ، وقوله صلى الله عليه وسلم : أيام أكل وشرب وذكر لله . يفي أنه لا يجوز الاستغراق في تناول الملذات ونسيان ذكر الله عز وجل - كالذين يجعلون أيام الأعياد موسمًا للهو واللعب والمرح وتنويع المآكل والمشارب مع الغفلة عن ذكر الله ، والمؤمن يجب أن يكون دائمًا مرتبطًا بذكر الله وطاعته لا يخلو وقت من أوقاته من ذلك . ولا يجوز صوم أيام التشريق إلا عن دم متعة وقران في الحج لمن لم يجد الهدي ، لقول ابن عمر وعائشة : لم يرخص في أيام التشريق أن يصم إلا لمن لم يجد الهدي رواه البخاري ، قال تعالى : فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ فمن تمتع ولم يجد هديًا ولم يصم الثلاثة قبل أيام التشريق فإنه يصومها فيها ، وهذه رخصة له - للحديث وعموم الآية - وذلك يخصص النهي عن صوم هذه الأيام . ومن الأيام التي يحرم صومها : أيام الحيض والنفاس بالنسبة للمرأة كما في الحديث الذي رواه البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للنساء : أليس إذا حاضت المرأة لم تصل ولم تصم . وعن معاذة قالت سألت عائشة فقلت : ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة . فقالت : كان يصيبنا ذلك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنؤمر بقضاء الصوم ، ولا نؤمر بقضاء الصلاة رواه الجماعة . قال الإمام النووي رحمه الله : قال العلماء الفرق بينهما أن الصلاة كثيرة متكررة . فيشق قضاؤها بخلاف الصوم فإنه يجب في السنة مرة واحدة . . والله أعلم . . والحمد لله رب العالمين . . والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه ... المصدر : http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2504 |
#12
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
حكم النية في الصيام لفضيلة الشيخ الدكتور العلامة / صالح بن فوزان الفوزان -رحمه الله- الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين ... وبعد : - اعلموا أن النية في الصوم لا بد منها وهي شرط لصحته ، كما أنها شرط لصحة كل العبادات لقوله صلى الله عليه وسلم : إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى . . وبها تتميز العبادات عن العادات ، فإن كان الصوم واجبًا فلا بد أن ينويه من الليل ويعين نوعية الصوم الذي يريده لقوله صلى الله عليه وسلم : ( وإنما لكل امرئ ما نوى ) وذلك بأن يعتقد عند بداية الصوم أنه يصوم من رمضان أو من قضائه أو أنه يصوم نذر أو كفارة . ووقت النية لهذا الصوم الواجب بأنواعه من الليل سواء كان من أوله أو وسطه أو آخره ، لما روى الدارقطني بإسناده عن عمرة عن عائشة مرفوعًا : من لم يبيت الصيام قبل طلوع الفجر فلا صيام له وقال : إسناده كلهم ثقات . وعن ابن عمر عن حفصة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له - وفي لفظ : - من لم يجمع - أي يعزم - الصيام من الليل فلا صيام له ولأن جميع النهار يجب فيه الصوم ، فإذا فات جزء من النهار لم توجد فيه النية لم يصح صوم جميع اليوم لأن النية لا تنعطف على الماضي . والنية في جميع العبادات محلها القلب ولا يجوز التلفظ بها ، لأن ذلك لم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أصحابه أنهم كانوا يقولون : نويت أن أصوم ، نويت أن أصلي وغير ذلك فالتلفظ بها بدعة محدثة ، ويكفي في النية الأكل والشرب بنية الصوم . قال الشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله : هو حين يتعشى يتعشى عشاء من يريد الصوم ولهذا يفرق بين عشاء ليلة العيد وعشاء ليالي رمضان ، وقال أيضًا كل من علم أن غدًا من رمضان وهو يريد صومه فقد نوى صومه وهو فعل عامة المسلمين . . انتهى . وأما صوم النفل فإنه يصح بنية من النهار بشرط أن لا يوجد مناف للصوم فيما بين طلوع الفجر ونيته من أكل وغيره ، لقول عائشة رضي الله عنها : دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال : هل عندكم من شيء فقلنا لا ، قال فإني إذًا صائم رواه الجماعة إلا البخاري . فدل طلبه للأكل على أنه لم يكن نوى الصيام قبل ذلك ، ودل قوله : ( فإني إذًا صائم ) على ابتداء النية من النهار ، فدل على صحة نية الصوم من النهار فيكون ذلك مخصصًا لحديث من لم يبيت الصيام قبل طلوع الفجر فلا صيام له وما ورد بمعناه بأن ذلك خاص بالفرض دون النفل ، وذلك بشرط أن لا يفعل قبل النية وما يفطره اقتصارًا على مقتضى الدليل . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وأما النفل فيجزئ بنية من النهار كما دل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( إني إذًا صائم ) والتطوع أوسع من الفرض ، كما أن الصلاة المكتوبة يجب فيها من الأركان كالقيام والاستقرار على الفرض ، بخلاف النفل فإنه يصح على الراحلة ومن الماشي . ما لا يجب في التطوع توسيعًا من الله على عباده طرق التطوع ، فإن أنواع التطوعات دائمًا أوسع من أنواع المفروضات وهذا أوسط الأقوال . . انتهى . وصحة نية التطوع من النهار مروية عن جماعة من الصحابة منهم معاذ وابن مسعود وحذيفة ، وفعله أبو طلحة وأبو هريرة وابن عباس وغيرهم ... والله أعلم . والحمد لله رب العالمين ... والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه . المصدر : http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2481 |
#13
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
حكم صيام الإثنين والخميس لفضيلة الشيخ العلامة / عبد العزيز بن عبد الله بن باز هل صيام يومي الاثنين والخميس من كل إسبوع أو في كل شهر، هل إذا صمتها مرة وجبت علي دائماً؟-رحمه الله- صيام الاثنين والخميس قربة إلى الله ومن أفضل العبادات وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصومهما ويقول: (إنهما يومان تعرض فيهما الأعمال على الله، وأحب أن يعرض عملي وأنا صائم)، لكن من صامهما لا يلزمه أن يستمر في ذلك، إذا شاء صام، وإذا شاء ترك، لأنها نافلة، فإن صامهما ثم تركهما بعض الأحيان فلا حرج عليه، أو تركها دائماً فلا حرج عليه، لكن إن تيسر له الاستمرار هذا أفضل، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إن أحب العمل إلى الله ما دام عليه صاحبه ولو قل)، والمؤمن يستقيم على العمل الصالح ويستمر عليه هذا أفضل، لأنه في حاجة إلى ذلك فينفعه هذا في الدنيا والآخرة، وهكذا صلاة الضحى وهكذا التهجد في الليل، وهكذا الصلوات المشروعة قبل الفرائض وبعدها، كلها نوافل، من حافظ عليها فله أجر عظيم، ومن تركها في بعض الأحيان فلا شيء عليه، وهكذا صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وهكذا صيام يوم عرفة، صيام يوم عاشوراء، يصوم يوماً قبله أو بعده كله هذه سنن ونوافل من فعلها فقد أحسن وله أجر عظيم ومن ترك فلا حرج عليه. والله أعلم. المصدر : http://www.binbaz.org.sa/mat/13764 حكم صيام الاثنين والخميس لفضيلة الشيخ العلامة / عبد العزيز بن عبد الله بن باز بالنسبة لصيام يومي الاثنين والخميس، هل يأثم المسلم الذي لا يصومهما متتابعة لعذرٍ كالمرض، أو لعدم استطاعته؟ -رحمه الله- صومهما مستحب، وليس بواجب، ولا يأثم من ترك صومهما ، ولو صام في بعض الأيام أو في بعض الشهور وتركه لا حرج ، كل ذلك لا حرج فيه ، إلا أن يكون نذر ذلك، أن يكون نذر لله صوم الاثنين والخميس فيلزمه الصوم؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم- قال : (من نذر أن يطيع الله فليطعه). أما إذا كان ما نذر فهو مخير ، إن شاء صام وإن شاء أفطر، والصوم مستحب فقط ، فمن واظب عليه فله أجره ، ومن تركه بعض الأحيان فلا حرج عليه، وهكذا صوم الست من شوال ، وهكذا صوم ثلاثة أيام من كل شهر، كل ذلك مستحب، من صام فله أجر ، ومن ترك فلا حرج، ومن صام بعض الشهور وترك بعض الشهور ، أو صام بعض أيام مثل يوم الاثنين والخميس وترك بعض الأيام كل ذلك لا حرج، إلا من نذر، إذا نذر صوم الاثنين والخميس أو نذر صيام ثلاثة أيام من كل شهر فهذا يلزمه الوفاء بنذره. المصدر : http://www.ibnbaz.org.sa/mat/13742 |
#14
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
هل يجوز صيام الأيام البيض متفرقة لفضيلة الشيخ العلامة / عبد العزيز بن عبد الله بن باز هل يجوز صيامها متفرقة، مثلاً: ثلاثة عشر وأربعة عشر وخمسة عشر، أو سبعة عشر وتسعة عشر وعشرين؟-رحمه الله- يجوز أن تصوم الثلاثة، يصوم المؤمن الثلاثة في أي وقت من الشهر، الرسول -صلى الله عليه وسلم- أوصى بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، سواء كان في أوله، أو في وسطه، أو آخره، الأمر واسع بحمد الله، وإن تيسر صيام البيض الثالث والرابع عشر والخامس عشر متوالية فهو أفضل، وإلا فالأمر واسع، يصوم الإنسان البيض في أي وقت من الشهر مفرقة، أو متوالية. إذن كوننا نطلق عليها الأيام البيض لا يشترط أن تكون في وقت معين من الشهر؟ ما يقال بيض إلا إذا كانت في الثالث عشر والرابع عشر وإلا صام ثلاثة أيام ثلاثة من الشهر ويكفي، لكن إذا قال البيض فالبيض المراد بها اللي ليلها أبيض ونهارها أبيض، أبيض بالقمر في الليل هذه هي الأيام البيض الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، يقال لها أيام البيض. المصدر : http://www.binbaz.org.sa/mat/13702 هل صيام ثلاثة أيام أول الشهر تعدل صيام الأيام البيض لفضيلة الشيخ العلامة / عبد العزيز بن عبد الله بن باز أنا في بعض الأحيان لا أصوم الثلاثة الأيام البيض لعذر شرعي أو لظروف تحصل لي، فأقوم بصيامها من أول الشهر أو من آخر الشهر، السؤال: هل ثواب هذا الصيام مثل ثواب من صام الأيام البيض؟ -رحمه الله- صيام الثلاث مستحب في أول الشهر أو في وسطه أو في آخره للأحاديث الصحيحة، الكثيرة أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، ولم يبين محل من أوله أو وسطه أو آخره، هكذا جاء في الأحاديث الصحيحة، وأوصى أبا هريرة وأبا الدرداء وغيرهما أوصاهما بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأوصى عبد الله بن عمرو بذلك، لكن جاء في بعض الأحاديث الوصية بأيام البيض، وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، وصيام أيام البيض إذا تيسرت أفضل، وإلا فيصوم الإنسان في بقية الشهر، والحمد لله، وكلها أيام عظيمة وفاضلة ، فيها أجر عظيم ، لكن صوم أيام البيض أفضل إذا تيسر، إذا تيسر ذلك. المصدر : http://www.binbaz.org.sa/mat/13704 |
#15
|
|||
|
|||
بسم الله الرحمن الرحيم
ما حكم صيام يوم السبت منفرداً ما حكم صيام يوم السبت، حيث إنني سمعت آراء كثيرة في صيام هذا اليوم, فمن الناس من يقول: إنه لا يصام إلا إذا سبق وألحق بيوم صيام, ومنهم من يقول: إنه لا يجوز أن يصام هذا أبداً إلا إذا كان صيام فرض أما تطوع فلا, وإذا كان كذلك وأردت أن أصوم صيام داوود عليه السلام فلا بد من مرور يوم السبت للصيام فيه دون أن أسبقه بيوم صيام، أو أن ألحقه بيوم صيام, فما هو رأيكم في ذلك؟لفضيلة الشيخ العلامة / عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله- الحديث في السبت في النهي عن صيام يوم السبت حديث ضعيف شاذ مطرب وهو ما يروى عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (لا يصومن أحدكم يوم السبت إلا فيما افترض عليه فإن لم يجد إلا لحاء عنب أو عود شجرة فليمضغه) هذا الحديث ضعيف ومطرب نبه عليه الحفاظ, فالحديث غير صحيح فلا بأس بصوم يوم السبت مع الجمعة, أو مع الأحد أو مفرداً لا حرج في ذلك هذا هو الصواب وهذا هو الصحيح, والحديث ضعيف لا يصح الاحتجاج به, ومما يدل على ضعفه ما ثبت في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم يوماً قبله أو يوماً بعده), فأباح للناس أن يصوموا يوماً بعده يوماً بعد الجمعة وهو السبت في النافلة, فدل على أن الحديث الذي فيه النهي عن صومه إلا في الفريضة حديث باطل مخالف للأحاديث الصحيحة, وهكذا كان- عليه الصلاة والسلام يصوم- الأحد ويوم السبت ويقول: (إنهما يوما عيد للمشركين فأنا أريد أن أخالفهم), والخلاصة أن الحديث في النهي عن صوم يوم السبت حديث ضعيف بل باطل غير صحيح, ولا حرج في صوم يوم السبت مفرداً, أو مع الجمعة, أو مع الأحد كل ذلك لا بأس به والحمد لله. جزاكم الله خيراً سماحة الشيخ المصدر : http://www.binbaz.org.sa/mat/20385 حكم إفراد يوم الجمعة بصيام هل يجوز صيام يوم الجمعة منفرداً قضاء؟ لفضيلة الشيخ العلامة / عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله- صيام يوم الجمعة منفرداً نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان صومه لخصوصيته؛ لأنه صلى الله عليه وسلم دخل على امرأة من نسائه فوجدها صائمة يوم الجمعة، فقال: ((أكنت صمت أمس؟)) قالت: لا، فقال: ((أتريدين أن تصومي غداً؟)) قالت: لا. قال: ((فافطري))[1]. وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم يوماً قبله أو يوماً بعده)). لكن إذا صادف يوم الجمعة يوم عرفة فصامه المسلم وحده فلا بأس بذلك؛ لأن هذا الرجل صامه لأنه يوم عرفة لا لأنه يوم جمعة. وكذلك لو كان عليه قضاء من رمضان ولا يتسنى له فراغ إلا يوم الجمعة فإنه لا حرج عليه أن يفرده؛ وذلك لأنه يوم فراغه. وكذلك لو صادف يوم الجمعة يوم عاشوراء فصامه فإنه لا حرج عليه أن يفرده؛ لأنه صامه لأنه يوم عاشوراء لا لأنه يوم الجمعة، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تخصوا يوم الجمعة بصيام ولا ليلتها بقيام))[2] فنص على التخصيص، أي على أن يفعل الإنسان ذلك لخصوص يوم الجمعة أو ليلتها. المصدر : http://www.binbaz.org.sa/mat/628 حكم صيام يوم الجمعة فقط قضاءً لفضيلة الشيخ العلامة / عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله- ما حكم صيام يوم الجمعة فقط قضاءً لا تطوعاً، وهل يجب صيام يوم قبله أو يوم بعده؟ أما في التطوع فلا بد من صوم يوم قبله أو يوم بعده؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يصام الجمعة، قال: (إلا أن تصوم يوما قبله أو يوما بعده). ولما صامت إحدى زوجاته - صلى الله عليه وسلم - يوم الجمعة قال: هل صمت أمس؟ قالت: لا، قال: هل تصومين غدا؟ قالت: لا قال: أفطري). أما إن كان عن الفريضة فلا حرج -إن شاء الله- ، لأنه ما خص الجمعة، ولكن وافقت الجمعة أنها وقت راحته وعدم العمل أو لأسباب أخرى فصام الجمعة لقضاء ما عليه من رمضان، أو نذر أو غير ذلك، فهذا لم يخصها لفضلها وإنما صامها من أجل أنها أيسر له في قضاء ما عليه بسبب الأعمال، وإن صام معها يوما قبلها أو يوما بعدها على سبيل الاحتياط فهو أحسن من قضاءه يصوم يومين جميعا، وثلاث: الخميس والجمعة والسبت يكون أبعد عن الشبهة: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك). أما النهي فهو جاء في التطوع فيها، لا تتطوع فيها وحدها، بل يصوم قبلها يوم، أو بعدها يوم. المصدر: http://www.binbaz.org.sa/mat/13530 حكم صيام التطوع لمن عليه قضاء ما حكم صيام التطوع، كست من شوال، وعشر ذي الحجة، ويوم عاشوراء لمن عليه أيام من رمضان لم تقض؟ لفضيلة الشيخ العلامة / عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله- الواجب على من عليه قضاء رمضان أن يبدأ به قبل صوم النافلة؛ لأن الفرض أهم من النفل في أصح أقوال أهل العلم. المصدر : http://www.binbaz.org.sa/mat/612 |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
من أحكام القرآن الكريم لفضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان | ام عادل السلفية | منبر القرآن العظيم وعلومه | 2 | 28-11-2014 11:21AM |
خطاب خادم الحرمين الشريفين يوم الجمعة 13/4/1432هـ ويليه : فتوى هيئة كبار العلماء حول | أبو عبد الودود سعيد الجزائري | مكتبة معرفة السنن والآثار العلمية | 0 | 21-03-2011 12:36AM |
محظورات الإحرام- لمعالي الشيخ أحمد المباركي عضو هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للإ | أبو عبد الرحمن محمد السلفي | منبر أصول الفقه وقواعده | 0 | 10-11-2010 01:53AM |
(الشيخ ربيع بين ثناء العلماء ووقاحة السفهاء) | أبوعبيدة الهواري الشرقاوي | منبر الجرح والتعديل | 0 | 21-12-2008 12:07AM |
نبذة مختصرة عن أحكام صيام ستة أيام من شوال | طارق بن حسن | منبر أصول الفقه وقواعده | 1 | 28-11-2003 04:46AM |